المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٤

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌باب الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل

‌باب الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل

وهي أعلم، وأرى المنقولان من علم. ورأى بمعناهما المتعديين فتقول: أعلم زيد عمرًا كبشك سمينًا، وكذلك أرى، وهذان الفعلان مجمع على تعديتهما إلى ثلاثة وزاد سيبويه (نبأ)، وقال ابن هشام:(وأنبأ).

وذكر الفارسي، والجرجاني هذه الأربعة، وزاد الفراء: أخبر، وخبر، وزاد الكوفيون: حدث قالوا: ولم يحفظ عن العرب ما يتعدى إلى ثلاثة غيرها، ولم يذكر المتقدمون من البصريين: أخبر، وخبر، وحدث، وقد ذكرهما جماعة من المتأخرين كـ (الزمخشري)، وأكثر أصحابنا، وذكر الحريري:(علم) المتعدية بالتضعيف المنقولة من علم المتعدية إلى اثنين، وذكر ابن مالك (أدرى) في نحو قوله تعالى:«وما أدراك ما يوم الدين» قال: أدري بمعنى أعلم، وقال ابن هشام اللخمي: أدري يتعدى إلى ثلاثة، وزاد الأخفش قياسًا، واختاره ابن السراج أظن، وأحسب، وأخال، وأزعم، وأوجد، وزاد بعضهم (رأى) الحلمية، واختاره ابن مالك، وقال سماعًا كقوله تعالى:«إذ يريكهم الله في منامك قليلاً» .

ص: 2133

وزاد ابن هشام اللخمي: (عرف)، و (أشعر) المنقولين من عرف، وشعر المتعديين إلى اثنين، وزاد عبد القاهر: استعطيت زيدًا عمرًا درهمًا، وقال في النهاية:«ولا يبعد أن يقول: أكسيت زيدًا عمرًا ثوبًا أي جعلته يكسوه إلا أنهم لم يذكروا النقل إلا فيما يتعدى إلى اثنين من باب ظننت» .

فأما (أنبأ) و (نبأ)، فقال ابن ولاد: يستعملان على أصلهما فتقول: أنبأته عن كذا وبكذا، وكذا (أنبأ) قال: وتستعمل (أعلم) استعمالهما فتقول: أعلمت زيدًا بأمرك وعن خبرك، وقال صاحب اللباب: وذهب بعضهم إلى أن (أنبأ) تتعدى إلى اثنين بنفسها كقوله تعالى: «من أنبأك هذا» .

وقال الأستاذ أبو علي بالثلاثة التي ذكرها سيبويها وهي: (أعلم، وأرى، ونبأ) وقال في (أنبأ)، وأخبر، وخبر، وحدث: الأصل تعديتها بحرف الجر؛ فإن سمع تعديتها إلى ثلاثة فاتساع إلى ثلاثة، وزعم أن (حدث) إنما سمعوا تعديتها إلى ثلاثة في قوله:(الخفيف).

أو منعتم ما تسألون فمن حد

ثتموه له علينا الولاء

ولا دليل فيه، لأنه إنما وصل بالتضمين، وأما (علم) في قول الحريري، فالذي ذكر أصحابنا أن (علم) المتعدية إلى اثنين لم تنقل إلا بالهمزة، وأن علم المتعدية إلى واحد لم تنقل إلا بالتضعيف ليفرق بذلك بين المعنيين، ولم توجد متعدية إلى ثلاثة في لسان العرب.

ص: 2134

وأما (أدرى)، فمنقولة بالهمزة من (درى) المتعدية بحرف الجر، فتتعدى إلى واحد، وإلى آخر بحرف الجر كقوله تعالى:«ولا أدراكم به» .

وأما (أرى) الحلمية، فمبني على أن (رأى) الحلمية تتعدى إلى اثنين، ولا يصح بل ما ادعى أنه مفعول ثان، أو ثالث منصوب على الحال، وما يتعدى إلى ثلاثة يجوز حذفها اختصارًا، أو حذف اثنين منها اختصارًا، أو حذف كل منهما اختصارًا.

وأما الحذف اقتصارًا، فإن كان الأول، فذهب المبرد، وابن السراج، وابن كيسان، وخطاب الماردي، والأكثرون إلى أنه يجوز حذفه اقتصارًا، ويجوز أن يقتصر عليه، وتحذف المفعولين الأخيرين فتقول: أعلمت كبشك سمينًا، ولا تذكر من أعلمت، وأعلمت زيدًا، ولا تذكر ما أعلمته، وروى هاذ عن المازني. وأجاز الجرمي: الاقتصار على الأول دون الأخيرين، وذهب سيبويه إلى أنه لا يجوز أن يقتصر عنه ولا عليه، وهو قول ابن الباذش، وابن طاهر، وابن خروف، والأستاذ أبي علي، وابن عصفور، ونقل عن الأستاذ أبي علي أيضًا أنه لا يجوز أن يقتصر على الأول، فتقول: أعلمت زيدًا ولا عليه وعلى أحد الآخرين، ويجوز الاقتصار على الآخرين، وحذف الأول، وهذان المفعولان الأخيران أصلهما المبتدأ والخبر، واختلفوا في إلغاء الفعل عنهما، فيرجعان إلى أصلهما من المبتدأ والخبر، فذهب قوم إلى جواز الإلغاء سواء بني الفعل للفاعل، أم بني للمفعول، وهو

ص: 2135

اختيار ابن مالك.

وذهب قوم إلى المنع مطلقًا، وهو قول الأستاذ أبي علي، وتبعه صاحب البسيط، وابن أبي الربيع، وعبد العزيز بن زيد بن جمعه من معاصرينا من نحاة بغداد، وفصل أبو بكر خطاب، وتعبه الجزولي، فقال: إن كانت مبنية للفاعل فلا يجوز إلغاؤها، وإن كانت مبنية للمفعول جاز إلغاؤها، قال خطاب: زيد (نبئت) عالم وأخوك أعلمت، ففيه ألغيت للتوسط، وإن شئت أعملت، وقال زيد: أنبأت عمرًا خير الناس أعلمت ولا يجوز إلغاؤها توسطت أو تأخرت.

وأما التعليق على المفعولين، فذهب أكثر النحويين إلى أنه لا يجوز، وهو اختيار ابن أبي الربيع، وابن جمعه، وذهب بعضهم إلى جوازه، وهو اختيار صاحب البسيط، وابن مالك.

وإذا بنيت هذه الأفعال للمفعول صارت كـ (ظننت) فتقول: أعلمت زيدًا قائمًا، وحدثت عمرًا منطلقًا، والخلاف، والتقسيم، الذي في مفعولي ظننت بالنسبة إلى الحذف اقتصارًا واختصارًا، جاز هنا.

وتسد (أن)، و (إن)، مسد المفعولين بنيت للفاعل أو للمفعول كما سدتا في ظننت، ولا يتصل ضمير الشأن بأعلمت كما يتصل بظننت، ومما جاء مبنيًا للمفعول ولم يبن للفاعل (أرى) بمعنى أظن تقول: أريت زيدًا قائمًا أي ظننت،

ص: 2136

فهو مسند من فعل مبني للفاعل، لم ينطق به أيضًا بأظننت التي أريت بمعناها، وحكم المضارع حكم الماضي في ذلك، فتقول: أرى زيدًا ذاهبًا، ونرى زيدًا ذاهبًا، فمفعولها الأول لا يكون إلا ضمير متكلم أو ضمير مخاطب نحو قولهم:«كما ترى الحرورية رجلا» . ويصل هذا الفعل إلى نصب الضمير المتصل مع أنه رافع الضمير، وهو تقول أراني سائرًا ومتى نراك سائرًا، ومتى تريانكما سائرين، ومتى ترونكم سائرين، ومتى ترينك سائرة، ومتى تريانكما سائرتين، ومتى ترينكن سائرات.

ص: 2137