الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الملك كدلالة عبدي وأمتي، فأرشد عليه السلام إلى ما يؤدي المعنى من السلامة من الإيهام والتعاظم مع أنها تطلق على الحر والمملوك، لكن إضافته تدل على الإخلاص.
[49-
باب لا يرد من سئل بالله]
ش: أي: إعظامًا وإجلالاً لله تعالى أن يسأل به في شيء، ولا يجاب السائل إلى سؤاله ومطلوبه، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإبرار القسم وتنازعوا هل هو أمر استحباب، أو إيجاب؟ وظاهر كلام شيخ الإسلام التفريق بين أن يقصد إلزامه بالقسم فتجب إجابته، أو يقصد إكرامه فلا تجب عليه. ولهذا أوجب على المقسم في الأولى الكفارة، إذا لم يفعل المحلوف عليه، دون الثانية، لأنه كالأمر، ولا يجب إذا كان للإكرام لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بوقوفه في الصف ولم يقف، ولأن أبا بكر أقسم على النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنه بالصواب والخطأ لما فسر الرؤيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تقسم". كما في"الصحيحين"قال: لأنه علم أنه لم يقصد الإقسام عليه مع المصلحة المقتضية للكتم.
قال: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفًا فكافؤوه، فإن لم تجدوا ما تكافؤوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه"1. رواه أبو داود، والنسائي بسند صحيح.
ش: قوله:"من استعاذ بالله فأعيذوه"، أي: من سألكم أن تدفعوا عنه شركم أو شر غيركم بالله، كقوله: بالله عليك أن تدفع عني شر فلان أو شرك، أعوذ بالله من شرك أو شر فلان ونحو ذلك، فأعيذوه، أي: امنعوه مما استعاذ منه وكفوه عنه لتعظيم اسم الله تعالى، ولهذا لما قالت الجونية للنبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بالله منك
1 النسائي: الزكاة (2567)، وأبو داود: الزكاة (1672) ، وأحمد (2/99 ،2/127) .
قال: "لقد عذت بمعاذ، ألحقي بأهلك"1. ولفظ أبي داود: "من استعاذكم بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه" 2.
قوله:"ومن سأل بالله فأعطوه". وفي حديث ابن عباس عند أحمد وأبي داود: "ومن سألكم بوجه الله فأعطوه". ومعناه ظاهر، وهو أن يقول: أسألك بالله أو بوجه الله ونحو ذلك، أن تفعل أو تعطيني كذا، ويدخل في ذلك القسم عليه بالله أن يفعل كذا، وظاهر الحديث، وجوب إعطائه ما سأل ما لم يسأل إثمًا، أو قطيعة رحم. وقد جاء الوعيد على ذلك في عدة أحاديث، منها: حديث أبي موسى مرفوعًا: "ملعون من سئل بوجه الله، وملعون من يسأل بوجهه ثم منع سائله ما لم يسأل هجرًا". رواه الطبراني. قال في"تنبيه الغافلين": ورجال إسناده رجال الصحيح، إلا شيخه يحيى بن عثمان بن صالح، والأكثر على توثيقه، فإن بلغ هذا الإسناد أو إسناد غيره مبلغًا يحتج به كان ذلك من الكبائر.
وعن أبي عبيد مولى رفاعة بن رافع مرفوعًا "ملعون من سأل بوجه الله وملعون من سئل بوجه الله فمنع سائله". رواه الطبراني أيضًا. وعن ابن عباس مرفوعًا: "ألا أخبركم بشر الناس: رجل يُسأل بالله ولا يعطي"3. رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في"صحيحه". وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا أخبركم بشر البرية؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: الذي يُسأل بالله ولا يعطي"4. رواه أحمد.
إذا تبين هذا فهذه الأحاديث دالة على إجابة من سئل بالله أو أقسم به، ولكن قال شيخ الإسلام: إنما تجب على معين، فلا تجب على سائل يقسم على الناس، وظاهر كلام الفقهاء أن ذلك مستحب كإبرار القسم، والأول أصح.
قوله:"ومن دعاكم فأجيبوه". أي: من دعاكم إلى طعام فأجيبوه فإن كانت وليمة عرس وتوفرت الشروط المبينة في كتب الفقه وجبت الإجابة، وإن كان لغيرها استحب إجابتها، وتجب
1 البخاري: الطلاق (5254)، والنسائي: الطلاق (3417)، وابن ماجه: الطلاق (2050) .
2 النسائي: الزكاة (2567)، وأبو داود: الأدب (5109) ، وأحمد (2/68) .
3 الترمذي: فضائل الجهاد (1652)، والنسائي: الزكاة (2569)، ومالك: الجهاد (976)، والدارمي: الجهاد (2395) .
4 أحمد (2/396) .