الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْجَهْلِ بِالْعَزْمِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ بِوُجُودِهَا بِالْعَزْمِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الشَّرْطِ قَالَ كَمَا يَعْزِمُ الْمَجْبُوبُ فِي التَّوْبَةِ مِنْ الزِّنَا عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ بِتَقْدِيرِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ التَّكْلِيفُ عِنْدَهُ.
وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ صِحَّتَهُ الْأَظْهَرَ وَاسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ إلَى مَسْأَلَةِ مَنْ عَلِمَتْ بِالْعَادَةِ أَوْ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا تَحِيضُ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ رَمَضَانَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا افْتِتَاحُهُ بِالصَّوْمِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى: أَمَّا عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ فَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ صَوْمَ بَعْضِ الْيَوْمِ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ.
وَأَمَّا عِنْدَنَا فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ، وَوَجْهُ الِاسْتِنَادِ أَنَّهَا كُلِّفَتْ بِالصَّوْمِ مَعَ عِلْمِهَا انْتِفَاءَ شَرْطِهِ مِنْ النَّقَاءِ عَنْ الْحَيْضِ جَمِيعَ النَّهَارِ، وَهَذَا مُنْدَفِعٌ فَإِنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ صَوْمُ بَعْضِ الْيَوْمِ الْخَالِي عَنْ الْحَيْضِ وَالنَّقَاءِ عَنْهُ جَمِيعُ الْيَوْمِ شَرْطٌ لِصَوْمِ جَمِيعِهِ لَا بَعْضِهِ أَيْضًا، وَكَذَا مَا قَبْلَهُ مُنْدَفِعٌ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْعَزْمُ عَلَى مَا لَا يُوجَدُ شَرْطُهُ بِتَقْدِيرِ وُجُودِهِ وَلَا عَلَى عَدَمِ الْعُودِ إلَى مَا لَا قُدْرَةَ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِهَا فَالصَّوَابُ مَا حَكَوْهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ (أَمَّا) التَّكْلِيفُ بِشَيْءٍ (مَعَ جَهْلِ الْآمِرِ) انْتِفَاءَ شُرُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْآمِرُ غَيْرَ الشَّارِعِ كَأَمْرِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ بِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ غَدًا (فَاتِّفَاقٌ) أَيْ فَمُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَوُجُودِهِ.
(خَاتِمَةٌ الْحُكْمُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرَيْنِ)
فَأَكْثَرَ (عَلَى التَّرْتِيبِ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ) كَأَكْلِ الْمُذَكَّى
ــ
[حاشية العطار]
الْآخَرَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ الْخَصْمُ وَذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ الِاحْتِمَالُ لَا إثْبَاتُ الْمُدَّعَى تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَمَسْأَلَةُ عِلْمِ الْمَأْمُورِ إلَخْ) هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى.
(قَوْلُهُ: وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ تَيْمِيَّةَ.
(قَوْلُهُ: الْمَجْبُوبُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ زَنَى.
(قَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِ الْقُدْرَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَنْفِيِّ أَيْ الْعَوْدِ بِتَقْدِيرِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ) إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَيْسُورَ) أَيْ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ) فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا إنْ تَبَيَّنَتْ صَوْمَ جَمِيعِ الْيَوْمِ لَا بَعْضِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُكَلَّفُ بِهِ جَمِيعُ الْيَوْمِ لَا بَعْضُهُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: مَا قَبْلَهُ) وَهُوَ وُجُودُ الْفَائِدَةِ بِالْعَزْمِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ تَابِعًا لِلْوُجُودِ الْمَقْدُورِ وَهُوَ مَنْفِيٌّ فَكَذَا الْعَزْمُ وَفِيهِ أَنَّ الْعَزْمَ لَمْ نَرْبِطْهُ بِالْمَقْدُورِ بَلْ بِالتَّقْدِيرِ وَهُوَ مَوْجُودٌ.
(قَوْلُهُ: فَالصَّوَابُ مَا حَكَوْهُ) وَهُوَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا التَّكْلِيفُ) أَيْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الشَّرْعِيَّ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ اللَّهِ وَمُنَاسَبَةُ ذِكْرِ ذَلِكَ هُنَا أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ مِنْ السَّيِّدِ إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ يَأْمُرُ بِطَاعَتِهِ فَيَرْجِعُ لِكَوْنِ الْآمِرِ هُوَ الشَّارِعُ
[خَاتِمَةٌ الْحُكْمُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرَيْنِ]
(قَوْلُهُ: عَلَى التَّرْتِيبِ) هُوَ فِي اللُّغَةِ جَعْلُ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَرْتَبَتِهِ وَفِي اصْطِلَاحِ الْمَنَاطِقَةِ جَعْلُ الْأَشْيَاءِ الْمُتَعَدِّدَةِ بِحَيْثُ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْوَاحِدِ وَيَكُونُ لِبَعْضِهَا نِسْبَةٌ إلَى الْبَعْضِ بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَتَسْتَعْمِلُهُ النُّحَاةُ فِي ثُبُوتِ الْمَحْكُومِ بِهِ لِأَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ فِي أَزْمِنَةٍ مُتَتَالِيَةٍ كَقَوْلِهِمْ الْفَاءُ وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ يَعْنُونَ أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ وَهُوَ الْمَجِيءُ مَثَلًا ثَابِتٌ لِلْمَعْطُوفَاتِ فِي أَزْمِنَةٍ مُتَتَالِيَةٍ وَمَا هُنَا قَرِيبٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَيْسَ فِي الْمَحْكُومِ بِهِ بَلْ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اعْتِبَارِهِ وَثُبُوتِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ مُتَتَالِيَةٍ فِي الِاعْتِبَارِ بِشَرْطِ عَدَمِ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْهَا وَلَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِهِ مِنْ قَبِيلِ التَّرْتِيبِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، فَإِنَّ الْوُضُوءَ مَثَلًا رُتْبَتُهُ التَّقَدُّمُ عَلَى
وَالْمَيْتَةِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لَكِنَّ جَوَازَ أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ غَيْرِهَا الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ الْمُذَكَّى فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِحُرْمَةِ الْمَيْتَةِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى غَيْرِهَا. (أَوْ يُبَاحُ) الْجَمْعُ كَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُمَا جَائِزَانِ وَجَوَازُ التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْوُضُوءِ وَقَدْ يُبَاحُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِخَوْفِ بُطْءِ الْبُرْءِ مِنْ الْوُضُوءِ مَنْ عَمَّتْ ضَرُورَتُهُ مَحَلَّ الْوُضُوءِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ مُتَحَمِّلًا لِمَشَقَّةِ بُطْءِ الْبُرْءِ، وَإِنْ بَطَلَ بِوُضُوئِهِ تَيَمُّمُهُ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ (أَوْ يُسَنُّ) الْجَمْعُ كَخِصَالِ كَفَّارَةِ الْوِقَاعِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَاجِبٌ، لَكِنَّ وُجُوبَ الْإِطْعَامِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الصِّيَامِ وَوُجُوبَ الصِّيَامِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْإِعْتَاقِ وَيُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ فِي الْمَحْصُولِ فَيَنْوِي بِكُلٍّ الْكَفَّارَةَ
ــ
[حاشية العطار]
التَّيَمُّمِ وُجُودًا وَاعْتِبَارًا، وَكَذَلِكَ أَكْلُ الْمُذَكَّى عَلَى الْمَيْتَةِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَيْتَةِ) أَيْ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجُوزُ أَكْلُهُ أَيْ الْمُذَكَّى وَالْمَيْتَةِ، قَالَ النَّاصِرُ وَلَوْ قَالَ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجُوزُ لَكَانَ أَوْفَى بِمُطَابِقَةِ الْكَلَامِ السَّابِقِ اهـ.
وَأَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ: الْحُكْمُ قَدْ يَتَعَلَّقُ إلَخْ وَوَجْهُ الْمُوَافَقَةِ إفَادَتُهُ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِشَيْئَيْنِ صَرِيحًا بِخِلَافِ مَا عَبَّرَ بِهِ وَلَكِنَّ مِثْلَ هَذَا وَاقِعٌ كَثِيرًا حَتَّى فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةَ.
(قَوْلُهُ: يَجُوزُ أَكْلُهُ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا مَعْنَاهُ الْأَعَمُّ الشَّامِلُ لِاسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ نَظِيرُ الْإِمْكَانِ الْعَامِّ عِنْدَ الْمَنَاطِقَةِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ جَوَازَ إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ.
(قَوْلُهُ: فَيُحَرَّمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) إشَارَةً إلَى أَنَّ جِهَةَ التَّحْرِيمِ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَعُودَ عَلَيْهِمَا مَعًا بَلْ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَالْمُحَرَّمُ إنَّمَا هُوَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَلَا دَخْلَ لِلتَّحْرِيمِ فِي الْمُذَكَّى فَانْدَفَعَ بَحْثُ الزَّرْكَشِيّ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْمِثَالِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ إنَّمَا يَكُونُ لِعِلَّةٍ دَائِرَةٍ بَيْنَ الْفَرْدَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُذَكَّى وَالْمَيْتَةُ كَذَا قَالُوا وَلَا يَخْفَى أَنَّ دَعْوَى كِفَايَةِ جِهَةِ التَّحْرِيمِ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مُحْتَاجَةٌ لِدَلِيلٍ.
(قَوْلُهُ: وَجَوَازُ التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْعَجْزِ) مُرَادُهُ بِالْجَوَازِ مُطْلَقُ الْإِذْنِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا فَالتَّيَمُّمُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْوُضُوءِ وَاجِبٌ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ قَدْ يُبَاحُ بِمَعْنَى يُؤَذَّنُ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوُجُوبِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ الْمُرَادُ الْعَجْزُ الشَّرْعِيُّ لَا الْحِسِّيُّ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِثَالُ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْقُدْرَةَ عَلَى الْفِعْلِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْحِسِّيِّ، فَإِنَّهُ يُنَافِيهَا مَعَ أَنَّ الْإِبَاحَةَ وَجَمِيعَ الْأَحْكَامِ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ الْمَقْدُورَةِ وَلِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ فِي الْعَجْزِ الشَّرْعِيِّ صَحَّ الْحُكْمُ بِإِبَاحَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي مَحَلِّ الْعَجْزِ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَأَيْضًا لَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ فِي الْعَجْزِ الْحِسِّيِّ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَاءِ فِيهِ مُبْطِلَةٌ لِلتَّيَمُّمِ فَضْلًا عَنْ اسْتِعْمَالِهِ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ تَيَمَّمَ لِخَوْفِ بُطْءِ الْبُرْءِ) فِيهِ أَنَّهُ مَعَ قِيَامِ مُبِيحِ التَّيَمُّمِ يَكُونُ الْوُضُوءُ غَيْرَ مُبَاحٍ وَعِنْدَ انْتِفَائِهِ يَكُونُ وَاجِبًا وَالتَّيَمُّمُ غَيْرَ مُبَاحٍ كَمَا هُوَ مُفَادُ التَّرْتِيبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا.
وَقَدْ يُقَالُ: أَرَادَ بِإِبَاحَةِ الْجَمْعِ صِحَّةَ الشَّيْءِ وَالِاعْتِدَادَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقُدُومُ عَلَيْهِ مُحَرَّمًا فَالْمُرَادُ الْإِبَاحَةُ الْوَضْعِيَّةُ كَمَا يُشِيرُ لَهُ قَوْلُهُ: وَإِنْ بَطَلَ إلَخْ وَيَكُونُ الْمُرَادُ الصِّحَّةُ قَبْلَ تَمَامِ الْوُضُوءِ لَا الصِّحَّةُ الْمُسْتَمِرَّةُ؛ لِأَنَّهُ بِتَمَامِ الْوُضُوءِ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ يَرْتَفِعُ حَدَثُ كُلِّ عُضْوٍ بِغَسْلِهِ بُطْلَانُهُ فِي الْأَثْنَاءِ إلَّا أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَا الْكَلَامُ فِيهِ، فَلَوْ قَالَ، وَإِنْ صَحَّ مَعَ الْحُرْمَةِ كَانَ أَوْفَقُ.
(قَوْلُهُ: مَنْ عَمَّتْ ضَرُورَتُهُ) فَاعِلُ تَيَمَّمَ وَاعْتَبَرَ فِيهِ عُمُومَ الضَّرُورَةِ لِكِفَايَةِ التَّيَمُّمِ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَالضَّرُورَةُ إذَا لَمْ تَعُمَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ فَيَخْرُجُ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ مِنْ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ عَلَى التَّرْتِيبِ.
(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ) إشَارَةٌ إلَى مَا قَالَهُ وَالِدُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى أَوَائِلِ مِنْهَاجِ الْبَيْضَاوِيِّ بِأَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ بَطَلَ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا فَلَمْ يَجْتَمِعْ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ اجْتِمَاعُهُمَا لَا يُوصَفُ بِالْإِبَاحَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا اهـ.
وَوَجْهُ انْتِفَاعِهِ أَنَّ مَعْنَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنْ يَفْعَلَ الْوُضُوءَ مَعَ قِيَامِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ السَّابِقِ وَبُطْلَانُ التَّيَمُّمِ لِلْمَأْخَذِ الْفِقْهِيِّ وَهُوَ انْتِفَاءُ فَائِدَتِهِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ اهـ. كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ فِي الْمَحْصُولِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ وَالِدُ الْمُصَنِّفِ: لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ الْفُقَهَاءِ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ وَيَحْتَاجُونَ إلَى دَلِيلٍ، قَالَ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ الِاحْتِيَاطُ بِتَكْثِيرِ أَسْبَابِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ كَمَا أَعْتَقَتْ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رضي الله عنها عَنْ نَذْرِهَا فِي كَلَامِ سَيِّدِنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رِقَابًا كَثِيرَةً وَكَانَتْ تَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا