الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الفعل متصرف وجامد، والمتصرف ما اختلفت بنيته لاختلاف زمانه: ضرب يضرب اضرب، والجامد بخلافه، وهو قسمان مبوب له في النحو وغير مبوب له. المبوب سيأتي ذكره إن شاء الله.
وغير المبوب له منه ما ذكر في باب كان، وفي باب المقاربة، وفي باب الاستثناء، وتقدم الكلام على ذلك، ومنها قل، فإذا كان مقابله كثر تصرفت، وإذا كان للنفي المحض فلا تتصرف، فيرتفع بها الفاعل وما بعده في موضع الصفة مثاله:(قل رجل يقول ذلك) أي ما رجل يقول ذلك، ويطابق ما بعد فاعله الفاعل: تقول: قل رجلان يقولان ذلك أي: ما رجلان يقولان ذلك، وتتصل بقل ما كافة، فيليها إذ ذاك الفعل، وليس لها إذ ذاك فاعل، لإجرائها مجرى حرف النفي، وقد يليها الاسم في الضرورة نحو:
…
...
…
... وقلما
…
وصال على طول الصدود يدوم
وخرج على تقديم الفاعل ضرورة، أو على إضمار فعل يفسره ما بعده أي: وقلما يدوم وصال على طول الصدود يدوم، والتي تقابل كثر إذا دخل (ما) كانت
مصدرية لا كافة، و (تبارك) مشتق من البركة لم يستعمل إلا ماضيًا لازمًا قال تعالى:«فتبارك الله أحسن الخالقين» ، وهدك تقول: مررت برجل هدك من رجل، وبامرأة هدتك من امرأة، أي كفاك وكفتك. وتقدم أن (هدك) يكون اسمًا يوصف به تقول: مررت برجل هدك من رجل، ولا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، وإن كان تابعًا لمثنى أو مجموع أو مؤنث تقول: مررت برجلين هدك من رجلين، وبرجال هدك من رجال، وبامرأة هدك من امرأة. أي كافيك ومحسبك، ومن زعم أن هد لم يستعمل فعلاً فزعمه باطل، و (عمرتك الله) أي أسأل الله تعميرك، ونصب (الله) باسأل محذوفة، وتقدم الكلام مشبعًا عليها في باب القسم.
وكذب في الإغراء: الكذب يطلق، ويراد به اختلاف ما لم يعلم ولم يسمع، وما يشبه الكذب، وإن لم يقصده، والخطأ والبطول: كذب الرجل أي بطل عليه أمه، وما رجاه وقدره، وفعله متصرف في هذه المعاني، ويطلق كذب، ومراد به الإغراء ومطالبة المخاطب بلزوم الشيء المذكور، ولا يتصرف بل لم يستعمل منه في الإغراء إلا لفظ الماضي.
وقالت العرب: كذب عليك العسل أي: كل العسل، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(كذبك عليكم الحج كذب عليكم العمرة، كذب عليكم الجهاد ثلاثة أسفار كذبن عليكم) معناه: الزموا الحج والعمرة والجهاد، والمغري به مرفوع قالوا: يكذب ولا يجو نصبه، وأجاز بعضهم النصب بما روى أن أعرابيًا نظر إلى ناقة نضو لرجل فقال له:(كذب عليك البزر والنوى) بالنصب أي الزمهما، وقال ابن الأنباري: هذا شاذ لا يعمل به، وقد روى قول عنترة:
كذب العتيق وماء شن بارد
…
...
…
...
…
....
بالرفع والنصب، قال عبد الدايم القيرواني: أصله كذب ذلك عليك العتيق حذف عليك، وناب (كذب) منابه، فصارت العرب تغرى به، وقال الأعلم: العرب تقول: (كذبك التمر واللبن) أي عليك بهما، وبعض العرب تنصب وهم مضر والرفع لليمن، وقال عمر رضي الله عنه (كذبكم الحج والقرآن) أي عليكم بهما، وقال الفراء: معنى كذب عليكم: وجب عليكم، والذي تقتضيه القواعد في مثل كذب عليكم الحج وشبهه أن ذلك يكون من باب الإعمال، فإذا ارتفع الاسم كان فاعلاً بـ (كذب)، وحذف مفعول عليك أي عليكه حذف لفهم المعنى، وإذا انتصب ما بعد عليك كان منصوبًا بـ (عليك)، وفاعل (كذب) مضمر يفسره ما بعده على رأي سيبويه، أو محذوف على رأي الكسائي.
(ويهيط): لم يستعمل إلا مضارعًا، والهياط: العجاج والصياح يقال: ما زال منذ اليوم يهبط هيطًا.
و (أهلم): تقول للمخاطب: إلام أهلم، وأهلم، ولا أهلمكه فهذه مضارعات، ولم تستعمل منها العرب فعلاً ماضيًا، ولا أكثر العرب فعل أمر، ففي هذه الحالة لا تتصرف، و (هلم) التميمية لم تستعمل بنو تميم لها ماضيًا، ولا مضارعًا غير ما نبه عليه، وسيأتي الكلام على (هلم) مشبعا في باب أسماء الأفعال إن شاء الله تعالى.
و (سقط في يده) بمعنى الندم والتخلي عما كان يتعلق به، لم يستعمل في هذا المعنى إلا ماضيًا مبنيًا للمفعول و (في يده) قائم مقام الفاعل، وقراءة اليماني:«ولما سقط في أيديهم» مبنيًا للفاعل مخالف لما قيل في سقط.
(وأهاء) بمعنى أعطى لا يتصرف لم يستعمل منه بهذا المعنى لا ماض ولا أمر ولا مضارع مبني للفاعل، و (أهاء) بمعنى آخذ حكى أن المخاطب بها بمعنى خذ تقول: ما أهاء، وما أهاء بمعنى: ما آخذ وما أعطى.
وذكر ابن مالك في الأفعال التي لا تتصرف (عم صباحًا) بمعنى أنعم صباحًا، وينبغي وهو وهم يقال: وعم يعم في معنى نعم ينعم، فيكون لازمًا ومنه:
…
...
…
...
…
وهل يعمن من كان في العصر الخالي
ومتعديًا قال يونس: وعمت الدار أعم أي قلت لها انعمي، ويقال: انبغي ينبغي وهو من أفعال المطاوعة، قال ابن فارس: يقال بغيته فانبغى كما تقول كسرته فانكسر، وقال ابن مالك تابعًا للأعلم: و (تعلم) بمعنى اعلم يعني أنه لا يستعمل منه ماضٍ ولا مضارع بهذا المعنى قال:
تعلم شفاء النفس قهر عدوها
…
...
…
...
…
....
أي اعلم، وذكر غيره أن يعقوب ذكر أنها متصرفة، وحكى: تعلمت أن فلانًا خارج بمعنى علمت، و (هاء وهاء) بمعنى خذ، وسيأتي الكلام على هذا في باب أسماء الأفعال إن شاء الله تعالى.
وتقول في زجر الخيل، وهو حثها على السير (أقدم) و (أقدم)، و (هب) لزجرها أيضًا، وبمعنى (ظن)، ولا يتصرف في الحالين تقول (هب) زيدًا شجاعًا، و (هب) بمعنى جعل تقول:(وهبني الله فداءك) أي جعلني فداءك لا يستعمل إلا ماضيًا، وفي زجر الفرس (أرحب) و (ارحبى) أي توسعي وتباعدي، ويقال: أرحبت الشيء إذا وسعته ولا يستعمل في الزجر إلا أمرًا.
وقال قطرب: إذا كان البعير باركًا، قيل له ارحبي ارحبي ليقوم، وقال في كتاب (الفرق): يقال في زجر الفرس: إجد وإجد، وهجد وهجد، وإجدم يقال: أجدمت الفرس إجدامًا إذا قلت له ذلك. انتهى.
وصيغة (إجد)، و (هجد) ليست على وزن الأفعال، ويتخيل لتخريجه بأن الأصل: إجدم، فحذفت الميم شذوذًا، ونقلت حركة الدال إلى الجيم، وأقروا همزة الوصل، لعروض التحريك كما قالوا:(اسل)، فصار (إجد)، ثم أبدلوا الهمزة هاء فقالوا: هجد، وإنما حكم على هذه الكلم بأنها أفعال لرفعها الضمير البارز،
واستغنى غالبًا بترك) عن (وذر) و (ودع)، وبالترك عن (الوذر)، و (الودع) وبتارك عن (وازر)، و (وادع)، وقرأ أبو بحرية «ما ودعك» بالتخفيف، وفي الحديث (ذروا الحبشة ما وذرتكم) وفيه (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعة)، وعند البهاري في الأفعال التي لا تتصرف (ما جاءت حاجتك) و (قعدت كأنها حربة)، وأحسن بزيد، و (نكر) ضد عرف، وبسوى قال ابن الحاج بمعنى يساوي، وذكر هذين ابن كيسان في تعريفه (القسم الثاني من الجامد): وهو المبوب له وذلك: نعم وبئس وما جرى مجراها وصيغ التعجب.