الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في المذي وغيره
الحديث الأول
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كنت رجلاً مذَّاء، فاستحييت أن أسال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مِنِّي، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال:((يغسل ذكره ويتوضَّأ)) ، وللبخاري:((اغسل ذكرك وتوضأ)) ، ولمسلم:((توضَّأ وانضح فرجك)) .
"المذي": ماء رقيق يخرج عند الملاعبة أو تذكُّر الجماع، وهو نجسٌ، ولا يجب الاغتسال منه، بل يكفيه غسل ذكره والوضوء، وفي روايةٍ لأبي داود والنسائي: "كنت رجلاً مذَّاء فجعلت أغتسل منه في الشتاء حتى تشقَّق ظهري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((لا تفعل)) .
وفي الحديث جواز الاستنابة في الاستفتاء، وفيه استعمال الأدب في ترك المواجهة بما يُستَحيَا منه عرفًا، وحسن المعاشرة مع الأصهار.
* * *
الحديث الثاني
عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه قال: "شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يُخيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال:((لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا)) .
فيه دليلٌ على النهي عن إبطال الصلاة بالشك حتى يتيقَّن الحدَث، قال النووي: هذا الحديث أصلٌ في حكم بقاء الأشياء على أصولها حتى يتيقَّن خلافَ ذلك، ولا يضرُّ الشك الطارئ عليها.
* * *
الحديث الثالث
عن أم قيس بنت محصن الأسدية أنها أتتْ بابنٍ لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره، فبالَ على ثوبه فدعا بماء فنضَحَه على ثوبه ولم يغسله.
وفي حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصبي فبال على ثوبه، فدعا بماء فأتبعه إياه.
ولمسلم: فأتبعه بوله ولم يغسله.
فيه دليل على تخفيف نجاسة بول الصبي، وأنه يكتفي في تطهيره بالنضح، وعن أبي السمح رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يغسل من بول الجارية ويرشُّ من بول الغلام)) ؛ رواه أبو داود والنسائي.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بول الغلام الرضيع يُنضَح، وبول الجارية يُغسَل)) ، قال قتادة: وهذا ما لم يطعما، فإذا طعما غُسِلا جميعًا؛ رواه أحمد والترمذي.
وفي الحديث من الفوائد: الندب إلى حسن المعاشرة، والتواضع، والرفق بالصغار، وتحنيك المولود، وحمل الأطفال إلى أهل الفضل، والله أعلم.
* * *
الحديث الرابع
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فلمَّا قضى بولَه أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم بذَنُوبٍ من ماء فأُهرِيق عليه".
"الذنوب": الدلو فيها ماء.
والحديث دليلٌ على أن الأرض تطهر بصب الماء عليها ولا يشترط حفرها.
قال الحافظ: وفيه أن غسالة النجاسة الواقعة على الأرض طاهرة، ويلتحق بها غير الواقعة؛ لأن البلة الباقية على الأرض غسالة نجاسة، وفيه الرفق بالجاهل
وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف إذا لم يكن ذلك منه عنادًا، وفيه رأفة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه، وفيه تعظيم المساجد وتنزيهها عن الأقذار، وفيه دفع أعظم المفسدتين باحتمال أيسرهما؛ لأنه لو قطع عليه بوله لأدَّى ذلك إلى ضرر بدنه أو تكثير النجاسة في المسجد، وفيه المبادرة إلى إزالة المفاسد عند زوال المانع.
* * *
الحديث الخامس
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقصُّ الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الآباط)) .
((الفطرة)) : الجبلة التي خلق الله الناس عليها وجبل طباعهم على فعلها، وهي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء، وقوله - تعالى -:{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ} [الروم: 30] ؛ أي: دين الله، وقوله صلى الله عليه وسلم:((كلُّ مولود يُولَد على الفطرة فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجِّسانه)) ؛ أي: لو تُرِك لأدَّاه نظره إلى الدين الحق وهو التوحيد.
قوله: ((الفطرة خمس
…
)) إلى آخره، الحصر مبالغة لتأكيد أمر الخمس المذكورة، كقوله:((الدين النصيحة)) ، و ((الحج عرفة)) ، وفي رواية ((خمس من الفطرة)) ، وقد ثبت في أحاديث أُخَر زيادة على الخمس.
((الختان)) واجب على الذكور ومستحب للنساء، وروى:((الختان سنة في الرجال مَكْرُمَة في النساء)) ؛ أخرجه أحمد والبيهقي.
قال في "المدخل": إن السنة إظهار ختان الذكر، وإخفاء ختان الأنثى.
و ((الاستحداد)) هو: إزالة شعر العانة بالحديد، ويجوز بغير ذلك كالنتف والنورة.
و ((قص الشارب)) :