المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(من أحكام المواريث) - تيسير البيان لأحكام القرآن - جـ ٢

[ابن نور الدين]

فهرس الكتاب

- ‌(من أحكام الأيمان)

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌(عدد الطلاق التي يملك الزوج فيها الرجعة)

- ‌(أحكام الخلع)

- ‌(النَّهي عن مضارَّة المطلقة)

- ‌(النهى عن عَضْل المطلقات)

- ‌(من أحكام الرضاع)

- ‌(عدة المتوفى عنها زوجها)

- ‌(التعريض بخطبة المعتدَّة)

- ‌(طلاق المفوّضة)

- ‌(حكم المطلقة قبل المس وبعد الفرض)

- ‌(الصلاة الوسطى، وصلاة الخوف)

- ‌(عدَّةُ المتوفَّى عنها)

- ‌(متعة المطلقة)

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام الزكاة)

- ‌(صدقة التطوع)

- ‌(تحريم الرِّبا)

- ‌(وجوبُ تركِ التَّعامُل بالرِّبا)

- ‌(المُداينة)

- ‌(الرَّهن)

- ‌سُورَةُ آلَ عِمْرَانَ

- ‌(النَّهي عن اتخاذ الكافرين أولياء)

- ‌(فَرضُ الحجِّ)

- ‌(الشوري)

- ‌سُورَةُ النِّسَاءِ

- ‌(من أحكام اليتامي)

- ‌(من أحكام المواريث)

- ‌(من أحكام الوصية)

- ‌(من أحكام المواريث)

- ‌(من أحكام الحدود)

- ‌(من أحكام التوبة)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام البيوع)

- ‌(من أحكام القضاء)

- ‌(من أحكام المواريث)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام الطهارة والصلاة)

- ‌(من أحكام الإمامة)

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام السَّلام)

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام القصاص والديات)

الفصل: ‌(من أحكام المواريث)

(من أحكام المواريث)

64 -

(5) قوله جل جلاله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)} [النساء: 7].

* بيَّن الله سبحانه في هذه الآية أن للرجالِ وللنساء نصيبًا، ولم يبينْ مقداره.

فروي عن يونسَ بنِ عبدِ الأعلى قال: قال لي الشافعي في قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} نُسخ بما جعل للذكر والأنثى من الفرائض (1).

وهذا القولُ ضعيفٌ؛ لأن الحكمَ لم يتقررْ بالنصيب، ومقداره لم يَرِدْ حكمٌ آخرُ يناقضه، وإنما هو مجملٌ في المقدار، ثم بَيَّنه الله تعالى في آية المواريث (2).

(1) انظر: "أحكام القرآن" للكياالهراسي (1/ 146 - 147). وانظر: "الناسخ والمنسوخ" لابن العربي (2/ 146)، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص: 253).

(2)

في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ

...

... .} الآية. [النساء: 11]، وانظر ردًا مشابهًا لهذا في:"الناسخ والمنسوخ" لابن العربي (2/ 146)، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص: 253).

ص: 247

قال ابن عباسٍ في رواية الوالبي: إن أوسَ بنَ ثابتٍ الأنصاريَّ تُوفي وتركَ ثلاثَ بناتٍ وامرأةً يقال لها أم كُجَّة، فقام رجلان من بني عمه، فأخذا المالَ ولم يعطيا امرأته ولا بناته شيئًا، فجاءت أُمُّ كُجَّةَ (1) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرت له ذلك، فنزلت هذه الآية (2).

ويروى: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُفَرِّقا مالَهُ حَتَّى يَنْزِلَ بَيانُ النَّصيب"، فنزل:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ} (3).

* * *

65 -

(6) قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء: 8].

* لمَّا أمرنا اللهُ سبحانه برزق ذَوي القربى واليتامى والمساكين إذا حضروا القسمةَ رزقًا غيرَ مقدَّرٍ، اختلف العلماء في العملِ بهذه الآيةِ والجوابِ عنها، وتشعبت بهم الطرقُ:

1 -

فقال قوم: هي منسوخة (4)، واختلفوا في الناسخ لها:

(1) أم كُجَّة: بضم الكاف وتشديد الجيم. انظر: "الإصابة" لابن حجر (8/ 286).

(2)

ذكره الحافظ ابن حجر في "الإصابة في تمييز الصحابة"(8/ 284)، ونسبه إلى الكلبي في تفسيره. وانظر:"أسباب النزول" للواحدي (ص: 137)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (2/ 87)، و "لباب النقول" للسيوطي (ص: 97).

(3)

رواه أبو نعيم وأبو موسى المديني، وفي إسناده ضعف، كما قال الحافظ في "الإصابة"(8/ 284). وانظر الكلام عن وجوه الحديث الأخرى عنده، فقد أطال رحمه الله في بيانه.

(4)

وهو قول ابن عباس وابن المسيب ومجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة في آخرين: انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: 91)، و "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: 210)، و "نواسخ القرآن" (ص: 255)، و"زاد المسير" كلاهما لابن الجوزي (2/ 89).

ص: 248

- فقيل: إنها منسوخةٌ بآية المواريث (1).

وقيل: نسختها آيةُ المواريثِ والوصية (2)، ويروى عن ابنِ عباسٍ، وعطاءٍ، والضَّحَّاكِ، والسُّدِّيِّ، وعكرمةَ، وابنِ المسيِّب.

- وقيل: نسختها آية (3) الزكاةُ، ويروى (4) عن الحسنِ (5).

والقولُ بالنسخ ضعيفٌ؛ لعدم العلم بتقدم هذه الآية على الناسخ الذي ذكروه (6)، وتقدمُه في الترتيبِ لا يوجبُ تقدمَه في التنزيل، ولعدمِ المعارضَةِ بينهما وبين الناسخ (7) الذي ذكروه (8)، نعم إن ثبت النسخُ بنقلٍ عن الشارع صلى الله عليه وسلم، فحينئذ يعلم أن الأمرَ على الوجوب، وأنه قد استقرَّ حكمُه حتى ورد عليه ما نسخه.

2 -

وقال جمهورُهم؛ كعائشةَ وأبي موسى: هي محكَمَةٌ غيرُ منسوخة (9).

(1) وهو قول ابن عباس وأبي مالك والضحاك والسدي وعكرمة. انظر: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخة" لمكي (ص: 210)، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص:255).

(2)

وهو قول ابن المسيب. انظر: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخة" لمكي (ص: 210)، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص: 256).

(3)

"آية" ليست في "أ".

(4)

في "أ": "وروي".

(5)

انظر: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: 210).

(6)

في "أ": "ذكره".

(7)

في "أ": "النسخ".

(8)

وانظر الردَّ على القول بالنسخ في: "الناسخ والمنسوخ" لابن العربي (1/ 147).

(9)

وهو قول ابن عباس -فيما صحَّ عنه- والحسن وأبي العالية والشعبي وعطاء وابن جبير ومجاهد والنخعي والزهري وغيرهم. انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس =

ص: 249

وهو الصحيحُ في النقل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

روينا في "صحيح البخاري" عن عكرمةَ عن ابنِ عباس قال: هي محكمةٌ وليست بمنسوخة، وتابعه سعيدٌ عن ابنِ عباسٍ (1).

ثم اختلف هؤلاءِ:

- فذهب قومٌ إلى التأويل: عن ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-: أنه قال: هي مخاطبة للمُوصي يقسم وصيته بيده على الندب والترغيب في ذلك (2).

- وتركه قومٌ على ظاهره.

ثم اختلف هؤلاء أيضًا:

فحمله قومٌ على الوجوب بظاهرِ الأمرِ، فقالوا: تجب الصلةُ بما طابتْ به أنفسُ الورثةِ عند القسمة، وروي عن مجاهدٍ، والحسنِ، والزهري (3).

وروي أن ابن عُلَيَّةَ نُصِّبَ وصياً ليتيم، فذبح لمن حضره شاةً، وقال: لولا هذه، لكانت في مالي (4).

= (ص: 92)، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: 210)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (2/ 89).

(1)

رواه البخاري (4300)، كتاب: التفسير، باب:{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ} .

(2)

انظر: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: 210).

(3)

انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: 92)، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: 211)، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص: 255).

(4)

رواه ابن جرير الطبري (4/ 268)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 874)، عن ابن علية، عن يونس في قوله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ

}، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة: أنه ولي وصيته، فأمر بشاة فذبحت، وصنع طعاماً لأجل هذه =

ص: 250

وهذا القولُ ضعيفٌ؛ لأن ما يجب لا يشترط فيه طيبةُ أنفسِ الوَرَثَةِ، فقد لا تطيبُ أصلًا، وقد يكونون أيتاماً لا يتصور طيبُ أنفُسِهم، بل هذا من خصائصِ المندوبِ إليه.

والذي ذهب إليه مالكٌ والشافعيُّ وأكثرُ أهل العلم أن الآيةَ مُحكَمَة محمولةٌ على الندبِ والاستحبابِ، لا الحَتْم والإيجاب، وهو قولُ ابنِ جُبير وعطاءٍ، ويروى عن ابنِ عباسٍ ومجاهدٍ -رضي الله تعالى عنهم (1) -.

والدليل على صحته إجماعُ الأمةِ على أنهم إذا لم يحضروا القسمة لا يُرزقونَ شيئًا؛ كما اقتضاهُ الخطابُ في الآية، ولو كان واجبًا لوجبَ لهم، وإن لم يحضروا؛ كسائر الفرائضِ الواجباتِ، ولأنه لو كان واجبًا لكان مُقَدَّرًا محدودًا؛ كسائر الفرائض، فدلَّنا ذلك أنه على الندب (2).

= الآية، وقال: لولا هذه الآية، لكان هذا من مالي، وقد رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(30890) من غير طريق ابن علية، عن عبيدة. فالكلام هو لعبيدة السلماني، وليس لابن علية كما ذكر المصنف، والله أعلم.

(1)

وهو قول عبيدة وعروة ومجاهد والشعبي وغيرهم. انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: 92)، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: 210)، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص: 255).

(2)

وانظر ما يؤيد قول المصنف رحمه الله في: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: 211)، و"الناسخ والمنسوخ" لابن العربي (1/ 147).

ص: 251