الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
المضمر لا ينعت به، ولا ينعت، وأجاز الكسائي نعت الضمير الغائب إذا كان النعت لمدح، أو ذم، أو ترحم لا مطلقًا كما في التسهيل نحو قولهم: مررت به المسكين، ونحو: صلى الله عليه الرءوف الرحيم، وقال النحاس: أجاز الكسائي: نعت المظهر إذا تقدم المضمر وقال الفراء: هذا خطأ، ومن منع ذلك جعله بدلاً، ومما لا ينعت، ولا ينعت به أسماء الشرط وأسماء الاستفهام، وكم الخبرية، وكل اسم متوغل في البناء نحو: الآن: إلا (ما) إذا كانت نكرة، فإنها تنعت، وينعت بها، وإلا (من) إذا كانت نكرة، فإنها تنعت فإذا كانت (من) و (ما) موصولتين، فالبصريون يجيزون أن يوصفا تقول: جاءني من في الدار العاقل، ونظرت إلى ما اشتريت الحسن.
ومذهب الكوفيين أنه لا يجوز وصفهما، وأما غيرهما من الموصولات كالذي، والتي فتوصف، ويوصف به، وكذلك ذو، وذات في لغة طيئ.
وفي كتاب (الخفاف): منع النحويون صفة الذي، لأن الصلة بعض الاسم، وهي لا توصف، وإن قلت الصفة للموصوف فقط، وصفت بعض الاسم وما لزم موضعين من الإعراب كـ (قبل) و (بعد) لا ينعت ولا ينعت به، وكذا (كل وبعض) نحو: مررت بكل قائمًا، ومررت ببعض جالسًا قال سيبويه: هو معرفة
لا يوصف، ولا يكون نكرة وصفًا، فإن أضيف كل إلى نكرة جاز وصفها نص على ذلك سيبويه نحو:
قبلنا منهم كل
…
فتى أبيض حسانا
وقد تقدم الوصف بكل إذا أضيفت إلى مثل الموصوف، وما في بعض صوره من الخلاف، وفي البسيط: اختلف في كل، فذهب الكوفيون إلى أنها توصف ويوصف بها، وقال بعض النحويين: إن البصريين لا يصفون بها، ومما لا ينعت، ولا ينعت به المصدر الذي بمعنى الأمر نحو: ضربًا زيدًا، والدعاء نحو: سقيا لك ومما ينعت، وينعت به المشتقات من أسماء الفاعلين والمفعولين وما جرى مجراهما تقول: بزيد الشجاع العالم، فالشجاع وصف لزيد، والعالم وصف للشجاع هذا مذهب سيبويه أجاز يا زيد الطويل ذو الجمة على جعل ذي الجمة نعتًا للطويل، وسواء أكان النعت عاملاً أو غير عامل، ومن العامل قوله:
…
...
…
...
…
... لدى فرس مستقبل الريح صائم
جعل سيبويه (صائمًا) صفة لمستقبل الريح، وذهب جماعة منهم ابن جني إلى أنه من خواص الوصف، أن لا يقبل الوصف، وإن كثرت صفات كانت
للأول، فإن لم يكن مذكورًا كان مقدرًا، وذهب السهيلي إلى الجواز إذا دل دليل على جموده مثل أن يكون خبرًا لمبتدأ أو بدلاً من اسم جامد، فإن كان نعتًا يقوى فيه معنى الفعل بالاعتماد فلا ينعت، وبعضهم منع ذلك فيما يعمل عمل الفعل، وأجازه في غير هذا، ولهذا قال بعضهم إذا وصف لم يعمل لبعده عن الفعل بالوصف، وقال بعضهم إذا تقدم الوصف لم يعمل وإن تأخر عمل.
وأما أسماء الإشارة، فمذهب البصريين أنها توصف، ويوصف بها، فمن وصفها:«آرءيتك هذا الذي كرمت علي» ومن الوصف به: «قال بل فعله كبيرهم هذا» و «إحدى ابنتي هاتين» .
وذهب الكوفيون، وتبعهم السهيلي، والزجاج إلى أن أسماء الإشارة لا توصف، ولا يوصف بها، ومن أجاز نعتها قال: لا يكون إلا مصحوبًا (بأل) خاصة، ولا ينعت بالمضاف، وقال ابن النحاس: بإجماع من النحاة، قال الفراء: من قال (هذا الرجل عاقل)، لم يقل (هذا غلام الرجل عاقل)، ونص أيضًا على أنه لا ينعت بالمضاف ثعلب، والزجاج، فلم يجز أبو إسحاق: مررت بهذا المال قال: محال أن يكون ذو المال مع هذا بمنزلة شيء واحد.
وقال الزجاج: إذا أردت أن تقف على هذا، وفهم المخاطب مقصودك، جاز أن تتبعه بالبدل، وبالفصل بينه وبين نعته نحو: مررت بهذا اليوم الكريم، والعطف على ما بعده نحو: بهذا الطويل والقصير، وبهذا ذي المال، وقال ابن خروف: وجاز على الصفات كما ذكر سيبويه أنك أن جاز إن تقف على هذا أتبعت بالرفع والنصب، وإن كان بمنزلة بـ (أيها) رفعت لا غير، وقال ابن هشام: لا يجوز:
مررت بهذا، وبزيد الطويلين، ولا يا هذا وزيد الطويلان، ولا يا زيد وهذا الطويلان، ولا يا هذا ويا ذلك الطويلان بدخول حرف العطف، ويا ولا بذاك الذي هنا، ولا بذاك الذي على الحائط انتهى.
وإذا اتبعت اسم الإشارة بذي (أل)، فإما أن يكون جامدًا، أو مشتقًا إن كان مشتقًا فيضعف الوصف به نحو: مررت بهذا العالم، ولا خلاف أنه وصف، وإن كان جامدًا نحو: مررت بهذا الرجل، فسيبويه يسميه نعتًا، والكوفيون يسمونه الترحم، وبعضهم يجعله عطف بيان، وهو قول الزجاج، وابن جني وابن السيد والسهيلي، واختيار ابن مالك.
وقال ابن عصفور: أجاز النحويون في مثل: (مررت بهذا الرجل) أن يكون الرجل نعتًا، وعطف بيان، فإذا كان نعتًا، فـ (أل) في الرجل للعهد، وإذا كان عطف بيان فـ (أل) فيه للحضور قال: وهذا معنى كلام سيبويه.
وقال السهيلي: وإن سماه سيبويه صفة، فمذهبه التسامح في هذه التوابع كلها، وقد سمى التوكيد، وعطف البيان صفة في غير موضع، وقد عرف مذهبه في ذلك انتهى.
والأعلام زيد، وأسماء الأجناس كت (سبع)، و (نمر) و (فهد) ما دامت على موضوعها توصف، ولا يوصف بها، ولا توصف الأسماء الثواني من الكنى الأعلام، وأي، وكل، وجد، وحق يوصف بها ولا توصف، وسبق الكلام في ذلك، وكذا ما لم يستعمل من الأسماء إلا تابعًا يكون صفة ولا يوصف نحو: بسن
وليطان وشقيح من قولهم: حسن بسن، وشيطان ليطان، وقبيح شقيح، وهي محفوظة لا يقاس عليها، وما دخل عليها لا التي لنفي الجنس من الأعلام نحو: أما البصرة فلا بصرة لا يجوز أن يوصف به معرفة ولا نكرة، نص عليه الفارسي، ويجوز الفصل بين المنعوت ونعته بما يتمحض مباينته، فإن تمحضت مباينته فلا يجوز ولذلك منع النحاة: مررت برجل على فرس عاقل أبلق، على أن يكون (عاقل) صفة رجل، وأبلق صفة فرس، لأن (عاقلاً) مباين لفرس، وصفته، فما يجوز فيه الفصل بينهما المبتدأ الذي خبره في متعلق الموصوف نحو:«أفي الله شك فاطر السموات والأرض» ، والخبر نحو: زيد قائم العاقل، والمقسم به وجوابه نحو:«قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب» ، ومعمول الموصوف: هذا ضارب زيدًا عامل ومعمول المضاف الموصوف: «سبحان الله عما يصفون عالم الغيب» ، ومعمول الوصف نحو:«ذلك حشر علينا يسير» و:
…
...
…
... كريم رءوس الدارعين ضروب
والفعل العامل في الموصوف نحو: أزيدًا ضربت العاقل، والمفسر نحو: أزيدًا ضربته العاقل، وجملة الاعتراض:«وإنه لقسم لو تعلمون عظيم» ، والاستثناء نحو: ما جاء أحد إلا زيد خير منك، والمعطوف إذا لم يكن شريك
الموصوف في الصفة، حكى سيبويه: هذا رجلان وزيد منطلقان.
فإن كان النعت لمبهم، فلا يجوز الفصل بينهما لو قلت: ضرب هذا الرجل زيدًا لم يجز: ضرب هذا زيدًا الرجل، وكذا ما أشبه ذلك من صفة لا يستغنى عنها نحو: ظهرت الشعرى العبور الليلة لا يجوز: ظهرت الشعرى الليلة العبور.
أو صفة تشبه التوكيد نحو: إلهين اثنين، ولا يجوز أن يتقدم معمول الصفة على الموصوف، فلا يجوز: هذا طعامك رجل يأكل، وأجاز ذلك الكوفيون، وتبعهم الزمخشري في قوله:«وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا» جعل (في أنفسهم) متعلقًا بقوله (بليغًا)، وتقول جاء زيد وعمرو العاقلان. هذا ترتيب الكلام، وأجاز صاحب البديع: تقديم الصفة على الموصوف إذا كانت لاثنين أو جماعة، وقد تقدم أحد الموصوفين تقول: قام زيد العاقلان وعمرو، ومنه قول الشاعر:
ولست مقرا للرجال ظلامة
…
أبى ذاك عمى الأكرمان وخاليا
انتهى، يريد ذاك عمي وخالي الأكرمان، وقد جاء نظير هذا في المبتدأ والخبر نحو: زيد قائمان وعمرو.