الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب جامع
الحديث الأول
عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) .
فيه دليل على استحباب صلاة تحية المسجد، قال الحافظ: واتَّفق أئمَّة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب، وقال الطحاوي: الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها ليس هذا الأمر بداخل فيها.
قال الحافظ: هما عمومان تعارضَا: الأمر بالصلاة لكلِّ داخل غير تفصيل، والنهي عن الصلاة في أوقات مخصوصة فلا بُدَّ من تخصيص أحد العمومين؛ فذهب جمعٌ إلى تخصيص النهي وتعميم الأمر وهو الأصح عند الشافعية، وذهب جمعٌ إلى عكسه وهو قول الحنفية والمالكية انتهى.
والحديث له سبب؛ وهو أن أبا قتادة دخل المسجد فوجَد النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا بين أصحابه فجلس معهم، فقال له:((ما منعك أن تركع؟)) ، قال: رأيتك جالسًا والناس جلوس، قال:((فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) ؛ رواه مسلم.
ولابن أبي شيبة: ((أعطوا المساجد حقَّها)) ، قيل: له: وما حقها؟ قال: ((ركعتين قبل أن تجلس)) .
* * *
الحديث الثاني
عن زيد بن أرقم قال: "كنَّا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل منَّا
صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] ، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
(القنوت) : هنا السكوت، وأجمع العلماء على أن الكلام في الصلاة من عالم بالتحريم عامد لغير مصلحتها أو إنقاذ مسلم مُبطِل لها.
* * *
الحديث الثالث
عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا اشتدَّ الحر فأبردوا عن الصلاة؛ فإن شدَّة الحر من فيح جهنم)) .
فيه دليلٌ على استحباب تأخير الظهر في شدَّة الحر إلى أن يبرد الوقت وينكسر الوهج، والأحاديث الدالَّة على فضيلة التعجيل عامة، وهذا خاصٌّ، والخاص مقدَّم على العام، والحكمة في الإبراد دفع المشقَّة لكونها قد تسلب الخشوع.
* * *
الحديث الرابع
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلَاّ ذلك)) ، وتلا قوله - تعالى -:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]، ولمسلم:((مَن نسي صلاة أو نام عنها فكفَّارتها أن يصليها إذا ذكرها)) .
قوله: وتلا قوله - تعالى -: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]، قال مجاهد في قوله - تعالى -:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] ؛ أي: أقم الصلاة لتذكرني بها، وقال مقاتل: إذا تركت صلاة ثم ذكرتها فأقمها.
وفي الحديث دليلٌ على وجوب قضاء الصلاة إذا فاتت بالنوم أو بالنسيان فورًا ولا إثم عليه، وأمَّا العامد فإنه يجب عليه قضاؤها والإثم باقٍ عليه بإخراجه الصلاة عن وقتها؛ قال الله - تعالى -:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} [مريم: 59- 60] .
* * *
الحديث الخامس
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة.
فيه دليلٌ على جواز اقتداء المفترض بالمتنفِّل، وللدارقطني:((فهي لهم فريضة وله تطوع)) .
قال الحافظ: وهو حديث صحيح رجاله رجال الصحيح، وفيه جواز إعادة الصلاة الواحدة في اليوم الواحد مرتين.
* * *
الحديث السادس
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كنَّا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدَّة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكِّن جبهته من الأرض بسَط ثوبه فسجد عليه".
فيه دليلٌ على جواز استعمال الثياب وغيره في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض لاتِّقاء حرِّها وبردها، وفيه جواز السجود على الثوب المتَّصل بالمصلي، وفيه جواز العمل القليل في الصلاة ومراعاة الخشوع فيها، وفيه جواز الصلاة في شدَّة الحر وإن كان الإبراد أفضل.
* * *
الحديث السابع
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) .
قوله: ((لا يصلي)) (لا) نافية، وهو خبر بمعنى النهي، واختلف العلماء في وجوب ستر العاتق؛ فذهب الجمهور إلى استحبابه وصحة صلاة من تركه، وحملوا النهي على التنزيه.
وعن أحمد: لا تصحُّ صلاة مَن قدر على ذلك فتركه، وعنه: تصحُّ ويأثم؛ واختار ابن المنذر وجوبه إذا كان الثوب واسعًا؛ لحديث جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان الثوب واسعًا فالتحِف به)) ؛ يعني: في الصلاة، ولمسلم:((فخالِف بين طرفيه، وإن كان ضيقًا فاتَّزر به)) ؛ متفق عليه.
* * *
الحديث الثامن
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أكل ثومًا أو بصلاً فليعتزلنا - أو: ليعتزل مسجدنا - وليقعد في بيته)) ، وأتي بقدر فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحًا، فسأل، فأُخبِر بما فيها من البقول، فقال:((قرِّبوها)) إلي بعض أصحابه، فلمَّا رآه كره أكلها، قال:((كُلْ فإني أناجي من لا تناجي)) .
* * *