المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِمَرَّةٍ فِي الْأَوَّلِ وَبِالتَّعْرِيفِ فِي الثَّانِي تَرَجَّحَ التَّأْكِيدُ - حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع - جـ ١

[حسن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدَّمَة الْكِتَاب]

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ]

- ‌[تَعْرِيفِ الْأُصُولِيّ]

- ‌ تَعْرِيفِ الْفِقْهِ

- ‌[تَعْرِيف الْفَرْض وَالْوَاجِب]

- ‌[تَعْرِيفِ الْمَنْدُوبُ وَالْمُسْتَحَبُّ وَالتَّطَوُّعُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[تَعْرِيفِ السَّبَب]

- ‌[تَعْرِيفِ الْقَضَاء]

- ‌[تَعْرِيفِ الدَّلِيلُ]

- ‌[تَعْرِيف الْعِلْم]

- ‌[تَعْرِيف الْجَهْل]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَائِزُ التَّرْكِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاءَ يُوجِبُ وَاحِدًا مِنْهَا لَا بِعَيْنِهِ]

- ‌[فَرْضِ الْكِفَايَةِ مُهِمٌّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الظُّهْرِ جَوَازًا وَقْتَ الْأَدَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْفِعْلُ الْمَقْدُورُ لِلْمُكَلَّفِ الَّذِي لَا يُوجَدُ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إلَّا بِهِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ مُطْلَقُ الْأَمْرِ) بِمَا بَعْضُ جُزْئِيَّاتِهِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ

- ‌(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ مُطْلَقًا) :

- ‌[مَسْأَلَةُ حُصُولَ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِمَشْرُوطِهِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ) :

- ‌(مَسْأَلَةٌ: يَصِحُّ التَّكْلِيفُ وَيُوجَدُ مَعْلُومًا لِلْمَأْمُورِ آثَرَهُ) :

- ‌(خَاتِمَةٌ الْحُكْمُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرَيْنِ)

- ‌(الْكِتَابُ الْأَوَّلُ) :فِي الْكِتَابِ وَمَبَاحِثِ الْأَقْوَالِ

- ‌(الْمَنْطُوقُ وَالْمَفْهُومُ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْمَفَاهِيمِ) الْمُخَالَفَةُ (إلَّا اللَّقَبَ حُجَّةً لُغَةً)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْغَايَةِ قِيلَ مَنْطُوقٌ) أَيْ بِالْإِشَارَةِ

- ‌[مَسْأَلَةُ إنَّمَا بِالْكَسْرِ قَالَ الْآمِدِيُّ وَأَبُو حَيَّانَ لَا تُفِيدُ الْحَصْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مِنْ الْأَلْطَافِ حُدُوثُ الْمَوْضُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ، وَالْجُمْهُورُ اللُّغَاتُ تَوْقِيفِيَّةٌ) :

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثْبُوت اللُّغَةُ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[وَمَسْأَلَةُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى إنْ اتَّحِدَا]

- ‌(مَسْأَلَةٌ: الِاشْتِقَاقُ) مِنْ حَيْثُ قِيَامُهُ بِالْفِعْلِ:

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُتَرَادِفِ وَاقِعٌ خِلَافًا لِثَعْلَبَ وَابْنِ فَارِسٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ الْمُتَعَدِّدُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكِ يَصِحُّ لُغَةً إطْلَاقُهُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ]

- ‌(الْحَقِيقَةُ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعَ) لَهُ ابْتِدَاءً

- ‌الْمَجَازُ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْمُعَرَّبُ

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنًى إمَّا حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْكِنَايَةُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ مُرَادًا مِنْهُ لَازِمُ الْمَعْنَى]

- ‌(الْحُرُوفُ)

- ‌(الْأَمْرُ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالنَّفْسِيِّ مِنْ الْكَلَامِ اخْتَلَفُوا هَلْ لِلْأَمْرِ النَّفْسِيِّ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ لِطَلَبِ الْمَاهِيَّةِ]

- ‌[الْأَمْرُ بِشَيْءٍ مُؤَقَّتٍ يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ النَّفْسِيُّ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ إيجَابًا أَوْ نَدْبًا نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ الْوُجُودِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرَانِ غَيْرَ مُتَعَاقِبَيْنِ أَوْ بِغَيْرِ مُتَمَاثِلَيْنِ غَيْرَانِ]

- ‌(النَّهْيُ)

- ‌(الْعَامِّ)

الفصل: بِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِمَرَّةٍ فِي الْأَوَّلِ وَبِالتَّعْرِيفِ فِي الثَّانِي تَرَجَّحَ التَّأْكِيدُ

بِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِمَرَّةٍ فِي الْأَوَّلِ وَبِالتَّعْرِيفِ فِي الثَّانِي تَرَجَّحَ التَّأْكِيدُ (قُدِّمَ) لِتَأْكِيدِ رُجْحَانِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرَجَّحْ التَّأْكِيدُ بِالْعَادِيِّ وَذَلِكَ فِي الْعَطْفِ لِمُعَارَضَتِهِ لِلْعَادِيِّ بِنَاءً عَلَى أَرْجَحِيَّةِ التَّأْسِيسِ حَيْثُ لَا عَادِيَّ (فَالْوَقْفُ) عَنْ التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ لِاحْتِمَالِهِمَا وَإِنْ مَنَعَ مِنْ التَّكْرَارِ وَالنَّقْلِ نَحْوُ اُقْتُلْ زَيْدًا اُقْتُلْ زَيْدًا أَوْ الشَّرْعِ نَحْوُ اعْتِقْ عَبْدَك فَالثَّانِي تَأْكِيدٌ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ بِعَطْفٍ.

(النَّهْيُ)

النَّفْسِيُّ (اقْتِضَاءُ كَفٍّ عَنْ فِعْلٍ لَا يَقُولُ كُفَّ) وَنَحْوُهُ كَذَرْ وَدَعْ فَإِنَّ مَا هُوَ كَذَلِكَ أَمْرٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَنَاوَلَ الِاقْتِضَاءُ الْجَازِمَ وَغَيْرَهُ وَيُحَدُّ أَيْضًا بِالْقَوْلِ الْمُقْتَضِي لِكَفٍّ إلَخْ كَمَا يُحَدُّ اللَّفْظِيُّ بِالْقَوْلِ الدَّالِّ عَلَى مَا ذُكِرَ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي مُسَمَّى النَّهْيِ مُطْلَقًا عُلُوٌّ وَلَا اسْتِعْلَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَالْأَمْرِ

ــ

[حاشية العطار]

الرِّيِّ كَمَا فِي اسْقِنِي مَاءً فَإِنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِحُصُولِ الرِّيِّ فِي أَوَّلِ شَرْبَةٍ وَالْعَادَةُ بِحَسَبِ اللِّسَانِ وَالِاسْتِعْمَالِ فَإِنَّ الِاسْتِعْمَالَ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً كَانَتْ غَيْرًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ وُجِدَ مَانِعٌ عَادِيٌّ يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ بِالْأَمْرِ الثَّانِي شَيْئًا آخَرَ غَيْرَ الْمَطْلُوبِ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ مَطْلُوبًا بِهِ التَّكْرَارُ قُدِّمَ التَّأْكِيدُ فَقَوْلُهُ فَإِنْ رَجَحَ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ التَّكْرَارِ.

(قَوْلُهُ: بِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ) وَهِيَ الْعَطَشُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَادَةِ بِمَعْنَى الِاعْتِيَادِ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيْ الْجَارِيَةُ وَقَوْلُهُ تَرَجَّحَ خَبَرُ إنَّ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ وُجِدَ مَانِعٌ مِنْ التَّكْرَارِ عَادِيٌّ قُدِّمَ التَّأْكِيدُ لَكَانَ أَظْهَرَ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الْمَانِعَ بِالْعَادِيِّ مَعَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ كَذَلِكَ مَعَ الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ لِأَنَّ فِي التَّقْدِيمِ مَعَ الْمَانِعِ الْعَادِيِّ خِلَافًا وَأَمَّا فِي الْمَانِعِ الْقِيَاسِيِّ وَالشَّرْعِيِّ فَلَا خِلَافَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُرَجَّحْ التَّأْكِيدُ بِالْعَادِيِّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْعَادِيُّ مَوْجُودًا فَمَحَطُّ النَّفْيِ التَّرْجِيحُ ثُمَّ إنَّ عَدَمَ رُجْحَانِهِ صَادِقٌ بِمُسَاوَاتِهِ لِلتَّأْسِيسِ وَبِأَنْ يَكُونَ التَّأْسِيسُ أَقْوَى مِنْهُ وَهَذِهِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِمُعَارَضَتِهِ لِلْعَادِيِّ.

(قَوْلُهُ: لِمُعَارَضَتِهِ) أَيْ الْعَطْفُ لِلْعَادِيِّ فَإِنَّ وُرُودَ التَّأْكِيدِ بِوَاوِ الْعَطْفِ لَمْ يُعْهَدْ أَوْ هُوَ قَلِيلٌ جِدًّا.

(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَرْجَحِيَّةِ إلَخْ) أَمَّا عَلَى أَرْجَحِيَّةِ التَّأْكِيدِ فَالْعَادِيُّ مُؤَكِّدٌ لَهُ فَلَا يُعَارِضُهُ الْعَطْفُ إذْ لَا يَقْوَى قُوَّتَهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَ مِنْ التَّكْرَارِ الْعَقْلُ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ رَجَحَ التَّأْكِيدُ لِيُتَمِّمَ مَفْهُومَ قَوْلِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ التَّكْرَارِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا مَانِعَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: نَحْوَ اُقْتُلْ زَيْدًا) فَإِنَّ إزْهَاقَ الرُّوحِ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَإِزْهَاقُهُ ثَانِيًا تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ.

(قَوْلُهُ: اعْتِقْ عَبْدَك إلَخْ) فَإِنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْعِتْقِ ثَانِيًا هُوَ الشَّرْعُ وَأَوْرَدَ أَنَّ فِيهِ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ فَالْمَانِعُ مِنْ التَّكْرَارِ الْعَقْلُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُحَارِبَ وَيُسْتَرَقَّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَكَرُّرُ الْعِتْقُ وَفِيهِ أَنَّ الشَّرْعَ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا وَأَيْضًا اُقْتُلْ زَيْدًا يُمْكِنُ نَفْخُ الرُّوحِ فِيهِ فَلَا يَمْنَعُ الْعَقْلُ قَتْلَهُ ثَانِيًا فَالْأَوْلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّكْرَارُ فِي آنٍ وَاحِدٍ وَالْعَقْلُ لَوْ خُلِّيَ وَنَفْسَهُ فِي اعْتِقْ عَبْدَك اعْتِقْ عَبْدَك لَا يَمْنَعُهُ بِخِلَافِ الشَّرْعِ

[النَّهْيُ]

(قَوْلُهُ: لَا يَقُولُ كَفٌّ) مُتَعَلِّقٌ بِاقْتِضَاءٍ وَالْمُرَادُ بِالْفِعْلِ مَا يَشْمَلُ الْقَوْلَ وَالِاعْتِقَادَ وَنَحْوَهُمَا وَأَوْرَدَ عَدَمَ شُمُولِ التَّعْرِيفِ قَوْلُنَا لَا تُكَفَّ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ فَإِنَّهُ لِطَلَبِ كَفٍّ عَنْ كَفٍّ لَا كَفٍّ عَنْ فِعْلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ مَا يَشْمَلُ الْكَفَّ فَدَخَلَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَلَكِنَّ مُقَابَلَةَ الْفِعْلِ بِالْكَفِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَشْمَلُ الْكَفَّ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوَهُ) تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْأَوْضَحَ أَنْ يَقُولَ فِي التَّعْرِيفِ لَا بِغَيْرِ نَحْوِ كُفَّ إلَّا أَنَّ زِيَادَتَهَا لَيْسَتْ ضَرُورِيَّةً لِوُضُوحِ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ كُفَّ بَلْ مِثْلُهَا مَا يُشَارِكُهَا فِيمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا) مُقَدِّمَةٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَالتَّقْدِيرُ وَيُحَدُّ أَيْضًا بِالْقَوْلِ أَيْ النَّفْسِيِّ كَمَا يُحَدُّ بِمَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُحَدُّ إلَخْ) وَجْهُ الشَّبَهِ تَصْدِيرُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ عَلَى الِاقْتِضَاءِ وَالْقَوْلِ الْمُقْتَضِي.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا)

ص: 496

(وَقَضِيَّةُ الدَّوَامِ) عَلَى الْكَفِّ (مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِالْمَرَّةِ) فَإِنْ قُيِّدَ بِهَا نَحْوُ لَا تُسَافِرْ الْيَوْمَ إذْ السَّفَرُ فِيهِ مَرَّةٌ مِنْ السَّفَرِ كَانَتْ قَضِيَّتُهُ (وَقِيلَ) قَضِيَّةُ الدَّوَامِ (مُطْلَقًا) وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَرَّةِ يَصْرِفُهُ عَنْ قَضِيَّتِهِ (وَتَرِدُ صِيغَتُهُ) أَيْ لَا تَفْعَلْ (لِلتَّحْرِيمِ) نَحْوُ {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32](وَالْكَرَاهَةِ){وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267](وَالْإِرْشَادِ){لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101](وَالدُّعَاءِ)

ــ

[حاشية العطار]

أَيْ نَفْسِيًّا كَانَ أَوْ لَفْظِيًّا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ مَعْنَاهُ أَوْ مَدْلُولُهُ لِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ إلَّا فِي اللَّفْظِيِّ وَالْكَلَامُ فِي النَّفْسِيِّ وَأَيْضًا الدَّوَامُ لَازِمٌ لَهُ لِلُزُومِهِ لِلِامْتِثَالِ وَإِنَّمَا كَانَ قَضِيَّتُهُ الدَّوَامَ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الِامْتِنَاعَ عَنْ إدْخَالِ مَاهِيَّةِ الْفِعْلِ فِي الْوُجُودِ فَوَجَبَ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ دَائِمًا إذْ لَوْ أَتَى بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَرَّةً لَزِمَ دُخُولُهُ فِي الْوُجُودِ وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى النَّهْيِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الْفَوْرُ وَلِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ النَّكِرَةِ الْوَاقِعَةِ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمَرَّةِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِغَيْرِ الدَّوَامِ لِيَشْمَلَ الْمَرَّتَيْنِ وَالْأَكْثَرَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمَرَّةِ بِطَرِيقِ الْمُقَايَسَةِ.

(قَوْلُهُ: نَحْوِ لَا تُسَافِرْ) أَيْ فِي سَفَرٍ طَوِيلٍ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ فِي أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَإِلَّا فَلَا يَقْتَضِي الْمَرَّةَ.

(قَوْلُهُ: كَانَتْ قَضِيَّتَهُ) اسْمُ كَانَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ يَعُودُ لِلْمَرَّةِ وَقَضِيَّتَهُ نُصِبَ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ إنْ قَيَّدَ أَيْ كَانَتْ الْمَرَّةُ لَازِمَةً لَهُ نَظَرَ اللُّزُومِ الْعُرْفِيِّ وَلَا يَكُونُ الدَّوَامُ مُفَادَهُ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ: يَصْرِفُهُ عَنْ قَضِيَّتِهِ) وَهُوَ الدَّوَامُ فَهُوَ مَجَازٌ لِلْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ.

قَوْلُهُ {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ} [البقرة: 267] أَيْ الرَّدِيءَ فَيُكْرَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ إذَا قُصِدَ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ غَيْرُهُ وَيُسْتَعْمَلُ الْخَبِيثُ بِمَعْنَى الْحَرَامِ كَمَا فِي آيَةِ {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا وَإِلَّا كَانَتْ الصِّيغَةُ لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: وَالْإِرْشَادُ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَرَاهَةِ أَنَّ الْمَفْسَدَةَ الْمَطْلُوبَ دَرْؤُهَا فِيهِ دُنْيَوِيَّةٌ وَفِي الْكَرَاهَةِ دِينِيَّةٌ وَالْحَقُّ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ الصِّيغَةَ هُنَا لِلتَّحْرِيمِ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَسُؤْكُمْ فِي دِينِكُمْ.

(قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ إلَخْ) الْغَرَضُ تَعْدِيدُ مَا يَأْتِي لَهُ النَّهْيُ مِنْ الْمَعَانِي الْمُسَمَّى بَعْضُهُ بِالدُّعَاءِ فِي بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ فَلَا

ص: 497

{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8](وَبَيَانِ الْعَاقِبَةِ){وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران: 169] أَيْ عَاقِبَةُ الْجِهَادِ الْحَيَاةُ لَا الْمَوْتُ (وَالتَّقْلِيلِ وَالِاحْتِقَارِ){وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} [طه: 131] أَيْ فَهُوَ قَلِيلٌ حَقِيرٌ بِخِلَافِ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الِاحْتِقَارِ جَعَلَهُ الْمَقْصُودَ فِي الْآيَةِ وَكِتَابَةُ الْمُصَنِّفِ التَّقْلِيلُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْبُرْهَانِ بِالْعَيْنِ سَبْقُ قَلَمٍ (وَالْيَأْسِ){لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} [التحريم: 7](وَفِي الْإِرَادَةِ وَالتَّحْرِيمِ مَا) تَقَدَّمَ (فِي الْأَمْرِ) مِنْ الْخِلَافِ فَقِيلَ لَا تَدُلُّ الصِّيغَةُ عَلَى الطَّلَبِ إلَّا إذَا أُرِيدَ الدَّلَالَةُ بِهَا عَلَيْهِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ وَقِيلَ فِي الْكَرَاهَةِ وَقِيلَ فِيهِمَا وَقِيلَ فِي أَحَدِهِمَا وَلَا نَعْرِفُهُ.

(وَقَدْ يَكُونُ) النَّهْيُ (عَنْ وَاحِدٍ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَ) عَنْ (مُتَعَدِّدٍ جَمْعًا كَالْحَرَامِ الْمُخَيَّرِ) نَحْوُ لَا تَفْعَلْ هَذَا أَوْ ذَاكَ فَعَلَيْهِ تَرْكُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَلَا مُخَالَفَةَ إلَّا بِفِعْلِهِمَا فَالْمُحَرَّمُ جَمْعُهُمَا لَا فِعْلُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ (وَفُرِّقَا كَالنَّعْلَيْنِ تُلْبَسَانِ أَوْ تُنْزَعَانِ وَلَا يُفْرَقُ) بَيْنَهُمَا بِلُبْسِ أَوْ نَزْعِ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا» فَيَصْدُقُ أَنَّهُمَا

ــ

[حاشية العطار]

يُقَالُ إنَّ هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي النَّهْيِ عُلُوٌّ وَلَا اسْتِعْلَاءٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ عَاقِبَةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَاتِ الصِّيغَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِمَّا اقْتَرَنَ بِهَا (قَوْلُهُ: وَالتَّقْلِيلِ وَالِاحْتِقَارِ) الْأَوَّلُ يَرْجِعُ لِلْكَمِّ وَالثَّانِي لِلْكَيْفِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الِاحْتِقَارِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا سَلَكَهُ أَنَّهُ جَعَلَ التَّقْلِيلَ وَالِاحْتِقَارَ شَيْئًا وَاحِدًا بِنَاءً عَلَى تَلَازُمِهِمَا غَالِبًا لَكِنَّ شَيْخَهُ الْبِرْمَاوِيَّ غَايَرَ بَيْنَهُمَا فَجَعَلَ التَّقْلِيلَ مُتَعَلِّقًا بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَمَثَّلَ لَهُ بِالْآيَةِ وَجَعَلَ الِاحْتِقَارَ مُتَعَلِّقًا بِالْمَنْهِيِّ وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ} [التوبة: 66] احْتِقَارًا لَهُمْ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ يَجْعَلُهُمَا وَاحِدًا وَيُمَثِّلُ لَهُمَا بِالْآيَةِ كالأردبيلي وَشَيْخِنَا الْبَدْرِ الزَّرْكَشِيّ فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالشَّارِحُ مَثَّلَ بِ {لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} [التحريم: 7] لِلْيَأْسِ فَإِمَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ} [التوبة: 66] أَوْ يُقَالَ يُمْكِنُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ لِكُلٍّ مَا يُنَاسِبُهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا بِالذَّاتِ مَعَ أَنَّ الْبِرْمَاوِيَّ تَرَكَ الْيَأْسَ مِنْ أَلْفِيَّتِهِ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ مَعَ زِيَادَةٍ فِي شَرْحِهَا وَمَثَّلَ لَهُ بِلَا تَعْتَذِرُوا ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ رَاجِعٌ لِلِاحْتِقَارِ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذُ مِنْ الْبُرْهَانِ) جَزَمَ بِذَلِكَ لِمُسْتَنَدٍ عِنْدَهُ وَإِلَّا فَجَازَ أَنْ يَكُونَ نُقِلَ عَنْ غَيْرِ الْبُرْهَانِ.

(قَوْلُهُ: سَبْقُ قَلَمٍ) لِأَنَّ الَّذِي فِي الْبُرْهَانِ التَّقْلِيلُ بِالْقَافِ فَرَسَمَهُ هُوَ بِالْعَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَالْيَأْسِ) أَيْ إيقَاعُ الْيَأْسِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْإِيَاسِ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْإِرَادَةِ وَالتَّحْرِيمِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمَا تَقَدَّمَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ أَيْ وَفِي اشْتِرَاطِ الْإِرَادَةِ بِلَفْظِ النَّهْيِ وَدَلَالَةُ النَّهْيِ عَلَى التَّحْرِيمِ فَأَشَارَ بِالْأَوَّلِ إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَمْرِ بِقَوْلِهِ وَاعْتَبَرَ أَبُو عَلِيٍّ وَابْنُهُ إرَادَةَ الدَّلَالَةِ بِاللَّفْظِ عَلَى الطَّلَبِ وَإِلَى الثَّانِي إلَى مَا ذَكَرَهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ: وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ) أَيْ لُغَةً أَوْ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا كَمَا مَرَّ فِي الْأَمْرِ وَعَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ فَهِيَ حَقِيقَةُ فِي الطَّلَبِ الْجَازِمِ لُغَةً وَفِي التَّوَعُّدِ عَلَى الْفِعْلِ شَرْعًا ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ جَمِيعَ الْأَقْوَالِ السَّابِقَةِ فِي الْأَمْرِ إذْ مِنْهَا أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ مَا تَقَدَّمَ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ

(قَوْلُهُ: جَمْعًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ أَيْ عَنْ جَمْعٍ مُتَعَدِّدٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَفُرِّقَا أَيْ وَقَدْ يَكُونُ النَّهْيُ عَنْ تَفْرِيقِ الْمُتَعَدِّدِ.

(قَوْلُهُ: كَالْحَرَامِ الْمُخَيَّرِ) أَيْ الْمُخَيَّرِ فِي أَفْرَادِهِ فَيَخْرُجُ بِتَرْكِ وَاحِدٍ مِنْهَا عَنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِفِعْلِهِمَا) إلَّا أَنْ تَقُومَ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ نَحْوِ {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24](قَوْلُهُ: تُلْبَسَانِ إلَخْ) اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ الْجَائِزِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُفْرَقُ بِالتَّخْفِيفِ) لِأَنَّهُ مِنْ التَّفْرِيقِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْأَجْسَامِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ حَيْثُ اللُّبْسُ وَعَدَمُهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ لُبْسُ أَحَدِهِمَا أَوْ نَزْعُهُ.

قَوْلُهُ «لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ» فِيهِ اكْتِفَاءٌ وَالتَّقْدِيرُ وَلَا يَنْزِعُ نَعْلًا حَتَّى يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ مُتَعَدِّدٍ إذْ النَّعْلُ الْوَاحِدَةُ لَا تَعَدُّدَ فِيهَا وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ صَارَ مُتَعَدِّدًا مَعْنًى وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ التَّفْرِيقِ (قَوْلُهُ: لِيُنْعِلْهُمَا إلَخْ) هَذَا هُوَ مَحَلُّ الْأَخْذِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ

ص: 498

مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا لُبْسًا أَوْ نَزْعًا مِنْ جِهَةِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ لَا الْجَمْعِ فِيهِ (وَجَمِيعًا كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَيَصْدُقُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمَا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ مُتَعَدِّدٍ وَإِنْ كَانَ يَصْدُقُ النَّظَرُ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ.

(وَمُطْلَقُ نَهْيِ التَّحْرِيمِ) الْمُسْتَفَادُ مِنْ اللَّفْظِ (وَكَذَا التَّنْزِيهُ فِي الْأَظْهَرِ لِلْفَسَادِ) أَيْ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ إذَا وَقَعَ (شَرْعًا) إذْ لَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الشَّرْعِ (وَقِيلَ لُغَةً) لِفَهْمِ أَهْلِ اللُّغَةِ ذَلِكَ مِنْ مُجَرَّدِ اللَّفْظِ (وَقِيلَ مَعْنًى) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يُنْهَى عَنْهُ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى مَا يَقْتَضِي فَسَادَهُ (فِيمَا عَدَا الْمُعَامَلَاتِ) مِنْ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَهُ ثَمَرَةٌ كَصَلَاةِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَلَا تَصِحُّ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَكَذَا التَّنْزِيهُ فِي الصَّحِيحِ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ هُنَا فِي جُمْلَةِ الشُّمُولِ بِالْأَظْهَرِ وَكَالْوَطْءِ زِنًا فَلَا يُثْبِتُ النَّسَبَ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ رَجَعَ النَّهْيُ

ــ

[حاشية العطار]

فَصَحَّ قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ.

(قَوْلُهُ: لَا الْجَمْعِ فِيهِ) عَطْفٌ عَلَى الْفَرْقِ وَضَمِيرُ فِيهِ يَعُودُ لِلُّبْسِ وَالنَّزْعِ.

(قَوْلُهُ: وَجَمِيعًا) أَيْ وَقَدْ يَكُونُ النَّهْيُ عَنْ مُتَعَدِّدِ جَمِيعًا سَوَاءٌ نَظَرَ لِكُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ أَوْ لَهُ مَعَ الْآخَرِ.

(قَوْلُهُ: فَيَصْدُقُ بِالنَّظَرِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةَ مَنْهِيٌّ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ فَأَيْنَ النَّهْيُ عَنْهُمَا جَمِيعًا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ النَّهْيَ لَمَّا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ نُظِرَ إلَيْهِمَا صَدَقَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ مُتَعَدِّدٍ وَإِنْ نُظِرَ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ صَدَقَ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ: وَمُطْلَقُ نَهْيِ التَّحْرِيمِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادٍ أَوْ صِحَّةٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَفَادِ) بِالْجَرِّ نَعْتٌ لِنَهْيِ التَّحْرِيمِ وَبِالرَّفْعِ نَعْتٌ لِمُطْلَقٍ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا التَّنْزِيهُ) أَيْ وَكَذَا مُطْلَقُ نَهْيِ التَّنْزِيهِ وَالتَّنْزِيهُ يُسْتَفَادُ مِنْ صِيغَةِ لَا تَفْعَلْ بِوَاسِطَةِ قَرِينَةٍ صَارِفَةٍ لَهُ عَنْ الْحَقِيقَةِ وَوَجْهُ اقْتِضَائِهِ الْفَسَادَ أَنَّ الْمَكْرُوهَ مَطْلُوبُ التَّرْكِ وَالْمَأْمُورَ بِهِ مَطْلُوبُ الْفِعْلِ شَرْعًا فَيَتَنَافَيَانِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ) فَسَّرَ الْفَسَادَ بِلَازِمِ تَفْسِيرِهِ السَّابِقِ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ وَهُوَ مُخَالَفَةُ الْفِعْلِ ذِي الْوَجْهَيْنِ وُقُوعًا الشَّرْعَ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْفَسَادِ اهـ. زَكَرِيَّا

(قَوْلُهُ: لِفَهْمِ أَهْلِ اللُّغَةِ ذَلِكَ) الْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ يَمْنَعُهُ بِأَنَّ مَعْنَى صِيغَةِ النَّهْيِ لُغَةً إنَّمَا هُوَ الزَّجْرُ عَنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا سَلْبُ أَحْكَامِهِ وَآثَارِهِ اهـ. زَكَرِيَّا لَا يُقَالُ إنَّ اللُّغَةَ لَيْسَ لَهَا بَحْثٌ فِي النَّهْيِ النَّفْسِيِّ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ لَمَّا كَانَ مَدْلُولُ اللَّفْظِيِّ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدًا وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مَعْنًى) أَيْ عَقْلًا يَعْنِي بِحَسَبِ الْمَعْنَى الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ وَيُحْكَمُ بِوَاسِطَتِهِ فَرَجَعَ إلَى أَنَّ الْفَسَادَ بِالْعَقْلِ.

(قَوْلُهُ: إذَا اشْتَمَلَ عَلَى مَا يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ وَإِذَا وُجِدَ مُقْتَضَى الْفَسَادِ لَزِمَ ثُبُوتُ الْفَسَادِ وَهُوَ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا) كَالْإِيقَاعَاتِ مِنْ وَقْفٍ وَهِبَةٍ وَالْوَطْءِ زِنًا.

(قَوْلُهُ: مِمَّا لَهُ ثَمَرَةٌ) بَيَانُ الْغَيْرِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَك أَنْ تَقُولَ مَا فَائِدَتُهُ إذْ كُلُّ مَا نَهَى عَنْهُ لَهُ ثَمَرَةٌ اهـ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَرَةِ شَيْءٌ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَيَمْتَنِعُ حُصُولُهُ مِنْهُ كَالْوَطْءِ حَيْثُ يُقْصَدُ بِهِ حُصُولُ النَّسَبِ فَيَنْتَفِي حُصُولُ ذَلِكَ مِنْ الْوَطْءِ زِنًا وَهَذَا غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ وَنَحْوِ الْقَتْلِ فَمِثْلُ هَذِهِ لَا ثَمَرَةَ لَهَا إذْ لَمْ يُقْصَدْ مَعَهَا مَعْنًى يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: النَّفَلُ الْمُطْلَقُ) أَيْ غَيْرُ الْمُقَيَّدِ بِسَبَبٍ.

(قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مُطْلَقِ الْأَمْرِ لَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا التَّنْزِيهِ) كَذَا حَالٌ وَالتَّنْزِيهِ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى التَّحْرِيمِ أَيْ وَالتَّنْزِيهُ لِلْفَسَادِ حَالَةَ كَوْنِهِ كَذَا فِي الْأَظْهَرِ لَكِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْحَالِ عَلَى صَاحِبِهَا فَالْأَوْلَى الرَّفْعُ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا أَيْ وَكَالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ حَاقِبًا أَوْ حَاقِنًا أَوْ حَافِرًا فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ هُوَ شَامِلٌ لَهُ مُطْلَقُ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْفَسَادِ وَعَدَمِهِ فَمُطْلَقُ نَهْيِ التَّنْزِيهِ يَشْمَلُ أَفْرَادًا كَثِيرَةً مِنْ جُمْلَتِهَا مَا ذَكَرَ وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ فِيهَا لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ.

(قَوْلُهُ: فِي الصَّحِيحِ) مُرَادُهُ بِهِ اقْتِضَاءُ الْفَسَادِ لَا أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ فَإِنَّ مُعْتَمَدَ مَذْهَبِنَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: الشُّمُولِ) أَيْ شُمُولِ مُطْلَقِ نَهْيِ التَّنْزِيهِ لِجَمِيعِ الْأَفْرَادِ.

(قَوْلُهُ: وَكَالْوَطْءِ زِنًا) مِثَالٌ لِغَيْرِ الْعِبَادَاتِ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَا عَدَا الْمُعَامَلَاتِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ سَوَاءٌ رَجَعَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا فُسِّرَ الْإِطْلَاقُ بِهَذَا كَانَ لَا فَرْقَ

ص: 499

فِيمَا ذُكِرَ إلَى نَفْسِهِ كَصَلَاةِ الْحَائِضِ وَصَوْمِهَا أَوْ لَازِمِهِ كَصَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ لِلْإِعْرَاضِ بِهِ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَقَدَّمَ وَكَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ لِفَسَادِ الْأَوْقَاتِ اللَّازِمَةِ لَهَا بِفِعْلِهَا فِيهَا.

(وَفِيهَا) أَيْ فِي الْمُعَامَلَاتِ (إنْ رَجَعَ) النَّهْيُ إلَى أَمْرٍ دَاخِلٍ فِيهَا كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ أَيْ مَا فِي الْبُطُونِ مِنْ الْأَجِنَّةِ لِانْعِدَامِ الْمَبِيعِ وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ الْمَبِيعِ (قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ اُحْتُمِلَ رُجُوعَهُ إلَى أَمْرٍ دَاخِلٍ) فِيهَا تَغْلِيبًا لَهُ عَلَى الْخَارِجِ (أَوْ) رَجَعَ إلَى أَمْرٍ (لَازِمٍ) كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ اللَّازِمَةِ

ــ

[حاشية العطار]

بَيْنَ الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا وَسَاوَى الْإِطْلَاقُ التَّفْصِيلَ الْآتِي فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالدَّاخِلِ مَا كَانَ دَاخِلًا فِي نَفْسِهِ بِأَنْ كَانَ جُزْءًا مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لِلْمُغَايِرَةِ بَيْنَهُمَا.

وَأَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا فَصَلَ الْمُعَامَلَاتِ لِمُخَالَفَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْآتِيَةِ وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْإِفْرَازَ وَأَيْضًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَكَى الْكَلَامَ مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَكَتُوا عَمَّا شَكَّ فِيهِ أَدَاخِلٌ أَوْ خَارِجٌ وَلَمْ يَقْصِرْ الْكَلَامَ عَلَى الْمُعَامَلَاتِ فَفَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَيْرِ الصَّوَابِ ثُمَّ إنَّ مَعْنَى رُجُوعِ الشَّيْءِ إلَى كَذَا إفَادَةُ الْعِلِّيَّةِ فَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عِلَّةٌ انْتَهَى. فَإِذَا قُلْنَا رَجَعَ النَّهْيُ إلَى النَّفْسِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّفْسَ عِلَّةُ النَّهْيِ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ مَا يَشْمَلُ الْجُزْءَ وَبِاللَّازِمِ اللَّازِمُ الْمُسَاوِي وَأَمَّا اللَّازِمُ الْأَعَمُّ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مَا عَدَا الْمُعَامَلَاتِ وَفِيهَا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ: كَصَلَاةِ الْحَائِضِ) أَيْ إنَّ ذَاتَ هَذِهِ الصَّلَاةِ اقْتَضَتْ الْحُرْمَةَ فَالنَّهْيُ عَنْهَا لِنَقْصِهَا أَيْ أَوْ جُزْأَيْهَا كَصَلَاةٍ بِدُونِ رُكُوعٍ (قَوْلُهُ: أَمْ لَازِمِهِ) أَيْ الْمُسَاوِي فَإِنَّ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْإِعْرَاضِ وَالْإِعْرَاضُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ مَعْنَاهُ أَنْ يَقْهَرَ نَفْسَهُ وَيُمْسِكَهَا بِسَبَبِ الصَّوْمِ فَلَا يُوجَدُ الْإِعْرَاضُ مَعَ الْإِمْسَاكِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ إعْرَاضٌ مَخْصُوصٌ.

(قَوْلُهُ: وَكَالصَّلَاةِ) عَطْفٌ عَلَى كَصَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَقَوْلُهُ لِفَسَادِ الْأَوْقَاتِ عِلَّةُ النَّهْيِ عَنْهَا أَيْ لِفَسَادِ الصَّلَاةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَقَوْلُهُ: اللَّازِمَةِ نَعْتُ الْأَوْقَاتِ وَقَوْلُهُ لَهَا أَيْ لِلصَّلَاةِ فَكُلَّمَا وُجِدَتْ الصَّلَاةُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وُجِدَتْ الْأَوْقَاتُ وَكُلَّمَا وُجِدَتْ الْأَوْقَاتُ الْمَكْرُوهَةُ وُجِدَتْ الصَّلَاةُ لِأَنَّ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةَ لَا يُقَالُ لَهَا مَكْرُوهَةٌ بِالصَّلَاةِ فِيهَا لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْوَقْتِ مَكْرُوهًا أَنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ فِيهِ فَإِسْنَادُ الْكَرَاهَةِ إلَى الْوَقْتِ مَجَازِيٌّ (قَوْلُهُ: دَاخِلٌ فِيهَا) أَيْ جُزْءٌ مِنْهَا أَوْ عَيْنُهَا فَفِي التَّعْبِيرِ بِالدُّخُولِ مُسَامَحَةٌ أَوْ فِيهِ تَغْلِيبُ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ فَمِثَالُ الثَّانِي بَيْعُ الْحَصَاةِ وَهُوَ جَعْلُ الْإِصَابَةِ بِهَا بَيْعًا قَائِمًا مَقَامَ الصِّيغَةِ وَمِثَالُ الْأَوَّلِ بَيْعُ الْمَلَاقِيحِ وَأَمَّا اللَّازِمُ فَسَيَأْتِي مِثَالُهُ.

(قَوْلُهُ: لِانْعِدَامِ الْمَبِيعِ) أَيْ عَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَوْجُودٌ احْتِمَالًا وَفِيهِ أَنَّ الِانْعِدَامَ لَيْسَ دَاخِلًا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِرُجُوعِ النَّهْيِ إلَى أَمْرٍ دَاخِلٍ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى مُتَعَلِّقٍ بِهِ وَهَاهُنَا قَدْ رَجَعَ النَّهْيُ إلَى شَيْءٍ مُتَعَلِّقٍ بِالْمَبِيعِ وَهُوَ انْعِدَامُهُ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَ فِي الدَّاخِلِ حَقِيقَةٌ وَأَمَّا الدَّاخِلُ احْتِمَالًا فَقَدْ أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ اُحْتُمِلَ رُجُوعُهُ) عَطْفٌ عَلَى رَجَعَ وَقَوْلُهُ إلَى أَمْرٍ دَاخِلٍ تُنَازِعُهُ رَجَعَ وَرُجُوعُهُ (قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لَهُ عَلَى الْخَارِجِ) أَيْ عَلَى احْتِمَالِ الْخَارِجِ احْتِيَاطًا وَلِمَا فِيهِ مِنْ حَمْلِ لَفْظِ النَّهْيِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ وَمَثَّلُوا ذَلِكَ بِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ النَّهْيَ لِأَمْرٍ دَاخِلٍ إنْ كَانَ الرُّكْنُ هُوَ الْمَبِيعَ الْمَقْبُوضَ فَإِذَا انْعَدَمَ صَارَ النَّهْيُ لِأَمْرٍ دَاخِلٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ إنْ كَانَ الرُّكْنُ ذَاتَ الْمَبِيعِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ رَجَعَ إلَى أَمْرٍ لَازِمٍ إلَخْ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَوْ رَجَعَ إلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ قَبْلَ كَلَامِهِ أَيْ إنْ رَجَعَ إلَى أَمْرٍ دَاخِلٍ فِيهَا أَوْ لَازِمٍ لَهَا وَحِينَئِذٍ فَذِكْرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقَ فِيمَا تَقَدَّمَ لَا مَعْنَى لَهُ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ: كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ دِرْهَمٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الدِّرْهَمَانِ فَالزَّائِدُ جُزْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ فَهُوَ لِأَمْرٍ دَاخِلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الدِّرْهَمَيْنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِمَا صَالِحَانِ لِلْعَقْدِ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا جَاءَ الْفَسَادُ مِنْ حَيْثُ زِيَادَتُهُمَا عَلَى مُقَابِلِهِمَا الَّذِي هُوَ الدِّرْهَمُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا يُقَالُ إنَّ النَّهْيَ لِلزِّيَادَةِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَهُوَ مَعْنًى خَارِجٌ عَنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ

ص: 500

بِالشَّرْطِ (وِفَاقًا لِلْأَكْثَرِ) مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ النَّهْيَ لِلْفَسَادِ فِيمَا ذُكِرَ أَمَّا فِي الْعِبَادَةِ فَلِمُنَافَاةِ النَّهْيِ عَنْهُ لَأَنْ يَكُونَ عِبَادَةً أَيْ مَأْمُورًا بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ لَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ.

وَأَمَّا فِي الْمُعَامَلَةِ فَلِاسْتِدْلَالِ الْأَوَّلِينَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ عَلَى فَسَادِهَا بِالنَّهْيِ عَنْهَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فَظَاهِرٌ.

(وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْإِمَامُ) الرَّازِيّ لِلْفَسَادِ (فِي الْعِبَادَاتِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُعَامَلَاتِ فَفَسَادُهَا بِفَوَاتِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ عُرِفَ مِنْ خَارِجٍ عَنْ النَّهْيِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ اسْتَدَلُّوا بِمُجَرَّدِ النَّهْيِ عَلَى فَسَادِهَا وَدُونَ غَيْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَفَسَادُهُ مِنْ خَارِجٍ أَيْضًا (فَإِنْ كَانَ) مُطْلَقُ النَّهْيِ (لِخَارِجٍ) عَنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَيْ غَيْرِ لَازِمٍ لَهُ (كَالْوُضُوءِ بِمَغْصُوبٍ) لِإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ الْحَاصِلِ بِغَيْرِ الْوُضُوءِ أَيْضًا وَكَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ لِتَفْوِيتِهَا الْحَاصِلِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ أَيْضًا وَكَالصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الْمَكْرُوهِ أَوْ الْمَغْصُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ (لَمْ يُفِدْ) أَيْ الْفَسَادَ (عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي الْحَقِيقَةِ ذَلِكَ الْخَارِجُ.

(وَقَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ) مُطْلَقُ النَّهْيِ (يُفِيدُ) الْفَسَادَ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً لَمْ يَكُنْ لِخَارِجٍ أَوْ كَانَ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ فَيُفِيدُ الْفَسَادَ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ لِلْخَارِجِ عِنْدَهُ قَالَ

ــ

[حاشية العطار]

وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ اللَّازِمَةِ (قَوْلُهُ: بِالشَّرْطِ) أَيْ الْحَاصِلِ بِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ فَالْمُرَادُ الشَّرْطُ الضِّمْنِيُّ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْعِبَادَةِ) أَيْ أَمَّا بَيَانُ اقْتِضَاءِ النَّهْيِ الْفَسَادَ فِي الْعِبَادَاتِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: فَلِمُنَافَاةِ النَّهْيِ) أَيْ النَّهْيِ الْمَعْهُودِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ لِدَاخِلٍ أَوْ لَازِمٍ.

(قَوْلُهُ: الْأَوَّلِينَ) بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالْمُرَادُ بِهِمْ السَّلَفُ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ.

(قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) أَيْ ظَاهِرٌ فَسَادُهُ لِعَدَمِ تَرَتُّبِ أَثَرِهِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ (قَوْلُهُ: فَفَسَادُهَا) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ عُرِفَ وَقَوْلُهُ بِفَوَاتِ رُكْنٍ أَيْ كَانْعِدَامِ الْمَبِيعِ فِي بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ شَرْطٍ كَانْعِدَامِ طَهَارَةِ الْمَبِيعِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا نُسَلِّمُ إلَخْ) هَذَا عَلَى لِسَانِ الْغَزَالِيِّ وَالْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ النَّهْيِ) أَيْ بَلْ مَعَ مُقْتَضَى الْفَسَادِ وَهُوَ رُجُوعُ النَّهْيِ إلَى دَاخِلٍ أَوْ خَارِجٍ لَازِمٍ.

(قَوْلُهُ: وَدُونَ غَيْرِهَا) عَطْفٌ عَلَى دُونَ الْمُعَامَلَاتِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُطْلَقُ النَّهْيِ إلَخْ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ مُطْلَقًا فِيمَا عَدَا الْمُعَامَلَاتِ وَقَوْلُهُ لِخَارِجٍ أَيْ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّمْثِيلُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ وَكَالصَّلَاةِ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ وَكَالْبَيْعِ إلَخْ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْعِبَادَةِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ لَازِمٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَارِجِ مَا لَيْسَ بِدَاخِلٍ وَلَا لَازِمٍ بِقَرِينَةِ جَعْلِهِ قَسِيمًا لَهُمَا وَالْمُرَادُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْخَارِجُ غَيْرَ لَازِمٍ أَصْلًا أَوْ لَازِمًا أَعَمَّ وَقَدْ مَثَّلَ الشَّارِحُ لِلِاثْنَيْنِ.

(قَوْلُهُ: الْحَاصِلِ بِغَيْرِ الْوُضُوءِ أَيْضًا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاللُّزُومِ الْمَنْفِيِّ اللُّزُومُ الْمُسَاوِي فَلَا يُنَافِي أَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ لَازِمٌ لِلْوُضُوءِ لَكِنَّهُ أَعَمُّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِقَوْلِ الْكَمَالِ بِعَدَمِ التَّلَازُمِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِوُجُودِ الْوُضُوءِ بِدُونِ إتْلَافِ الْمَالِ فَإِنَّ النَّهْيَ لَيْسَ عَنْ مُطْلَقِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَكَانِ الْمَكْرُوهِ) كَالْحَمَّامِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ.

(قَوْلُهُ: لَانَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ إلَخْ) أَيْ فَالصَّلَاةُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا ذَلِكَ النَّهْيُ وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَجْرِي فِي اللَّازِمِ الْمُسَاوِي فَإِنَّهُ خَارِجٌ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْفَكَّ عَنْ الْمَلْزُومِ كَانَ طَلَبُ تَرْكِهِ طَلَبًا لِتَرْكِ ذَلِكَ الْمَلْزُومِ إذْ لَا يَتَأَتَّى تَرْكُهُ بِدُونِهِ بِخِلَافِ الْخَارِجِ الْغَيْرِ اللَّازِمِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يُوجَدُ بِدُونِ الْمَلْزُومِ الْمَخْصُوصِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَمْ يَكُنْ طَلَبُ تَرْكِهِ طَلَبًا لِتَرْكِ الْمَلْزُومِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالنَّظَرِ لِذَلِكَ الْمَلْزُومِ الْخَاصِّ فَكَانَ النَّظَرُ إلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ سَوَاءٌ) أَيْ فِي الْكَفِّ وَالْفَسَادِ لَمْ يَكُنْ إلَخْ السِّرُّ فِي تَقْدِيمِ النَّفْيِ هُنَا وَتَأْخِيرِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْآتِي تَقْدِيمًا لِلْأَقْوَى لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ بِعَدَمِ الْفَسَادِ أَصْلًا وَالْعَدَمُ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ لِلْخَارِجِ لَا بِالدَّاخِلِ وَأَحْمَدُ قَالَ بِالْفَسَادِ وَهُوَ أَوْلَى بِالدَّاخِلِ وَاللَّازِمِ لَا بِالْخَارِجِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا كَانَ ظَاهِرًا يُجْعَلُ أَوَّلًا وَإِلَّا خَفِيَ ثَانِيًا لِأَنَّهُ كَالْمُبَالَغِ عَلَيْهِ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ أَنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْله تَعَالَى {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6] فَإِنَّ عَدَمَ إيمَانِهِمْ عَلَى عَدَمِ إنْذَارِهِمْ أَظْهَرُ.

(قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الْوُضُوءُ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ وَالْبَيْعُ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَالصَّلَاةُ فِي الْمَكَانِ الْمَكْرُوهِ أَوْ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: لِلْخَارِجِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ عِنْدَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْفَسَادِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الْإِمَامُ

ص: 501

(وَلَفْظُهُ حَقِيقَةٌ وَإِنْ انْتَفَى الْفَسَادُ لِدَلِيلٍ) كَمَا فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ لِلْأَمْرِ بِمُرَاجَعَتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ جَمِيعِ مُوجِبِهِ مِنْ الْكَفِّ وَالْفَسَادِ فَهُوَ كَالْعَامِّ الَّذِي خُصَّ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيمَا بَقِيَ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَ) قَالَ (أَبُو حَنِيفَةَ) مُطْلَقُ النَّهْيِ (لَا يُفِيدُ) الْفَسَادَ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ لِخَارِجٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ

ــ

[حاشية العطار]

(قَوْلُهُ: أَحْمَدُ وَلَفْظُهُ حَقِيقَةٌ) فِيهِ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي بَعْضِ مُوجِبِهِ وَهُوَ لَيْسَ مَعْنَاهُ الْمَوْضُوعَ لَهُ فَيَكُونُ مَجَازًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ قَاصِرَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فَتَذَكَّرْ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ) فَإِنَّ الْأَمْرَ بِمُرَاجَعَتِهَا دَلَّ عَلَى انْتِفَاءِ الْفَسَادِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي حَالِ الْحَيْضِ فَهَذَا النَّهْيُ الْخَاصُّ لَا يُخْرِجُ النَّهْيَ الْمُطْلَقَ عَنْ كَوْنِهِ بَاقِيًا عَلَى حَقِيقَتِهِ.

(قَوْلُهُ: عَنْ جَمِيعِ مُوجِبِهِ) أَيْ مُقْتَضَاهُ وَمَدْلُولُهُ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْعَامِّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْبَاقِيَ فِي الْعَامِّ جُزْئِيٌّ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ وَالْبَاقِي هُنَا جُزْءٌ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْكُلُّ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمُرَكَّبِ تَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ بَعْضِ الْأَجْزَاءِ وَأَيْضًا الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ مُسْتَعْمَلٌ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهِ غَيْرَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَشْمَلُهَا كُلَّهَا فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي جَمِيعِ مَعْنَاهُ غَايَتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ شَامِلٍ لِلْجَمِيعِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً وَهُنَا قَدْ اُسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ فِي بَعْضِ مَعْنَاهُ وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّا نَجْعَلُهُ مِثْلَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ بِأَنْ نَقُولَ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْكَفِّ وَفِي الْفَسَادِ إلَّا أَنَّ الدَّلِيلَ أَخْرَجَهُ حُكْمًا لَا تَنَاوُلًا وَعَنْ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ كُلًّا انْدَرَجَ تَحْتَهُ شَيْءٌ فَالْعَامُّ يَنْدَرِجُ فِيهِ جُزْئِيَّاتُهُ وَالْكُلُّ تَنْدَرِجُ فِيهِ أَجْزَاؤُهُ وَبِهِ صَحَّ التَّنْظِيرُ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ إطْلَاقُ النَّقْلِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَيْسَ بِجَيِّدٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْعِبَادَاتِ وَبَعْضِ الْعُقُودِ خَاصَّةً كَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ وَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ وَإِلَّا فَهُوَ مُوَافِقٌ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ وَفِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَإِرْسَالِ الثَّلَاثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ نَعَمْ إذَا قُلْنَا فِي هَذَا النَّوْعِ إنَّهُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ كَمَا يَقُولُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.

فَقَامَ الدَّلِيلُ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ هَلْ يَكُونُ اللَّفْظُ بَاقِيًا عَلَى حَقِيقَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ جَمِيعِ مُوجِبِهِ فَيَصِيرُ كَالْعَامِّ الَّذِي خَرَجَ بَعْضُهُ فَإِنَّهُ يَبْقَى حَقِيقَةً فِيمَا بَقِيَ عَلَى الْمُرَجَّحِ أَوْ يَبْقَى مَجَازًا لِخُرُوجِهِ عَمَّا يَقْتَضِيهِ فِي الْأَصْلِ فِيهِ خِلَافٌ حَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ النَّهْيِ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ بِصِيغَتِهِ أَمَّا إذَا قُلْنَا يَدُلُّ عَلَيْهِ شَرْعًا أَوْ مَعْنًى فَلَيْسَ فِيهِ إخْرَاجُ بَعْضِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَلَعَلَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هِيَ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ لُغَةً أَوْ شَرْعًا أَوْ مَعْنًى اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَخْ) حَاصِلُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ عِنْدَهُ

ص: 502

لِمَا سَيَأْتِي فِي إفَادَتِهِ الصِّحَّةَ قَالَ (نَعَمْ الْمَنْهِيُّ) عَنْهُ (لِعَيْنِهِ) كَصَلَاةِ الْحَائِضِ وَبَيْعِ الْمَلَاقِيحِ (غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَفَسَادُهُ عَرَضِيٌّ) أَيْ عَرَضَ لِلنَّهْيِ حَيْثُ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ الْمَشْرُوعِ مَجَازًا عَنْ النَّفْيِ الَّذِي الْأَصْلُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِيهِ إخْبَارًا عَنْ عَدَمِهِ لِانْعِدَامِ مَحِلِّهِ هَذَا فِيمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْمَشْرُوعِ أَمَّا غَيْرُهُ كَالزِّنَا بِالزَّايِ فَالنَّهْيُ فِيهِ عَلَى حَالِهِ وَفَسَادُهُ مِنْ خَارِجٍ.

(ثُمَّ قَالَ وَالْمَنْهِيُّ) عَنْهُ (لِوَصْفِهِ) كَصَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ لِلْإِعْرَاضِ بِهِ عَنْ الضِّيَافَةِ وَبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ (يُفِيدُ) النَّهْيُ فِيهِ (الصِّحَّةَ) لَهُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ يَسْتَدْعِي إمْكَانَ وُجُودِهِ وَإِلَّا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ لَغْوًا كَقَوْلِك لِلْأَعْمَى لَا تُبْصِرْ فَيَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ عَنْ نَذْرِهِ

ــ

[حاشية العطار]

لَا يُفِيدُ بِالْوَضْعِ فَسَادًا بَلْ يُفِيدُ الصِّحَّةَ إنْ رَجَعَ إلَى وَصْفِهِ وَلَا يُفِيدُ صِحَّةً وَلَا فَسَادًا لِذَاتِهِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَفَسَادُهُ عَرَضِيٌّ إنْ رَجَعَ إلَى غَيْرِ وَصْفِهِ.

(قَوْلُهُ: لِمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ يَسْتَدْعِي إمْكَانَ وُجُودِهِ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمَنْهِيُّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ إنَّ النَّهْيَ لَا يُفِيدُ الْفَسَادَ مَعَ أَنَّهُ قَائِلٌ بِالْفَسَادِ فِي صَلَاةِ الْحَائِضِ وَبَيْعِ الْمَلَاقِيحِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُمَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْفَسَادَ لَيْسَ مِنْ النَّهْيِ بَلْ عَرَضَ لِلنَّهْيِ حَيْثُ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا عَنْ النَّفْيِ فَقَوْلُنَا لَا تُصَلِّ الْحَائِضُ بِمَعْنَى لَا صَلَاةَ لِحَائِضٍ فَيَكُونُ النَّهْيُ مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ وَهُوَ النَّفْيُ وَبِهَذَا خَرَجَ عَنْ حَقِيقَتِهِ.

(قَوْلُهُ: لَعَيْنِهِ) أَيْ لِذَاتِهِ أَوْ لِجُزْئِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ اُسْتُعْمِلَ) أَيْ النَّهْيُ بِمَعْنَى صِيغَتِهِ.

(قَوْلُهُ: مَجَازًا) بِعَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مُقْتَضٍ لِعَدَمِ الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ اقْتِضَاءُ النَّهْيِ الْعَدَمَ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ وَاقْتِضَاءُ النَّفْيِ الْعَدَمَ مِنْ الْأَصْلِ هَكَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ يَكُونُ أَخَصَّ أَوْصَافِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: إخْبَارًا) عِلَّةٌ لَاسْتُعْمِلَ إنْ جُعِلَ مَفْعُولًا لَهُ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْإِخْبَارِ إنْ كَانَ تَمْيِيزًا (قَوْلُهُ: لِانْعِدَامِ مَحِلِّهِ) فَمَحِلُّ الصَّلَاةِ الْمُصَلَّى الطَّاهِرُ وَمَحِلُّ الْبَيْعِ الْمَبِيعُ الْمَوْجُودُ وَالْمُرَادُ الِانْعِدَامُ الشَّرْعِيُّ لَا الْحِسِّيُّ.

(قَوْلُهُ: بِالزَّايِ) احْتِرَازٌ عَنْ الرِّبَا بِالرَّاءِ فَإِنَّ مِنْهُ مَا هُوَ مَشْرُوعٌ وَهُوَ الْعَقْدُ وَلَمْ يُجْعَلْ الزِّنَا مِمَّا هُوَ مَشْرُوعٌ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى حَالِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ مَجَازٍ.

(قَوْلُهُ: يُفِيدُ الصِّحَّةَ لَهُ) أَيْ لِلْمَنْفِيِّ عَنْهُ بِدُونِ وَصْفِهِ لَا مَعَ وَصْفِهِ فَإِنَّهُ مَعَ وَصْفِهِ فَاسِدٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَضُدُ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ) أَيْ الْبَاقِي عَلَى حَقِيقَتِهِ فَلَا يَرِدُ النَّهْيُ لِدَاخِلٍ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بِمَعْنَى النَّفْيِ.

(قَوْلُهُ: يَسْتَدْعِي إمْكَانَ وُجُودِهِ) أَيْ شَرْعًا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَكَانَ النَّهْيُ عَنْهُ لَغْوًا) لِأَنَّهُ مَنْعٌ لِلْمُمْتَنِعِ وَمَنْعُ الْمُمْتَنِعِ عَبَثٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ بِهَذَا الْمَنْعِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ مَنْعُ الْمُمْتَنِعِ بِغَيْرِ هَذَا الْمَنْعِ كَالْحَاصِلِ يَمْتَنِعُ تَحْصِيلُهُ إذَا كَانَ حَاصِلًا بِغَيْرِ هَذَا التَّحْصِيلِ.

(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ)

ص: 503

كَمَا تَقَدَّمَ لَا مُطْلَقًا لِفَسَادِهِ بِوَصْفِهِ اللَّازِمِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَتَصِحُّ مُطْلَقًا لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لِخَارِجٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ إذَا أُسْقِطَتْ الزِّيَادَةُ لَا مُطْلَقًا لِفَسَادِهِ بِهَا وَإِنْ كَانَ يُفِيدُ بِالْقَبْضِ الْمِلْكَ الْخَبِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِمُطْلَقِ النَّهْيِ عَنْ الْمُقَيَّدِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ أَوْ عَدَمِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ فِي ذَلِكَ اتِّفَاقًا (وَقِيلَ إنْ نَفَى عَنْهُ الْقَبُولَ) أَيْ نَفْيُهُ عَنْ الشَّيْءِ يُفِيدُ الصِّحَّةَ لَهُ لِظُهُورِ النَّفْيِ فِي عَدَمِ الثَّوَابِ دُونَ الِاعْتِدَادِ

ــ

[حاشية العطار]

تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ يُفِيدُ الصِّحَّةَ وَقَوْلِهِ عَنْ نَذْرِهِ أَيْ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ لِأَنَّ النَّذْرَ أَخْرَجَهُ عَنْ وَصْفِهِ وَهُوَ الْإِعْرَاضُ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَنُظِرَ لِمُجَرَّدِ الْعِبَادَةِ.

(قَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا) أَيْ لَا مِنْ مُطْلَقِ النَّذْرِ فِيمَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقًا عَنْ النَّذْرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ عِنْدَهُمْ تَطَوُّعًا وَإِنْ كَانَ يَأْثَمُ بِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ فَيَصِحُّ وَبَيْنَ مَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ الْتَزَمَهُ نَاقِصًا فَجَازَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَدَّى النَّاقِصُ عَنْ الْكَامِلِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْحَوَاشِي هُنَا فَتَبَصَّرْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لِخَارِجٍ) فِيهِ أَنَّهُ لَازِمٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَصَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَالْجَوَابُ مَا أَفَادَهُ مِنْ التَّلْوِيحِ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا وَهُوَ أَنَّ الْوَقْتَ لِلصَّوْمِ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ اللَّازِمِ لِكَوْنِهِ مِعْيَارًا لَهُ وَلِلصَّلَاةِ مِنْ قَبِيلِ الْمُجَاوِرِ لِكَوْنِهِ ظَرْفًا لَهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ يُفِيدُ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمُفِيدَ لِلِاعْتِدَادِ هُوَ الْقَبْضُ لِلْمَبِيعِ فَلَا يُقَالُ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَمَعْنَى كَوْنِ الْمِلْكِ خَبِيثًا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ فَيَجِبُ فَسْخُهُ وَرَأَيْت مَنْقُولًا عَنْ بَعْضِ أَفَاضِلِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ سَقَطَتْ الزِّيَادَةُ وَنَقَلَهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ نَفِيهِ) حَوَّلَ الْعِبَارَةَ لِأَنَّ هَذَا بَحْثٌ مُسْتَقِلٌّ غَيْرُ مُرْتَبِطٍ بِالنَّهْيِ لِأَنَّهُ فِي النَّفْيِ فَكَانَ الْأَوْلَى بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِمَا يُفِيدُهُ كَأَنْ يَقُولَ أَمَّا نَفْيُ الْقَبُولِ فَقِيلَ دَلِيلُ الصِّحَّةِ وَقِيلَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِظُهُورِ النَّفْيِ) أَيْ نَفْيِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ الثَّوَابِ) وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الثَّوَابِ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ.

(قَوْلُهُ: دُونَ الِاعْتِدَادِ) كَمَا حُمِلَ عَلَيْهِ حَدِيثُ «مَنْ أَتَى

ص: 504