الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] وَقِيلَ إنَّهُ فِيهِ كَإِسْتَبْرَقٍ فَارِسِيَّةٌ لِلدِّيبَاجِ الْغَلِيظِ وَقِسْطَاسٌ رُومِيَّةٌ لِلْمِيزَانِ وَمِشْكَاةٌ هِنْدِيَّةٌ لِلْكُوَّةِ الَّتِي لَا تَنْفُذُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ وَنَحْوَهَا اتَّفَقَ فِيهَا لُغَةُ الْعَرَبِ وَلُغَةُ غَيْرِهِمْ كَالصَّابُونِ وَلَا خِلَافَ فِي وُقُوعِ الْعَلَمِ الْأَعْجَمِيِّ فِي الْقُرْآنِ كَإِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُسَمَّى مُعَرَّبًا كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا حَيْثُ قَالَ غَيْرُ عَلَمٍ وَأَنْ يُسَمَّى كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْعَلَمَ مُتَّفَقٌ عَلَى وُقُوعِهِ وَعَقَّبَ هُنَا الْمَجَازَ بِالْمُعَرَّبِ لِشَبَهِهِ بِهِ حَيْثُ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِيمَا لَمْ يَضَعُوهُ لَهُ كَاسْتِعْمَالِهِمْ الْمَجَازَ فِيمَا لَمْ يَضَعُوهُ لَهُ ابْتِدَاءً
(مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ) الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنًى (إمَّا حَقِيقَةٌ) فَقَطْ (أَوْ مَجَازٌ) فَقَطْ كَالْأَسَدِ لِلْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ أَوْ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ (أَوْ حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ بِاعْتِبَارَيْنِ) كَأَنْ وُضِعَ لُغَةً لِمَعْنًى عَامٍّ ثُمَّ خَصَّهُ الشَّرْعُ أَوْ الْعُرْفُ بِنَوْعٍ مِنْهُ كَالصَّوْمِ فِي اللُّغَةِ لِلْإِمْسَاكِ خَصَّهُ الشَّرْعُ بِالْإِمْسَاكِ الْمَعْرُوفِ وَالدَّابَّةِ فِي اللُّغَةِ لِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ
ــ
[حاشية العطار]
مَا اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ كَانَ مِنْ أَوْضَاعِهِمْ أَوَّلًا وَفِي إدْرَاجِ لَفْظَةِ كُلٍّ إشَارَةٌ إلَى دَفْعِ مُتَمَسَّكِ الْخَصْمِ بِأَنَّ وُجُودَ كَلِمَاتٍ مِنْ غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ فِي الْقُرْآنِ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ عَرَبِيًّا لِصِحَّةِ إطْلَاقِ الْعَرَبِيِّ عَلَى مَا غَالِبُهُ عَرَبِيٌّ فَإِنْ قُلْت اشْتِمَالُهُ عَلَى غَيْرِ الْعَرَبِيِّ أَمْرٌ لَازِمٌ لِأَنَّ الْعَلَمَ الْأَعْجَمِيَّ وَاقِعٌ فِي الْقُرْآنِ بِلَا خِلَافٍ فَلَيْسَ كُلُّهُ عَرَبِيًّا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَعْلَامَ مِمَّا تَوَافَقَتْ فِيهَا لُغَةُ الْعَرَبِ وَلُغَةُ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا تَمْيِيزُ الْمُسَمَّى فِي سَائِرِ اللُّغَاتِ وَإِنَّمَا الَّذِي يَخْتَصُّ بِهَا أَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ الْكُلِّيَّةِ فَالنِّزَاعُ فِيهَا فَإِنْ قُلْت يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي نَحْوِ إبْرَاهِيمَ إنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ أُجِيبَ بِأَنَّ جَعْلَهُ أَعْجَمِيًّا بِاعْتِبَارِ سَبْقِ وَضْعِ الْعَجَمِ لَهُ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عَلَى وِزَانِ أَلْفَاظِهِمْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا خِلَافَ فِي وُقُوعِ الْعَلَمِ إلَخْ) أَيْ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ كَمَا سَمِعْت.
(قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُسَمَّى مُعَرَّبًا كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا) أَيْ بَلْ هُوَ مِنْ تَوَافُقِ اللُّغَتَيْنِ مُطْلَقًا أَوْ أَعْجَمِيٌّ مَحْضٌ إنْ وَقَعَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَحَاصِلُ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ وَأَنْ يُسَمَّى إلَخْ أَنْ بَيَّنَ كَلَامَيْ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَوْ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ تَنَافِيًا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا تَنَافِي بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ ثَمَّ عَلَى كَلَامِهِ هُنَا.
وَقَدْ يُقَالُ يُحْتَمَلُ أَنَّ تَعْرِيفَهُ هُنَا تَعْرِيفٌ لِلْمُعَرَّبِ الْمُخْتَلَفِ فِي وُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ أَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ كَاللِّجَامِ وَالْيَاقُوتِ وَالسَّمُّورِ إذْ الْعَلَمُ الْأَعْجَمِيُّ مُعَرَّبٌ قَطْعًا لِإِجْمَاعِ النُّحَاةِ عَلَى أَنَّهُ مَمْنُوعُ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ فَلَا يُنَافِي مَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمَذْكُورَ لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ مُعَرَّبًا لِجَوَازِ اتِّفَاقِ اللُّغَتَيْنِ فِيهِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ عَجَمِيَّتُهُ حَتَّى مُنِعَ مِنْ الصَّرْفِ لِأَصَالَةِ وَضْعِهَا قَالَهُ زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ اسْتَعْمَلَتْهُ إلَخْ) الْحَيْثِيَّةُ لِلتَّعْلِيلِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يَضَعُوهُ لَهُ ابْتِدَاءً) وَإِنْ وَضَعُوهُ لَهُ ثَانِيًا وَعَلَى هَذَا الْمُعَرَّبُ لَا يُوصَفُ بِالْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَضَعْهُ وَلَمْ تَسْتَعْمِلْهُ لِعَلَاقَةٍ وَقَدْ يُقَالُ مُوَافَقَةُ الْعَجَمِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْوَضْعِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً
[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنًى إمَّا حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ]
(قَوْلُهُ: الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنًى إلَخْ) فَالْبَحْثُ هُنَا فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ وَذَلِكَ غَيْرُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لِتَعَدُّدِ الْمَعْنَى فِيهِ وَأَفَادَ أَنَّهُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ لَا يُوصَفُ بِالْحَقِيقَةِ وَلَا الْمَجَازِ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارَيْنِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَعْنًى وَاحِدٍ بِخِلَافِ تَقْسِيمِ اللَّفْظِ إلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فَإِنَّهُ بِاعْتِبَارِ جُمْلَةِ الْمَعَانِي.
(قَوْلُهُ: خَصَّهُ الشَّرْعُ بِالْإِمْسَاكِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْإِمْسَاكِ الْمَخْصُوصِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ وَهُوَ حَقِيقَةٌ وَكَذَا اسْتِعْمَالُ الدَّابَّةِ فِي ذَاتِ الْحَوَافِرِ أَوْ الْفَرَسِ فَلَا يَكُونُ مَجَازًا لُغَةً.
وَالْجَوَابُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُ الْعَامِّ فِيهِ لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ.
وَقَدْ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ إذَا أُطْلِقَ لَفْظُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لَا بِاعْتِبَارِ خُصُوصِهِ بَلْ بِاعْتِبَارِ عُمُومِهِ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ الْمَجَازِ فِي شَيْءٍ كَمَا إذَا رَأَيْت زَيْدًا فَقُلْت رَأَيْت إنْسَانًا أَوْ رَأَيْت رَجُلًا فَلَفْظُ إنْسَانٍ أَوْ رَجُلٍ لَمْ يُسْتَعْمَلْ إلَّا فِيمَا وُضِعَ لَهُ لَكِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي الْخَارِجِ عَلَى زَيْدٍ
خَصَّهَا الْعَرَفُ الْعَامُّ بِذَاتِ الْحَوَافِرِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ بِالْفَرَسِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْعَامِّ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ مَجَازٌ شَرْعِيٌّ أَوْ عُرْفِيٌّ.
وَفِي الْخَاصِّ بِالْعَكْسِ وَيَمْتَنِعُ كَوْنُهُ حَقِيقَةً وَمَجَازًا بِاعْتِبَارٍ وَاحِدٍ لِلتَّنَافِي بَيْنَ الْوَضْعِ ابْتِدَاءً وَثَانِيًا إذْ لَا يَصْدُقُ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي مَعْنًى مَوْضُوعٍ لَهُ ابْتِدَاءً وَثَانِيًا (وَالْأَمْرَانِ) أَيْ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ (مُنْتَفِيَانِ) عَنْ اللَّفْظِ (قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ) لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ فِي حَدِّهِمَا فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَيَا (ثُمَّ هُوَ) أَيْ اللَّفْظُ (مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الْمُخَاطِبِ) بِكَسْرِ الطَّاءِ الشَّارِعُ أَوْ أَهْلُ الْعُرْفِ أَوْ اللُّغَةِ (فَفِي) خِطَابِ (الشَّرْعِ) الْمَحْمُولِ عَلَيْهِ الْمَعْنَى (الشَّرْعِيُّ لِأَنَّهُ عُرْفُهُ) أَيْ لِأَنَّ الشَّرْعِيَّ عُرْفُ الشَّرْعِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بُعِثَ لِبَيَانِ الشَّرْعِيَّاتِ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْنًى شَرْعِيٌّ أَوْ كَانَ وَصَرَفَ عَنْهُ صَارِفٌ فَالْمَحْمُولُ عَلَيْهِ الْمَعْنَى (الْعُرْفِيُّ الْعَامُّ) أَيْ الَّذِي يَتَعَارَفُهُ جَمِيعُ النَّاسِ بِأَنْ يَكُونَ مُتَعَارَفًا زَمَنَ الْخِطَابِ
ــ
[حاشية العطار]
قَالَ وَهَذَا بَحْثٌ يَشْتَبِهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْمُحَصِّلِينَ حَتَّى يَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ ذِكْرِ الْعَامِّ وَأَرَادَ الْخَاصَّ وَيَعْتَرِضُونَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لِلْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَمَنْشَؤُهُ عَدَمُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا يُقْصَدُ بِاللَّفْظِ مِنْ الْإِطْلَاقِ وَالِاسْتِعْمَالِ وَبَيْنَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْخَارِجِ اهـ.
قَالَ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا فِي حَاشِيَةِ التَّلْوِيحِ وَفِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّك إذَا قُلْت رَأَيْت إنْسَانًا تُرِيدُ بِالْإِنْسَانِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ رُؤْيَتُك وَمُتَعَلَّقُ الرُّؤْيَةِ هُوَ الْفَرْدُ الْمَوْجُودُ فِي الْخَارِجِ فَإِنَّ الْمَفْهُومَ الْكُلِّيَّ غَيْرُ قَابِلٍ لَأَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ الرُّؤْيَةُ فَلَفْظُ إنْسَانٍ أَوْ رَجُلٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ مُسْتَعْمَلٌ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ بِلَا شُبْهَةٍ بَقِيَ هَاهُنَا مَوْضِعُ بَحْثٍ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ زَيْدًا إذَا اُعْتُبِرَ لَا بِخُصُوصِهِ لَا يَصِحُّ عِنْدَ سَلْبِ الْإِنْسَانِ لَا لُغَةً وَلَا بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا يَكُونُ مَجَازًا بِلَا اشْتِبَاهٍ.
وَأَمَّا إذَا اُعْتُبِرَ بِخُصُوصِهِ فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ سَلْبُهُ عَنْهُ لُغَةً وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ سَلْبُهُ عَنْهُ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَجَازًا أَيْضًا لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ صِحَّةَ السَّلْبِ لَا بِحَسَبِ اللُّغَةِ فَقَطْ بَلْ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ أَيْضًا عَلَى مَا حَقَّقَهُ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَمُوجِبُ هَذَا التَّحْقِيقِ أَنْ لَا يَكُونَ ذِكْرُ الْعَامِّ وَإِرَادَةُ الْخَاصِّ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُ ذَلِكَ اهـ. وَهِيَ فَائِدَةٌ نَفِيسَةٌ فَاحْفَظْهَا.
(قَوْلُهُ: خَصَّهَا الْعُرْفُ الْعَامُّ إلَخْ) تَفْسِيرُهُ لِلْعَامِّ بِقَوْلِهِ بَعْدُ أَيْ الَّذِي يَتَعَارَفُهُ جَمِيعُ النَّاسِ يُنَافِي الْعَامَّ هُنَا إذْ لَمْ يُرِدْ بِهِ ذَلِكَ لِخُرُوجِ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَنْهُمْ وَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِهِ هُنَا مَا يَتَعَارَفُهُ غَالِبُ النَّاسِ لِمُقَابَلَتِهِ بِعُرْفِ أُولَئِكَ أَوْ إنَّ عُرْفَ أُولَئِكَ حَدَثَ بَعْدَ اتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى الْعُرْفِ الْعَامِّ اهـ. زَكَرِيَّا
(قَوْلُهُ: بَيْنَ الْوَضْعِ ابْتِدَاءً) الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الْحَقِيقَةِ وَقَوْلُهُ وَثَانِيًا أَيْ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الْمَجَازِ قَالَ النَّاصِرُ وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَ بِاعْتِبَارٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ الْمَمْنُوعُ وَأَجَابَ سم بِأَنَّ ذِكْرَهُ فِي الْمُعَلَّلِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ فِي الْعِلَّةِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الِاسْتِعْمَالَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ اللُّغَةِ) عَطْفٌ عَلَى الْعُرْفِ فَأَهْلُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْعِ الشَّارِعُ مَجَازًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَعْنَاهُ وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ.
(قَوْلُهُ: الْعُرْفِيُّ الْعَامُّ) قَيَّدَ بِالْعَامِّ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِحَمْلِ كَلَامِ الشَّارِعِ عَلَى عُرْفٍ خَاصٍّ فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ دُونَهُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي يَتَعَارَفُهُ) تَفْسِيرٌ لِلْعُرْفِيِّ الْعَامِّ وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ بَيَانٌ لِسَبَبِ التَّعَارُفِ وَتَحْقِيقٌ لِلْعُمُومِ وَأُورِدَ أَنَّهُ إنْ
وَاسْتَمَرَّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَتُهُ لِتَبَادُرِهِ إلَى الْأَذْهَانِ.
(ثُمَّ) إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَعْنًى عُرْفِيٍّ عَامٍّ أَوْ كَانَ وَصَرَفَ عَنْهُ صَارِفٌ فَالْمَحْمُولُ عَلَيْهِ الْمَعْنَى (اللُّغَوِيُّ) لِتَعَيُّنِهِ حِينَئِذٍ فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا لَهُ مَعَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لَهُ مَعْنًى عُرْفِيٌّ عَامٌّ أَوْ مَعْنًى لُغَوِيٌّ أَوْ هُمَا يُحْمَلُ أَوَّلًا عَلَى الشَّرْعِيِّ وَأَنَّ مَا لَهُ مَعْنًى عُرْفِيٌّ عَامٌّ وَمَعْنًى لُغَوِيٌّ يُحْمَلُ أَوَّلًا عَلَى الْعُرْفِ الْعَامِّ (وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ) فِيمَا لَهُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ وَمَعْنًى لُغَوِيٌّ مَحْمَلُهُ (فِي الْإِثْبَاتِ الشَّرْعِيِّ) وَفْقَ مَا تَقَدَّمَ.
(وَفِي النَّفْيِ) وَعِبَارَتُهُمَا النَّهْيُ وَعَدَلَ عَنْهُ مَعَ إرَادَتِهِ لِمُنَاسَبَةِ الْإِثْبَاتِ قَالَ (الْغَزَالِيُّ) اللَّفْظُ (مُجْمَلٌ) أَيْ لَمْ يَتَّضِحْ الْمُرَادُ مِنْهُ إذْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الشَّرْعِيِّ
ــ
[حاشية العطار]
أُرِيدَ تَحَقُّقُ الْعُمُومِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا حَاجَةَ لِقَيْدِ الِاسْتِمْرَارِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ وَإِنْ أُرِيدَ تَحْقِيقُهُ حَقِيقَةً فَلَا يَكْفِي الِاسْتِمْرَارُ إلَى زَمَنِ الْحَمْلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَحْقِيقُ الْعُمُومِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّكَلُّمِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّعَارُفِ زَمَنَ الْخِطَابِ وَاسْتِمْرَارِهِ إلَى زَمَنِ الْحَامِلِ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ إلَخْ) قَالَ النَّاصِرُ لَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَحَقُّقِ الْإِرَادَةِ وَقْتَ الْخِطَابِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ قَالَ سم وَهُوَ بَحْثٌ جَيِّدٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ نَظَرَ إلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يُنْقَلُ لَنَا الْعُرْفُ الْعَامُّ وَلَا يُعْرَفُ إلَّا إذَا كَانَ مُسْتَمِرًّا فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى كَافِ التَّمْثِيلِ فَتَدْخُلُ مَا لَمْ يَسْتَمِرَّ (قَوْلُهُ: فَالْمَحْمُولُ عَلَيْهِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ) وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ الْخَاصِّ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَا عَلَقَةَ لَهُ بِهِ كَعُرْفِ النُّحَاةِ مَثَلًا فَسَقَطَ قَوْلُ الْكُورَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْذِفَ الْعَامَّ لِيَشْمَلَ الْخَاصَّ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْعُرْفُ الْخَاصُّ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ فَفِي الشَّرْعِ إلَخْ وَإِنْ أُرِيدَ غَيْرُهُ فَلَا عَلَقَةَ لَهُ بِهِ فَإِنْ قُلْت قَوْلُ الْفُقَهَاءِ مَا لَا حَدَّ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ إذْ قَضِيَّتُهُ تَأَخُّرُ الْعُرْفِ عَنْ اللُّغَةِ.
وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ مُرَادَ الْأُصُولِيِّينَ مَا إذَا تَعَارَضَ مَعْنَى اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ وَالْفُقَهَاءِ مَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَدُّهُ فِي اللُّغَةِ وَلِهَذَا قَالُوا كُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ فِي اللُّغَةِ وَلَمْ يَقُولُوا مَعْنًى.
(قَوْلُهُ: فَحَصَلَ مِنْ هَذَا) نَتِيجَةُ مَا تَقَدَّمَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ إلَى مَا بَعْدَهُ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْ مَجَازِهِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ وَسَيَأْتِي فِي مَبْحَثِ الْمُجْمَلِ إلَخْ ثُمَّ إنْ اجْتَمَعَ الْعُرْفُ الْعَامُّ وَالْعُرْفُ الْخَاصُّ قُدِّمَ الْعَامُّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَفِي خِطَابِ الشَّرْعِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَعِبَارَتُهُمَا النَّهْيُ) أَيْ فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِمَا عَبَّرَا بِهِ وَقَوْلُهُ وَعَدَلَ إلَخْ اعْتَذَرَ عَنْهُ وَإِنَّمَا كَانَ مُرَادًا مِنْهُ لِأَنَّهُمَا صَرَّحَا بِهِ وَهُوَ بِصَدَدِ النَّقْلِ عَنْهُمَا وَهُوَ إنَّمَا يَنْقُلُ عَنْهُمَا مَا قَالَاهُ وَكَوْنُ النَّفْيِ يُقَاسُ عَلَى النَّهْيِ شَيْءٌ آخَرُ لَا عَلَقَةَ لِلنَّقْلِ عَنْهُمَا بِهِ وَأَيْضًا الْمَانِعُ مِنْ الْحَمْلِ الْفَاسِدِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ النَّهْيِ وَهَذَا قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ غَيْرِ حَقِيقَتِهِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْكَمَالِ لَا قَرِينَةَ عَلَى إرَادَةِ النَّهْيِ مِنْ النَّفْيِ وَقَوْلُ سم يُمْكِنُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالنَّفْيِ حَقِيقَتَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُغَيَّرْ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الْإِثْبَاتُ بِأَنْ يُعَبِّرَ بِالْأَمْرِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ وَالتَّأْوِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوَاخِرِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَتَّضِحْ الْمُرَادُ) أَيْ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الشَّرْعِيِّ
لِوُجُودِ النَّهْيِ وَلَا عَلَى اللُّغَوِيِّ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بُعِثَ لِبَيَانِ الشَّرْعِيَّاتِ (وَ) قَالَ (الْآمِدِيُّ) مَحْمَلُهُ (اللُّغَوِيُّ) لِتَعَذُّرِ الشَّرْعِيِّ بِالنَّهْيِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْعِيِّ مَا يُسَمَّى شَرْعًا بِذَلِكَ الِاسْمِ صَحِيحًا كَانَ أَوْ فَاسِدًا يُقَالُ صَوْمٌ صَحِيحٌ وَصَوْمٌ فَاسِدٌ وَلَمْ يَذْكُرَا غَيْرَ هَذَا الْقِسْمِ مِثَالُ الْإِثْبَاتِ مِنْهُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ قُلْنَا لَا قَالَ فَإِنِّي إذًا صَائِمٌ» فَيُحْمَلُ عَلَى الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ فَيُفِيدُ صِحَّتَهُ وَهُوَ نَفْلٌ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ وَمِثَالُ النَّهْيِ مِنْهُ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ» وَسَيَأْتِي فِي مَبْحَثِ الْمُجْمَلِ خِلَافٌ فِي تَقَدُّمِ الْمَجَازِ الشَّرْعِيِّ عَلَى الْمُسَمَّى اللُّغَوِيِّ
(وَفِي تَعَارُضِ الْمَجَازِ الرَّاجِحِ وَالْحَقِيقَةِ الْمَرْجُوحَةِ) بِأَنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ الْمَجَازِ عَلَيْهَا (أَقْوَالٌ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ
ــ
[حاشية العطار]
وَغَيْرُ اللُّغَوِيِّ لِأَنَّ اللَّفْظَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا غَيْرُ مُمْكِنٍ إرَادَتُهُمَا مِنْهُ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ مُجْمَلٌ أَيْ مُحْتَمِلٌ لَهُ إذْ لَا احْتِمَالَ مَعَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ فَاحْتِمَالُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ الشَّرْعِيِّ وَغَيْرِ اللُّغَوِيِّ فَهُوَ مُجْمَلٌ فِي غَيْرِهِمَا أَفَادَهُ النَّاصِرُ.
وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا عَدَمَ الْإِمْكَانِ عَقْلًا حَتَّى يَسْتَحِيلَ ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مُجَرَّدُ الِاسْتِبْعَادِ وَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ بَعِيدًا فَلَا يَسْتَدْعِي عَدَمَ جَوَازِ إرَادَتِهِ مِنْ اللَّفْظِ فَيَكُونُ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا مُجْمَلًا أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: لِوُجُودِ النَّهْيِ) لِأَنَّ الشَّرْعِيَّ لَا يَنْهَى عَنْهُ وَقَالَ الشَّيْخُ خَالِدٌ إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لَزِمَ صِحَّةُ صَوْمِهِ إذْ لَا يَنْهَى إلَّا عَمَّا يُمْكِنُ صَوْمُهُ شَرْعًا وَلَوْ حُمِلَ عَلَى اللُّغَوِيِّ كَانَ حَمْلًا لِلْكَلَامِ عَلَى غَيْرِ عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ.
(قَوْلُهُ: يُقَالُ صَوْمٌ صَحِيحٌ إلَخْ) سَنَدٌ لِقَوْلِهِ إنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْعِيِّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: غَيْرَ هَذَا الْقِسْمِ) أَيْ مَا لَهُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ وَمَعْنًى لُغَوِيٌّ فَقَطْ أَمَّا الْقِسْمَانِ الْآخَرَانِ وَهُمَا مَا لَهُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ وَمَعْنًى عُرْفِيٌّ وَمَا لَهُ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ فَلَمْ يَذْكُرَاهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ نَفْلٌ) لِجُمْلَةٍ مُعْتَرِضَةٍ وَقَوْلُهُ بِنِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِصِحَّةٍ أَوْ بِنَفْلٍ.
(قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ) الْمُرَادُ الصَّوْمُ اللُّغَوِيُّ لَا الشَّرْعِيُّ لِأَنَّ الزَّمَنَ لَا يَقْبَلُهُ وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ وُجُوبُ الْأَكْلِ يَوْمَ الْعِيدِ لِيَحْصُلَ انْتِفَاءُ الْإِمْسَاكِ اللُّغَوِيِّ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الصَّوْمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَأَنَّ الْحَائِضَ مَنْهِيٌّ عَنْ الدُّعَاءِ بِخَيْرٍ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الصَّلَاةُ الَّتِي نُهِيَتْ عَنْهُمَا وَالْتِزَامُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ قَطْعِيَّ الْبُطْلَانِ فَهُوَ مِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ.
(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي مَبْحَثِ الْمُجْمَلِ إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالشَّرْعِيِّ خُصُوصَ الْحَقِيقَةِ بَلْ مَا يَعُمُّ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ.
(قَوْلُهُ: الْمَجَازُ) أَيْ فِي مُسَمَّاهُ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَفِي تَعَارُضِ) أَيْ مَعَ اتِّحَادِ الْعُرْفِ وَإِلَّا قُدِّمَ الشَّرْعِيُّ ثُمَّ الْعُرْفِيُّ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْمَجَازِ هُنَا الْمَعْنَى لِوَصْفِهِ بِالرُّجْحَانِ وَكَذَلِكَ الْحَقِيقَةُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ إلَخْ مُرَادٌ بِهِ اللَّفْظُ فَفِيهِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ بِأَنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي الْمَجَازِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ إلَخْ) أَيْ فَرُجْحَانُهُ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ دُونَ الْحَقِيقَةِ وَهَذَا عَلَى أَنَّ غَلَبَةَ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْحَقِيقَةَ الْعُرْفِيَّةَ دَائِمًا بَلْ إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ الْحَقِيقَةِ فَانْدَفَعَ بَحْثُ النَّاصِرُ.
(قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ) قَالَ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْأَوْلَى الْحَقِيقَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَجَازُ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَيْضًا كَمَا تَشْهَدُ بِهِ كُتُبُ الْحَنَفِيَّةِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَعِنْدَهُ يَقَعُ عَلَى عَيْنِهَا دُونَ مَا يُتَّخَذُ مِنْهَا لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ مُسْتَعْمَلَةٌ إذْ الْحِنْطَةُ تُقْلَى وَتُغْلَى وَيُتَّخَذُ مِنْهَا الْهَرِيسَةُ وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهَا وَأَكْلِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهَا عَمَلًا بِعُمُومِ
الْحَقِيقَةُ أَوْلَى فِي الْحَمْلِ لِأَصَالَتِهَا وَأَبُو يُوسُفَ الْمَجَازُ أَوْلَى لِغَلَبَتِهِ (ثَالِثُهَا الْمُخْتَارُ) اللَّفْظُ (مُجْمَلٌ) لَا يُحْمَلُ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا بِقَرِينَةٍ لِرُجْحَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ مِثَالُهُ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَالْحَقِيقَةُ الْمُتَعَاهَدَةُ الْكَرْعُ مِنْهُ بِفِيهِ كَمَا يَفْعَلُ كَثِيرٌ مِنْ الرِّعَاءِ وَالْمَجَازُ الْغَالِبُ الشُّرْبُ بِمَا يُغْتَرَفُ مِنْهُ كَالْإِنَاءِ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهَلْ يَحْنَثُ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي أَوْ الْعَكْسُ أَوْ لَا يَحْنَثُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْأَقْوَالُ فَإِنْ هُجِرَتْ الْحَقِيقَةُ قُدِّمَ الْمَجَازُ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ
ــ
[حاشية العطار]
الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ إذْ الْمُتَعَارَفُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِنَا بَنُو فُلَانٍ يَأْكُلُونَ حِنْطَةَ بَلَدِ كَذَا أَكْلُ مَا فِي بَاطِنِهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي ضِمْنِ أَكْلِهَا أَوْ أَكْلِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ وَقِيلَ هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ عِنْدَهُ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي التَّكَلُّمِ وَعِنْدَهُمَا فِي الْحُكْمِ فَرَجَّحَ هُوَ الْمُسْتَعْمَلَةَ لِأَنَّ فِيهَا رُجْحَانًا فِي التَّكَلُّمِ إذْ الْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ وَرُجْحَانُ الْمُتَعَارَفِ لِأَنَّ لَهُ رُجْحَانًا فِي الْحُكْمِ لِشُمُولِهِ حُكْمَ الْحَقِيقَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَصَالَتِهَا) الْمُرَادُ بِالْأَصَالَةِ هُنَا مَا قَابَلَ الْخَلَفَ فَإِنَّ الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الرُّجْحَانَ وَإِلَّا نَافَى الْمَوْضُوعَ مِنْ رُجْحَانِ الْمَجَازِ.
(قَوْلُهُ: ثَالِثُهَا الْمُخْتَارُ اللَّفْظُ مُجْمَلٌ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ وَمِنْ الْمَصْحُوبِ بِهَا الْمَجَازُ الرَّاجِحُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَصْحُوبًا بِالْقَرِينَةِ لَمْ تَكُنْ الْحَقِيقَةُ مُرَادَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا إجْمَالَ لِتَعَيُّنِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِرُجْحَانِ الْمَجَازِ رُجْحَانُهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ لَا فِي خُصُوصِ الْمِثَالِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ التَّعَارُضُ بِاعْتِبَارِ إرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمَ قَدْ يَأْتِي بِمَا هُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْمَجَازِ وَالْحَقِيقَةِ وَلَا يَأْتِي بِقَرِينَةٍ مَانِعَةٍ وَإِذَا أَتَى بِالْقَرِينَةِ الْمَانِعَةِ حُمِلَ عَلَى الْمَجَازِ وَقَوْلُ بَعْضِ الْحَوَاشِي أَنَّ الْمُرَجِّحَ هُوَ الْقَرِينَةُ الْمُعَيِّنَةُ دُونَ الْمَانِعَةِ الْتِفَاتٌ إلَى الْإِجْمَالِ فِي إفْرَادِ الْمَجَازِ وَقَوْلُ سم إنَّ الْقَرِينَةَ غَلَبَةُ الِاسْتِعْمَالِ لَكِنْ عَارَضَهَا أَصَالَةُ الْحَقِيقَةِ فِيهِ بُعْدٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ تَبَادُرِ الْمَجَازِ الرَّاجِحِ لِلْأَذْهَانِ.
(قَوْلُهُ: لِرُجْحَانِ كُلٍّ) فَتَعَارَضَا فَتَسَاقَطَا.
(قَوْلُهُ: فَالْحَقِيقَةُ الْمُتَعَاهَدَةُ) أَيْ الْمُسْتَعْمَلَةُ قَلِيلًا وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ لَيْسَتْ مَهْجُورَةً بِالْكُلِّيَّةِ وَبُحِثَ فِيهِ بِأَنَّ حَقِيقَةَ النَّهْرِ الْأُخْدُودُ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ وَالشُّرْبُ مِمَّا فِيهِ لَا مِنْهُ فَالتَّعَارُضُ بَيْنَ مَجَازَيْنِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَجَازَ فِي إطْلَاقِ النَّهْرِ عَلَى مَا فِيهِ لَا يُنَافِي تَعَارُضَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلَّقِ الشُّرْبِ فِي النِّسْبَةِ الْإِيقَاعِيَّةِ عَلَى أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا بَقَاءَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ الْأُخْدُودُ فَلَا مَعْنَى لِتَعَلُّقِ الشُّرْبِ بِمَا لَا يُشْرَبُ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ مِنْ حَيْثُ مَا فِيهِ عَلَى حَدِّ شَرِبْت مِنْ الْكَأْسِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَحْنَثُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُجْمَلٌ وَهَذَا قَدْ يُوهِمُ لِابْتِنَائِهِ عَلَى مُخْتَارِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَمَلًا بِالْعُرْفِ اهـ. زَكَرِيَّا
وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ خَالِدٌ فِي شَرْحِهِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِالْأَوَّلِ لَا بِالثَّانِي أَوْ يَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ
مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ فَيَحْنَثُ بِثَمَرِهَا دُونَ خَشَبِهَا الَّذِي هُوَ الْحَقِيقَةُ الْمَهْجُورَةُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَإِنْ تَسَاوَيَا قُدِّمَتْ الْحَقِيقَةُ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ كَانَتْ غَالِبَةً.
(وَثُبُوتُ حُكْمٍ) بِالْإِجْمَاعِ (مَثَلًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ) أَيْ الْحُكْمِ (مُرَادًا مِنْ خِطَابٍ) لَكِنْ يَكُونُ الْخِطَابُ فِي ذَلِكَ الْمُرَادِ (مَجَازًا لَا يَدُلُّ) الثُّبُوتُ الْمَذْكُورُ (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْحُكْمَ هُوَ (الْمُرَادُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخِطَابِ.
(بَلْ يَبْقَى الْخِطَابُ عَلَى حَقِيقَتِهِ) لِعَدَمِ الصَّارِفِ عَنْهَا (خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ) مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْبَصْرِيِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَبْقَى الْخِطَابُ عَلَى حَقِيقَتِهِ إذْ لَمْ يَظْهَرْ مُسْتَنَدٌ لِلْحُكْمِ الثَّابِتِ غَيْرُهُ مِثَالُهُ وُجُوبُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْمُجَامِعِ الْفَاقِدِ لِلْمَاءِ إجْمَاعًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مُرَادًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] لَكِنْ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِأَنَّ الْمُلَامَسَةَ حَقِيقَةٌ فِي الْجَسِّ بِالْيَدِ مَجَازٌ فِي الْجِمَاعِ فَقَالَا الْمُرَادُ الْجِمَاعُ لَا تَكُونُ الْآيَةُ مُسْتَنَدَ الْإِجْمَاعِ إذْ لَا مُسْتَنَدَ غَيْرُهَا وَإِلَّا لَذُكِرَ فَلَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنَدُ غَيْرَهَا وَاسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِهِ بِذِكْرِ الْإِجْمَاعِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فَاللَّمْسُ فِيهَا عَلَى حَقِيقَتِهِ فَتَدُلُّ عَلَى نَقْضِهِ الْوُضُوءَ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْجِمَاعِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِاللَّفْظِ حَقِيقَتُهُ وَمَجَازُهُ مَعًا دَلَّتْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِجْمَاعِ أَيْضًا وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ بِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِمَا حَيْثُ حَمَلَ الْمُلَامَسَةَ فِيهَا عَلَى الْجَسِّ بِالْيَدِ وَالْوَطْءِ.
(مَسْأَلَةٌ الْكِنَايَةُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ مُرَادًا مِنْهُ لَازِمُ الْمَعْنَى)
ــ
[حاشية العطار]
أَوْ لَا يَحْنَثُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ مُنْتَقَدٌ فَإِنَّهُ قَدْ يُوهِمُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ الْحَقِيقَةُ الْمَهْجُورَةُ) أَيْ فِي مَقَامِ الْحَلِفِ عَلَى الْأَكْلِ فَهُوَ هِجْرَانٌ خَاصٌّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْهَجْرَ مُطْلَقًا فَإِنَّ إطْلَاقَ الشَّجَرِ عَلَى الْخَشَبِ غَيْرُ مَهْجُورٍ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْهَجْرَ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ مَا عَدَا الثَّمَرَ فَانْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ النَّاصِرُ هُنَا.
(قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ مَثَلًا) أَدْخَلَ بِهِ مَا ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ مُسْتَنَدٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنَدُ إلَخْ فَإِنَّ الْقِيَاسَ مُسْتَنَدٌ فَالصَّوَابُ حَذْفُ مَثَلًا وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ كَوْنُهُ مُرَادًا) أَيْ وَلَا قَرِينَةَ عَلَى إرَادَتِهِ وَإِلَّا كَانَ دَالًّا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ آخِرًا.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الصَّارِفِ) وَثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي نَفْسِهِ لَا يُعَدُّ صَارِفًا.
(قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وُجُوبُ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ وَجْهَ الْمَجَازِ) أَوْرَدَ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ مُلَاقَاةُ عُضْوٍ بِعُضْوٍ فَتَشْمَلُ الْجِمَاعَ فَيَكُونُ مِنْ مُسَمَّى الْحَقِيقَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الثَّابِتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهَا قَاصِرَةٌ عَلَى مَا كَانَ بِالْيَدِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَغْنَى عَنْ ذَكَرِهِ) أَيْ فَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَ لَهُ مُسْتَنَدٌ غَيْرَهَا لَذَكَرُوهُ.
(قَوْلُهُ: بِذِكْرِ الْإِجْمَاعِ) فَإِنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ) اسْتِئْنَافٌ وَقَوْلُهُ دَلَّتْ جَوَابُ الشَّرْطِ قَالَ زَكَرِيَّا عَلَى إرَادَةِ الْجِمَاعِ أَيْضًا بَيَّنَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ لِيَنْدَفِعَ بِهِ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الْخِلَافَ مُفَرَّعٌ عَلَى امْتِنَاعِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْفَهَانِيُّ فَإِنْ حُمِلَ عَلَيْهِمَا فَلَا تَنَافِي فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ كَلَامَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِاللَّفْظِ إلَخْ) أَيْ وَتَكُونُ الْقَرِينَةُ مَنَعَتْ مِنْ إرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَحْدَهَا.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْأُمِّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِحَمْلِ الْمُلَامَسَةِ عَلَى الْوَطْءِ بَلْ عَلَى أَنْوَاعِ