الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلام عن ربه فتاب عليه هي قوله: يا رب! أسألك بحق محمد لما غفرت لي (1).
29 - ومنها: بر الوالدين
.
قال تعالى في يحيى عليه السلام: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ} [مريم: 14].
وقال حكاية عن عيسى عليه السلام: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} [مريم: 32].
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن وهب بن منبه رحمه الله: أنَّ موسى عليه السلام سأل ربه عز وجل فقال: "يا رب! بمَ تأمرني؟ " قال: "بأن لا تشرك بي شيئا"، قال:"وبمه؟ " قال: "بر والدتك"، قال:"وبمه؟ " قال: "وبر والدتك"، قال وهب: البر بالوالد يزيد العمر، والبر بالوالدة يثبت الأجل (2).
وعن عمرو بن ميمون قال: رأى موسى عليه السلام رجلاً عند العرش، فغبطه بمكانه فسأل عنه، فقالوا:"نخبرك بعمله؛ لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يمشي بالنميمة، ولا يعقُّ والديه"، قال:"أي رب! ومن يعقُّ والديه؟ " قال: "يستسب لهما حتى يُسبَّا"(3).
(1) انظر: "تفسير الثعلبي"(1/ 184). قال الطبري في "تفسيره"(1/ 245): والذي يدل عليه كتاب الله أن الكلمات التي تلقاهن آدم من ربه هن الكلمات التي أخبر الله عنه أنه قالها متنصلاً بقيلها إلى ربه معترفاً بذنبه وهو قوله: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23].
(2)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 66).
(3)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 67).
وروى الدينوري عن وهب قال: بلغني أن الله تعالى قال للعزيز عليه السلام: "بر والديك؛ فإنَّ من برَّ والديه رضيتُ عنه، وإذا رضيت باركت، وإذا باركت بلغت الرابعة من النسل"(1).
وروى الأصبهاني في "الترغيب" عنه -أيضاً - قال: إنَّ في الألواح التي كتب الله عز وجل لموسى عليه السلام: "يا موسى! وقر والديك، فإنَّ من وقَّر والديه مددت في عمره ووهبت له ولداً يبرُّه، ومن عقَّ والديه قصَّرت من عمره ووهبت له ولداً يعُقه"(2).
قلت: وجاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن البر والصلة يزيدان في العمر (3).
قال المحققون من العلماء: ومعنى زيادة العمر ومده بذلك أنَّ الله تعالى يُبارك في عمر البار والواصل بأن يوفقه لصرفه في الطاعة وعدم التكدير بالمعاصي والهموم والمصائب، كما أنَّ معنى نقص العمر وتقصيره بالعقوق والقطيعة بأن يخذله فيصرف عمره في المعاصي وفيما لا يُجديه، أو يبتليه بالمصائب والهموم من غير تلق منه لها بالرضا والصبر، وإلا فإنَّ الآجال مقسومة (4)، والله الموفق.
(1) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 292).
(2)
ورواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(5/ 1564).
(3)
منها: ما رواه البخاري (1961)، ومسلم (2557) عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه".
(4)
انظر: "شرح مسلم" للإمام النووي (16/ 114)، وقد ذكر أقوالاً أخرى.