المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌27 - ومنها: الحج إلى البيت الحرام، وتأدية مناسكه كما هو مقرر في الشريعة - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ٤

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌خاتمة

- ‌(5) بَابُ التَّشَبُّه بِالصِّدِّيْقِيْنَ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُم

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فائِدَةٌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌وأمرُ بلعام يحتمل وجهين:

- ‌فَصْلُ

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌خَاتِمَة

- ‌فَصَلٌ

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ تتمة:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فائِدةٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌ تَذْنِيْبٌ:

- ‌ تَذْيِيْلٌ:

- ‌خَاتمَة

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌(6) باب التشبه بالنبيين صلوات الله عليهم وسلامه عليهم أجمعين

- ‌1 - فمنها: العلم وطلبه، والرحلة في طلبه والاستزادة منه

- ‌2 - ومنها: تعليم العلم وإفادته، وإرشاد الناس إلى الخير

- ‌3 - ومنها: النطق بالحكمة

- ‌4 - ومنها: النصيحة

- ‌5 - ومنها -وهو من أخص أعمالهم وأغلب أحوالهم-: الدعاء إلى الله والإرشاد إليه

- ‌6 - ومنها: التوحيد، والإِسلام، والإيمان، والإحسان

- ‌7 - ومنها: شهود الأفعال من الله تعالى على وجه الحكمة

- ‌8 - ومنها: القيام بالحقوق وتأدية الأمانات

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌9 - ومنها: القضاء بالحق

- ‌10 - ومن أعمال الأنبياء عليهم السلام: مصابرة العبادة

- ‌11 - ومنها: إقامة الصلاة، والمحافظة عليها وعدم التهاون بها

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ أخرى:

- ‌12 - ومنها: الفزع عند الأمور المهمة إلى الصلاة، وطلب الرزق والحاجة بها

- ‌13 - ومنها: الطهارة للصلاة

- ‌14 - ومنها: وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة

- ‌15 - ومنها: صلاة الضحى

- ‌16 - ومنها: الصلاة عند زوال الشمس

- ‌17 - ومنها: تعظيم يوم الجمعة

- ‌18 - ومنها: قيام الليل

- ‌19 - ومنها: الصدقة، والخروج عما يشغل عن طاعة الله تعالى لوجه الله تعالى

- ‌20 - ومنها: تلاوة كتاب الله تعالى

- ‌21 - ومنها: الصيام

- ‌22 - ومنها: تعجيل الفطر وتأخير السحور

- ‌23 - ومنها: إيثار الجوع

- ‌24 - ومن أعمال الأنبياء عليهم السلام: فطر يوم الفطر ويوم الأضحى

- ‌25 - ومنها: التضحية وإهداء الهدي

- ‌26 - ومنها: الاعتكاف في البيت الحرام وغيره من المساجد

- ‌27 - ومنها: الحج إلى البيت الحرام، وتأدية مناسكه كما هو مقرر في الشريعة

- ‌ تَنْبِيْهٌ لَطِيْفٌ:

- ‌28 - ومن أخلاق الأنبياء عليهم السلام وأعمالهم: التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌29 - ومنها: بر الوالدين

- ‌30 - ومنها: العفو والاحتمال، ومقابلة السيئة بالحسنة

- ‌31 - ومنها: الحلم وحسن الخلق

- ‌32 - ومنها: العود على النفس باللائمة إذا جهل أحدٌ عليهم

- ‌33 - ومنها: السَّخاء

- ‌34 - ومنها: الضيافة وإكرام الضيف

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

الفصل: ‌27 - ومنها: الحج إلى البيت الحرام، وتأدية مناسكه كما هو مقرر في الشريعة

والأعين: الواسع العين.

‌26 - ومنها: الاعتكاف في البيت الحرام وغيره من المساجد

.

قال الله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125].

وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان ويقول: "هَذَا دَأبُ الأَنْبِيَاءِ عليهم السلام"(1).

‌27 - ومنها: الحج إلى البيت الحرام، وتأدية مناسكه كما هو مقرر في الشريعة

.

روى الأزرقي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه كان يقول: حج آدم عليه السلام يقضي المناسك، فلما حجَّ قال: يا رب! إنَّ لكل عاملٍ أجراً، قال الله تعالى:"أما أنت يا آدم فقد غفرت لك، وأما ذريتك فمن جاء منهم هذا البيت فباء بذنبه غفرت له"(2).

وعن عثمان بن ساج قال: أخبرني سعيد: أنَّ آدم عليه السلام حجَّ على رجليه سبعين حجة ماشيًا، وأن الملائكة لقيته بالمأزمين (3)،

(1) روى البخاري (1916) الشطر الأول منه، ولم أقف على الشطر الثاني، وهو موضع الشاهد.

(2)

رواه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 43).

(3)

المأزمان: جبلان بين عرفات والمزدلفة بينهما طريق، هذا معناهما عند =

ص: 554

فقالوا: "بر حجك يا آدم، قد حججنا قبلك بألفي عام"(1).

وقال تعالى لإبراهيم عليه السلام: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27].

وروى الأزرقي عن محمد بن إسحاق قال: لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت الحرام جاء جبريل عليه السلام فقال: "طُفْ به سبعاً"، فطاف به سبعاً هو وإسماعيل عليهما السلام يستلمان الأركان كلها في كل طواف، فلما أكملا سبعاً صلَّيا خلف المقام ركعتين، قال: فقام معه جبريل، وأراه المناسك كلها؛ الصفا والمروة، ومنى، ومزدلفة، وعرفة، قال: فلما دخل منى وهبط من العقبة برز له إبليس، فقال له جبريل:"ارمه"، فرماه بسبع حصيَّات، فغاب عنه إبليس، ثم برز له عند الجمرة الوسطى، فقال له جبريل:"ارمه"، فرماه بسبع حصيات، فغاب عنه إبليس، ثم برز له عند الجمرة السفلى، فقال له جبريل:"ارمه"، فرماه بسبع حصيات مثل حصى الخذف، فغاب عنه إبليس، ثم مضى إبراهيم في حجه وجبريل يُوقفه على المواقف وُيعلمه المناسك حتى انتهى إلى عرفة، فلما انتهى إليها قال له جبريل

= الفقهاء، فقولهم على طريق المأزمين: أي الطريق التي بينهما، وأما أهل اللغة فقالوا: المأزم الطريق الضيق بين الجبلين، وذكر الجوهري قولاً آخر، فقال: المأزم أيضًا موضع الحرب، ومنه سمي الموضع الذي بين مزدلفة وعرفة مأزمين.

(1)

رواه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 45).

ص: 555

عليه السلام: "أعرفت مناسكك؟ " قال إبراهيم عليه السلام: "نعم".

قال: فسميت عرفات بذلك لقوله: "أعرفت مناسكك؟ ".

قال: ثم أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج، فقال إبراهيم:"يا رب! ما يبلغ صوتي؟ "

قال الله تعالى: "أذِّن وعليَّ البلاغ".

قال: فعلا على المقام وأشرف به حتى صار أرفع من الجبال وأطول منها، فجمعت له الأرض يومئذٍ سهلها وجبلها، وبرَّها وبحرها، وجنها وإنسها حتى أسمعهم جميعا، فأدخل أصبعيه في أذنيه وأقبل بوجهه يَمَنًا وشَامًا، وشرقًا وغربًا، وبدأ بشق الأيمن فقال:"أيها الناس! كُتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فأجيبوا ربكم"، فأجابوه من تحت البحور السبعة، ومن المشرق والمغرب إلى منقطع التراب من أقطار الأرض كلها:"لبيك اللهم لبيك".

قال: وكانت الحجارة على ما هي اليوم -يعني: من الصلابة واليبس- إلا أنَّ الله أراد أن يجعل المقام آية، وكان أثر قدميه -يعني: إبراهيم- في المقام إلى اليوم.

قال: أفلا تراهم اليوم يقولون: لبيك اللهم لبيك.

قال: فكلُّ من حجَّ إلى اليوم فهم ممن أجاب إبراهيم عليه السلام، وإنما حجهم على قدر إجابتهم يومئذ، فمن حجَّ حجتين فقد كان أجاب مرتين أو ثلاثا فثلاثا على هذا.

قال: وإنَّ قدمي إبراهيم عليه السلام آية، وذلك قوله تعالى:

ص: 556

{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [الآية: 97] الآية.

وقال: بلغني أنَّ آدم عليه السلام كان استلم الأركان كلها قبل إبراهيم.

قال: وحجَّه إسحاق وسارة من الشام.

قال: وكان إبراهيم يحجه كل سنة على البُراق.

قال: وحجت بعد ذلك الأنبياء عليهم السلام والأمم (1).

وروى ابن أبي شيبة، وابن جرير عن مجاهد رحمه الله: أن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حجَّا وهما ماشيان (2).

وروى عبد بن حميد عنه قال: قيل لإبراهيم عليه السلام: "أذن في الناس بالحج"، قال:"يا رب! كيف أقول؟ " قال: "قل: لبيك اللهم لبيك"، فكان إبراهيم أول من لبى (3).

وروى الإمام أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم وصححه، عن زياد بن مربع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُوْنُوْا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ هَذِهِ؛ فَإِنَّكَمُ اليَوْمَ عَلَى أَدَبٍ مِنْ أَدَبِ إِبْرَاهِيْمَ عليه السلام"(4).

(1) رواه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 66 - 68).

(2)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(15759)، والطبري في "التفسير"(17/ 146).

(3)

كذا عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 34) إلى عبد بن حميد.

(4)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 137)، والترمذي (883) وصححه، والنسائي (3014)، وابن ماجه (3011).

ص: 557

وروى ابن أبي شيبة عن عامر بن واثلة قال: سألت ابن عباس رضي الله عنه عن السعي بين الصفا والمروة، فقال: فعله إبراهيم عليه السلام (1).

وروى الطبراني في "الكبير" عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي رضي الله عنه قال: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَىْ مُوْسَىْ عليه السلام فِيْ هَذَا الوَادِيْ مُحْرِماً بَيْنَ قَطْوَانتَيْنِ (2) "(3).

وروى أبو يعلى عن أنس، وهو والطبراني عن أبي موسى رضي الله عنه قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَقَدَ مَرَّ بِالرَّوْحَاءِ (4) سَبْعُوْنَ نبِيًّا -مِنْهُمْ نبَيُّ اللهِ مُوْسَى - حُفَاةً عَلَيْهِمُ العبَاءُ، يَؤُمُّوْنَ بَيْتَ اللهِ العَتيْقَ"(5).

(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(36010). وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 338) إلى وكيع.

(2)

القطوانية: عباءة بيضاء قصيرة الخمل، والنون زائدة.

(3)

رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(10255)، وفي "المعجم الأوسط"(6487)، وكذا رواه أبو يعلى في "المسند" (5093). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 221): رواه أبو يعلى والطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن.

(4)

الروحاء: موضع بين مكة والمدينة.

(5)

رواه أبو يعلى في "المسند"(4275) عن أنس رضي الله عنه. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 220): فيه سعيد بن ميسرة، وهو ضعيف.

ورواه أبو يعلى في "المسند"(7231)، عن أبي موسى رضي الله عنه. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 220): رواه أبو يعلى والطبراني في "الكبير" وفيه يزيد الرقاشي، وفيه كلام.

ص: 558

وروى الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صَلَّى فِيْ مَسْجِدِ الْخَيْفِ سَبْعوُنَ نبِيًّا؛ مِنْهُمْ مُوسى، كَأَنِّيْ أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ عَبَاءَتَانِ قَطْوانتَانِ (1) وَهُو مُحْرِم عَلَىْ بَعِيْرٍ مِنْ إِبِلِ شَنُوْءَةَ مَخْطُوْمٍ بِخِطَامِ لِيْفٍ لَهُ ضَفِيْرَتَانِ"(2).

وروى الإمام أحمد في "الزهد" عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي الأزرق فقال: "أيُّ وادٍ هذا؟ " قالوا: هذا وادي الأزرق، قال:"كَأَنِّيْ أَنْظُرُ إلى مُوْسَىْ عليه السلام وَهُوَ هَابِط مِنْ الثَّنِيَّةِ وَلَهُ جُؤارٌ"، ثم أتى على هرشى (3) قال:"أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذه؟ " قال: ثَنِيَّة هرشى، قال:"كَأَنِّيْ أَنْظُرُ إِلَىْ يُوْنُسُ بْنِ مَتَّىْ عليهما السلام عَلَىْ نَاقَةٍ حَمْرَاءَ جَعْدَة عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوْفٍ خِطَامُ ناَقَتِهِ خلبةٌ وَهُوَ يُلَبِّيْ"؛ قال هشيم: يعني ليف (4).

وعنه أيضًا قال: لمَّا مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان (5) حين حج قال: "يا أَبا بَكْرٍ أَيُّ وادٍ هَذا؟ " قال: وادي عسفان، قال: "لَقَدْ مَرَّ بِهِ هُوْدٌ وَصَالِحُ عليهما السلام عَلَى بَكَرَاتٍ (6) حُمْرٍ خُطْمُهَا اللِّيْفُ، أُزُرُهُمُ

(1) في "المعجم الأوسط": "قطرانيتان" بدل "قَطْوانتَانِ"

(2)

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(5407).

(3)

هَرشَى: ثنية في طريق مكة قريبة من الجحفة يُرى منها البحرُ.

(4)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 215)، وكذا رواه مسلم (166).

(5)

عُسْفان -بضم العين وسكون السين المهملتين-: موضع على مرحلتين من مكة.

(6)

البكرات جمع بكرة -بسكون الكاف- وهي الفتية من الإبل.

ص: 559

العبَاءُ، وَأَرْدِيَتُهُمُ النِّمَارُ (1)، يُلَبُّوْنَ يَحُجُّوْنَ البَيْتَ" (2).

وروى الأزرقي عن وهب بن منبه رحمه الله قال: خطب صالح عليه السلام الذين آمنوا معه فقال: إنَّ هذه دار سَخِطَ الله عليها وعلى أهلها فاظعنوا منها؛ فإنها ليست لكم بدار، قالوا: رأينا لك تبع، فمُرنا نفعل، قال: تلحقون بحرم الله وأمنه، لا أرى لكم دونه، فأهلُّوا من ساعتهم بالحج، ثم أحرموا في العباء، وارتحلوا قلصًا حمراء مخطمة بحبال الليف، ثم انطلقوا آمِّين البيت الحرام حتى وردوا مكة، فلم يزالو بها حتى ماتوا، فتلك قبورهم في غربي الكعبة بين دار الندوة وباب بني هاشم.

قال: وكذلك فعل هود ومن آمن معه، وشعيب ومن آمن معه (3).

وعن عطاء بن السائب رحمه الله: أنَّ إبراهيم عليه السلام رأى رجلًا يطوف بالبيت فأنكره، فسأله: من أنت؟ قال: من أصحاب ذي القرنين، قال: وأين هو؟ قال: هو ذا بالأبطح، فتلقاه إبراهيم واعتنقه، فقيل لذي القرنين: لم لا تركب؟ قال: لم أكن لأركب وهذا يمشي"، فحجَّ ماشياً (4).

(1) النمار جمع نمرة: وهي كساء مخطط.

(2)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 232). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 220): فيه زمعة بن صالح، وفيه كلام وقد وثق.

(3)

رواه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 73).

(4)

رواه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 74).

ص: 560

وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن عطاء -يعني: ابن أبي رباح- قال: طاف موسى بالبيت وبين الصفا والمروة وهو يقول: "لبيك"، فأجابه ربه تبارك وتعالى:"لبيك يا موسى، ها أنا ذا لديك"، قال: وعليه جبة قطوانية، وفي رواية: وهو في عباءة قطوانية (1).

وتقدم في التشبه بالملائكة عليهم السلام: أنَّ آدم وإبراهيم عليهما السلام كانا يقولان في طوافهما: "الباقيات الصالحات"(2).

وروى الأزرقي عن عثمان بن ساج معضلاً، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَقَدْ مَرَّ بِفَج الرَّوْحَاءِ سَبْعُوْنَ نبِيًّا عَلَىْ نُوْقٍ حُمْرٍ خُطُمُهَا اللِّيْفُ، لَبُوْسُهُمْ العبَاءُ، وَتَلْبِيَتُهُمْ شَتَّىْ؛ مِنْهُمْ يُوْنسٌ بنُ مَتَّىْ، قَالَ: فَكَانَ يُوْنسٌ يَقُوْلُ عليه السلام: لَبَّيْكَ فَرَّاجَ الكُرَبِ، وَكَانَ مُوْسَىْ عليه السلام يَقُوْلُ: لَبَّيْكَ أَنَا عَبْدُكَ لَدَيْكَ لَبَّيْكَ، قَالَ: وَتَلْبِيَةُ عيسى: لَبَّيْكَ أَنَا عَبْدُكَ ابْنُ أَمَتِكَ بِنْتِ عَبْدَيْكَ لَبَّيْكَ"(3).

وروى المزكي في "جزئه" وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَلْتَقِي الخضرُ وَإليَاسُ عليهما السلام فِيْ كُلِّ عَامٍ فِيْ الْمَوْسِمِ، فَيَحْلِقُ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُمْ رَأْسَ صَاحِبِهِ، وَيتَفَرَّقَانِ عَنْ هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ:

(1) رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 74).

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

رواه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 73).

ص: 561

بِسْمِ اللهِ مَا شَاءَ اللهُ، لَا يَسُوْقُ الْخَيْرَ إِلَاّ اللهُ، مَا شَاءَ اللهُ لَا يَدْفَعُ الشَّرَّ إِلَاّ اللهُ، مَا شَاءَ اللهُ مَا كَانَ مِنْ نعمةِ فَمِنَ اللهِ، مَا شَاءَ اللهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ".

قال ابن عباس: من قالهنَّ حين يُصبح وحين يُمسي ثلاث مرات أمَّنه الله من الغرق والحرق والسَّرق.

قال عطاء: وأحسبه قال: ومن الشيطان والسلطان والحية والعقرب (1).

قال السيوطي: وورد اجتماع الخضر وإلياس عليهما السلام في كل عام في الموسم عن أنس رضي الله عنه. أورده الحارث بن أبي أسامة في مسنده بسند ضعيف، انتهى (2).

وذكر ابن الجوزي في "مثير الغرام الساكن" عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: يجتمع في كل يوم عرفة بعرفة جبريل وميكائيل وإسرافيل والخضر عليهم السلام، فيقول جبريل: ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله، فيرد عليه ميكائيل: ما شاء الله كل نعمة من الله، فيرد عليهما إسرافيل: ما شاء الله الخير كله من الله، فيرد عليهم الخضر: ما شاء الله لا يدفع السوء إلا الله، ثم يفترقون فلا يجتمعون إلى قابل

(1) ورواه ابن عدي في "الكامل"(2/ 328) وقال: وهذا الحديث بهذا الإسناد منكر.

(2)

انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (5/ 434). قال ابن القيم في "المنار المنيف"(ص: 67): الأحاديث التي يذكر فيها الخضر وحياته كلها كذب، ولا يصح في حياته حديث واحد.

ص: 562

في مثل ذلك اليوم (1).

وروى إسحاق الختلي في "ديباجه" عن داود بن يحيى مولى عوف الطَّفَاوي، عن رجل كان مرابطاً في بيت المقدس وبعسقلان قال: بينا أنا أسير بوادي الأردن إذا أنا برجل في ناحية الوادي قائم يُصلي، وإذا سحابة تظلُّه من الشمس، فوقع في قلبي أنه إلياس النبي عليه السلام، قال: فسلمت عليه وانفتل من صلاته فردَّ عليَّ السلام، فقلت: مَنْ أنت رحمك الله؟ قال: فلم يردَّ عليَّ شيئاً، فأعدتُ القول مرَّتين فقال: أنا إلياس النبي، قال: فأخذتني رعدة شديدة وخِفْتُ على عقلي أن يذهب، فقلت: إن رأيت رحمك الله أن تدعو لي حتى يُذهب الله عني ما أجد حتى أفهم، فدعا لي بثمان دعوات: يا بر يا رحيم، يا حيُّ يا قيوم، يا حنَّان يا منان، يا هيا شرا هيا، قال: فذهب عني ما كنت أجد، فقلت: إلى مَنْ بُعِثْت؟ قال: إلى أهل بعلبك، قال: فهل يُوحى إليك اليوم؟ قال: منذ بُعثَ محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين فلا، قلت: كم من الأنبياء في الحياة؟ قال: أربعة؛ أنا والخضر في الأرض، وإدريس وعيسى في السماء، قلت: فهل تلتقي أنت والخضر؟ قال: نعم، كل عام بعرفات، قلت: فما حديثكما؟ قال: يأخذ من شعري، وآخذ من شعره، قلت: فكم الأبدال؟ قال: هم ستون رجلاً؛ خمسون

(1) رواه ابن الجوزي في "الموضوعات"(1/ 139) وقال: باطل. ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(16/ 427). وقال المزي في "تهذيب الكمال"(13/ 315): حديث منكر وإسناد مجهول.

ص: 563