الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(من أحكام التوبة)
71 -
* بيَّن الله -سبحانه- في هذه الآية مدةَ انتهاءِ التوبة التي أوجبها على نفسه بفضله وكرمه، ووسَّعَ مُدَّتَها بلطفِه ورحمته، فقال:{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} .
وبيَّن الله سبحانه هذا الزمنَ القريبَ أنه ما لم يحضرْهُ الموتُ، وتتعلقْ به مبادئُه، فقال:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} .
وبيَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم هذا الحكم بمثل ما بينه الله سبحانه، فقال:"مَنْ تابَ قَبْلَ أن تُغَرْغِرَ نَفْسُهُ في حَنْجَرَته، قَبِلَ اللهُ تَوْبَتَهُ"(1).
(1) لم أجده هكذا، وقد روى قريبًا منه البيهقي في "شعب الإيمان"(7069)، عن رجل من الصحابة. وروى الترمذي (3537)، كتاب: الدعوات، باب: في فضل التوبة والاستغفار، وابن ماجه (4253)، كتاب: الزهد، باب: ذكر التوبة، =
قال أهلُ العلم (1): فمن صارَ بهذه الحال، فلا تصحُّ توبتُه ولا إسلامه، ولا كفره، ولا وصيته، ولا قَوَدَ ولا دِيةَ ولا كَفَّارَةَ على قاتله؛ لأن الحياة التي فيه غيرُ مستقرة، فهو كالميت، وهذه الحالةُ التي آمن فيها فرعون فلم ينفعه إيمانُه.
وإذا لم يحضرْهُ الموتُ، ولكنهُ مَيْئوسُ الحياة، فإنه تصحُّ توبتُه ووصيتُه؛ لأن حياتَه مُستقرةٌ، وهذه الحالةُ التي أوصى فيها عمرُ بنُ الخطاب -رضي الله تعالى عنه- لما طُعِنَ وخرجَ اللبنُ من جوفِه، وأجمعتِ الصحابةُ على صِحَّةِ وصيَّتِهِ.
* * *
= والإمام أحمد في "المسند"(2/ 132)، وعبد بن حميد في "مسنده"(847)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده"(5609)، وابن حبان في "صحيحه"(628)، والحاكم في "المستدرك"(7659)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7063)، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر".
(1)
انظر: "تفسير الرازي"(10/ 7)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (5/ 93)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (3/ 210).