الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المترادف في اللغة العربية
(1)
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلاةً وسلامًا على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسان إلى يوم الدين.
قد سبق لي حينما ألقيتُ محاضرة في اللغة المشتركة، لدى مؤتمر الآداب لإفريقية الشمالية المنعقد في تونس سنة 1350 هـ - وهي المحاضرة التي نشرت بعد في مجلة "الهداية الإسلامية" الغراء في المجلد التاسع يومئذ - أن وعدتُ أن أُقَفِّيَها بمحاضرة في اللفظ المترادف، إذ بين هذين النوعين من ألفاظ العربية نسبة متينة. ولَم أكنْ، حين قطعتُ وعدي وعقدت عهدي، بمظنة مُضمِرِ المطال، ولا بمقدِّرٍ مرورَ زمنٍ قد نَأَى مِنْ بعدُ وطال. ذلك أن شواغلَ ومهماتٍ ألهَتِ الذهن، وأغلقت اللهاة، فكان مثلي بعكس مثل قوله:"واللُّها تفتح اللَّها"(2)، وبحال قول الآخر:"فقولا لها: لها"(3).
(1) مجلة مجمع فؤاد الأول للغة العربية (مجمع اللغة العربية لاحقًا)، الجزء الرابع، 1356/ 1937، طبعة سنة 1939 هـ، المطبعة الأميرية ببولاق (ص 241 - 268).
(2)
يحكى أن المعتمد بن عباد اللخمي صاحب قرطبة وإشبيلية أنشد يومًا في مجلسه بيت المتنبي، وهو من جملة قصيدته المشهورة:
إِذَا ظَفِرَتْ مِنْكِ العُيُونُ بِنَظْرَةٍ
…
ثَابَ بِهَا مَعِيُّ المَطِيِّ وَرَازِمُهْ
وجعل يردده استحسانًا له، وفي مجلسه أبو محمد عبد الجليل بن وهبون الأندلسي، فأنشد ارتجالًا:
لَئِنْ جَادَ شعرُ ابنِ الحُسَيْن فَإِنَّمَا
…
تُجِيدُ العَطَايَا وَاللُّهَا تَفْتَحُ اللَّهَا
تَنَبَّأ عَجَبًا بِالقَرِيضِ وَلَوْ دَرَى
…
بِأَنَّكَ تَرْوِي شِعْرَهُ لَتَأَلَّهَا
اللُّها (بضّم اللام) العطايا، وهو جمع اللُّهوة (بالضم): العطية. واللَّها (بفتح اللام) اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم، ويستخدم مجازًا عن الفم. وبيت المتنبي من قصيدة قالها في مدح سيف الدولة سنة 337 هـ عند نزوله أنطاكية بعد ظفره بحصن بَرْزُوَيه. ومعنى رازم: الذي سقط من الإعياء فلا يبرح. شرح ديوان المتنبي البرقوقي، ج 4، ص 49)
(3)
جزء من مقطوعة لجميل بثينة من خمسة أبيات من بحر الطويل، جرى فيها على نمط واحد في آخرها، وهي: =
حتى أظلَّ موسمُ افتتاح مجمع اللغة العربية الملكي، فأحببتُ أن أَجريَ مع رُبانيه في بحر العربية فلكي، ولكن أين زورقي من تلك السفائن؟ وشتَّان بين ملَّاحٍ يظل من خوفه معتصمًا بالخيزرانة، وبين أمثال ابن يامن! (1) فالآن أوان أن أَفِيَ بوعدي، وأن أقتدحَ لتنوير مشكلةٍ من العربية زندي. وقد بذلتُ الجهدَ لإجلاء هذا المبحث مجلَى تحقيقٍ لَم أُسبق إليه، فإن لم أكن فيه مجليًا كنت مرتاحًا بإقبال فرسان الحلبة عليه. وأنا أحمِّل زورقي حمولةً من عنبر التحية (2) للجهابذة حماة اللغة العربية الذين جمعتهم الكنانةُ لإصابة أغراضٍ سنية.
= خَلِيلَيَّ إِنْ قَالَتْ بُثَيْنَةُ: مَا لَهُ
…
أَتَانَا بِلَا وَعْدٍ؟ فَقُولَا لَهَا: لَهَا
أَتَى وَهْوَ مَشْغُولٌ لِعُظْمِ الَّذِي بِهِ
…
وَمَنْ بَاتَ يَرْعَى السُّهَا سَهَا
بُثَيْنَةُ تُزْرِي بِالغَزَالَةِ فِي الضُّحَى
…
إِذَا بَرَزَتْ لَمْ تُبْقِ يَوْمًا بِها بَها
لَهَا مُقْلَةٌ كَحْلاءُ نَجْلَاءُ خِلْقَةً
…
كَأَنَّ أَبَاهَا الظَّبْيُ أَوْ أَمَّهَا مَهَا
دَهَتْنِي بِوُدٍّ قَاتِلٍ وَهْوَ مُتْلِفِي
…
وَكَمْ قَتَلَتْ بِالوُدِّ مَنْ وَدَّهَا دَهَا
ديوان جميل بثينة، نشرة بعناية أحمد عدوة (بيروت: عالم الكتب، ط 1، 1416/ 1996)، ص 227 - 228.
(1)
أشرتُ أولًا إلى قول النابغة:
يَظَلُّ مِنْ خَوْفِهِ المَلَّاحُ مُعْتَصِمًا
…
بِالخَيْزُرَانَةِ بَعْدَ الأَيْنِ وَالنَّجَدِ
وثانيًا إلى قول طرفة في معلقته: "عَدْوَلِيَّةٌ أَوْ مِنْ سَفِينِ ابْنِ يَامِنٍ"، وابن يامن هذا ربان من البحرين. - المصنف. وبيت النابغة هو السادس والأربعون من قصيدته الدالية (من البحر البسيط) التي قالها في مدح النعمان بن المنذر والاعتذار إليه مما وشى به عنه بنو قُريع في أمر المتجردة زوج النعمان. ديوان النابغة الذبياني، ص 27 (نشرة محمد أبو الفضل إبراهيم) وص 88 (نشرة ابن عاشور). وبقية بيت طرفة (وهو من المعلقة):"يَجُورُ بِهَا الملَّاحُ طوْرًا وَيهْتَدِي". ديوان طرفة بن العبد، ص 26؛ القرشي: جمهرة أشعار العرب (معلقة طرفة بن العبد)، ص 197.
(2)
اقتباسٌ من قول ابن المعتز في وصف الهلال وما حوله من سواد بقبة كرة القمر:
فَانْظُرْ إِلَيْهِ كَزَوْرَقٍ مِنْ فِضَّةٍ
…
وَقَدْ أَثْقَلَتْهُ حَمُولَةٌ مِنْ عَنْبَرِ
- المصنف. والبيت ثاني اثنين قالهما الشاعر عند قدوم عيد الفطر، وفيه يصف الهلال. ديوان ابن المعتز، تقديم كرم البستاني (بيروت: دار صادر، بدون تاريخ)، ص 247؛ عبد الله بن محمد =