الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - ومنها: العفو والاحتمال، ومقابلة السيئة بالحسنة
.
قال الله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92].
وروى الخرائطي، وأبو نعيم عن عكرمة رحمه الله قال: قال الله تعالى: "يا يوسف! بعفوك عن إخوتك رفعت لك ذكرك في الذاكرين"(1).
وروى ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة صعد المنبر فحمد الله وأثنى، ثم قال:"يَا أَهْلَ مَكَّةَ! مَاذَا تَظُنُوْنَ؟ مَاذَا تَقُوْلُوْنَ؟ " قالوا: نظن خيراً ونقول خيراً في ابن عم كريم قد قدرت، قال:"فَإِنِّيْ أَقُوْلُ كَمَا قَالَ أَخِيْ يُوْسُفُ: لَا تَثْرِيْبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِيْنَ"، فخرجوا كأنما نُشروا من القبور، فدخلوا في الإسلام (2).
وروى الخرائطي عن الوليد بن مسلم قال: قال يوسف بن يعقوب عليهما السلام لإخوته الأسباط لمَّا حضرته الوفاة: "يا إخوتاه! إني لم أنتصف لنفسي من مظلمةٍ ظلمتها في الدنيا، وإن كنت أُظهر الحسنة وأرضى بالسيئة فذلك زادني في الدنيا، يا إخوتي! إني شاركت
(1) رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(ص: 85)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 336).
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (4/ 578).
آبائي في صالح أعمالهم فأشركوني في قبورهم" (1).
وروى الإمام أحمد وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي نبياً من الأنبياء، ضربه قومه فهو ينضح، وفي رواية: فهو يمسح الدم عن جبينه، ويقول:"رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون"(2).
وعن عبيد بن عمير رحمه الله تعالى قال: كان قوم نوح عليه السلام يضربونه حتى يُغشى عليه فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون (3).
وروى الدينوري عن ابن المبارك قال: بلغني أنَّ عيسى بن مريم عليهما السلام مرَّ بقومٍ فشتموه، فقال خيراً، ومر بآخرين فشتموه وزادوا، فزادهم خيراً، فقال رجلٌ من الحواريين: كلما زادوك شراً زدتهم خيراً كأنك تغريهم بنفسك؟ فقال عيسى عليه السلام: كل إنسان يُعطي ما عنده (4).
وهذا في معناه المثل السائد: وكل وعاءٍ بالذي فيه ينضح.
(1) رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(ص: 84).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 432)، وأبو يعلى في "المسند"(5216).
(3)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 50).
(4)
رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 261).