المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب المجزوم أدوات الجزم حروف وأسماء، فمن الحروف، لام الطلب، وتشمل - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٤

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌ ‌باب المجزوم أدوات الجزم حروف وأسماء، فمن الحروف، لام الطلب، وتشمل

‌باب المجزوم

أدوات الجزم حروف وأسماء، فمن الحروف، لام الطلب، وتشمل الأمر، والدعاء نحو قوله تعالى:«لينفق ذو سعة من سعه» و «ليقض علينا ربك» وأكثر النحاة يعبر عنها بلام الأمر، وحركتها الكسر، وفتحها عن الفراء لغة سليم، وعنه أيضًا تفتح بفتحة الفاء بعدها، فعلى هذا قيل: إن انكسر ما بعدها نحو: لتئذن، أو انضم نحو: لتكرم زيدًا، فلا تفتح، بل تكسر، وعنه أيضًا ما نص عليه في سورة النساء وهو قوله: وبنو سليم يفتحون اللام إذا استؤنفت فيقولون: ليقم زيد يجعلون اللام منصوبة في كل جهة كما نصبت تميم لام (كي)، إذ قالوا: جئت لآخذ حقي، يريد أنهم لا يفتحون إلا إذا لم يكن قبلها واو، أو فاء، أو ثم، ويجوز تسكينها مع ثلاثتها، وليس بضعيف، ولا قليل مع ثم، خلافًا لمن زعم ذلك، بل الأكثر التسكين مع الواو والفاء، وقال خطاب الماردي: إسكانها مع ثم في ضرورة الشعر، ولا يجوز في الكلام، وإن كان حمزة قد قرأ «ثم ليقطع» بسكون اللام؛ لأنه لم يكن له علم بالعربية انتهى.

وإذا أُسند الفعل إلى غير الفاعل المخاطب لزمت اللام نحو: ليقم زيد وليضرب خالد، ولتفن بحاجتي، ولأغن بها، وقال تعالى:«ولنحمل خطياكم» وفي الحديث «قوموا فلأصل لكم» وقال الشاعر:

ص: 1855

وجدت أمن الناس قيس بن عثعث

فإياه فيما نالني فلأحمد

ودخولها على فعل المتكلم مفردًا، أو مشاركًا فيه قليل، والصحيح أنه لا يجوز حذف لام الأمر إلا في الشعر خلافًا، للمبرد، إذ منع ذلك أيضًا في الشعر وخلافًا للكسائي، إذ أجاز حذفها بعد الأمر بالقول كقوله تعالى:«قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة» أي ليقيموا الصلاة، وخلافًا لمن أجاز ذلك بعد قول غير أمر نحو: قلت لزيد يضرب عمرًا، أي ليضرب، فإذا كان مسندًا للفاعل المخاطب فلغتان: إحداهما قالوا: رديئة قليلة وهي إقرار تاء الخطاب واللام نحو: لتقم.

وزعم الزجاجي: أنها لغة جيدة، والثانية وهي اللغة الجيدة الفصيحة أن يكون عاريًا من حرف المضارعة، واللام، فإن كان ما بعد حروف المضارعة متحركًا أقر على حركته نحو: دحرج، وبع، وقم، وعد، وهب، وإن كان ساكنًا، وماضيه على وزن أفعل، فالأمر منه أفعل بقطع الهمزة، أو على غير وزنه اجتلبت له همزة الوصل مكسورة في غير الثلاثي، وفي الثلاثي الذي ثانيه مكسور أو مفتوح نحو: انطلق، واضرب، واركب، ومضمومة إن كان مضمومًا نحو: اقتل إلا إن

ص: 1856

نقل إلى فاء الكلمة حركته، فتذهب الهمزة نحو: سل، وشذ إقرارها مع النقل نحو: اسئل وشذ في الكلام: خذ، وكل، ومر وتقدم الكلام عليها في التصريف في باب الحذف، وعلى الأمر إذا كان عاريًا عن اللام، أهو معرب، أو مبني في باب البناء، وعلى همزة الوصل ما أصلها، وما أصل حركتها في همزة الوصل ويلزم آخره ما يلزم المجزوم نحو: اضرب، واضربي، واضربا، واضربوا، واضربن، واغز، وارم، واخش.

ومن إبدال الهمزة في يقرأ ألفًا، وفي يوضؤ واوًا، وفي يقرئ ياء، فلك إثباتها نظرًا إلى أصلها فتقول: اقرا، واوضوا، واقرى، ولك حذفها نظرًا إلى ما آلت إليه فتقول: اقر، واوض، واقر.

ولا يجوز الفصل بين لام الأمر وما عملت فيه، لا بمعمول الفعل ولا بغيره، ويجوز تقديم معمول معمولها عليها إذا كان يجوز تقديمه على فعل الأمر العاري من اللام نحو: زيدًا ليضرب خالد، وفعل الأمر للمخاطب بغير لام إذا عطف فعل بعده ارتفع على الاستئناف نحو: اضرب زيدًا أو ليضرب، ويركب خالد، ويجوز في النثر جزمه عطفًا على توهم أن الأول باللام، ويجوز تقديم منصوبه عليه تقول: زيدًا اضرب، وقال قوم: تنصب زيدًا بفعل مضمر، ودليلهم دخول الفاء عليه فتقول: زيدًا فاضرب، وقالوا: الأمر والنهي لا يتقدم منصوبهما عليهما، لأن لهما الابتداء.

(لا): في الطلب يشمل النهي والدعاء نحو: لا تضرب زيدًا، و «ربنا لا تؤاخذنا» وهي أصل بنفسها خلافًا لمن زعم أن أصلها لام الأمر زيد عليها ألف، فانفتحت اللام لأجلها، وخلافًا للسهيلي، إذ زعم أنها (لا) التي للنفي،

ص: 1857

وأن الجزم في الفعل بلام الأمر مضمرة قبلها، حذفت كراهة اجتماع لامين في اللفظ، وإذا بني الفعل للمفعول جاز دخول (لا) هذه عليه سواء أكان لمتكلم أو غائب أو مخاطب نحو: لا أخرج، ولا تخرج ولا يخرج زيد، وإذا بني لفاعل، فالأكثر أن يكون للمخاطب ويضعف للمتكلم نحو قوله:

لا أعرفن ربربا حورا مدامعها

...

... ....

وللغائب نحو: لا يخرج زيد، ولا يفصل بين (لا) هذه ومعمولها إلا إن كان بالفضلة نحو: لا اليوم تضرب زيدًا، فقيل يجوز في قليل من الكلام، وقيل يختص بالضرورة، وقد يجوز بالنهي عن الفعل المقصود به في الحقيقة، إلى ما يلزمه نحو قولهم:«لا أرينك هنا» .

واللام، ولا الطلبيتان يخلصان المضارع للاستقبال، وهل يجوز حذف الفعل بعد (لا) الطلبية في كلام ابن عصفور، وشيخنا أبي الحسن الأبذي ما يدل على جواز حذفه، إذ دل عليه الدليل، وتعبته (لا) قالا كقولك: اضرب زيدًا إن أساء، وإلا فلا «أي فلا تضربه» ويحتاج ذلك إلى سماع من العرب، والأمر لا يدل إلا على طلب إدخال الماهية في الوجود، لا على فور، ولا تكرار، والنهي يلزم منه العموم.

وصيغة الطلب تأتي لمعانٍ أخر بالقرينة نحو: الإذن، والتهديد، والتعجيز، والتأديب، والتسخير، والاستهزاء، والتكوين، وغير ذلك وليس ذلك على سبيل الاشتراك، خلافًا لمن زعم ذلك، بل على سبيل المجاز فلا يصار إلى ذلك إلا بقرينة.

ص: 1858

(لم ولما): وهي مركبة من لم، و (ما) عند الأكثرين، وبسيطة عند بعض النحاة، ومذهب سيبويه: أنهما يصرفان لفظا الماضي إلى المضارع دون معناه، ومذهب المبرد أنهما يصرفان معنى المضارع إلى الماضي دون لفظه، وتنفرد (لم) بمصاحبة أدوات الشرط نحو: إن لم تقم أقم، وهي موضوعة لمطلق الانتفاء فلا تدل على أن ذلك منقطع عن زمان الحال، ولا متصل به، بل قد تجيء في المنقطع نحو: قوله تعالى: «لم يكن شيئا مذكورا» ، وفي المتصل نحو قوله تعالى:«ولم أكن بدعائك رب شقيا» وتنفرد (لما) بوجوب الاتصال للنفي بزمان الحال نحو: لما يقم زيد، يدل على انتفاء القيام إلى زمن الإخبار، ولذلك لا يحسن أن تقول: لما يقم زيد ثم قام بل تقول: لما يقم زيد، وقد يقوم أو لا يقوم، واختلف عبارة أصحابنا، فبعضهم يقول (لما) لنفي الماضي المتصل بزمان الحال، وبعضهم يقول لنفي الماضي القريب من زمان الحال، وقيل: كونها للماضي القريب من الحال ليس شرطًا بل غالبًا، فعلى هذا قد لا يكن للمتصل بالحال، ولا القريب منه، وقيل (لم) لنفي الماضي المنقطع، و (لما) لنفيه متصلاً بزمان الحال هذا المعنى الذي لهما بحق الأصالة، وقد توضع (لم) موضع (ما) فينفى بها الحال، وتنفرد لما أيضًا بجواز حذف مجزومها إذا دل على حذفه دليل نحو: قاربت المدينة ولما، تريد: ولما أدخلها، وهذا أحسن ما

ص: 1859

يخرج عليه قراءة من قرأ: «وإن كلا لما» خرجته على حذف الفعل المجزوم لدلالة قوله تعالى: «ليوفينهم ربك أعمالهم» أي لما ينقص من عمله ثم حكى عن أبي عمرو بن الحاجب تخريجه على حذف الفعل ثم وجدت تخريجه على حذف الفعل لمحمد بن مسعود الغزني قال في كتابه البديع: لما قد يحذف فعله لقيام الدليل نحو: جئت ولما، أي ولما تجيء، قال الله تعالى:«وإن كلا لما» «أي لما يوفوا» ثم استأنف فقال: «ليوفينهم» فحذف «يوفوا» لدلالة ما قبله عليه؛ لأن قبله «وإنهم لفي شك» وإنما جاز حذف فعله؛ لأنه يقوم بنفسه بسبب أنه مركب من (لم) و (ما)، وكأن، ما عوض من المحذوف. انتهى.

ويجوز ذلك في (لم) في الشعر نحو: «أحسن إليك وإن لم» تريد وإن لم تحسن، ولا يجوز الفصل بينها، وبين معمولها إلا في الشعر، وأجاز الفراء: لم إن تزرني أزرك، تجزم بلم، فتكون قد فصلت بين لم ومعمولها بالشرط، أو تجزم على جواب الشرط، ولا يصلح دخول الفاء عليه، وأبطل هشام هذا، وقياس (لما) على (لم) واضح، ولا يجوز لم يقم زيد، ولا يجلس عمرو وقال ابن عصفور: وهو من أقبح الضرائر فلا يقاس عليه في الشعر.

ويجوز تقديم معمول مجزومها الفضلة عليها نحو: زيدًا لم أضرب وعمرًا لما

ص: 1860

أضرب، وقد تلغى (لم) في الشعر فلا تجزم حملاً على (ما)، وقيل حملاً على (لا).

وحكى اللحياني عن بعض العرب أنه ينصب بـ (لم)، وقد تخرج على ذلك قراءة من قرأ:«ألم نشرح لك صدرك» بنصب الحاء، وتنفردان دون لام الطلب، ولا في الطلب بجواز دخول همزة الاستفهام عليها، وأكثر مع (لم) وتكون استفهامًا حقيقة عن الفعل المنفي بهما، فإذا قال: ألم يقم زيد، وألما يقم زيد، فمعناه السؤال عن انتفاء قيام زيد فيما مضى، والأكثر إذا دخلت عليهما أن يكون الاستفهام على سبيل التقرير، والتقرير هو التوقيف على ما يعلم المخاطب ثبوته، ولذلك الكلام معه موجب حتى إنه يعطف عليه صريح الموجب نحو قوله تعالى:«ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك» وهو تارة يخلص للتقرير، وتارة تنجر معه معان منها التذكير نحو قوله تعالى:«ألم يجدك يتيما فآوى» والتهديد والتخويف نحو قوله تعالى: «ألم نهلك الأولين» والإبطاء: «ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله» ، والتنبيه «ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء» ، والتعجب:«ألم تر إلى الذين تولوا قومًا غضب الله عليهم» ، والتوبيخ:«أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر» .

والواو والفاء المتوسطة بين الهمزة، ولم، ولما تعطف الجملة التي بعدها على الجملة التي قبل الهمزة، ولا يجوز تقديمها على الهمزة بخلاف غيرها من أدوات

ص: 1861

الاستفهام نحو: هل ومتى، تقول: وهل فمتى، وذهب الزمخشري في أحد قوليه إلى تقدير معطوف عليه بين الهمزة ولم، أو لما حذف وعطف عليه، وقدر في كل موضع ما يناسب فتقدر في:«أولم يسيروا» أمكثوا ولم يسيروا، وفي «أفلا تعقلون» أجهلوا فلا يعقلون.

وأدوات الشرط وهي كلم وضعت لتعليق جملة بجملة، وتكون الأولى سببًا، والثانية متسببًا، ولذلك عند جمهور أصحابنا لا تكون إلا في المستقبل، وهذه الكلم حرف، واسم، الحرف:(إن) و (إذ ما) في مذهب سيبويه، خلافًا للمبرد في أحد قوليه، وابن السراج، والفارسي في زعمهم أن (إذ ما) اسم ظرف زمان، و (إن) أم الأدوات، ولا تشعر بزمان يكون فيه توقف حصول الجزاء على حصول الشرط من لفظها، و (إذ ما) على مذهب سيبويه كذلك، ويجزم بها في الكلام، خلافًا لمن خص ذلك بالشعر وجعلها كـ (إذا) معناها كـ (معناها).

ص: 1862

ولا تحمل (إن) على (لو)، فيرتفع ما بعدها خلافًا لزاعم ذلك، وإثبات ما أثر في الحديث يمكن تأويله، والاسم ظرف، وغير ظرف، فغير الظرف: من وما، ومهما، فـ (من) لتعميم أولي العلم من ملك، وإنسان، وشيطان، و (ما) دالة على الإبهام، وتعم، وكلاهما مبهمة في أزمان الربط، و (مهما) بمعنى (ما)، فقيل إنها بسيطة، ووزنها: فعلى وألفها إما للتأنيث: وإما للإلحاق وزوال التنوين للتأنيث، ويختار فيها البساطة.

وقال الخليل: هي مركبة من (ما) و (ما) الأولى التي للجزاء والثانية التي تزاد بعد الجزاء استقبحوا التكرير، فأبدلوا من الألف الأولى هاء، وجعلوها كالشيء الواحد، وذهب الأخفش، والزجاج، والبغداديون إلى أنها مركبة من (مه) بمعنى اسكت، وما الشرطية قالوا: وقد تستعمل (مه) مع (من) التي هي شرط، وأجاز سيبويه أن تكون (مه) أضيف إليها (ما)، ولا يجوز إلا على أن تكون (ما) شرطية، ولا تخرج عن الاسمية خلافًا لمن زعم أنها تكون حرفًا بمعنى (إن) ذكر ذلك خطاب، والسهيلي، إذ زعم أنها تكون حرفًا، ولا تخرج عن الشرطية خلافًا لمن زعم أنها قد تكون استفهامًا مستدلاً بقوله:

ص: 1863

مهما لي الليلة مهما ليه

...

....

ولا دليل فيه لاحتمال أن تكون (مه) بمعنى انكفف، وما هي الاستفهامية، وانفردت (مهما) من (من وما)، بأنها لا يدخل عليها حرف الجر، ولا يضاف إليها فلا تقول: على مهما تكن أكن، ولا جهة مهما تقصد أقصد.

وقد وهم ابن عصفور، فزعم أنه يدخل عليها حرف الجر، ولا تقع (ما) ولا (مهما) ظرفي زمان، خلافًا لزاعم ذلك، وذكر أبو العباس محمد الحلواني أن من الجوازم (مهمن)، وقال قطرب لم يحمل الجزم بها عن فصيح.

والظرف ظرف زمان، وظرف مكان، فظرف الزمان متى وأيان، أما (متى) فلتعميم الأزمنة، ولا تفارق الظرفية فتكون شرطًا نحو: متى تقم أقم، ولا تهمل حملاً على إذا، خلافًا لزاعم ذلك، واستفهامًا نحو: متى القيام فتكون خبرًا، ويليها الماضي والمستقبل، قال المبرد: متى وأين يكون جوابهما معرفة ونكرة، وكيف لا يكون جوابها إلا نكرة، انتهى.

ولا تجيء بعد (متى)(ما) إلا في الشرط، فيجوز: متى ما تقم أقم، وزعم الكوفيون أنها تكون بمعنى وسط في لغة هذيل تقول: جعلته في متى الكيس «أي في وسطه» ، وزعموا أيضًا أنها تكون حرف جر بمعنى من: أخرجه متى كمه أي من كمه، ولا يعرف ذلك البصريون، وقد تقدم الكلام على ذلك في حروف

ص: 1864

الجر، و (أيان): لتعميم الأوقات كـ (متى)، وقيل تستعمل في الأزمنة التي تقع فيها الأمور العظام، والجزم بها محفوظ، خلافًا لمن زعم أن الجزم بها غير محفوظ، ولم يحفظ سيبويه الجزم بها، لكن حفظه أصحابه، وسليم تكسر همزتها فتقول: إيان، وتكون استفهامًا، فتقع خبرًا نحو قوله تعالى:«أيان مرساها» ، ويستفهم بها عن المستقبل لا عن الماضي كقوله:«وما يشعرون أيان يبعثون» .

وأما (إذا) فتقدم الكلام عليها في باب الظرف، ونحن نذكر هنا مزيدًا فنقول: إذا ظرف زمان فيه معنى الشرط غالبًا، قيل: واتفقوا على أنه للاستقبال، وزعم بعضهم أنه يكون للحال، وجعل منه قوله تعالى:«والنجم إذا هوى» وأصلها أن لا تكون شرطًا، إذ الشرط في لسان العرب ما يمكن وقوعه غالبًا، وإذا في الغالب تدل على المعلوم وقوعه، ومع دلالتها على الظرفية تدل على ارتباط إحدى الجملتين بالأخرى.

وقيل بل حصول الفعلين بحسب الاتفاق لا بحسب الارتباط؛ إذ لو لوحظ فيها معنى الشرط جيء بالفاء نحو قوله تعالى: «وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا» ، ولا يجوز إن يقم زيد ما ضربته، والفرق

ص: 1865

بين (إن)، و (إذا) أن (إن) لا تدل على الزمان بحسب الوضع، بل بحسب الالتزام لكن قد يقصد بها الزمان مجازًا، وعلى ضعف تقول:«إن احمر البسر فائتني» .

و (إن) إنما تدخل على المشكوك، أو المعلوم المبهم زمانه كقوله تعالى:«أفإين مت فهم الخالدون» ، ولا يلزم في (إذا) اتفاق الفعلين في وقوع زمانهما بخلاف (متى) تقول: إذا زرتني اليوم أزورك غدًا، ولا يجوز: متى زرتني اليوم أزورك غدًا، وإذا استعملت (إذا) شرطًا، فالجمهور على أنها مضافة للجملة بعدها، وضمنت الربط بين ما يضاف إليه وغيره، والعامل فيها جواب الشرط، والمنصور أنها ليست مضاف إليها، والعامل فيها الفعل الذي يليها.

والمشهور أنه لا يجزم بها إذ ذاك إلا في الشعر لا في قليل من الكلام، ولا في الكلام إذا زيد بعدها (ما) خلافًا لزاعم ذلك، ولا تقتضي العموم فليست كأسماء الشرط، وقيل تقتضيه، فهي مثل كلما تقتضي التكرار، و (إذا) لا تجيء زائدة خلافًا لأبي عبيدة.

وظرف المكان (أين وحيثما)، وهما لتعميم الأمكنة، ولا يخرجان

ص: 1866

عن الظرفية، وتكون (أين) شرطًا، واستفهامًا، ولا تكون (حيثما) إلا شرطًا، و (أنى) تكون شرطًا، وذكرها الثاني في ظروف المكان للعموم بمعنى (متى)، وبمعنى (أين)، وقيل لتعميم الأحوال، وتكون أيضًا استفهامًا بمعنى: متى، ومعنى (كيف) وبمعنى (أين).

وقال الفراء: (أنى) مشاكلة لمعنى (أين)، إلا أن (أين) للمواضع خاصة، وتصلح لغير ذلك، فإن قال قائل:«أنى لك هذا» فكأنه قال: من أي الوجوه، ومن أي المذاهب أصبته، وقد فرق بينهما الكميت قال:

تذكر من أني ومن أين شربه

...

...

...

وفي (أنى) معنى يزيد على (أين)، فـ (أين) لك هذا يقصر عن أنى لك هذا، لأن المعنى: من أين لك هذا، فهو بمعناه مع حرف الجزاء، ألا ترى أنها أجابت «هو من عند الله» ولو قالت: هو عند الله، لم يفد ذلك المعنى، وجواب أين لك هذا غير جواب (أنى) لك هاذ انتهى من الغرة.

ص: 1867

وأما (أي) فبحسب ما تضاف إليه، إن أضيفت إلى ظرف مكان كانت ظرف مكان نحو: أي جهة تجلس؟ أجلس معك، أو إلى ظرف زمان كانت ظرف زمان، أو إلى مفعول كانت مفعولاً، أو إلى مصدر كانت مصدرًا، وهي لتعميم أوصاف الشيء، والأوصاف مشتركة فلذلك يلزم أن تضاف لفظًا أو معنى إلى الموصوف.

والجمهور على أنه لا يجزم بكيف، خلافًا للكوفيين، وقطرب و (كيف) تكون استفهامًا، و (متى) لتعميم الأحوال، وإذا تعلقت بجملتين فقالوا: تكون للمجازاة من حيث المعنى لا من حيث العمل، وقصرت على أدوات الشرط، بكونها لا يكون الفعلان معها إلا متفقين نحو: كيف تجلس أجلس ومع الأدوات قد يكون الفعلان متفقين نحو: متى تجلس أجلس، ومختلفين نحو: متى تجلس أركب، وسيبويه يقول: يجازي بـ (كيف)، والخليل: يقول: الجزاء بها مستكرة، وكثير من النحاة منعوا الجزاء بها، والمسبب عن صلة الذي: أجاز الكوفيون جزمه نحو: كل رجل يأتيني أكرمه، وكذا لو دخل على هذه النكرة (أن)، وما ورد من ذلك حمله البصريون على الضرورة.

وأدوات الشرط تقتضي جملتين تسمى أولاهما شرطًا والثانية جزاء وجوابًا:

ص: 1868

والأولى مصدرة بمضارع غير دعاء مثبت أو منفي بـ (لا)، أو بـ (لم) أو بماضٍ عارٍ من قد، ومن حرف نفي، ومن جمود، ومن دعاء.

وأكثر ما يكون فعل الشرط ظاهرًا، وقد يكون مضمرًا قبل معموله مفسرًا بفعل من جنس المضمر نحو:«وإن أحد من المشركين استجارك» ، التقدير: وإن استجارك أحد من المشركين استجارك، وقد يفسر من المعنى نحو: ما قد رووا في «إن خير فخير» ، أي إن وقع خير فالجزاء خير، ويشذ كونه مضارعًا غير مصحوب بلم نحو: إن زيد يقم أقم معه.

ووقع في كتاب سيبويه ما يدل على جواز مثل هذا، لكنهم حملوه على الجواز في الشعر، ولا يتقدم الاسم إلا في (إن)، فيجوز بشرط مضى فعل الشرط، وكونه مصحوبًا بـ (لم)، ووافقنا على ذلك الكسائي، وفي نقل وافقنا عليه الفراء.

وأجاز الكسائي تقديمه على فعل الشرط بعد (من) وأخواته نحو: من زيد يضربه أضربه، وأجاز الكسائي إضمار (كان) بعد (من)، ومنعه الفراء.

ومن الكوفيين من منع ذلك في المرفوع، وأجازه في المنصوب والمجرور نحو: من زيدًا يضرب أضربه، ومن بزيد يمرر أكرمه، ومنهم من قال: لا يجوز تقديم المرفوع إلا فيما لا يمكن من أسماء الشرط أن يعود عليه مضمر نحو: متى، وأما ما يمكن فلا يجوز تقديم الاسم لا تقول: من هو يضرب زيدًا أضربه، ويجوز متى زيد يقم أقم معه، وهذا مذهب أبي علي صاحب المهذب.

ص: 1869

وأجاز الكسائي الفصل بين (من) والفعل بالعطف على من، وبالتأكيد ومنع ذلك الفراء، وهو الذي تقتضيه قواعد البصريين، وإذا ولى الأداة اسم مرفوع، فهو على إضمار الفعل يفسره الفعل بعده من لفظه كما تقدم، أو من معنى الكلام نحو:

لا تجزعي إن منفس أهلكته

...

...

...

تقديره: إن هلك منفس، وأجاز الكسائي ارتفاعه على الابتداء، والجملة في موضع جزمكما كان ذلك في جملة الجزاء، وذكره سيبويه بشرط أن يكون الخبر فعلاً فأما قوله:

فإن أنت لم ينفعك

...

...

...

ص: 1870

فقيل: أنت مبتدأ، وقيل فاعل بفعل محذوف يفسره المعنى، تقديره: فإن هلكت، لما حذف الفعل انفصل الضمير، وقال السهيلي: أنت في موضع نصب، وهو مما وضع فيه ضمير الرفع موضع ضمير النصب كما قالوا: لم يضربني إلا إياه، وضعوا المنصوب موضع المرفوع.

وجملة الجزاء إن صدرت بجملة اسمية لزمتها الفاء، أو إذا الفجائية نحو: إن زارنا زيد، فنحن نزوره، وقال تعالى:«وإن تصبهم سيئه بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون» و «وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون» .

والسماع في الربط بـ (إذا)، ورد في (إن) من أدوات الشرط الجازمة، والنصوص متضافرة على الربط بـ (إذا) في الجملة الاسمية مطلقًا مع أدوات الشرط، وكذا جاء جواب إذا بإذا الفجائية، وذهب محمد بن مسعود إلى أنه لا يربط بـ (إذا)، وأن ما ورد من ذلك إنما هو على حذف الفاء أي فإذا هم يقنطون. انتهى.

وشرط الجملة الاسمية الداخلة عليها (إذا)، أن لا تكون طلبية، فلا يجوز إن عصى زيد إذا ويل له، وتقول: فويل له، ولا إن أطاع إذا سلام عليه، وتقول: فسلام عليه، وأن لا يدخل عليها أداة نفي، فلا يجوز: إن قام زيد إذا [ما] قام عمرو قائم، ويجوز: فما عمرو قائم، وأن لا تدخل (إن) على ما كانت جملة اسمية، فلا يجوز: إن قام زيد إذا إن عمرًا قائم، ويجوز: إن قام زيد فإن عمرًا قائم.

ص: 1871

وإن كانت (إذا) تدخل على (إن) في غير الشرط، ولا يجوز أن يجمع بين الفاء، وإذا في الشرط، وإن كن جائزًا في غيره نحو: خرجت فإذا الأسد، وكون (إذا) تربط جملة الجواب بجملة الشرط هو مذهب الخليل وسيبويه، وزعم الأخفش أن ذلك هو على حذف الفاء، والفاء هي التي تربط، ولا يجوز حذف الفاء من الجملة الاسمية عند سيبويه إلا في الشعر، وأجاز المبرد حذفها في الكلام، وجاء حذفها، وحذف المبتدأ في الشعر نحو قوله

....

...

...

من ينكع العنز ظالم

فهو ظالم، وفي محفوظي قديمًا أن المبرد منع من حذف الفاء في الضرورة، وأنه زعم في البيت الذي استدل به على جواز حذف الفاء، وهو قوله:

من يفعل الحسنات الله يشكرها

...

...

ص: 1872

إن الرواية «فالرحمن يشكرها» ، وإن صدرت بجملة غير اسمية، فإن كان صدرها يصلح لدخول أداة الشرط عليه انجزم، إن كان مضارعًا ورفعه ضرورة.

وقال ابن الأنباري في: إن تزرني أزرك: الاختيار الجزم، وإنما يحسن الرفع إذا تقدم ما يطلب الجواب قبل (إن) كقولهم: طعامك إن تزرنا نأكل، تقديره: طعامك نأكل إن تزرنا، وقال الفراء: وأجابوا الشرط بالفاء، وقالوا: إن تزرنا فأزورك، واستغنى عن الفاء إن كان ماضيًا، وإن لم يصلح لزمته الفاء، وموضع ذلك أن يكون الفعل جامدًا كقوله تعالى:«إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي» ، أو طلبًا كقوله تعالى:«قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله» .

ص: 1873

والطلب يشمل الأمر، والنهي، والتخصيص، والعرض، والدعاء، والاستفهام أو شرطًا، نحو: إن تأتني فإن تحدثني أكرمك، أو ماضيًا مقرونًا بـ (قد) لفظًا كقوله تعالى:«إن يسرق فقد سرق أخ له» أو تقديرًا نحو: «إن كان قميصه قد من قبل فصدقت» ، وفي التحقيق ليس هذا جواب الشرط، أو منفيًا بغير (لا) و (لم) نحو: إن قام زيد فما يقوم عمرو، أو قلت: يقوم عمرو، أو مضارعًا مصحوبًا بـ (قد) نحو: إن يقم زيد فقد يقوم عمرو، أو بحرف تنفيس نحو قوله تعالى:«من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه» أو تعجبًا نحو: إن أحسنت إلي فما أحسنك، أو قسمًا نحو: إن تلزمني فوالله لأكرمنك، أو مصدرًا برب نحو قوله:

فإن أمس مكروبًا فيا رب قينة

أو بنداء نحو: إن أتاك راج فيا أخا الكرم لا تهنه، وفي التقدير: هي داخلة على جملة الطلب، وفصل بينهما بالنداء، فإن جاء من هذه محذوف الفاء، فبابه على الضرورة.

وزعم بعض النحاة أنه يجوز حذفها في حال السعة إذا كان فعل الشرط ماضيًا في اللفظ حملاً على: إن آتيتني آتيك، وجعل من ذلك قوله تعالى:«وإن أطعتموهم إنكم لمشركون» ، وزعم أن هذه الفاء اللاحقة هي فاء السبب الكائنة في الإيجاب نحو: قولك يقوم زيد، فيقوم عمرو، فكما يربط بها عند التحقيق يربط بها عند التقدير، وزعم بعضهم أنها عاطفة جملة على جملة، فلم تخرج عن العطف، وإذا رفع المضارع الواقع جوابًا للشرط المضارع فعله غير الداخل عليه (لم)، فإن كان قبله ما يمكن أن يطلبه نحو قوله (الرجز)

إنك إن يصرع أخوك تصرع

ص: 1874

أو لم يكن نحو: إن تأتيني آتيك، فالأولى عند سيبويه في الأولى أن تكون على التقديم، والتأخير، وفي الثانية أن يكون على حذف الفاء أي فآتيك، وجوز العكس سيبويه، وقال المبرد: هما على حذف الفاء فيهما.

وقيل: إن كانت الأداة اسم شرط بالمضارع المرفوع على إضمار الفاء فإن كانت غير اسم شرط، فعلى التقديم والتأخير، وإذا تقدمت الهمزة على أداة الشرط الذي فعله، وفعل جزائه مضارعان نحو: أإن تأتني آتك؟ فكما لو لم تدخل الهمزة، وذهب يونس إلى أنه يبنى على أداة الاستفهام، وينوي به التقديم، إن تأتني آتيك، ولا يجوز عنده جزمهما، ولا أن يجزم الأول ويرفع الثاني نحو: إن تأتني آتيك إلا في الشعر.

فلو كان الحرف (هل)، فالقياس جريان الخلاف كالهمزة، وأجاز الفراء في الثاني الجزم والرفع نحو: هل إن ترزني أزرك وأزورك؟ وأجاز الكسائي دخول الفاء

ص: 1875

فتقول: فأزورك، فإن تقدم (ما) على (إن)، فأجاز الفراء فيه الجزم والرفع نحو: ما إن تزرني أزورك وأزرك، وأبطل الفراء دخول الفاء في الفعل إذا تقدمت (ما)، بخلاف (هل)، وحكم (لا) النافية حكم (ما) في هذه المسألة.

وإذا كن فعل الشرط ماضيًا، وفعل الجزاء مضارعًا نحو: إن قام زيد يقوم عمرو، فجزمه فصيح، وزعم بعضهم أنه لا يجيء في الكلام الفصيح إلا مع كان. وظاهر كلام سيبويه، ونصوص الجماعة على أن ذلك لا يختص (بكان)، وأما (رفعه) فذهب بعض أصحابنا إلى أنه أحسن من الجزم، ونصوص الأئمة على جواز مجيئه في الكلام، خلافًا لبعض من عاصرناه، فإنه قال: لا أعلمه جاء في الكلام وإذا جاء، فقياسه الجزم، لأنه أصل العمل تقدم أو تأخر.

واختلف المتقدمون في تخريجه، فذهب سيبويه إلى أنه على التقديم والتأخير، وجواب الشرط محذوف، وذهب الكوفيون والمبرد إلى أنه على حذف الفاء، وهو الجواب، وذهب غير هؤلاء إلى أنه وهو الجواب، وليس على حذف الفاء، ولا على نية التقديم، وإذا قرن المضارع بالفاء، ارتفع على إضمار مبتدأ، فإن تقدمه ما يعود عليه فهو كقوله تعالى:«ومن عاد فينتقم الله منه» أي فهو ينتقم منه وكقوله تعالى: «فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا» أي فهو لا يخاف.

وسواء أكان فعل الشرط ماضيًا أم مضارعًا، وإن لم يتقدمه ما يعود عليه كان المحذوف ضمير الأمر نحو: إن قام زيد فيقوم عمرو أي: فهو أي الأمر والشأن يقوم

ص: 1876

عمرو، ومنه قوله تعالى:«أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى» في قراءة من كسر همزة (إن)، ورفع (فتذكر) أي فهو أي الأمر والشأن تذكر، وقال الفراء: وأجابوا الشرط بالفاء فقالوا: إن تزرني فأزورك، ليدلوا على اتصال الجواب بالأول، وإن كان ينجزم بالإتباع له انتهى.

ولو قيل ربط الجملة الشرطة بالمضارع له طريقان أحدهما بجزمه، والآخر بالفاء ورفعه لكان قولاً، وقد قررناه في الشرح، فينظر هناك، وذكر بعض أصحابنا الاتفاق على أن: أداة الشرط عاملة الجزم في فعل الشرط، وشذ المازني، فعنه في قول إنه مبني هو، وفعل الجزاء، وعنه في قول إنه معرب وفعل الجزاء مبني.

والمختار أن الأداة هي الجازمة لفعل الجواب، وهو مذهب المحققين من البصريين، وعزاه السيرافي إلى سيبويه، وذهب الأخفش إلى أنه مجزوم بفعل الشرط، وقيل الجزم بالأداة وفعل الشرط معًا، ونسب هذا إلى سيبويه، والخليل والأخفش، وذهب الكوفيون إلى أنه انجزم على الجوار كما ينجر الاسم على الجوار، وإذا كان لفعل الشرط معمول غير مرفوع نحو: إن تضرب زيدًا أضربه

ص: 1877

فلا يجوز تقدمه على الأداة فلا تقول: زيدًا إن تضرب أضربه، ولا: خيرًا متى تفعل تثب عليه: هذا مذهب البصريين والفراء.

وأما معمول فعل الجواب فلا يتقدم على الأدلة قيل باتفاق، فلا يجوز: خيرًا إن تزرنا تصب، فإن رفعت الفعل فقلت: خيرًا إن تزرنا تصيب، جاز ذلك، ومذهب الأخفش يقتضي جواز ذلك؛ لأنه يجيز تقديم الجواب على الشرط، ويتقدم على الجواب المجزوم ويفسر، وإن كان طالب رفع نحو: إن تزرنا خيرًا تصب، وإن تأتنا زيدًا تضربه، وإن تفعل زيد يفعل، تقديره: يفعل زيد يفعل، ففسر فعل الجواب المجزوم رافعًا لزيد هذا مذهب سيبويه.

واختلف النقل عن الفراء، فعنه في المسألة الأولى المنع مطلقًا إلا إن كان فعل الجواب مرفوعًا، فيجوز على التقديم، أو على حذف الفاء، وقيل عنه إن كان المعمول مجرورًا جاز تقديمه على الجواب، وإن كان صريحًا لم يجز، وأجاز الكسائي تقديمه عليه كائنًا ما كان، وأما المسألة الثانية، فأجازها سيبويه ومنعها الكسائي والفراء.

ص: 1878