الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس، قال عَلِيُّ بْنُ أَبي طَالِبٍ رضي الله عنه (1) : كنا إذا احمر الباس ولقي القوم القوم اتقينا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فلم يكن أحد أقرب إلى القوم منه (2) .
وكان أسخى الناس، قال أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: ما سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا (3) .
وكان أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خدرها (4) لا يثبت بصره في وجه أحد.
(1) رضي الله عنه لم ترد في "د.
(2)
أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي"ص (58) من طريق علي بْن الجعد، عن زهير بْنُ مُعَاوِيَةَ، عن أَبِي إِسْحَاقَ السبيعي، عن حارثة بْن مضرب، عن علي. ورواه أيضا من طريق وكيع عَنْ إسرائيل، عَن أَبِي إسحاق، عن حارثة بْن مضرب، عن علي. وله شاهد عند مسلم (1776) في الجهاد من قول البراء: كنا، والله، إذا احمر البأس نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به، يعني النبي صلى الله عليه وسلم"وللبخاري 10 / 381 من حديث أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس". (ش) .
(3)
أخرجه مسلم في "صحيحه"(2312) في الفضائل من طريق حميد، عن موسى بن أنس، عَن أبيه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام شيئا إلا أعطاه. قال: فجاءه رجل، فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمد يعطي عطاءلا يخشى الفاقة. وأما اللفظ الذي ذكره المصنف، فقد أخرجه مسلم (2311) ، والتِّرْمِذِيّ في "الشمائل"(3451) ، وابن سعد 1 / 368، والبخاري 10 / 381، كلهم من حديث جابر ابن عَبد الله. (ش) .
(4)
أخرجه البخاري 10 / 427 في الادب: باب من لم يواجه الناس بالعقاب، وباب الحياء، ومسلم (2320) في الفضائل: باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم، والتِّرْمِذِيّ في الشمائل (351) من حديث أبي سَعِيد الخُدْرِيّ، وتمامه: وكان إذا كره شيئا عرف في وجهه". (ش) .
وما عاب طعاما قط، كان إن اشتهاه أكله وإلا تركه (1) . وكان لا يأكل متكئا، ولا يأكل على خوان، ولا يمتنع من طعام حلال، إن وجد تمرا، أكله وإن وجد خبزا، أكله وإن وجد شواء، أكله وإن وجد خبز شعير أو بر، أكله، وإن وجد لبنا، اكتفى به. وكان يأكل البطيخ بالرطب (2) .
وفِي حَدِيثِ عَبد اللَّهِ بْنِ جعفر بن أَبي طالب. رأيت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب (3) .
وفي حديث عائشة: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل (4) .
وَقَال أبو هُرَيْرة: خرج رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير (5) .
وفي حديث عائشة: كان يأتي على آل محمد الشهر والشهران لا يوقد في بيت من بيوته نار. وكان قوتهم التمر والماء (6) .
وكان يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة.
وكان لا يتأنق في مأكل ولا ملبس، يأكل ما وجد، ويلبس ما وجد.
(1) أخرجه البخاري 9 / 477 في الاطعمة: باب ما عاب النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم طعاما، ومسلم (2064) في الاشربة: باب لا يعيب الطعام من حديث أبي هُرَيْرة. (ش) .
(2)
أخرجه التِّرْمِذِيّ في "الشمائل"1 / 296، وفي الجامع (1844) من حديث عائشة، وسنده حسن (ش) .
(3)
أخرجه البخاري 9 / 488 في الاطعمة: باب القثاء بالرطب، ومسلم (2043) في الاشربة: باب أكل القثاء بالرطب. (ش) .
(4)
أخرجه البخاري 9 / 483 في الاطعمة: باب الحلوى والعسل، والتِّرْمِذِيّ في "الشمائل"1 / 256 بشرح علي القاري. (ش) .
(5)
أخرجه البخاري 9 / 478 في الاطعمة: باب مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون. (ش) .
(6)
أخرجه البخاري 11 / 251 في الرقاق: باب كيف كان عيش النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومسلم (2972) في أول الزهد والرقائق. (ش) .
وكان يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويكون في مهنة أهله (1) . ويعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويجيب دعوة الغني والفقير، ويحب المساكين ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم، لا يحقر فقيرا لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه.
وكان يركب الفرس والبعير والبغلة والحمار، ويردف خلفه عبده أو غيره ولا يدع أحدًا يمشي خلفه ويقول: دعوا ظهري للملائكة. (2) .
وكان يلبس الصوف، وينتعل المخصوف. وكان أحب اللباس إليه الحبرة وهي من برود اليمن فيها حمرة وبياض.
وكان خاتمه من فضة، فصه منه، يلبسه في خنصره الايمن، وربما لبسه في الايسر.
وكان يعصب على بطنه الحجر من الجوع (3) . وقد أوتي بمفاتيح خزائن الارض كلها (4) . فأبى أن يقبلها، واختار الآخرة عليها.
(1) أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(20492) من طريق معمر، عن الزُّهْرِيّ، وهشام بْن عروة عَن أبيه قال: سأل رجل عائشة: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: نعم، كان رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته"وإسناده صحيح، وأخرج أحمد 6 / 256 بإسناد صحيح عن عائشة قالت: سئلت مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: كان بشرا من البشر يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه. (ش) .
(2)
أخرجه ابن سعد في "الطبقات"من حديث جابر بلفظ: امشوا أمامي"خلوا ظهري للملائكة"وأخرجه أحمد 3 / 302، وابن ماجة (246) في المقدمة من طريق وكيع، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر، بلفظ: كان أصحابه يمشون أمامه إذا خرج، ويدعون ظهره للملائكة". وإسناده صحيح كما قال البوصيري في "الزوائد": 19، وَقَال: رواه أحمد بن منيع في "مسنده"حَدَّثَنَا قبيصة، حَدَّثَنَا سفيان بن بلفظ: مشوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: امشوا أمامي، وخلفوا ظهري للملائكة". قلت: وهذا سند صحيح أيضا. وأخرجه أحمد 3 / 332، والحاكم 4 / 281 من طريق سفيان به بلفظ"كان إذا خرج من بيته، مشينا قدامه، وتركنا ظهره الملائكة". (ش) .
(3)
انظر البخاري (4101) في المغازي: باب غزوة الخندق، ومسلم 3 / 1614. (ش) .
(4)
في البخاري (2977) و (6998) و (7013) و (7273) ، ومسلم (523)(6) من حديث أبي هُرَيْرة مرفوعا"بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، فبينا أنا نائم أوتيت مفاتيح خزائن الارض، فوضعت في يدي"=
وكان يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة.
وكان أكثر الناس تبسما، وأحسنهم بشرا مع كونه متواصل الاحزان دائم الفكرة.
وكان يحب الريح الطيبة، ويكره الريح الخبيثة.
وكان يتألف أهل الشرف، ويكرم أهل الفضل، ولا يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويرى اللعب المباح فلا ينكره، ويمزح ولا يقول إلا حقا، ويقبل عذر المعتذر إليه.
وكان لا يرتفع على عُبَيده ولا إمائه في مأكل ولا ملبس، ولا يمضي له وقت في غير عمل لله، أو فيما لا بد له أو لاهله منه.
ورعى الغنم، وَقَال: ما من نبي إلا قد رعاها" (1) .
وَقَال سعد بن هشام: دخلت على عائشة فقلت: حدثيني عن خلق (2) رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت: كان خلقه القرآن (3) يغضب لغضبه ويرضى لرضاه.
وفي حديث أَنَس بْن مَالِك قال: ما مسست بيدي ديباجا ولا
= قال أبو هُرَيْرة: وأنتم اليوم تنتثلونها. وفي البخاري (1344) و (3596) و (4085) و (6426) و (6590) ، ومسلم (2296) مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خرج يوما، فصل على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني، والله، لانظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الارض، أو مفاتيح الارض، وإني، والله، ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها". (ش) .
(1)
أخرجه البخاري 4 / 363 في أول الامارة من حديث أبي هُرَيْرة، وأخرجه أحمد 3 / 326، ومسلم (2050) من حديث جابر بن عَبد الله. (ش) .
(2)
الخلق، بضم اللام وسكونها: السجية.
(3)
أخرجه أحمد 6 / 54 و91 و163، ومسلم (746) في صلاة المسافرين: باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، وأبو داود (1342) في الصلاة: باب في صلاة الليل، والنَّسَائي 3 / 199، 200 في أول قيام الليل، والدارمي 1 / 344، 345. (ش) .
حريرا كان ألين من كف رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولا شممت رائحة قط كانت أطيب من رائحة رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولقد خدمت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط.
ولا قال لشئ فعلته: لم فعلت كذا وكذا، ولا لشئ لم أفعله ألا فعلت كذا وكذا (1) .
قد جمع الله له كمال الاخلاق، ومحاسن الافعال، وآتاه علم الاولين والآخرين وما فيه خير الدنيا والآخرة، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب ولا معلم له من البشر، نشأ في بلاد الجهل وعبادة الاوثان، وآتاه الله ما لم يؤت أحدًا من العالمين واختاره على جميع الاولين والآخرين، فصلواته وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين صلاة دائمة إلى يوم الدين.
(1) أخرجه التِّرْمِذِيّ في "الشمائل"(338) من طريق قتيبة بْنُ سَعِيد، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمان الضُبَعِيُّ، عن ثَابِتٍ، عن أنس. وهذا سند صحيح.
وأخرج القسم الاول منه مسلم في "صحيحه"(2230) في الفضائل من طريق قتيبة بن سَعِيد به، وأخرج قوله: ولقد خدمت..إلى آخره"البخاري 10 / 283 في الادب: باب حسن الخلق، ومسلم (2309) في الفضائل من طرق، عن ثابت، عن أنس. (ش) .