المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة حصول الشرط الشرعي ليس شرطا في صحة التكليف بمشروطه] - حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع - جـ ١

[حسن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدَّمَة الْكِتَاب]

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ]

- ‌[تَعْرِيفِ الْأُصُولِيّ]

- ‌ تَعْرِيفِ الْفِقْهِ

- ‌[تَعْرِيف الْفَرْض وَالْوَاجِب]

- ‌[تَعْرِيفِ الْمَنْدُوبُ وَالْمُسْتَحَبُّ وَالتَّطَوُّعُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[تَعْرِيفِ السَّبَب]

- ‌[تَعْرِيفِ الْقَضَاء]

- ‌[تَعْرِيفِ الدَّلِيلُ]

- ‌[تَعْرِيف الْعِلْم]

- ‌[تَعْرِيف الْجَهْل]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَائِزُ التَّرْكِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاءَ يُوجِبُ وَاحِدًا مِنْهَا لَا بِعَيْنِهِ]

- ‌[فَرْضِ الْكِفَايَةِ مُهِمٌّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الظُّهْرِ جَوَازًا وَقْتَ الْأَدَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْفِعْلُ الْمَقْدُورُ لِلْمُكَلَّفِ الَّذِي لَا يُوجَدُ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إلَّا بِهِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ مُطْلَقُ الْأَمْرِ) بِمَا بَعْضُ جُزْئِيَّاتِهِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ

- ‌(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ مُطْلَقًا) :

- ‌[مَسْأَلَةُ حُصُولَ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِمَشْرُوطِهِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ) :

- ‌(مَسْأَلَةٌ: يَصِحُّ التَّكْلِيفُ وَيُوجَدُ مَعْلُومًا لِلْمَأْمُورِ آثَرَهُ) :

- ‌(خَاتِمَةٌ الْحُكْمُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرَيْنِ)

- ‌(الْكِتَابُ الْأَوَّلُ) :فِي الْكِتَابِ وَمَبَاحِثِ الْأَقْوَالِ

- ‌(الْمَنْطُوقُ وَالْمَفْهُومُ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْمَفَاهِيمِ) الْمُخَالَفَةُ (إلَّا اللَّقَبَ حُجَّةً لُغَةً)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْغَايَةِ قِيلَ مَنْطُوقٌ) أَيْ بِالْإِشَارَةِ

- ‌[مَسْأَلَةُ إنَّمَا بِالْكَسْرِ قَالَ الْآمِدِيُّ وَأَبُو حَيَّانَ لَا تُفِيدُ الْحَصْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مِنْ الْأَلْطَافِ حُدُوثُ الْمَوْضُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ، وَالْجُمْهُورُ اللُّغَاتُ تَوْقِيفِيَّةٌ) :

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثْبُوت اللُّغَةُ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[وَمَسْأَلَةُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى إنْ اتَّحِدَا]

- ‌(مَسْأَلَةٌ: الِاشْتِقَاقُ) مِنْ حَيْثُ قِيَامُهُ بِالْفِعْلِ:

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُتَرَادِفِ وَاقِعٌ خِلَافًا لِثَعْلَبَ وَابْنِ فَارِسٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ الْمُتَعَدِّدُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكِ يَصِحُّ لُغَةً إطْلَاقُهُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ]

- ‌(الْحَقِيقَةُ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعَ) لَهُ ابْتِدَاءً

- ‌الْمَجَازُ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْمُعَرَّبُ

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنًى إمَّا حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْكِنَايَةُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ مُرَادًا مِنْهُ لَازِمُ الْمَعْنَى]

- ‌(الْحُرُوفُ)

- ‌(الْأَمْرُ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالنَّفْسِيِّ مِنْ الْكَلَامِ اخْتَلَفُوا هَلْ لِلْأَمْرِ النَّفْسِيِّ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ لِطَلَبِ الْمَاهِيَّةِ]

- ‌[الْأَمْرُ بِشَيْءٍ مُؤَقَّتٍ يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ النَّفْسِيُّ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ إيجَابًا أَوْ نَدْبًا نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ الْوُجُودِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرَانِ غَيْرَ مُتَعَاقِبَيْنِ أَوْ بِغَيْرِ مُتَمَاثِلَيْنِ غَيْرَانِ]

- ‌(النَّهْيُ)

- ‌(الْعَامِّ)

الفصل: ‌[مسألة حصول الشرط الشرعي ليس شرطا في صحة التكليف بمشروطه]

حُصُولَ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ) بِمَشْرُوطِهِ فَيَصِحُّ التَّكْلِيفُ بِالْمَشْرُوطِ حَالَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَقِيلَ هُوَ شَرْطٌ فِيهَا فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ أَمْتِثَالُهُ لَوْ وَقَعَ

ــ

[حاشية العطار]

شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمُمْتَنِعِ لِتَعَلُّقِ عِلْمِ اللَّهِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ وَبِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ لِلْعَادَةِ كَالْمُمْتَنِعِ لِذَاتِهِ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِ الْوُقُوعِ اهـ. زَكَرِيَّا.

وَبِهِ تَعْلَمُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ النَّاصِرِ وَالْكُورَانِيِّ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: ظَاهِرًا) تَمْيِيزًا وَظَرْفَ زَمَانٍ أَمَّا بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ تَعَلُّقِ عِلْمِ اللَّهِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ فَلَيْسَ فِي وُسْعِ الْمُكَلَّفِينَ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ: التَّكْلِيفُ لِلْعَبْدِ بِشَيْءٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ اللَّهُ وُقُوعَهُ كَانَ وَاجِبًا، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ وُقُوعِهِ كَانَ مُحَالًا وَكِلَاهُمَا لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْقُدْرَةُ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ الِاسْتِحَالَةَ وَالْوُجُوبَ الْعَرْضِيَّانِ لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ الذَّاتِيَّ.

[مَسْأَلَةُ حُصُولَ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِمَشْرُوطِهِ]

(قَوْلُهُ: حُصُولَ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَتَنَاوَلُ السَّبَبَ كَمَا يَتَنَاوَلُهُ الْمَقْدُورُ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا الْمَقْدُورُ الَّذِي لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا هُنَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَالْمُرَادُ شَرْطُ صِحَّةِ الْمَشْرُوطِ لَا شَرْطُ وُجُوبِهِ أَوْ وُجُوبِ أَدَائِهِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ حُصُولَ الْأَوَّلِ كَحَوَلَانِ الْحَوْلِ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ بِالْأَمْرَيْنِ وَالثَّانِي كَوُجُودِ الْمُسْتَحَقِّينَ بِالْبَلَدِ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ بِالثَّانِي وَخَرَجَ بِالشَّرْعِيِّ اللُّغَوِيُّ كَإِنْ دَخَلْت الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَقْلِيُّ كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ وَالْعَادِيُّ كَغَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ لِغَسْلِ الْوَجْهِ، فَإِنَّ حُصُولَ الْأَوَّلِينَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّكْلِيفِ اتِّفَاقًا وَحُصُولُ الثَّالِثِ لَيْسَ شَرْطًا اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ) أَيْ فِي جَوَازِهِ عَقْلًا وَمُرَادُهُ بِالتَّكْلِيفِ مَا يَشْمَلُ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ بِقَرِينَةِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَ ثُمَّ أَنَّ مَا هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَتَوَجَّهُ إلَّا عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ هُنَا مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَالصَّحِيحُ إلَخْ فِي اعْتِمَادِ قَوْلِهِمْ وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا دُونَ مَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) أَيْ عَقْلًا التَّكْلِيفُ بِالْمَشْرُوطِ حَالَ عَدَمِ الشَّرْطِ كَتَكْلِيفِ الْكَافِرِ حَالَ كُفْرِهِ بِالصَّلَاةِ وَالْمُحْدِثِ حَالَ حَدَثِهِ بِهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) نَفْيٌ لِقَوْلِهِ هُوَ شَرْطٌ فِيهَا أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ شَرْطًا فِيهَا إلَخْ لَا لِقَوْلِهِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى هَكَذَا وَلَا تَنْتَفِي صِحَّةُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ صَحِيحًا إلَخْ؛ لِأَنَّ لُزُومَ انْتِفَاءِ الصِّحَّةِ لِلشَّرْطِ ضَرُورِيٌّ لَا يَفْتَقِرُ إلَى اسْتِدْلَالٍ، وَتَقْرِيرُ الدَّلِيلِ هَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ لَمْ يُمْكِنْ امْتِثَالُ التَّكْلِيفِ لَوْ وَقَعَ حَالَ عَدَمِ

ص: 274

وَأُجِيبَ بِإِمْكَانِ أَمْتِثَالِهِ بِأَنْ يُؤْتِيَ بِالْمَشْرُوطِ بَعْدَ الشَّرْطِ وَقَدْ وَقَعَ وَعَلَى الصِّحَّةِ وَالْوُقُوعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الشَّرْطِ بِوُجُوبِ الْمَشْرُوطِ وِفَاقًا لِلْأَكْثَرِ يَعْنِي مِنْ الْأَكْثَرِ هُنَا (وَهِيَ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ (مَفْرُوضَةٌ) بَيْنَ الْعُلَمَاءِ (فِي تَكْلِيفِ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ) أَيْ هَلْ يَصِحُّ تَكْلِيفُهُ بِهَا

ــ

[حاشية العطار]

الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ وَاللَّازِمُ مُمْتَنِعٌ فَكَذَا الْمَلْزُومُ وَالْمُلَازَمَةُ ظَاهِرَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ) حَاصِلُ الْجَوَابِ مِنْهُ الْمُلَازَمَةُ بِإِثْبَاتِ إمْكَانِ الِامْتِثَالِ قَوْلُكُمْ فَلَا يُمْكِنُ امْتِثَالُهُ إنْ أُرِيدَ حَالًا فَمُسَلَّمٌ لَا يَضُرُّنَا إذَا كَانَ الِامْتِثَالُ يَتَحَقَّقُ وَلَوْ مَعَ التَّرَاخِي، وَإِنْ أُرِيدَ مَعَ التَّرَاخِي فَمَمْنُوعٌ لِإِمْكَانِ أَنْ يُؤْتَى بِالْمَشْرُوطِ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالشَّرْطِ وَيَصِحُّ الْجَوَابُ أَيْضًا بِمَنْعِ بُطْلَانِ اللَّازِمِ مَبْنِيٌّ عَلَى امْتِنَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِهِ فَحِينَئِذٍ تَسْلَمُ الْمُلَازَمَةُ وَيَمْنَعُ بُطْلَانَ اللَّازِمِ وَالشَّارِحُ سَلَكَ هَذَا الطَّرِيقَ لِأَقْوَمِيَّتِهِ إذْ مَنْعُ بُطْلَانِ اللَّازِمِ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْنَعَهُ بِأَنْ لَا يَرَاهُ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُؤْتَى بِالْمَشْرُوطِ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يُكَلَّفُ حَالَ عَدَمِ الشَّرْطِ بِإِيقَاعِ الْفِعْلِ بَعْدَ إيقَاعِ الشَّرْطِ فَحَالُ عَدَمِ الشَّرْطِ ظَرْفٌ لِلتَّكْلِيفِ وَحَالُ وُجُودِ الشَّرْطِ ظَرْفُ إيقَاعِ الْمُكَلَّفِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ وَقَعَ) أَيْ وَالْوُقُوعُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ فَهَذَا دَلِيلٌ ثَانٍ وَقَالَ الْكَمَالُ هُوَ تَتْمِيمٌ لِلدَّلِيلِ كَالتَّأْكِيدِ لِمَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي مَقَامَيْنِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَتْنِ الْأَوَّلِ صِحَّةُ التَّكْلِيفِ بِمَا ذَكَر عَقْلًا الثَّانِي وُقُوعُهُ اهـ.

وَلَيْسَ قَوْلُهُ: وَقَدْ وَقَعَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هَذَا فِي خُصُوصِ تَكْلِيفِ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ وَقَوْلَ الشَّارِحِ فِي مُطْلَقِ التَّكْلِيفِ بِالْمَشْرُوطِ حَالَ عَدَمِ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الصِّحَّةِ وَالْوُقُوعِ) أَيْ وَيَبْنِي إلَخْ يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُطْلَقَ يَجِبُ شَرْطُهُ بِوُجُوبِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِمَا ذُكِرَ وَوُقُوعُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَإِنَّ أَكْثَرَ الْقَائِلِينَ بِالثَّانِي قَائِلٌ بِالْأَوَّلِ فَالْأَكْثَرُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ بَعْضٌ مِنْ الْأَكْثَرِينَ فِي عِبَارَتِهِ هُنَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَوَجْهُ هَذَا الْبِنَاءِ أَنَّهُ إذَا كَانَ وُجُوبُ الشَّرْطِ بِوُجُوبِ الْمَشْرُوطِ كَانَ مُقَارِنًا لَهُ فِي الزَّمَانِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ يَتَأَخَّرُ عَنْ وُجُوبِهِ فَيَلْزَمُ تَأَخُّرُهُ عَنْ وُجُوبِ الْمَشْرُوطِ؛ لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ الْمُقَارِنِ لِشَيْءٍ مُتَأَخِّرٌ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَيْضًا، وَإِذَا تَأَخَّرَ وُجُودُ الشَّرْطِ عَنْ وُجُوبِ الْمَشْرُوطِ كَانَ وُجُوبُ الْمَشْرُوطِ حَالَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَذَلِكَ تَكْلِيفٌ بِالْمَشْرُوطِ قَبْلَ حُصُولِ الشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي مِنْ الْأَكْثَرِ هُنَا) لَعَلَّ هَذَا بِنَاءً عَلَى عِلْمِهِ مِنْ خَارِجٍ وَإِلَّا فَهُوَ فِي حَدِّ نَفْسِهِ غَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرُ هُنَاكَ هُوَ الْأَكْثَرُ هُنَا فَيَكُونُ مُقَابِلُ الْأَكْثَرِ هُنَاكَ هُوَ مُقَابِلُهُمْ هُنَا.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ مَفْرُوضَةٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ فِيهَا أَمْرٌ كُلِّيٌّ كَمَا عُلِمَ مِنْ صَدْرِهَا لَكِنَّهُمْ فَرَضُوا الْكَلَامَ فِي جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ لِيَقَعَ النَّظَرُ فِيهِ تَقْرِيبًا لِلْفَهْمِ مَعَ ثُبُوتِ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ فِي جُزْئِيٍّ ثَبَتَ فِي جَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ لِعَدَمِ الْقَائِلِ بِالْفَصْلِ لِاتِّحَادِ الْمَأْخَذِ، وَمِنْهَا تَكْلِيفُ الْمُحْدِثِ بِالصَّلَاةِ فَفِيهِ النِّزَاعُ كَمَا نَقَلَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَهُوَ بِالْأُصُولِ أُقْعَدُ، وَإِنْ نَازَعَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا: إنَّ الْمُحْدِثَ مُكَلَّفٌ بِالصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ بِمَعْنَى وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِهَا وَبِالطَّهَارَةِ قَبْلَهَا وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوا الْخِلَافَ السَّابِقَ فِي ذَلِكَ وَمَا قَالُوهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْعَضُدِ وَغَيْرِهِ

ص: 275

مَعَ انْتِفَاءِ شَرْطِهَا فِي الْجُمْلَةِ مِنْ الْإِيمَانِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ الَّتِي لَمْ تَصِحَّ مِنْ الْكَافِرِ فَالْأَكْثَرُ عَلَى صِحَّتِهِ وَيُمْكِنُ امْتِثَالُهُ بِأَنْ يُؤْتِيَ بِهَا بَعْدَ الْإِيمَانِ (وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ) أَيْضًا فَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِ أَمْتِثَالِهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْقُطُ بِالْإِيمَانِ تَرْغِيبًا فِيهِ قَالَ تَعَالَى {يَتَسَاءَلُونَ} [المدثر: 40] {عَنِ الْمُجْرِمِينَ} [المدثر: 41]{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: 42]{قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 43]{وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} [فصلت: 6]{الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 7]{وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] الْآيَةَ وَتَفْسِيرُ الصَّلَاةِ بِالْإِيمَانِ لِأَنَّهَا شِعَارُهُ وَالزَّكَاةُ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَذَلِكَ لِأَفْرَادِهِ بِالشِّرْكِ فَقَطْ كَمَا قِيلَ خِلَافُ الظَّاهِرِ (خِلَافًا لِأَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ وَأَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ) فِي قَوْلِهِمْ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِهَا (مُطْلَقًا) إذْ الْمَأْمُورَاتُ مِنْهَا لَا يُمْكِنُ مَعَ الْكُفْرِ فِعْلُهَا وَلَا يُؤْمَرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِقَضَائِهَا، وَالْمَنْهِيَّاتُ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا حَذَرًا مِنْ تَبْعِيضِ التَّكْلِيفِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَافَقُونَا (وَ) خِلَافًا (لِقَوْمٍ فِي الْأَوَامِرِ فَقَطْ) فَقَالُوا: لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ النَّوَاهِي لِإِمْكَانِ امْتِثَالِهَا مَعَ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَهَا مَتْرُوكٌ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الْإِيمَانِ (وَ) خِلَافًا (لِآخَرِينَ فِيمَنْ عَدَا الْمُرْتَدَّ) أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَوَافَقُوا عَلَى تَكْلِيفِهِ بِاسْتِمْرَارِ تَكْلِيفِ الْإِسْلَامِ

ــ

[حاشية العطار]

وَعَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ وَنَحْوَهَا كَالتَّكْلِيفِ بِالصَّلَاةِ وَبِالتَّكْبِيرِ قَبْلَ النِّيَّةِ فِيهِمَا.

وَفِي الْبُرْهَانِ قَدْ نَقَلَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ الْمُحْدِثُ مُخَاطَبًا بِالصَّلَاةِ وَلَوْ اسْتَمَرَّ حَدَثُهُ دَهْرَهُ لَقَى اللَّهَ تَعَالَى غَيْرَ مُخَاطَبٍ بِصَلَاةٍ فِي عُمْرِهِ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: فَإِنْ أَرَادَ الرَّجُلُ مَا ذَكَرْنَا فَهُوَ الْحَقُّ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ لِتَرْكِهِ التَّوَصُّلَ إلَيْهَا فَقَدْ خَرَقَ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ وَيَعْنِي بِمَا ذَكَرَهُ قَوْلُهُ: قَبْلَ هَذَا النَّقْلِ أَنَّ الْمُحْدِثَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُطْلَبَ بِإِنْشَاءِ الصَّلَاةِ الصَّحِيحَةِ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَثِ.

(قَوْلُهُ: مَعَ انْتِفَاءِ شَرْطِهَا فِي الْجُمْلَةِ) لِكَوْنِهِ شَرْطًا فِي الْعِبَادَاتِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى النِّيَّةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الْإِيمَانِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى كُلِّ فَرْعٍ فُرِّعَ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَهَذَا التَّوْجِيهُ يَرْجِعُ فِي التَّحْقِيقِ إلَى تَقْيِيدِ مَحَلِّ النِّزَاعِ بِبَعْضِ فُرُوعَ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الْعِبَادَاتُ الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ لَا غَيْرَهَا مِنْ الْفُرُوعِ كَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِ وَالْمُبَاحَاتِ وَالتُّرُوكِ أَوْ أَنَّ الْإِيمَانَ لَمَّا كَانَ شَرْطًا فِي الشَّرْطِ وَهُوَ النِّيَّةُ كَانَ شَرْطًا فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ) أَيْ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِالْفِعْلِ بِهَا بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِشَرْطِهَا مِنْ الْإِيمَانِ لَا بِمَعْنَى أَنَّ الْكَافِرَ مُطَالَبٌ بِالْإِتْيَانِ بِهَا حَالَةَ كُفْرِهِ لِعَدَمِ اتِّصَافِهِ بِشَرْطِ صِحَّتِهَا وَهُوَ الْإِيمَانُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ: إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى مُسْلِمٌ فَلَا مُنَافَاةَ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّ الصَّحِيحَ الصِّحَّةُ أَيْ الْجَوَازُ.

(قَوْلُهُ: فَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِ امْتِثَالِهِ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى فَائِدَةِ الْخِلَافِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَكْلِيفِهِمْ فِي الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ فَقَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالدُّنْيَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي حَالَةَ الْكُفْرِ وَلَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى الْوُقُوعِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِأَنَّ الْآيَاتِ الْآمِرَةَ بِالْعِبَادَةِ تَتَنَاوَلُهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة: 21] وَقَوْلُهُ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] فَيَجِبُ كَوْنُهُمْ مُكَلَّفِينَ بِالْفُرُوعِ لِلْمُقْتَضِي السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ إذْ لَا مَانِعَ يُفْرَضُ هُنَاكَ إلَّا الْكُفْرُ، وَالْكُفْرُ غَيْرُ مَانِعٍ لِإِمْكَانِ إزَالَتِهِ كَالْحَدَثِ الْمَانِعِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْجَامِعُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَانِعًا مُمْكِنَ الزَّوَالِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ إرَادَةُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ النَّاسِ لَا الْجِنْسِ وَلَوْ سَلَّمَ فَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِاعْبُدُوا آمِنُوا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكُفَّارِ عَلَى مَا قِيلَ: إنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَمْرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالطَّاعَةِ وَالْكَافِرِينَ بِالْإِيمَانِ وَالْمُنَافِقِينَ بِالْإِخْلَاصِ أَوْ نَقُولُ عَلَى فَرْضِ تَسْلِيمِ الْعُمُومِ فِي كَلِمَةِ النَّاسِ أَنَّهُ خَصَّ مِنْهُ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ إجْمَاعًا فَخَصَّ الْكَافِرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ الْعِبَادَةِ مَعَ الْكُفْرِ وَلَا إيجَابُ الْإِيمَانِ لِإِيجَابِ الْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ لَكِنَّ الْإِيمَانَ أَصْلُ الْعِبَادَةِ فَلَا يَصِيرُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى حَالًا مِنْ الْمُقْتَضَى.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ تَفْسِيرُ لَفْظِ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا.

(قَوْلُهُ: كَمَا قِيلَ) أَيْ فِي تَفْسِيرِ كُلٍّ مِنْ الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثِ.

(قَوْلُهُ: خِلَافُ الظَّاهِرِ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ حَمْلُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ عَلَى حَقِيقَتِهِمَا الشَّرْعِيَّتَيْنِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ اسْمِ الْإِشَارَةِ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ جَمِيعُهُ لِيَكُونَ الْوَعِيدُ عَلَى الْقَتْلِ وَالزِّنَا مَذْكُورًا أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: إذْ الْمَأْمُورَاتُ مِنْهَا) أَيْ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّكْلِيفِ بِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فِعْلُهَا مَعَ الْكُفْرِ يُمْكِنُ بَعْدَ

ص: 276

(قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ (وَالْخِلَافُ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ) مِنْ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ

ــ

[حاشية العطار]

الْإِتْيَانِ بِالشَّرْطِ وَبِأَنَّ نَفْيَ الْفَائِدَةِ فِي الدُّنْيَا لَا يُنَافِي ثُبُوتَهَا فِي الْآخِرَةِ وَهِيَ الْعَذَابُ عَلَيْهَا فَفَائِدَةُ التَّكْلِيفِ لَا تَنْحَصِرُ فِي الِامْتِثَالِ، وَلِعِلْمِ هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ سَابِقًا مِنْ قَوْلِهِ وَأُجِيبَ بِإِمْكَانِ امْتِثَالِهِ وَقَوْلُهُ: فَيُعَاقَبُ إلَخْ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِمَا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الشِّقِّ الثَّانِي فَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِمُوَافَقَتِهِمْ فِيهِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ لَا يُتَنَجَّزُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ بِإِيقَاعِ الْمَشْرُوطِ قَبْلَ الشَّرْطِ وَلَكِنْ إذَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ مَا يَسَعُ الشَّرْطَ وَالْمَشْرُوطَ وَالْأَوَائِلَ وَالْأَوَاخِرَ فَلَا يَمْنَعُ أَنْ يُعَاقَبَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى حُكْمِ التَّكْلِيفِ مُعَاقَبَةَ مَنْ خَالَفَ أَمْرًا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ نَاجِزًا وَمَنْ أَبَى ذَلِكَ قَضَى عَلَيْهِ قَاطِعُ الْعَقْلِ بِالْفَسَادِ وَمَنْ جَوَّزَ تَنْجِيزَ الْخِطَابِ بِإِيقَاعِ الْمَشْرُوطِ قَبْلَ وُقُوعِ الشَّرْطِ فَقَدْ سَوَّغَ وُقُوعَ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، ثُمَّ قَالَ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الْكُفَّارَ مَأْمُورُونَ بِالْتِزَامِ الشَّرَائِعِ جُمْلَةً وَالْقِيَامِ بِمَعَالِمِهِ تَفْصِيلًا وَمَنْ أَنْكَرَ وُقُوعَ وُجُوبِ الْمُتَوَصَّلِ إلَيْهِ فَقَدْ جَحَدَ أَمْرًا مَعْلُومًا، فَإِنْ قِيلَ: أَتَقْطَعُونَ بِأَنَّهُمْ يُعَاقَبُونَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى تَرْكِ فُرُوعِ الشَّرْعِ قُلْنَا: أَجَلْ، وَالْمُوَصِّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ قَطْعًا وُجُوبُ التَّوَصُّلِ وَثَبَتَ أَنَّ تَارِكَ الْوَاجِبِ مُتَوَعَّدٌ بِالْعِقَابِ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَقَرَّرَ فِي أَصْلِ الدِّينِ وَمُسْتَفِيضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَعْفُو عَنْ الْكُفَّارِ اهـ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: فَإِنْ قِيلَ: لِمَ خَاطَبَ اللَّهُ الْعَاصِيَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ شَقِيٌّ لَا يُطِيعُهُ؟ قُلْنَا: أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّ الْخِطَابَ لَهُ لَيْسَ طَلَبًا حَقِيقَةً بَلْ عَلَامَةٌ عَلَى شَقَاوَتِهِ وَتَعْذِيبِهِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) اعْتَرَضَهُ الْكُورَانِيُّ بِأَنَّهُ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ أَنَّ مَا لَهُ شَرْطٌ شَرْعِيٌّ هَلْ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِهِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ أَوَّلًا كَمَا تَقَدَّمَ وَمَا لَا خِطَابَ تَكْلِيفٍ فِيهِ لَا صَرِيحًا وَلَا ضِمْنًا خَارِجٌ عَنْ الْبَحْثِ وَمَسْأَلَةُ تَكْلِيفِ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ فَنَحْوُ الْإِتْلَافِ وَالْجِنَايَاتِ وَتَرَتُّبُ آثَارِ الْعُقُودِ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ التَّكْلِيفِ مَا كَانَ صَرِيحًا فَلَا يَشْمَلُ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ الْوَضْعِ فَنَبَّهَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْخِلَافِ بِخِطَابِ التَّكْلِيفِ الصَّرِيحِ كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالتَّكْلِيفِ بَلْ مِثْلُهُ بَعْضُ أَقْسَامِ الْوَضْعِ فَتَحْتَ مَا قَالَهُ طَائِلٌ أَيْ طَائِلٌ اهـ.

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ وَالِدِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ تَبِعَهُ عَلَيْهِ الْبِرْمَاوِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ لَكِنْ رَدَّهُ شَيْخُهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ فِي الْإِتْلَافِ وَالْجِنَايَةِ قَالَ: بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْجَمِيعِ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ.

(قَوْلُهُ: فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ) هَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْخِطَابُ بِالْجِهَادِ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْقَرَافِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ بِي فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الَّتِي لَا أَسْتَحْضِرُهَا الْآنَ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِمَا عَدَا الْجِهَادِ، وَأَمَّا الْجِهَادُ فَلَا لِامْتِنَاعِ قِتَالِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ اهـ.

قَالَ سم وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا التَّوْجِيهُ لَا يَجْرِي فِي تَكْلِيفِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِقِتَالِ الْحَرْبِيِّينَ وَلَا فِي تَكْلِيفِ بَعْضِ الْحَرْبِيِّينَ بِقِتَالِ بَعْضٍ اهـ.

وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مُعَيَّنًا لَزِمَ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجَّحٍ، وَإِنْ كَانَ مُبْهَمًا كَانَ مِنْ قَبِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَفِي كَوْنِ الْجِهَادِ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْكُفَّارِ تَوَقُّفٌ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ) يَخْرُجُ النَّدْبُ وَالْكَرَاهَةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ أَوَّلًا بِالتَّكْلِيفِ وَقَالَ: إنَّ الْفَائِدَةَ هِيَ الْعِقَابُ قَالَ: وَأَمَّا مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ، فَإِنَّ عِبَارَتَهُ شَامِلَةٌ لِلْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ لِلْمِنْهَاجِ وَالظَّاهِرُ الْإِبَاحَةُ فِيمَا هُوَ مُبَاحٌ قَالَ وَالِدِي: وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ إقْدَامَهُمْ عَلَى الْمُبَاحِ وَهُمْ غَيْرُ مُسْتَنِدِينَ إلَى الشَّرْعِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ اتِّبَاعُهُ حَرَامٌ لِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ لَا يَحِلُّ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى فِعْلٍ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَهُمْ آثِمُونَ عَلَى جُمْلَةِ أَفْعَالِهِمْ، وَهَذَا الْبَحْثُ عَامٌّ فِي الْكِتَابِيِّينَ وَالْمُشْرِكِينَ قَالَ: وَالِدِي وَهُوَ مِمَّا لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَفِيهِ

ص: 277

(وَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ الْوَضْعِ) كَكَوْنِ الطَّلَاقِ سَبَبًا لِحُرْمَةِ الزَّوْجَةِ فَالْخَصْمُ يُخَالِفُ فِي سَبَبِيَّتِهِ (لَا) مَا لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ نَحْوَ (الْإِتْلَافِ) لِلْمَالِ (وَالْجِنَايَاتِ) عَلَى النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أَسْبَابٌ لِلضَّمَانِ (وَتَرَتُّبُ آثَارِ الْعُقُودِ) الصَّحِيحَةِ كَمِلْكِ الْمَبِيعِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْعِوَضِ فِي الذِّمَّةِ فَالْكَافِرُ فِي ذَلِكَ كَالْمُسْلِمِ اتِّفَاقًا، نَعَمْ الْحَرْبِيُّ لَا يَضْمَنُ مُتْلِفَهُ وَمُجْنِيَهُ وَقِيلَ: يَضْمَنُ الْمُسْلِمَ وَمَالَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ مُكَلَّفٌ بِالْفُرُوعِ وَرَدَّ بِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَيْسَتْ دَارَ ضَمَانٍ.

ــ

[حاشية العطار]

عِنْدِي تَوَقُّفٌ وَلَا يُنَافِي الْقَوْلُ بِهِ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَمُعَامَلَاتِهِمْ؛ لِأَنَّ أَثَرَهَا فِي الدُّنْيَا وَالْمَقْصُودُ عِقَابُهُمْ فِي الْآخِرَةِ اهـ.

قَالَ سم وَمَا نَقَلَهُ عَنْ وَالِدِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُلَاحَظَ مَعَهُ مَا يَأْتِي فِي الْكِتَابِ أَنَّ أَصْلَ الْمَنَافِعِ الْإِبَاحَةُ وَالْمَضَارَّ التَّحْرِيمُ وَمَا قَرَّرُوهُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ «الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَالْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ» وَمَا بَيَّنُوهُ مِنْ أَقْسَامِ تِلْكَ الْمُشْتَبِهَاتِ إذْ الْكُفَّارُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِالْفُرُوعِ حُكْمُهُمْ فِيمَا ذَكَرَ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ الْوَضْعِ) بِأَنْ يَكُونَ مُتَعَلَّقُهُ سَبَبًا لِخِطَابِ التَّكْلِيفِ أَوْ شَرْطًا لَهُ أَوْ مَانِعًا وَرُجُوعُهُ إلَيْهِ بِأَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ بِالذَّاتِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بِالِاعْتِبَارِ إذْ الْخِطَابُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ سَبَبٌ لِتَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ هُوَ الْخِطَابُ بِتَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ اهـ. نَاصِرٌ.

قَالَ سم هَذَا يَقْتَضِي حَمْلَ الْوَضْعِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ الْخِطَابُ الْمَخْصُوصُ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ كَكَوْنِ الطَّلَاقِ سَبَبًا لِحُرْمَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى أَنَّ تَقْدِيرَهُ كَالْخِطَابِ يَكُونُ الطَّلَاقُ سَبَبًا لَكِنْ لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ حَمْلُ الْوَضْعِ هُنَا عَلَى مُتَعَلِّقِهِ مَجَازًا مِنْ قَبِيلِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُتَعَلِّقِ عَلَى مُتَعَلَّقِهِ أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْوَضْعِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَكَوْنِ الطَّلَاقِ إلَخْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِهِ.

فَإِنْ قُلْت: رُجُوعُهُ إلَى خِطَابِ التَّكْلِيفِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَطَّرِدُ إذْ الْخِطَابُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ لَا يَرْجِعُ إلَى خِطَابِ التَّكْلِيفِ إذْ مَرْجِعُهُ الْخِطَابُ بِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْوُضُوءِ وَلَيْسَ هَذَا خِطَابُ تَكْلِيفٍ.

قُلْت: لَا يَضُرُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُدَّعَى أَنَّ كُلَّ وَضْعٍ يَرْجِعُ إلَى التَّكْلِيفِ بَلْ أَنَّ مَا يَرْجِعُ مِنْهُ إلَيْهِ لَهُ حُكْمُهُ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَى تَفْسِيرِ الرُّجُوعِ بِمَا ذَكَرَهُ بَلْ يَكْفِي تَفْسِيرُهُ بِتَعَلُّقِهِ بِخِطَابِ التَّكْلِيفِ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ أَوْ وَسَائِطَ لَا مَا لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقُهُ سَبَبًا لِغَيْرِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ كَالْخِطَابِ بِكَوْنِ الْإِتْلَافِ سَبَبًا لِلضَّمَانِ اهـ. نَاصِرٌ.

(قَوْلُهُ: لَا مَا لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ) وَمُحَصِّلُ الْجَوَابِ أَنَّ لَهَا جِهَتَيْنِ كَوْنُهَا أَسْبَابًا لِلضَّمَانِ أَيْ شَغْلُ النِّيَّةِ بِهِ وَالتَّمْثِيلُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا أَسْبَابًا لِوُجُوبِ أَدَاءِ بَدَلِ الْمُتْلَفِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ) تَعْلِيلِيَّةٌ وَدَفَعَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ مَا يُقَالُ: إنَّ الْإِتْلَافَاتِ وَالْجِنَايَاتِ أَسْبَابٌ لِوُجُوبِ أَدَاءِ بَدَلِ الْمُتْلَفِ وَأَرْشِ الْجِنَايَاتِ مُطْلَقًا أَوْ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ فَقَدْ رَجَعْت أَيْضًا إلَى خِطَابِ التَّكْلِيفِ فَلَمْ يَصِحَّ.

(قَوْلُهُ: وَتَرَتُّبُ آثَارِ الْعُقُودِ) مِثَالٌ لِلْوَضْعِ الْغَيْرِ الرَّاجِعِ وَفِي كَوْنِهِ مِنْ الْوَاضِعِ أَوْ مُتَعَلِّقِهِ نَظَرٌ إذْ التَّرْتِيبُ مُسَبَّبٌ عَنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ الَّتِي هِيَ مُتَعَلِّقُ الْوَضْعِ قَالَهُ النَّاصِرُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مُفَادَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّرَتُّبَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْوَضْعِ الَّذِي مُتَعَلِّقُهُ سَبَبٌ لِغَيْرِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْوَضْعِ وَلَا مِنْ مُتَعَلَّقِهِ وَلَا هُوَ سَبَبٌ أَصْلًا لِشَيْءٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ مُتَعَلَّقَ الْوَضْعِ الْمَذْكُورِ كَوْنُ الْعَقْدِ صَحِيحًا.

وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّ التَّرَتُّبَ الْمَذْكُورَ مُسَبَّبٌ عَنْ الْمُتَعَلَّقِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَبِصِحَّةِ الْعَقْدِ تَرَتَّبَ أَثَرُهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَسَاهُلًا وَالْمُرَادُ كَوْنُ الْعُقُودِ صَحِيحَةً تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا آثَارُهَا وَمَعْنَاهُ كَوْنُهَا سَبَبًا لِآثَارِهَا؛ لِأَنَّ ذِكْرَ التَّرَتُّبِ يُفِيدُ السَّبَبِيَّةَ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عُمُومِ الْكَافِرِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ: يَضْمَنُ الْمُسْلِمُ إلَخْ) نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا أَوْ أَتْلَفَ لَهُ مَالًا، ثُمَّ أَسْلَمَ يَجِبُ الضَّمَانُ إذَا قُلْنَا بِخِطَابِهِمْ بِالْفُرُوعِ وَحَكَاهُ الْعَبَّادِيُّ عَنْهُ فِيمَا إذَا صَارَ ذِمِّيًّا قَالَهُ الْكَمَالُ.

وَفِي الرَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ السِّيَرِ حِكَايَةٌ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا جَنَى عَلَى مُسْلِمٍ، ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ فِي ذِمَّتِهِ لَا تَتَحَوَّلُ إلَى رَقَبَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ إلَخْ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ

ص: 278