الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(من أحكام الأيمان)
(اليمين المنعقدة واليمين اللغو)
33 -
(33) قوله جل جلاله: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 224].
قال ابنُ عباسٍ: لا تجعلوا اللهَ حُجَّةً إذا (1) كانَ الحِنْث خيراً (2)، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنِّي واللهِ، إنْ شاء اللهُ، لا أَحْلِفُ على يَمينٍ، فأَرى غيرَها خيراً منها، إلا أتيتُ الذي هو خيرٌ، وتَحَلَّلْتُها"(3).
وهذا الحكمُ مُتفَقٌ عليه (4).
وقيل: معنى الآية: ولا تجعلوا اللهَ بِذْلةً (5)، فتحلفوا به في كلِّ باطلٍ
(1) في "أ": "حيث".
(2)
رواه الطبري في "تفسيره"(2/ 401). وهو قول مجاهد وعطاء والربيع والنخعي وابن جبير والجمهور.
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 239)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 228)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 92).
(3)
رواه البخاري (5199)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: لحم الدجاج، ومسلم (1649)، كتاب: الأيمان، باب: ندب من حلف يميناً
…
، عن أبي موسى الأشعري.
(4)
قال ابن قدامة: أجمعت الأمة على مشروعية اليمين وثبوت أحكامها. انظر: "المغني"(13/ 435)، وانظر:"مراتب الإجماع" لابن حزم (ص: 255).
(5)
البذلة -بالكسر-: ما يلبس ويمتهن، ولا يصان من الثياب. انظر:"تاج العروس" للزبيدي (28/ 71).=
وحقٍّ (1)، ويروى عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-.
وهذا الحكمُ متفق عليه أيضاً، فيُكْرَهُ للرجل أن يُكْثِرَ الحَلفَ باللهِ في كلِّ شيء، وإن بَرَّ واتَّقى (2)، والله أعلم.
* * *
33 -
(33) قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 225].
* اللغو: هو ما يجري على اللسانِ من غير قصدٍ، نحو: لا والله، وبلى والله، وهكذا يروى تفسيرهُ عن عائشة -رضي اللهُ تعالى عنها- (3)، وبه أخذ الشافعيُّ -رحمه الله تعالى- (4).
- وقال أبو حنيفةَ ومالكٌ: هو أن يحلفَ على شيءٍ ظَنَّهُ كذلك، وأنه صادق فيه، فتبين له خلافه، فهو خطأ منه (5)، ولا إثم عليه، وروي هذا عن
= ووجه المنَاسبة بين المعنى اللغوي وما هنا: هو أنهم لم يصونوا الله تعالى، ولم يعظموه، فيحلفوا به كيفما كان.
(1)
ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن"(2/ 1/ 92)، ولم ينسبه لأحد.
(2)
قلت: لم أجد من نقل الاتفاق على كراهة كثرة الحلف، إلا أن ابن قدامة ذكر في "المغني" (13/ 439): يكره الإفراط في الحلف بالله تعالى.
(3)
رواه البخاري (4337)، كتاب: التفسير، باب:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} وانظر: "تفسير الطبري"(2/ 404).
(4)
وهو قول ابن عمر وابن عباس في رواية عنه، وسالم والشعبي وعطاء وأبي قلابة والنخعي وعكرمة والزهري والأوزاعي. انظر:"الاستذكار" لابن عبد البر (15/ 61)، و"معالم التنزيل" للبغوي (1/ 295)، و "زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 228)، و "المغني" لابن قدامة (13/ 449)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 94/1).
(5)
في "ب" زيادة: "غير عمد".
ابنِ عباسٍ والحسنِ والنخعيِّ والزُّهْري ومُجاهدٍ وقَتادةَ والرَّبيعِ والسُّدِّيِّ -رضي اللهُ تعالى عنهم- (1).
- ويروى عنِ ابنِ عباسٍ: أنه اليمينُ في حالِ الغضبِ والضَّجَرِ من غيرِ عَقْدٍ ولا عَزْمٍ. وهو قولُ عليٍّ -رضي الله تعالى عنه-، وطاوسٍ -رحمه الله تعالى- (2)؛ لما روي عنه صلى الله عليه وسلم:"لا يَمينَ في إغلاقٍ"(3).
- وقال بعضُ أهل العلم: هو ما يجبُ نقضُه؛ لأن اللغوَ واجبُ الرفع، فقال الشعبيُّ ومسروقٌ: هو أن يحلفَ على معصيةٍ، فلا يُكَفِّر، ويروى عن ابنِ عباس أيضاً (4).
(1) وهو قول الحنابلة أيضاً. انظر: "تفسير الطبري"(2/ 406)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (15/ 62)، و"معالم التنزيل" للبغوي (1/ 295)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 228)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 94).
وانظر: "رد المحتار" لابن عابدين (5/ 379)، و"الذخيرة" للقرافي (4/ 15)، و"المغني" لابن قدامة (13/ 451)، و"الإنصاف" للمرداوي (11/ 18).
(2)
انظر: "تفسير الطبري"(2/ 409)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (15/ 64)، و"معالم التنزيل" للبغوي (1/ 296)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 228).
(3)
لم أره هكذا. وقد روى ابن ماجه (2046)، كتاب: الطلاق، باب: طلاق المكره والناسي، والإمام أحمد في "المسند"(6/ 276)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(18038)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده"(4444)، والدارقطني في "سننه"(4/ 36)، والحاكم في "المستدرك"(2802)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 357)، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق".
قال الحافظ في "الفتح"(11/ 692): وللطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس رفعه: "لا يمين في غضب"، وسنده ضعيف.
(4)
وهو قول ابن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن وعبد الله وعروة ابني الزبير. انظر: "تفسير الطبري"(2/ 411)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (15/ 64)، =
- وقال ابنُ جُبَيْرٍ: هو أن يُحَرِّمَ حَلالاً، فلا يَأْثَمُ بِحِنْثِهِ، وسيأتي الكلامُ على مثلِه بهذه الآيةِ -إن شاءَ اللهُ تعالى- (1).
* * *
= و"معالم التنزيل" للبغوي (1/ 296) و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 95).
(1)
قلت: قول ابن جبير يرجع إلى القول السابق. انظر: "تفسير الطبري"(2/ 409)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (15/ 64)، و"معالم التنزيل" للبغوي (1/ 296)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 229).