الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في السؤال والطلب الذي ذكر بعض النحويين أنه من باب القسم، وليس من المقسم في شيء وجعل الطلب ابن مالك قسمًا من القسم، قال ومن القسم غير الصريح:(نشدتك)، و (عمرتك)، فللناطق بهما أن يقصد القسم، وألا يقصد، ويعلم كونه قسمًا بإيلائه الله نحو: نشدتك الله، وعمرتك الله، ولا يستعملا إلا في قسم فيه طلب نحو: نشدتك الله إلا أعنتني، وعمرتك الله لا تطع هواك، وتستعمل أيضًا في الطلب: عزمت وأقسمت وقلت انتهى ولا نعلم أحدًا ذهب إلى تسمية هذا قسمًا إلا ابن مالك، ومن ذكرناه أولاً، وفعل الطلب لا يعدى إلا بالباء وحدها، ويجوز حذفه، كقوله:
بدينك هل ضممت إليك ليلي
…
...
…
... ....
التقدير: أسألك بدينك، وقد يحذف الفعل وحرف الجر كقوله:
أقول لبواب على باب دارها
…
أميرك بلغها السلام وأبشر
أي أسألك بأميرك.
وفي النهاية: تختص الباء بظهور فعل القسم معها وبدخولها على المضمر، وباستعمالها للاستعطاف، ولا يكون الاستعطاف إلا إذا أعقبها كلام ليس بخبر من أمر، أو نهي أو استفهام نحو قوله:
بدينك هل ضممت إليك نعمي
…
وهل قبلت قبل الصبح فاها
وهل مالت عليك ذؤابتاها
…
كمثل الأقحوانة في نداها
ولا يظهر الفعل الذي يتعلق به هذا الاستعطاف، ويجوز أن يعتقبها الشرط. انتهى.
والذي يكون بعد نشدتك الله، وعمرتك الله أحد ستة أشياء: استفهام، وأمر، ونهي، وأن، وغلا، ولما بمعنى إلا تقول: نشدتك الله أن تقوم، ونشدتك الله قم، ونشدتك الله لا تقم، ومن كلامهم أنشدك الله إلا فعلت قال:
عمرتك الله إلا ما ذكرت لنا
…
...
…
... ....
وقد يحذف الفعل هذا قبل (لما) بمعنى إلا نحو قول الشاعر:
قالت له بالله يا ذا البردين
…
لما غنثت نفسا أو اثنين
أي سألتك بالله إلا ما غنتث، وإذا كان (إلا) وما في معناها فالفعل قبلها بصورة الموجب، وهو منفي في المعنى، وقد تقدم كلامنا على نشدتك إلا فعلت في باب الاستثناء، ولفظ الجلالة منصوب على إسقاط الخافض، ولذلك يجوز التصريح بالخافض تقول: نشدتك بالله أي سألتك بالله، وليس منصوبًا على المفعول، فيكون التقدير: نشدتك مذكرًا الله خلافًا لزاعمه، ومعنى عمرتك: سألت الله تعميرك وضمن معنى الطلب، وقيل المعنى ذكرتك بالله تذكيرًا يعمر القلب، ولا يخلو منه.
وإن انتصب لفظ الجلالة على إسقاط الخافض، وأبدل من عمرتك الله: عمرك الله، وهو مصدر على حذف الزوائد، والتقدير: تعميرك الله أي تذكيرك بالله، فيروى بنصب الجلالة على إسقاط الخافض، وهو رواية أهل العربية، وبالنصب جاء في كثير من شعرهم نحو قوله:
…
...
…
عمرك الله كيف يلتقيان
رواه ابن الأعرابي، برفع هاء الجلالة، والمعنى عمرك الله تعميرًا، أضاف المصدر إلى المفعول، ورفع به الفاعل، قال أبو علي، وقال الأخفش: أصله بتعميرك الله، حذف زوائد المصدر والفعل، فانتصب ما كان مجرورًا بها، ويدل على ما قاله الأخفش، وأنه ليس منصوبًا على إضمار فعل إدخال باء الجر عليه قال:
بعمرك هل رأيت لها سميا
…
...
…
... ....
وقيل: تعميرك الله: انتصب تعميرك، ولفظ الجلالة على أنهما مفعولان، أي أسألك الله تعميرك، وقيل تعميرك منصوب بأسألك، ولفظ الجلالة منصوب بالمصدر، وهو عمر بمعنى تعمير، وأجاز المبرد، والسيرافي أن ينتصب هذا على
تقدير القسم كأنه قال: أقسم عليك بعمرك الله أي بتعميرك الله أي بإقرارك له بالدوام والبقاء، ويكون محذوف الجواب، فتكون الكاف في موضع رفع، والظاهر من كلام سيبويه أنه مصدر موضوع موضع الفعل على أنه مفعول به، وقاله المبرد وقالوا: قعدك الله وقعيدك الله، فقيل مصدران كالحس والحسيس، وقيل اسمان غير مصدرين كالخل والخليل، وهو عند سيبويه بمنزلة عمرك الله.
وقال أبو الحسن بن سيده: المعنى أسألك بقعدك الله، وبقعيدك الله ومعناه بوصفك الله بالثبات والدوام، وهو مأخوذ من القواعد التي هي الأصول لما يلبث، ويبقى ولم يصرف منه فيقال: قعدتك الله كما يقال: عمرتك الله انتهى.
وقال الكسائي: قعدك الله مثل نشدتك الله، وقال أيضًا: قعدك الله أي الله معك، ومثله قعيد، وقيل القعيد المقاعد كأنه قال: أنت مقاعد الله وهو معك، والمحفوظ كسر القاف في قعدك، وقال أبو الهيثم: قعيدك وقعدك بفتح القاف ولا أعرف كسرها وأنشد:
قعيدك أن لا تسمعيني ملامة
…
...
…
...
…
ورواه الأصمعي، قعيدك ألا تسمعيني، ويقال: قعدت الرجل وأقعدته أي خدمته، ويجيء بعد قعدك وقعيدك الاستفهام و (إن) وقال أبو عبيد قال: قعيدك لتفعلن فاستعمل قسما، وفي البسيط: ويدل على القسم فيها قولهم: قعدك الله لأفعلن، وقال الأزهري: قالت قريبة الأعرابية:
قعيدك عمر الله يا ابنة مالك
…
ألم تعلمينا نعم مأوى المعصب
ولم أسمع بيتًا جمع فيه العمر والقعيد إلا هذا انتهى.
وذكر ابن جني: جدك في باب القسم، وأن جوابها بـ-لم- واستدل بقول الأعشى:
أجدك لم تغتمض ساعة
…
...
…
...
…
...
…
...
وليس هذا من القسم في شيء، وهو عند سيبويه من باب ما ينتصب من المصادر توكيدًا، نحو قولك: هذا عبد الله حقًا قال في هذا الباب: ومثل ذلك في الاستفهام: أجدك لا تفعل كذا، كأنه قال: أحقًا لا تفعل كذا، قال: وأصله من الجد كأنه قال: أجد، ولكنه لا ينصرف، ولا يفارق الإضافة كما كان في لبيك، ومعاذ الله انتهى والمحفوظ أن الفعل المنفي بعد أجدك يكون بـ (لم) وبلن، وبلا.