المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(من أحكام الأيمان)

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌(عدد الطلاق التي يملك الزوج فيها الرجعة)

- ‌(أحكام الخلع)

- ‌(النَّهي عن مضارَّة المطلقة)

- ‌(النهى عن عَضْل المطلقات)

- ‌(من أحكام الرضاع)

- ‌(عدة المتوفى عنها زوجها)

- ‌(التعريض بخطبة المعتدَّة)

- ‌(طلاق المفوّضة)

- ‌(حكم المطلقة قبل المس وبعد الفرض)

- ‌(الصلاة الوسطى، وصلاة الخوف)

- ‌(عدَّةُ المتوفَّى عنها)

- ‌(متعة المطلقة)

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام الزكاة)

- ‌(صدقة التطوع)

- ‌(تحريم الرِّبا)

- ‌(وجوبُ تركِ التَّعامُل بالرِّبا)

- ‌(المُداينة)

- ‌(الرَّهن)

- ‌سُورَةُ آلَ عِمْرَانَ

- ‌(النَّهي عن اتخاذ الكافرين أولياء)

- ‌(فَرضُ الحجِّ)

- ‌(الشوري)

- ‌سُورَةُ النِّسَاءِ

- ‌(من أحكام اليتامي)

- ‌(من أحكام المواريث)

- ‌(من أحكام الوصية)

- ‌(من أحكام المواريث)

- ‌(من أحكام الحدود)

- ‌(من أحكام التوبة)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام البيوع)

- ‌(من أحكام القضاء)

- ‌(من أحكام المواريث)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام الطهارة والصلاة)

- ‌(من أحكام الإمامة)

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام السَّلام)

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام القصاص والديات)

الفصل: ‌(من أحكام الوصية)

(من أحكام الوصية)

66 -

(7) قوله عز وجل: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9].

* أمر الله سبحانه حاضرَ المُوصي أن يعدلَ في تلقينه بالوصية كما يعدل هو في وصيته لو كان هو الموصي (1) يورثُ ولدَه، وليتقِ الله سبحانه، فلا يتجاوزِ الثلثَ، وليقلْ قولًا سديداً، أي: صوابًا، وهو التلقين (2) بما دونَ الثلث، فالمقصودُ بالخطابِ الحاضرون (3).

(1) في "ب" زيادة: "لسرّه أن يحثه من بحضرته على حفظ ماله لولده، ولا يدعهم عالة مع ضعفهم وعجزهم". قلت: وهذه الزيادة منقولة عن "معالم التنزيل" للبغوي (1/ 573) بحروفها.

(2)

في "ب": "التعيين".

(3)

هذا أحد الأقوال الثلاثة في المسألة:

فأول الأقوال: ما ذكره المصنف على اختلاف بينهم فيما هو المراد بالوصية، وهذا القول هو قول ابن عباس والحسن وابن جبير ومجاهد وقتادة والضحاك والسدي ومقاتل في آخرين.

ثانيها: هو خطاب لأولياء اليتامى؛ فالمعنى: أحسنوا فيمن وليتم من اليتامى، كما تحبون أن يحسن ولاة أولادكم بعدكم. وروي عن ابن عباس وابن السائب.

وثالثها: خطاب للأوصياء، أمروا بأداء الوصية على ما رسم الموصي، مثلما ترعى الذرية الضعاف من غير تبديل. انظر:"أحكام القرآن" لابن العربي =

ص: 252

قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- في رواية عطاء: كان الرجلُ إذا حضرته الوفاةُ، قعدَ عنده أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: انظر لنفسك؛ فإن ولدك لا يغنون عنك من الله شيئًا، فيقدم جُلَّ ماله، ويحجُبُ ولدَه، وهذا قبل أن تكونَ الوصيةُ في الثلث، فكرهَ اللهُ ذلك منهم، فأنزل:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا} (1).

فإن قلتم: إذا كان الخطابُ مع حاضري الموصي، والنهيُ لهم، فمقتضى هذا أن الموصيَ إذا جاوزَ الثلثَ بوصيته لا إثم عليه؛ لأن النهي لم يواجهه، وإن وصيته صحيحة؛ إذ لو لم يصحَّ لما حذر الحاضرين من ذلك.

قلنا: إذا فعل ذلكَ، فهو مأثومٌ، ووصيتُه غيرُ صحيحة؛ لبيان النبي صلى الله عليه وسلم.

روينا في "الصحيحين" عن سعد بن أبي وَقّاصٍ قال: جاءني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعودُني عامَ حجةِ الوداع من وَجَعٍ (2) اشتدَّ بي، فقلت: يا رسول الله! قد بلغَ بي من الوجَعِ ما ترى، وأنا ذو مالٍ، ولا يرثنُي إلا ابنةٌ، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال:"لا" قلت: فالشطر يا رسول الله؟ فقال (3): "لا"، قلت: فالثلث؟ قال: "الثُّلُثُ، والثلُثُ كثير، إنكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِياءَ خير مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عاَلة يَتكفَّفُونَ النَّاسَ"(4).

= (1/ 429)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (2/ 89)، و"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 370)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (3/ 1/ 46).

(1)

رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(4/ 269)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 876 - 877)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 280).

(2)

في "ب": "ألم".

(3)

في "ب": "قال".

(4)

تقدم تخريجه.

ص: 253

والنهي يقتضي التحريمَ والفسادَ على قولِ أكثرِ الأصوليين، ولأنه صلى الله عليه وسلم لما بلغ الثلث، وأجازه مع استكثاره له وكراهته الوصية به، ومحبته لِما هو دونه؛ حيث قال:"الثلثُ، والثلثُ كثيرٌ، إنك أن تذرَ ورثتكَ أغنياءَ خيرٌ من أن تذرهم (1) عالَه يتكففُونَ الناسَ"، دلَّ ذلك على أنه محلُّ الجَواز، وأن ما فوقه غيرُ مَحَل للجواز، ولأنه روي عن ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-: أن الخطابَ واردٌ مع الموصي أيضًا.

فإن قلتم: هذا الحكمُ قيده الله سبحانه بوصفين، فما الحكمُ لو لم يترك ذريةً (2)، أو ترك ذريةً بالِغينَ غيرَ ضعفاءَ؟

فالجواب:

* أنه اختلفَ أهلُ العلم فيما إذا لم يتركْ ورثةً:

فمنعه مالكٌ، والشافعيُّ، وأهلُ المدينة، والأوزاعيُّ، وأحمدُ في أحد قوليه (3).

وجوّزَه أبو حنيفةَ، وإسحاقُ، وأحمدُ في قوله الآخر (4).

(1) في "ب": "تدعهم".

(2)

في "ب": "ورثة".

(3)

وهو قول جمهور أهل العلم، وإليه ذهب جماعة فقهاء الأمصار. انظر:"التمهيد"(8/ 380)، و"الاستذكار" كلاهما لابن عبد البر (23/ 33)، و"المغني" لابن قدامة (8/ 516)، و"التفريع" لابن الجلاب (2/ 324)، و"روضة الطالبين" للنووي (6/ 108)، و "فتح الباري" لابن حجر (5/ 464).

(4)

وقال به غير واحد من الصحابة والتابعين. انظر: "التمهيد"(8/ 381)، و"الاستذكار"(23/ 32)، و "المغني" لابن قدامة (8/ 516)، و "رد المحتار" لابن عابدين (10/ 281).

وهذا القول هو المذهب عند الحنابلة. انظر: "الإنصاف" للمرداوي (7/ 192).

ص: 254

وروي عن عبد اللهِ بن مسعود (1) رضي الله تعالى عنه.

ويدلُّ لهؤلاء (2) المفهومُ من الآيةِ والحديث؛ لذكر الذريةِ والورثةِ فيهما.

ومُخالِفُهُ (3) لا يسلِّم أنَّه مفهومٌ مخالفٌ للنطق، بل يقول: هو مسكوتٌ عنه، موافقٌ للمنطوقِ به بالنظرِ والقياس؛ لأنَّ المسلمينَ ورثتُه، وفيهم الأيتامُ والضعفاءُ، فلا يجوزُ له الحَيْفُ عليهم، والتخصيصُ بأحدهم.

وأما إذا كان ورثتُه بالغينَ غيرَ ضعفاء، فقد اتفق أهلُ العلم على منعه أيضًا كالضعفاء؛ لحديث سعدٍ -رضي الله تعالى عنه -.

وذكرُ الضعفِ جاءَ على سبيل الترقيقِ لقلوبِهم، والتلطفِ بهم في تركِ الحَيْفِ؛ بدليل المخاطبةِ بالذريَّةِ، والذريَّةُ وسائرُ الورثةِ في ذلكَ سواءٌ؛ لحديثِ سعدٍ، ولأجلِ الاتفاقِ على مَنعْ الحَيْف.

قال الشيخُ أبو حامد الإسفرايينيُّ من الشافعية: لا تَصِحُّ الوصيةُ بما زادَ على الثلث، قولًا واحدًا، فإن أجازه الورثةُ، فهل يكونُ ذلك تنفيذًا لما فعله المُوصي، أو ابتداءَ عطية من الورثة؟ على قولين.

وقال غيره: هل تصحُّ الوصية؟ فيه قولان.

أحدهما: أنها باطلة.

والثاني: أنها صحيحةٌ؛ لمصادفتها ملكه، وتعلقُ حقِّ الوارثِ لا يمنع الصِّحَّةَ؛ كالشُّفْعَةِ (4).

(1) في "أ": "عباس" وهو خطأ.

(2)

إلا أن يجيز الورثة. انظر الاتفاق في: "الاستذكار" لابن عبد البر (23/ 33)، و"مراتب الإجماع" لابن حزم (ص: 192)، و"المغني" لابن قدامة (8/ 404).

(3)

في "ب": "ومخالفهم".

(4)

نقله المصنف رحمه الله عن "البيان" للعمراني (8/ 157).

ص: 255