المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرض الكفاية مهم يقصد حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله] - حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع - جـ ١

[حسن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدَّمَة الْكِتَاب]

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ]

- ‌[تَعْرِيفِ الْأُصُولِيّ]

- ‌ تَعْرِيفِ الْفِقْهِ

- ‌[تَعْرِيف الْفَرْض وَالْوَاجِب]

- ‌[تَعْرِيفِ الْمَنْدُوبُ وَالْمُسْتَحَبُّ وَالتَّطَوُّعُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[تَعْرِيفِ السَّبَب]

- ‌[تَعْرِيفِ الْقَضَاء]

- ‌[تَعْرِيفِ الدَّلِيلُ]

- ‌[تَعْرِيف الْعِلْم]

- ‌[تَعْرِيف الْجَهْل]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَائِزُ التَّرْكِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاءَ يُوجِبُ وَاحِدًا مِنْهَا لَا بِعَيْنِهِ]

- ‌[فَرْضِ الْكِفَايَةِ مُهِمٌّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الظُّهْرِ جَوَازًا وَقْتَ الْأَدَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْفِعْلُ الْمَقْدُورُ لِلْمُكَلَّفِ الَّذِي لَا يُوجَدُ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إلَّا بِهِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ مُطْلَقُ الْأَمْرِ) بِمَا بَعْضُ جُزْئِيَّاتِهِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ

- ‌(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ مُطْلَقًا) :

- ‌[مَسْأَلَةُ حُصُولَ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِمَشْرُوطِهِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ) :

- ‌(مَسْأَلَةٌ: يَصِحُّ التَّكْلِيفُ وَيُوجَدُ مَعْلُومًا لِلْمَأْمُورِ آثَرَهُ) :

- ‌(خَاتِمَةٌ الْحُكْمُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرَيْنِ)

- ‌(الْكِتَابُ الْأَوَّلُ) :فِي الْكِتَابِ وَمَبَاحِثِ الْأَقْوَالِ

- ‌(الْمَنْطُوقُ وَالْمَفْهُومُ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْمَفَاهِيمِ) الْمُخَالَفَةُ (إلَّا اللَّقَبَ حُجَّةً لُغَةً)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْغَايَةِ قِيلَ مَنْطُوقٌ) أَيْ بِالْإِشَارَةِ

- ‌[مَسْأَلَةُ إنَّمَا بِالْكَسْرِ قَالَ الْآمِدِيُّ وَأَبُو حَيَّانَ لَا تُفِيدُ الْحَصْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مِنْ الْأَلْطَافِ حُدُوثُ الْمَوْضُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ، وَالْجُمْهُورُ اللُّغَاتُ تَوْقِيفِيَّةٌ) :

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثْبُوت اللُّغَةُ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[وَمَسْأَلَةُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى إنْ اتَّحِدَا]

- ‌(مَسْأَلَةٌ: الِاشْتِقَاقُ) مِنْ حَيْثُ قِيَامُهُ بِالْفِعْلِ:

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُتَرَادِفِ وَاقِعٌ خِلَافًا لِثَعْلَبَ وَابْنِ فَارِسٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ الْمُتَعَدِّدُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكِ يَصِحُّ لُغَةً إطْلَاقُهُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ]

- ‌(الْحَقِيقَةُ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعَ) لَهُ ابْتِدَاءً

- ‌الْمَجَازُ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْمُعَرَّبُ

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنًى إمَّا حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْكِنَايَةُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ مُرَادًا مِنْهُ لَازِمُ الْمَعْنَى]

- ‌(الْحُرُوفُ)

- ‌(الْأَمْرُ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالنَّفْسِيِّ مِنْ الْكَلَامِ اخْتَلَفُوا هَلْ لِلْأَمْرِ النَّفْسِيِّ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ لِطَلَبِ الْمَاهِيَّةِ]

- ‌[الْأَمْرُ بِشَيْءٍ مُؤَقَّتٍ يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ النَّفْسِيُّ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ إيجَابًا أَوْ نَدْبًا نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ الْوُجُودِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرَانِ غَيْرَ مُتَعَاقِبَيْنِ أَوْ بِغَيْرِ مُتَمَاثِلَيْنِ غَيْرَانِ]

- ‌(النَّهْيُ)

- ‌(الْعَامِّ)

الفصل: ‌[فرض الكفاية مهم يقصد حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله]

لِمُسْتَنِدِهِ صَرْفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ.

(مَسْأَلَةُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ) الْمُنْقَسِمِ إلَيْهِ وَإِلَى فَرْضِ الْعَيْنِ مُطْلَقُ الْفَرْضِ الْمُتَقَدِّمُ حَدُّهُ (مُهِمٌّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ)

ــ

[حاشية العطار]

مَانِعٌ.

(قَوْلُهُ: لِمُسْتَنِدِهِ) عِلَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَعْلُولِهَا.

[فَرْضِ الْكِفَايَةِ مُهِمٌّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ]

(قَوْلُهُ: الْمُنْقَسِمِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى مُنَاسَبَةِ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِبَعْضِ مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقُ الْفَرْضِ) وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ بِاعْتِبَارِ شَيْءٍ وَلَا بِاعْتِبَارِ عَدَمِ شَيْءٍ.

(قَوْلُهُ: الْمُتَقَدِّمُ حَدُّهُ) مَرْفُوعٌ نَعْتًا لِمُطْلَقٍ أَوْ مَجْرُورٌ نَعْتًا لِفَرْضٍ إشَارَةً إلَى مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ، فَإِنْ اقْتَضَى الْخِطَابُ الْفِعْلَ اقْتِضَاءً جَازِمًا فَإِيجَابٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْفَرْضَ وَالْوَاجِبَ مُتَرَادِفَانِ فَيَكُونُ حَدُّ الْوَاجِبِ حَدًّا لِلْفَرْضِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ حَدُّهُ هُوَ الْوَاجِبُ.

(قَوْلُهُ: مُهِمٌّ) الْمُهِمُّ مَا حَرَّكَ الْهِمَّةَ وَلَا يَكُونُ إلَّا مُعْتَنًى بِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَمْرٌ مُعْتَنًى بِهِ فَظَهَرَ أَنَّ الْأَخْصَرَ أَنْ (يَقُولَ مُهِمٌّ) لَا يُنْظَرُ إلَى فَاعِلِهِ بِالذَّاتِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُهِمًّا أَنْ يُقْصَدَ حَوْلَهُ وَبِالْعَكْسِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ أَصْلُهُ لِلْغَزَالِيِّ لَكِنَّهُ قَالَ: كُلُّ مُهِمٍّ دِينِيٍّ فَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَةَ كُلٍّ؛ لِأَنَّهَا لِشُمُولِ الْأَفْرَادِ، وَالتَّعْرِيفُ لِلْمَاهِيَةِ وَلَفْظَةُ دِينِيٍّ لِيَدْخُلَ الدُّنْيَوِيُّ كَالْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالْغَزَالِيُّ يَرَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ؛ لِأَنَّ فِي بَوَاعِثِ الطِّبَاعِ عَلَيْهَا مَنْدُوحَةً عَنْ الْإِيجَابِ كَمَا قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ تَبَعًا لِإِمَامِهِ فَلِذَلِكَ أَخْرَجَهَا بِقَوْلِهِ دِينِيٍّ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ عَدُّهُ فِي الْإِحْيَاءِ وَالْوَجِيزِ الْحِرَفَ وَالصِّنَاعَاتِ الْمُهِمَّةَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ.

(قَوْلُهُ: يَقْصِدُ حُصُولَهُ) أَيْ يَقْصِدُ الشَّارِعُ حُصُولَهُ مِنْ الْمُكَلَّفِ وَالْمُرَادُ بِالْقَصْدِ الطَّلَبُ إطْلَاقًا لِلسَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْقَصْدِ الْإِرَادَةُ وَلَوْ أَرَادَ الشَّارِعُ الْوَاجِبَ لَمَا تَخَلَّفَ عَنْ الْوُجُودِ وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ تَحْصِيلُهُ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِالْفِعْلِ وَفِيهِ أَنَّ الْحُصُولَ ثَمَرَةُ التَّحْصِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ بَلْ بِاعْتِبَارِ ثَمَرَتِهِ فَالْحُصُولُ هُوَ الْمَقْصُودُ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ بِخِلَافِ التَّحْصِيلِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُكَلَّفَ بِهِ وَأَوْرَدَ أَيْضًا أَنَّ الْحَدَّ يَتَنَاوَلُ مُطْلَقَ الْفَرْضِ فَلَا يَطَّرِدُ، وَأَجَابَ بِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْفَاعِلِ فِي الْكِفَايَةِ وَقَعَ التَّقْيِيدُ بِتَرْكِهِ وَفِي مُطْلَقِ الْفَرْضِ وَقَعَ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِهِ وَلِذَا صَدَقَ عَلَى قِسْمَيْهِ اهـ.

وَمُحَصِّلُهُ رُجُوعُ الْأَوَّلِ لِلْمَاهِيَةِ بِشَرْطِ لَا شَيْءَ وَالثَّانِي لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَخَصُّ وَالثَّانِيَ أَعَمُّ وَلِذَلِكَ قَالَ: وَلِذَا صَدَقَ إلَخْ.

وَأَجَابَ سم أَيْضًا بِتَسْلِيمِ شُمُولِهِ لَهُ وَأَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ أَوْ بِمَنْعِ الشُّمُولِ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَى مُطْلَقِ الْفَرْضِ هَذَا السَّلْبُ الْكُلِّيُّ أَعْنِي مَضْمُونَ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ لِثُبُوتِ الْإِيجَابِ الْجُزْئِيِّ وَهُوَ النَّظَرُ إلَى فَاعِلِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَهُوَ الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ، وَجَوَابُ النَّاصِرِ أَدَقُّ، فَإِنَّهُ كَشَفَ عَنْ مَاهِيَّتِهَا الْمُرَادِ مِنْهُمَا وَهُوَ اللَّائِقُ بِحَالِ التَّعْرِيفِ وسم أَخْرَجَ التَّعْرِيفَ الَّذِي هُوَ مِنْ بَابِ التَّصَوُّرَاتِ إلَى التَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّ السَّلْبَ الْكُلِّيَّ إنَّمَا يَكُونُ فِي التَّصْدِيقَاتِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ سُقُوطُ قَوْلِهِ.

وَقَدْ يَتَعَسَّفُ فِي حَمْلِ جَوَابِ الشَّيْخِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُلَاقِيهِ فَكَيْفَ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ لِتَبَايُنِ الْمَلْحَظَيْنِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَظَرِ الذَّاتِ) قَرَّرَ النَّاصِرُ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ التَّعْرِيفِ نَتِيجَةً لَهُ وَلَازِمٌ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إسْنَادَ الْقَصْدِ إلَى الْحُصُولِ يُشْعِرُ عُرْفًا بِقَصْرِهِ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ مَعْنَاهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ أَنَّ الْحُصُولَ مِنْ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا اهـ.

وَأَقُولُ: إنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَصْرِ يَكُونُ الْمَعْنَى هَكَذَا مُهِمٌّ لَا يُقْصَدُ إلَّا حُصُولُهُ أَيْ لَا غَيْرُهُ فَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَخْ تَصْرِيحٌ بِلَازِمِ الْحُكْمِ السَّلْبِيِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْقَصْرِ إلَّا أَنَّ دَعْوَى الْقَصْرِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا، فَإِنَّ قَوْلَهُ يُقْصَدُ حُصُولُهُ وَقَعَ نَعْتًا لِقَوْلِهِ مُهِمٌّ فَجُمْلَةُ يَقْصِدُ حُصُولَهُ، وَإِنْ وَقَعَ فِيهَا إسْنَادٌ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَعَلَى تَقْدِيرِ الْحَصْرِ يَلْزَمُ الْإِسْنَادُ بِالْأَخْبَارِ فَيَلْزَمُ التَّنَاقُضُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ ادِّعَائِيٌّ فَالْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ التَّعْرِيفِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَخَرَجَ فَرْضُ الْعَيْنِ، فَإِنَّهُ مَنْظُورٌ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ لِصَرَاحَتِهِ فِي أَنَّ الْمَخْرَجَ لَهُ قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَخْ وَإِلَّا لَقَالَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ حُصُولَهُ أَيْ لَمْ يَخْتَصَّ الْقَصْدُ بِحُصُولِهِ.

(قَوْلُهُ: بِالذَّاتِ) مُتَعَلِّقٌ بِنَظَرٍ وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ وَالْمُرَادُ بِالنَّظَرِ الذَّاتِيِّ مَا هُوَ بِالْأَصَالَةِ وَالْأَوَّلِيَّةِ وَالْمَعْنَى مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ مُلْتَبِسٌ

ص: 236

أَيْ يُقْصَدُ حُصُولَهُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى فَاعِلِهِ إلَّا بِالتَّبَعِ لِلْفِعْلِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ فَاعِلٍ فَيَتَنَاوَلُ مَا هُوَ دِينِيٌّ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَدُنْيَوِيٌّ كَالْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ وَخَرَجَ فَرْضُ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ مَنْظُورٌ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ حَيْثُ قَصَدَ حُصُولَهُ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ أَيْ وَاحِدٍ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ أَوْ مِنْ عَيْنٍ مَخْصُوصَةٍ كَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا فُرِضَ عَلَيْهِ دُونَ أُمَّتِهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ قَصْدَ الْحُصُولِ بِالْجَزْمِ احْتِرَازًا عَنْ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ تَمْيِيزُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْ فَرْضِ الْعَيْنِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِمَا ذُكِرَ.

(وَزَعَمَهُ) أَيْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ (الْأُسْتَاذُ) أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ (وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَأَبُوهُ) الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ (أَفْضَلَ مِنْ) فَرْضِ (الْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ يُصَانُ لِقِيَامِ الْبَعْضِ بِهِ الْكَافِي فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَتِهِ جَمِيعَ الْمُكَلَّفِينَ عَنْ الْإِثْمِ الْمُرَتَّبِ عَلَى تَرْكِهِمْ لَهُ وَفَرْضُ الْعَيْنِ إنَّمَا يُصَانُ بِالْقِيَامِ بِهِ عَنْ الْإِثْمِ الْقَائِمِ بِهِ فَقَطْ وَالْمُتَبَادَرُ إلَى الْأَذْهَانِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِيمَا عَلِمْت أَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ أَفْضَلُ لِشِدَّةِ اعْتِنَاءِ الشَّارِعِ بِهِ بِقَصْدِ حُصُولِهِ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ

ــ

[حاشية العطار]

بِالْأَصَالَةِ وَالْأَوَّلِيَّةِ إلَى الْفَاعِلِ بَلْ بِالتَّبَعِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى الْفَاعِلِ وَلَعَلَّ فَائِدَةَ قَوْلِ الشَّارِحِ أَنْ يَقْصِدَ حُصُولَهُ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ كَوْنِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَوْضَحَ مِنْهَا الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ عِبَارَةَ مَنْ قَالَ: يُقْصَدُ حُصُولُهُ فِي الْجُمْلَةِ بِمَعْنَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: ضَرُورَةَ أَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ إلَّا بِالتَّبَعِ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ لِلْفَاعِلِ.

(قَوْلُهُ: كَالْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ) الْعَطْفُ تَفْسِيرِيٌّ، فَإِنَّ مَعْنَاهُمَا لُغَةً الْعَمَلُ وَاصْطِلَاحًا الْمَلَكَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ التَّمَرُّنِ عَلَى الْعَمَلِ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) عَطْفٌ عَلَى تَنَاوَلَ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ قَصَدَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ (قَوْلُهُ: أَيْ وَاحِدٌ) إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ الذَّاتُ.

(قَوْلُهُ: كَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) أُدْخِلَتْ الْكَافُ آلَةً فِيمَا فُرِضَ عَلَيْهِمْ بِخُصُوصِهِمْ وَلَا يَصِحُّ مَا قِيلَ: إنَّهَا أَدْخَلَتْ خُزَيْمَةَ، فَإِنَّ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ وَمَا يُقَالُ: إنَّهَا قَدْ تَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ إذَا تَعَيَّنَتْ يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا عَارِضٌ وَالْأَصْلُ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: احْتِرَازًا) عِلَّةً لِلْمَنْفِيِّ أَعْنِي قَوْلَهُ بِقَيْدٍ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَرَضَ عِلَّةٌ لِلنَّفْيِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ التَّعْرِيفَ حِينَئِذٍ يَكُونُ غَيْرَ مَانِعٍ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ الْمُعَرَّفَ عَنْ جَمِيعِ مَا عَدَاهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْمُجَوِّزِينَ لِلتَّعْرِيفِ بِالْأَعَمِّ وَاشْتِرَاطُ الِاطِّرَادِ وَالِانْعِكَاسِ طَرِيقَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ زِيَادَةٍ جَزْمًا وَيَكُونُ الْفَرْضُ تَمْيِيزَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْ جَمِيعِ مَا عَدَاهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يَمْنَعُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَسُنَّةُ الْكِفَايَةِ كَفَرْضِهَا وَمِنْ جُمْلَةِ مَا شُبِّهَ بِهِ التَّعْرِيفُ وَهُوَ لَا يَصِحُّ فِي جَانِبِ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ عَلَى هَذَا الْفَرْضِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ فَرْضَ الْكِفَايَةِ) أَرْجَعَ الشَّارِحُ الضَّمِيرَ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: لِأَنَّهُ يُصَانُ بِقِيَامِ الْبَعْضِ بِهِ إلَخْ إشَارَةً لِمَا قَالَهُ الشَّمْسُ الْبِرْمَاوِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ وَهَمَ فِي نَقْلِهِ عَنْ الْأُسْتَاذِ وَالْإِمَامِ وَابْنِهِ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ وَأَنَّ صَوَابَ النَّقْلِ عَنْهُمْ أَنَّ الْقِيَامَ بِهِ أَفْضَلُ كَمَا وَقَعَ فِي عِبَارَاتِهِمْ لَا أَنَّهُ نَفْسُهُ أَفْضَلُ.

قَالَ الْكَمَالُ وَلَك أَنْ تَقُولَ لَمْ يَهُمَّ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ هُوَ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ الطَّلَبِ الْجَازِمِ وَمُتَعَلِّقُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَهُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ كَالْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْقِيَامُ بِهِ فِعْلٌ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَوَصَفَهُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ لِكَوْنِهِ آتِيًا بِمَا هُوَ أَفْضَلُ فَوَصْفُ الْفَرْضِ بِالْأَفْضَلِيَّةِ بِالْأَصَالَةِ وَالْقَصْدِ وَوَصْفُ الْإِتْيَانِ بِهِ بِهَا بِالتَّبَعِيَّةِ بَلْ مَا صَنَعَهُ أَجْوَدُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ مَقْصُودُ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ اهـ. مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ: الْكَافِي) صِفَةٌ لِقِيَامٍ وَقَوْلُهُ: عَنْ عُهْدَتِهِ أَيْ عُهْدَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَقَوْلُهُ: جَمِيعٌ نَائِبُ فَاعِلِ يُصَانُ، وَقَوْلُهُ: عَنْ الْإِثْمِ مُتَعَلِّقٌ بِيُصَانُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ)

ص: 237

فِي الْأَغْلَبِ وَلِمُعَارَضَةِ هَذَا دَلِيلَ الْأَوَّلِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى النَّظَرِ فِيهِ بِقَوْلِهِ زَعَمَهُ، وَإِنْ أَشَارَ كَمَا قَالَ إلَى تَقْوِيَةٍ يَعْزُوهُ إلَى قَائِلِيهِ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ، الْمُفِيدُ أَنَّ لِلْإِمَامِ سَلَفًا عَظِيمًا فِيهِ فَإِنَّهُ الْمَشْهُورُ عَنْهُ فَقَطْ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَى عَزْوِهِ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ الْأَكْثَرُ (وَهُوَ) أَيْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ (عَلَى الْبَعْضِ وِفَاقًا لِلْإِمَامِ) الرَّازِيّ لِلِاكْتِفَاءِ بِحُصُولِهِ مِنْ الْبَعْضِ (لَا) عَلَى (الْكُلِّ خِلَافًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ) وَالِدِ الْمُصَنِّفِ (وَالْجُمْهُورِ) فِي قَوْلِهِمْ: إنَّهُ عَلَى الْكُلِّ لِإِثْمِهِمْ بِتَرْكِهِ وَيَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ

ــ

[حاشية العطار]

أَيْ صَرِيحًا وَإِلَّا فَقَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ رحمه الله وَالْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَقَدْ قَالُوا: إنَّ قَطْعَ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَكْرُوهٌ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ لَا يَحْسُنُ تَرْكُ فَرْضِ الْعَيْنِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ أَفْضَلُ وَلَا يُنَافِيهِ تَقْدِيمُ إنْقَاذِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْغَرَقِ عَلَى الصِّيَامِ فِي حَقِّ صَائِمٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إنْقَاذِهِ إلَّا بِالْإِفْطَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّقْدِيمَ لَيْسَ لِلْأَفْضَلِيَّةِ بَلْ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ تَقْدِيمِ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ لِذَلِكَ كَتَقْدِيمِ خُسُوفٍ خِيفَ فِيهِ الِانْجِلَاءُ عَلَى مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَضِقْ وَقْتُهَا.

(قَوْلُهُ: فِي الْأَغْلَبِ) احْتِرَازًا عَمَّا خُصَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ غَيْرُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: وَلِمُعَارَضَةِ هَذَا) يَعْنِي شِدَّةَ اعْتِنَاءِ الشَّارِعِ بِهِ الَّذِي هُوَ دَلِيلُ أَفْضَلِيَّةِ فَرْضِ الْعَيْنِ وَقَوْلُهُ: دَلِيلُ الْأَوَّلِ مَفْعُولُ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ الَّذِي هُوَ الْفَاعِلُ وَدَلِيلُ الْأَوَّلِ هُوَ أَنَّهُ يُصَانُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الدَّلِيلَيْنِ مُعَارِضٌ لِلْآخَرِ فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَتَسَاوَى الْقَوْلَانِ وَمَا قِيلَ: إنَّ هَذَا الدَّلِيلَ أَقْوَى فَلَا يُعَارِضُهُ الضَّعِيفُ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَشَارَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَالنِّكَاتُ لَا تَتَزَاحَمُ، فَإِنَّ التَّقْوِيَةَ مِنْ حَيْثُ الْعَزْوُ لَا تُنَافِي النَّظَرَ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى إشَارَةٍ الْأُولَى وَقَوْلُهُ: كَمَا قَالَ أَيْ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ وَبَاءٌ بِعَزْوِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِتَقْوِيَةٍ وَقَوْلُهُ: الْمُفِيدُ نَعْتٌ لِعَزْوِهِ.

(قَوْلُهُ: وِفَاقًا لِلْإِمَامِ الرَّازِيّ) تَبِعَ فِيهِ الْمَرَاغِيَّ وَاَلَّذِي فِي مَحْصُولِ الْإِمَامِ إنَّمَا هُوَ وُجُوبُهُ عَلَى الْكُلِّ كَمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. زَكَرِيَّا.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْإِمَامَ ذَكَرَ فِي غَيْرِ الْمَحْصُولِ مَا يُخَالِفُ مَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ: لِلِاكْتِفَاءِ بِحُصُولِهِ مِنْ الْبَعْضِ) أَيْ وَلَوْ وَجَبَ عَلَى الْكُلِّ لَمْ يَكْتَفِ بِفِعْلِ الْبَعْضِ إذْ يُسْتَبْعَدُ سُقُوطُ الْوَاجِبِ عَنْ الْمُكَلَّفِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَأُجِيبَ مِنْ طَرَفِ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِفِعْلِ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَمَا عُلِمَ وُجُودُ الْفِعْلِ لَا ابْتِلَاءَ كُلِّ مُكَلَّفٍ كَمَا فِي فَرْضِ الْعَيْنِ وَلَا اسْتِبْعَادَ فِي سُقُوطِ الْوَاجِبِ عَنْ الْمُكَلَّفِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ كَسُقُوطِ مَا عَلَى زَيْدٍ مِنْ الدَّيْنِ بِأَدَاءِ عُمَرَ وَعَنْهُ.

(قَوْلُهُ: لِإِثْمِهِمْ بِتَرْكِهِ) وَلِئَلَّا يَلْزَمَ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ وَعَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْأُمِّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ) أَيْ الْفَرْضُ الْمُرَادُ سُقُوطُهُ لَازِمُهُ وَهُوَ الْإِثْمُ بِتَرْكِهِ.

(قَوْلُهُ: بِفِعْلِ الْبَعْضِ) أَيْ بِتَمَامِ فِعْلِهِ فَلَا يَكْفِي الشُّرُوعُ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ بِجُنُونٍ وَنَحْوِهِ قَالَ سم، فَإِنْ قِيلَ عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ وَالْجُمْهُورِ بِمَاذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرْضِ الْعَيْنِ قُلْت بِسُقُوطِهِ عَنْ الْجَمِيعِ بِفِعْلِ الْبَعْضِ بِخِلَافِ فَرْضِ الْعَيْنِ وَفَرَّقَ الْكَمَالُ بِأَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ يُقْصَدُ فِيهِ عَيْنُ الْفَاعِلِ ابْتِلَاءً لَهُ بِتَحْصِيلِ الْفِعْلِ الْمَطْلُوبِ وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ

ص: 238

وَأُجِيبَ بِأَنَّ إثْمَهُمْ بِالتَّرْكِ لِتَفْوِيتِهِمْ مَا قَصَدَ حُصُولَهُ مِنْ جِهَتِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ لَا لِلْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَدُلُّ لِمَا اخْتَرْنَاهُ قَوْله تَعَالَى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104] وَذَكَرَ وَالِدُهُ مَعَ الْجُمْهُورِ مُقَدَّمًا عَلَيْهِمْ قَالَ تَقْوِيَةً لَهُمْ فَإِنَّهُ أَهْلٌ لِذَلِكَ (وَالْمُخْتَارُ) عَلَى الْأَوَّلِ (الْبَعْضُ مُبْهَمٌ) إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّهُ مُعَيَّنٌ فَمَنْ قَامَ بِهِ

ــ

[حاشية العطار]

يُقْصَدُ فِيهِ حُصُولُ الْمَطْلُوبِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْفَاعِلِ إلَّا بِالتَّبَعِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْفِعْلَ لَا يُوجَدُ بِدُونِ فَاعِلٍ.

(قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ) أَيْ مِنْ طَرَفِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ إثْمَهُمْ بِالتَّرْكِ أَيْ إثْمَ الْكُلِّ بِتَرْكِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِتَفْوِيتِهِمْ أَيْ تَفْوِيتِ الْكُلِّ مَا قُصِدَ حُصُولُهُ مِنْ جِهَتِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ يَقُومَ بِهِ بَعْضُهُمْ لَا لِلْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ الْحُصُولُ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ وَكَوْنُهُ مِنْ جِهَتِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ مَقْصُودٌ بِالتَّبَعِ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي التَّعْرِيفِ قَالَ الْكَمَالُ يُقَالُ عَلَيْهِ مِنْ طَرَفِ الْجُمْهُورِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقِيقُ بِالِاسْتِبْعَادِ أَعْنِي إثْمَ طَائِفَةٍ بِتَرْكِ أُخْرَى فِعْلًا كُلِّفَتْ بِهِ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ ارْتَبَطَ التَّكْلِيفُ فِي الظَّاهِرِ بِتِلْكَ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى بِعَيْنِهَا وَحْدَهَا لَكِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَانِ فِي احْتِمَالِ الْأَمْرِ لَهُمَا وَتَعَلُّقُهُ بِهِمَا مِنْ غَيْرِ مَزِيَّةٍ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي التَّأْثِيمِ الْمَذْكُورِ تَأْثِيمُ طَائِفَةٍ بِتَرْكِ أُخْرَى فِعْلًا كُلِّفَتْ بِهِ إذْ كَوْنُ الْأُخْرَى كُلِّفَتْ بِهِ غَيْرَ مَعْلُومٍ بَلْ كُلٌّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُكَلَّفَةُ عَلَى التَّسْوِيَةِ، بَلْ إذَا قُلْنَا بِالْمُخْتَارِ الْآتِي مِنْ أَنَّ الْبَعْضَ مُبْهَمٌ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ طَائِفَةٌ لَا بِعَيْنِهَا فَيَكُونُ الْمُكَلَّفُ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الطَّوَائِفِ الصَّادِقِ بِكُلِّ طَائِفَةٍ عَلَى الْبَدَلِ فَجَمِيعُ الطَّوَائِفِ مُسْتَوُونَ فِي تَعَلُّقِ التَّكْلِيفِ بِهِمْ بِوَاسِطَةِ تَعَلُّقِهِ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ الْمُسْتَوِي فِيهِمْ فَلَا إشْكَالَ عَلَى هَذَا فِي إثْمِ الْجَمْعِ وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا بَيْنَ مُخْتَارِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْخِطَابَ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ تَعَلَّقَ ابْتِدَاءً بِكُلِّ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ وَعَلَى مُخْتَارِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِكُلٍّ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالْمُشْتَرَكِ.

(قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ لِمَا اخْتَرْنَاهُ) أَيْ لِدَلَالَةِ مِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لِيَفْعَلَ بَعْضُكُمْ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الْقَائِلَ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْبَعْضِ يَكْتَفِي بِالْوَاحِدِ لِصِدْقِ الْبَعْضِ بِهِ، وَالْآيَةُ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِجَمَاعَةٍ إذْ الْأُمَّةُ الْجَمَاعَةُ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى تَمَامِ الْمُدَّعِي بَلْ عَلَى الْمُدَّعِي فِي الْجُمْلَةِ لِدَلَالَتِهَا عَلَى تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِبَعْضِ مَاصَدَقَاتِ الْبَعْضِ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَيَدُلُّ لِمَا اخْتَرْنَاهُ، مُعَبِّرًا بِاللَّامِ الدَّالَّةِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ مُجَاوَزَةِ الْمَقْصُورِ وَهُوَ الْآيَةُ عَنْ الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْوُجُوبُ عَلَى الْبَعْضِ، وَإِنْ كَانَ مَقْصُورًا عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ عَلَى الْمُشْعِرَةِ بِالِاسْتِعْلَاءِ وَالْإِحَاطَةِ حُسْنًا أَوْ حُكْمًا إشَارَةً إلَى أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ اسْتِئْنَاسِيٌّ لَا يَصْلُحُ لِإِلْزَامِ الْغَيْرِ لِإِمْكَانِ الْمُعَارَضَةِ مِنْ طَرَفِ الْجُمْهُورِ بِدَلَالَتِهَا عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ خُوطِبَ الْجَمِيعُ بِالْأَمْرِ عَلَى وَجْهِ الِاكْتِفَاءِ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَأَيْضًا الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ وَنَحْوِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: 122] الْآيَةُ يُؤَوَّلُ بِالسُّقُوطِ بِفِعْلِ الطَّاعَةِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] وَنَحْوِهِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَأْوِيلَ أَدِلَّةِ الْمُصَنِّفِ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] لَيْسَ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ وَضُعِّفَ هَذَا الْجَوَابُ بِأَنَّ تَأْوِيلَ أَدِلَّةِ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْخِطَابِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ عَامًّا لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ، ثُمَّ إنَّ كَوْنَ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْفِعْلُ الْكُلُّ أَوْ الْبَعْضُ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفَاعِلَ مَنْظُورٌ إلَيْهِ بِالذَّاتِ لَا بِالتَّبَعِ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّفُ الْفِعْلِ عَلَيْهِ، وَإِنْ زَعَمَهُ النَّاصِرُ.

(قَوْلُهُ: أَهْلٌ لِذَلِكَ) أَيْ لَأَنْ يَتَقَوَّى بِهِ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

(قَوْلُهُ: الْبَعْضُ مُبْهَمٌ) مُبْتَدَأٌ أَوْ خَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ قَوْلُهُ: الْمُخْتَارُ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى رَابِطٍ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ الْمُبْتَدَأِ فِي الْمَعْنَى وَالْقَوْلُ بِأَنَّ بَعْضَ مُبْهَمٍ هُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ جَمِيعِ الْأَبْعَاضِ كَمَا هُوَ فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ، فَاسْتِدْلَالُ الْقَرَافِيِّ بِآيَةِ {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} [آل عمران: 104] عَلَى الْوُجُوبِ مُتَعَلِّقٌ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِعْلُ إحْدَى الطَّوَائِفِ وَمَفْهُومُ أَحَدِهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا لَا يُعَكِّرُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْبَعْضِ بَلْ يُؤَيِّدُهُ.

(قَوْلُهُ: فَمَنْ قَامَ بِهِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَقْوَالِ فَالْأَوْلَى أَنْ

ص: 239

سَقَطَ الْفَرْضُ بِفِعْلِهِ (وَقِيلَ) الْبَعْضُ (مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى) يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِفِعْلِهِ وَبِفِعْلِ غَيْرِهِ كَمَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الشَّخْصِ بِأَدَاءِ غَيْرِهِ عَنْهُ (وَقِيلَ) الْبَعْضُ (مَنْ قَامَ بِهِ) لِسُقُوطِهِ بِفِعْلِهِ، ثُمَّ مَدَارُهُ عَلَى الظَّنِّ فَعَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ مَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَفْعَلْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا فَلَا، وَعَلَى قَوْلِ الْكُلِّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ فَعَلَهُ سَقَطَ عَنْهُ وَمَنْ لَا فَلَا.

(وَيَتَعَيَّنُ) فَرْضُ الْكِفَايَةِ (بِالشُّرُوعِ) فِيهِ أَيْ يَصِيرُ بِذَلِكَ فَرْضَ عَيْنٍ يَعْنِي مِثْلَهُ فِي وُجُوبِ الْإِتْمَامِ (عَلَى الْأَصَحِّ) بِجَامِعِ الْفَرْضِيَّةِ

ــ

[حاشية العطار]

يُفَرَّعَ عَلَيْهِ مَا هُوَ خَاصٌّ بِهِ فَيَقُولُ فَمَنْ قَامَ بِهِ تَحَقَّقَ بِهِ الْبَعْضُ الْمُبْهَمُ الَّذِي خُوطِبَ بِهِ.

(قَوْلُهُ: سَقَطَ الْفَرْضُ) أَيْ الْحَرَجُ بِتَرْكِهِ كَمَا عَبَّرَ جَمَاعَةٌ فَلَا يُنَافِي وُقُوعَ صَلَاةِ فِرْقَةٍ عَلَى جِنَازَةٍ بَعْدَ صَلَاةٍ أُخْرَى فَرْضًا وَلِهَذَا يَنْوِي الْفَرْضَ وَيُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَهُ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ) فِيهِ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ مُبْهَمًا عِنْدَنَا كَمَا أَنَّهُ عَلَى الثَّانِي مُبْهَمٌ عِنْدَنَا أَيْضًا فَلَا تَظْهَرُ الْمُقَابَلَةُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُلَاحَظَ فِي الْأَوَّلِ جِهَةُ الْإِبْهَامِ وَفِي الثَّانِي جِهَةُ التَّعْيِينِ وَبِهَذَا يَرْجِعُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا.

(قَوْلُهُ: وَبِفِعْلِ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ فَلَا يُجْزِئُ رَدُّ صَبِيٍّ مِنْ الْجَمَاعَةِ السَّلَامَ، وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِتَمَامِهِ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ كَصَلَاتِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَحَمْلِهِ الْمَيِّتَ وَدَفْنِهِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ قَالَهُ الْكَمَالُ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْبَعْضُ مَنْ قَامَ بِهِ) قَالَ زَكَرِيَّا هَذَا مِنْ تَفَارِيعِ الْقَوْلِ قَبْلَهُ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ كَكَثِيرٍ خِلَافَهُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَدَارُهُ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ مَبْنَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ التَّعَلُّقِ بِالْمُكَلَّفِ أَوْ السُّقُوطِ عَنْهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِالتَّفْرِيعِ بِقَوْلِهِ فَعَلَى قَوْلِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَعَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى فَائِدَةِ الْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ: مَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَفْعَلْهُ) أَيْ وَلَا يَفْعَلُهُ أَيْضًا اهـ. زَكَرِيَّا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُصَمِّمَ غَيْرُهُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ بَلْ مَتَى مَا ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا زَالَ الْخِطَابُ مُتَوَجِّهًا لَهُ فِي ضِمْنِ الْبَعْضِ الْمُبْهَمِ.

(قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ) اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَلَا إثْمَ فِي تَرْكِهِ وَإِلَّا لَزِمَ تَأْثِيمُ أَهْلِ الدُّنْيَا فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا انْتَفَى الْإِثْمُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ قُلْنَا: فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ فَرْضًا.

وَأَقُولُ: الْوَجْهُ حَيْثُ انْتَفَتْ الْقُدْرَةُ حَتَّى قُدْرَةُ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ الْتِزَامُ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا فَلَا) أَيْ وَمَنْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَفْعَلْهُ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ فَعَلَهُ وَأَوْلَى عَلِمَ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا أَصْلًا إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ مَسْأَلَةُ الشَّكِّ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَيَجِبُ عَلَى الثَّانِي وَالْفَرْقُ أَنَّهُ خُوطِبَ بِهِ ابْتِدَاءً عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا إنْ ظَنَّ فِعْلَ الْغَيْرِ بِخِلَافِهِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ يَصِيرُ بِذَلِكَ فَرْضَ عَيْنٍ) هُوَ بَيَانٌ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَلِذَا عَبَّرَ فِيهِ بِأَيٍّ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا مُرَادًا لِمَا يَلْزَمْ عَلَيْهِ مِنْ قَلْبِ الْحَقَائِقِ أَرْدَفَهُ بِبَيَانِ الْمَقْصُودِ فَقَالَ: يَعْنِي مِثْلَهُ وَلِذَا عَبَّرَ فِيهِ بِالْعِنَايَةِ وَقَيَّدَ الْمُمَاثَلَةَ بِوُجُوبِ الْإِتْمَامِ إشَارَةً إلَى افْتِرَاقِهِمَا بِوُجُوبِ الشُّرُوعِ فِي الْعَيْنِيِّ وَعَدَمِهِ فِي الْكِفَايَةِ فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ: بِجَامِعِ الْفَرْضِيَّةِ) قَدْ يُعْتَرَضُ كَوْنُهَا جَامِعًا بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَزِمَ اشْتِرَاكُهُمَا فِي وُجُوبِ الشُّرُوعِ، وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ قَالَهُ النَّاصِرُ.

وَأَجَابَ سم بِمَنْعِ انْتِفَاءِ اللَّازِمِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الشُّرُوعِ الْوَاجِبِ هُوَ شُرُوعُ مَنْ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي أَدَاءِ الْفَرْضِ لَكِنَّهُ فَرْضُ الْعَيْنِ هُوَ الْجَمِيعُ وَفِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ هُوَ الْبَعْضُ، فَإِنَّ شُرُوعَ طَائِفَةٍ فِيهِ وَقِيَامَهُمْ بِهِ أَمْرٌ لَازِمٌ بِحَيْثُ لَوْ انْتَفَى أَثِمُوا فَقَدْ اشْتَرَكَ الْفَرْضَانِ فِي أَنَّ الشُّرُوعَ فِيمَا يَتَأَدَّى بِهِ الْفَرْضُ أَمْرٌ وَاجِبٌ، وَإِنْ اُخْتُلِفَ مَنْ يَتَأَدَّى بِهِ الْفَرْضُ فِيهِمَا فَظَهَرَ بِذَلِكَ ثُبُوتُ اللَّازِمِ وَعَدَمُ انْتِفَائِهِ اهـ.

وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا جَامِعٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الْفَارِقِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَصْدَ

ص: 240

وَقِيلَ: لَا يَجِبُ إتْمَامُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَصْدَ بِهِ حُصُولُهُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَتَعَيَّنُ حُصُولُهُ مِمَّنْ شَرَعَ فِيهِ فَيَجِبُ إتْمَامُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا يَجِبُ الِاسْتِمْرَارُ فِي صَفِّ الْقِتَالِ جَزْمًا لِمَا فِي الِانْصِرَافِ عَنْهُ مِنْ كَسْرِ قُلُوبِ الْجُنْدِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الِاسْتِمْرَارُ فِي تَعَلُّمِ الْعِلْمِ لِمَنْ آنَسَ الرُّشْدَ فِيهِ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مَطْلُوبَةٍ بِرَأْسِهَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْ غَيْرِهَا بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَمَا ذَكَرَهُ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي مَطْلَبِهِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ عَلَى الْأَصَحِّ بِالنَّظَرِ إلَى الْأُصُولِيِّ أَقْعَدُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْبَارِزِيُّ فِي التَّمْيِيزِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا الْجِهَادَ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَإِنْ كَانَ بِالنَّظَرِ إلَى الْفُرُوعِ أَضْبَطَ.

(وَسُنَّةُ الْكِفَايَةِ) الْمُنْقَسِمُ إلَيْهَا وَإِلَى سُنَّةِ الْعَيْنِ مُطْلَقُ السُّنَّةِ الْمُتَقَدِّمِ حَدُّهُ (كَفَرْضِهَا) فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أُمُورٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا مِنْ حَيْثُ التَّمْيِيزُ عَنْ سُنَّةِ الْعَيْنِ مُهِمٌّ بِقَصْدِ حُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَالتَّسْمِيَةِ لِلْأَكْلِ مِنْ جِهَةِ جَمَاعَةٍ فِي الثَّلَاثِ مَثَلًا ثَانِيهَا أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ سُنَّةِ الْعَيْنِ عِنْدَ الْأُسْتَاذِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِقِيَامِ الْبَعْضِ بِهَا عَنْ الْكُلِّ الْمَطْلُوبِينَ بِهَا ثَالِثُهَا أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْ الْكُلِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ مِنْ بَعْضٍ مُبْهَمٍ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقِيلَ: مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ الطَّلَبُ بِفِعْلِهِ وَبِفِعْلِ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية العطار]

حُصُولُهُ فِي الْجُمْلَةِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ: لَا يَجِبُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ يَتَعَيَّنُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِمَا يَأْتِي أَنَّ التَّصْحِيحَ مُخْتَلِفٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَيَّنُ حُصُولُهُ) وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْهُ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ تَمَامُ إلَخْ) فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ التَّصْحِيحِ، وَإِنْ كَانَتْ مَحَلَّ الْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا يَجِبُ الِاسْتِمْرَارُ فِي صَفِّ الْقِتَالِ جَزْمًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَعْيِينِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فِي غَيْرِ الْجِهَادِ أَمَّا هُوَ فَمُتَّفَقٌ عَلَى تَعَيُّنِهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، ثُمَّ هَذَا الِاسْتِمْرَارُ إتْمَامٌ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ الَّذِي هُوَ الْجِهَادُ فَيَحْتَاجُ لِتَأْوِيلِ قَوْلِهِ فِي صَفِّ الْقِتَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْكَوْنُ فِيهِ إذْ هُوَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ أَوْ الْمُرَادُ بِالصَّفِّ الِاصْطِفَافُ، ثُمَّ إنَّ هَذَا بِظَاهِرِهِ يَقْتَضِي حُرْمَةَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّفِّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِنِيَّةِ الْفِرَارِ مَعَ أَنَّ الْحَرَامَ إنَّمَا هُوَ تَرْكُ الْقِتَالِ فِرَارًا وَإِمَّا لِعُذْرٍ أَوْ لِرَاحَةٍ أَوْ تَحَيُّزٍ إلَى فِئَةٍ مَثَلًا مَعَ نِيَّةِ الْعَوْدِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: لِمَا فِي الِانْصِرَافِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ بِحَسَبِ الْمَظِنَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ بِالْفِعْلِ وَمِثْلُ الْجِهَادِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ كِفَايَةٌ يَتَعَيَّنَانِ بِالشُّرُوعِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمَا هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ إتْمَامِ نَفْلِهِمَا.

(قَوْلُهُ: لِمَنْ آنَسَ) وَإِلَّا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الشُّرُوعُ حَتَّى يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالتَّعَيُّنِ أَوْ عَدَمِهِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الِاسْتِمْرَارِ فِي تَعَلُّمِ الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ وَإِطْلَاقُهُمْ يُنَافِيهِ قُلْنَا: الْمُرَادُ بِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ تَحْصِيلُ عِلْمِ مَا تَضَمَّنَهُ مَسَائِلُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ إذْ هِيَ الْمُثَبِّتَةُ بِالدَّلِيلِ فِي الْعِلْمِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الشُّرُوعُ فِيهِ بِأَقَلَّ مِنْ عِلْمِ حُكْمِ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ لَمْ يَشْرَعْ بَعْدُ وَإِعْرَاضُهُ بَعْدَ تَصَوُّرِ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ وَالتَّرَدُّدِ فِي الْحُكْمِ إعْرَاضٌ قَبْلَ الشُّرُوعِ لَا بَعْدَهُ اهـ. كَمَالٌ.

(قَوْلُهُ: أَقْعَدُ) أَيْ أَحْسَنُ وَضْعًا لِإِفَادَتِهِ قَاعِدَةً كُلِّيَّةً مُنَاسِبَةً قَوَاعِدِ الْأُصُولِ وَهِيَ كُلُّ فَرْضٍ كِفَائِيٍّ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يَضُرُّ اسْتِثْنَاءُ الْجِهَادِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ جَزْمًا؛ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ شَأْنُهَا أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا وَالْقَاعِدَةُ تُنَاسِبُ الْأُصُولَ؛ لِأَنَّ الْأُصُولَ هِيَ الْقَوَاعِدُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْبَارِزِيُّ بِالنَّظَرِ إلَى الْفُرُوعِ أَضْبَطَ أَيْ مِنْ جِهَةِ إفَادَتِهِ مَا يَتَعَيَّنُ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى وَجْهِ الْحَصْرِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ التَّمْيِيزُ عَنْ سُنَّةِ الْعَيْنِ) ذَكَرَ الْحَيْثِيَّةَ دَفْعًا لِمَا قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ عَرَّفَهَا بِمَا عَرَّفَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ فَيَلْزَمُ اخْتِلَالُ أَحَدِ التَّعْرِيفَيْنِ.

(قَوْلُهُ: جَمَاعَةٌ) أَرَادَ بِهَا مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ.

(قَوْلُهُ: مَثَلًا) تَأْكِيدٌ لِلْكَافِ أَوْ أَحَدُهُمَا لِلْأَفْرَادِ الذِّهْنِيَّةِ وَالْآخَرُ لِلْأَفْرَادِ الْخَارِجِيَّةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ سُنَّةَ الْكِفَايَةِ لَيْسَتْ مَحْصُورَةً فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ كَمَا قَالَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الشَّاشِيُّ، فَإِنَّ مِنْهَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ الْآذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَمَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ مِمَّا نُدِبَ إلَيْهِ وَتَضْحِيَةُ الْوَاحِدِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ لِتَأَدِّي شِعَارَ التَّضْحِيَةِ بِهَا (قَوْلُهُ: لِسُقُوطِ الطَّلَبِ) وَذَلِكَ كَافٍ فِي تَفْضِيلِ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ أَبِي زُرْعَةَ لَا يَصِحُّ أَنَّ

ص: 241