الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
تقدم الكلام على إضافة المنادي إلى ياء المتكلم في آخر فصل من باب الإضافة، وكذا تقدم إن أضيف المنادي إلى مضاف إلى الياء نحو: يا غلام غلامي، وإذا أضيف (ابن)، أو (ابنة) إلى أم، أو (عم) مضافًا إلى الياء، فالغالب الاستعمال دون (يا) بفتح الميم أو كسرها.
فأما الفتح فذهب سيبويه، والبصريون إلى أنهما اسمان جعلا اسمًا واحدًا مركبًا كـ (بعلبك)، وبُنيا على الفتح، وقيل الأصل: يا ابن أمي بفتح ما قبل الياء وانقلبت ألفًا وحذفت، وهذا قول الكسائي، والفراء، وأبي عبيدة قالوا أصله: عمى تحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فانقلبت ألفًا، فحذفت لكثرة الاستعمال ووجه جواز حذفها أن التي انقلبت عنها، وهي الياء يجوز حذفها، فكذلك يجوز حذف ما انقلبت عنه، وهي الألف، وهذا الخلاف في (ابن أم).
وأما (الكسر) فظاهر قول الزجاجي، وغيره أنه مما اجترئ فيه بالكسرة عن الياء المحذوفة من (أم) بغير تركيب، وأصحابنا يعتقدون أن (ابن أم) و (ابنة أم)، و (ابن عم) و (ابنة عم) حكمت العرب لهما بحكم اسم واحد، وحذفوا الياء كحذفهم إياها من أحد عشر إذا أضافوه إليها، وكسر الميم والفتح لغتان فصيحتان قرئ بهما في السبعة، وربما تثبت الياء، فقيل: يا ابن أمي، أو قلبت ألفًا، فقيل
يا ابن أما، وهما لغتان قليلتان، وأجاز أبو عمرو قلب هذه الياء ألفًا في النداء وغيره.
وقال ابن زيدان في كتاب (التمشية): في يا ابنة عمي خمس لغات: يا ابنة عمي، عما، عم، عم، والخامسة فيها خلاف وتقول: يا أبت ويا أمت، وهذه التاء عوض من ياء الإضافة عند البصريين فلا يجتمعان إلا في ضرورة، وأجاز الجمع بينهما في الكلام كثير من الكوفيين، وتكسر التاء وتفتح، وقرئ بهما، والكسر أفصح واختلفوا في ضمها فأجازه الفراء، وأبو جعفر النحاس، ولم يجزه الزجاج.
وقال سيبويه: سألت الخليل عن قولهم: يا أبت ويا أمت ويا أبتاه ويا أمتاه، فزعم أن هذه التاء بمنزلة (الهاء) في عمه وخاله، وزعم أنه سمع من العرب من يقول: يا أمة لا تفعلي بالضم، ومذهب البصريين الوقف على هذه التاء بالهاء، ومذهب الفراء بالتاء، وبالتاء وقف عليها أبو عمرو بن العلاء، وقرأ أبو جعفر «يا حسرتي» بفتح الياء جمع بين العوض والمعوض، قال ابن جني ومن
ذلك: يا أبتاه في قوله:
يا أبتا علك أو عساكًا
وقالوا في: (أبا) المقصور يا أبت، وتقول في الكناية عن نكرة من يعقل باهن، وقال ابن عصفور: قد يكنى به عن معرفة من يعقل ومعناه يا رجل، ويا إنسان، وحكى أبو حاتم تثنيته وجمعه وتأنيثه تقول: يا هن، ويا هنان، ويا هنون، ويا هنت، ويا هنتان، ويا هنات، وتلحق آخرهن هاء السكت فتقول: يا هناه ساكنة وبالضم وبالكسر، ويا هنانيه، ويا هنوناه، ويا هنتاه، ويا هنتانيه، ويا هنتاتوه، وذكر الأخفش في الأوسط تثنيته أيضًا وجمعه ملحقًا فيه الألف والهاء، وغير ملحق قال: وإن أضفته إلى نفسك لم يكن فيه إلا وجه واحد تقول: (يا هن) أقبل، ويا هني أقبلا، ويا هني أقبلوا، وللمرأة يا هنت أقبلي، ويا هنتي أقبلا، ويا هنات أقبلن.
واختلفوا في مادة هذه الكلمة على خمسة أقوال:
أحدها: أن أصلها (هـ ن هـ) من باب (سلس) وهو مذهب أبي زيد.
الثاني: أن أصلها (هـ ن و) فالهاء في (هناه) بدل من واو.
الثالث: أن الهاء بدل من همزة، والهمزة بدل من واو، فالهاء بدل من بدل، وهو مذهب ابن جني.
الرابع: أن الألف والهاء زائدتان، لكن في نفس البناء على حد زيادة الهمزة في (أحمر) فوزنه (فعلاه)، إذ أصله: هنواه تحركت الواو وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفًا فحذفت لالتقاء الساكنين، أو حذفت لام الكلمة أو لا، وزيد في بناء الكلمة الألف والهاء.
الخامس: أن تكون الهاء هاء السكت، والألف قبلها، الألف التي تلحق في مثل: يا زيد إذا ندبت، وهو مذهب الفراء، ونسبه بعضهم إلى أكثر النحاة، ولو ذهب ذاهب إلى أن أصل (هن) ومادته (هـ ن ن) مستدلاً بما حكى أبو الخطاب من قولهم: يا هناتان في التثنية يريد: يا هنان لكان مذهبًا، فـ (هنان) فعال من المضاعف، و (هن) محذوف منه، ولا التفات إلى زعم المازني أنه لا يعرف هنانين، ولا رأي يعرفه، لأن أبا الخطاب ثقة مأمون فيما نقل، قال ابن خروف (وهن) كناية عن إنسان يقال أتاني (هن بن هن)، وللأنثى منه إذا وصلت قلت: هنت، فإذا وقفت قلت: هنه، وتقول: هذه هنه مقبلة، وقد نسبوا إلى (هن) جميعًا فقالوا: الهنيين انتهى.
ومن زعم أن الهاء أصلية أو بدل من أصل، أو بدل من بدل، أو زائدة في نفس البنية يقول في التثنية: يا هناهان، ويا هنتاهان، ويا هناهون، ويا هنتاهات، وهذا شيء لم يسمع من العرب، إنما سمع ما حكاه أبو حاتم من قولهم: يا هنانيه إلى آخره.