المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(التعريض بخطبة المعتدة) - تيسير البيان لأحكام القرآن - جـ ٢

[ابن نور الدين]

فهرس الكتاب

- ‌(من أحكام الأيمان)

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌(عدد الطلاق التي يملك الزوج فيها الرجعة)

- ‌(أحكام الخلع)

- ‌(النَّهي عن مضارَّة المطلقة)

- ‌(النهى عن عَضْل المطلقات)

- ‌(من أحكام الرضاع)

- ‌(عدة المتوفى عنها زوجها)

- ‌(التعريض بخطبة المعتدَّة)

- ‌(طلاق المفوّضة)

- ‌(حكم المطلقة قبل المس وبعد الفرض)

- ‌(الصلاة الوسطى، وصلاة الخوف)

- ‌(عدَّةُ المتوفَّى عنها)

- ‌(متعة المطلقة)

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام الزكاة)

- ‌(صدقة التطوع)

- ‌(تحريم الرِّبا)

- ‌(وجوبُ تركِ التَّعامُل بالرِّبا)

- ‌(المُداينة)

- ‌(الرَّهن)

- ‌سُورَةُ آلَ عِمْرَانَ

- ‌(النَّهي عن اتخاذ الكافرين أولياء)

- ‌(فَرضُ الحجِّ)

- ‌(الشوري)

- ‌سُورَةُ النِّسَاءِ

- ‌(من أحكام اليتامي)

- ‌(من أحكام المواريث)

- ‌(من أحكام الوصية)

- ‌(من أحكام المواريث)

- ‌(من أحكام الحدود)

- ‌(من أحكام التوبة)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام البيوع)

- ‌(من أحكام القضاء)

- ‌(من أحكام المواريث)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام الطهارة والصلاة)

- ‌(من أحكام الإمامة)

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام السَّلام)

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام القصاص والديات)

الفصل: ‌(التعريض بخطبة المعتدة)

(التعريض بخطبة المعتدَّة)

43 -

(43) قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 235].

* عفا اللهُ سبحانه وتعالى في هذه الآية عَمَّا يكتمه الرجل ويُكِنُّه في نفسه من نكاح المعتدَّةِ، وأحلَّ التعريضَ بخِطبة (1) النساء في حالِ العدَّةِ، وذلك عامٌّ فيهن، ما خلا الرجعيةَ؛ فإنه لا يجوز (2) التعريضُ بخطبتِها؛ لأنها في معنى الزوجة (3).

فإن قلتم: فما دَلَّكَ على ذلك؟ ولعل الخطابَ خاصٌّ بالمتوفَّى عنهن (4)؛ كما قاله الشافعي؛ حيث قال: العدةُ التي أذن الله سبحانه بالتعريض بالخطبة فيها العدةُ من وفاة الزوج، فلا أحب ذلك في العدَّة من

(1) في "أ": "لخطبة".

(2)

في "أ": "يجوز" وهو خطأ.

(3)

انظر: "الأم" للإمام الشافعي (5/ 39)، و"معالم التنزيل" للبغوي (1/ 318)، و"المغني" لابن قدامة (9/ 572)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 172).

(4)

في "أ": "عنهن".

ص: 96

الطلاق (1)، احتياطًا (2). ولعله استأنسَ بتعقيب ذكر الخِطْبة بعد ذكر عدتهنَّ.

قلت: دلَّني في المبتوتة ما رويناه في "الصحيحين": أن فاطمةَ بنتَ قيسٍ طلقها زوجُها عمرُ بنُ حفصٍ البْتَّةَ، وهو غائبٌ، فأرسلَ إليها وكيلُه بشعيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فقال: واللهِ مالكِ علينا من شيء، فجاءت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال:"ليسَ لكِ عليهِ نفقة"، فأمرها أن تعتدَّ في بيتِ أم شريكٍ، ثم قال:"تلك امرأةٌ يغشاها أصحابي، اعتدِّي عندَ ابنِ أمِّ مَكْتومٍ، فإنه رجلٌ أعمى، تضعينَ ثيابَكِ عنده، فإذا حَلَلْتِ فآذِنيني"، قالت: فلما حللتُ، ذكرتُ له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جَهْمٍ، خَطَباني، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أما أبو جَهْمٍ، فلا يَضَعُ عَصاهُ عن عاتِقِه، وأما معاويةُ فصُعْلوكٌ لا مالَ لهُ، انكِحي أسامةَ بنَ زيدٍ"، فكرهته، ثم قال:"انْكِحي أُسامَةَ"، فنكحتُه، فجعل الله فيه خيرًا، فاغتبطتُ (3)(4).

* وأما البائنُ فالقياسُ على المَبْتوتَةِ (5)، لانقطاع عصمة النكاح منها.

وبهذا قال الشافعيُّ في أَصَحِّ قَوْلَيهِ (6).

(1) أي: الَّذي لا يملك فيه الرجعة، كما في "الأم"(5/ 40).

(2)

انظر: "الأم" للإمام الشافعي (5/ 39 - 40).

(3)

في "ب": "فاغتبطت به".

(4)

رواه مسلم (1480)، كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، عن فاطمة بنت قيس.

(5)

البائن: من انتهت عدتها بطلقة أو طلقتين، أو المخالعة، ويحل للزوج نكاحها بعقد جديد.

أما المبتوتة: فهي من بتَّ الزوج - أي: قطع - نكاحها منه، وهي المطلقة ثلاثًا.

(6)

وهذا هو المعتمد عند الشافعية، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة.

انظر: "الهداية" للمرغيناني (2/ 631)، و"التفريع" لابن الجلاب (2/ 59)، =

ص: 97

* والتعريضُ: أن يقول: رُبَّ راغب فيكِ، وإذا حَلَلْتِ فآذِنيني، وما أشبهه.

* ونهى عن (1) مواعدتهنَّ سِرًّا.

وقد اختلفَ أهلُ العلمِ في تفسيره؛ لتعارض المفاهيم:

- فقال بعضهم: هو التصريحُ بالخِطبة، والمواعدةُ على النكاح بأخذِه ميثاقَها في خُفْيَةٍ على أن تنكحَه، ولا تنكِحَ غيره (2)، فلا (3) يصرح بخطبتها؛ لأن الله سبحانه أحلَّ التعريضَ، ورفعَ الجُناح (4) فيه، فدلَّنا على أن التصريح غيرُ جائز (5).

ولكن هذا المفهومَ يعارضه مفهومُ قوله: {سِرًّا} فإنه يقتضي جوازَ المواعدةِ جَهْرًا، وبهذا (6) فسره داود، فحرَّمَ الخِطبة سرًّا، وأباحها علانيةً (7).

= و"مغني المحتاج" للشربيني (4/ 219)، و"شرح الزركشي على الخرقي"(5/ 198).

(1)

"عن" ليست في "أ".

(2)

وهو قول جمهور أهل العلم. انظر: "تفسير الطبري"(2/ 523)، و"معالم التنزيل" للبغوي (1/ 318)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 245)، و"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 131)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 174).

(3)

في "ب": "ولا".

(4)

في "ب": "الحرج".

(5)

كأن المعنى: قد منعتم التصريح بالنكاح وعقدِه، وأذن لكم في التعريض، فإياكم أن يقع بينكم مواعدة في النكاح، حين منعتم العقد فيه. كما قاله ابن العربي في "أحكام القرآن"(1/ 287).

(6)

في "ب": "وهكذا".

(7)

نسبه إلى داود وأهل الظاهر الماورديُّ في "الحاوي"(9/ 249)، لكن الَّذي قاله ابن حزم في "المحلى" (10/ 35): ولا يحل التصريح بخطبة امرأة في عدتها، =

ص: 98

- وفسره الحسنُ، وقتادةُ، والضحاك، والربيعُ والنخعيُّ، بالزنى (1)، وربما أعطاه كلام الشافعي.

- وذكر بعضُهم أن الشافعيَّ فسره بالجِماع مثل أن يصف نفسه به، فيقولَ: عندي جماعٌ يصلح لمَنْ جومِعَتْ، وأنشد فيه قولَ امْرِئ القيسِ:[البحر الطويل]

لَقَدْ زَعَمَتْ بَسْباسَةُ اليَومَ أَنَّني

كبِرْتُ وأَنْ لا يُحْسِنُ السِّرَّ أَمثْالي (2)

وكأنه أراد ذكره مع التصريح بالخِطبة، وأما مجردُ ذكرِه، فليس بحرامٍ، ولا مُواعَدَة.

وأشهرُ هذه الأقوال هو الأولُ (3)؛ لأن الله سبحانه حظرَ ذلك خشيةَ الحِرْصِ منها على الإخبارِ بانقضاء العدَّة قبل أَجَلِها، وهو تفسيرُ ابنِ عباس، وابنِ جُبَيْرٍ، ومُجاهدٍ، وعِكرمةَ، والسدِّي، وبه قال الشعبيُّ ومالكٌ (4)، ويكون الاستثناء من قوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235]

= وجائز أن يعرض لها بما تفهم به أنَّه يريد نكاحها

، فأباح تعالى التعريض ومنع من المواعدة سرًا.

(1)

وهو قول السدي وجابر بن زيد وأبي مجلز، واختاره الطبري، وروي عن ابن عباس. انظر:"تفسير الطبري"(2/ 523)، و"الحاوي" للماوردي (9/ 249)، و"معالم التنزيل" للبغوي (1/ 318)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 245)، و"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 131)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 174).

(2)

انظر: "خزانة الأدب" للبغدادي (1/ 28)، ويروي البيت:

ألا زعمت بسباسة اليوم أنني

كبرت وأن لا يحسن اللهو أمثالي

وهو قوله في "الأم"(5/ 39). وقد نقله عنه الماوردي في "الحاوي"(9/ 247)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(10/ 130).

(3)

ورجحه الجصاص في "أحكام القرآن"(2/ 131).

(4)

كما مرَّ قريبًا.

ص: 99

على هذا متصلاً؛ لأن القولَ بالمعروفِ هو التعريضُ الذي أحلَّه الله تعالى.

وأما على قول من فسره بالزنى، أو فسره بذِكْر الجماع، فيكون منقطعاً؛ لأنه ليس بقولٍ معروفٍ حتى يستثنى منه معروفٌ (1).

* ثم حَرَّم الله سبحانه عقدَ النكاح حتى يبلغ الكتابُ أجله، فلا يجوز أن يعقدَ، ويعلق (2) الإجازةَ على انقضاء الأجل، وهذا إجماع من المسلمين (3).

* فإن قلتم: فإذا خالفَ نهيَ الله سبحانه، وخطب في العِدَّة، ونكحَ بعدَها، أو نكحَ في العِدَّةِ، فما الحكمُ؟

قلنا: اختلفَ العلماء (4) في ذلك.

- أما إذا خطب في العِدَّة، ونكحَ بعدها، فالنكاحُ صحيحٌ عند الشافعيِّ وأبى حنيفةً (5).

وقال مالكٌ في روايةِ ابنِ وهبٍ: فراقُها أحبُّ إلي، دخلَ بها أو لم يدخلْ.

(1) وقد جعله الطبري في "تفسيره"(2/ 526) استثناء منقطعاً؛ لأنه استثنى القول المعروف مما نهى عنه من مواعدة الرجل امرأة السر، وهو من غير جنسه.

وأبى ذلك الزمخشري في "الكشاف"(1/ 460) فقال: ولا يجوز أن يكون استثناء منقطعاً من {سِرًّا} ؛ لأدائه إلى قولك: لا تواعدوهن إلا التعرض.

وردَّ عليه أبو حيان في "البحر المحيط"(2/ 523 - 525)، وقرَّر أنه استثناء منقطع.

(2)

"ويعلق" زيادة من "ب".

(3)

انظر: "مراتب الإجماع" لابن حزم (ص: 136)، و"المغني" لابن قدامة (11/ 237)، و"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 133).

(4)

في "ب": "أهل العلم".

(5)

وهو مذهب الحنابلة. انظر: "الحاوي" للماوردي (9/ 250)، و"المغني" لابن قدامة (9/ 574).

ص: 100

وقال في رواية أَشهبَ: إنه يفرَّقُ بينهما وجوباً (1)، وهذه قاعدة مَذْهبِه (2)، فالنهيُ يقتضي الفسادَ عندَه مُطْلَقاً.

- وأما إذا نكحها في العِدَّةِ، فيفرق بينَهما عند الشافعيِّ، حتى إذا انقضتْ عِدَّتُها، كان خاطباً من الخُطَّاب، وحلَّت له.

وبه قال أبو حنيفةَ والثوريُّ (3)، سواءٌ دخل بها، أو لا؛ قياساً على ما لو زنى بها، فإنه يحلُّ له نكاحها، وهو قولُ عليٍّ وابنِ مسعود -رضي الله تعالى عنهما- (4).

وقال مالك: إن دخل بها في العدَّة، فإنها لا تحلُّ له أبداً، وبه قال الليثُ والأوزاعيُّ وأحمدُ (5)، واستدلوا يقول عمرَ -رضي الله

(1) حكى هاتين الروايتين ابنُ رشد في "المقدمات الممهدات"(1/ 520)، وابن العربي في "أحكام القرآن"(1/ 289)، والقرافي في "الذخيرة"(4/ 195).

ورواية أشهب هي العمدة في المذهب. انظر: "حاشية الدسوقي"(2/ 343).

(2)

وهي أن الوسائل لها حكم المقاصد، فالمحرم المقصود هنا هو اختلاط الأنساب باجتماع المائين من الزوج السابق واللاحق، والعقد حرام تحريم الوسائل؛ لإفضائه إلى الوطء، والتصريح كذلك؛ لإفضائه للعقد، فهو وسيلة الوسيلة.

إذن فهو من باب سد الذرائع الذي اشتهر به المالكية. وانظر: "الذخيرة" للقرافي (4/ 193).

أو يقصد قوله الآتي: فالنهي يقتضي الفساد عنده مطلقاً.

(3)

وهو قول الحنابلة والجمهور. انظر: "رد المحتار" لابن عابدين (5/ 160)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (3/ 1014)، و"الحاوي" للماوردي (11/ 288)، و"البيان" للعمراني (11/ 101)، و"المغني" لابن قدامة (11/ 239).

(4)

رواه عبد الرزاق في "المصنف"(10532)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(19006)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(11/ 226) عن علي رضي الله عنه.

ورواه عبد الرزاق في "المصنف"(10533) عن ابن مسعود رضي الله عنه.

(5)

وبه قال جماعة من أهل المدينة. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (16/ 218)،=

ص: 101

تعالى عنه-: لا يجتمعان أبداً (1).

- وإن دخلَ بها بعدَ انقضاء العدةِ، فقال قومٌ بتأبيد التحريم، وقال آخرون: لا يتأبد، وعن مالك قولان (2).

= و"بداية المجتهد" لابن رشد (3/ 1014)، و"الذخيرة" للقرافي (4/ 193)، و"حاشية الدسوقي"(2/ 345).

والمعتمد عند الحنابلة هو القول الأول الموافق للشافعي. انظر: "الإنصاف" للمرداوي (9/ 299).

(1)

رواه الإمام مالك في "الموطأ"(2/ 536)، وعبد الرزاق في "المصنف"(10539) عن سعيد بن المسيب، وعن سليمان بن يسار: أن طليحة الأسدية كانت تحت رشيد الثقفي، فطلقها، فنكحت في عدتها، فضربها عمر بن الخطاب، وضرب زوجها بالمخفقة ضربات، وفرق بينهما، ثم قال عمر بن الخطاب:"أيما امرأة نكحت مع عدتها، فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها، فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، ثم كان الآخر خاطباً من الخطّاب. وإن كان دخل بها، فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم اعتدت من الآخر، ثم لا يجتمعان أبداً".

وروي عن عمر أنه رجع إلى قول علي، كما ذكر ذلك البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(11/ 226)، وابن عبد البر في "الاستذكار"(16/ 222).

(2)

هذه المسألة مشابهة للمسألة السابقة لها، والحكم فيهما واحد، بل هذه أولى بالحل عند من يقول بأنها تحل لمن نكحها في العدة إذا فرق بينهما ثم أراد أن ينكحها بعد العدة، وهو قول الجمهور كما تقدم.

ولم أجد من قال بتأبيد التحريم في هذه الصور ما عدا الإمام مالك، فإن له قولين:

الأول: أنه يفرق بينهما، ويتأبد تحريمها عليه.

والرواية الأخرى: أنه لا يتأبد تحريمها وينكحها إن شاء. كما في "التفريع" لابن الجلاب (2/ 60)، و "الذخيرة" للقرافي (4/ 193).

والرواية الأولى -وهي تأبيد التحريم- هي المعتمدة في المذهب. انظر: "حاشية الدسوقي"(2/ 346).

ص: 102