الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنار طريق الحق، وأبان سبيل الهدى، وأزاح العلة، وأزال الشبهة، وبعث النبيين مبشرين ومنذرين، لئلا يكون للناس على الله حجه بعد الرسل، وليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة.
وصلى الله على خيرته من خلقه، وصفوته من بريته: إمام المتقين، وخاتم النبيين، وخطيبهم إذا وفدوا، وشافعهم إذا حبسوا، ومبشرهم إذا يئسوا، صاحب لواء الحمد، والمقام المحمود أبي القاسم مُحَمَّد بْن عَبد اللَّهِ بْن عبد المطلب وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، وإخوانه من النبيين والمرسلين وسائر عباد الله الصالحين، صلاة دائمة غير زائلة، وباقية غير فانية، ومتصلة غير منقطعة، وسلم تسليما.
أما بعد، فإن الله تعالى وله الحمد لم يخل الارض من قائم له بحجة، وداع إليه على بصيرة، لكي لا تبطل حجج الله وبيناته، فهم كما وصفهم أمير المؤمنين علي بْن أَبي طالب رضي الله عنه حيث يقول: أولئك هم الأقلون عدداً، الأعظمون عند الله قدرا، هجم بهم العلم على حقيقة الامر، فاستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان قلوبها معلقة بالمحل الاعلى شوقا إلى لقائهم.
وإذا كان الامر كما ذكرنا، والحال على ما وصفنا، فواجب إذا على كل مكلف ذي عقل سليم مطلق من إسار الشهوات الحيوانية والشبهات الشيطانية أن يبذل جهده، ويستفرغ وسعه في تحصيل الفوز بالنعيم الابدي، والنجاة من العذاب السرمدي.
ومن المعلوم الواضح عند كل ذي بصيرة أن ذلك لا يحصل إلا بتزكية النفس وتطهيرها من الادناس الطبيعية، والاخلاق البهيمية، وذلك منحصر في أمرين لا ثالث لهما، وهما: العلم النافع، والعمل الصالح.
لكن الناس مختلفون في ذلك اختلافا كثيرا، ومتباينون فيه تباينا شديدا، فكل قوم يدعون أن ما هم عليه من القول والعمل هو الحق المؤدي إلى طهارة النفس وتزكيتها، وأن ما سوى ذلك باطل مضر بصاحبه، ويقيمون على ذلك دلائل من آرائهم، وبراهين من أفكارهم، ويدعي خصومهم مثل ذلك، ويعارضونهم بمثل ما ادعوه لانفسهم وعارضوا به خصومهم، فكل بكل معارض وبعض ببعض مناقض. وما كان هذا سبيله فليس فيه شفاء غليل ولابرء عليل، وإذا كان ذلك كذلك لم يبق أمر يقصد إليه، ولا شيء يعول عليه إلا الكتاب العزيز الَّذِي لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِهِ تنزيل من حكيم حميد، وسنة الرسول الكريم المؤيد بالدلائل الواضحات والمعجزات الباهرات التي يعجز كل أحد من البشر عن معارضتها والاتيان بمثلها.
فأما الكتاب العزيز، فإن الله تعالى تولى حفظه بنفسه ولم يكل ذلك إلى أحد من خلقه فقال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) {1) ، فظهر مصداق ذلك مع طول المدة، وامتداد الايام، وتوالي الشهور، وتعاقب السنين، وانتشار أهل الاسلام، واتساع رقعته.
(1) الحجر، آية:9.
وأما السنة، فإن الله تعالى وفق لها حفاظا عارفين، وجهابذة عالمين، وصيارفة ناقدين، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فتنوعوا في تصنيفها، وتفننوا في تدوينها على أنحاء كثيرة وضروب عديدة، حرصا على حفظها، وخوفا من إضاعتها، وكان من أحسنها تصنيفا، وأجودها تأليفا، وأكثرها صوابا، وأقلها خطأ، وأعمها نفعا، وأعودها فائدة، وأعظمها بركة، وأيسرها مؤونة، وأحسنها قبولا عند الموافق والمخالف وأجلها موقعا عند الخاصة والعامة: صحيح أَبِي عَبد اللَّهِ مُحَمَّد بْن إسماعيل البخاري، ثم صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، ثم بعدهما كتاب السنن لابي داود سُلَيْمان بْن الأشعث السجستاني، ثم كتاب الجامع لابي عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التِّرْمِذِيّ، ثم كتاب السنن لابي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ النَّسَائي، ثم كتاب السنن لأبي عَبد الله مُحَمَّد بْن يزيد المعروف بابن ماجة القزويني وإن لم يبلغ درجتهم.
ولكل واحد من هذه الكتب الستة مزية يعرفها أهل هذا الشأن، فاشتهرت هذه الكتب بين الانام، وانتشرت في بلاد الاسلام، وعظم
الانتفاع بها، وحرص طلاب العلم على تحصيلها، وصنفت فيها تصانيف، وعلقت عليها تعاليق، بعضها في معرفة ما اشتملت عليه من المتون، وبعضها في معرفة ما احتوت عليه من الأسانيد، وبعضها في مجموع ذلك.
وكان من جملة ذلك كتاب "الكمال"(1) الذي صنفه الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد عبد الغني بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بن سرور المقدسي رحمة الله عليه في معرفة أحوال الرواة الذين اشتملت عليهم هذه الكتب الستة. وهو كتاب نفيس، كثير الفائدة، لكن لم يصرف مصنفه رحمه الله عنايته إليه حق صرفها، ولا استقصى الأَسماء التي اشتملت
(1) تمام اسم الكتاب كما هو مشهور: الكمال في أسماء الرجال".
عليها هذه الكتب استقصاء تاما، ولا تتبع جميع تراجم الأَسماء التي ذكرها في كتابه تتبعا شافيا، فحصل في كتابه بسبب ذلك إغفال وإخلال.
ثم إن بعض ولده ممن لم يبلغ في العلم مبلغه، ولا نال في الحفظ درجته رام تهذيب كتابه وترتيبه واختصاره واستدراك بعض ما فاته من الأَسماء، فكتب عدة أسماء من أسماء الصحابة الذين أغفلهم والده من تراجم كتاب "الاطراف"(1) الذي صنفه الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم علي بْن الحسن بن هبة الله الدمشقي المعروف بابن عساكر رحمه الله وأسماء يسيرة من أسماء التابعين من كتاب "الاطراف" أيضا. وكتب عدة أسماء ممن أغفلهم والده من كتاب"المشايخ النبل"الذي صنفه الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِمِ ابن عساكر أيضا.
ولم يزد في عامة ذلك على ما ذكره الحافظ أبو القاسم شيئا. فوقعت عامة تلك الأَسماء المستدركة في الكتاب مختصرة منتفة، ولا يحصل بذكرها كذلك كبير فائدة. ووقع في بعض ما اختصره بلفظه من كتاب والده خلل كبير، ووهم شنيع.
فلما وقفت على ذلك، أردت تهذيب الكتاب وإصلاح ما وقع فيه من الوهم والاغفال، واستدراك ما حصل فيه من النقص والاخلال، فتتبعت الأَسماء التي حصل إغفالها منهما جميعا، فإذا هي أسماء كثيرة تزيد على مئات عديدة من أسماء الرجال والنساء. ثم وقفت على عدة مصنفات لهؤلاء الأئمة الستة غير هذه الكتب الستة وستأتي أسماؤها قريبا إن شاء اللَّه تعالى فإذا هي تشتمل على أسماء كثيرة ليس لها ذكر في الكتب الستة، ولا في شيء منها، فتتبعتها تتبعا تاما، وأضفتها إلى ما قبلها، فكان مجموع ذلك زيادة على ألف وسبع مئة اسم من الرجال والنساء. فترددت بين كتابتها مفردة عن كتاب الاصل، وجعلها كتابا مستقلا
(1) انظر عن كتاب "الاطراف" ونسخة بحث الاستاذ كوركيس عواد من مؤلفات ابن عساكر المقدم إلى مهرجان ابن عساكر المعقود بدمشق في ربيع سنة 1979.
بنفسه، وبين إضافتها إلى كتاب الاصل، ونظمها في سلكه، فوقعت الخيرة على إضافتها إلى كتاب الاصل، ونظمها في سلكه، وتمييزها بعلامة تفوزها عنه، وهو أن أكتب الاسم، واسم الاب أو ما يجري مجراه بالحمرة وأقتصر في الاصل على كتابة الاسم خاصة بالحمرة.
وجعلت لكل مصنف علامة (1) ، فإن تكرر الاسم في أكثر من مصنف واحد اقتصرت على عزوه إلى بعضها في الغالب.
فعلامة ما اتفق عليه الجماعة الستة في الكتب الستة: (ع)
وعلامة ما اتفق عليه أصحاب السنن الأربعة في سننهم الأربعة: (4) .
وعلامة ما أخرجه البخاري في الصحيح: (خ)، وعلامة ما استشهد به في الصحيح تعليقا:(خت) .
وعلامة ما أخرجه فِي كتاب القراءة خلف الإمام: (ز) .
وعلامة ما أخرجه في كتاب رفع الدين في الصلاة: (ي) . وعلامة ما أخرجه في كتاب الادب: (بخ) . وعلامة ما أخرجه في كتاب أفعال العباد: (عخ)(2) .
وعلامة ما أخرجه مسلم في الصحيح: (م)، وعلامة ما أخرجه في مقدمة كتابه:(مق)(3) .
وعلامة ما أخرجه أبو داود في كتاب السنن: (د)، وعلامة ما أخرجه في كتاب المراسيل:(مد) . وعلامة ما أخرجه في كتاب الرد عَلَى أهل القدر: (قد) . وعلامة ما أخرجه في كتاب الناسخ والمنسوخ: (خد) .
(1) انظر عن ظهور هذه العلامات وتطورها كتاب روزنتال: مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي". ترجمة الدكتور أنيس فريحة، ص: 96 فما بعد (بيروت 1961) .
(2)
ذكر ابن حجر مما فاته كتاب"بر الوالدين"للبخاري (تهذيب: 1 / 6)
(3)
ذكر ابن حجر مما فاته من تآليف الإمام مسلم كتاب"الانتفاع بأهب السماع"(تهذيب: 1 / 6) .
وعلامة ما أخرجه في كتاب التفرد، وهو ما تفرد به أهل الامصار من السنن:(ف) . وعلامة ما أخرجه في فضائل الانصار: (صد) . وعلامة ما أخرجه في كتاب المسائل التي سأل عنها أَبَا عَبد اللَّهِ أَحْمَد بْن محمد بن حنبل: (ل) . وعلامة ما أخرجه في مسند حديث مالك بن أنس: (كد)(1) .
وعلامة ما أخرجه التِّرْمِذِيّ في الجامع: (ت) . وعلامة ما أخرجه
في كتاب الشمائل: (تم) .
وعلامة ما أخرجه النَّسَائي في كتاب السنن: (س) . وعلامة ما أخرجه فِي كتاب عمل يوم وليلة: (سي) . وعلامة ما أخرجه في كتاب خصائص أمير المؤمنين علي بْن أَبي طالب رضي الله عنه: (ص) .
وعلامة ما أخرجه في مسند علي رضي الله عنه: (عس) . وعلامة ما أخرجه في مسند حديث مالك بن أنس: (كن)(2) .
وعلامة ما أخرجه ابن ماجة القزويني في كتاب السنن (ق) . وعلامة ما أخرجه في كتاب التفسير: (فق) .
ولم يقع لي من مسند حديث مالك بن أنس لابي داود سوى جزء واحد، وهو الاول، ولا من تفسير ابن ماجة سوى جزءين منتخبين منه، وما سوى ذلك مما سميته ها هنا، فقد وقع لي كل واحد منهم بكماله ولله الحمد.
(1) فات المؤلف من تآليف أبي داود كتاب"الزهد"، وكتاب"دلائل النبوة"، وكتاب"الدعاء"وكتاب"ابتداء الوحي"، وكتاب"أخبار الخوارج.
ذكر ذلك ابن حجر في مقدمة تهذيب التهذيب: 1 / 6.
(2)
قال الحافظ ابن حجر: وأفراد عمل اليوم والليلة للنسائي عن السنن وهو من جملة كتاب السنن في رواية ابن الاحمر وابن سيار، وكذلك أفرد خصائص علي وهو من جملة المناقب في رواية ابن سيار، ولم يفرد التفسير وهو من رواية حمزة وحده ولا كتاب"الملائكة"و"الاستعاذة"و"الطب"وغير ذلك وقد تفرد بذلك راو دون راو عن النَّسَائي، فما تبين لي وجه إفراده الخصائص وعمل اليوم والليلة! " (تهذيب: 1 / 6) .
ولهؤلاء الأئمة الستة مصنفات عدة سوى ذلك منها ما لم أقف عليه، ومنها ما وقفت عليه ولم أكتب منه شيئا، إما لكونه ليس من غرض كتابنا هذا، أو لكونه ليس فيه إسناد، نحو: تاريخ البخاري الكبير، وتاريخه الاوسط، وتاريخه الصغير، ونحو: كتابي الضعفاء، له، ونحو: كتاب الكنى لمسلم، وكتاب التمييز له، وكتاب الوحدان له، وكتاب الأَخُوة له، ونحو: كتاب الأَخُوة لابي داود، وكتاب معرفة الاوقات له، ونحو: كتاب العلل للترمذي وهو غير الذي ذكره في آخر الجامع. ونحو: كتاب الكنى للنسائي، وكتاب أسماء الرواة والتمييز بينهم له، وكتاب الضعفاء له، وكتاب الأَخُوة له، وكتاب الأَغَراب وهو ما أغرب شعبة على سفيان وسفيان على شعبة له، ومسند منصور بن زاذان له، وغير ذلك، لان عامة من ذكروا روايته في هذه الكتب المصنفة على التراجم لا يجري في الاحتجاج به مجرى من ذكروا روايته في الكتب الستة، وما تقدم ذكره معها من الكتب الصنفة على الابواب.
وقد جعلت على كل اسم كتبته بالحمرة رقما من الرقوم المذكورة أو أكثر بالسواد، ليعرف الناظر إليه عند وقوع نظره عليه من أخرج له من هؤلاء الأئمة وفي أي كتاب من هذه الكتب أخرجوا له، ثم أنص على ذلك نصا صريحا عند انقضاء الترجمة، أو قبل ذلك على حسب ما تقتضيه الحال إن شاء الله تعالى.
وذكرت أسماء من روى عنه كل واحد منهم، وأسماء من روى عن كل واحد منهم في هذه الكتب أو في غيرها على ترتيب حروف المعجم أيضا على نحو ترتيب الأَسماء في الاصل. ورقمت عليها أو على بعضها رقوما بالحمرة يعرف بها في أي كتاب من هذه الكتب وقعت روايته عن ذلك الاسم المرقوم عليه، ورواية ذلك الاسم
المرقوم عليه عنه. ثم ذكرت في تراجمهم روايتهم عنه، أو روايته عنهم كذلك، لتكون كل ترجمة شاهدة للاخرى بالصحة والاخرى شاهدة لها بذلك.
فإن كان للصحابي رِوَايَة عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعن غيره، ابتدأت بذكر روايته عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثم ذكرت روايته عن غيره راقما على ما يحتاج من ذلك إلى رقم. وإن كان الراوي ممن روى عنه هؤلاء الأئمة الستة أو بعضهم بغير واسطة، ابتدأت بذكر روايتهم، أو رواية من روى منهم عنه، ثم ذكرت من روى عنه من غيرهم على الترتيب المذكور. وإن كان فيهم من روى عنه بغير واسطة، ثم روى عنه بواسطة ابتدأت بذكر روايته عنه بغير واسطة، ثم رقمت على اسم من روى عنه من الرواة عنه على نحو ما تقدم. وإن كان بعضهم قد روى عنه بغير واسطة، وبعضهم قد روى عنه بواسطة، ابتدأت بذكر من روى عنه منهم بغير واسطة كما تقدم، ثم ذكرت من روى عنه منهم بواسطة في آخر الترجمة قائلا: وروى له فلان، أو فلان وفلان إن كان أكثر من واحد.
واعلم: أن ما كان في هذا الكتاب من أقوال أئمة الجرح والتعديل ونحو ذلك، فعامته منقول من كتاب"الجرج والتعديل"(1) لابي مُحَمَّد عبد الرحمن بْن أَبي حاتم الرازي الحافظ ابن الحافظ، ومن كتاب"الكامل"(2) لابي أَحْمَد عَبد اللَّهِ بْن عَدِيّ الجرجاني الحافظ، ومن كتاب"تاريخ بغداد"(3) لابي بَكْر مُحَمَّد بْن علي بْن ثابت
(1) طبع بحيدر آباد 1956 1952.
(2)
هو: الكامل في ضعفاء الرجال"ويسمى أيضا: الكامل في معرفة ضعفاء المحدثين وعلل الحديث"، ومن الكتاب نسخ كثيرة، رأينا نسخة نفيسة منه في مكتبة السلطان أحمد الثالث باستانبول، رقم:2943.
(3)
طبع بالقاهرة سنة 1931، وفي خزانة كتبي نسخة مصورة عن مكتبة شيخ الاسلام عارف حكمت أضبط من المطبوعة وأكثر دقة.
الخطيب البغدادي الحافظ، ومن كتاب"تاريخ دمشق"(1) لابي القاسم عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن هبة الله المعروف بابن عساكر الدمشقي الحافظ.
وما كان فيه من ذلك منقولا من غير هذه الكتب الأربعة، فهو أقل مما كان فيه من ذلك منقولا منها، أو من بعضها.
ولم نذكر إسناد كل قول من ذلك فيما بيننا وبين قائله خوف التطويل.
وقد ذكرنا من ذلك الشئ بعد الشئ لئلا يخلو الكتاب من الإسناد على عادة من تقدمنا من الأئمة في ذلك.
وما لم نذكر إسناده فيما بيننا وبين قائله: فما كان من ذلك بصيغة الجزم، فهو مما لا نعلم بإسناده عن قائله المحكي ذلك عنه بأسًا، وما كان منه بصيغة التمريض، فربما كان في إسناده إلى قائله ذلك نظر، فمن أراد مراجعة شيء من ذلك أو زيادة اطلاع على حال بعض الرواة المذكورين في هذا الكتاب، فعليه بهذه الامهات الأربعة فإنا قد وضعنا كتابنا هذا متوسطا بين التطويل الممل، والاختصار المخل.
وقد اشتمل هذا الكتاب على ذكر عامة رواة العلم، وحملة الآثار، وأئمة الدين، وأهل الفتوى، والزهد والورع والنسك، وعامة المشهورين من كل طائفة من طوائف أهل العلم المشار إليهم من أهل هذه الطبقات، ولم يخرج عنه منهم إلا القليل، فمن أراد زيادة اطلاع على ذلك، فعليه بعد هذه الكتب الأربعة بكتاب"الطبقات الكبير"(2) لمحمد بن سعد كاتب الواقدي، وكتاب"التاريخ"(3) لابي
(1) شهرته تغني عن التعريف به، وقد طبع بعضه، والهمم متوجهة لطبعه بعون الله.
(2)
طبع بأوروبا وبيروت، وتوفي ابن سعد سنة 230 كما هو مشهور.
(3)
انظر: السخاوي: الاعلان بالتوبيخ، ص: 588 وتوفي ابن أَبي خيثمة سنة 279.
بَكْر أَحْمَد بْن أَبي خيثمة زهير بن حرب، وكتاب "الثقات"(1) لابي حاتم مُحَمَّد بْن حبان البستي، وكتاب"تاريخ مصر"(2) لابي سَعِيد عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَحْمَد بن يونس بن عبد الاعلى الصدفي، وكتاب"تاريخ نيسابور"(3) للحاكم أَبِي عَبد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عَبد الله النيسابوري الحافظ، وكتاب"تاريخ أصبهان"(4) لابي نعيم أَحْمَد بْن عَبد اللَّهِ بن أحمد الأصبهاني الحافظ، فهذه الكتب العشرة أمهات الكتب المصنفة في هذا الفن.
وقد كان صاحب الكتاب رحمه الله ابتدأ بذكر الصاحبة أولا: الرجال منهم والنساء على حدة، ثم ذكر من بعدهم على حدة. فرأينا ذكر الجميع على نسق واحد أولى، لان الصحابي ربما روى عن صحابي آخر عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فيظنه من لا خبرة لا تابعيا فيطلبه في أسماء التابعين، فلا يجده، وربما روى التابعي حديثًا مُرْسلاً عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيظنه من لاخبرة له صحابيا فيطلبه في أسماء الصحابة، فلا يجده، وربما تكرر ذكر الصحابي في أسماء الصحابة وفيمن بعدهم، وربما ذكر الصحابي الراوي عن غير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في غير الصحابة، وربما ذكر التابعي المرسل عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في الصحابة، فإذا ذكر الجميع على نسق واحد، زال ذلك المحذور وذكر في ترجمة كل إنسان منهم ما يكشف عن حاله إن كان صحابيا، أو غير صحابي.
(1) توفي ابن حبان البستي سنة 354 وكتابه الثقات طبع بعضه بحيدر آباد بأخرة.
(2)
لابن يونس المتوفى سنة 347 تاريخان لمصر، الاول خاص بأهلها، والثاني خاص بالغرباء، ولكن المؤرخين غالبا ما يعتبرونهما واحدًا.
انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي ص: 898 وتاريخ بغداد للخطيب: 6 / 75 وغيرهما.
(3)
ضاع الاصل وبقي مختصره الذي اختصره أحمد بن محمد المعروف بالخليفة النيسابوري وقد طبع هذا المختصر في طهران سنة 1339 طبعة رديئة ونشره المستشرق فراي مرة أخرى، وعندي نسخة خطية منه مصورة عن بروسة.
(4)
هو"ذكر أخبار أصبهان"الذي طبع في ليدن بهولندا سنة 1931، وتوفي أبو نعيم سنة 430 وهو مشهور.
وقد رتبنا أسماء الرواة من الرجال في كتابنا هذا على ترتيب حروف المعجم في هذه البلاد (1) مبتدئين بالاول فالاول منها، ثم رتبنا أسماء آبائهم وأجدادهم على نحو ذلك إلا أنا ابتدأنا في حرف الالف بمن اسمه أحمد، وفي حرف الميم بمن اسمه محمد لشرف هذا الاسم على غيره، ثم ذكرنا باقي الأَسماء على الترتيب المذكور، فإذا انقضت الأَسماء ذكرنا المشهورين بالكنى على نحو ذلك، فإن كان في أصحاب الكنى من اسمه معروف من غير اختلاف فيه، ذكرناه في الأَسماء، ثم نبهنا عليه في الكنى، وإن كان فيهم من لايعرف اسمه، أو من اختلف في اسمه، ذكرناه في الكنى خاصة، ونبهنا على ما في اسمه من الاختلاف في ترجمته. ثم ذكرنا أسماء النساء على نحو ذلك. وربما كان بعض الأَسماء يدخل في ترجمتين أو أكثر، فنذكره في أولى التراجم به، ثم ننبه عليه في الترجمة الاخرى.
وقد ذكرنا في أواخر الكتاب فصولا أربعة مهمة لم يذكر صاحب الكتاب شيئا منها، وهي:
فصل فيمن اشتهر في النسبة إِلَى أبيه، أو جده، أو أمه، أو عمه، أو نحو ذلك، مثل: ابن أبجر، وابن الاجلح، وابن أشوع، وابن جُرَيْج، وابن علية، وغيرهم.
وفصل فيمن اشتهر بالنسبة إلي قبيلة، أو بلدة، أو صناعة، أو نحو ذلك مثل: الأَنْبارِيّ، والأَنْصارِيّ، والأَوزاعِيّ، والزُّهْرِيّ، والشافعي، والعدني، والمقابري والصيرفي، والفلاس، وغيرهم.
وفصل فيمن اشتهر بلقب أو نحوه، مثل: الاعرج، والأعمش، وبندار، وغندر، وغيرهم. ونذكر فيهم وفيمن قبلهم نحو ما ذكرنا في الكنى.
(1) يعني بلاد المشرق، ليميزه عن ترتيب الاندلسيين والمغاربة.
وفصل في المبهمات، مثل: فلان عَن أبيه، أو عن جده، أو عن أُمِّه، أو عن عمه، أو عن خاله، أو عن رجل، أو عن امرأة، ونحو ذلك. ونبه على اسم من عرفنا اسمه منهم.
وينبغي للناظر في كتابنا هذا أن يكون قد حصل طرفا صالحا من علم العربية: نحوها ولغتها وتصريفها، ومن علم الاصول والفروع، ومن علم الحديث، والتواريخ، وأيام الناس، فإنه إذا كان كذلك، كثر انتفاعه به، وتمكن من معرفة صحيح الحديث وضعيفه، وذلك خصوصية المحدث التي من نالها، وقام بشرائطها ساد أهل زمانه في هذا العلم، وحشر يوم القيامة تحت اللؤاء المحمدي إن شاء الله تعالى.