الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الليل والنهار" 1. وفي رواية لأحمد: "بيدي الليل والنهار أجده وأبليه وأذهب بالملوك" 2. وفي رواية: "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر، الأيام والليالي أجددها وأبليها وآتي بملوك بعد ملوك". قال الحافظ: وسنده صحيح. فقد تبين بهذا خطأ ابن حزم في عده الدهر من أسماء الله الحسنى، وهذا غلط فاحش، ولو كان كذلك لكان الذين قالوا:{وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَاّ الدَّهْرُ} 3 مصيبين.
قوله: "وفي رواية". هذه الرواية رواها مسلم وغيره. قال المصنف: وفيه أنه قد يكون سبًّا ولو لم يقصده بقلبه.
1 البخاري: تفسير القرآن (4826)، ومسلم: الألفاظ من الأدب وغيرها (2246)، وأبو داود: الأدب (5274) ، وأحمد (2/238 ،2/318 ،2/394 ،2/395 ،2/491 ،2/496 ،2/499) .
2 أحمد (2/496) .
3 سورة الجاثية آية: 24.
[40-
باب التسمي بقاضي القضاة]
ونحوه
كأقضى القضاة، وحاكم الحكام، أو سيد الناس ونحو ذلك. أي: ما حكم التسمي بذلك هل يجوز أم لا؟
قال في "الصحيح" عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخنع اسم عند الله رجل يسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله"1. قال سفيان: "مثل شاهان شاه وفي رواية: "أغيظ رجل على الله وأخبثه" 2.
قوله: "أخنع"، يعني أوضع.
ش: قوله: "في الصحيح" أي: "الصحيحين".
قوله: "إن أخنع" ذكر المصنف أن معناه: أوضع. وهذا التفسير رواه مسلم عن الإمام أحمد، عن أبي عمرو الشيباني، قال عياض: معناه: إنه أشد الأسماء صغارًا، وبنحو ذلك فسره أبو عبيد. والخانع: الذليل، وخنع الرجل: ذل. قال ابن بطال: وإذا كان الاسم أذل الأسماء كان من تسمى به أشد ذلاًّ. وقد فسر الخليل أخنع. أفجر، فقال: الخنع: الفجور. وفي رواية: "أخنى الأسماء"، من الخنا بفتح المعجمة وتخفيف النون مقصور،
1 البخاري: الأدب (6205 ،6206)، ومسلم: الآداب (2143)، والترمذي: الأدب (2837)، وأبو داود: الأدب (4961) ، وأحمد (2/244 ،2/315) .
2 مسلم: الآداب (2143)، والترمذي: الأدب (2837)، وأبو داود: الأدب (4961) ، وأحمد (2/244 ،2/315) .
وهو الفحش في القول. وفي رواية "اشتد غضب الله على من زعم أنه ملك الأملاك" رواه الطبراني.
قوله: "رجل يسمى". بصيغة المجهول من التسمية، أي: يدعى بذلك ويرضى به. وفي بعض الروايات: تسمى بفتح الفوقانية وتشديد الميم ماضٍ معلوم من التسمي، أي: سمى نفسه.
قوله: "ملك الأملاك" هو بكسر اللام من ملك. والأملاك جمع ملك، ثم أكد النبي صلى الله عليه وسلم التشديد في تحريم التسمي بذلك بقوله:"لا مالك إلا الله"، فالذي تسمى بهذا الاسم قد كذب وفجر وارتقى إلى ما ليس له بأهل، بل هو حقيق برب العالمين، فإنه الملك في الحقيقة، فلهذا كان أذل الناس عند الله يوم القيامة. والفرق بين الملك والمالك أن المالك هو المتصرف بفعله وأمره، ذكره ابن القيم. فالذي تسمى بملك الأملاك، أو ملك الملوك قد بلغ الغاية في الكفر والكذب. ولقد كان بعض السلاطين المساكين يفتخر بهذا الاسم فأذله الله.
قوله: "قال سفيان": هو ابن عيينة تقدمت ترجمته.
قوله: "مثل شاهان شاه" - هو بكسر النون والهاء في آخره، وقد تنون وليست هاء تأنيث فلا يقال بالمثناة أصلاً، وإنما مثَّل سفيان بشاهان شاه لأنه قد كثرت التسمية به في ذلك العصر، فنبه سفيان بأن الاسم الذي ورد الخبر بذمه لا ينحصر في ملك الأملاك، بل كل ما أدى معناه بأي لسان كان، فهو مراد بالذم، ذكره الحافظ. والحديث صريح في تحريم التسمي بملك الأملاك ونحوه، كملك الملوك وسلطان السلاطين.
قال ابن القيم: "لما كان الملك لله وحده لا ملك على الحقيقة سواه، كان أخنع اسم وأوضعه عنده، وأبغضه له اسم شاهان شاه،
أي: ملك الملوك، وسلطان السلاطين، فإن ذلك ليس لأحد غير الله. فتسمية غيره بهذا من أبطل الباطل، والله لا يحب الباطل وقد ألحق أهل العلم بهذا قاضي القضاة وقالوا: ليس قاضي القضاة إلا من يقضي الحق وهو خير الفاصلين الذي إذا قضى أمرًا فإنما يقول له كن فيكون. ويلي هذا الاسم في القبح والكراهة والكذب سيد الناس وسيد الكل، وليس ذلك إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة كما قال:"أنا سيد ولد آدم"، فلا يجوز لأحد قط أن يقول عن غيره: هو سيد الناس. كما لا يجوز له أن يقول: أنا سيد ولد آدم عليه السلام".
وقال ابن أبي جمرة: "يلتحق بملك الأملاك قاضي القضاة، وإن كان قد اشتهر في بلاد الشرق من قديم الزمان إطلاق ذلك على كبير القضاة. وقد سلم أهل المغرب من هذا، فاسم كبير القضاة عندهم قاضي الجماعة. وقد زعم بعض المتأخرين [هو ابن المنيّر] أن التسمي بقاضي القضاة ونحوها جائز، واستدل له بحديث: "أقضاكم علي". قال: فيستفاد منه أن لا حرج على من أطلق على قاض أن يكون أعدل القضاة، وأعلمهم في زمانه أقضى القضاة، أو يريد إقليمه، أو بلده". وتعقبه العالم العراقي، فصوب المنع، ورد ما احتج به بأن التفضيل في ذلك وقع في حق من خوطب به، ومن يلتحق بهم، فليس مساويًا لإطلاق التفضيل بالألف واللام. قال: ولا يخفى ما في ذلك من الجرأة وسوء الأدب. ولا عبرة بقول من ولي القضاة، فنعت بذلك، فلذ في سمعه واحتال في الجواز، فإن الحق أحق أن يتبع".