الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
تَذْنِيْبٌ:
اعلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على خيرية أمور من الأمور الدنيوية، إما من حيث إنَّ الخيرية فيها بمعنى الصلاحية والنفع، أو من حيث إنَّ تلك الأمور تكون معينة على أمور الآخرة فوصفت بالخيرية لذلك.
[فمن ذلك](1): ما رواه أبو داود عن عقبة بن عامر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ"(2).
ورواه الحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن"، ولفظه:"خَيْرُ الصَّدَاقِ أَيْسَرُهُ"(3).
ووجهه أن الصداق إذا كان يسيراً على الزوج وصل إلى المرأة عن طِيْبِ نفسه، فتهنأ به وُيبارك لها فيه، وكذلك إذا كان النكاح يسير المؤنة كان أهنأ، وكانت المرأة عند الزوج أحظى، وبذلك تطيب العِشْرة وتتم المعونة بالنكاح على الدين.
[ومن ذلك](4) ما رواه الإمام أحمد، والطبراني في "الكبير" عن سُوَيْدُ بن هُبَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ مَالِ الْمَرْءِ مُهْرَةٌ مَأْمُوْرَةٌ، أَو
(1) غير واضح في "م"، والمثبت من "ت".
(2)
رواه أبو داود (2117).
(3)
رواه الحاكم في "المستدرك"(2742)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(14110).
(4)
غير واضح في "م"، والمثبت من "ت".
سِكَّةٌ مَأْبُوْرَةٌ" (1).
قال في "القاموس": أي: مهرة كثيرة النتاج والنسل. والأصل مؤمرة، وإنما هو للازدواج (2)؛ يعني: مع مأبورة؛ أي: مصلحة.
والمهرة: أول ما ينتج من الفرس ومن غيره، أو ولد الفرس (3)، والأول أولى.
وإنما كان هذا لأن المستنتج والزارع ينتظران رحمة الله تعالى وما يفتح منها، والاستنتاج والزراعة أَلْيق بحال المتوكل من التجارة.
ومن ذلك القبيل قوله تعالى حكايةً عن موسى عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24].
قال مجاهد: من طعام. رواه ابن أبي شيبة وغيره (4).
وإنما كان الطعام خيراً لأنه ينتفع به في بقاء البنية، وبها يقوى العبد على الطاعة، ويكون صلاحه دنيا وأُخرى.
وإذا كان الطعام بتيسير الله تعالى ومحض منته كان خيراً محضاً، ونفعاً صِرفاً، ولذلك لم يتعرض بالسؤال لغير الله تعالى، بل تولَّى إلى
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 468)، والطبراني في "المعجم الكبير"(6470).
(2)
انظر: "القاموس المحيط"(ص: 440)(مادة: أمر).
(3)
انظر: "القاموس المحيط"(ص: 615)(مادة: مهر).
(4)
ورواه الطبري في "التفسير"(20/ 59).
الظل، وقال:{رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24]؛ أي: ما اخترته لي وأنزلته عليَّ بلا منة مخلوق، ولا سعي، ولم يقل ذلك حتى اضطر إلى ما يقيم صلبه.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما سأل إلا الطعام.
وقال مرة: سأل فلقاً من الخبز يشد بها صلبه من الجوع.
وقال أيضاً: لقد قال موسى: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24] وهو أكرم خلقه عليه، ولقد افتقر إلى شق تمرة، ولقد لصق بطنه بظهره من شدة الجوع. رواهما ابن أبي حاتم.
وروى الأول - أيضاً - عنه عبد الله ابن الإمام أحمد، والثاني والثالث ابن المنذر، والثالث سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، والضياء في "المختارة"(1).
وهذا إيماء إلى أن الطعام وغيره مما يحتاج إليه العبد في معاشه لا يكون خيراً إلا إذا كان على قدر الحاجة، وما زاد على الحاجة لا يدل على الكرامة.
ثم قد يكون من الخير أن ييسر الله تعالى ما هو الأنفع في قوام البدن حين صحته والأجَلَبُ للشفاء في حال مرضه؛ لأن البدن كلما كان أعدل كان في الطاعة أنشط.
[ومن](2) هنا كان أحب الطعام إلى النبي صلى الله عليه وسلم الثريد من الخبز،
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (6/ 406).
(2)
غير واضح في "م"، والمثبت من "ت".
والثريد من الحيس (1) كما رواه أبو داود، والحاكم وصححه، عن ابن عباس رضي الله عنهما (2).
ومحبته للثريد إنما كانت من حيث إنه خير من غيره، وأنفع منه، وأغنى في القوت.
وروى ابن عدي في "الكامل" عن عائشة: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ طَعَامِكُم [الخبز، وخير] (3) فَاكِهَتِكُمُ العِنَب"(4).
وفي "الصحيح": "وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيْدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ"(5).
وروى الديلمي من حديثه - أيضاً - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ طَعَامِكُمُ البَارِدُ الْحُلوُ، وَخَيْرُ شَرَابِكُم البَارِدُ الْحُلْوُ".
وروى الإمام أحمد، والترمذي، والحاكم وصححه، عن عائشة
(1) الحيس: طعام يخلط من سمن وتمر وأقط، وقد يجعل عوض الأقط دقيق أو فتيت.
(2)
رواه أبو داود (3783) وقال: ضعيف، والحاكم في "المستدرك"(7117).
(3)
هذا الحديث والذي بعده كلاهما موجود على هامش الأصل، وما بين معكوفتين غير واضح، والمثبت من "الكامل".
(4)
رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(5/ 127) وقال: هذا الحديث بهذا الإسناد موضوع.
(5)
رواه البخاري (3230) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وقد تقدم لكن لم يعزه إلى البخاري هناك.
رضي الله عنها: كان أحب الشراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلو البارد (1).
وعنها: كان أحب الشراب إليه العسل (2).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أحب الشراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن (3).
رواهما أبو نعيم في "الطب".
وكلٌّ منهما يُوصف بالحلاوة.
[وروى أبو نعيم في "الطب" عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير الشراب في الدنيا والآخرة الماء، وصححه الحاكم بنحوه من حديث صهيب رضي الله عنه، ولفظه: "ألا إن سيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء"](4).
وروى ابن قتيبة في "غريب الحديث"، والديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الْمَاءِ الشَّبِمُ، وَخَيْرُ الْمَالِ الغَنَمُ، وَخَيْرُ الْمَرْعَى الأَرَاكُ وَالسَّلَمُ"(5).
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 38)، والترمذي (1895) وقال: والصحيح ما روي مرسلاً، والحاكم في "المستدرك"(7200).
(2)
عزاه السيوطي في "الشمائل الشريفة"(ص: 51) إلى ابن السني، وأبو نعيم في "الطب".
(3)
ورواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي"(3/ 298).
(4)
ما بين معكوفتين مطموس في "م"، والمثبت من "ت".
(5)
رواه ابن قتيبة في "غريب الحديث"(1/ 542).
الشبم - بفتح المعجمة، وكسر الموحدة -: البارد.
والشبم - بفتحتين -: البَرد.
ومن رواه بالفتح فهو على حذف مضاف؛ أي: ذو الشبم.
وصفه بالمصدر مبالغة في برده لأن الماء كما برد لذَّ وأروى، ومن ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ أُصِحَّ جَسَدَكَ وَأَرْوِكَ مِنَ الْمَاءِ البَارِدِ؟ ". رواه الترمذي، وابن حبان، والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه (1).
وقوله: "خَيْرُ الْمَالِ الغَنَمِ" يجمع بينه وبين قوله: "خَيْرُ الْمَالِ مُهْرَةٌ مَأمُوْرَةٌ" بأن الغنم خير المهرة المأمورة؛ أي: المنتجة.
وروى البيهقي في "الشعب" عن أنس أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الإِدَامِ اللَّحْمُ، وَهُوَ سَيِّدُ الإِدَامِ"(2).
[ومن شواهده](3) حديث علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سَيِّدُ طَعَامِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اللَّحْمُ". رواه أبو نعيم في "الطب"(4).
(1) رواه الترمذي (3358)، وابن حبان في "صحيحه"(7364)، والحاكم في "المستدرك"(7203).
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(5902).
(3)
غير واضح في "م"، والمثبت من "ت".
(4)
قال ابن عراق في "تنزيه الشريعة"(2/ 248): أخرجه أبو نعيم في "الطب النبوي" بسند ضعيف.
ورواه ابن ماجه (3305) عن أبي الدرداء رضي الله عنه، ولفظه:"سَيِّدُ طَعَامِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَأَهْلِ الْجَنَّةِ اللَّحْمُ".
ولا معارضة بينه ويين حديث أنس: "سَيِّدُ إِدامِكُمُ الْمِلْحُ". رواه ابن ماجه، والحكيم الترمذي (1).
لأن المراد تسييد الملح مطلقاً؛ لأن اللحم لا يتم تأديمه إلا به، فهو إدام مستقل، ومصلح لكل إدام.
أو سيادة الملح من حيث الإصلاح، وسيادة اللحم من حيث الإغناء.
وروى الإمام أحمد، والحاكم، وابن السني، وأبو نعيم؛ كلاهما في "الطب" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ مَا تَدَاويتُم بِهِ اللدُوْدُ (2) والسَّعُوْطُ (3) والْحِجَامَةُ والْمَشِيُّ (4) "(5).
وروى أبو نعيم عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ مَا تَدَاويتُم بِهِ الْحَجْمُ وَالفِصَادُ"(6).
وروى الديلمي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الغِذَاءِ بَوَاكِرُهُ، وَأَطْيَبُهُ أَوَّلُه"(7).
(1) رواه ابن ماجه (3315)، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(2/ 143)، وهو ضعيف.
(2)
اللدود: هو الدواء الذي يصب في أحد جانبي فم المريض.
(3)
السعوط: ما يجعل في الأنف مما يتداوى به.
(4)
المشي: شرِبْتُ مَشُوًّا ومَشِيًّا: إذا شربت مسهلاً.
(5)
رواه الحاكم في "المستدرك"(7472)، وكذا رواه الترمذي (2048).
(6)
لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن في البخاري (5371)، ومسلم (1577) من حديث أنس رضي الله عنه ولفظه:"إِنَّ أَفْضَلَ ما تَدَاويتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ".
(7)
رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(2908)، وكذا أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 199).
وروى الطبراني في "الكبير" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمَ، فِيْهِ طَعَامٌ مِنَ الطُّعْمِ، وَشِفَاءٌ مِنَ السُّقَمِ"(1).
وروى الإمامان؛ مالك، وأحمد، والترمذي وصححه، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وصححاه، عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ الْخَيْلِ الأَقْرَحُ الأَدْهَمُ الأَرثَمُ، ثُمَّ الْمُحَجَّلُ الثَّلاثِ مُطْلَقُ اليَمِيْنِ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ أَدْهَمَ فَكُمَيْتٌ عَلَى هَذهِ الشِّيَةِ"(2)؛ أي: العلامة.
وهذه الخيرية إما من حيث إنه أقوى وأشد وأثبت، وإما من حيث إنه يتيمن به، ويتبارك به.
والأقرح: الذي في وجهه قُرحة - بالضم - وهي دون الغرة.
وفيه دليل على أن الأقرح خير من الأغر.
والمحجل: مبيض القوائم الثلاث.
مطلق اليمين شامل لليد والرجل.
- والكميت - على مثال المُصَغَّر -: الذي خالط حمرتَه سوادٌ.
(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(11167). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 286): ورجاله ثقات.
(2)
رواه الطيالسي في "المسند"(604)، وأحمد في "المسند"(5/ 300)، والترمذي (1696)، وابن ماجه (2789)، وابن حبان في "صحيحه"(4676)، والحاكم في "المستدرك"(2458).
وروى العقيلي عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خَيْرُ طِيْبِ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيْحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَخَيْرُ طِيْبِ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيْحُهُ"(1).
ووجهه أن الزينة بالنساء أليق.
وروى ابن ماجه، والطبراني في "الكبير"، والحاكم وصححه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ ثِيَابِكُمُ البَيَاضُ؛ فَكَفِّنُوْا فيْهَا مَوْتَاكُمْ، وَأَلبِسُوْهَا أَحْيَاءكُم، وَخَيْرُ أَكْحَالِكُمُ الإِثْمِدُ يُنْبِتُ الشَّعْرَ، وَيَجْلو البَصَرَ"(2).
وروى الطبراني في "الكبير"، وابن حبان، والحاكم وصححاه، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ البِقَاعِ الْمَسَاجِدُ، وَشَرُّ البِقَاعِ الأَسْوَاقُ"(3).
وروى الإمام أحمد، والبيهقي في "السنن" عن أم سلمة رضي الله
(1) رواه العقيلي في "الضعفاء"(1/ 49). وروى نحوه الترمذي (2787)، والنسائي (5117) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
رواه ابن ماجه (3566) إلى قوله: "أحياءكم"، والطبراني في "المعجم الكبير"(12427)، والحاكم في "المستدرك"(7378).
(3)
رواه ابن حبان في "صحيحه"(1599)، والحاكم في "المستدرك"(306).
وهو عند مسلم (671) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولفظه:"إنَّ أحبَّ البلاد إلى الله مساجدها، وأبغضَ البلاد إلى الله أسواقها".
عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتهِنَّ"(1).
وروى الشيخان، وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا طِيرَةَ، وَخَيْرُهَا الفَألَ"، قيل: يا رسول الله! وما الفأل؟ قال: "الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُم"(2).
ورويا عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ، وُيعْجِبُنِي الفَألُ؛ الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، الكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ"(3).
قال البغوي: الفأل مهموز، وجمعه فُؤُل (4)، والفأل قد يكون فيما يحسن ويسوء، والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء.
قال: وإنَّما أحبَّ النبي صلى الله عليه وسلم الفأل لأن فيه رجاء الخير والعائدة، ورجاء الخير أحسن بالإنسان من اليأس وقطع الرجاء عن الخير (5).
وقال صاحب "القاموس": الفأل ضد الطِيرَة؛ كأن يسمع مريض: يا سالم، أو طالب: يا واجد، ويستعمل في الخير والشر، وجمعه فؤول
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 297)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 131).
(2)
رواه البخاري (5422)، ومسلم (2223).
(3)
رواه البخاري (5440)، ومسلم (2224) واللفظ له إلا أنه قال:"الكلمة الحسنة" قبل "الكلمة الطيبة".
(4)
في "شرح السنة": "فؤول" بدل "فؤل".
(5)
انظر: "شرح السنة" للبغوي (12/ 175).
وأفؤل، انتهى (1).
قلت: ففي عبارته أنَّ للفأل استعمالين ضد الطِيرَة، فلا يكون إلا في الخير، وبمعنى توقع ما يَسُر أو يسوء، فيكون في الخير والشر، وقد أخذ صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول بالاستعمال الأول، وهو الغالب، وبه يكون الفأل محموداً مطلقاً.
وروى الدينوري في "المجالسة" عن عكرمة رحمه الله تعالى قال: كنا عند ابن عمر وعنده ابن عباس رضي الله عنهم، فمرَّ غراب يصيح، فقال رجل من القوم: خير خير، فقال ابن عباس: لا خير ولا شر (2).
أشار إلى كراهية التطير، وأنَّ الغراب وكذا كل ما تشاءم الناس به لا ينسب إليه خير ولا شر، أو لا يكون إلا ما قدره الله تعالى من خير أو شر.
وروى البيهقي عن جابر رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ خَلِّكُم خَلُّ خَمْرِكُمْ"(3)؛ يعني: إنه يكن أزكى طعماً، وأذكى حموضة، وأنفع للأبدان.
(1) انظر: "القاموس المحيط"(ص: 1345)(مادة: فأل).
(2)
رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 162).
(3)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 38) وقال: قال أبو عبد الله: هذا حديث واه، والمغيرة بن زياد صاحب مناكير. قال الشيخ: وأهل الحجاز يقولون لخل العنب: خل الخمر، وهو المراد بالخبر؛ إن صح الخبر إن شاء الله، أو خمراً تخللت بنفسها.
وروى الإمام أحمد، والبخاري في "الأدب المفرد"، وأبو داود، وغيرهم، وصححه الحاكم، عن أبي سعيد رضي الله عنه، وأخرجه الحاكم وصححه أيضاً، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ المْجَالِسِ أَوْسَعُهَا"(1).
وروى الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ (2) الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ القِبْلَةُ"(3).
وهذه الخيرية من حيث الفضيلة، وهي في الحديث المتقدم من حيث الرفق، وجمع العيال، وتحضير الأثاث.
وروى الإمام أحمد، ومسلم، والنسائي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدُّنْيَا كُلُّهَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأةُ الصَّالِحَةُ"(4).
وروى ابن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 18)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1136)، وأبو داود (4820)، والحكم في "المستدرك"(7705) عن أبي سعيد رضي الله عنه.
ورواه الحاكم في "المستدرك"(7704) عن أنس رضي الله عنه.
(2)
في "المعجم الأوسط": "أكرم" بدل "خير".
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(8361). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 59): فيه حمزة بن أبي حمزة، وهو متروك.
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 168)، ومسلم (1467)، والنسائي (3232).
لَهْوِ الْمُؤْمِنِ السِّبَاحَةُ، وَخَيْرُ لَهْوِ الْمَرْأَةِ المِغْزَلُ" (1).
وإنما كانت السباحة خير لهو المؤمن؛ لأنه تنفعه عند الحاجة إليه، وينبغي أن يكون كذلك لهوه بسهمه وركض فرسه.
وروى البزار، والطبراني في "الأوسط" عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عَلَيْكُم بِالرَّمْي؛ فَإِنَّهُ مِنْ خَيْرِ لَهْوِكُم"(2).
وروى أبو عوانة عنه - موقوفاً - قال: "تَعَلَّمُوا الرَّمْيَ؛ فَإِنَّهُ خَيْرُ لَعِبِكُم"(3).
وقال صلى الله عليه وسلم: "الْخَيْلُ مَعْقُوْدٌ فِي نَوَاصِيْهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ". رواه الإمام مالك، وابن أبي شيبة، والشيخان، والنسائي، وابن ماجه عن ابن عمر.
وابن أبي شيبة، والشيخان، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه عن عروة البارقي.
ومسلم، وابن أبي شيبة عن أبي هريرة.
وهما والنسائي عن جرير.
(1) رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(2/ 152) وقال: ليس له أصل.
(2)
رواه البزار (1146) وقال: هذا الحديث هو عند الثقات موقوف. ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(2049).
(3)
رواه أبو عوانة في "المسند"(6924).
والنسائي، عن سلمة بن نفيل، رضي الله عنهم (1).
وفي الباب عن غيرهم.
وروى الترمذي، وابن ماجه، وضعفه البيهقي، عن أبي أمامة، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم وصححه، عن عبادة: قالا رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الأُضْحِيَةِ الكَبْشُ الأَقْرَنُ، وَخَيْرُ الكَفَنِ الْحُلَّةُ"(2).
وروى أبو يعلى، وابن حبان في "صحيحه" عن جابر رضي الله عنه قال:
(1) رواه الطيالسي في "المسند"(1844)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(33483)، والبخاري (2694)، ومسلم (1971)، والنسائي (3573)، وابن ماجه (2787) عن ابن عمر رضي الله عنه.
ورواه ابن أبي شيبة "المصنف"(706)، والبخاري (2695)، ومسلم (1873)، والترمذي (1694)، والنسائي (3574)، وابن ماجه (2786) عن عروة البارقي رضي الله عنه.
ورواه مسلم (987)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(33496) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ورواه مسلم (1872)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(33486) والنسائي (3572) عن جرير رضي الله عنه.
ورواه النسائي (3561) عن سلمة بن نفيل رضي الله عنه.
(2)
رواه الترمذي (1517)، وابن ماجه (3130)، وروى البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 273) الشطر الأول فقط عن أبي أمامة رضي الله عنه.
ورواه أبو داود (3156)، والحاكم في "المستدرك"(7551) عن عبادة رضي الله عنه.
وروى ابن ماجه (1473) عنه الشطر الثاني فقط.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ مَا رُكِبَتْ إِلَيْهِ الرَّوَاحِلُ مَسْجِدِي هَذَا وَالبَيْتُ العَتِيْقُ"(1).
وروى الإمام أحمد، ومسلم، والترمذي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ"، الحديث (2).
وروى الإمام أحمد، والحاكم وصححه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ يَومٍ تَحْتَجِمُوْن فِيْهِ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَإِحْدَى وَعِشْرُوْنَ"، الحديث (3).
وروى أبو نعيم عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نَوْمٌ عَلَى عِلْمٍ خَيْرٌ مِنْ صَلاةٍ عَلَى جَهْل"(4).
وروى الإمام أحمد، وسعيد بن منصور في "سننه" - بسند صحيح كما قال السيوطي (5) - عن محمود بن لَبيد رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اثْنتَانِ
(1) رواه أبو يعلى في "المسند"(2266)، وابن حبان في "صحيحه"(1616).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 401)، ومسلم (854)، والترمذي (448). وكذا رواه أبو داود (1046)، والنسائي (1373).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 354)، والحاكم في "المستدرك"(7476). وكذا رواه الترمذي (2053) وحسنه، ولفظه: "إن خير ما تحتجمون فيه يوم سبع
…
".
(4)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 385).
(5)
انظر: "شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور" للسيوطي (ص: 20).
يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ؛ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ مِن الفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقِلَّةُ المَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ" (1).
وروى ابن أبي الدنيا في "الموت" عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ما أهدى إلي أخ هدية أحب إليَّ من السلام، ولا بلغني عنه خبر أحب إليَّ من موته (2).
عن جعفر الأحمر رحمه الله قال: من لم يكن له في الموت خير، فلا خير له في الحياة (3).
وروى ابن المبارك في "الزهد"، وابن أبي شيبة عن الربيع بن خُثيم رحمه الله تعالى قال: ما من غائبٍ ينتظره المؤمن خير له من الموت (4).
وروى ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا عن مسروق رحمه الله تعالى: ما من شيء خيرٌ للمؤمن من لحدٍ قد استراح من هموم الدنيا، وأمن من عذاب الله تعالى (5).
وروى البيهقي في "شعب الإيمان" عن علي رضي الله عنه قال: التوفيق خير قائد، وحسن الخلق خير قرين، والعقل خير صاحب، والأدب خير
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 427).
(2)
عزاه السيوطي في "شرح الصدور"(ص: 23) لابن أبي الدنيا.
(3)
عزاه السيوطي في "شرح الصدور"(ص: 22) لابن أبي الدنيا.
(4)
رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 92)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(34843).
(5)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(34865).
ميراث، ولا وحشة أشد من العجب (1).
وروى ابن الجوزي في "الصفوة" عن أبي الحسن بن سمعون رحمه الله قال: الخير كله في هذا الزمان: تركُ ما الناس عليه، ومصُّ النَّوى، وسَفُّ (2) الرمل (3).
وروى أبو بكر بن لال في "مكارم الأخلاق" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جُعِلَ الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي الرَّبْعَةِ"(4).
ووَجهه أَن الرَّبْعَةَ أقرب إلى الاعتِدَالِ من الطَّويْل ومن القصير؛ لأن اعتِدَالَ الْجَسَدِ يَدل على اعتدَالِ الخلقِ والخلق، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم رَبعة في الرجال.
ولو قيل: إنَّ الألف واللام في الحديث للعهد، وإن المراد بالربعة هو صلى الله عليه وسلم لم يبعد.
وكذلك ينبغي أن تعلم أن خير ما يكون العبد إذا كان كهلاً في سن الأربعين.
ومن هنا تنبأ بها الأنبياء عليهم السلام.
وإذا بلغ المرء الأربعين ولم يعتدل، دلَّ ذلك على فساد مزاجه
(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(4661).
(2)
أي كله يابساً.
(3)
رواه ابن الجوزي في "صفوة الصفوة"(2/ 474).
(4)
ورواه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(1/ 298).
وسوء خلقه، ومن ثم قيل: إذا بلغ الإنسان الأربعين ولم يغلب خيره على شره فليتجهز إلى النار (1).
وروى أبو يعلى، والطبراني في "الكبير" عن واثلة، والبيهقي في "الشعب" عن أنس، وعن ابن عباس، وابن عدي في "الكامل" عن ابن مسعود رضي الله عنهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ شَبَابِكُم مَنْ تَشَبَّهَ بِكُهُولكُم، وَشَرُّ كُهُولكُم مَنْ تَشَبَّبَ"(2).
وسيأتي الكلام على ذلك في موضع مبيناً إن شاء الله تعالى.
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن أبي المِنهال رحمه الله قال: ما جاور العبد في قبره جارٌ خيرٌ له من استغفار كثير.
وروى ابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه" عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ مَا يَخْلُفُ الإنْسَانَ مِنْ بَعْدِهِ ثَلاثٌ؛ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، وَصَدَقَةٌ تَجْرِي يَبْلُغُهُ أَجْرُهَا، وَعِلْمٌ يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْ بَعْدِهِ"(3).
(1) روي عن ابن عباس رضي الله عنه يرفعه، ولا يصح رفعه. انظر:"اللالئ المصنوعة" للسيوطي (1/ 126).
(2)
رواه أبو يعلى في "المسند"(7483)، والطبراني في "المعجم الكبير"(22/ 83) عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه.
ورواه البيهقي في "شعب الإيمان"(7805) عن أنس رضي الله عنه، و (7806) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ورواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(1/ 254) عن عمر رضي الله عنه.
(3)
رواه ابن ماجه (241)، وابن حبان في "صحيحه"(93).
قلت: وهذا الخير المخلف بعده هنا غير الخير المتروك في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 180]؛ فإنَّ الخير في الآية هو المال، أو المال الكثير.
وقد روى ابن أبي شيبة، والمفسرون، وغيرهم، وصححه الحاكم، عن عروة: أنَّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل على مولى لهم في الموت وله سبعمئة درهم، أو ستمئة درهم، فقال: ألا أوصي؛ قال: لا، إنَّما قال الله تعالى:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 180]، وليس لك كثير مال، فدع مالك لورثتك (1).
ولا تكون الصدقة المتروكة بعده خيراً إلا إذا سلمت من الإثم في جميع ما يتصدق به أولاً، ثم في الإخلاص في التصدق به، ثم في ترك المضاررة لأحد من ورثته من بعده؛ فإنَّ الإضرار في الوصية من الكبائر كما رواه ابن أبي شيبة، والنسائي، وغيرهما عن ابن عباس (2)، فلا خير في الوصية إلا إذا سلمت من ذلك.
وقد روى الأئمة مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أنه مرض مرضاً أُشفيَ
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(30945)، والحاكم في "المستدرك"(3084).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(30933)، والنسائي في "السنن الكبرى"(11092) موقوفاً على ابن عباس رضي الله عنه.
منه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقال: يا رسول الله! إن لي مالاً كثيراً، وليس يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بالثلثين؟ قال:"لا"، قال: فالشطر؟ قال: "لا" قال: فالثلث؟ قال: "الثُّلُثُ، وَالثلُثُ كَثِيْرٌ؛ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْر مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ"(1).
وروى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي وحسنه، وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه:"إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْخَيْرِ سَبْعِيْنَ سَنَةً، فَإِذَا أَوْصَى حَافَ فِي وَصَيَّتِه، فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ، فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بَعَمَلِ أَهْلِ الشَّر سَبْعِيْنَ سَنَةً، فَيَعْدِلُ في وَصِيَّتِهِ، فَيُخْتَمُ له بِخَيْرِ عَمَلِهِ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ"(2).
وقال الدينوري: حدثنا إبراهيم الحربي، قال: كتب يعقوب بن داود إلى بعض العباد بالقدوم عليه، فأتى محمد بن النضر الحارثي رحمه الله فاستشاره، وقال: لعل الله أن يقضي ديني، فقال له: لا تفعل؛ لأن تلقى الله تعالى وعليك دينٌ ولك دِيْن، خيرٌ من أن تلقاه وقد قضيت
(1) رواه مالك في "الموطأ"(2/ 763)، والإمام أحمد في "المسند"(1/ 168)، والبخاري (2591)، ومسلم (1682)، وأبو داود (2864)، والترمذي (975)، والنسائي (3626)، وكذا ابن ماجه (2708).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 278) واللفظ له، وأبو داود (6867)، والترمذي (2117) وصححه، وابن ماجه (2704). ولفظ أبي داود والترمذي:"إن الرجل والمرأة ليعملان بطاعة الله ستين سنة، ثم يحضرهما الموت، فيضاران في الوصية، فتجب لهما النار".