الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وتسعين وسبعمائة
في أولها وصل بهادر مقدم المماليك بحريم السلطان فتجهز نائب الغيبة في حادي عشر المحرم لملتقى السلطان إلى بلبيس ودخل السلطان القاهرة يوم الجمعة سابع عشر المحرم وكان يوماً مشهوداً، واستقر شهاب الدين النحريري في قضاء المالكية عوضاً عن الركراكي وكان كمشبغا أذن لشهاب الدين الدفري أن يتكلم في الأمور إلى أن يحضر السلطان.
وفي صفر قبض على دمرداش نائب حلب وحبس بالبرج وعلى قزدمر الحسني.
وفيه استقر ركن الدين عمر بن قايماز في الوزارة عوضاً عن ابن الحسام.
وفي نصف صفر استقر الشريف مرتضى بن إبراهيم بن حمزة الحسني في نظر القدس والخليل.
وفيه هجم على بطا النائب بدمشق خمسة أنفس منهم آقبغا دوادار فقتلوه وأخرجوا من في الحبس من المناطشية وهم نحو مائة نفر وملكوا القلعة فحاصرهم الحاجب في عسكر دمشق وضيق عليهم إلى أن غلبوا فأحرقوا عليهم الباب وأمسكوا الثائرين فلم يبقوا منهم إلا من هرب،
ولما بلغ السلطان ذلك قرر في نيابة دمشق سودون الطرنطاي فخرج إليها في ثامن ربيع الأول ودخلها في العشر الأخير منه فلم يلبث أن مات في رمضان وكانت ولايته سبعة أشهر واستقر مكانه كمشبغا الأشرفي، ومات من مماليكه وجماعته نحو مائة نفس بالطاعون.
وفي سادس ربيع الأول ولي جمال الدين القيصري قاضي الحنفية مشيخة الشيخونية بعد وفاة العز الرازي.
وفي نصف ربيع الأول أمر السلطان القضاة بتخفيف النواب وكان القاضي عماد الدين الكركي قد استكثر منهم جداً حتى استناب من لم تجر له عادة بالنيابة مثل جمال الدين ابن العرياني وولي الدين ابن العراقي وعز الدين عبد العزيز البلقيني ونحوهم، فعزل من نوابه أكثر من عشرين نفساً، وأبقى تقي الدين الزبيري وتقي الدين الأسنائي وفخر الدين القاياتي خاصة، فهؤلاء الثلاثة في إيوان الصالحية بالنوبة وأذن لبهاء الدين أبي الفتح البلقيني بالجلوس في القبة وآخر معه بالنوبة واستقر القاضي المالكي بخمسة من النواب أيضاً وهم ابن الجلال وجمال الدين الأقفهسي وشهاب الدين الدفري وخلف الطوخي وقد ولى الأولان القضاء استقلالاً بعد ذلك، وناب عنه بمصر جمال الدين العبسي.
وفي هذا اليوم أمر السلطان أن ينقل محب الدين ابن الشحنة قاضي حلب من عند محمود فتسلمه والي القاهرة، وكذلك تسلم علاء الدين البيري موقع الناصري وكان قبض
عليهما بالشام فقتل البيري واعتقل ابن الشحنة ثم أفرج عنه في أواخر هذا الشهر بعناية محمود الاستادار.
وفيها خلع السلطان على يوسف بن علي بن غانم أحد أمراء العرب لما رجع من الحج وتوجه إلى بلاده في ربيع الأول.
وفيها عزل ناصر الدين ابن الخطيب عن قضاء حلب واستقر شرف الدين الأنصاري.
وفي آخر ربيع الآخر عزل ابن البرخي عن الحسبة وأعيد نجم الدين الطنبدي.
وفي هذا الشهر قتل ايدكار الحاجب وقراكسك وأرسلان اللفاف وسنجق وغيرهم من الأمراء.
وفي المحرم مات ناصر الدين ابن الحسام بعد مرض طويل.
وفي ثاني عشرين صفر استقر محمد بن محمود في نيابة الإسكندرية.
وفيه جهز حسن الكجكنبي بهدية إلى صاحب الروم.
وفيه أعيد نظر جامع طولون إلى القاضي الشافعي، وكان الحاجب قد تحدث فيه نحو سنة.
وفيه أمر السلطان الدويدار وكاتب السر أن يتكلما في الأوقاف الحكمية لما بلغه من تخريب الأوقاف فأمر نصر الله بن شطية كاتب المرتجع باسترجاع الحساب من مباشري الأوقاف وألزمهم بعمل حساب المودع مدة عشر سنين.
وفي تاسع عشر جمادى الآخرة استقر كمشبغا أتابكاً بموت أينال اليوسفي واستقر ايتمش رأس نوبة.
وفي رجب ثار جماعة من المماليك على محمود الأستادار وطالبوه بالكسوة والنفقة ورجموه من الطباق وضربوا بعض مماليكه بالدبابيس وأرادوا قتله فمنعه منهم أيتمش.
وفيها عزل ابن قايماز عن الوزارة واستقر عوضه تاج الدين ابن أبي شاكر، واستقر ابن قايماز في الأستادارية كسراً لشوكة المماليك ثم أنفق محمود على المماليك وكساهم فأعيد إلى وظيفته في نصف شعبان، وكان ذلك أول وهن دخل عليه.
وفي شعبان قدم عنان بن مغامس أمير مكة وشريكه علي بن عجلان فقعد علي لصغر سنه تحت عنان فرفعه السلطان على عنان، ثم خلع عليه في رمضان وأفرده بالإمرة واعتقل عناناً بالقاهرة.
وفي رمضان شكا تاج الدين النصراني معلم أولاد كريم الدين بن مكانس الكتابة أنه مختف في بيته فأرسل معه بكلمش أمير آخور جماعة من الوجاقية فدق تاج الباب فخرج إليه ابن مكانس فقال له: ما هذا؟ قال: تاج، ففتح مطمئناً به لكثرة دخوله عليه فهجم عليه الأوجاقية فحولوه إلى بكلمش فعرضه على السلطان فأمر الوالي أن يتسلمه فخاف تاج أن يتخلص ابن مكانس فأسلم على يد بكلمش ولبس بالجندية وخدم عنده شاداً في بعض بلاده.
وفي ذي القعدة قبض جماعة من المماليك بسرياقوس على شاب من العامة قهراً فارتكبوا فيه الفاحشة فأمعنوا في ذلك إلى أن مات فرفع الأمر إلى السلطان فأمر بالقبض عليهم وسلمهم لوالي القاهرة.
وفي هذه السنة عصى طغيتمر نائب سيس فبلغ ذلك الظاهر فتحيل عليه فدس لأهل الكرك أن يقفوا له يوم المحاكمة ويشكوا من نائبهم ويسألوه أن يولي عليهم طغيتمر ففعلوا ذلك، وخفيت هذه المكيدة على بكلمش، وكان طغيتمر من جهته فكاتبه بما جرى فاطمأن وحضر إلى القاهرة فقبض عليه السلطان.
وفي شعبان مات سودون الطرنطاي نائب دمشق وقرر بعده كمشبغا الخاصكي الأشرفي وكان سودون محباً في الخير، عديم الهزل، كارهاً في الخمر جداً والمظالم، ولكنه كان متعاظماً جداً، ولم يبلغ ثلاثين سنة، وكان مهاباً، ويقال إنه قال لما ولي النيابة: كيف أعمل في الأحكام بين الناس وأنا لا أدري شيئاً من الأمور الشرعية وكان يتنزه عن الرشوة، وحصل له قبل موته برسام فكانت تصدر منه أفعال لا تشبه أفعال العقلاء، وعزله الملك الظاهر قبل موته بعشرة أيام.
وفي نصف رمضان أمر تغرى بردى تقدمة ألف.
وفيه قرر بدر الدين الطوخي في وزارة دمشق عوضاً عن ابن مكانس بحكم انفصاله ورجوعه إلى القاهرة.
وفي شعبان كان الحريق العظيم بدمشق. فاحترقت المأذنة الشرقية وسقطت واحترقت
الصاغة والدهيشة وتلف من الأموال ما لا يحصى، وعمل في ذلك صاحبنا الأديب تقي الدين ابن حجة الحموي مقامة في نحو عشر أوراق من رائق النثر وفائق النظم وهي أعجوبة في فنها.
وفيها كان الغلاء المفرط بدمشق.
وأوفى النيل ثالث مسرى وانتهى إلى عشرين اصبعا من عشرين ذراعاً.
وفي شعبان وقع الوباء في البقر حتى كاد إقليم مصر أن يفنى منها.
وفيها استقر بدر الدين الأقفهسي شاهد الجاي ناظر الدولة.
وفيها شكا أهل خانقاه سرياقوس من شيخهم فأمر السلطان بإحضاره فسأله عما أنهى عنه، فأومأ بيده فلمح بعض الناس فيها أحرفاً مقطعة فأعلم السلطان بذلك فسأله فاضطرب، فقيل للسلطان إنه ساحر، فعزله عن المشيخة وسلمه لشاد الدواوين وولاها الشريف فخر الدين، وقيل إن الظاهر كان أودع عنده خمسة آلاف دينار قبل أن يقع قصة الناصري، فلما
عاد طالبه فأجاب بأنه تصدق بها وأصر على ذلك فأسرّها الظاهر في نفسه إلى هذه الغاية.
وفي العشرين من شوال استقر جمال الدين في نظر الجيش مضافاً إلى القضاء ومشيخة الشيخونية وعظم شأنه وكثر تردد الناس إليه، ويقال إنه بذل في ذلك مالاً كثيراً.
وفيها كائنة سعيد المغربي وكان مقيماً بقبة جامع طولون، وللناس فيه اعتقاد زائد، وكان السلطان يزوره ويعظمه ويقبل شفاعته، فكثر تردد الأكابر عليه ثم إنه سافر إلى العراق، فلما عاد دخل للسلام على السلطان، وذلك في العشرين من جمادى الآخرة، فلما انصرف ذكر بعض البازدارية أنه رآه عند نعير أمير العرب، فغضب السلطان وتخيل أنه جاسوس، فأرسل إليه من قبض عليه وكان آخر العهد به.
وفي آخر شوال استقر تاني بك أمير آخور ونقل بكلمش إلى مرتبة أخرى فاستقر أمير سلاح.
وفي سلخ شوال أمر أصحاب العاهات والقطعان أن يخرجوا من القاهرة ثم أذن للقطعان بالعود.
وفي آخر ذي الحجة عزل الشهاب النحريري عن قضاء المالكية، واستقر ناصر الدين ابن التنسي نقلاً من قضاء الإسكندرية.
وفي أواخر ذي القعدة قتل جماعة من الأمراء المعتقلين، منهم طغيتمر وقرادمرداش.
وفي ثامن عشرين ذي القعدة استقر تقي الدين الكفري في قضاء الشام عوضاً عن نجم الدين ابن الكشك.
وفي خامس عشرين ذي الحجة وصل المبشر من الحجاز.
وفي آخر ذي الحجة عزل القاضي عماد الدين الكركي من قضاء الشافعية وأمر بلزوم بيته بسبب أن المكيين رافعوا فيه فشغر فضاء الشافعية إلى أن انسلخت السنة.
وفيها أرسل السلطان نائب الكرك أمير حسن الكجكني إلى ابن عثمان صاحب الروم بهدايا جليلة.
وفيها ضربت بالإسكندرية فلوس ناقصة الوزن عن العادة طمعاً في الربح، فآل الأمر فيها إلى أن كانت أعظم الأسباب في فساد الأسعار ونقص الأموال.
وفي أواخر هذه السنة قبض علي بن عجلان على سبعين نفساً من الأشراف، فقامت حرمته لذلك.
وفيها وقع الحرب بين قرا يوسف بن قرا محمد أمير التركمان وبين حسين بك فقتل