المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب اللباس الحديث الأول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: - خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام

[فيصل آل مبارك]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة المؤلف:

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌باب السواك

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب في المذي وغيره

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌باب التيمم

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌باب فضل الصلاة الجماعة ووجوبها

- ‌باب الأذان

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌باب الصفوف

- ‌باب الإمامة

- ‌باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌باب القراءة في الصلاة

- ‌باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب المرور بين يدي المصلي

- ‌باب جامع

- ‌باب التشهد

- ‌باب الوتر

- ‌باب الذكر عقب الصلاة

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌باب الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب الصوم في السفر وغيره

- ‌باب أفضل الصيام وغيره

- ‌باب ليلة القدر

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌باب المواقيت

- ‌باب ما يلبس المحرم من ثياب

- ‌باب الفدية

- ‌باب حرمة مكة

- ‌باب ما يجوز قتله

- ‌باب دخول مكة وغيره

- ‌باب التمتع

- ‌باب الهدي

- ‌باب الغسل للمحرم

- ‌باب فسخ الحج إلى العمرة

- ‌باب الحرم يأكل من صيد الحلال

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب ما نهى الله عنه من البيوع

- ‌باب العرايا وغير ذلك

- ‌باب السَّلَم

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌باب الربا والصرف

- ‌باب الرهن وغيره

- ‌باب اللقطة

- ‌باب الوصايا وغير ذلك

- ‌باب الفرائض

- ‌كتاب النكاح

- ‌باب الصداق

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب العدة

- ‌باب اللعان

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب القصاص

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الخمر

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌باب النذر

- ‌باب القضاء

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الصيد

- ‌باب الأضاحي

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب اللباس

- ‌كتاب الجهاد

- ‌كتاب العتق

- ‌باب بيع المُدَبَّر

الفصل: ‌ ‌كتاب اللباس الحديث الأول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:

‌كتاب اللباس

الحديث الأول

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تلبسوا الحرير فإنه مَن لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)) .

اللباس من النعم التي أنعم الله بها على عباده، قال الله - تعالى -:{يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26]، وقال عز وجل:{يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 31- 32] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة)) ؛ رواه البخاري تعليقًا.

قوله: ((لا تلبسوا الحرير)) ؛ يعني: الرجال دون النساء؛ لما روى أحمد والنسائي وصححه الترمذي عن أبي موسى، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي، وحرم على ذكورها)) .

قوله: ((فإن مَن لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)) وفي حديث أنس: ((من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة)) ، وللنسائي قال ابن الزبير:"مَن لم يلبس الحرير في الآخرة لم يدخل الجنة"، قال الله - تعالى -:{وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: 23]، وأخرج أحمد والنسائي عن أبي سعيد رفعه:((مَن لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)) ، وزاد:((وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو)) .

قال الحافظ: وأعدل الأقوال أن الفعل المذكور مقتضٍ للعقوبة المذكورة، وقد يتخلَّف ذلك لمانعٍ كالتوبة والحسنة التي توازن

ص: 386

والمصائب التي تكفر، وكدعاء

الولد بشرائط، وكذا شفاعة مَن يؤذن له في الشفاعة، وأعم من ذلك كله عفو أرحم الراحمين.

قوله: ((لا تلبسوا الحرير)) يعمُّ النهي لبسه وافتراشه، قال البخاري: وقال عبيدة: هو كلبسه، وعن حذيفة قال:"نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه"؛ رواه البخاري.

* * *

الحديث الثاني

عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) .

فيه تحريم لبس الحرير من الديباج وغيره على الذكور، وفيه تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة على كلِّ مكلف رجلاً كان أو امرأة، ولا يلتحق ذلك بالحلي للنساء؛ لأنه ليس من التزين الذي أبيح لهنَّ في شيء.

قال القرطبي وغيره: فيه تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب، ويلحق بهما ما في معناهما؛ مثل التطيُّب والتكحُّل وسائر وجوه الاستعمالات، وبهذا قال الجمهور.

قوله: ((فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) ؛ أي: الكفار يستعملونها في الدنيا، ((وهي لكم في الآخرة)) مكافأة لكم على تركها في الدنيا ويمنعها مَن يستعملها في الدنيا جزاء لهم على معصيتهم.

* * *

الحديث الثالث

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "ما رأيت من ذي لِمَّةٍ في

ص: 387

حُلَّة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم له شعر يضرب إلى منكبيه بعيد ما بين المنكبين، ليس بالقصير ولا بالطويل".

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خَلقًا وخُلُقًا، وكان ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا آدم، له شعر يضرب إلى منكبيه ليس بجعد قَطَطٍ ولا سَبْطٍ، أُنزِل عليه وهو ابن أربعين سنة، فلبث بمكة ثلاث عشرة سنة ينزل عليه وبالمدينة عشر سنين، وقُبِض وليس في رأسه عشرون شعرة بيضاء، قال ربيعة: فرأيت شعرًا من شعره فإذا هو أحمر فسألت فقيل: أحمر من الطيب، وكان وجهه مثل القمر، وكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس وأصدق الناس، ولم يكن بخيلاً ولا جبانًا ولا كذوبًا ولا فاحشًا ولا متفحشًا، وكان أشدَّ حياء من العذراء في خدرها، ولم يكن يسرد الحديث سردًا، كان يحدث حديثًا لو عدَّه العادُّ لأحصاه، وكانت تنام عيناه ولا ينام قلبه، يقول ناعته: لم أرَ قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم؛ قال الله - تعالى -: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] .

قوله: "من ذي لِمَّة"؛ أي: صاحب لِمَّة، قال في "الصحاح": الوفرة: الشعر إلى شحمة الأذن، ثم الجمة، ثم اللمة: وهي التي ألَمَّت بالمنكبين.

قوله: "بعيد ما بين المنكبين"؛ أي: عريض أعلى الظهر، ولابن سعد عن أبي هريرة "رحب الصدر"، وعن ابن عباس قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميل دوائر الوجه، قد ملأت لحيته من هذه إلى هذه حتى كادت تملأ نحره".

قوله: "في حلة حمراء"(الحلة) : إزار ورداء، وفي رواية:"كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعًا، وقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئًا أحسن منه".

وفي الحديث جواز لبس الثوب الأحمر، قال الطبري: الذي أراه جواز لبس الثياب المصبغة بكلِّ لون، إلا أني لا أحب ما كان مشبعًا بالحمرة، ولا لبس الأحمر مطلقًا ظاهرًا فوق الثياب؛ لكونه ليس من ملابس أهل المروءة في زماننا،

فإن مراعاة زيِّ الزمان من المروءة ما لم يكن إثمًا، وفي مخالفة الزي ضربٌ من الشهرة.

ص: 388

وقال ابن القيم: كان بعض العلماء يلبس ثوبًا مشبعًا بالحمرة يزعم أنه يتبع السنة وهو غلط؛ فإن الحلة الحمراء من برد اليمن، والبرد لا يصنع أحمر صرفًا، اهـ، والله أعلم.

* * *

الحديث الرابع

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "أمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعٍ ونهانا عن سبعٍ: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار القسم أو المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام، ونهانا عن خواتم - أو عن التختم - بالذهب، وعن الشرب بالفضة، وعن المياثر، وعن القسي، وعن لبس الحرير، والإستبرق، والديباج".

قوله: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع"؛ أي: سبع خصال، وهي من حقوق المسلمين بعضهم على بعض.

قوله: "وإبرار القسم أو المقسم" شك من الراوي وهو فعل ما أراده الجالف ليصير بذلك بارًّا.

قوله: "ونهانا عن سبع"؛ أي: خصال.

قوله: "وعن المياثر"؛ أي: الحمر، "المياثر": جمع مِيثَرة، قال الطبري: المِيثَرة وطاء يوضع على الفرس أو رحل البعير، كانت النساء تصنعه لأزواجهن من الأرجوان الأحمر ومن الديباج، وكانت مراكب العجم.

قال ابن بطال: كلام الطبري يقتضي التسوية في المنع من الركوب عليه سواء كانت من حرير أم من غيره، فكان النهي عنها إذا لم يكن حريرًا للتشبُّه أو للسرف أو التزيُّن، وبحسب ذلك تفصيل الكراهة بين التحريم والتنزيه.

قوله: "وعن القَسِّيِّ" نسبة إلى بلد يقال لها: القس، قال البخاري: وقال عاصم، عن أبي بردة:"قلت لعليٍّ: ما القسية؟ قال: ثياب أتتنا من الشام أو من مصر مضلعة فيها حرير وفيها أمثال الأترج".

واستدلَّ بالنهي عن

ص: 389

لبس القسي على منع لبس ما خالطه الحرير من الثياب، وذهب الجمهور إلى جواز لبس ما خالطه الحرير إذا كان غير الحرير الأغلب؛ لحديث ابن عباس:"إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير، فأمَّا العلم من الحرير وسدى الثوب فلا بأس به"؛ أخرجه الطبراني، وأصله عند أبي داود.

قوله: "وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج" الديباج والإستبرق صنفان نفيسان من الحرير، وعطفه على الحرير من عطف الخاص على العام، والله اعلم.

* * *

الحديث الخامس

عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطنع خاتمًا من ذهب فكان يجعل فصَّة في باطن كفِّه إذا لبسه، فصنع الناس مثل ذلك، ثم إنه جلس على المنبر فنزعه فقال: ((إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من داخل)) ، فرمى به ثم قال: ((والله لا ألبسه أبدًا)) ، فنبذ الناس خواتيمهم"، وفي لفظ:"جعله في يده اليمنى".

قال ابن بطال: ليس في كون فص الخاتم في بطن الكف ولا ظهرها أمر ولا نهي.

قوله: "وفي لفظ: جعله في يده اليمنى"، ولمسلم عن أنس:"أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس خاتمًا من فضة في يمينه فصه حبشي"، وعنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خاتمه من فضة وكان فصه منه"؛ رواه البخاري، وهذا لا يعارض ما قبله فإنه يحمل على التعدُّد، ويحتمل أن يكون فصه من فضة، ونسبته إلى الحبشة لصياغته أو نقشه، واختلفوا

هل الأَوْلَى التختُّم في اليمين أو اليسار، والراجح التختُّم في اليمين؛ ليُصَان الخاتم عن الاستنجاء ونحوه.

* * *

ص: 390

الحديث السادس

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه: السبابة، والوسطى".

ولمسلم: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير، إلا موضع أصبعين أو ثلاثٍ أو أربعٍ".

قوله: "نهى عن لبس الحرير إلا هكذا"؛ يعني: الأعلام جمع علم: وهو ما يكون في الثوب من تطريف وتطريز ونحوهما.

قوله: "إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع"(أو) هنا للتنويع والتخيير، لا للشك، وللنسائي:"لم يرخص في الديباج إلا في موضع أربعة أصابع"، واستدلَّ به على جواز لبس الثوب الذي يخالطه من الحرير مقدار العلم سواء كان مجموعًا أو مفرقًا إذا كان مجموع الحرير فيه قدر أربع أصابع لو كانت منفردة.

وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: "أنها أخرجت جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج"؛ رواه أبو داود وأصله في مسلم.

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلَّة يوم القيامة)) ؛ رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، والله أعلم.

* * *

ص: 391