المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الحقيقة لفظ مستعمل فيما وضع) له ابتداء - حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع - جـ ١

[حسن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدَّمَة الْكِتَاب]

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ]

- ‌[تَعْرِيفِ الْأُصُولِيّ]

- ‌ تَعْرِيفِ الْفِقْهِ

- ‌[تَعْرِيف الْفَرْض وَالْوَاجِب]

- ‌[تَعْرِيفِ الْمَنْدُوبُ وَالْمُسْتَحَبُّ وَالتَّطَوُّعُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[تَعْرِيفِ السَّبَب]

- ‌[تَعْرِيفِ الْقَضَاء]

- ‌[تَعْرِيفِ الدَّلِيلُ]

- ‌[تَعْرِيف الْعِلْم]

- ‌[تَعْرِيف الْجَهْل]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَائِزُ التَّرْكِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاءَ يُوجِبُ وَاحِدًا مِنْهَا لَا بِعَيْنِهِ]

- ‌[فَرْضِ الْكِفَايَةِ مُهِمٌّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الظُّهْرِ جَوَازًا وَقْتَ الْأَدَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْفِعْلُ الْمَقْدُورُ لِلْمُكَلَّفِ الَّذِي لَا يُوجَدُ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إلَّا بِهِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ مُطْلَقُ الْأَمْرِ) بِمَا بَعْضُ جُزْئِيَّاتِهِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ

- ‌(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ مُطْلَقًا) :

- ‌[مَسْأَلَةُ حُصُولَ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِمَشْرُوطِهِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ) :

- ‌(مَسْأَلَةٌ: يَصِحُّ التَّكْلِيفُ وَيُوجَدُ مَعْلُومًا لِلْمَأْمُورِ آثَرَهُ) :

- ‌(خَاتِمَةٌ الْحُكْمُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرَيْنِ)

- ‌(الْكِتَابُ الْأَوَّلُ) :فِي الْكِتَابِ وَمَبَاحِثِ الْأَقْوَالِ

- ‌(الْمَنْطُوقُ وَالْمَفْهُومُ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْمَفَاهِيمِ) الْمُخَالَفَةُ (إلَّا اللَّقَبَ حُجَّةً لُغَةً)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْغَايَةِ قِيلَ مَنْطُوقٌ) أَيْ بِالْإِشَارَةِ

- ‌[مَسْأَلَةُ إنَّمَا بِالْكَسْرِ قَالَ الْآمِدِيُّ وَأَبُو حَيَّانَ لَا تُفِيدُ الْحَصْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مِنْ الْأَلْطَافِ حُدُوثُ الْمَوْضُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ، وَالْجُمْهُورُ اللُّغَاتُ تَوْقِيفِيَّةٌ) :

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثْبُوت اللُّغَةُ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[وَمَسْأَلَةُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى إنْ اتَّحِدَا]

- ‌(مَسْأَلَةٌ: الِاشْتِقَاقُ) مِنْ حَيْثُ قِيَامُهُ بِالْفِعْلِ:

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُتَرَادِفِ وَاقِعٌ خِلَافًا لِثَعْلَبَ وَابْنِ فَارِسٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ الْمُتَعَدِّدُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكِ يَصِحُّ لُغَةً إطْلَاقُهُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ]

- ‌(الْحَقِيقَةُ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعَ) لَهُ ابْتِدَاءً

- ‌الْمَجَازُ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الْمُعَرَّبُ

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنًى إمَّا حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْكِنَايَةُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ مُرَادًا مِنْهُ لَازِمُ الْمَعْنَى]

- ‌(الْحُرُوفُ)

- ‌(الْأَمْرُ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالنَّفْسِيِّ مِنْ الْكَلَامِ اخْتَلَفُوا هَلْ لِلْأَمْرِ النَّفْسِيِّ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ لِطَلَبِ الْمَاهِيَّةِ]

- ‌[الْأَمْرُ بِشَيْءٍ مُؤَقَّتٍ يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ النَّفْسِيُّ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ إيجَابًا أَوْ نَدْبًا نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ الْوُجُودِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرَانِ غَيْرَ مُتَعَاقِبَيْنِ أَوْ بِغَيْرِ مُتَمَاثِلَيْنِ غَيْرَانِ]

- ‌(النَّهْيُ)

- ‌(الْعَامِّ)

الفصل: ‌(الحقيقة لفظ مستعمل فيما وضع) له ابتداء

أَيْ طَلَبِ الْفِعْلِ (وَكَذَا الْمَجَازَانِ) هَلْ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَا مَعًا بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ كَقَوْلِك مَثَلًا وَاَللَّهِ لَا أَشْتَرِي وَتُرِيدُ السَّوْمَ، وَالشِّرَاءُ بِالْوَكِيلِ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْمُشْتَرَكِ وَعَلَى الصِّحَّةِ الرَّاجِحَةِ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِمَا، أَوْ تَسَاوَيَا فِي الِاسْتِعْمَالِ وَلَا قَرِينَةَ تُبَيِّنُ أَحَدَهُمَا، وَإِطْلَاقُ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ عَلَى الْمَعْنَى كَمَا هُنَا مَجَازِيٌّ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الدَّالِّ عَلَى الْمَدْلُولِ.

(الْحَقِيقَةُ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعَ) لَهُ ابْتِدَاءً

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: أَيْ: طَلَبِ الْفِعْلِ) بَيَانٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ قَالَ سم، وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ بِنَاؤُهُ عَلَى مَا ذَكَرَ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى طَرِيقَةِ عُمُومِ الْمَجَازِ.

(قَوْلُهُ: وَتُرِيدُ السَّوْمَ) ، وَالْعَلَاقَةُ السَّبَبِيَّةُ، والمسببية.

(قَوْلُهُ: وَالشِّرَاءُ بِالْوَكِيلِ) لِعَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ فِي الْإِدْخَالِ فِي الْمِلْكِ فِي كُلٍّ.

(قَوْلُهُ: فِيهِ الْخِلَافُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَطْعَ الْقَاضِي السَّابِقَ لَا يَأْتِي هُنَا؛ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحِصَّةِ إلَخْ)، أَيْ: وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الصِّحَّةِ أَنَّهُ يُحْمَلُ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ عَلَى الْمُجَازَيْنَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَسَاوَيَا فِي الِاسْتِعْمَالِ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ هَذَا الْقَيْدَ إلَّا فِي الْمُجَازَيْنَ فَيُوهِمُ اخْتِصَاصَهُ بِهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ جَرَى الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا قَرِينَةَ تَبَيَّنَ أَحَدُهُمَا) ، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْقَرِينَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ الْحَقِيقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: اسْمِ الدَّالِّ) ، وَهُوَ اللَّفْظُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَدْلُولِ، وَهُوَ الْمَعْنَى قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ، فَهُوَ مِنْ الْمَجَازِ لَا الْخَطَأِ وَحَمَلَهُ عَلَى خَطَأِ الْعَوَامّ مِنْ خَطَأِ الْخَوَاصِّ اهـ.

وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ قَالَ إنَّ هَذَا مِنْ الْمَجَازِ، أَوْ مِنْ خَطَأِ الْعَوَامّ عَلَى سَبِيلِ التَّرْدِيدِ اهـ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ، وَهَذَا حَقٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْإِطْلَاقَ إنْ كَانَ مَعَ الْخِبْرَةِ، وَمُلَاحَظَةِ أَنَّهُ مِنْ إطْلَاقِ الدَّالِّ عَلَى الْمَدْلُولِ كَانَ مَجَازًا، وَإِنْ كَانَ لِلْغَفْلَةِ عَنْ أَصْلِ الِاصْطِلَاحِ وَعَدَمِ التَّفَطُّنِ لِتَعْيِينِ الْمَحَلِّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ كَانَ مِنْ خَطَأِ الْعَوَامّ.

[الْحَقِيقَةُ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعَ لَهُ ابْتِدَاءً]

(قَوْلُهُ: الْحَقِيقَةُ) قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّقَابُلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ شَبَهِ التَّقَابُلِ بَيْنَ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ، لَا تَقَابُلِ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ؛ إذْ لَيْسَ الْمَجَازُ عَدَمَ الْحَقِيقَةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الِاسْتِعْمَالُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ جُزْءَ مَفْهُومِ الْحَقِيقَةِ وَعَدَمُ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ لَازَمَ مَفْهُومَ الْمَجَازِ كَانَ بَيْنَهُمَا شِبْهَ تَقَابُلِ الْعَدَمِ، وَالْمِلْكَةِ، وَمَفْهُومُ الْمِلْكَةِ أَشْرَفُ لِكَوْنِهِ وُجُودِيًّا وَأَيْضًا الْإِعْدَامُ إنَّمَا تُعْرَفُ بِمِلْكَاتِهَا، وَهِيَ فُعَيْلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ، أَوْ مَفْعُولَةٍ مِنْ حَقِّ الشَّيْءِ ثَبَتَ لِثُبُوتِهَا مَكَانُهَا الْأَصْلِيُّ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ فِيهِ، أَوْ مُثْبَتَةٌ، وَالتَّاءُ عَلَى كُلٍّ لِلنَّقْلِ مِنْ الْوَصْفِيَّةِ إلَى الِاسْمِيَّةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ وَوَجْهُ كَوْنِهَا لِلنَّقْلِ أَنَّ الْمَنْقُولَ فَرْعُ الْمَنْقُولِ عَنْهُ كَمَا أَنَّ الْمُؤَنَّثَ فَرْعُ الْمُذَكَّرِ.

(قَوْلُهُ: لَفْظٌ) عَدَلَ عَنْ الْمَنْقُولِ مَعَ أَنَّهُ جِنْسٌ قَرِيبٌ؛ لِاشْتِهَارِهِ فِي الرَّأْيِ، وَالِاعْتِقَادِ، وَعَنْ الْكَلِمَةِ لِيَشْمَلَ الْمُرَكَّبَ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ قَالَ مُعَرِّبُ فَارِسِيَّةِ الْعِصَامِ أَنَّ بَعْضَ الْقَوْمِ خَصَّصَ الْحَقِيقَةَ، وَالْمَجَازَ، وَالْكِنَايَةَ بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ وَأَلْحَقَ عُمُومَهَا إلَى الْمُفْرَدِ، وَالْمُرَكَّبِ كَمَا اخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُ هَاهُنَا؛ إذْ الْوَضْعُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْمُفْرَدِ، بَلْ مَا يَعُمُّ الْمُفْرَدَ، وَالْمُرَكَّبَ فَيَلْزَمُ مِنْ عُمُومِ الْوَضْعِ عُمُومُ مَا يَدُورُ عَلَيْهِ أَيْضًا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ إمَّا مُفْرَدٌ، وَإِمَّا مُرَكَّبٌ وَسَاقَ أَمْثِلَتَهَا وَبِهَذَا اسْتَغْنَيْت عَمَّا أَطَالَ بِهِ الْعَلَامَتَانِ مِمَّا يُشَوِّشُ الْأَذْهَانَ.

(قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) خَرَجَ الْمَجَازُ فَإِنَّ وَضْعَهُ لَيْسَ ابْتِدَاءً، بَلْ بِالتَّبَعِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّ أَصْلَ وَضْعِ اللَّفْظِ

ص: 393

فَخَرَجَ عَنْهَا اللَّفْظُ الْمُهْمَلُ، وَمَا وُضِعَ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ، وَالْغَلَطُ كَقَوْلِك خُذْ هَذَا الْفَرَسَ مُشِيرًا إلَى حِمَارٍ، وَالْمَجَازُ (وَهِيَ لُغَوِيَّةٌ) بِأَنْ وَضَعَهَا أَهْلُ اللُّغَةِ بِاصْطِلَاحٍ، أَوْ تَوْقِيفٍ كَالْأَسَدِ لِلْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ (وَعُرْفِيَّةٌ) بِأَنْ وَضَعَهَا أَهْلُ.

ــ

[حاشية العطار]

لِلْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، وَالْمَجَازُ مَوْضُوعٌ لَهُ ثَانِيًا بِالنَّوْعِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَضْعِ فِي التَّعْرِيفِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ النَّوْعِيِّ، وَالشَّخْصِيِّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ إنْ أُرِيدَ الْوَضْعُ الشَّخْصِيُّ خَرَجَ عَنْ التَّعْرِيفِ مَا وَضْعُهُ نَوْعِيٌّ مِنْ الْحَقَائِقِ كَالْمُشْتَقَّاتِ، وَإِنْ أُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ دَخَلَ الْمَجَازُ، وَإِنْ أُرِيدَ النَّوْعِيُّ خَرَجَ مِنْ الْحَقَائِقِ مَا وَضْعُهُ شَخْصِيٌّ وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا أَجَابَ بِهِ النَّاصِرُ مِنْ اخْتِيَارِ مَا هُوَ أَعَمُّ، وَإِخْرَاجُ الْمَجَازِ بِقَوْلِهِ وُضِعَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَضْعَ تَعْيِينُ اللَّفْظِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنًى بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي تَفْسِيرِ الْوَضْعِ وَأَنَّ الْمَجَازَ غَيْرُ مَوْضُوعٍ.

وَأَوْرَدَ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ حَقِيقَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِلثَّانِي ابْتِدَاءً وَلَا يَشْمَلُ مَا لَا وَضْعَ لَهُ ثَانٍ مِنْ الْحَقَائِقِ فَإِنَّ قَوْلَهُ ابْتِدَاءً يَقْتَضِي بِمَفْهُومِهِ أَنَّ لَهُ وَضْعًا ثَانِيًا.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ ابْتِدَاءً مَا لَمْ يَتَوَقَّفْ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِ عَلَى مُلَاحَظَةِ وَضْعٍ آخَرَ فَلَا يَكُونُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ وَوَضْعُ الْمُشْتَرَكِ لِلْمَعْنَى الثَّانِي غَيْرُ تَابِعٍ لِلْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ، وَمَا لَيْسَ لَهُ وَضْعٌ ثَانٍ مِنْ الْحَقَائِقِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ تَابِعٍ لِغَيْرِهِ وَأَوْرَدَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ قَيْدًا فِي اصْطِلَاحِ التَّخَاطُبِ لِيُخْرِجَ مِنْ الْمَجَازِ مَا لَهُ مَعْنًى حَقِيقِيٌّ بِاصْطِلَاحٍ آخَرَ كَالصَّلَاةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ قَيْدَ الْحَيْثِيَّةِ مُلَاحَظٌ فِي مِثْلِ هَذَا التَّعْرِيفِ، أَيْ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ وَاسْتِعْمَالُ الشَّرْعِيِّ الصَّلَاةَ مَثَلًا فِي الدُّعَاءِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ، بَلْ لِلْعَلَاقَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْكَانِ لَكِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ اسْتِدْرَاكُ قَوْلِهِ ابْتِدَاءً فَيُجَابُ بِأَنَّ قَيْدَ الْحَيْثِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُرَادًا فِي مِثْلِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَسَلَّمْنَا كِفَايَتَهُ هُنَا فِي الْإِخْرَاجِ لَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ اعْتِبَارِهِ وَامْتِنَاعَ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ، وَالتَّصْرِيحَ بِمَا يُغْنِي عَنْهُ، بَلْ هُوَ بِمَعْنَاهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ.

وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْأَعْلَامَ فَإِنَّ الْحَدَّ صَادِقٌ عَلَيْهَا وَلَيْسَتْ بِحَقِيقَةٍ وَلَا مَجَازٍ وَيُجَابُ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى أَعْلَامٍ صَدَرَتْ مِمَّنْ لَا يُعْتَبَرُ وَضْعُهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَمَّا الصَّادِرَةُ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ وَضْعُهُ، فَهِيَ حَقِيقَةٌ، وَمَجَازٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: الْمُهْمَلُ) أَرَادَ بِهِ غَيْرَ الْمَوْضُوعِ لَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَمَا وُضِعَ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ) خَارِجٌ بِقَوْلِهِ الْمُسْتَعْمَلُ إنْ شَرَطَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْقَصْدَ الصَّحِيحَ فَإِنَّ الْغَلَطَ اللِّسَانِيَّ لَا قَصْدَ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ كَانَ خَارِجًا بِقَوْلِهِ وُضِعَ فَإِنَّ اللَّفْظَ الْوَاقِعَ غَلَطًا لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيمَا وُضِعَ لَهُ قَالَ مُنَجِّمْ بَاشَا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى تَعْرِيبِ الرِّسَالَةِ الْفَارِسِيَّةِ الِاسْتِعْمَالُ إطْلَاقُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنًى، وَإِرَادَةِ، فَهْمِهِ مِنْهُ فَيَكُونُ إرَادَةُ الْفَهْمِ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِ الِاسْتِعْمَالِ الْمُصْطَلَحِ الْوَاقِعِ عَلَى قَانُونِ الْوَضْعِ أَعْنِي الِاسْتِعْمَالَ الصَّحِيحَ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَخْذِ إرَادَةِ الْفَهْمِ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِ الِاسْتِعْمَالِ تَوَقُّفُ الدَّلَالَةِ الْوَضْعِيَّةِ عَلَى الْإِرَادَةِ الْمُعْتَرَضِ عَلَى مَنْ زَادَهَا فِي تَعْرِيفِ الدَّلَالَةِ الْوَضْعِيَّةِ فَإِنَّ إرَادَةَ الْفَهْمِ غَيْرُ، فَهْمِ الْإِرَادَةِ، وَالْمُلْتَزَمُ فِي الِاسْتِعْمَالِ هُوَ الْأَوَّلُ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَلَيْسَ لَهُ دَخْلٌ لَا فِي تَمَامِ الدَّلَالَةِ الْوَضِيعَةِ وَلَا فِي صِحَّةِ الِاسْتِعْمَالِ قِيلَ إنَّ الْغَلَطَ الْجَنَانِيَّ حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعَ لَهُ، وَالْخَطَأُ إنَّمَا هُوَ فِي إثْبَاتِ الصُّورَةِ لِغَيْرِ ذِي الصُّورَةِ اهـ.

وَأَقُولُ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ التَّصَوُّرَاتِ لَا يَقَعُ فِيهَا الْخَطَأُ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَوْقِيفٍ)، أَيْ: عَلَى أَنَّ الْوَاضِعَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ الْوَضْعَ جَعَلَ اللَّفْظَ دَلِيلًا عَلَى الْمَعْنَى، وَهُوَ غَيْرُ التَّوْقِيفِ فَإِنَّهُ تَفْهِيمُ الْمَعْنَى وَأَيْضًا هَذَا يُنَافِي أَوَّلَ عِبَارَتِهِ الْمُفِيدَ أَنَّ الْوَاضِعَ هُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَوْ قَالَ بِأَنَّ وَاضِعَهَا وَاضِعَ اللُّغَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ لِلَّهِ، أَوْ غَيْرِهِ كَانَ، أَوْلَى.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْمُرَادَ وَضْعُهَا حَقِيقَةً عَلَى أَنَّ الْوَاضِعَ الْبَشَرُ، أَوْ حُكْمًا عَلَى أَنَّ الْوَاضِعَ هُوَ اللَّهُ فَإِنْ اسْتِعْمَالَهُمْ لَهَا وَظُهُورَهَا عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ كَالْوَضْعِ، وَإِنَّمَا ارْتَكَبَ الشَّارِحُ هَذَا لِأَجْلِ النِّسْبَةِ فِي قَوْلِهِ لُغَوِيَّةٌ فَإِنَّهَا لَا تُنْسَبُ لَهُمْ إلَّا إذَا كَانَ الْوَاضِعُ لَهَا هُمْ وَلَوْ عَبَّرَ كَمَا قَالَ لَدَخَلَتْ الشَّرْعِيَّةُ.

وَقَدْ يُقَالُ كَانَ يُمْكِنُ الشَّارِحُ الِاسْتِغْنَاءَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا بَيْنَهُمْ

ص: 394

الْعُرْفِ الْعَامِّ كَالدَّابَّةِ لِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ كَالْحِمَارِ، وَهِيَ لُغَةٌ لِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ الْخَاصُّ كَالْفَاعِلِ لِلِاسْمِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ النُّحَاةِ (وَشَرْعِيَّةٌ) بِأَنْ وَضَعَهَا الشَّارِعُ كَالصَّلَاةِ لِلْعِبَادَةِ الْمَخْصُوصَةِ (وَوَقَعَ الْأُولَيَانِ)، أَيْ: اللُّغَوِيَّةُ، وَالْعُرْفِيَّةُ بِقِسْمَيْهَا جَزْمًا وَفِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ الْأُولَتَانِ بِالْفَوْقَانِيَّةِ مُثَنَّى الْأَوَّلَةِ، وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ جَرَتْ عَلَى الْأَلْسِنَةِ، وَالْكَثِيرُ الْأُولَى كَمَا ذَكَره النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فَمُثَنَّاهُ الْأُولَيَانِ بِالتَّحْتَانِيَّةِ مَعَ ضَمِّ الْهَمْزَةِ (وَنَفَى قَوْمٌ إمْكَانَ الشَّرْعِيَّةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَ اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى مُنَاسَبَةً مَانِعَةً مِنْ نَقْلِهِ إلَى غَيْرِهِ.

(وَ) نَفَى (الْقَاضِي) أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ (وَابْنُ الْقُشَيْرِيِّ وُقُوعَهَا) قَالَا وَلَفْظُ الصَّلَاةِ مَثَلًا مُسْتَعْمَلٌ فِي الشَّرْعِ فِي مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ أَيْ الدُّعَاءِ بِخَيْرٍ

ــ

[حاشية العطار]

لَا يُقَالُ فِي تَقْسِيمِ الْحَقِيقَةِ إلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ تَقْسِيمُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ، وَإِلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ الْمُعَرَّفَ الْحَقِيقَةُ الْعُرْفِيَّةُ عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ التَّقْسِيمُ لِمَفْهُومِ الْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ (قَوْلُهُ: لِلْعُرْفِ الْعَامِّ) ، وَهُوَ مَا لَا يَتَعَيَّنُ نَاقِلُهُ.

(قَوْلُهُ: لِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ) قَالَ الْبُدَخْشِيُّ خَصَّهَا الْعُرْفُ بِذَوَاتِ الْحَوَافِرِ، وَهِيَ الْخَيْلُ، وَالْبَغْلُ، وَالْحِمَارُ فَلَوْ، أَوْصَى شَخْصٌ لِآخَرَ بِإِعْطَاءِ دَابَّةٍ وَجَبَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ.

(قَوْلُهُ: مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ)، أَيْ: مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ الْخَاصِّ) ، وَهُوَ مَا تَعَيَّنَ نَاقِلُهُ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْأَعْلَامُ الشَّخْصِيَّةُ فَإِنَّ وَاضِعَهَا خَاصٌّ، وَهُوَ الْمُسَمِّي وَأَوْرَدَ أَنَّ الْعُرْفَ الْخَاصَّ مَا خَصَّ طَائِفَةً، وَالْأَعْلَامُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ الْعُرْفِ الْعَامِّ وَأَوْرَدَ أَنَّ الْعَامَّ لَا يَتَعَيَّنُ وَاضِعُهُ، وَهَذِهِ وَاضِعُهَا مُعَيَّنٌ فَإِنَّا نَجْزِمُ بِأَنَّ الْوَاضِعَ وَاحِدٌ، أَوْ اثْنَانِ مَثَلًا، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ خُصُوصُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، أَوْ أَنَّ شُيُوعَ هَذِهِ الْأَعْلَامِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَمُوَافَقَتَهُمْ عَلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَضْعِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ وَضَعَهَا الشَّارِعُ) هَذَا مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهَا عُرْفِيَّةٌ لِلْفُقَهَاءِ فَإِذَا وُجِدَتْ الصَّلَاةُ، وَالزَّكَاةُ وَنَحْوُهُمَا فِي كَلَامِ الشَّارِعِ مُحْتَمِلَةٌ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، وَالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ حُمِلَتْ عَلَى الشَّرْعِيِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعَلَى اللُّغَوِيِّ عِنْدَ غَيْرِهِمْ اهـ.

زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: جَزْمًا) تَبِعَ فِي الْجَزْمِ بِوُقُوعِ الْعُرْفِيَّةِ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ الْعِرَاقِيُّ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْعُرْفِيَّةِ الْخَاصَّةِ أَمَّا الْعَامَّةُ فَأَنْكَرَهَا قَوْمٌ كَالشَّرْعِيَّةِ اهـ.

زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْأَوْلَةُ.

(قَوْلُهُ: قَلِيلَةٌ)، أَيْ: فِي أَصْلِ اللُّغَةِ وَقَوْلُهُ جَرَتْ عَلَى الْأَلْسِنَةِ، أَيْ: أَلْسِنَةِ الْمُوَلَّدِينَ فَلَا تُنَافِي.

(قَوْلُهُ: فِي مَجْمُوعِهِ) هُوَ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

(قَوْلُهُ: وَنَفَى قَوْمٌ إمْكَانَ الشَّرْعِيَّةِ) هُوَ كَمَالٌ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ الْإِمَامِ وَالْآمِدِيِّ إنَّهَا مُمْكِنَةٌ اتِّفَاقًا فَلَعَلَّهُمَا لَمْ يَطَّلِعَا عَلَى قَوْلِ النَّافِي، أَوْ لَمْ يَعْتَبِرَاهُ اهـ.

زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَ اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ مَا أَوَّلًا، فَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعَى إذَا لَا مَانِعَ مِنْ تَحَقُّقِ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اللَّفْظِ، وَمَعْنًى وَاحِدٍ لَكِنْ لَا يُفِيدُ نَفْيُ الْحَقِيقَةِ الْمُرْتَجَلَةِ غَيْرَ الْمَنْقُولَةِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْمَنْقُولِ نَفْيَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَخَصِّ نَفْيُ الْأَعَمِّ.

وَأَمَّا ثَانِيًا، فَهَذَا التَّعْلِيلُ يُوجِبُ عَدَمَ نَفْيِ الْعُرْفِيَّةِ أَيْضًا وَقَوْلُ سم إنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَعَلَّهُمْ يَلْتَزِمُونَ نَفْيَ الْعُرْفِيَّةِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ فِي النَّقْلِ عَنْهُمْ لِعَدَمِ تَصْرِيحِهِمْ بِنَفْيِ غَيْرِهِمَا مَعَ احْتِمَالِ فَرْقِهِمْ بَيْنَهُمَا، وَالتَّصَرُّفُ فِي الدَّلِيلِ بِحَيْثُ يَخُصُّ الشَّرْعِيَّةَ مَرْدُودٌ فَإِنَّ مِثْلَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى النَّقْلِ لَا عَلَى مُجَرَّدِ التَّرَجِّي، وَالِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ بِصَدَدِ نَقْلِ الْأَقْوَالِ فَلَوْ وَقَعَ مِنْهُمْ تَصْرِيحٌ بِذَلِكَ لَنَقَلَهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَنَفَى الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي أَنَّهَا مُقِرَّةٌ عَلَى

ص: 395

لَكِنْ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ أُمُورًا كَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ (وَقَالَ قَوْمٌ وَقَعَتْ مُطْلَقًا وَقَوْمٌ) وَقَعَتْ

ــ

[حاشية العطار]

حَقَائِقِ اللُّغَاتِ لَمْ تُنْقَلْ وَلَمْ يَزِدْ فِي مَعْنَاهَا وَثَمَّ قَالَ وَاسْتَمَرَّ الْقَاضِي عَلَى لَجَاجٍ ظَاهِرٍ فَقَالَ إنَّ الصَّلَاةَ الدُّعَاءُ، وَالْمُسَمَّى بِهَا فِي الشَّرْعِ دُعَاءٌ عِنْدَ وُقُوعِ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ، ثُمَّ الشَّرْعُ لَا يَزْجُرُ عَنْ تَسْمِيَةِ الدُّعَاءِ الْمَحْضِ صَلَاةً وَطَرَدَ ذَلِكَ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي فِيهَا الْكَلَامُ، وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ فَإِنَّ حَمَلَةَ الشَّرِيعَةِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الرُّكُوعَ، وَالسُّجُودَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَمَسَاقُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمُسَمَّى بِالصَّلَاةِ الدُّعَاءُ فَحَسْبُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ اهـ وَقَالَ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ الْقَاضِي فَقَالَ الْأُسْتَاذُ يَعْنِي أَبَا إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ إنَّ اسْتِعْمَالَ الشَّارِعِ الْأَسْمَاءَ كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فِي الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ وَضْعِ اللُّغَةِ، بَلْ هِيَ مُقَرَّرَةٌ عَلَى حَقَائِقِهَا اللُّغَوِيَّةِ.

وَقَالَ الْمَرَاغِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ مَعَانِيهَا الشَّرْعِيَّةَ حَقَائِقُهَا اللُّغَوِيَّةُ وَقَالَ الْخَنْجِيُّ مَذْهَبُ الْقَاضِي أَنَّ كُلَّ مَا يُدَّعَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، فَهُوَ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ وَزَادَ عَلَيْهِ الْجَارْبُرْدِيُّ قَوْلَهُ لَمْ تَبْلُغْ رُتْبَةَ الْحَقَائِقِ، أَيْ: هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ، وَالزِّيَادَاتُ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي مَعَانِيهَا قَالَ الْعُبْرِيُّ وَكَرَمُ الْأُسْتَاذُ، أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ لِعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ قَالَ الْبُدَخْشِيُّ.

أَقُولُ لَا خَفَاءَ فِي ضَعْفِهِ؛ إذْ الْمُحَقِّقُ مَنْ يَعْرِفُ الرِّجَالَ بِالْحَقِّ لَا الْحَقَّ بِالرِّجَالِ، بَلْ الْحَقُّ التَّفْصِيلُ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِتَقَرُّرِهَا عَلَى حَقَائِقِهَا مَا ذَكَرَهُ الْمَرَاغِيُّ، فَهُوَ بَاطِلٌ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهَا مَعَانٍ حَدَثَتْ وَكَانَ أَهْلُ اللُّغَةِ لَا يَعْرِفُونَهَا، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهَا حَقَائِقُ فِي مَعَانِيهَا لُغَةً.

وَفِي مَعَانِيهَا الشَّرْعِيَّةِ مَجَازَاتٌ لَيْسَتْ بِحَقِيقَةٍ أَصْلًا، فَهُوَ بَاطِلٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تُفْهَمُ مِنْهَا بِلَا قَرِينَةٍ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ مَعَانِيهَا الَّتِي يَدَّعِي كَوْنَ الْأَلْفَاظِ فِيهَا حَقَائِقَ شَرْعِيَّةً مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ وَزِيَادَةٍ، وَالْأَلْفَاظَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي اللُّغَوِيَّةِ الْحَاصِلَةِ فِي ضِمْنِ الشَّرْعِيَّةِ لَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمُرَكَّبِ مِنْهَا، وَالزِّيَادَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْجَارْبُرْدِيُّ، فَهِيَ مُقَرَّرَةٌ عَلَى حَقَائِقِهَا اللُّغَوِيَّةِ وَكَوْنُهَا مَجَازَاتٍ؛ لِاسْتِعْمَالِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ، فَهَذَا بَاطِلٌ أَيْضًا لِلْقَطْعِ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِعِ صَلُّوا لَيْسَ مَعْنَاهُ افْعَلُوا الدُّعَاءَ الَّذِي فِي ضِمْنِ الْأَرْكَانِ الْمَخْصُوصَةِ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهَا حَقَائِقُ لُغَوِيَّةٌ وَاسْتِعْمَالَهَا فِي الشَّرْعِيَّةِ لَيْسَ بِوَضْعِ الشَّارِعِ إيَّاهَا فِي هَذِهِ الْمَعَانِي فَلَهُ وَجْهٌ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ الْأَلْفَاظُ الْمُتَدَاوَلَةُ شَرْعًا.

وَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ فِي غَيْرِ مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ، فَهَلْ ذَلِكَ بِوَضْعِ الشَّارِعِ لَهَا لِمُنَاسَبَةٍ، أَوْ لَا وَاسْتِعْمَالُهَا فِيهَا لِلْمُنَاسَبَةِ بِقَرِينَةٍ مَجَازًا مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ مُغْنٍ عَنْ الْقَرِينَةِ فَتَكُونُ مَجَازَاتٍ لُغَوِيَّةٍ، ثُمَّ غَلَبَتْ فِي الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ لِكَثْرَةِ دَوَرَانِهَا عَلَى أَلْسُنِ أَهْلِ الشَّرْعِ؛ لِاحْتِيَاجِهِمْ إلَى التَّعْبِيرِ عَنْهَا دُونَ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ فَصَارَتْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً لَهُمْ حَتَّى إذَا وَجَدْنَاهَا فِي كَلَامِ الشَّارِعِ مُجَرَّدَةً عَنْ الْقَرِينَةِ مُحْتَمِلَةً لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَالشَّرْعِيِّ فَعَلَى أَيِّهِمَا تُحْمَلُ فَاخْتَارَ الْقَاضِي الثَّانِيَ، وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَضْعِ الشَّارِعِ، بَلْ بِالطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَاخْتَارَ غَيْرُهُ الْأَوَّلَ، وَهُوَ أَنَّهُ بِوَضْعِهِ وَأَنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الشَّرْعِيِّ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهَا قَدْ صَارَتْ حَقَائِقَ فِي مَعَانِيهَا الثَّوَانِي أَيْضًا وَأَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ بِلَا قَرِينَةٍ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْكَلَامِ، وَالْفِقْهِ، وَالْأُصُولِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشَّرْعِ تُحْمَلُ عَلَى الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ اهـ.

كَلَامُ الْفَاضِلِ الْبُدَخْشِيِّ فَقَدْ عَلِمْت مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْبُرْهَانِ، وَمَا نَقَلَهُ الْبُدَخْشِيُّ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ فِي تَقْرِيرِ مَذْهَبِ الْقَاضِي مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَاهُ.

وَقَدْ تَبِعَهُمَا فِي ذَلِكَ النَّقْلِ الْمَرَاغِيُّ وَبَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ الْبُدَخْشِيُّ وَأَنَّ مَا قَالَهُ الْبُدَخْشِيُّ يَرْجِعُ لِلْبَحْثِ فِي الْمَنْقُولِ لَا فِي صِحَّةِ النَّقْلِ، وَمَا قَالَهُ شَارِحُ الْمُخْتَصَرِ، وَهُوَ الْعَضُدُ تَأْوِيلٌ لِكَلَامِ الْقَاضِي وَظَهَرَ لَك الْحَقُّ عِيَانًا وَقَدَرْت عَلَى تَزْيِيفِ مَا تَنَازَعَ فِيهِ الْعَلَّامَتَانِ النَّاصِرُ وسم وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يُصِبْ الْمَحَزَّ إنْ كُنْت ذَكِيًّا فَتَبَصَّرْ.

وَفِي كَلَامِ الْأَفَاضِلِ تَدَبَّرْ وَلَا يُهَوِّلُنَّك هَذِهِ التَّهَايُلُ وَكَثْرَةُ الْقَالِ، وَالْقِيلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ إلَخْ) ، أَيْ: لَا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ الصَّلَاةِ، وَإِلَّا كَانَتْ مَجَازًا لُغَوِيًّا حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً وَبِحَمْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى تَوَافُقٌ مَعَ قَوْلِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ، وَالْمُسَمَّى بِهَا مَا فِي الشَّرْعِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ قَوْمٌ وَقَعَتْ مُطْلَقًا) هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ، وَالْمُعْتَزِلَةُ وَاخْتَلَفُوا

ص: 396

(إلَّا الْإِيمَانَ) فَإِنَّهُ فِي الشَّرْعِ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، أَيْ: تَصْدِيقِ الْقَلْبِ، وَإِنْ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ التَّلَفُّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ الْقَادِرِ كَمَا سَيَأْتِي (وَتَوَقَّفَ الْآمِدِيُّ) فِي وُقُوعِهَا (، وَالْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَالْإِمَامَيْنِ) أَيْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْإِمَامِ الرَّازِيّ (وَابْنُ الْحَاجِبِ وُقُوعُ الْفَرْعِيَّةِ) كَالصَّلَاةِ (لَا الدِّينِيَّةِ) كَالْإِيمَانِ فَإِنَّهَا فِي الشَّرْعِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ (وَمَعْنَى الشَّرْعِيِّ)

ــ

[حاشية العطار]

فِي كَيْفِيَّةِ وُقُوعِهَا فَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ إنَّهَا حَقَائِقُ وَضَعَهَا الشَّارِعُ مُبْتَكَرَةً لَمْ يُلَاحِظْ فِيهَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ أَصْلًا وَلَا لِلْعَرَبِ فِيهَا تَصَرُّفٌ وَقَالَ غَيْرُهُمْ إنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَقَائِقِ اللُّغَوِيَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ اُسْتُعِيرَ لَفْظُهَا لِلْمَدْلُولِ الشَّرْعِيِّ لِعَلَاقَةٍ، فَهِيَ عَلَى هَذَا مَجَازَاتٌ لُغَوِيَّةٌ وَحَقَائِقُ شَرْعِيَّةٌ هَذَا، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مَا سَيُذْكَرُ اهـ.

زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: الْإِيمَانَ) أَيْ فَقَطْ لَا غَيْرُ فَغَايَرَ الْمُخْتَارَ الْآتِي.

(قَوْلُهُ: أَيْ: تَصْدِيقِ الْقَلْبِ إلَخْ) بَحَثَ فِيهِ النَّاصِرُ بِأَنَّ الْإِيمَانَ شَرْعًا مَعْنَاهُ تَصْدِيقُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَمِيعِ مَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مَجِيئُهُ بِهِ وَلُغَةً مُطْلَقُ التَّصْدِيقِ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ، وَالْأَعَمُّ غَيْرُ الْأَخَصِّ قَطْعًا، وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ بِدُونِ الْعَكْسِ اهـ.

وَمُحَصِّلُ مَا أَجَابَ بِهِ سم أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ حَقِيقَةٌ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُ الْعَامِّ فِيهِ، وَهُوَ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ إذْ لِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ إنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْخَاصِّ هُنَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ فَيَعُودُ الْإِشْكَالُ، فَالْحَقُّ أَنَّ مَبْنِيَّ الْبَحْثِ عَلَى أَنَّ التَّصْدِيقَ الشَّرْعِيَّ مُغَايِرٌ لِلتَّصْدِيقِ اللُّغَوِيِّ بِالْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمُتَكَلِّمِينَ، وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ التَّصْدِيقَ اللُّغَوِيَّ هُوَ الشَّرْعِيُّ، بَلْ الْمَنْطِقِيُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ وَحَوَاشِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ وَعَلَى هَذَا الْإِشْكَالُ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الْكَمَالُ وَجَعْلُ الْمُتَعَلِّقِ خَاصًّا فِي الْإِيمَانِ لَا يَقْتَضِي نَقْلَهُ عَنْ كَوْنِهِ تَصْدِيقًا بِالْقَلْبِ هُوَ بَاقٍ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ) قَالَ النَّاصِرُ لَا يَتِمُّ إلَّا إذَا كَانَ اعْتِبَارُ التَّلَفُّظِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لَا شَطْرٌ اهـ.

قُلْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى التَّحْقِيقِ فَتَمَّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: إمَامِ الْحَرَمَيْنِ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَأَمَّا الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا فَيَقْتَضِي بَيَانُهُ تَقْدِيمَ أَصْلٍ، وَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ فَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا بَنَيْنَا عَلَيْهِ غَرَضَنَا وَقُلْنَا الدُّعَاءُ الْتِمَاسٌ وَأَفْعَالُ الْمُصَلِّي أَحْوَالٌ يَخْضَعُ فِيهَا لِرَبِّهِ عز وجل وَيَبْتَغِي فِيهَا الْتِمَاسًا فَعَمَّمَ الشَّارِعُ عُرْفًا فِي تَسْمِيَةِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ دُعَاءً تَجَوُّزًا وَاسْتِعَارَةً وَخَصَّصَ اسْمَ الصَّلَاةِ بِدُعَاءٍ مَخْصُوصٍ فَلَا تَخْلُو الْأَلْفَاظُ الشَّرْعِيَّةُ عَنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُمَا مُلْتَقِيَانِ مِنْ عُرْفِ الشَّرْعِ فَمَنْ قَالَ إنَّ الشَّرْعَ زَادَ فِي مُقْتَضَاهَا وَأَرَادَ هَذَا فَقَدْ أَصَابَ الْحَقَّ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ، فَالْحَقُّ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَنْ قَالَ إنَّهَا نُقِلَتْ نَقْلًا كُلِّيًّا فَقَدْ زَلَّ فَإِنَّ فِي الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ اعْتِبَارَ مَعَانِي اللُّغَةِ مِنْ الدُّعَاءِ، وَالْقَصْدِ، وَالْإِمْسَاكُ فِي الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا الدِّينِيَّةِ)، أَيْ: الْمُتَعَلِّقَةِ بِأُصُولِ الدِّينِ الشَّامِلِ لِلْإِيمَانِ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْمٌ إلَّا الْإِيمَانَ (قَوْلُهُ:، وَمَعْنَى الشَّرْعِيِّ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَوَّلًا أَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ، وَهِيَ اللَّفْظُ الَّذِي وَضَعَهُ الشَّارِعُ مَفْهُومٌ كُلِّيٌّ مَنْزِلَتُهُ مَعَ أَفْرَادِهِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَهُ مَنْزِلَةُ الْجِنْسِ مَعَ أَنْوَاعِهِ فَأَفْرَادُ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ لَفْظُ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ مُسَمَّيَاتٌ هِيَ حَقَائِقُ كُلِّيَّةٌ أَيْضًا وَحَيْثُ عُلِمَ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ مَعْنَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ عِلْمُ مَا صَدَقَاتُ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ تَسْتَلْزِمُ مَعْرِفَةَ مَا صَدَقَاتُهُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْكَلَامَ هُنَا لِمُجَرَّدِ الْإِيضَاحِ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ.

وَقَدْ يُطْلَقُ إلَخْ، ثُمَّ إنَّ كَلَامَهُ لَا يَخْلُو عَنْ قَلَاقَةٍ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ بِمُقْتَضَى مَا مَهَّدْنَاهُ وَبِمُقْتَضَى إضَافَةِ مَعْنًى لِلشَّرْعِيِّ هُوَ اللَّفْظُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ أَيْضًا لِقَوْلِهِ بَعْدُ، وَقَدْ يُطْلَقُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ هُنَا الِاسْتِعْمَالُ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْأَلْفَاظِ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يُسْتَفَدْ اسْمُهُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ انْصَرَفَ عَنْ هَذَا الْمُتَبَادِرِ إلَى إرَادَةِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِجَعْلِ الْإِضَافَةِ بَيَانِيَّةً وَلِلِاسْتِخْدَامِ فِي قَوْلِهِ

ص: 397

الَّذِي هُوَ مُسَمَّى مَا صَدَقَ الْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ (مَا)، أَيْ: شَيْءٌ (لَمْ يُسْتَفَدْ اسْمُهُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ) كَالْهَيْئَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالصَّلَاةِ (وَقَدْ يُطْلَقُ)، أَيْ: الشَّرْعِيُّ (عَلَى الْمَنْدُوبِ، وَالْمُبَاحِ) ، وَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْلُهُمْ مِنْ النَّوَافِلِ مَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، أَيْ: تُنْدَبُ كَالْعِيدَيْنِ.

وَمِنْ الثَّانِي قَوْلُ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمِهِ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ بَدَلُ الْمُبَاحِ الْوَاجِبُ، وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا يُقَالُ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الشَّيْءَ، أَيْ: أَبَاحَهُ وَشَرَعَهُ، أَيْ: طَلَبه وُجُوبًا، أَوْ نَدْبًا وَلَا يَخْفَى

ــ

[حاشية العطار]

وَقَدْ يُطْلَقُ إلَخْ حَيْثُ أُرِيدَ بِالشَّرْعِيِّ أَوَّلًا الْمَعْنَى وَأُعِيدَ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ بِمَعْنَى اللَّفْظِ.

وَلَوْ أَنَّهُ حَذَفَ لَفْظَ اسْمٍ لَبَقِيَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْمُتَبَادِرِ وَانْتَفَتْ الْقَلَاقَةُ وَالشَّارِحُ رحمه الله حَمَلَهُ عَلَى الْمَعْنَى حَيْثُ قَالَ الَّذِي هُوَ مُسَمًّى؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى الْمَعْنَى، ثُمَّ مَثَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَكَالْهَيْئَةِ الْمُسَمَّاةِ فَكُلُّ هَذَا صَرِيحٌ فِي الْحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى فَلْنَعُدْ لِحَلِّ الْعِبَارَةِ عَلَيْهِ فَنَقُولُ مَعْنَى الشَّرْعِيِّ أَيْ وَبَيَانُ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي هِيَ مُسَمَّى أَيِّ مَدْلُولٍ مَا صَدَقَ، أَيْ: إفْرَادُ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَيْ وَبَيَانُ الْمَعَانِي الْكُلِّيَّةِ الْمَدْلُولَةِ لِلْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي هِيَ، أَيْ: تِلْكَ الْأَلْفَاظُ الشَّرْعِيَّةُ مَا صَدَقَاتُ، أَيْ: إفْرَادُ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَفْهُومَ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَفْظٌ وَضَعَهُ الشَّارِعُ فَإِفْرَادُهُ مَا صَدَقَاتُ ذَلِكَ اللَّفْظِ الَّتِي هِيَ الصَّلَاةُ وَنَحْوُهَا وَقَوْلُهُ كَالْهَيْئَةِ بَيَانٌ لِمُسَمَّى تِلْكَ الْمَاصَدَقَاتِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يُسْتَفَدْ اسْمُهُ، أَيْ: وُضِعَ ذَلِكَ الِاسْمُ لَهُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْضُوعُ لَهُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً أَمْ مَجَازًا شَرْعِيًّا، وَإِنَّمَا اخْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا، أَوْ لَمْ يُسْتَفَدْ كَوْنُ اللَّفْظِ الْمَخْصُوصِ اسْمًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ، فَالْمُسْتَفَادُ مِنْ الشَّرْعِ وَضْعُهُ، أَوْ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ اسْمًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ لَا ذَاتَه، فَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ: وَضْعِ اسْمِهِ، أَوْ وَصْفِهِ قَالَ الْكَمَالُ وَكَانَ الْأَلْيَقُ بِالشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ، وَمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الَّذِي هُوَ مُسَمَّى الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ الصَّادِقِ بِالْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالْمَجَازِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إضَافَةُ الْمُسَمَّى لِلِاسْمِ وَجَعْلُ الْمَاصَدَقِ اللَّفْظَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ الْأَلْيَقُ أَنْ يَقُولَ، وَالشَّرْعِيُّ الِاسْمُ الَّذِي لَمْ يُسْتَفَدْ وَضْعُهُ لِمَعْنَاهُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ اهـ.

وَهُوَ كَلَامٌ جَيِّدٌ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْنَاهُ، وَمُنَاقَشَةُ سم لَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ نَعَمْ الْأَوْلَى الْأَلْيَقِيَّةُ لِلْمُصَنِّفِ لَا لِلشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ حَمْلِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهَا بِحَسَبِ الْإِضَافَةِ إلَّا أَنَّهُ صَدَّهُ عَنْ ذَلِكَ قَضِيَّةُ الْإِخْبَارِ وَزِيَادَةُ لَفْظِ اسْمٍ فَحَمَلَهَا عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ بِحَسَبِهِمَا.

وَأَمَّا اعْتِرَاضُ النَّاصِرِ بِقَوْلِهِ إنَّ الشَّرْعِيَّ مَوْضُوعٌ بِإِزَاءِ مَفْهُومٍ كُلِّيٍّ هُوَ شَيْءٌ لَمْ يُسْتَفَدْ اسْمُهُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ، وَإِنَّ الصَّلَاةَ مَثَلًا مَوْضُوعٌ بِإِزَاءِ الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّ الْهَيْئَةَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ لَا نَفْسِهِ، فَهِيَ أَخَصُّ مِنْهُ، وَالْأَخَصُّ لَا يُحْمَلُ عَلَى أَعَمِّهِ بِهُوَ هُوَ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ اهـ.

فَلَا اتِّجَاهَ لَهُ أَصْلًا، بَلْ هُوَ مَحْضُ مُغَالَطَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، وَمَعْنَى الشَّرْعِيِّ مُعَرَّفٌ وَقَوْلُهُ، وَمَا لَمْ يُسْتَفَدْ اسْمُهُ إلَخْ تَعْرِيفٌ، وَالتَّعْرِيفَاتُ لَا حَمْلَ فِيهَا بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ كَمَا حُقِّقَ فِي مَوْضِعِهِ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْحَمْلَ حَقِيقِيٌّ فَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ حَمْلِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، وَمَعْنَى الشَّرْعِيِّ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ، وَمَعْنَى اللَّفْظِ الشَّرْعِيِّ، أَوْ، وَهَذَا الْمَعْنَى أَعْنِي الْمَفْهُومَ الْكُلِّيَّ لِلَّفْظِ الشَّرْعِيِّ هُوَ بِعَيْنِهِ مَفْهُومٌ مَا لَمْ يُسْتَفَدْ إلَخْ، فَهُمَا مُتَّحِدَانِ مَا صَدَقَا مُتَغَايِرَانِ بِالْإِجْمَالِ، وَالتَّفْصِيلِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُعَرَّفِ مَعَ الْمُعَرِّفِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ كَالْهَيْئَةِ إلَخْ، فَهُوَ تَمْثِيلٌ بِذِكْرِ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ، فَهُوَ نَظِيرُ مَا يُقَالُ الْفَاعِلُ هُوَ الِاسْمُ الْمَرْفُوعُ إلَخْ كَزَيْدٍ مِنْ قَامَ زَيْدٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْحَمْلِ فِي شَيْءٍ كَمَا زَعَمَ هَذَا خُلَاصَةُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ ولسم هَاهُنَا تَطْوِيلٌ مُمْلٍ لَا يَخْلُو عَنْ شَغَبٍ يُحَيِّرُ الْإِفْهَامَ (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ مُسَمَّى) صِفَةٌ لِلْمَعْنَى، وَمَا صَدَقُ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ هُوَ مَا صَدَقُهُ، أَيْ: حُمِلَتْ عَلَيْهِ مِنْ أَفْرَادِهَا كَلَفْظِ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ فَإِنَّهُ يُقَالُ الصَّلَاةُ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ مَثَلًا، أَيْ: لَمْ تُسْتَفَدْ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ.

(قَوْلُهُ: كَالْهَيْئَةِ) مِثَالٌ لِمَعْنَى اللَّفْظِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ الْمُسَمَّى.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُطْلَقُ إلَخْ) اسْتِطْرَادٌ لِمُنَاسَبَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي الِاسْمِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْكُورَانِيِّ هَذَا مِمَّا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ) أَيْ الْمُبَاحِ فَإِنَّ الْمُبَاحَ مَأْذُونٌ فِيهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِمَأْذُونٍ فِيهِ وَيُمَثِّلُ لَهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِمْ بَيْعُ الْمَجْهُولِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَشَرْعُ السَّلَمِ

ص: 398