الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وسبعين وسبعمائة
فيها اشتد الحر بوادي الأخيضر على الحاج الشامي وهم رجوع، فمات منهم جماعة عطشاً، وكان السبب في ذلك أن أمير الحاج في الذهاب ضرب الموكلين على الفساقي بسبب قلة ما بها من الماء، فلما عاد الحاج لم يجدوا أولئك ملؤا في الفساقي شيئاً أصلاً حقداً منهم على ما صنع بهم وكان في ظن الحاج أنهم يجدون الفساقي ملأ فقدموا ملأى فقدموا معتمدين على ذلك حتى أن بعضهم سقى بقية ما معه من الماء للجمال، ولما وصلوا فلم يجدوا الماء اقتتلوا على البئر فمات منهم خلق كثير من الزحمة ومن العطش، ومات بعد ذلك منهم اكثر ممن قتل بالعطش.
وفيها كان الوباء بدمشق فدام قدر ستة أشهر، وبلغ العدد في كل يوم مائتي نفر، وفي ربيع الأول الموافق لتشرين الأول زادت الأنهار بدمشق فسدت أبوابها فانكسر بعضها فانقلب على نهر بردى، فتلف بسبب ذلك شيء كثير وبطلت طواحين كثيرة وحمامات.
وفيها ولي صلاح الدين بن عرام نيابة الإسكندرية عوضاً عن شرف الدين موسى الأزكشي، وكانت ولاية الأزكشي في هذه السنة اشهراً.
وفيها أمر أن لا يزيد عدد الشهود في كل مركز على أربعة وان لا يستنيب أحد من القضاة من غير مذهبه، وذلك من قبل الجاي اليوسفي المتحدث في المملكة.
وفيها استقر الجاي أتابك السلطنة، وولي نظر المارستان فاستناب كريم الدين بن الغنام فيه.
وفيها ولي اشقتمر المارديني نيابة حلب بعد ايدمر المتوفي في العام الماضي.
وفيها استقر يلبغا الناصري شاد الشربخاناة.
وفيها وصل قود منجك ناثب الشام، وكان شيئاً كثيراً إلى الغاية وفيه سباع وضبع وأيل وغير ذلك.
وفيها أرسل الجاي أخاه طغيتمر الحنسي إلى دمشق لعرض الأجناد بها فحصل أموالاً عظيمة حتى قيل: غن الذي خصه خمسون ألف دينار، وأخذ من ذخائر القلعة أشياء نفيسة، وبالغ في الظلم فاستغاث الناس إلى منحك نائب الشام فكاتب فيه، ثم توجه المذكور إلى جهة حلب ففعل في بقية البلاد أشد مما فعل بدمشق، ولولا تلطف النائب وناظر الجيش بالناس
لهلكوا معه واستناب الجاي في نظر الأوقاف الشريف بكتمر الذي كان والي القاهرة وصار يحمل إليه المعلوم.
وفيها عزل الشريف فخر الدين من نقابة الأشراف بسبب ما أنهاه الشريف بدر الدين حسن النسابة أنه يرتشى ممن ليس بشريف، فيلبسه العلامة الخضراء فعقد له مجلس وعرض الجماعة وحصل للجماعة التعصب، وعزل الشريف وقرر الشريف عاصم نقيباً في تاسع شوال، فباشرها إلى العشرين من ذي الحجة، ثم أعيد فخر الدين.
وفيها ولي شهاب الدين احمد بن شرف الدين موسى بن فياض المقدسي الحنبلي الحكم بحلب عوضاً عن أبيه بسؤاله في ذلك.
وفيها استقر شمس الدين محمد بن أحمد بن مهاجر كاتب السر بحلب عوضاً عن ابن علان لما مات.
وفيها كان الحريق بقلعة الجبل داخل الدور السلطانية، واستمر أياماً ففسد شيء كثير، ويقال إن أصله من صاعقة وقعت.
وفيها مات منكلي بغا الشمسي، فرسم السلطان لأجناده أن يمشوا في خدمة ولي العهد أمير علي، هو الذي تولى السلطنة بعده، وفي جمادى الأولى ولي بيدمر نيابة طرابلس.
وفيها عقد الجاي مجلساً بالعلماء في إقامة خطبة بالمنصورية، فأفتاه البلقيني وابن الصائغ وآخر بالجواز، وخالفهم الباقون، فانفصل المجلس على ما قاله الجمهور، وصنف البلقيني كتاباً في الجواز، وصنف شيخنا الحافظ العراقي كتاباً في المنع، وقد سبق بالتصنيف
في المنع تقى الدين السبكي فجمع فيه عدة تواليف صغار، وقفت على أربعة منها، ووقفت بعد ذلك على جزء جمعه القاضي برهان الدين بن جماعة في المنع.
وفيها استقر ابن الغنام وزيراً وولده عبد الله ناظر البيوت، وكريم الدين بن الرويهب ناظر الدولة، وجمال الدين عبد الرحيم بن الوراق ناظر الخزانة الكبرى، وقرطائ كاشف الوجه القبلي، وأمسك الوزير المنفصل وهو فخر الدين بن تاج الدين موسى.
وفيها ضربت عنق بن سويرات بسبب أمور تنافي الشريعة، فحكم البرهان الأخناي بسفك دمه، وكان من أهل الحسينية ظاهر القاهرة.
وفيها قدم بعض الشيوخ الزواكرة إلى دمشق ومعه تمر ومرسوم أن يباع ما معه من التمر كل تمرة بدرهم، فشق ذلك على الباعة وأكثروا الشناعة، ذكر ذلك ابن كثير.
وفي هذه السنة راسل اللنك شاه ولي صاحب مازندران وهو شاه ولي يستدعيه إلى حضرته فأرسل إليه جماعة من أكابر مملكته منهم إسكندر الجلالي وأرشبوند وإبراهيم القمي فأكرمهم اللنك. وراسل شاه ولي ملوك العراق، فأطعمه أحمد بن أويس صاحب بغداد في نصرهم إن قصده اللنك، وامتنع شاه شجاع من إجابته لكونه هادن اللنك وهاداه قبل ذلك، ورحل اللنك بعساكره طالباً مازندران فنازلها، فلم يثبت شاه ولي في الكفاية فانهزم إلى الري، وكان بها أمير من جهته يقال له محمد جوكار فغدر به وقبض عليه وأرسله إلى اللنك متقرباً إليه به، فأمر بقتله، ودخل جوكار في طاعة اللنك، وغلب اللنك على تلك البلاد كلها.