الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المحمول على فعل واجب الإضمار
المنصوبات على ثلاثة أقسام: قسم ينتصب بفعل واجب الإضمار، وذلك كل فعل إذا أضمرته لم يكن على إضماره دليل من لفظ متقدم (أو بساط حال)، وقسم ينتصب بجائز الإضمار، وهو ما على إضماره دليل، وقسم ينتصب بواجب الإضمار، وهذا على قسمين: قسم مبوب له في النحو، وهو باب الاشتغال، وباب النداء، وباب الاختصاص، وباب التحذير والإغراء، وقسم غير مبوب له، وهو قد ذكر في أبواب متفرقة، والمقصود هنا جمع ما تفرق، فمنه (امرأ ونفسه)، و (شأنك والحج)، و (رأسه والحائط)، فالأول بإضمار (دع)، والثاني به، وبواسطة الواو على معنى (مع)، و (أهلك والليل) أي بادر أهلك، أو بادر الليل، أو بادر أهلك قبل الليل، وويحه وأخاه، ينتصب (وأخاه) على ما ينتصب عليه (ويحه) وسيأتي، و (شأنك وزيدًا) وما أنت وزيدًا، أي ما شأنك وملابسة زيدًا، وما أنت وملابسة زيدًا.
والمصادر الموضوعة موضع فعل الأمر تنصب بفعل من لفظها، وما وضع من الفعل موضع فعل الدعاء وهي: سقيا ورعيا، وخيبة، وجوعًا، وعقرا، وسحقًا وبعدًا، وأفة، وتفة، ودفرًا، وتعسًا، وتبًا، وبهرًا.
مما له فعل من لفظه انتصب به، وما لا فمن معناه: ونوعًا لا يستعمل إلا تابعًا
لـ (جوعًا) وتربا وجندلاً، وفاهًا لفيك على معنى الدعاء أي جعل الله في (فيه) تربا، ووضع في (فيه) جندلا أي أماته الله، وجعل الله فم الداهية لفيه، و «هنيئًا مريئًا» صفتان منصوبتان بمضمر على الحال.
وإذا قلت لمن هو في حال تنعم: هنيئًا لك، فكأنك قلت: أدام الله لك من النعيم ما أنت فيه هنيئًا، وكذلك مريئًا، ولا تستعمل إلا بعد (هنيئًا) وقيل يستعمل وحده ولا يحفظ ذلك، وسبحان الله، وريحانه بفعل من معناهما لا من لفظهما، ومعنى سبحان: تنزيهًا، وريحانه: استرزاقه، ومعاذ الله بلفظ فعله أي أعوذ بالله معاذًا، وعمرك الله أي أسألك ببقاء الله، وهو مصدر من عمر على حذف الزيادة، يعني تعميرًا أي سألك بعمر الله أي ببقائه، وقعدك الله معناه حفظك الله بفعل من معناه، وويحه، وويله وعوله، وويسه، وويبه بأفعال من معناها، ومعنى ويحه وويسه: رحمة له، ومعنى ويبه وويله: حسرة له، وعوله اتباع لويله، ولا يستعمل بغير (ويله)، وقيل استعمل من ويل، وويح، وويس أفعال فهي منصوبة بوال، وواح، وواس، وما استدل به قيل مصنوع، ولا يعلم قائل البيت الذي استدل به.
حنانيك، ولبيك، وسعديك، وهذاذيك، ودواليك، ومعنى (سعديك) إجابة بعد إجابة أي إسعادًا لأمرك بعد إسعاد، و (لبيك): لزومًا لطاعتك من ألب بالمكان أقام به، ولزم تنصب بفعل من معناها، وهذه المصادر مثناة بلا خلاف إلا لبيك، فمذهب سيبويه أنه تثنية لب، ومذهب يونس أنه مفرد والتثنية هنا
للتكثير لا لشفع الواحد أي تحننا بعد تحنن، وكذلك باقيها، وليست الكاف حرف خطاب، فتحذف النون لشبه الإضافة خلافًا للأعلم. لك الشاء شاة بدرهم ناب المجرور عن الفعل والمعنى: مستقرًا لك الشاء، أخذته بدرهم فزائدًا أو بدرهم فصاعًا أي فزاد الثمن صاعدًا فهو في موضع الحال. كرمًا وصلفًا أي أكرم كرمًا وأصلف صلفًا، كل مصدر أو صفة بعد أما، فيشترط أن لا يكون بعد (أما) ما يعمل فيه.
فأما (أما سمينًا فسمين) فبفعل مضمر، وهو ما في (أما) من معنى الفعل، وانتصب مصدرًا في موضع الحال في لغة الحجاز، ولذلك إذا دخلت عليه (أل) رفعوه، ومفعول من أجله في لغة تميم، ولذلك إذا عرفوه بقى منصوبًا، ويقال: أما علما فما أعلمه، وأما علما فلا علم له، وذلك بفعل مضمر.
المصادر التشبيهات إن أريد بالأول الفعل الذي هو عجلا لا إخراج الصوت، انتصب ما بعده به، وليس من هذا الباب، وإن أريد به الصفة، وأردت بالثاني الفعل، انتصب بفعل من لفظه أي يصوت صوت حمار، وإن أردت به الصفة لا المصدر، فبإضمار فعل من غير لفظه أي يخرجه صوت حمار. من أنت زيدًا أي تذكر زيدًا، و (كليهما وتمرًا) يستعمل لمن خير بين شيئين، فطلبهما جميعًا أي أعطني كليهما، وزدني تمرًا، و (هذا ولا زعماتك) أي (ولا أزعم زعماتك) أي هذا هو الحق، ونعمة عين، ونعام عين، ونعمى عين، وكرامة ومسرة، أسماء وضعت موضع المصادر، تنصب بمضمر من لفظها أي أنعم به عينك
إنعامًا، وأسرك به مسرة وأكرمك كرامة، ولا كيدًا ولا همًا ولا غما ولا رغما، أي لا أفعل كيدًا، ولا أكيده كيدًا أي لا أقاربه وأي لا أهم به همًا، ولا أرغمك به رغمًا، ولا أغمك به غمًا، أتميميًا مرة وقيسيًا أخرى أي أتتحول، (أعور وذا ناب) أي أتستقبلون يقال لإنكار الجمع بين قبيحين.
كل اسم ينتصب بمضمر على معنى الأمر قد تقدم النهي عن ضده، وهي: انته أمرًا [قاصدًا و (وراءك أوسع لك) و «انتهوا خيرًا لكم» أي: وأت أمرًا قاصدًا] وأت، أوسع لك من ورائك، وأتوا خيرًا لكم، وأجاز الفراء أن يكون (خيرًا) صفة لمصدر محذوف أي انتهاء خيرًا لكم.
المصادر الموضوعة موضع الخبر في المبالغة، ما أنت إلا سيرًا أي تسير سيرًا وما أنت إلا شرب الإبل، أي تشرب شرب الإبل، ومرحبًا، وأهلاً، وسهلاً أي صادفت رحبًا، وسعة، وأهلاً، أي من يقوم لك مقام أهلك وصادفت لينا، وخفضا لا حزنا، سبحوا قدوسا رب الملائكة والروح، أي ذكرت سبوحا أي مبرأ منزها مما ينسبه إليه الملحدون، وذكرت قدوسا أي مقدسا مطهرًا، إن تأتني فأهلي الليل والنهار، أي تجد من يقوم مقام أهلك في النهار والليل. (كل شيء ولا هذا) وكل شيء ولا شتيمة حر أي ائت ل شيء ولا تأت هذا، أقرب كل شيء ولا تقرب شتيمة حر.
(ديار فلانة) أي اذكر. أقائمًا وقعد قعد الناس، وأقاعدًا وقد سار الركب وعائذًا بالله، وبابه من الأسماء الموضوعة موضع الفعل في الخبر، وذلك موقوف على السماع وفيه وجهان:
أحدهما: أن يكون حالاً مؤكدة نابت مناب الفعل العامل فيها، والآخر أن تكون مصادر نحو: العاقبة والعافية، فتكون بمنزلة أقيامًا وأقعودا، وأدخل أبو القاسم الزجاجي في هذا الباب ما ليس منه، فمن ذلك حمدًا وشكرًا، وغفرانك وسعة، ورحبًا، وهي من قبيل ما انتصب بفعل يجوز إظهاره وإضماره وكذلك كلمته مشافهة، ولقيته فجاءة، وكفاحًا، ولقيته عيانًا، وقتلته صبرًا، وأتيته ركضًا، وعدوا ومشيًا.
فمن راعى أن هذه المصادر منتصبة بأفعال مضمرة، جعلها من هذا الباب، ومن راعي أن العامل فيها هو هذا الفعل الظاهر لم يجعلها من هذا الباب وفي هذا الضرب من المصادر القائمة مقال الحال خلاف، مذهب سيبويه قصرها على السماع، ومذهب المبرد القياس فيها إذا كان الفعل دالاً على المصدر.