الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
المنعوت به مفرد وجملة، كالجملة الموصول بها، والذي تكون الجملة نعتًا له هو النكرة، ولا يجوز دخول الواو عليها كجملة الحال، خلافًا للزمخشري، ولا ينعت بها المعرف (بأل) الجنسية خلافًا لمن أجاز ذلك، ولا تنوب (أل) عن الضمير العائد منها على المنعوت وإن جاء ما ظاهره ذلك كقوله:
…
...
…
...
…
عوازب نحل أخطأ الغار مطنف
أول على حذف الضمير أي أخطأ الغار منها، لا على أن التقدير أخطأ غارها، فنابت (أل) عن الضمير، خلافًا لمن ذهب إلى ذلك، ولا يعتبر زمان في الوصف بالجملة، وإذا كثرت، وهي فعلية عطف بعضها عن بعض بالواو، أو الفاء، وثم، وأما في المفردات، فالأحسن ترك العطف، ووقوعها غير خبرية نحو:
جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط
متأول، وكذا ما ظاهره أنه حال نحو: وجدت الناس اخبر نقله أي بمذق مقول فيه: هل رأيت الذئب، ومقولاً فيهم اخبر تقله، والعائد منها كالعائد على الموصول إلا أن حذفه من الصلة أكثر، ومن الصفة كثير، ومن الخبر قليل، وقد أحكم ذلك في باب الموصول وفي باب الخبر.
وقيل لا يشترط هنا في حذفه إذا كان مبتدأ طول، بل يجوز حذفه كان في الوصف طول أو لم يكن، مثال ذلك:
تقديره هو عار، وإذا وصف بها اسم زمان جاز حذف عائدها المجرور بفي نحو «لا تجزي نفس» فلا تجزي صفة ليوم، والتقدير: لا تجزي فيه، فحذف فيه برمته عند سيبويه، وبتدرج عند الكسائي، والأخفش، فحذف (في) فاتصل الضمير منصوبًا، وصار لا يجزيه ثم حذفه، فلو كان المجرور بـ (في) وصفًا لاسم الزمان لم يجز حذفه نحو: لا تكره يومًا يسؤك فيه راحتك، ففيه في موضع الصفة لقوله (يومًا)، وكذا لو كانت الجملة وصفًا لغير اسم الزمان، والحرف الذي هو (في) متعلق بالفعل لم يجز الحذف نحو: رأيت رجلا رغبت فيه، ويجوز أيضًا حذف المجرور بمن عاد على ظرف أو غيره، إن تعين مثال عوده على الظرف:«شهر صمت يوما فيه مبارك» ، ومثال عوده على غير الظرف:«عندي بز كر منه بدرهم» فيجوز حذفه في المسألتين، فإن لم يتعين لم يجز حذفه نحو: سرني شهر صمت فيه ولا أحب رجلاً أخاف منه: إذ لو حذف لجاز أن يراد صمته وأخافه.
والمفرد مشتق لفاعل ومفعول [وهو ما تضمن معنى الفعل وحروفه الأصلية، واحترز بقوله لفاعل ومفعول] من المشتق لمكان، أو آلة، أو زمان، ويعم المشتق لفاعل أسماء الفاعلين والأمثلة للمبالغة، والصفة المشبهة وأفعل التفضيل.
ويعم المفعول أسماء المفعولين، وأفعل المفضل به المفعول كقولهم: هو أجرب من زيد، وغير مشتق جار مجرى المشتق أبدًا، وهو الأوصاف التي تضمنت معاني الأفعال دون حروفها، واستديم النعت بها دون شرط كـ (لوذعى) جرى مجرى فطن، وذكى، وجرشع مجرى غليظ وسمين، وصمحمح مجرى شديد، وبرهرهة مجرى ناعمة، وخنضرف مجرى مسترخية الجلد.
وهذا النوع كثير مدركه السماع، وذي بمعنى صاحب وفروعه: ذوا، وذوو، وذات، وذواتا، وذاتا، وذوات، وأكثر النحاة على أنها لا تدخل إلا على الأجناس، وأن أصلها أن تدخل على النكرة، ودخلت على المعرف (بأل) لا على ما أصله التعريف كالمضمر والعلم فلا تقول: ذو زيد ولا ذوه وقوله:
إنما يعرف ذا الفضل من الناس ذووه
شاذ عندهم، وزعم ابن بري أنه يجوز أن يضاف إليه صاحب، فإذا خرجت عن أن تكون وصلة للوصف باسم الجنس جاز أن تقول: رأيت الأمير وذويه، ورأيت ذا زيد، لأنها ليست هنا وصلة وكذلك في البيت انتهى.
وأولى وأولات بمعنى أصحاب وصواحب، ويظهر أن حكمها حكم ذي في كونهما لا يضافان إلا إلى أسماء الأجناس، فقال تعالى:«أولوا الألباب» ،
و «أولات الأحمال» ، وأسماء النسب المقصود نحو: هاشمي واحترز بالمقصود من نحو: قمري ودبسي هي منسوبة في الأصل، وغلب استعمالها دالة على أجناس لا تعرض فيه للنسب.
والجاري في حال دون حال مطرد بها الوصف، وغير مطرد، فالمطرد أسماء الإشارة غير المكانية نحو: جاء زيد هذا، واستعمالها غير منعوت بها أكثر من استعمالها منعوتًا بها، وكونها ينعت بها هو مذهب البصريين.
وذهب الكوفيون، وتبعهم السهيلي إلى أنه لا يجوز أن ينعت بها، وذو الموصولة وفروعها وأخواتها المبدوءة بهمزة وصل نحو: الذي والتي وفروعها من لفظها كالذين واللاتي، ومن غير لفظها كالأولى، واللائين واللات.
ومن الوصف بـ (ذو) الموصولة قول العرب: بالفضل ذو فضلكم الله به. ورجل بمعنى كامل نحو: مررت بزيد الرجل أي الكامل رجولية، ولما كان بمعنى كامل ذكر أنه يرفع الظاهر في قولك: أرجل عبد الله، وينعت به أيضًا إذا أضيف إلى صدق بمعنى صالح، أو إلى سوء بمعنى فاسد نحو: هو رجل صدق أو رجل سوء، (أي) مضافة إلى نكرة تماثل الموصوف نحو: مررت برجل أي رجل، وتقدم الكلام على (أي) في باب الموصول، ووصفوا أيضًا (بأب) في قولك مررت برجل أبي عشرة، لأنه في معنى والد، فوصفوا به كما وصفوا بوالد، وجد وحق مضافين إلى مماثل الموصوف نحو: هذا رجل جد رجل، وحق رجل، وهذا الرجل جد الرجل، وهذا الرجل حق الرجل، وكل مضافًا إلى مثل الموصوف
نحو: مررت برجل كل رجل، وبالرجل كل الرجل لا خلاف بين البصريين في جواز هذا، ينعتون المعرفة بالمعرفة، والنكرة بالنكرة.
وذهب الكسائي، والفراء، وهشام إلى أنه لا يجوز أن يقال: مررت برجل كل رجل قال هشام: مررت برجل كل رجل محال، وما مررت برجل كل رجل جائز، وأجاز الكسائي: أكلت شاة كل شاة، فنقض ما كان أصله، وأجاز الكسائي، والفراء، وهشام: مررت برجل كل الرجل، وقال الكسائي: مررت برجل كل الرجل وغير الرجل ونفس الرجل لا يجوز إلا بالألف، والألف في الثاني.
وغير المطرد النعت بالمصدر، وفيه تفصيل، والعدد والقائم بمسماه معنى لازم تنزله منزلة المشتق، أما المصدر فإما أن يكون في أوله ميم زائدة كـ (مزار) ومسير، ومضرب، فهذا لا يجوز الوصف به، ولا الإخبار لا باطراد ولا غيره تقول: رجل زور، ولا تقول: رجل مزار، وإن لم يكن فيه الوصف به طريقان أحدهما: أن تريد المبالغة لكثرة وقوعه من الموصوف به نحو: مررت برجل ضرب، أو لا يريدها، فيكون على حذف مضاف، أي ذي زور، وذي عدل، والكوفيون يجعلون ضربًا وعدلاً واقعين موقع ضارب وعادل.
ثم المصدر إما مضاف، أو غير مضاف، المضاف إما مقدر باسم الفاعل، وإضافته غير محضة، ولا ينقاس، بل سمع في نحو: حسبك أي كافيك وشرعك (شارع لك فيما تريد) في ألفاظ محفوظة، وإما (مقدر) بالمفعول، وإضافته محضة، وهو قياس في الثلاثة المضافة إلى الفاعل نحو: هذا ثوب نسج صانع، ومنه «هذا خلق الله» أي مخلوقه ومنسوج صانع، ودرهم ضرب ملك، ودينار نقد خبير، ولا يكون كثيرًا في غير الثلاثي، بل يقال منه ما سمع، فأما قولهم: هذا ثوب نسج اليمن، فعلى الابتداء أي هو نسج اليمن والنصب في هذا على المصدر خاصة، وفي المضاف إلى نكرة على الحال، وهو
ضعيف، وعلى المصدر، وغير المضاف نحو: عدل ورضى، وهو في الأكثر من المصادر التي يفهم منها معنى في الموصوف وقد تكلمنا فيه.
وأما أسماء العدد فمن النعت بها قول بعض العرب: أخذ بنو فلان من بني فلان إبلاً مائة حكاه سيبويه وأنشد
لئن كنت في جب ثمانين قامة
…
...
…
...
…
دخل مائة معنى كثير، وثمانين معنى عميق، والمقدار كالعدد نحو: مررت ببر قفيز (أي مكيل به)، وبجبة ذراع، وأما القائم بمسماه معنى لازم ينزله منزلة المشتق نحو: مررت برجل أسد أبوه، ولبست ثوبًا خزا ملمسه، وشربت ماء عسلا طعمه، أي شجاع، وناعم وحلو، فإن أردت أن الماء مشوب بعسل، أو في نسج الثوب خز لم يجز النعت، وكان الكسائي يقيس في النكرات كلها أن تجري على الأول، وأن ينقل إليه فتقول: مررت برجل ذي مال قومه وحكى عن العرب: ذو مال إخوتك ذهب به مذهب الفعل، وأجاز: مررت برجل درهم المال أي كثير المال، وهذه الأسماء مثل الخز في نحو: مررت بسرج خز صفته، وبصحيفة طين خاتمها ونحو ذلك مما وصف به مذهب سيبويه: أن الخاتم ليس بطين، وأن
الصفة ليست بخز فمعنى طين: رديء ومعنى خز: لين، ومذهب غيره أنها باقية على مسماها، ويتوهم فيها معنى الاشتقاق، وقالت العرب:(مررت برجل ما شئت من رجل) فذهب الفارسي إلى أن (ما) مصدرية نعت بها، وبصلتها كما ينعت بالمصدر الصريح أي: مشيئتك من رجل، ورد بأن الحرف المصدري وصلته لا يؤكد به الفعل، ولا يقع نعتًا، ولا حالاً بخلاف المصدر الصريح تقول: مررت برجل رضى، ولا تقول: مررت برجل أن يرضى، وأيضًا فما شئت على تقديره معرفة، إذ يتقدر بمشيئتك فلا يكون نعتًا للنكرة، والصحيح أنها شرطية، والجواب محذوف أي ما شئت من رجل فهو ذلك.
والجملة الشرطية نعت للنكرة، ومن في (من رجل)، قيل لبيان الجنس وقيل (ما) في هذه أصلها الاستفهام الذي دخله معنى التفخيم كأي وهي هنا بمعناها، لأنها تكون للسؤال عن الوصف فالمعنى: مررت بأي شئت من الرجال: أي بما هو موصوف بما نحمده ونشاؤه من الخلال الكريمة، ولما كانت (ما) لا تضاف استعمال غير مضاف بخلاف أي، وأي أكثر استعمالاً.