المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقد تُقدَّم النتيجةُ على مقدماتها، فيُؤتَى بها حينئذٍ كالأدلة، وذلك - جمهرة مقالات ورسائل الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور - جـ ٣

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌المِحْوَر الرَّابعفِي اللُّغَةِ وَالأَدَبِ

- ‌الفَرْع الأَوّلبحُوث وَتحقيقات لُغويَّة

- ‌اللفظ المشترك في اللغة العربية

- ‌الأسباب التي قضت بوقوع المشترك في اللغة:

- ‌محاولة العرب إيجاد فروق بين الألفاظ المشتركة

- ‌أثر المشترك في التخاطب:

- ‌وسائل علاج الأثر السيئ للمشترك:

- ‌كيفية استعمال المشترك:

- ‌مثال من المشترك هو أغرب تصرفاته:

- ‌المترادف في اللغة العربية

- ‌المبحث الأول: في ما هو الترادف وتحقيقه:

- ‌المبحث الثاني: هل المترادف واقع في اللغة العربية

- ‌معنى الوضع:

- ‌مذاهب العلماء في إثبات المترادف:

- ‌المبحث الثالث: أسباب وقوع الترادف في اللغة:

- ‌المبحث الرابع: فوائد المترادف في اللغة:

- ‌التحذير من الغفلة عن الفروق بين الكلمات:

- ‌عطف أحد المترادفين على الآخر:

- ‌فرق لغوي مغفول عنه: "لا ضرر ولا ضرار

- ‌لفظ "كل" حقيقة في الكثرة أيضًا مثل الشمول

- ‌قولهم: "كان مما يفعل كذا

- ‌[تقديم]

- ‌المقصد:

- ‌تذييل:

- ‌الاقتراح:

- ‌صوغُ "مفعلة" من أسماء الأعيان الثلاثية الأحرف مما وسطُه حرفُ علة

- ‌الصوت المجسَّد، تقفية وتأييد

- ‌مراجعة الأستاذ إبراهيم مصطفى:

- ‌جواب المصنف:

- ‌الفَرْعَ الثَّانِيدِراسَات فِي عُلوم البَلَاغَة

- ‌الجزالة

- ‌موجز البلاغة

- ‌[استهلال: ] هذا موجز علم البلاغة:

- ‌مقدمة

- ‌[البلاغة]

- ‌تاريخ علم البلاغة:

- ‌فن المعاني:

- ‌باب الإسناد:

- ‌1 - عوارض الإسناد وأحواله:

- ‌2 - عوارض أحوال المسند إليه:

- ‌3 - عوارض أحوال المسند

- ‌4 - عوارض أحوال متعلقات الفعل:

- ‌القصر

- ‌الإنشاء:

- ‌ الوصل والفصل

- ‌عطف الإنشاء على الخبر وعكسه:

- ‌الإيجاز والإطناب والمساواة:

- ‌فن البيان

- ‌التشبيه

- ‌الحقيقة والمجاز:

- ‌الكناية:

- ‌تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر

- ‌فن البديع

- ‌ملاحق موجز البلاغة

- ‌1 - تقريض الكتاب بقلم شيخ الإسلام الحنفي

- ‌2 - قرار النظارة العلمية

- ‌‌‌أصول الإنشاءوالخطابة

- ‌أصول الإنشاء

- ‌[استهلال]

- ‌مقدمة

- ‌كيفية الإنشاء للمعنى

- ‌مثال للتمرين:

- ‌أساليب الإنشاء:

- ‌القسم الأول: [الإنشاء] المعنوي

- ‌تعريف المعنى وتقسيمه

- ‌صفات المعنى

- ‌طرق أخذ المعنى

- ‌ترتيب المعاني وتنسيقها وتهذيبها

- ‌أخذ النتائج من المعاني

- ‌مقامات الكلام

- ‌القسم الثاني: [الإنشاء] اللفظي

- ‌أحوال الألفاظ المفردة

- ‌أحوال الألفاظ المركبة

- ‌تمرين

- ‌السجع والترسل

- ‌التمرن على الإجادة

- ‌[خاتمة]

- ‌فنُّ الخطابة

- ‌ما هي الخطابة

- ‌منافع الخطابة

- ‌أصول الخطابة

- ‌ الْخَطِيبَ

- ‌[عيوب الخطابة]

- ‌الخطبة

- ‌التدرب بالخطابة

- ‌الفَرْعُ الثَّالِثدِرَاسَات فِي الأَدَب والنَّقْد

- ‌شرح المقدمة الأدبية لشرح الإمام المرزوقي على ديوان الحماسة لأبي تمام

- ‌متن المقدمة الأدبية

- ‌شرح المقدمة الأدبية

- ‌[تقديم]

الفصل: وقد تُقدَّم النتيجةُ على مقدماتها، فيُؤتَى بها حينئذٍ كالأدلة، وذلك

وقد تُقدَّم النتيجةُ على مقدماتها، فيُؤتَى بها حينئذٍ كالأدلة، وذلك إذا كان المخاطَبُ غيرَ متوقَّع نفورُه: إما لإنصافه، أو لطاعته للمتكلِّم، أو نحو ذلك، كما تراه في كتابٍ كتَبَ به أبو بكر الخوارزمي لتلميذه يؤنِّبُه على المكابرة، وهو قولُه:"بلغني أنكَ ناظرتَ، فلما توجهتْ عليك الحجةُ كابرت، ولما وُضع نِيرُ الحق على عنقك ضجرتَ وتضاجرت. وكنتُ أحسب أنك أعرفُ بالحق من أن تعُقَّه، وأهيبُ لحجاب العدل والإنصاف من أن تشُقَّه. كأنك لم تعلم أن لسانَ الضجر ناطقٌ بالعجز، وأن وجهَ الظلم مبرقَعٌ بالقبح، وأنك إذا استدركتَ على نقد الصيارفة، وتتبعتَ خطَأ الحكماء والفلاسفة، فقد طَرَّقْتَ إلى عيبك لعائبك، ونصرتَ عدوَّك على صاحبك. وقد عجبتُ من حسن ظنك بك، وأنتَ إنسان، [والله المستعان] ". (1)

فحَسُنَ في هذا المقام إفضاؤه إلى الغرض، ثم إتيانُه بما من شأنه أن يكون مقدمةً بمنزلةِ الدليل، كما يظهر بالتأمل.

‌مقامات الكلام

قد عرفتَ في علم البلاغة أن مقاماتِ الكلام متفاوتة، وليس هذا جُلَّ غرضنا هنا؛ لأننا لا نحب أن ننقلَ علمًا إلى آخر، وإنما نبحثُ هنا عن مقامات الكلام التي لها مزيدُ اختصاصٍ باختلاف أساليب الإنشاء. ومِلَاكُ ذلك يرجع إلى نَباهةِ المتكلِّم في ترتيب أداء المعنى بحسب حال المخاطب وعلاقته بالواقع؛ فإن مسألةَ ضروبِ التراكيب المذكورة في البلاغة لا يُنظرُ فيها إلا إلى حالِ المخاطَب، كما أن أحوالَ التقديم والتأخير والحذف والقصر والإيجاز يُنظرُ فيها إلى حالِ المخاطَب مع علاقته بالخارج.

ويُشْبِهُ أن يكون حالُ المخاطَب وارتباطُه بالخارج مرجِعَ اختلافِ مقاماتِ الكلام كلِّها. وذلك ينضبط فيما يظهر لنا من أربع جهات: ترتيب المعاني المدلولة، وطرق الاحتجاج، وطرق الدلالة، وكيفية المعنى من جزالة أو رقة أو سهولة.

(1) الخوارزمي، أبو بكر: رسائل أبي بكر الخوارزمي (قسطنطينية: مطبعة الجوائب، ط 1، 1297)، ص 12.

ص: 1293

فأما ترتيبُ المدلولات فالأصلُ فيه أن يكونَ على حسب حصولها، وتفرع بعضها عن بعض. فإن كان الكلامُ خبرًا، فالنَّظَرُ إلى الحصول في الخارج، فيُحكى على ترتيبه الطبيعي، نحو قوله تعالى:{وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77)} [هود: 77]. فإن مدلولاتِ هذه الجمل تحصُلُ في الخارج على نحو هذا الترتيب؛ إذ أولُ ما تحصل الإساءة في النفس، ثم فراغ الصبر، ثم التضجُّر بالقول.

وإن كان إنشاءً، فالنظرُ إلى ترتيبِه بحسب حصولِ مدلوله عند الامتثال. وقد يتعين هذا، كما في حكاية الأخبار المحزِنة؛ فإن حكايتَها على ترتيبِها الطبيعي يهيِّئُ النفسَ لتلقِّيها، كما يهيئها لذلك حصولُها في الواقع تدريجا. فإنك لو رُمتَ الإخبارَ بوفاةِ مَنْ تَرُوعُ المخاطَبَ وفاتُه، لرأيتَ أن حكايةَ مرضِه وأطواره، ثم وقوعِ اليأس من شفائه، ثم الخبر بموته، أهونُ في النفس مما لو فُوجِئَتْ بالإخبار بموته.

وقد يُخالَفُ مقتضى الظاهر، كتقديمِ ما شأنُه التأخيرُ لغرض، مثل تعجيلِ المسرة، أو قطع نزاع المنازع قبل أن يلجَّ في الخصومة فيكابر ولا يرجعَ إلى الحق، أو للتنبيه على المقصود، مثل الافتتاح بدعاء مناسب أو نحوه. ويُسَمَّى براعةَ الاستهلال، كقول بعض الكتاب التونسيين يخاطب رئيسَ ديوان الإنشاء في الدولة الصادقية متشكِّيًا من بعض أهل الشوكة:"سيدي! نفوسنا تفديك، والله تعالى من سلطة أهل الوظائف بدون استحقاق يقيك"(1)، وقول الحريري في جواب الذي جاوبَ أبا زيد السروجي حين وقف له موقفَ الزائر المسترفد:

وَحُرْمَةِ الشَّيْخِ الَّذِي سَنَّ الْقِرَى

وَأَسَّسَ المَحْجُوجَ فِي أُمِّ الْقُرَى (2)

يريد إبراهيم عليه السلام.

(1) لم يتهيأ لي الاطلاع على الوثيقة التي نقل منها المصنف هذا الكلام.

(2)

الحريري: مقامات الحريري، ص 52 (المقامة الكوفية).

ص: 1294

وقد بُيِّن في علم المعاني كثيرٌ من المناسباتِ الداعيةِ إلى التقديم والتأخير في أجزاء الجملة، فلا نطيلُ بها هنا، ولكن يجب أن يُعلم السببُ في تقديم ما حقُّه التأخير وعكسه من جمل الكلام. وقد تتبعتُ ذلك حسب الجهد، فرأيتُ أن مِلَاكَ ذلك:1. إما استبقاء الذهن لما هو أولى بالإيعاء، وتهيئة السمع لما هو أجدرُ بالإصغاء. 2. وإما الاستراحةُ من غرضٍ خفيفٍ يُقَدَّم، ليفضيَ إلى غرض مهم يؤخَّر. 3. وإما لأن أحدَ الغرضين وإن كان حقُّه التقديم أو عكسه، لكنه كان من المعاني المتولِّدة والمستطرَدة، واتصلَ بغيره مما قُدِّم أو أُخِّرَ اتصالًا يمنع من التفرقة بينها وبينه؛ لأنها إن فُرِّقَتْ تَشَتَّتَ الذِّهنُ في استيعابها، وتحير في جمعها وترتيبها.

فمثالُ الأول ما ذُكر في علم المعاني من التشويق الحاصل من تقديم الخبر نحو: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن"(1)، ونحو:"ثلاثةٌ تشرق الدنيا ببهجتها". (2) ومثالُ الثاني قول علي رضي الله عنه في خطبةٍ له حين بلغه استيلاءُ أصحاب الشام على سائر البلاد، وتثاقلُ أصحابِه عن القتال: "ما هي إلا الكوفةُ أقبِضُها وأبْسُطها، إن لم تكوني إلا أنتِ تهبُّ أعاصيرُك (3)، فقبحك الله. أُنْبِئْتُ بُسرًا (4) قدِ اطَّلع اليمن، وإني والله لأظنُّ أن هؤلاءِ القومَ سَيُدَاوِلون منكم باجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن

(1) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده". صحيح البخاري، "كتاب الدعوات"، الحديث 6406، ص 1112؛ "كتاب الأيمان والنذور"، الحديث 6682، ص 1154؛ "كتاب التوحيد"، الحديث 7563، ص 1305؛ صحيح مسلم، "كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار"، الحديث 2294، ص 1038؛ سنن الترمذي، "أبواب الدعوات عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم"، الحديث 3467، ص 796 - 797.

(2)

صدر بيت لمحمد بن وهيب الحميري، وعجزه:"شَمْسُ الضُّحَى وَأَبُو إِسْحَاقَ وَالْقَمَرُ"، وقد سبق ذكره وتوثيقه، وبيان المناسبة التي قيل فيها.

(3)

الأعاصير: جمع إعصار، وهي ريح تمتد من الأرض نحو السماء كالعمود، وهي هنا تَمْثيلٌ لِمَا في الكوفة من الفتن واختلاف الآراء. - المصنف.

(4)

بسر هو ابن أبي أرطأة، من بني عامر من قواد جيش معاوية رضي الله عنه، وكان بسر ظالِمًا قاسيا. - المصنف.

ص: 1295

حقكم، وبمعصيتكم إمامَكم في الحق وطاعتِهم إمامَهم في الباطل، وبأدائهم الأمانةَ إلى صاحبهم وخيانتكم، وبصلاحِهم في بلادهم وفسادِكم. . ." إلخ (1).

فتقديم قوله "ما هي إلا الكوفة" وإن كان حقه التأخير؛ لأنه متفرع عن حكاية ما بلغه أعداؤه بخصالهم وما ملكوه من البلاد، ولكنه قدمه للتَّفرُّغِ منه إلى الإنحاء على جنده، وذكر مثالهم وأسباب انخذالهم.

ومثالُ الثالث كثير، من ذلك قولُه رضي الله عنه في خطبةٍ حين دخل جندُ معاوية رضي الله عنه الأنبارَ وقتلوا عاملها حسان: "أما بعد، فإن الجهادَ بابٌ من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباسُ التقوى، ودرعُ الله الحصينة، وجُنَّتُهُ الوثيقة، فمن تركه - رغبةً عنه - ألبسه الله ثوبَ الذلِّ وشملةَ البلاء، ودُيِّثَ (2) بالصغار [والقماءة]، وضرب على قلبه بالأسداد، وأُدِيل الحقُّ منه بتضييع الجهاد، وسِيم الخسفَ (3)، ومُنع النِّصْف (4). ألَا وإني قد دعوتُكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلًا ونهارًا، وسرًّا وإعلانًا، وقلتُ لكم: اغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غُزِيَ قومٌ في عُقْرِ (5) دارِهم إلا ذَلُّوا. فتواكلتم [وتخاذلتم] حتى شُنَّتْ عليكمُ الغاراتُ، ومُلكت عليكم الأوطان. وهذا أخو غامدٍ (6) قد وردت خيلُه الأنبارَ، و [قد] قتل حسان بن حسان

(1) وقد تمثل الإمام بعد قوله "فقبحك الله" بيت الشاعر:

لَعَمْرُ أَبِيكَ الْخَيْرُ يَا عَمْرُو إِنَّنِي

عَلَى وَضَرٍ مِنْ ذَا الإِنَاءِ قَلِيلِ

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، شرح الشيخ محمد عبده (بيروت: دار الكتب العلمية، ط 1، 1428/ 2007)، ص 43 - 44.

(2)

ديث بالبناء للمفعول من ديثه، أي ذلله. - المصنف.

(3)

أي أعطى الذل والكرب. - المصنف.

(4)

النِّصف - بكسر النون وسكون الصاد - العدل. - المصنف.

(5)

العقر بالضم الوسط. - المصنف.

(6)

أخو غامد هو سفيان بن عوف من بني غامد قبيلة من أَزْدِ شَنُوءة سكان اليمن، بعثه معاوية لشن الغارة على أطراف العراق. والأنبار بلدة بالشاطئ الشرقي للفرات مقابلة لهيت على الشاطئ الغربي. وهذه الخطبة الثانية ذكرها المبرد في كامله وعلق عليها تعليقا. - المصنف.

ص: 1296

[البكري]. . ." (1) إلخ.

فكان الظاهرُ أن يبدأ بذكر دخولِ خيل أخي غامد للأنبار، ويبني عليه بيانَ سببِه من تواكلهم وتباطئهم، وأن ذلك شأنُ كلِّ مُتَوَاكِل. لكنه أخره حين دعتِ المناسبةُ لتقديم ذكرِ تواكلِهم، وأنه مُسَبَّبٌ عن ذُلِّهِم المُسَبَّبِ عن تركِ الجهاد المأمور به، فكان لذلك تعلق بطالع الخطبة.

وأما الإنشاءُ فمُقتضى الظاهرِ ترتيبُ المعانِي على حسبِ حُصولِها كما قلنا، وقد يُعدَلُ عن ذلك لأغراض. وأما ترتيبُ الخبر مع الإنشاء، فالأصلُ فيه تقديمُ المقدماتِ على النتائج، ولا يُعْكَسُ إلا لغرض، مثل قول عيسى بن طلحة [بن عبيد الله] حين دخل على عروة بن الزبير لما قُطعت رجلُه:"ما كنا نُعدُّك للصراع، والحمد لله الذي أبقى لنا أكثرَك: أبقى لنا سمعَك وبصرك، ولسانَك وعقلك، و [يديك] وإحدى رجليك. فقال له عروة: والله ما عزاني أحدٌ بمثل ما عزيتني به". (2) فلو قَدَّم قولَه: "الحمد لله الذي أبقى لنا أكثرك"، لكان يُشبِهُ الشماتةَ: أنه يحمد الله له على قطع رجله، فلا تهتدي النفسُ إلى مراده إلا حين يقول له:"ما أعددناك للصراع"؛ لأن النفوسَ عند الخطاب جَفِلاتٌ إذا هي نفرت، فربما ضلت عن طريق الحق.

وأما الجزالةُ والسُّهولةُ والرِّقَّةُ فهي مراتبُ للمعاني المستفادة من الكلام. فالجزالةُ (3) شِدَّةٌ في المعنى تقرب من حد الإرهاب أو تبلغه، بحيث تُؤْذِنُ بعدم

(1) قال المبرد حسان بن حسان عامل علي، وفي نهج البلاغة زيادة لفظ "البكري". - المصنف. ما أثبته المصنف هنا هو نص الخطبة كما جاءت في: نهج البلاغة، ص 45 - 46. وقد أوردها المبرد مع حذف بعض الجمل والعبارات منها، وهي خطبةٌ مطولة فيها الكثير من النكت اللغوية والبلاغية والحكمية والخلقية والسياسية، وقد أولاها المبرد اهتمامًا كبيرًا لبيان تلك المقاصد واستجلاء تلكم المعاني. الكامل في اللغة والأدب، ج 1، ص 50 - 56. وانظرها كذلك في الجاحظ: البيان والتبيين، ج 1/ 2، ص 35.

(2)

الجاحظ: البيان والتبيين، ج 1/ 2، ص 45.

(3)

راجع للمصنف مزيدَ بيانٍ لمعنى الجزالة والرقة ومقاماتهما وشروطهما في مقال "الجزالة" و"شرح المقدمة الأدبية للمرزوقي" في هذا المحور.

ص: 1297

مبالاة المتكلِّم باستعطاف المخاطَب ولا بملاينته. ولها مواقع: الغضب، والحماسة، والوعظ، والعتاب، ونحوها. وأما السهولةُ فهي دونَها، وهي لين المعنى، وتجريده من شوائب الإرهاب، واشتماله على إيضاح بساطة حال المتكلِّم، وملاينة المخاطَب، ولها مواقع: الأمور العادية، والعلوم، والمخاطبات بين الأكفاء. وأما الرِّقَّةُ فهي غايةُ إيضاح لطيفِ الوجدانِ من المتكلِّم، أو التلطف مع السامع، ولها مواقع: الشوق، والرثاء، والاعتذار، والتأديب.

وبهذا يتضح أن ليس لشيءٍ من هذه الأوصاف مدخلٌ في صفة اللفظ، كما قد يُتَوَهَّم. ومن الواجبِ مؤاخاةُ المعاني في الغرض الواحد في الجزالة أو الرقة. ولهذا عِيب على جميل قولُه:

أَلَا أَيُّهَا النُّوَّامُ وَيْحَكُمْ هُبُّوا

أُسَائِلُكُمْ: هَلْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ الْحُبُّ (1)

فقد حُكيَ عن بعضِ أهل الأدب والعربية أنه قال فيه: "هذا بيتٌ أولُه أعرابِيٌّ في شملته، وآخرُهُ مُخَنَّثٌ من مخنَّثِي العقيق يتفكك". (2)

(1) البيت هو الخامس في مقطوعة من سبعة أبيات، طالعها:

تَذّكَّرَ أُنْسًا مِنْ بُثَيْنَةَ ذَا الْقَلْبُ

وَبَثْنَةُ ذِكْرَاهَا يِذِي شَجَنٍ نَصْبُ

ديوان جميل بثينة، تقديم بطرس البستاني (بيروت: دار بيروت للطباعة والنشر، 1402/ 1982)، ص 62.

(2)

روى المرزباني بسنده عن الهيثم بن عدي قال: "قال لي صالح بن حسان: هل تعرف بيتًا من الشعر نصفه أعرابِيٌّ في شملة، والنصف الآخر مخنَّثٌ من أهل العقيق يتقصف تقصفًا؟ قلت: لا والله. قال: قد أجَّلْتُك حولًا. قلت: لو أجَّلْتَنِي حولين ما علمتُ الذي سألتني - وقال محمد في حديثه: لو أجَّلْتَنِي خمسين حولًا لم أعرفه. فقال: أُفٍّ لك! قد كنتُ أحسبُكَ أجودَ علمًا مما أنت. قلت: وما هو؟ قال: "أَومَا سمعتَ قولَ حميل: أَلَا أَيُّهَا النُّوَّامُ وَيْحَكُمْ هُبُّوا"، أعرابي والله يهتف في شملة. ثم أدركه اللين وضَرَعُ الحب وما يدرك العاشق، فقال: "أُسائلكم هَلْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ الْحُبُّ"، كأنه والله من مخنثي العقيق يتفكك". وجاء عن الأصمعي مثلُ ذلك، قال:"قال هارون [الرشيد] يومًا لجلسائه وأنا منهم: أيُّكم يعرف بيتَ شعرٍ أولُ المصراع منه أعرابي في شملة، والثاني مخنَّث يتفكك؟ فأَرَمَّ القوم (أي سكتوا)، فقال هارون: قول جميل: "ألا أيها النوام ويحَكم هبوا"، فهذا أعرابِيٌّ =

ص: 1298

فإذا وقع الانتقالُ من غرض إلى غرض ساغ اختلافُ الوصف، وانظر بلاغة قوله تعالى:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22]، فهو من السهولة، ثم قال:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ} [النور: 23]، فهو من الجزالة.

وقد اختلف ذلك أيضًا في قول أبي فراس - حين أسره الروم - يستنهض سيفَ الدولة لفدائه منهم، وتخلل من غرض إلى غرض، ثم رجع فأجاد في ذلك:

رقة: دَعَوْتُكَ لِلْجَفْنِ الْقَرِيحِ المُسَهَّدِ

لَدَّي، وَلِلنَّوْمِ الطَّرِيدِ المُشَرَّدِ

جزالة: وَمَا ذَاكَ بُخْلًا بِالحْيَاةِ، وَإنَّهَا

لأَوَّلُ مَبْذُولٍ لأَوَّلِ مُجْتَدِ

جزالة: وَلَكِنَّنِي أَخْتَارُ مَوْتَ بَنِي أَبِي

عَلَى سَرَوَاتِ الخْيْلِ غَيْرَ مُوَسَّدِ

رقة: وَتَأْبَى وَآبَى أَنْ أَمُوتَ مُوَسَّدًا

بِأَيْدِي النَّصَارَى مَوْتَ أَكْبَد أَكْمَدِ (1)

ولْنُمثِّلْ لما شمل السهولةَ والجزالة بكلام شيوخ بني أسد مع امرئ القيس يسألونه العفو عن دم أبيه فتكلم قبيصة بن نعيم الأسدي فقال:

"إنك في المحلِّ والقدر من المعرفة بتصرُّف الدهر وما تُحدثه أيامه وتنتقَّل به أحوالُه، بحيث لا تحتاج إلى تذكيرِ من واعظٍ ولا تبصير مجرِّب. ولك من سُؤْدَد

= في شملة، ثم قال:"أسائلكم هل يقتل الرجل الحبُّ؟ "، فهذا مخنَّثٌ يتفكَّك. قال الأصمعي: فقلت: له: يا أمير المؤمنين، قول مادحك:"يا زائرينا من الخيام"، أعرابي في شملة، "حَيَّاكُمُ اللهُ بالسَّلَام" مخنث في يده دفُّ". المرزباني: الموشح، ص 234 - 235. وانظر كذلك: الأصفهاني، الأغاني، ج 3/ 8، ص 295؛ القالي: كتاب الأمالي، ص 538. والمادح هو أبو الحارث صالح بن حسان المدني، قيل الأنصاري، النضرى، نزيل البصرة، روى عن محمد بن كعب القرظي وغيره، وروى له أبو داود، والترمذي، وابن ماجه. وقد ضعفه علماء الحديث، بل قالوا: منكر الحديث، وليس بشيء. ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال، ج 5، ص 77 - 80.

(1)

الأبيات هي الأول والثاني والسادس والسابع من القصيدة المذكورة، وأبياتها إثنان وخمسون. ديوان أبي فراس الحمداني، ص 96.

ص: 1299

منصِبك وشرف أعراقك (1) وكرم أصلك في العرب مَحْتِدٌ (2) يَحتمل ما حمُل عليه من إقالة العثرة، ورجوع عن الهفوة. ولا تتجاوز الهممُ إلى غايةٍ إلا رجعتْ إليك، فوجدتْ عندك من فضيلة الرأي وبصيرة الفهم وكرم الصفح (3) ما يَطُولُ رغباتِها ويستغرق طِلْبَاتِها (4). وقد كان الذي كان من الخطب الجليل الذي عَمَّتْ رزيَّتُه نزارًا واليمن، ولم تُخْصَصْ بذلك كندةُ دوننا، للشرف البارع الذي كان لحُجْر. ولو كان يُفْدَى هالكٌ بالأنفس الباقية بعده، لما بَخِلَتْ كرائمُنا بها على مثلِه، ولكنه مضى به سبيلٌ لا يرجع أُخْرَاهُ على أُولَاه، ولا يلحق أقصاه أدناه. فأَحمدُ الحالاتِ في ذلك أن تَعرِفَ الواجبَ عليك في إحدى خلالٍ ثلاث: إمَّا أنِ اخترتَ من بني أسد أشرفَها بيتًا وأعلاها في بناء المكرمات صوتًا، فَقُدْنَاه إليكَ بنِسْعِة (5) تذهبُ مع شفراتِ حُسامِك بباقي قَصَرَته (6)، فنقول: رجلٌ امتُحِن بهالكٍ عزيزٍ فلم يستلَّ سخيمتَه إلا بِمُكْنَتِهِ من الانتقام (7). أو فداءٌ بما يروحُ على بني أسدٍ من نَعَمِها، فهي ألوفٌ تجاوز الحِسبة، فكان ذلك فداءً رجعتْ به القُضُبُ (8) إلى أجفانها، لم تَرْدُدْهَا بسليط (9)

(1) الأعراق بفتح الهمزة جمع عرق وهو أصل الشيء يريد كرم الأصول - المصنف.

(2)

المحتد بفتح الميم وكسر التاء الأصل والطبع. - المصنف. وذلك حسب ما أورده ابن الأثير والقلقشندي. وعند الأصفهاني، مُحْتَمَل عوض محتد.

(3)

جاء عند الأصفهاني مباشرة بعد هذا: "في الذي كان من الخطيب الجليل الذي عمت رزيته نزارًا واليمن".

(4)

الطلبات بكسر الطاء جمع طلبة كذلك، وهي اسم مصدر طالبه مطالبة - المصنف.

(5)

النِّسْع، بكسر النون، سير يُنسج عريضًا على هيئة أعنة النعال تُشد به الرحال - المصنف.

(6)

القُصَرَة بالتحريك أصل العنق - المصنف.

(7)

السخيمة الحقد والغضب، والظاهر أنه أراد أن الرجل لم يغضب ولم يدافع. وقوله "إلا بمكنته" تأكيد بما يشبه الضد، وعليه فالسخيمة والمكنة مضافان للفاعل. ويصح أن يكون المراد بالرجل هو امرؤ القيس، أي لم يذهب غيضه إلا بتمكينه من الانتقام، فالمكنة مضافة للمفعول - المصنف.

(8)

القضب جمع قضيب وهو السيف اللطيف - المصنف.

(9)

سليط الأحن الحقود - المصنف.

ص: 1300

الإحن على البرآء (1). وإما وادَعْتَنا إلى أن تضع الحواملُ، فتُسدَل الأُزُر، وتُعقد الخمرُ فوق الرايات".

فأجابهم امرؤ القيس بقوله: "لقد عَلمتِ العربُ أنه لا كُفْءَ لحُجر في دم، وإني لنْ أعتاضَ عنه جملًا ولا ناقة، فأكتسبَ به سُبَّةَ الأبد، وفتَّ العَضُد. وأما النَّظِرَةُ فقد أوجبتها الأَجنةُ في بطون أمهاتها، ولن أكونَ لعطبها سببًا وستعرفون طلائعَ كندة من بعد ذلك تحمل في القلوب حَنَقًا (2)، وفوق الأسنة علقًا، أتُقيمون أم تنصرفون؟ قالوا: بل ننصرف باسوأ الاختيار". (3)

وأما مثالُ الرِّقَّة، فيوجد كثيرًا في النَّظْم والنثر، وهي في النظم أكثر. ومِنْ جيِّد ما اشتمل عليها في النثر قولُ الوزير أبي المطرِّف ابن الدباغ الأندلسي (4) من رسالة:

"طلع علينا هذا اليومُ فكادَ يُمْطِرُ من الغضارةِ صحوُه، ويقبِسُ من الإنارةِ جوُّه، وَيُحْيِي الرميمَ اعتدالُه، ويُصْبِي الحليمَ جمالُه، فلفَّتْنا زهرتُه، ونَظَمَتْنا بَهجتُه، في

(1) النزاء بالضم الوثوب. - المصنف.

(2)

الحنق الغضب الشديد. - المصنف.

(3)

من الواضح أن المصنف اعتمد في نقل هذا النص إما على ابن الأثير أو القلقشندي، وفي كليهما اضطراب كبير من تصحيف وحذف وزيادة، ونص الحكاية كما ساقها الأصفهاني أكثر سلاسة واتساقًا ورونقا. وذكر أبو الفرج أن امرئ القيس قبل سؤاله وفد بني أسد: أتُقيمون أم تنصرفون؟ أنشد البيت الآتي:

إِذَا جَالَتِ الْحَرْبُ فِي مَأْزِقٍ

تُصَافِحُ فِيهِ المَنَايَا النُّفُوسَا

الأصفهاني: الأغاني، ج 3/ 9، ص 585 - 586 (نشرة الحسين)، ابن الأثير: المثل السائر، ج 1، ص 174 - 176؛ القلقشندي، أحمد بن علي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا، تحقيق محمد حسين شمس الدين (بيروت: دار الكتب العلمية، بدون تاريخ)، ج 2، ص 228 - 229.

(4)

هو الوزير الكاتب أبو المطرِّف عبد الرحمن بن فاخر المعروف بابن الدباغ، قال فيه ابن بسام:"أحد مَنْ خُلِّيَ بينه وبين بيانه، وجرى السحرُ الحلال بين قلمه ولسانه". ابن بسام الشنتريني، أبو الحسن علي: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، تحقيق إحسان عباس (بيروت: دار الثقافة، 1417/ 1997)، ج 3/ 1، ص 251.

ص: 1301

رَوْضَةٍ أرضعتْها السماءُ شآبيبَها، ونثرتْ عليها كواكبَها، وَوَفَدَ عليها النُّعمانُ بشقيقه، واحتلَّ فيها الهندُ بخَلُوقه، وبكَّرَ إليها بابِلٌ برحيقِه. فالجمالُ يُثْنِي لِحُسْنِها طرفَه، والنَّسيمُ يهزُّ لأنفاسها عِطْفَه. وتمنَّيْنَا أن يتَبَلَّجَ صُبْحُك من خلالِ فُروجه، وَتَحُلَّ شمسُك في منازلِ بُرُوجِه، فيَطْلع علينا الأُنسُ بِطُلوعِك، وتُهْدِيه بوُقُوعِك. ولنْ تَعْدِم نَوْرًا يَحْكِي شَمائلَكَ طيبًا وَبَهْجَة، وَرَاحًا تَخالُها خِلَالَك صفاءً ورقة، وألْحانًا تُثِيرُ أشْجانَ الصَّبِّ، وتَبْعثُ أطْرَابَ القَلْب، وَنَدَامَى تَرْتَاحُ إليهم الشَّمُولُ، وتَتَعَطَّر بِأرَجِهم القَبُول، ويَحسد الصبحُ عليهم الأصيل، ويقصر بمجالستهم الليلُ الطويل". (1)

ثم إن للكلامِ مقاماتٍ متنوعة: منها مقامُ تحقيق، ومنها مقامُ مسامحة. ففي الأول يُؤتَى بالبرهان والحكمة والجد، وفي الثاني يؤتى بالخطابة والشعر والتمليح والمزح. ومن المقاماتِ مقامُ تبيينٍ، ومقام تنميق. ففي الأول الحقيقةُ، والتصريحُ، واللفظُ المتعارَف. وفي الثاني المجازُ، والكنايةُ، والتعريضُ، والتمليح، والتوجيهُ، والإبهامُ، والخصوصِيُّ من الألفاظ.

و[ينقسم الكلامُ] باعتبارٍ آخر إلى مقامِ اقتصاد، ومقامِ إفراط. ففي الأول حكايةُ الواقع، وفي الثاني المبالغةُ وفروعُها. وباعتبار آخر إلى مقامِ إطنابٍ، ومقام

(1) اعتمدنا في ضبط النص على رواية الفتح ابن خاقان بتحقيق المصنف، مع تصويب ما ترجح لدينا أنه تصحيف، وقد تمثل ذلك في عبارة "ندى من" التي من الواضح أنها تصحيف لكلمة "ندامى"، وهو ما أثبته خريوش في تحقيقه. أما ما كان الأمر فيه راجعًا إلى اختلاف الروايات، فقد جرينا فيه على ما أثبته المصنف. الفتح بن خاقان، أبو نصر محمد بن عبيد الله القيسي: قلائد العقيان، صححه وحققه وعلق عليه سماحة الأستاذ الإمام الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور (تونس: الدار التونسية للنشر بالتعاون من وزارة الثقافة والإعلام، 1990)، ص 260؛ قلائد العقيان ومحاسن الأعيان، صححه وحققه وعلق عليه الدكتور حسين يوسف خريوش (عمان: مكتبة المنار، ط 1، 1409/ 1989)، ج 1، ص 320 - 321؛ الأصبهاني الكاتب، العماد: خريدة القصر وجريدة العصر (قسم شعراء المغرب والأندلس)، تحقيق آذرتاش آذرنوش وتنقيح وزيادة محمد العروسي المطوي وزميليه (تونس: الدار التونسية للنشر، ط 2، 1986)، ج 2 - 3، ص 392 - 393. وانظر كذلك ابن بسام: الذخيرة، ج 3/ 1، ص 305. وبين الروايتين اختلاف، وقد ضبطنا النصَّ وَفق ما جاء في "الخريدة".

ص: 1302