الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
ونشأ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يتيما يكفله جده عبد المطلب، وبعده عمه أبو طالب بن عبد المطلب، وطهره الله من دنس الجاهلية ومن كل عيب ومنحه كل خلق جميل حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالامين لما شاهدوا من طهارته وصدق حديثه وأمانته.
فلما بلغ اثنتي عشرة سنة، خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام حتى بلغ بصرى فرآه بحيرا الراهب فعرفه بصفته، فجاء وأخذ بيده، وَقَال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين. فقيل له: وما علمك بذلك؟ قال: إنكم حين أقبلتم من العقبة لم يبق شجرة ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدن إلا لنبي، وإنا نجده في كتبنا. وسأل أبا طالب، فرده خوفا عليه من اليهود (1) . ثم خرج ثانيا إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة في تجارة لها قبل أن يتزوجها حتى بلغ إلى سوق بصرى، فباع تجارته.
فلما بلغ خمسا وعشرين سنة تزوج خديجة. فلما بلغ أربعين سنة اختصه الله بكرامته، وابتعثه برسالته، فأتاه جبريل عليهما السلام وهو
(1) أخرجه التِّرْمِذِيّ برقم (3620) ورجاله ثقات لكن في متنه غرابة فقد مؤرخ الاسلام الإمام الذهبي: تفرد به قراد واسمه عَبْد الرحمن بْن غزوان (وهو) ثقة احتج به البخاري والنَّسَائي، ورواه الناس عن قراد وحسنه التِّرْمِذِيّ. وهو حديث منكر جدا"ثم نقند الحديث نقدا داخليا بارعا وحلل وقائعه ولغته واستقصى الاختلاف في ذلك، فراجعه تجد فائدة إن شاء الله (تاريخ الاسلام: 2 / 27 فما بعد) . وانظر أيضا"البداية"2 / 284، 285 للحافظ ابن كثير.
بغار حراء، فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة، وقيل: عشرا، والصحيح الاول.
وكان يصلى إلى بيت المقدس مدة إقامته بمكة، ولا يستدبر الكعبة، بل يجعلها بين يديه. وصلى إلى بيت المقدس أيضا بعد قدومه المدينة سبعة عشر شهرا، أو ستة عشر شهرا.
ثم هاجر إلى المدينة ومعه أبو بكر الصديق وعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بكر ودليلهم عَبد الله بن الاريقط الليثي وهو على دين قومه ولم نعرف له إسلاما، فأقام بالمدينة عشر سنين.
وتوفي وهُوَ ابن ثلاث وستين (سنة)(1)، وقيل: ابن خمس وستين، وقيل: ابن ستين. والاول أصح. وكانت وفاته يوم الاثنين حين اشتد الضحى لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الاول، وقيل: لليلتين خلتا منه، وقيل: لاستهلاله. ودفن ليلة الاربعاء، وقيل: ليلة الثلاثاء. وكانت مدة علته اثني عشر يوما، وقيل: أربعة عشر يوما. وغسله (2) : علي، والعباس وابناه الفضل وقثم ابنا العباس، وأسامة بْن زَيْد بْن حارثة وشقران مولياه، وحضرهم أوس بن خولي الأَنْصارِيّ. وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية من ثياب سحول بلدة باليمن، ليس فيها قميص ولا عمامة. وصلى عليه المسلمون أفذاذا لم يؤمهم عليه أحد. وفرش تحته قطيفة حمراء كان يتغطاها (3) . ودخل قبره علي، والعباس وابناه الفضل وقثم، وشقران وأطبق عليه تسع لبنات. ودفن في الموضع الذي توفاه الله فيه، حول فراشه، وحفر له ولحد في بيته الذي كان بيت عائشة. ثم دفن معه أبو بكر وعُمَر رضي الله عنهما.
(1) ليس في "د.
(2)
قارن السيرة لابن هشام: 2 / 662 فما بعد.
(3)
أخرج مسلم (967) في الجنائز عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: جَعَلَ في قبر رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء"والقطيفة: كساء له خمل، وهذه القطيفة ألقاها شقران مولى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَال: كرهت أن يلبسها أحد بعده (ش) .