الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(من أحكام الإمامة)
84 -
(26) قوله جل جلاله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء: 59].
* أمر الله سبحانه عباده بطاعتهِ وطاعةِ رسوله صلى الله عليه وسلم، روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"مَنْ أطاعَني فقدْ أطاعَ اللهَ، ومن يَعصْنِي فَقَدْ عَصى اللهَ، ومن يُطعِ الأميرَ فقدْ أطاعَني، ومن يَعْصِ الأميرَ فقدْ عَصاني"(1).
وذلك واجبٌ شرعاً لا عقلاً، خلافاً للمعتزلة (2).
* وقد اختلفتِ الصحابةُ والتابعونَ -رضي الله تعالى عنهم - في أولي الأمر.
فقال أبو هريرةَ، وابنُ عباسٍ في راويةِ عطاءٍ، وابنُ زيدٍ، والشافعيُّ، وجمُهورُ السَّلَفِ من المُحَدِّثين والفُقَهاء: هم الولاةُ والأمراءُ (3).
(1) رواه البخاري (2797)، كتاب: الجهاد، باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به، ومسلم (1835)، كتاب: الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء في غير معصيه، وتحريمها في المعصية، عن أبي هريرة.
(2)
انظر: "المواقف" للإيجي (3/ 574).
(3)
انظر: "تفسير الطبري"(5/ 145)، "الأم" للشافعي (1/ 159)، و"المدخل إلى السنن الكبرى" للبيهقي (ص: 212)، و"شرح مسلم" للنووي (12/ 223)،=
وقال جابرٌ، وابنُ عباس -في رواية الوالِبي-، ومجاهدٌ، والحسنُ، والضحاكُ، ومالكٌ: همُ الفُقَهاءُ والعُلَماء الذين يُعَلِّمونَ الناسَ مَعِالِمَ دينهِم؛ استدلالاً بقوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (1)[النساء: 83].
وأيَّ الأمرين كان، فهو واجبٌ إجماعاً.
* فإن أجمعَ العُلماءُ على حُكْمٍ، وَجَبَ على العامَّةِ اتِّباعُه.
وإنِ اختلفوا، وَجَبَ عليهمُ اتِّباعُ أحدِهم.
وهل يجبُ عليهم اتِّباعُ الأفضل؟ فيه خلاف.
* وإن كانَ خليفةٌ إما بإجماعٍ من ذوي الحَلِّ والعقدِ، أو باستخلافٍ، أو باستيلاءٍ وقهرٍ، وجبَ على الكافَّةِ طاعتُه.
روى أنسٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قالَ لأبي ذر: "اسْمَعْ وأَطِعْ ولو لعبدٍ حَبِشيٍّ كانَّ رأسَهُ زَبيبةٌ"(2).
وأطلق الله سبحانه وجُوب طاعتهِ على أيِّ حالٍ كان، سواء كان عدلاً أو فاسِقاً، ظاهراً أو خامِلاً، عادِلاً أو جائِراً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألَا مَنْ وَلِيَ عليهِ والٍ، فرآه يأتي شيئاً منْ معصيةِ الله، فَلْيَكْرَهْ ما يَأْتى من مَعْصِيَةِ الله، ولا يَنْزِعنَّ يداً عن طاعةِ الله"(3)، خرجه مسلم.
= و"فتح الباري" لابن حجر (13/ 111).
(1)
انظر: "تفسير الطبري"(5/ 149)، و "تفسير ابن أبي حاتم"(3/ 988)، "أحكام القرآن" للجصاص (3/ 177)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 573)، و"رد المحتار" لابن عابدين (6/ 460).
(2)
رواه البخاري (664)، كتاب: الجماعة والإقامة، باب: إمامة المفتون والمبتدع، دون قوله:"العبد".
(3)
رواه مسلم (1855)، كتاب: الإمارة، باب: خيار الأئمة وشرارهم، عن=
وهذا إجماعٌ، حتى قال: الفقهاءُ: يجبُ طاعتهُ ولو كانَ مأسوراً في يدِ العدوِّ، بل يجبُ على الكافة استِنْقاذُه، إما بِحَرْبٍ، أو مالٍ، وإن تعسَّرَ (1) عليهم أمرُه، أجمعوا على نائب له (2).
* وبيَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنه لا يَجِبُ على المؤمن طاعةُ الأميرِ في معصيةِ الله سبحانه (3).
روى عبدُ الله بنُ عمرَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "السَّمْعُ والطاعَةُ على المرءِ المُسلم فيما أَحَبَّ وكَرِهَ، ما لم يُؤْمَرْ بِمَعْصِيةٍ، فإذا أُمِرَ بَمعْصِيةٍ، فلا سمعَ ولا طاعةَ"(4).
= عوف بن مالك الأشجعي.
(1)
في "ب": "تعذَّر".
(2)
انظر: "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص: 22)، و"مغني المحتاج" للشربيني (4/ 133)، و "غياث الأمم" للجويني (ص: 89)، و "أسنى المطالب شرح روض الطالب" لزكريا الأنصاري (4/ 111)، و"رد المحتار" لابن عابدين (5/ 422).
(3)
انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 16)، و "شرح السنة" للبغوي (10/ 43)، و"المحلى" لابن حزم (1/ 46).
(4)
رواه البخاري (6725)، كتاب: الأحكام، باب: السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، ومسلم (1839)، كتاب: الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء في غير معصية.