الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْوَقْتُ لِمَا فُعِلَ كُلُّهُ فِيهِ أَوْ فِيهِ وَبَعْدَهُ أَدَاءٌ أَيْ لِلْمُؤَدَّى (الزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ لَهُ شَرْعًا مُطْلَقًا) أَيْ مُوَسَّعًا كَزَمَانِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَسُنَنِهَا وَالضُّحَى وَالْعِيدِ أَوْ مُضَيَّقًا كَزَمَانِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَأَيَّامِ الْبِيضِ فَمَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ زَمَانٌ فِي الشَّرْعِ كَالنَّفْلِ وَالنَّذْرِ الْمُطْلَقَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ فَوْرِيًّا كَالْإِيمَانِ لَا يُسَمَّى فِعْلُهُ أَدَاءً وَلَا قَضَاءً وَإِنْ كَانَ الزَّمَانُ ضَرُورِيًّا لِفِعْلِهِ.
(وَالْقَضَاءُ فِعْلُ كُلِّ - وَقِيلَ بَعْضِ -
ــ
[حاشية العطار]
فِيهِ أَنَّ هَذَا يُعْلَمُ وَيُعْرَفُ مِنْ تَعْرِيفِ الْأَدَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ التَّعْرِيضَ بِابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْوَقْتُ لِمَا فُعِلَ) اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ هُوَ صِفَةٌ لِلْوَقْتِ أَيْ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ الْعِبَادَةِ) لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُوهِمُ أَنَّ مَا فُعِلَ إشَارَةً بَعْضُ الْعِبَادَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلِكُلِّهَا عَلَى الثَّانِي وَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا عَلِمْت حَوَّلَ الشَّارِحُ الْعِبَارَةَ عَنْ ظَاهِرِهَا الْمُوهِمِ لِلْفَسَادِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِيهِ وَبَعْدَهُ) لَا خُصُوصُ الْمَفْعُولِ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ.
(قَوْلُهُ: الْمُقَدَّرُ لَهُ) أَيْ لِلْمُؤَدِّي لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ وَأُورِدَ أَنَّ فِيهِ دَوْرًا لِأَخْذِ الْوَقْتِ فِي تَعْرِيفِ الْأَدَاءِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْمُؤَدِّي وَقَدْ أَخَذَ الْمُؤَدِّي فِي تَعْرِيفِ الْوَقْتِ فَيَتَوَقَّفُ الْوَقْتُ عَلَيْهِ بِوَاسِطَةٍ.
وَالْجَوَابُ بِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ لَفْظِيٌّ لَا يَضُرُّهُ الدَّوْرُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ لِأَنَّ هَذِهِ تَعَارِيفُ اصْطِلَاحِيَّةٌ فَهِيَ حُدُودٌ اسْمِيَّةٌ فَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤَدِّي الْمَأْخُوذُ فِي تَعْرِيفِ الْوَقْتِ الشَّيْءُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْوَصْفِ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْمُقَدَّرِ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ عَامِلُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ تَقْدِيرًا مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: الْبِيضُ) أَيْ اللَّيَالِي الْبِيضُ لِبَيَاضِهَا بِالْقَمَرِ.
(قَوْلُهُ: الْمُطْلَقَيْنِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُقَيَّدَيْنِ أَدَاءً وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي النَّفْلِ كَالْفَجْرِ وَلَا يَظْهَرُ فِي النَّذْرِ لِأَنَّ وَقْتَهُ مُقَدَّرٌ بِجَعْلِ النَّاذِرِ لَا بِالشَّرْعِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَوْنَهُ جَعْلِيًّا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ شَرْعِيًّا فَإِنَّ الشَّرْعَ قَدَّرَهُ بِسَبَبِ الْتِزَامِ الْمُكَلَّفِ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) أَيْ مِنْ عِبَادَةٍ لَمْ يُقَدَّرْ لَهَا وَقْتٌ فِي الشَّرْعِ وَلَيْسَتْ نَفْلًا وَلَا نَذْرًا مُطْلَقَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فَوْرِيًّا كَالْإِيمَانِ) لِأَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهُ شَرْعِيًّا إذْ لَمْ يُعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ لِلْقَادِرِ لَا يُقَالُ قَدْ يَكُونُ الْإِيمَانُ غَيْرَ فَوْرِيٍّ كَمَا فِي الْكَافِرِ الْمُؤْمِنِ وَإِلَّا لَأُجْبِرَ عَلَيْهِ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ كَانَ غَيْرَ فَوْرِيٍّ لَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ اسْتِمْرَارُ الْكُفْرِ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ لَهُ مَعَ تَرَتُّبِ وُقُوعِهِ مِنْهُ وَلِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَيْنَا أَوْ عَلَيْهِ لِإِيمَانِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا يُسَمَّى فِعْلُهُ أَدَاءً) لَمْ يَذْكُرْ الْبَعْضَ مَعَ أَنَّهُ أَوْفَقُ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْبَعْضَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا لَهُ وَقْتٌ يَقَعُ بَعْضُهُ فِيهِ تَارَةً وَكُلُّهُ أُخْرَى.
[تَعْرِيفِ الْقَضَاء]
(قَوْلُهُ: وَالْقَضَاءُ فِعْلُ كُلِّ إلَخْ) قَدَّمَ الرَّاجِحَ هَهُنَا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَرْجِيحِ أَنَّ الْأَدَاءَ فِعْلُ
مَا خَرَجَ وَقْتُ أَدَائِهِ) مِنْ الزَّمَانِ الْمَذْكُورِ مَعَ فِعْلِ بَعْضِهِ الْآخَرِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَيْضًا صَلَاةً كَانَ أَوْ صَوْمًا أَوْ قَبْلَهُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ فِيهَا فِيمَنْ زَالَ عُذْرُهُ كَالْجُنُونِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً فَتَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
ــ
[حاشية العطار]
بَعْضِ إلَخْ قَالَ النَّاصِرُ وَيَرِدُ عَلَى عَكْسِهِ فِعْلُ بَعْضِ رَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَبَاقِيهَا بَعْدَهُ وَالْكُلُّ قَضَاءٌ.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الشَّارِحَ قَدْ دَفَعَ وُرُودَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَمَّا أَطْلَقَ الْبَعْضُ فِي الْقَضَاءِ إلَى قَوْلِهِ فَيَضُمُّ إلَيْهِ إلَخْ وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الصُّورَةَ الْمُورَدَةَ خَرَجَتْ بِمَنْطُوقِ التَّعْرِيفِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَاقِي يَسَعُ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُ أَدَائِهِ (قَوْلُهُ: مَا خَرَجَ وَقْتُ أَدَائِهِ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ لِعِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ مَا خَرَجَ، فَإِنَّ اتِّصَافَ الْفِعْلِ بِدُخُولِ وَقْتِهِ أَوْ خُرُوجِهِ إنَّمَا يَكُونُ حَالَ فِعْلِهِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ فِي الْأَدَاءِ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الدُّخُولِ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ يَصْدُقُ بِمَا بَعْدَ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: مِنْ الزَّمَانِ الْمَذْكُورِ) بَيَانٌ لِوَقْتِ أَدَائِهِ وَالْمُرَادُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ الزَّمَانِ الْمُقَدَّرُ لَهُ شَرْعًا وَعَلَى هَذَا فَإِطْلَاقُ الْقَضَاءِ فِي قَوْلِهِمْ قَضَاءُ الْحَجِّ الْفَاسِدِ مَجَازٌ مِنْ حَيْثُ الْمُشَابَهَةُ لِأَنَّ الْحَجَّ وَقْتُهُ الْعُمُرُ فَلَا يَخْرُجُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ فِيهِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ مَعْنَى الْأَدَاءِ فَلَا يُنَافِي الْأَدَاءَ الِاصْطِلَاحِيَّ وَقَالَ الْكُورَانِيُّ إنَّهُ لَمَّا تَلَبَّسَ بِهِ صَارَ وَقْتُهُ مُضَيَّقًا فَإِطْلَاقُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ.
وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ الْفَاسِدَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَنَّ إعَادَتَهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَضَاءٌ وَلَا قَائِلَ بِهِ وَأَمَّا إطْلَاقُ الْأَدَاءِ عَلَيْهِ فَقَالَ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَةِ الشَّرْحِ الْعَضُدِيِّ إنَّهُ حَقِيقَةٌ نَظَرًا إلَى أَنَّ وَقْتَهُ مَحْدُودٌ مُعَيَّنٌ بِأَشْهُرٍ مَعْلُومَةٍ (قَوْلُهُ: مَعَ فِعْلِ إلَخْ) تَتِمَّةٌ لِلتَّعْرِيفِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مَعْلُومَةٌ مِنْ مَحَلِّهَا فَلَا يُقَالُ إنَّ التَّعْرِيفَ نَاقِصٌ وَلَا يَخْفَاك أَنَّ أَمْثَالَ هَذِهِ الْأُمُورِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي ارْتِكَابُهَا فِي التَّعَارِيفِ وَهَذَا نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْقَضَاءَ فِعْلُ الْبَعْضِ فَقَطْ مَعَ أَنَّهُ لِلْكُلِّ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي مُسَمَّى الْقَضَاءِ هَلْ هُوَ وُقُوعُ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بَعْضِهِ الْآخَرِ وَلَوْ أَتَى بِهِ عَقِبَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ إلَخْ) مُبَالَغَةٌ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْبَعْضَ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ عَلَى عُمُومِهِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالرَّكْعَةِ وَإِلَّا كَانَ تَعْرِيفًا لِلْقَضَاءِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ.
(قَوْلُهُ: وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ) أَيْ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ الْأَدَاءُ فِعْلُ بَعْضٍ هُوَ رَكْعَةٌ وَهَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَارِدٍ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ رَكْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ فِي الْوَقْتِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ كَانَتْ الصَّلَاةُ قَضَاءً وَيَرُدُّهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ لَكِنَّهُ يُضْعِفُ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لُزُومَ التَّجَوُّزِ فِي لَفْظِ أَدْرَكَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَإِنَّ مَعْنَى أَدْرَكَ الْأَوَّلَ عَلَيْهِ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ وَمَعْنَى الثَّانِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ.
(قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ أَيْ فِي شَأْنِهَا أَوْ الضَّمِيرُ لِلصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَنْ زَالَ عُذْرُهُ) فَمَعْنَى
وَلَوْ قَالَ وَقْتَهُ كَمَا قَالَ فِي الْأَدَاءِ كَفَى (اسْتِدْرَاكًا) بِذَلِكَ الْفِعْلِ (لِمَا) أَيْ لِشَيْءٍ (سَبَقَ لَهُ مُقْتَضًى لِلْفِعْلِ) أَيْ لَأَنْ يُفْعَلَ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْدُوبَةَ تُقْضَى فِي الْأَظْهَرِ وَيُقَاسُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ الْمَنْدُوبُ فَقَوْلُهُ مُقْتَضِي أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ وُجُوبٌ: لَكِنْ لَوْ قَالَ لِمَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضِي كَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ
ــ
[حاشية العطار]
فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ أَدْرَكَ وُجُوبَهَا أَوْ أَدْرَكَ وَقْتَهَا الَّذِي هُوَ سَبَبٌ فِي وُجُوبِهَا بِهَا فَلَا يُعَارِضُ مَا هُنَا وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً إلَخْ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَمَّا عِنْدَنَا مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ فَتَجِبُ بِإِدْرَاكِ زَمَنٍ يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) قِيلَ إنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقْتُ أَدَائِهِ لِيَكُونَ التَّعْرِيفُ الْأَوَّلُ لِلْقَضَاءِ شَامِلًا لِمَا إذَا وَقَعَ أَقَلُّ مِنْ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ فَإِنَّ هَذَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ فِعْلُ كُلِّ مَا خَرَجَ وَقْتُ أَدَائِهِ وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ فِعْلُ كُلِّ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ إذْ الزَّمَنُ الْمَفْعُولُ فِيهِ الْمَذْكُورُ وَقْتٌ لِفِعْلِ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ فِي دَفْعِ خُرُوجِ هَذِهِ الصُّورَةِ إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي لَمَّا أَطْلَقَ الْبَعْضُ إلَخْ (قَوْلُهُ: اسْتِدْرَاكًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ عَامِلُهُ فِعْلٌ أَيْ لِأَجْلِ الِاسْتِدْرَاكِ بِهَذَا الْفِعْلِ الَّذِي بَعْدَ الْوَقْتِ لِلْفِعْلِ الَّذِي سَبَقَ طَلَبُ إيقَاعِهِ فِي الْوَقْتِ وَأَرَادَ بِالْفِعْلِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ وَبِالشَّيْءِ الْوَاقِعَ عَلَيْهِ مَا الْفِعْلُ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَاللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ.
(قَوْلُهُ: لِلْفِعْلِ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ مَا أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لَأَنْ يُفْعَلَ) نَبَّهَ بِكَوْنِ الْمَصْدَرِ مَسْبُوكًا مِنْ فِعْلِ الْمَفْعُولِ عَلَى أَنَّ الْمَلْحُوظَ فِي الِاقْتِضَاءِ السَّابِقِ هُوَ الْفِعْلُ الْمَطْلُوبُ دُونَ خُصُوصِيَّةِ الْفَاعِلِ مِنْ الْقَاضِي أَوْ غَيْرِهِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ قَوْلُهُ مُطْلَقًا وَمِنْ فَوَائِدِ هَذَا التَّفْسِيرِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ هُنَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ لَا الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ الْمَفْعُولُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ لَهُ الرَّاجِعِ ضَمِيرُهُ الْمَجْرُورُ لِمَا الْوَاقِعِ عَلَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ كَمَا أَنَّ كُلًّا وَبَعْضًا فِي التَّعْرِيفِ وَاقِعَانِ عَلَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ بِدَلِيلِ وُقُوعِهِمَا مُتَعَلِّقَ الْفِعْلِ الْمُصَدَّرِ بِهِ التَّعْرِيفُ لِأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ اقْتِضَاءَ وُجُوبٍ أَوْ اقْتِضَاءَ نَدْبٍ وَأَعْرَبَهُمَا النَّاصِرُ حَالَيْنِ مِنْ مُقْتَضَى فَيَكُونُ الْوُجُوبُ بِمَعْنَى الْإِيجَابِ بِمَعْنَى الْمُوجِبِ وَالنَّدْبُ بِمَعْنَى النَّادِبِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ ثَلَاثَةَ مَجَازَاتٍ أَحَدُهَا عَقْلِيٌّ لِأَنَّ الْمُوجِبَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ لَا الْخِطَابُ وَفِي الثَّانِي مَجَازَانِ أَحَدُهُمَا عَقْلِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْدُوبَةَ تَقْتَضِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ تَابِعَةً لِمَا لَا يُقْضَى كَنَفْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُقْضَى (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ) مُقْتَضَى قِيَاسِ الصَّوْمِ عَلَيْهَا وُجُودُ الدَّلِيلِ عَلَى قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَنْدُوبَةِ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَدَدِهِ.
(قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْدُوبَةَ.
(قَوْلُهُ: أَحْسَنُ إلَخْ) لِأَنَّ تَعْرِيفَ مَنْ عَبَّرَ بِالْوُجُوبِ لَا يَشْمَلُ قَضَاءَ الْمَنْدُوبِ قَالَ النَّاصِرُ الْعُذْرُ لَهُ بِنَاءُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ اخْتِصَاصِ الْقَضَاءِ بِالْوَاجِبِ إلَّا الْفَجْرَ فَإِنَّهُ يُقْضَى فَقِيلَ حَقِيقَةٌ وَقِيلَ مَجَازٌ اهـ.
وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الِاعْتِذَارَ لَا يَدْفَعُ الْأَحْسَنِيَّةَ إذْ شُمُولُ التَّعْرِيفِ لِسَائِرِ الْمَذَاهِبِ أَحْسَنُ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِبَعْضِهَا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ عَلَى نَفْسِ مَذْهَبِهِ بِالنَّظَرِ لِلْفَجْرِ فَإِنَّ مَذْهَبَهُ قَضَاؤُهُ إلَى الزَّوَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَائِلًا بِمَجَازِيَّةِ قَضَائِهِ بَلْ التَّعْبِيرُ بِالْحُسْنِ الْمُشْعِرِ بِجَوَازِ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ فِي التَّعْرِيفِ كَوْنَهُ جَامِعًا وَيَجُوزُ التَّعْرِيفُ بِالْأَخَصِّ أَمَّا عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فَالتَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ مُقْتَضًى مُتَعَيِّنٌ.
(قَوْلُهُ: كَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ) أَمَّا الْأَخْصَرِيَّةُ فَظَاهِرَةٌ وَأَمَّا الْأَوْضَحِيَّةُ فَلِاتِّحَادِ مُتَعَلِّقِ الِاقْتِضَاءِ عَلَى هَذَا وَتَعَدُّدِهِ عَلَى صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ الْمُحْوِجِ لِخَفَاءِ مَعْنَاهُ إلَى جَعْلِ قَوْلِهِ لِلْفِعْلِ بَدَلَ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقٍ لَهُ بِمُقْتَضًى وَقَدْ يُدَّعَى أَنَّ لَهُ يَتَعَلَّقُ بِسَبْقٍ جِيءَ بِهِ لِزِيَادَةِ الرَّبْطِ كَمَا قَالُوهُ فِي قَوْله تَعَالَى {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} [الأنبياء: 1] هَذَا مَا أَفَادَهُ النَّاصِرُ مُوَضِّحًا.
وَفِي بَعْضِ رَسَائِلِ فُضَلَاءِ الرُّومِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ فِي قَوْله تَعَالَى {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} [الأنبياء: 1] اهْتِمَامًا بِشَأْنِ مُنْكِرِي الْبَعْثِ بِأَنَّهُمْ مَدْنُوٌّ مِنْهُمْ وَمُقَرَّبٌ لَهُمْ وَمُنْذَرُونَ
(مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ كَمَا فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ بِلَا عُذْرٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي قَضَاءِ النَّائِمِ الصَّلَاةَ وَالْحَائِضِ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ سَبَقَ مُقْتَضًى لِفِعْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْ غَيْرِ النَّائِمِ وَالْحَائِضِ لَا مِنْهُمَا وَإِنْ انْعَقَدَ سَبَبُ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ فِي حَقِّهِمَا لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا أَوْ نَدْبِهِ لَهُمَا وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاسْتِدْرَاكِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الْمُؤَدَّاةِ
ــ
[حاشية العطار]
بِاخْتِصَاصِهِمْ بِذَلِكَ الْوَعِيدِ لَا مُجَرَّدَ ذِكْرِ الْمُقْتَرِبِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] فَإِنَّ الْجِهَةَ الْمَنْظُورَ فِيهَا هُنَا بَيَانُ الْمُقْتَرِبِ دُونَ الْمَدْنُوِّ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ لِإِثْبَاتِ وُقُوعِ السَّاعَةِ وَاقْتِرَابِهَا بِآيَاتٍ تُنْذِرُ بِحُلُولِهَا وَمِنْ جُمْلَتِهَا انْشِقَاقُ الْقَمَرِ وَقِيلَ إنَّ اللَّامَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفِعْلِ وَتَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَاعِلِ لِلْمُسَارَعَةِ إلَى إدْخَالِ الرَّوْعَةِ فَإِنَّ نِسْبَةَ الِاقْتِرَابِ إلَيْهِمْ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ مِمَّا يَسُوءُهُمْ وَيُورِثُهُمْ رَهْبَةً وَانْزِعَاجًا مِنْ الْمُقْتَرِبِ وَجَعَلَهَا تَأْكِيدًا لِلْإِضَافَةِ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْمُتَعَارَفَ بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ اقْتَرَبَ حِسَابُ النَّاسِ ثُمَّ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ الْحِسَابُ ثُمَّ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ مَعَ أَنَّهُ تَعَسُّفٌ بِمَعْزِلٍ عَمَّا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ الْفِعْلِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْفِعْلِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِمُقْتَضًى.
(قَوْلُهُ: سَبَبُ الْوُجُوبِ) وَهُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ مَعَ التَّكْلِيفِ فَإِنَّ الْوَقْتَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ وَلَوْ فِي حَقِّ النَّائِمِ وَالْحَائِضِ وَتَخَلُّفُ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ لِشَيْءٍ آخَرَ كَوُجُودِ الْمَانِعِ لَا يَنْفِي سَبَبِيَّتَهُ فِي نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ انْعَقَدَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوُجُوبَ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ إذْ لَوْ كَانَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ سَبَبُ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِمَا وَسَيَأْتِي التَّحْقِيقُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاسْتِدْرَاكِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكُ الشَّيْءِ وَإِدْرَاكُهُ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا جَمَاعَةً مَطْلُوبٌ وَأَنَّ فِعْلَهَا جَمَاعَةً بَعْدَ وَقْتِهَا الْمُؤَدَّاةِ فِيهِ فُرَادَى يُوصِلُ إلَى مَا سَبَقَ لَهُ مُقْتَضًى فَالْحَدُّ صَادِقٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ قَضَاءً فَهُوَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَإِخْرَاجُهُ مِنْهُ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ مَحَلُّ نَظَرٍ ثُمَّ إنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ بَعْدَ وَقْتِهَا الْمُؤَدَّاةِ فِيهِ بِطَهَارَةٍ مَظْنُونَةٍ تَبَيَّنَ انْتِفَاؤُهَا لِسُقُوطِ الْمُقْتَضَى بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَتَوَصَّلْ بِالْفِعْلِ الثَّانِي إلَى مَا سَبَقَ لَهُ مُقْتَضًى وَهُوَ قَضَاءٌ بِلَا نِزَاعٍ فَيَكُونُ الْحَدُّ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ أَفَادَهُ النَّاصِرُ.
وَأَجَابَ سم عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الِاسْتِدْرَاكَ لَيْسَ مُجَرَّدَ الْوُصُولِ إلَى مَا سَبَقَ لَهُ مُقْتَضًى بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْوُصُولُ إلَيْهِ مَطْلُوبًا عَلَى وَجْهِ الْجَبْرِيَّةِ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ أَوْ لَا إمَّا بِتَرْكِ الْفِعْلِ رَأْسًا وَإِمَّا بِفِعْلِهِ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ خَلَلٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِعَادَةَ جَمَاعَةً مَطْلُوبَةٌ كَذَلِكَ.
وَعَنْ الثَّانِي بِمَنْعِ عَدَمِ الصِّدْقِ الَّذِي ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ طَلَبُ الْفِعْلِ مَرَّةً أُخْرَى بِدَلِيلٍ آخَرَ فَإِذَا فَعَلَهُ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ لِمَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضًى وَهُوَ الطَّلَبُ الَّذِي يَبْقَى بِانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فَقَوْلُهُ لِسُقُوطِ الْمُقْتَضَى بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ قُلْنَا السَّاقِطُ مُقْتَضَى الْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ هُنَا مُقْتَضًى آخَرُ بِدَلِيلٍ آخَرَ عَامٍّ طَالِبٍ لِفِعْلِ مَا وَقَعَ عَلَى خَلَلٍ مَرَّةً أُخْرَى كَمَا قُلْنَا. اهـ.
وَنُوقِشَ جَوَابُهُ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ مَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضًى عِبَارَةً عَنْ الْفِعْلِ بَعْدَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْمُقْتَضِي الْآخَرُ الْجَدِيدُ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضًى مَا سَبَقَ طَلَبُ إيقَاعِهِ فِي الْوَقْتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ نَفْسُهُ فِي أَحَدِ جَوَابَيْهِ عَنْ الْأَوَّلِ وَكَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ أَيْ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إذْ لَوْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ مَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضًى عِبَارَةً عَنْ الْفِعْلِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَوْلِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْفِعْلَ بَعْدَ الْوَقْتِ مَطْلُوبٌ مِنْ نَفْسِ النَّائِمِ وَالْحَائِضِ فَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ لَمَّا تَبَيَّنَ بِانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ عَدَمُ إجْزَاءِ الصَّلَاةِ الْمَفْعُولَةِ فِي الْوَقْتِ لَمْ يَسْقُطْ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ اسْتِدْرَاكًا لِمَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ فِي الْوَقْتِ مُقْتَضٍ حُكْمًا
فِي الْوَقْتِ بَعْدَهُ فِي جَمَاعَةٍ مَثَلًا وَلَمَّا أَطْلَقَ الْبَعْضَ فِي تَعْرِيفِ الْأَدَاءِ لِلْعِلْمِ الْمُتَقَدِّمِ اقْتَصَرَ عَلَى الْكُلِّ فِي الْقَضَاءِ فَيُضَمُّ إلَيْهِ مَا خَرَجَ بِالْقَيْدِ مِنْ أَنَّ فِعْلَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ قَضَاءٌ وَلِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ ذِي الرَّكْعَةِ أَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إذْ مُعْظَمُ الْبَاقِي كَالتَّكْرِيرِ لَهَا فَجُعِلَ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَابِعًا لَهَا بِخِلَافِ مَا دُونَهَا.
ــ
[حاشية العطار]
(قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) ظَرْفٌ لِإِعَادَةِ أَيْ بَعْدَ الْوَقْتِ فَهَذِهِ بَاطِلَةٌ وَلَيْسَتْ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ وَقَوْلُهُ مَثَلًا أَوْ فُرَادَى وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ قَوْلُهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ فُرَادَى بَعْدَ الْوَقْتِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمَّا أَطْلَقَ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِدَفْعِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ لِلْقَضَاءِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ لَهُ لِمَا إذَا فَعَلَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ وَالْبَاقِيَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ الْمُتَقَدِّمِ) وَهُوَ كَوْنُ ذَلِكَ الْبَعْضِ رَكْعَةً وَقَوْلُهُ فِي الْأَدَاءِ أَيْ فِي تَعْرِيفِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ أَيْ فِي تَعْرِيفِهِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ.
(قَوْلُهُ: فَيُضَمُّ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْكُلِّ أَيْ إلَى قَوْلِهِ أَوْ إلَى الْقَضَاءِ أَيْ إلَى حَدِّهِ، وَجْهُ ضَمِّ مَا خَرَجَ بِالْقَيْدِ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً فَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا أَدَاءً فَهُوَ قَضَاءٌ قَالَ الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ الْغُنَيْمِيُّ لَا حَاجَةَ إلَى الضَّمِّ الْمَذْكُورِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ فِعْلُ كُلِّ مَا خَرَجَ وَقْتُ أَدَائِهِ دُونَ أَنْ يَقُولَ خَرَجَ وَقْتُهُ إذْ وَقْتُ الْأَدَاءِ يَخْرُجُ بِكَوْنِ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ الَّذِي حَدَّدَهُ الشَّارِحُ لَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ سَابِقًا وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقْتُهُ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ الْوَقْتِ وَوَقْتِ الْأَدَاءِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ فِعْلَ إلَخْ) قَالَ النَّاصِرُ الصَّوَابُ إسْقَاطُ أَنَّ وَقَضَاءٌ بِأَنْ يَقُولَ مِنْ فِعْلِ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ لِأَنَّ الَّذِي يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَيَخْرُجُ بِالْقَيْدِ مِنْ حَدِّ الْأَدَاءِ وَيُضَافُ إلَى حَدِّ الْقَضَاءِ الْمَذْكُورِ هُوَ هَذَا الْفِعْلُ لَا كَوْنُهُ قَضَاءً اهـ.
قَالَ سم يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ فَيُضَمُّ إلَى حُكْمِهِ حُكْمُ مَا خَرَجَ وَلَا شَكَّ أَنَّ حُكْمَ الْخَارِجِ أَنَّهُ قَضَاءٌ فَيُضَمُّ إلَى حُكْمِ الْكُلِّ وَهُوَ أَنَّهُ قَضَاءٌ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَيْ مَا خَرَجَ بِالْقَيْدِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ فِعْلَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا) أَيْ بَيْنَ فِعْلِ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَبَيْنَ ذِي الرَّكْعَةِ) أَيْ الْفِعْلِ ذِي الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: كَالتَّكْرِيرِ لَهَا) قَالَ النَّاصِرُ إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ تَكْرِيرًا حَقِيقَةً
(وَالْمَقْضِيُّ الْمَفْعُولُ) مِنْ كُلِّ الْعِبَادَةِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ عَلَى الثَّانِي وَإِنَّمَا عَرَّفَ الْمَصْدَرَ وَالْمَفْعُولَ الْمُسْتَغْنِيَ بِأَحَدِهِمَا قَائِلًا فِي الْمُؤَدَّى مَا فُعِلَ، الَّذِي صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ تَعْرِيفَ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِعَادَةِ قَالَ إشَارَةً إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَيْ الْمُحْوِجِ لِتَصْحِيحِهِ إلَى تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ بِالْمَفْعُولِ وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ شَائِعًا وَعَدَلَ فِي الْمَقْضِيِّ عَمَّا فَعَلَ إلَى الْمَفْعُولِ قَالَ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ مِنْهُ أَيْ بِكَلِمَةٍ
ــ
[حاشية العطار]
لِأَنَّ التَّكْرِيرَ هُوَ الْإِتْيَانُ بِالشَّيْءِ ثَانِيًا مُرَادًا بِهِ تَأْكِيدُ الْأَوَّلِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَا بَعْدَ الرَّكْعَةِ فِي الصَّلَاةِ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ كَالْأُولَى.
(قَوْلُهُ: وَالْمَقْضِيُّ الْمَفْعُولُ) أَلْ لِلْعَهْدِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ الْعِبَادَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْصُولَةً وَفِيهَا كَلَامٌ سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: الْمُسْتَغْنِيَ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِتَعْرِيفِ أَحَدِهِمَا عَنْ تَعْرِيفِ الْآخَرِ لَا يُقَالُ هَذَا الِاسْتِغْنَاءُ يُوقِعُ فِي التَّكْرَارِ لِأَنَّا نَقُولُ التَّكْرَارُ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ انْتَفَتْ الْفَائِدَةُ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْفَائِدَةُ هُنَا مَوْجُودَةٌ وَهِيَ الْإِشَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي صَدَّرَ) صِفَةٌ لِمَقُولِ قَائِلًا أَعْنِي مَا فَعَلٌ.
(قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ (قَوْلُهُ: إشَارَةً إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ الْإِشَارَةُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ تَعْرِيفَيْ الْمَصْدَرِ وَالْمَفْعُولِ بَلْ يَكْفِي فِيهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُؤَدَّى قَائِلًا فِيهِ الْمُؤَدَّى مَا فُعِلَ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِشَارَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَبْيَنِ إذْ قَدْ لَا يُفْهَمُ مِنْ الِاقْتِصَارِ الْمَذْكُورِ إفَادَةُ الِاعْتِرَاضِ بَلْ مُجَرَّدُ إفَادَةِ عِبَارَةٍ أُخْرَى مُسَاوِيَةٍ لِعِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ الْكَمَالُ أَسْنَدَ الشَّارِحُ ذَلِكَ إلَى الْمُصَنِّفِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يُشِيرُ إلَى مَا قَالَهُ شَيْخُهُ الْعَلَّامَةُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّةِ الْأُصُولِ مِنْ إطْلَاقِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَفْعُولِ الَّذِي صَارَ لِشُهْرَتِهِ وَتَكْرَارِهِ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ جَعْلُ التَّعْرِيفِ لِهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا فِي غَيْرِ الْمُخْتَصَرِ كَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ اهـ.
وَحَيْثُ كَانَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فَلَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ إلَّا الْمُؤَدَّى وَالْمَقْضِيُّ، كَالْخَلْقِ إذَا أُطْلِقَ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا الْمَخْلُوقُ قَالَ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ، لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْنَعَ صَيْرُورَةَ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فِي الْمُؤَدَّى وَالْمَقْضِيِّ وَيَقُولَ إنَّهُمَا مِنْ الْمَجَازِ الشَّائِعِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ شَائِعًا أَوْ مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَعَلَى كُلٍّ يَبْقَى اعْتِرَاضُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ لِأَنَّ الْأَوْلَى اجْتِنَابُ الْمَجَازِ وَلَوْ شَائِعًا وَالْمُشْتَرَكِ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ خُصُوصًا فِي مَقَامِ التَّحْدِيدِ اهـ.
أَقُولُ هَذَا مَحْضُ تَحَامُلٍ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاشْتِرَاكِ وَدَعْوَى أَنَّهُ مَجَازٌ شَائِعٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَصْرِيحِ الشَّيْخِ الْبِرْمَاوِيِّ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَهُوَ ثِقَةٌ فَلَا يَسُوغُ لَنَا أَنْ يُدْفَعَ كَلَامُهُ بِمُجَرَّدِ الِادِّعَاءِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلٍ قَوِيٍّ بِالْمَجَازِ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مَجَازٌ فَلَا ضَيْرَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَجَازَ الشَّائِعَ لَا يَتَحَاشَى عَنْ وُقُوعِهِ فِي التَّعْرِيفَاتِ بَلْ مُطْلَقُ الْمَجَازِ لَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ إذَا قَامَتْ الْقَرِينَةُ خُصُوصًا فِي تَعْرِيفِ الْأُصُولِيِّينَ وَأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَغَايَةُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَجَازِ ذَهَابُ حُسْنِ التَّعْرِيفِ لَا صِحَّتِهِ.
وَنَحْنُ مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ إلَى هُنَا يَمُرُّ بِنَا تَعْرِيفَاتٌ يَرْتَكِبُ الْمُصَنِّفُ فِيهَا أُمُورًا لَا يُسَوِّغُهَا الْمُحَقِّقُونَ مِنْ حَذْفِ بَعْضِ الْكَلِمَاتِ وَحِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي أَثْنَاءِ التَّعْرِيفِ كَمَا فِي تَعْرِيفَيْ الْقَضَاءِ عَلَى مَقُولَيْنِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ، وَأَقْرَبُهَا هَذَا التَّعْرِيفُ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ حَيْثُ قَالَ وَالْمَقْضِيُّ الْمَفْعُولُ وَهَذَا لَا يَصْلُحُ تَعْرِيفًا بِدُونِ مَا ذَكَرَ فِيهِ مِنْ الْمَعُونَاتِ وَالتَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا الشَّارِحُ اتِّكَالًا عَلَى مَا سَبَقَ فِي تَعْرِيفِ الْقَضَاءِ، وَجَعَلَ أَلْ فِي الْمَقْضِيِّ مُعَرَّفَةً مَعَ أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ وَلَوْ أَنَّ إنْسَانًا خُوطِبَ بِهَذَا التَّعْرِيفِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ لَمْ يَفْهَمْ شَيْئًا مِنْ حَقِيقَةِ الْمُعَرَّفِ سِوَى أَنَّهُ شَيْءٌ وَقَعَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَفَادٌ مِنْ نَفْسِ الصِّيغَةِ وَيُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى زِنَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَيَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ يَقُولُ
وَلَسْتُ بِالْمُوجِبِ حَقًّا لِمَنْ
…
لَا يُوجِبُ الْحَقَّ عَلَى نَفْسِهِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخْصَرُ مِنْهُ أَيْ بِكَلِمَةٍ) وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَخْصَرَ مِنْ هَذَا حُرُوفًا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْغَرَضَ قَدْ يَتَعَلَّقُ
إذْ لَامُ التَّعْرِيفِ كَالْجُزْءِ مِنْ مَدْخُولِهَا فَلَا تُعَدُّ فِيهِ كَلِمَةً وَزَادَ مَسْأَلَةَ الْبَعْضِ عَلَى الْأُصُولِيِّينَ فِي تَعْرِيفَيْ الْأَدَاءِ
ــ
[حاشية العطار]
بِالِاخْتِصَارِ بِاعْتِبَارِ الْكَلِمَاتِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِالِاخْتِصَارِ بِاعْتِبَارِ الْحُرُوفِ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَامُ التَّعْرِيفِ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّ اللَّامَ فِي ذَلِكَ اسْمٌ مَوْصُولٌ عَلَى الصَّحِيحِ لَا حَرْفَ تَعْرِيفٍ اهـ.
وَهُوَ قَوِيٌّ وَجَوَابُ سم بِأَنَّ لَامَ التَّعْرِيفِ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ تَحْتَمِلُ الْمَوْصُولِيَّةَ لِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى تَعْيِينِ مُسَمَّاهَا فَالْمُرَادُ بِهَا الْمَوْصُولَةُ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَ لَفْظَ الْمَفْعُولِ اسْمَ جِنْسٍ لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ الْفِعْلُ ثُمَّ عَرَّفَ فَاللَّامُ الْعَهْدِ إشَارَةً لِمَا فُهِمَ مِنْ تَعْرِيفِ الْقَضَاءِ فَلَيْسَ هُوَ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ اهـ.
لَا يَخْفَى فَسَادُهُ أَمَّا مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّ لَامَ التَّعْرِيفِ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ تُحْمَلُ عَلَى الْمَوْصُولِيَّةِ فَاسْتِحْدَاثُ اصْطِلَاحٍ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ النُّحَاةِ كَيْفَ وَالْمُعَرَّفَةُ حَرْفٌ وَالْمَوْصُولَةُ اسْمٌ وَالْمُعَرَّفَةُ لِتَعْيِينِ مَدْخُولِهَا وَالْمَوْصُولَةُ لِتَعْيِينِ مُسَمَّاهَا بِقَرِينَةِ الصِّلَةِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ وَلَمْ تَرَ أَحَدًا مِنْ النُّحَاةِ يَسْتَعْمِلُ الْمُعَرَّفَةَ فِي الْمَوْصُولَةِ.
وَأَمَّا جَعْلُ لَفْظِ الْمَفْعُولِ اسْمَ جِنْسٍ فَدَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا كَيْفَ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأَفَادَ مَعْنَاهُ الْمَوْضُوعَ لَهُ بِدُونِ هَذِهِ الضَّمِيمَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ كَإِفَادَةِ أَسَدٍ لِلْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ وَنَحْنُ إذَا قِيلَ لَنَا الْمَقْضِيُّ الْمَفْعُولُ لَمْ نَفْهَمْ مِنْهُ إلَّا الْمَعْنَى الْوَصْفِيَّ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ وَلَا نَفْهَمُ شَيْئًا وَرَاءَ ذَلِكَ إلَّا إذَا ذُكِرَ بَعْدَهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَتَفْهَمُ حِينَئِذٍ الْمَعْنَى الْمُرَادَ، وَأَيْضًا أَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ مِنْ الْأَوْضَاعِ الْعَرَبِيَّةِ كَالْمُشْتَقَّاتِ فَالْإِقْدَامُ عَلَى جَعْلِ الْمُشْتَقِّ اسْمَ جِنْسٍ نَسْخٌ لِلْوَضْعِ الْعَرَبِيِّ عَلَى أَنَّ أَسْمَاءَ الْأَجْنَاسِ جَوَامِدُ وَالْمَفْعُولُ مُشْتَقٌّ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ اسْمَ مَفْعُولٍ حَتَّى يَلْتَئِمَ مَعَ مَا بَعْدَهُ وَيَرْتَبِطَ الْكَلَامُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَذِكْرُ حَرْفِ الْجَرِّ بَعْدَهُ يُنَادِي عَلَى فَسَادِ دَعْوَى أَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ بِالْجَامِدِ، تَأَمَّلْ مُنْصِفًا.
(قَوْلُهُ: كَالْجُزْءِ مِنْ مَدْخُولِهَا) أَيْ تُشْبِهُ الْجُزْءَ وَلَيْسَتْ جُزْءًا حَقِيقَةً فَهِيَ كَالْمِيمِ مَثَلًا فَقَوْلُ النَّاصِرِ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ مَدْخُولِهَا الَّتِي هِيَ خَارِجَةٌ عَنْهُ لَا يُتَّجَهُ إلَّا لَوْ قَالَ جُزْءٌ بِحَذْفِ الْكَافِ وَلَا حَاجَةَ لِمَا أَجَابَ بِهِ بِقَوْلِهِ الْمُرَادُ مِنْ مَدْخُولِهَا مَعَهَا.
(قَوْلُهُ: وَزَادَ مَسْأَلَةَ الْبَعْضِ) بَيَانٌ لِعُذْرِ الْمُصَنِّفِ فِي إثْبَاتِهِ بِمَا لَمْ يُعْهَدْ مِنْ كَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ ذِكْرِ لَفْظِ الْبَعْضِ فِي تَعْرِيفَيْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فَإِنَّهُمْ لَا يَصِفُونَ الصَّلَاةَ ذَاتَ الْبَعْضِ فِي الْوَقْتِ بِالْأَدَاءِ وَلَا بِالْقَضَاءِ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، وَاعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ لَيْسَ مِنْ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بَلْ هُوَ مُرَكَّبٌ تَقْيِيدِيٌّ.
وَأَجَابَ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ اللُّزُومُ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ مَسْأَلَةً وَحُكْمًا. وَلَوْ أَنَّ الشَّارِحَ قَالَ وَزَادَ لَفْظَ الْبَعْضِ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنَّفِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ خَلْطَ اصْطِلَاحٍ بِاصْطِلَاحٍ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الظَّاهِرِ دُونَ التَّحْقِيقِ.
وَأَقُولُ
وَالْقَضَاءِ جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ الْوَاصِفِينَ لِذَاتِ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ بِهِمَا وَإِنْ كَانَ وَصْفُهَا بِهِمَا فِي التَّحْقِيقِ الْمَلْحُوظِ لِلْأُصُولِيِّينَ بِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ وَالْعَكْسِ، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ
ــ
[حاشية العطار]
قَابِلَ هَذَا الصَّنِيعَ فِي التَّعْرِيفِ بِمَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَانْظُرْ أَيَّهُمَا يَسُوغُ دُونَ الْآخَرِ يَظْهَرُ لَك تَأْيِيدُ مَا ذَكَرْنَاهُ سَابِقًا مِنْ ارْتِكَابِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّعْرِيفَاتِ مَا لَا يَرْتَكِبُهُ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسَامَحَاتِ وَمِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ هُنَا مَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا وَادَّعَى أَنَّهُ حَسَنٌ أَنَّ إطْلَاقَ الْمَسْأَلَةِ بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِ الْمُعَرَّفِ وَالتَّعْرِيفِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْأَدَاءُ فِعْلُ إلَخْ وَمَجْمُوعُ الْمُعَرَّفِ وَالتَّعْرِيفِ مَسْأَلَةٌ وَالْمُرَكَّبُ التَّقْيِيدِيُّ هُوَ التَّعْرِيفُ فَقَطْ اهـ.
وَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي نَفْسِهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ التَّعْرِيفِ مُبَايِنٌ لِلْغَرَضِ مِنْ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ الْغَرَضَ مِنْ التَّعْرِيفِ بَيَانُ حَقِيقَةِ الْمُعَرَّفِ وَتَصَوُّرُهَا بِذِكْرِ التَّعْرِيفِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَعْرُوفُ مَجْهُولًا مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي يَطْلُبُ بِهَا شَرْحَهُ بِالتَّعْرِيفِ وَالْغَرَضُ مِنْ الْحُكْمِ إثْبَاتُ الْمَحْمُولِ لِلْمَوْضُوعِ بَعْدَ تَصَوُّرِ كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَقَضِيَّةُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا فَلَوْ كَانَ التَّعْرِيفُ مَحْمُولًا عَلَى الْمُعَرَّفِ وَمَقْصُودًا إثْبَاتُهُ لَهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ جَعْلِهِ مَسْأَلَةً كَانَ الْمَقْصُودُ لَيْسَ بَيَانَ حَقِيقَتِهِ بَلْ إثْبَاتَ هَذَا الْحُكْمِ لَهُ وَهَذَا تَنَافٍ، أَوْ لَيْسَ أَنَّ الْمَنَاطِقَةَ عَدُّوا الْمُعَرَّفَاتِ مِنْ التَّصَوُّرَاتِ فَلَوْ كَانَتْ مِنْ الْمَسَائِلِ لَعُدَّتْ مِنْ التَّصْدِيقَاتِ أَوَ لَيْسَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ فَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا نَظَرِيَّةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ وَغَلَّطُوا مَنْ قَالَ إنَّ الْبَدِيهِيَّ قَدْ يُعَدُّ مِنْ الْمَسَائِلِ وَإِذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ نَظَرِيَّةً كَانَتْ مُسْتَفَادَةً مِنْ الدَّلِيلِ وَمِنْ الضَّرُورِيِّ أَنَّ الْمُعَرَّفَ مَعَ التَّعْرِيفِ لَيْسَ مِمَّا يُطْلَبُ بِالدَّلِيلِ وَأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْمُعَرَّفِ حَمْلٌ صُورِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ.
(قَوْلُهُ: الْوَاصِفِينَ لِذَاتِ الرَّكْعَةِ) أَيْ لِلصَّلَاةِ ذَاتِ الرَّكْعَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَصْفُهَا) أَيْ ذَاتِ الرَّكْعَةِ بِهِمَا أَيْ بِالْأَدَاءِ عَلَى قَوْلٍ وَالْقَضَاءِ عَلَى آخَرَ وَقَوْلُهُ فِي التَّحْقِيقِ أَيْ عَلَى التَّحْقِيقِ الْمَلْحُوظِ لِلْأُصُولِيِّينَ مِنْ نَفْيِ الْوَصْفِ بِالْأَدَاءِ وَبِالْقَضَاءِ فَإِنَّ اصْطِلَاحَهُمْ أَنَّ مَا بَعْضَهُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْضَهُ الْآخَرَ بَعْدَهُ لَا يُوصَفُ بِأَدَاءٍ وَلَا بِقَضَاءٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمَلْحُوظَ فِي التَّبَعِيَّةِ لِمَا قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ عَكْسِهِ كَمَا فَهِمَ الْكَمَالُ وَالنَّجَّارِيُّ حَتَّى يُنَافِيَ قَوْلَهُ زَادَ مَسْأَلَةَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِتَبَعِيَّةِ إلَخْ) خَبَرُ كَانَ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ وَقَوْلُهُ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ أَيْ عَلَى قَوْلِ الْأَدَاءِ وَقَوْلُهُ وَلِلْعَكْسِ أَيْ عَلَى قَوْلِ الْقَضَاءِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَبَعِيَّةٍ أَيْ وَبِعَكْسِ
حَقَّقَ فَوَصَفَ مَا فِي الْوَقْتِ مِنْهَا بِالْأَدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ بِالْقَضَاءِ وَلَمْ يُبَالِ بِتَبْعِيضِ الْعِبَادَةِ فِي الْوَصْفِ بِذَلِكَ الَّذِي فَرَّ مِنْهُ غَيْرُهُ وَعَلَى هَذَا وَالْقَضَاءِ يَأْثَمُ الْمُصَلِّي بِالتَّأْخِيرِ وَكَذَا عَلَى الْأَدَاءِ نَظَرًا لِلتَّحْقِيقِ وَقِيلَ لَا نَظَرًا لِلظَّاهِرِ الْمُسْتَنِدِ لِلْحَدِيثِ.
(وَالْإِعَادَةُ فِعْلُهُ) أَيْ الْمُعَادِ أَيْ فِعْلُ الشَّيْءِ ثَانِيًا (فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ) لَهُ (قِيلَ لِخَلَلٍ) فِي فِعْلِهِ أَوْ لَا مِنْ فَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ كَالصَّلَاةِ
ــ
[حاشية العطار]
هَذِهِ التَّبَعِيَّةِ وَهُوَ تَبَعِيَّةُ مَا فِي الْوَقْتِ لِمَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: حَقَّقَ) أَيْ تَحْقِيقًا آخَرَ مُغَايِرًا لِلتَّحْقِيقِ الْمَلْحُوظِ لِلْأُصُولِيِّينَ بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي فَرَّ مِنْهُ غَيْرُهُ) نَعْتٌ لِلتَّبْعِيضِ، وَوَجْهُ الْفِرَارِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ وَصْفَ بَعْضِ الْعِبَادَةِ بِوَصْفٍ وَوَصْفُ بَعْضِهَا الْآخَرِ بِضِدِّهِ غَيْرُ مَعْهُودٍ وَإِنْ كَانَ وَصْفُهَا كُلِّهَا بِوَصْفَيْنِ بِاعْتِبَارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مَعْهُودًا كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ.
(قَوْلُهُ: وَالْقَضَاءِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى هَذَا أَيْ وَعَلَى قَوْلِ الْقَضَاءِ.
(قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ) وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»
(قَوْلُهُ: وَالْإِعَادَةُ فِعْلُهُ إلَخْ) قِيَاسُ مَا مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَرِّفَ الْمُعَادَ بَعْدَ تَعْرِيفِ الْإِعَادَةِ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِمَا أَنَّ الْإِعَادَةَ قِسْمٌ مِنْ الْأَدَاءِ عِنْدَهُ أَوْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فَالصَّلَاةُ الْمُكَرَّرَةُ مُعَادَةٌ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُعَادِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ لَمَّا يُفْهَمُ مِنْ الْإِعَادَةِ وَقَوْلُهُ أَيْ فِعْلُ الشَّيْءِ ثَانِيًا دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى أَخْذِ الْمُعَادِ فِي تَعْرِيفِ الْإِعَادَةِ الدَّوْرُ وَأَنَّ الْمُعَادَ هُوَ الْمَفْعُولُ ثَانِيًا فَلَا يَصْدُقُ التَّعْرِيفُ إلَّا إذَا فُعِلَ الشَّيْءُ ثَالِثًا وَلَا يَصْدُقُ بِمَا فُعِلَ ثَانِيًا مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعَادِ الذَّاتُ مُجَرَّدَةً عَنْ الْوَصْفِ فَلَا دَوْرَ.
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُرَادَ بِفِعْلِ الْمُعَادِ الْفِعْلُ الَّذِي يَصِيرُ بِهِ الشَّيْءُ مُعَادًا وَهُوَ فِعْلُهُ ثَانِيًا وَأُورِدَ أَيْضًا أَنَّ التَّعْرِيفَ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ لَا يَشْمَلُ إلَّا الْإِعَادَةَ الْأُولَى دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ مُقَيَّدَةٌ بِالْمَرَّةِ الْأُولَى كَمَا عَلَيْهِ الْكَثِيرُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّانِي خِلَافُ الْأَوَّلِ فَيَشْمَلُ مَا زَادَ عَلَى الثَّانِي وَفِيهِ بُعْدٌ وَلَوْ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الْمَفْعُولَ فِي قَوْلِهِ وَالْمَقْضِيُّ الْمَفْعُولُ لَسَلِمَ التَّعْرِيفُ مِنْ هَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ الْمُنْدَفِعِ بِهَا مَا أُورِدَ عَلَى التَّعْرِيفِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ عَائِدًا لِلْمُعَادِ وَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ أَيْ فِعْلُ الشَّيْءِ ثَانِيًا وَمَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ سم بِأَنَّ الْمَفْعُولَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ فُعِلَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَيَسْتَحِيلُ مَعَ ذَلِكَ فِعْلُهُ ثَانِيًا فِي الْوَقْتِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إلَيْهِ مُجَرَّدًا عَنْ قَيْدِهِ وَارْتِكَابُ الِاسْتِخْدَامِ أَهْوَنُ مِنْ هَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ مَعَ أَنَّهُ كَثِيرٌ شَائِعٌ، وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ نَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ تَكَلُّفٌ وَاحِدٌ سَهْلٌ فِي نَفْسِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالرِّعَايَةِ مِنْ تَكَلُّفَاتٍ كَثِيرَةٍ بَعِيدَةٍ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَى مَذْكُورٍ مُصَرَّحٍ بِهِ لَا مَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لُزُومًا كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ لَهُ) قَالَ النَّاصِرُ الْأَوْضَحُ وَالْأَخْصَرُ فِي وَقْتِهِ، وَدَفَعَهُ سم بِأَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِذَلِكَ
مَعَ النَّجَاسَةِ أَوْ بِدُونِ الْفَاتِحَةِ سَهْوًا (وَقِيلَ لِعُذْرٍ) مِنْ خَلَلٍ فِي فِعْلِهِ أَوْ لَا أَوْ حُصُولِ فَضِيلَةٍ لَمْ تَكُنْ فِي فِعْلِهِ أَوْ لَا (فَالصَّلَاةُ الْمُكَرَّرَةُ) وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْمَفْعُولَةُ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ فِي جَمَاعَةٍ بَعْدَ الِانْفِرَادِ مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ (مُعَادَةٌ) عَلَى الثَّانِي لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْأَوَّلِ لِانْتِفَاءِ الْخَلَلِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ بِقِيلَ نَظَرًا لِاسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ الْأَوْفَقَ لَهُ الثَّانِيَ وَلَمْ يُرَجِّحْ الثَّانِيَ لِتَرَدُّدِهِ فِي شُمُولِهِ لِأَحَدِ قِسْمَيْ مَا أَطْلَقُوا عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ فِي جَمَاعَةٍ بَعْدَ أُخْرَى الَّذِي هُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الصَّحِيحِ اسْتَوَتْ الْجَمَاعَتَانِ أَمْ زَادَتْ الثَّانِيَةُ بِفَضِيلَةٍ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ أَعْلَمَ أَوْ أَوْرَعَ أَوْ الْجَمْعِ أَكْثَرَ أَوْ الْمَكَانِ أَشْرَفَ فَقَسَّمَ اسْتِوَاءَهَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ الْمُحْتَمِلِ لِاشْتِمَالِ الثَّانِيَةِ فِيهِ عَلَى فَضِيلَةٍ هِيَ حِكْمَةُ الِاسْتِحْبَابِ وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا، قَدْ يُقَالُ يُعْتَبَرُ احْتِمَالُهُ فَيَتَنَاوَلُهُ التَّعْرِيفُ وَقَدْ يُقَالُ لَا فَلَا وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ الشَّامِلُ حِينَئِذٍ فِعْلُ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِ أَدَائِهَا ثَانِيًا لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
ــ
[حاشية العطار]
لَكَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ جَمِيعِ الْمُعَادِ فِي الْوَقْتِ فَلَا يَشْمَلُ مَا لَوْ أَوْقَعَ رَكْعَةً مِنْهُ فِي الْوَقْتِ وَالثَّانِيَةَ خَارِجَهُ.
(قَوْلُهُ: مَعَ النَّجَاسَةِ إلَخْ) فِيهِ نَشْرٌ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ وَلَوْ قَالَ بِدُونِ الطَّهَارَةِ إلَخْ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْفَقَ بِقَوْلِهِ فَوَاتِ شَرْطٍ.
(قَوْلُهُ: سَهْوًا) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْعَمْدِ فَإِنَّ الْفِعْلَ مَعَهُ كَالْعَدَمِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَالْفِعْلُ بَعْدَهُ لَيْسَ ثَانِيًا فَلَا إعَادَةَ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: قِيلَ لِخَلَلٍ إلَخْ) مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ وَهُوَ عَلَى طَرِيقَتِهِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا مِنْ حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ ضِمْنَ التَّعْرِيفِ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ لَا يُقَالُ التَّرْدِيدُ مُنَافٍ لِلتَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّرْدِيدِ الْمُنَافِي لَهُ بَلْ هُوَ إشَارَةٌ إلَى اخْتِلَافٍ فِي التَّعْرِيفِ وَأَنَّهُمَا تَعْرِيفَانِ قَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا قَائِلٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ الْإِعَادَةُ قِيلَ فِعْلُهُ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ لِخَلَلٍ وَقِيلَ فِعْلُهُ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ لِعُذْرٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حُصُولِ فَضِيلَةٍ) بِهَذَا الْقَدْرِ يَتَمَيَّزُ الْعُذْرُ عَنْ الْخَلَلِ فَالْعُذْرُ أَعَمُّ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْأَصْلِ) أَيْ أَصْلِ وَضْعِهَا فِي عُرْفِهِمْ بِمَعْنَى أَنَّهَا وُضِعَتْ ابْتِدَاءً لِذَلِكَ الْمَعْنَى ثُمَّ أُلْحِقَ بِهِ غَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ: نَظَرًا لِاسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَذَا التَّعْرِيفِ وَإِنَّمَا هُوَ مُوَافِقٌ لِاسْتِعْمَالِهِمْ الْإِعَادَةَ فِيمَا كَانَ لِخَلَلٍ أَوْ حُصُولِ فَضِيلَةٍ.
(قَوْلُهُ: الْأَوْفَقَ لَهُ الثَّانِيَ) فِيهِ رَفْعُ أَفْعَلْ التَّفْضِيلِ لِلظَّاهِرِ فِي الْإِثْبَاتِ وَهُوَ قَلِيلٌ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يُطْلِقُونَ الْإِعَادَةَ عَلَى فِعْلِ الشَّيْءِ ثَانِيًا لِخَلَلٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ سم.
(قَوْلُهُ: لِأَحَدِ قِسْمَيْ) الْمُرَادُ بِأَحَدِهِمَا اسْتِوَاءُ الْجَمَاعَتَيْنِ وَالْقِسْمُ الثَّانِي زِيَادَةُ الْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ بِفَضِيلَةٍ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ اسْتَوَتْ الْجَمَاعَتَانِ أَمْ زَادَتْ إلَخْ وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ مَا إذَا زَادَتْ الْأُولَى وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ لِعُذْرٍ إلَّا أَنَّ صَرِيحَ كَلَامِ فُقَهَائِنَا بِسَنِّ الْإِعَادَةِ وَإِنْ زَادَتْ الْأُولَى وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يُعَدُّ مِنْ الْعُذْرِ أَيْضًا حُصُولُ فَضِيلَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ دُونَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا هِيَ زَائِدَةٌ عَلَى فَضِيلَةِ الْأُولَى فَظَهَرَ أَنَّ التَّعْرِيفَ الثَّانِيَ يَشْمَلُ الْإِعَادَةَ الْوَاجِبَةَ وَالْمُسْتَحَبَّةَ قَطْعًا وَهِيَ إعَادَةُ مَا وَقَعَ أَوَّلًا فُرَادَى الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ وَالْمُسْتَحَبَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْقِسْمَيْنِ وَالْقِسْمِ الْمُزَادِ فَتَمَّتْ الْأَقْسَامُ خَمْسَةً.
(قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْفَضِيلَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَضِيلَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرَ فَالْقَصْدُ مُجَرَّدُ التَّمْثِيلِ.
(قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ احْتِمَالُهُ) أَيْ احْتِمَالُ قِسْمِ اسْتِوَائِهِمَا اشْتِمَالَ الثَّانِيَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ فَيَكُونُ عُذْرًا فَيَتَنَاوَلُهُ التَّعْرِيفُ فَضَمِيرُ احْتِمَالِهِ لِقِسْمٍ وَإِضَافَةُ احْتِمَالٍ لِلضَّمِيرِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِهِ كَمَا قَدَّرْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ لَا فَلَا) أَيْ وَقَدْ يُقَالُ لَا يُعْتَبَرُ احْتِمَالُ اشْتِمَالِهَا عَلَى فَضِيلَةٍ فَيَنْعَدِمُ الْعُذْرُ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ التَّعْرِيفُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ الشَّامِلُ إلَخْ) مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا وَأُورِدَ أَنَّ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ يَشْمَلُ مَا إذَا صُلِّيَتْ الثَّانِيَةُ فُرَادَى وَالْأُولَى فِي جَمَاعَةٍ مَعَ عَدَمِ جَوَازِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ قَيْدًا مَتْرُوكًا لِظُهُورِهِ وَهُوَ كَوْنُ الثَّانِيَةِ فِي صُورَةِ غَيْرِ الْعُذْرِ جَمَاعَةً.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ حَيْثُ عَرَّفَ الْأَدَاءَ بِمَا يَصْدُقُ عَلَى الْإِعَادَةِ وَعَرَّفَ الْإِعَادَةَ بِمَا يَنْدَرِجُ فِي
أَنَّ الْإِعَادَةَ قِسْمٌ مِنْ الْأَدَاءِ وَهُوَ كَمَا قَالَ مُصْطَلَحُ الْأَكْثَرِينَ وَقِيلَ إنَّهَا قَسِيمٌ لَهُ كَمَا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ الْعِبَادَةُ إنْ وَقَعَتْ فِي وَقْتِهَا الْمُعَيَّنِ وَلَمْ تُسْبَقْ بِأَدَاءٍ مُخْتَلٍّ فَأَدَاءٌ وَإِلَّا فَإِعَادَةٌ.
(وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ) أَيْ مِنْ الْمَأْخُوذِ مِنْ الشَّرْعِ (إنْ تَغَيَّرَ)
ــ
[حاشية العطار]
الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: إنَّ الْإِعَادَةَ قِسْمٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا أَدَاءٌ مُقَيَّدٌ بِالْفِعْلِ ثَانِيًا لِلْخَلَلِ أَوْ لِلْعُذْرِ وَالْأَدَاءُ أَعَمُّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَالْعَضُدُ مُوَافِقٌ لَهُ أَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ الْإِعَادَةُ قِسْمٌ مِنْ الْأَدَاءِ فِي مُصْطَلَحِ الْقَوْمِ إلَّا أَنَّ التَّفْتَازَانِيَّ فِي حَاشِيَةِ الْعَضُدِ قَالَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا أَقْسَامٌ مُتَبَايِنَةٌ وَأَنَّ مَا فُعِلَ ثَانِيًا فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ لَيْسَ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَى مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ يَعْنِي الْعَضُدَ صَرِيحًا وسم انْتَصَرَ لِلشَّارِحِ بِمَا فِيهِ مَزِيدُ تَكَلُّفٍ وَالنَّفْسُ إلَى كَلَامِ التَّفْتَازَانِيِّ تَمِيلُ.
(قَوْلُهُ: مُصْطَلَحُ الْأَكْثَرِينَ) أَيْ مُصْطَلَحٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فَحَذَفَ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ مَعَ أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْجَارَّ حُذِفَ أَوَّلًا فَارْتَفَعَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ بَعْدَ اتِّصَالِهِ إلَيْهِ تَوَسُّعًا.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّهَا قِسْمٌ لَهُ) بِأَنْ يُقَيِّدَ الْأَدَاءَ بِالْأَوَّلِيَّةِ وَالْإِعَادَةَ بِالثَّانَوِيَّةِ وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا الْعِبَادَةُ الْوَاقِعَةُ فِي وَقْتِهَا الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا تَقْيِيدُ الْإِعَادَةِ بِالْخَلَلِ أَوْ الْعُذْرِ فَهُوَ بَيَانٌ لِسَبَبِ الْإِعَادَةِ لَا فَصْلٌ مُمَيِّزٌ فَظَهَرَ أَنَّ الْإِعَادَةَ أَخَصُّ مِنْ الْأَدَاءِ عَلَى مُصْطَلَحِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَكْثَرِينَ وَمُبَايِنَةٌ كَالْأَدَاءِ لِلْقَضَاءِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا قَسِيمٌ لِلْأَدَاءِ تَكُونُ الثَّلَاثَةُ مُتَبَايِنَةً.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُسْبَقْ بِأَدَاءٍ مُخْتَلٍّ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُسْبَقْ بِأَدَاءٍ أَصْلًا أَوْ سُبِقَ بِأَدَاءٍ صَحِيحٍ فَمَا سَبَقَ بِأَدَاءٍ صَحِيحٍ أَدَاءٌ لَا إعَادَةٌ، قَالَ النَّاصِرُ وَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْعَضُدِ وَالتَّفْتَازَانِي اهـ.
أَمَّا مُخَالَفَتُهُ لِلْعَضُدِ فَلِأَنَّهُ يَقُولُ إنَّ الْإِعَادَةَ قِسْمٌ مِنْ الْأَدَاءِ وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُ لِلتَّفْتَازَانِيِ فَلِأَنَّهُ يَقُولُ إنَّ مَا فُعِلَ ثَانِيًا فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ لَيْسَ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ بَلْ إعَادَةٌ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَإِعَادَةٌ) قَضِيَّتُهُ إنَّهَا إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْوَقْتِ وَكَانَتْ قَدْ سُبِقَتْ بِأَدَاءٍ مُخْتَلٍّ فَإِنَّهَا تُسَمَّى إعَادَةً لِدُخُولِ ذَلِكَ تَحْتَ إلَّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا إذْ هَذِهِ قَضَاءٌ وَالْإِعَادَةُ مَخْصُوصَةٌ بِمَا فُعِلَ فِي الْوَقْتِ كَمَا هِيَ لِلْمُصَنِّفِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ وَقَعَتْ لَمْ يُعْتَبَرْ لِلِاحْتِرَازِ بَلْ اُعْتُبِرَ مُقَسَّمًا وَمَوْضُوعًا وَالْمُعْتَبَرُ لِلِاحْتِرَازِ هُوَ قَوْلُهُ وَلَمْ تُسْبَقْ بِأَدَاءٍ مُخْتَلٍّ وَلَوْ قَالَ الْعِبَادَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الْوَقْتِ إنْ لَمْ تُسْبَقْ إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ) هَذَا الْقَيْدُ كَمَا لَا يَضُرُّ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ. نَاصِرٌ وسم هَذَا تَكَلُّفٌ لِبَيَانِ الْحَاجَةِ بِمَا لَا دَاعِيَ إلَيْهِ وَغَايَةُ مَا يُقَالُ إنَّهُ ذُكِرَ لِلْإِيضَاحِ.
(قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذِ مِنْ الشَّرْعِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ النِّسْبَةَ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْأَخْذُ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُكْمُ بِمَعْنَى النِّسْبَةِ التَّامَّةِ وَالْمَأْخُوذُ هُوَ الْحُكْمُ بِمَعْنَى الْخِطَابِ السَّابِقِ فَلَمْ يَلْزَمْ اتِّحَادُ الْمَأْخُوذِ وَالْمَأْخُوذِ مِنْهُ كَذَا قِيلَ.
وَأَقُولُ لَا مَعْنَى لِأَخْذِ الْحُكْمِ بِمَعْنَى الْخِطَابِ مِنْ الْحُكْمِ بِمَعْنَى النِّسْبَةِ التَّامَّةِ إذْ الْحُكْمُ
مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ مِنْ صُعُوبَةٍ لَهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ (إلَى سُهُولَةٍ) كَأَنْ تَغَيَّرَ مِنْ الْحُرْمَةِ لِلْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ إلَى الْحِلِّ لَهُ (لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ)
ــ
[حاشية العطار]
بِمَعْنَى الْخِطَابِ هُوَ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ، لَا يُقَالُ هُوَ بِمَعْنَى دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الدَّالَّ هُوَ الْخِطَابُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْحُكْمِ الْمَأْخُوذِ الْحُكْمُ بِمَعْنَى النِّسْبَةِ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ هِيَ النُّصُوصُ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الرُّسُلُ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدِيمٌ لَا يَتَغَيَّرُ وَإِضَافَةُ التَّعْلِيقِ لِلضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِلْحُكْمِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ إلَى كُلِّهِ لَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ لِاقْتِضَائِهَا عُرُوضَ التَّعَلُّقِ لَهُ وَخُرُوجَهُ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَنَبَّهَ الشَّارِحُ بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ هُوَ جُزْءُ الْحُكْمِ وَإِنْ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ ثَانِيًا وَبِالْعَرَضِ بِتَغَيُّرِ جُزْئِهِ وَتَغَيُّرُ التَّعَلُّقِ انْعِدَامُهُ وَوُجُودُ تَعَلُّقِ خِطَابٍ آخَرَ بَدَلَهُ فَيَكُونُ هَذَا الْخِطَابُ حُكْمًا بَدَلَ الْحُكْمِ الْمُنْعَدِمِ بِانْعِدَامِ تَعَلُّقِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ مَجْمُوعُ الْخِطَابِ وَالتَّعَلُّقُ التَّنْجِيزِيُّ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْكَمَالِ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ إلَى أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ التَّعَلُّقُ لَا الْحُكْمُ وَتَغَيُّرُ الْحُكْمِ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ خِطَابُ اللَّهِ أَيْ كَلَامُهُ النَّفْسِيُّ الْقَدِيمُ فَلَا يُوَافِقُ مَا سَبَقَ لِلْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَإِنَّمَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ مِنْ أَنَّ التَّعَلُّقَ خَارِجٌ عَنْ مَفْهُومِ الْحُكْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: مِنْ صُعُوبَةٍ) مِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَغَيُّرٍ أَوْ ابْتِدَائِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ إنْ تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا نَاشِئًا مِنْ تَعَلُّقٍ ذِي صُعُوبَةٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ مِنْهُ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْمُتَغَيِّرِ إلَيْهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَاتَ الْحُكْمِ لَا تَغَيُّرَ فِيهَا بَلْ فِي وَصْفِهَا مِنْ الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ وَذَلِكَ يُخَالِفُ قَوْلَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ إلَى الْحِلِّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّغَيُّرَ مِنْ حُكْمٍ إلَى حُكْمٍ وَقَوْلُهُ أَيْ فَالْحُكْمُ الْمُتَغَيَّرُ إلَيْهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَإِنَّ الصِّفَةَ لِلْحُكْمِ فَإِذَا تَغَيَّرَ الْحُكْمُ تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ وَكَذَا إذَا تَغَيَّرَتْ الصِّفَةُ أَوْ أَنَّ مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ وَهِيَ وَمَجْرُورُهَا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ تَغَيَّرَ وَالصُّعُوبَةُ وَالسُّهُولَةُ بِمَعْنَى الصَّعْبِ وَالسَّهْلِ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ ذِي صُعُوبَةٍ وَذِي سُهُولَةٍ وَالْمَعْنَى وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ إنْ تَغَيَّرَ حَالَ كَوْنِهِ كَائِنًا قَبْلَ التَّغَيُّرِ مِنْ الصَّعْبِ إلَى السَّهْلِ فَرُخْصَةٌ، فَقَوْلُهُ الْآتِي مِنْ الْحُرْمَةِ أَيْ كَائِنًا مِنْ الْحُرْمَةِ.
(قَوْلُهُ: إلَى الْحِلِّ لَهُ) أَيْ لِلْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ هَاهُنَا نُكْتَةٌ يُتَنَبَّهُ لَهَا وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِتَغَيُّرِ الْحُكْمِ بِغَيْرِهِ تَغَيُّرَهُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ تَثْبُتَ الصُّعُوبَةُ بِالْفِعْلِ ثُمَّ يَنْقَطِعَ تَعَلُّقُهَا إلَى السُّهُولَةِ بَلْ الْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ وُرُودَ السُّهُولَةِ ابْتِدَاءً لَكِنْ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ مُقْتَضَى قِيَاسِ الشَّرْعِ كَمَا يَشْهَدُ بِذَلِكَ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ وَلِهَذَا عَبَّرَ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ كَالْبَيْضَاوِيِّ بِقَوْلِهِ الْحُكْمُ إنْ ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِعُذْرٍ فَرُخْصَةٌ إلَخْ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّيَمُّمِ فَقِيلَ رُخْصَةٌ وَقِيلَ عَزِيمَةٌ وَقِيلَ إنْ كَانَ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَعَزِيمَةٌ وَلِنَحْوِ الْمَرَضِ فَرُخْصَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ) هَذَا الْقَيْدُ مُسْتَدْرَكٌ إذْ لَوْ زَالَ لَمْ يَكُنْ التَّغَيُّرُ لِعُذْرٍ بَلْ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ أَفَادَهُ النَّاصِرِ وَمُحَصِّلُ مَا أَجَابَ بِهِ سم أَنَّهُ كَمَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ يَنْتَفِي لِلْعُذْرِ فَيَصِحُّ أَنْ يُسْنَدَ إلَيْهِمَا بَلْ رُبَّمَا كَانَ الْإِسْنَادُ لِلْعَدَمِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ الْمُعَيَّنَ يَكْفِي فِي التَّغَيُّرِ دُونَ انْتِفَاءِ السَّبَبِ الْمُعَيَّنِ إذْ قَدْ
الْمُتَخَلِّفِ عَنْهُ لِلْعُذْرِ (فَرُخْصَةٌ) أَيْ فَالْحُكْمُ الْمُتَغَيَّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ الْمَذْكُورُ يُسَمَّى رُخْصَةً وَهِيَ لُغَةً السُّهُولَةُ (كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ) لِلْمُضْطَرِّ (وَالْقَصْرِ) الَّذِي هُوَ تَرْكُ الْإِتْمَامِ لِلْمُسَافِرِ (وَالسَّلَمِ) الَّذِي هُوَ بَيْعُ مَوْصُوفُ فِي الذِّمَّةِ (وَفِطْرِ مُسَافِرٍ) فِي رَمَضَانَ (لَا يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا أَيْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً قَوِيَّةً (وَاجِبًا) أَيْ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَقِيلَ هُوَ مُبَاحٌ (وَمَنْدُوبًا) أَيْ الْقَصْرُ، لَكِنْ فِي سَفَرٍ يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
ــ
[حاشية العطار]
يَخْلُفُهُ سَبَبٌ آخَرُ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْعُذْرُ مُصَاحِبًا لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ مَعَ أَنَّ الْمُصَاحِبَ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ لَا يُقَالُ لَهُ رُخْصَةٌ وَكَفَى بِذَلِكَ فَائِدَةً لِهَذَا الْقَيْدِ.
(قَوْلُهُ: الْمُتَخَلِّفِ) اسْمُ فَاعِلٍ وَضَمِيرُهُ الْمُسْتَتِرُ يَعُودُ عَلَى أَلْ الْمَوْصُولَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ فَالصِّلَةُ جَارِيَةٌ عَلَى مَا هِيَ لَهُ، وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ عَنْ السَّبَبِ وَيَصِحُّ فَتْحُ اللَّامِ اسْمُ مَفْعُولٍ صِفَةٌ لِلسَّبَبِ وَعَنْهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَقَصَدَ الشَّارِحُ بِهَذَا دَفْعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يَنْتَفِي الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهِ.
(قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ الْمُتَغَيَّرُ إلَيْهِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ اسْمُ مَفْعُولٍ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ لَيْسَتْ اسْمًا لِلْحُكْمِ الْمُتَغَيَّرِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْدَثُ عَنْهُ بَلْ لِلْمُتَغَيَّرِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَّصِفُ بِالسُّهُولَةِ وَإِلَى أَنَّ الضَّمِيرَ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُ بِالرُّخْصَةِ مِنْ أَقْسَامِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ لَا الْوَضْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَضُدُ وَالْآمِدِيُّ وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِهِمَا لِإِطْبَاقِ الْكُلِّ عَلَى تَقْسِيمِ مُتَعَلِّقِهِمَا إلَى وَاجِبٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَقْسَامِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ.
(قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ) أَيْ الَّذِي كَانَ التَّغَيُّرُ إلَيْهِ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ.
(قَوْلُهُ: يُسَمَّى إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْإِخْبَارَ مِنْ حَيْثُ التَّسْمِيَةُ لَا الْحُكْمُ وَالرُّخْصَةُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ وَبِالتَّحْرِيكِ وَيُقَالُ فِيهَا خُرْصَةٌ بِالسُّكُونِ وَالتَّحْرِيكِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ لُغَةً السُّهُولَةُ) أَيْ مُطْلَقًا وَنُقِلَ اصْطِلَاحًا إلَى سُهُولَةٍ خَاصَّةٍ وَهِيَ السُّهُولَةُ فِي الْحُكْمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِالتَّعْبِيرِ بِالسُّهُولَةِ الْمُعَرَّفَةِ فَاللَّامُ الْعَهْدِ.
(قَوْلُهُ: وَالسَّلَمِ) أَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي السَّلَمِ الْإِبَاحَةُ وَلَمْ يُمْنَعْ أَصْلًا فَهُوَ عَزِيمَةٌ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ وَرَدَ فِيهِ بِالْفِعْلِ بِخُصُوصِهِ بَلْ يَكْفِي وَلَوْ مِنْ حَيْثُ انْدِرَاجُهُ تَحْتَ أَمْرٍ كُلِّيٍّ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْغَائِبِ الْمُحْتَوِي عَلَى غَرَرٍ الْمَنْعُ كَمَا يُشِيرُ لَهُ الشَّارِحُ.
وَفِي شَرْحِ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى مِنْهَاجِ الْبَيْضَاوِيِّ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَخَرَجَ عَنْ الرُّخْصَةِ وُجُوبُ الْإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ عِنْدَ فَقْدِ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى فَاقِدِ الرَّقَبَةِ كَمَا أَنَّ الْإِعْتَاقَ هُوَ الْوَاجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى وَاجِدِهَا وَكَذَا وُجُوبُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ لِلْجُرْحِ وَنَحْوِهِ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ بَيْعُ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ بِلَفْظِ السَّلَمِ وَمِثْلُ السَّلَمِ الْإِجَارَةُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْعَرَايَا فَإِنَّ فِيهَا عَقْدًا عَلَى مَعْدُومٍ فِي الثَّلَاثَةِ وَالْعَرَايَا بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لَكِنَّهَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ.
(قَوْلُهُ: فِي رَمَضَانَ) تَصْوِيرٌ وَتَقْيِيدٌ بِاعْتِبَارَيْنِ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْيَاءِ مَعَ فَتْحِ الْهَاءِ) عَلَى أَخْذِهِ مِنْ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ وَقَوْلُهُ وَضَمِّهَا أَيْ مَعَ كَسْرِ الْهَاءِ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ الرُّبَاعِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَاجِبًا) أَيْ أَكْلُ الْمَيْتَةِ فَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ وَإِذَا مَاتَ مَاتَ عَاصِيًا بِخِلَافِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي سَفَرٍ يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
فَصَاعِدًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مَحَلِّهِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا فَالْإِتْمَامُ أَوْلَى خُرُوجًا مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِوُجُوبِهِ وَمَنْ قَالَ الْقَصْرُ مَكْرُوهٌ كَالْمَاوَرْدِيِّ أَرَادَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً غَيْرَ شَدِيدَةٍ وَهُوَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى (وَمُبَاحًا) أَيْ السَّلَمُ (وَخِلَافُ الْأَوْلَى) أَيْ فِطْرُ مُسَافِرٍ لَا يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ فَإِنْ جَهِدَهُ فَالْفِطْرُ أَوْلَى وَأَتَى بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ اللَّازِمَةِ لِبَيَانِ أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ يَعْنِي الرُّخْصَةُ كَحِلِّ الْمَذْكُورَاتِ
ــ
[حاشية العطار]
فَصَاعِدًا) أَيْ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي جَوَازِ قَصْرِهِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يُدِيمُ السَّفَرَ فَالْإِتْمَامُ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ) اعْتِذَارٌ عَنْ تَرْكِ الْمُصَنِّفِ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ.
(قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِوُجُوبِهِ) أَيْ الْإِتْمَامِ فَإِنَّ سَفَرَ الْقَصْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالْإِتْمَامُ فِيمَا دُونَهَا وَالْقَصْرُ فِيمَا يَبْلُغُهَا وَاجِبَانِ عِنْدَهُ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ إنَّ السَّيْرَ يُعْتَبَرُ مِنْ الصُّبْحِ لِلزَّوَالِ بِاعْتِبَارِ أَقْصَرِ الْأَيَّامِ كَأَيَّامِ الشِّتَاءِ وَبِهَذَا يَكُونُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا فَإِنَّ هَذَا مِقْدَارُ سَفَرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَحِينَئِذٍ لَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الشَّارِحِ خُرُوجًا مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِوُجُوبِهِ) أَيْ الْإِتْمَامِ فِيمَا دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ الْقَصْرُ مَكْرُوهٌ) جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تُوصَفُ بِالْكَرَاهَةِ كَمَا لَا تُوصَفُ بِالْحُرْمَةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَصَفَهَا بِهَا فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ مَرَاحِلَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَرَاهَةِ خِلَافَ الْأَوْلَى لَا مَا اقْتَضَاهُ النَّهْيُ الْمَخْصُوصُ وَأَوْرَدَ أَنَّ الرُّخْصَةَ إنَّمَا لَمْ تُوصَفْ بِالْحُرْمَةِ لِصُعُوبَتِهَا مُطْلَقًا وَهَذَا مُنْتَفٍ فِي الْكَرَاهَةِ كَخِلَافِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا سَهْلَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُرْمَةِ لَكِنَّ وَصْفَ الرُّخْصَةِ بِهِمَا يُنَافِي ظَاهِرَ خَبَرِ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» وَعَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَقْسَامُ الرُّخْصَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ حَاصِلَةٌ مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْ حَرَامٍ إلَى الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ وَمِنْ وَاجِبٍ إلَى مَا عَدَاهُ وَالْحَرَامِ وَمِنْ مَنْدُوبٍ إلَى مُبَاحٍ وَمِنْ مَكْرُوهٍ إلَى خِلَافِ الْأَوْلَى إلَى مُبَاحٍ إلَى مَنْدُوبٍ وَمِنْ خِلَافِ الْأَوْلَى إلَى مُبَاحٍ إلَى مَنْدُوبٍ وَعَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ.
(قَوْلُهُ: وَمُبَاحًا أَيْ السَّلَمُ) قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَمَا قِيلَ إنَّهُ قَدْ يُنْدَبُ بِأَنَّهُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ كَكَوْنِهِ مَصْلَحَةً لَا لِخُصُوصِ كَوْنِهِ سَلَمًا (قَوْلُهُ: وَخِلَافُ الْأَوْلَى) أَيْ مُخَالِفُ الْأَوْلَى لِيَتِمَّ كَوْنُهُ حَالًا مِنْ فِطْرِ الْمُسَافِرِ وَيُوَافِقُ الْأَحْوَالَ قَبْلَهُ وَأَيْضًا بَقَاؤُهُ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ كَوْنُ خِلَافِ الْأَوْلَى وَصْفًا لِمُتَعَلِّقِ الْحُكْمِ وَهُوَ الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهُ حَالٌ مِنْ فِطْرِ الْمُسَافِرِ وَخِلَافُ الْأَوْلَى اسْمٌ لِلْحُكْمِ نَفْسِهِ لَا لِمُتَعَلِّقِهِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْحُكْمِ يُطْلَقُ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِدَهُ إلَخْ) بَلْ إذَا جَهِدَهُ جِدًّا وَجَبَ الْفِطْرُ.
(قَوْلُهُ: وَأَتَى بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ) أَيْ عَلَى وَفْقِ ذَوِيهَا الْأُولَى لِلْأَوَّلِ وَهَكَذَا وَالْكَثِيرُ كَوْنُ الْأُولَى لِلْأَخِيرِ نَحْوُ لَقِيت هِنْدًا مُصَعِّدَةً مُنْحَدِرَةً وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْغَالِبُ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِالْأَحْوَالِ اللَّازِمَةِ فَلِمَ أَتَى بِهَا الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: اللَّازِمَةِ) أَيْ لِأَصْحَابِهَا فَإِنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ الْوُجُوبُ لَازِمٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ: لِبَيَانِ أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ) أَيْ لُزُومٌ لَا صَرَاحَةٌ؛ لِأَنَّ أَقْسَامَ الرُّخْصَةِ الْإِيجَابُ وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدُ، وَالْمَذْكُورُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمُبَاحُ أَقْسَامُ مُتَعَلِّقِهَا، نَعَمْ خِلَافُ الْأَوْلَى يُطْلَقُ عَلَى الْحُكْمِ وَعَلَى مُتَعَلِّقِهِ أَوْ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ أَقْسَامُ مُتَعَلِّقِ الرُّخْصَةِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي الرُّخْصَةُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِلِّ الْإِذْنُ فِي الْفِعْلِ الصَّادِقِ بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ لَا اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ السَّابِقُ بِالْإِبَاحَةِ فَقَطْ وَأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الرُّخْصَةُ إلَخْ وَقَوْلُهُ الرُّخْصَةُ كَحِلِّ الْمَذْكُورَاتِ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ وَهِيَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لِيَعْنِيَ وَقَوْلُ بَعْضٍ إنَّ نَصْبَ يَعْنِي لِلْجُمَلِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهَا لَا تَنْصِبُ إلَّا الْمُفْرَدَ.
(قَوْلُهُ: كَحِلِّ الْمَذْكُورَاتِ) يَعْنِي أَنَّ التَّمْثِيلَ لِلرُّخْصَةِ الَّتِي هِيَ لِلْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ الَّتِي هِيَ أَفْعَالٌ مَحْكُومٌ عَلَيْهَا إنَّمَا يَصِحُّ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَهُوَ حِلٌّ مُرَادٌ بِهِ الْإِذْنُ شَرْعًا لِيَصْدُقَ بِكُلٍّ مِنْ الْوُجُوبِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ
مِنْ وُجُوبٍ وَنَدْبٍ وَإِبَاحَةٍ وَخِلَافُ الْأَوْلَى وَحُكْمُهَا الْأَصْلِيُّ الْحُرْمَةُ وَأَسْبَابُهَا الْخَبَثُ فِي الْمَيْتَةِ وَدُخُولُ وَقْتَيْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فِي الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ تَامَّةً وَالصَّوْمِ وَالْغَرَرِ فِي السَّلَمِ وَهِيَ قَائِمَةٌ حَالَ الْحِلِّ وَأَعْذَارُهُ الِاضْطِرَارُ وَمَشَقَّةُ السَّفَرِ وَالْحَاجَةُ إلَى ثَمَنِ الْغَلَّاتِ قَبْلَ إدْرَاكِهَا وَسُهُولَةُ الْوُجُوبِ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِمُوَافَقَتِهِ لِغَرَضِ النَّفْسِ فِي بَقَائِهَا وَقِيلَ إنَّهُ عَزِيمَةٌ لِصُعُوبَتِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وُجُوبٌ وَمِنْ الرُّخْصَةِ إبَاحَةُ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَاةِ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَحُكْمُهُ الْأَصْلِيُّ الْكَرَاهَةُ الصَّعْبَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِبَاحَةِ وَسَبَبُهَا قَائِمٌ حَالَ الْإِبَاحَةِ وَهُوَ الِانْفِرَادُ
ــ
[حاشية العطار]
وَلَوْ قَدَّرَ مَعَ كُلِّ مِثَالٍ مَصْدَرَ حَالِهِ الْمُبَيِّنَةِ لَهُ لَكَانَ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ يَكْثُرُ التَّقْدِيرُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ وُجُوبٍ) بَيَانٌ لِحِلٍّ.
(قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ وَكَذَا ضَمِيرُ أَسْبَابِهَا.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ تَامَّةً وَالصَّوْمِ) أَيْ وَكُلُّ مَا هُوَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الْإِتْمَامِ وَالصَّوْمِ فَهُوَ سَبَبٌ لِحُرْمَةِ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ هُوَ عَيْنُ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْأَسْبَابُ الْمَذْكُورَةُ.
(قَوْلُهُ: وَأَعْذَارُهُ) أَيْ الْحِلِّ.
(قَوْلُهُ: إلَى ثَمَنِ الْغَلَّاتِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ مُوفٍ بِأَنْوَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إذْ مِنْهَا مَا لَيْسَ بِغَلَّةٍ كَأَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ.
(قَوْلُهُ: وَسُهُولَةُ الْوُجُوبِ) لَمَّا كَانَتْ السُّهُولَةُ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ قَدْ تَخْفَى لِمَا فِي وُجُوبِهِ مِنْ الصُّعُوبَةِ؛ لِأَنَّهُ إلْزَامٌ وَتَكْلِيفٌ بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ وَسُهُولَةُ الْوُجُوبِ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ. (قَوْلُهُ: فِي بَقَائِهَا) يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِفَرْضٍ إذْ هُوَ بِمَعْنَى الرَّغْبَةِ فَمُوَافَقَةُ الْوُجُوبِ لَهُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَلَبٌ لِبَقَائِهَا إذْ أَكْلُ الْمَيْتَةِ سَبَبٌ لَهُ وَيُوَافِقُهُ فِي اشْتِرَاكِهِمَا فِي مُتَعَلِّقٍ وَاحِدٍ وَهُوَ بَقَاؤُهَا.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ الرُّخْصَةِ إبَاحَةُ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ إفَادَةَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ كَانَ تَغَيُّرًا مِنْ الْحُرْمَةِ، فَإِنَّ الْمُنْتَقَلَ عَنْهُ كَمَا يَكُونُ الْحُرْمَةَ يَكُونُ غَيْرَهَا كَالْكَرَاهَةِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُنْتَقَلَ عَنْهُ لَا يَكُونُ إلَّا الْحُرْمَةَ.
(قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ التَّرْكِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: الْكَرَاهَةُ الصَّعْبَةُ) ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي اللَّوْمَ عَلَى الْفِعْلِ بِخِلَافِ الْإِبَاحَةِ وَإِنْ شَارَكَتْهَا فِي عَدَمِ الْإِثْمِ، وَالصَّعْبَةُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لَا مُخَصَّصَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَسَبَبُهَا) أَيْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الِانْفِرَادُ) قَالَ النَّاصِرُ هَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ هُوَ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ فَهُوَ مُتَعَلِّقُ الْكَرَاهَةِ الَّذِي هُوَ الْمَكْرُوهُ وَمُتَعَلِّقُ الْحُكْمِ لَا يَكُونُ سَبَبًا لَهُ وَأَيْضًا فَطَلَبُ الِاجْتِمَاعِ فِي شَيْءٍ نُهِيَ عَنْ ضِدِّهِ الَّذِي هُوَ الِانْفِرَادُ فِيهِ فَهُوَ مُتَعَلِّقُ النَّهْيِ الَّذِي هُوَ أَيْ هَذَا النَّهْيُ الْكَرَاهَةُ لَا سَبَبُهَا.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ هَا هُنَا أَمْرَيْنِ قَدْ يَشْتَبِهُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ أَحَدُهُمَا نَفْسُ الِانْفِرَادِ وَالثَّانِي كَوْنُ ذَلِكَ الِانْفِرَادِ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ وَلِهَذَا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الِانْفِرَادُ وَكَوْنُ
فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ كَمَا ذِكْرَ بِأَنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَصْلًا كَوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ تَغَيَّرَ إلَى صُعُوبَةٍ كَحُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ بِالْإِحْرَامِ بَعْدَ إبَاحَتِهِ قَبْلَهُ أَوْ إلَى سُهُولَةٍ لَا لِعُذْرٍ كَحِلِّ تَرْكِ الْوُضُوءِ لِصَلَاةٍ ثَانِيَةٍ مَثَلًا لِمَنْ يُحْدِثُ بَعْدَ حُرْمَتِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ لِعُذْرٍ لَا مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ كَإِبَاحَةِ تَرْكِ ثَبَاتِ الْوَاحِدِ مَثَلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَشَرَةِ مِنْ الْكُفَّارِ فِي الْقِتَالِ بَعْدَ حُرْمَتِهِ وَسَبَبُهَا قِلَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ تَبْقَ حَالَ الْإِبَاحَةِ لِكَثْرَتِهِمْ حِينَئِذٍ وَعُذْرُهَا مَشَقَّةُ الثَّبَاتِ الْمَذْكُورِ لَمَّا كَثُرُوا (فَعَزِيمَةٌ) أَيْ فَالْحُكْمُ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ أَوْ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ الصَّعْبُ.
ــ
[حاشية العطار]
الثَّانِي لَيْسَ مُتَعَلِّقَ الْحُكْمِ وَلَا مُتَعَلِّقَ النَّهْيِ بَلْ هُوَ سَبَبٌ لِلْحُكْمِ وَكَرَاهَةُ الْأَوَّلِ مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهِ إذْ لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّةِ قَوْلِنَا يُكْرَهُ الِانْفِرَادُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ انْفِرَادٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ فَاتَّضَحَ صِحَّةُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَسُقُوطُ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ وَقَدْ شَنَّعَ سم عَلَى النَّاصِرِ وَشَنَّعَ بَعْضُ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْ سم عَلَيْهِ، تَرَكْنَا ذَلِكَ لِقِلَّةِ جَدْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَصُّبٌ مَحْضٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ) أَيْ فِي مَحَلٍّ يُطْلَبُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ وَهُوَ صَلَاةُ الْفَرْضِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ التَّغَيُّرُ بِقُيُودِهِ السَّابِقَةِ بِأَنْ انْتَفَى مِنْ أَصْلِهِ أَوْ انْتَفَى فِيهِ مِنْ قُيُودِهِ السَّابِقَةِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: كَمَا ذُكِرَ) أَيْ تَغْيِيرًا مِثْلَ مَا ذُكِرَ أَيْ إلَى سُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ بِأَنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَصْلًا أَوْ تَغَيَّرَ إلَّا كَمَا ذُكِرَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ إلَى سُهُولَةٍ أَوْ لَهَا لَا لِعُذْرٍ أَوْ لَهَا مَعَ عُذْرٍ لَا مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ.
(قَوْلُهُ: كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ) فِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّ وُجُوبَ الصَّلَوَاتِ تَغَيَّرَ فِي حَقِّ النَّائِمِ وَالْحَائِضِ وَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ لِسُقُوطِهِ عَنْهُمْ فَقَدْ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ إلَى سُهُولَةٍ فَإِنْ أُرِيدَ التَّغَيُّرُ الْعَامُّ وَالْمَنْقُوضُ بِهِ خَاصٌّ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ أَوْ تَغَيَّرَ إلَى صُعُوبَةٍ كَحُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ تَغَيُّرًا عَامًّا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ عَلَى النَّائِمِ بِالْخِطَابِ الْأَصْلِيِّ لِقِيَامِ السَّبَبِ إذْ لَوْلَاهُ مَا وَجَبَ الْقَضَاءُ فَصَارَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ مِنْ آثَارِ الْوُجُوبِ الْأَصْلِيِّ وَتَوَابِعِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ يَقَعْ تَغَيُّرٌ بِالْكُلِّيَّةِ بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ مِنْ الْحُكْمِ، وَفَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِيهِ الْحُكْمُ بَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُرَجَّحِ مِنْ مَذْهَبِنَا مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: كَحُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ) نَبَّهَ بِتَمْثِيلِهِ بِالْحُرْمَةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى وَالْإِبَاحَةِ عَلَى أَنَّ الْعَزِيمَةَ تَكُونُ وَصْفًا لِكُلٍّ مِنْهَا كَمَا تَكُونُ وَصْفًا لِلْوَاجِبِ وَلِلْمَنْدُوبِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهَا بِهِمَا وَلِمَنْ خَصَّهَا بِالْوَاجِبِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكَرَاهَةِ كَمَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الشَّارِحُ وَلَا لِلنَّدْبِ، وَفِي شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا تَكُونُ وَصْفًا لِجَمِيعِ الْأَحْكَامِ.
(قَوْلُهُ: بِالْإِحْرَامِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَمَّا صَيْدُ الْحَرَمِ فَيَحْرُمُ حَتَّى عَلَى الْحَلَالِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ إبَاحَتِهِ) أَيْ الِاصْطِيَادِ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إلَى سُهُولَةٍ) سَكَتَ عَنْ التَّعْبِيرِ إلَى مُمَاثِلِ السُّهُولَةِ أَوْ الصُّعُوبَةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الرُّخْصَةِ كَانَ حَدُّهَا غَيْرَ جَامِعٍ أَوْ الْعَزِيمَةِ فَكَذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى تَقْرِيرِ الشَّارِحِ فِيهِمَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ فَلِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ الْعَزِيمَةِ وَلَا يُنَافِيه كَلَامُ الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ قَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَصْلًا إلَخْ عَلَى التَّمْثِيلِ بِمَعْنَى كَأَنْ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ ثَالِثَةٍ أَوْ رَابِعَةٍ وَهَكَذَا.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ حُرْمَتِهِ) أَيْ حُرْمَةِ تَرْكِ الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى تَفْسِيرٌ لِحِلِّ التَّرْكِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ الِاثْنَيْنِ لِلْعِشْرِينَ أَوْ الثَّلَاثَةِ لِلثَّلَاثِينَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ حُرْمَتِهِ) أَيْ حُرْمَةِ تَرْكِ الثَّبَاتِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبْقَ) أَيْ السَّبَبُ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذَا بِيحَ تَرْكُ الثَّبَاتِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَعُذْرُهَا أَيْ عُذْرُ الْإِبَاحَةِ.
(قَوْلُهُ: لَمَّا كَثُرُوا) قَيْدٌ لِلْمَشَقَّةِ فَإِنْ قِيلَ الْمَشَقَّةُ فِي الثَّبَاتِ لَا تُقَيَّدُ بِحَالِ الْكَثْرَةِ لِثُبُوتِهَا قَبْلَهُ فَالْجَوَابُ مَنْعُ ذَلِكَ إذْ لَوْلَا الْمُصَابَرَةُ الْمَذْكُورَةُ لَضَاعَ الدِّينُ وَلَا يَخْفَى سُهُولَةُ الْمُصَابَرَةِ لِحِفْظِ الدِّينِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْكَثْرَةِ لِلْمَنْدُوحَةِ عَنْ الْمُصَابَرَةِ حِينَئِذٍ قَالَهُ النَّجَّارِيُّ.
(قَوْلُهُ: فَعَزِيمَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ
أَوْ السَّهْلُ الْمَذْكُورُ يُسَمَّى عَزِيمَةً وَهِيَ لُغَةً الْقَصْدُ الْمُصَمِّمُ لِأَنَّهُ عُزِمَ أَمْرُهُ أَيْ قُطِعَ وَحُتِمَ صَعُبَ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَوْ سَهُلَ وَأُورِدَ عَلَى التَّعْرِيفَيْنِ وُجُوبُ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ فَإِنَّهُ عَزِيمَةٌ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الرُّخْصَةِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ الصِّدْقِ فَإِنَّ الْحَيْضَ الَّذِي هُوَ عُذْرٌ فِي التَّرْكِ مَانِعٌ مِنْ الْفِعْلِ وَمِنْ مَانِعِيَّتِهِ نَشَأَ وُجُوبُ التَّرْكِ وَتَقْسِيمُ الْمُصَنِّفِ كَالْبَيْضَاوِيِّ وَغَيْرِهِ الْحُكْمَ إلَى الرُّخْصَةِ وَالْعَزِيمَةِ
ــ
[حاشية العطار]
التَّفْتَازَانِيُّ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ عَزِيمَةً إلَّا إذَا وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ تَرْخِيصٍ وَإِلَّا فَلَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ السَّهْلُ الْمَذْكُورُ) أَيْ لَا لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ: الْمُصَمِّمُ) اسْمُ فَاعِلٍ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَادَ مَجَازِيٌّ أَوْ اسْمُ الْمَفْعُولِ عَلَى الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ أَيْ الْمُصَمَّمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عُزِمَ أَمْرُهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَقَوْلُهُ أَيْ قُطِعَ وَحُتِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَعْنَى قُصِدَ قَصْدًا مُصَمَّمًا وَقَوْلُهُ صَعْبٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَالْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ الصَّعْبُ وَقَوْلُهُ أَوْ السَّهْلُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ السَّهْلُ الْمَذْكُورُ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى الْحُكْمِ غَيْرِ الْمُتَغَيِّرِ أَيْضًا أَيْ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ صَعْبًا عَلَى الْمُكَلَّفِ وَتَارَةً يَكُونُ سَهْلًا.
(قَوْلُهُ: وَأُورِدَ عَلَى التَّعْرِيفَيْنِ) أَيْ اللَّذَيْنِ تَضَمَّنَهُمَا التَّقْسِيمُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ عَزِيمَةٌ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ لِمَا حَقَّقَهُ مِنْ أَنَّ الْحَيْضَ لَيْسَ بِعُذْرٍ بَلْ مَانِعٌ.
(قَوْلُهُ: وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الرُّخْصَةِ) أَيْ دُونَ تَعْرِيفِ الْعَزِيمَةِ فَلَا يَكُونُ تَعْرِيفُهَا جَامِعًا وَلَا تَعْرِيفُ الرُّخْصَةِ مَانِعًا؛ لِأَنَّ مَا دَخَلَ فِي تَعْرِيفِ الرُّخْصَةِ خَرَجَ عَنْ تَعْرِيفِ الْعَزِيمَةِ إذْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا وَصَدَقَ تَعْرِيفُ الرُّخْصَةِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ ظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي الْحَيْضِ مِنْ أَنَّهُ عُذْرٌ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ مَعَ وُجُوبِ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ أَنَّ الْحُكْمَ تَغَيَّرَ مِنْ صُعُوبَةٍ وَهِيَ وُجُوبُ الْفِعْلِ إلَى سُهُولَةٍ وَهِيَ وُجُوبُ التَّرْكِ لِعُذْرٍ وَهُوَ الْحَيْضُ مَعَ قِيَامِ سَبَبِ وُجُوبِ الْفِعْلِ وَهُوَ إدْرَاكُ الْوَقْتِ وَإِنَّمَا كَانَ وُجُوبُ التَّرْكِ رُخْصَةً لِمُوَافَقَتِهِ لِغَرَضِ النَّفْسِ.
(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ وُجُوبَ التَّرْكِ عَلَيْهَا خَارِجٌ مِنْ تَعْرِيفِ الرُّخْصَةِ بِقَوْلِهِ لِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ فِي حَقِّهَا لِمَانِعٍ لَا لِعُذْرٍ وَدَاخِلٌ فِي تَعْرِيفِ الْعَزِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ تَغَيُّرٌ مِنْ صُعُوبَةٍ إلَى سُهُولَةٍ لَا لِعُذْرٍ بَلْ لِمَانِعٍ (قَوْلُهُ: مَانِعٌ مِنْ الْفِعْلِ) أَيْ وَشَرْطُ الْعُذْرِ الْمَأْخُوذِ فِي التَّعْرِيفِ أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعًا