الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد قال الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] ".
قال النووي: وقد اتَّفق العلماء على استحباب النوافل المطلقة في السفر، واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة، فكرهها ابن عمر وآخرون، واستحبَّها الشافعي وأصحابه والجمهور.
فائدة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قيل له: ما بال المسافر يصلي ركعتين في حال الإنفراد وأربعًا إذا ائتمَّ بمقيم؟ فقال: تلك السنة؛ رواه أحمد.
تنبيه:
ليس الجمع بسنة راتبة كما يعتقد أكثر المسافرين، بل هو رخصة عارضة، فسنة المسافر قصر الرباعية سواء كان له عذر أو لم يكن، وأمَّا جمعه بين الصلاتين فحاجة ورخصة.
* * *
باب الجمعة
الحديث الأول
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رجالاً تمارَوْا في منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أي عود هو؟ فقال سهل: من طرفاء الغابة، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه فكبَّر وكبَّر الناس وراءه وهو على المنبر، ثم ركع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال:((يا أيها الناس، إنما صنعت هذا لتأتمُّوا بي ولتتعلموا صلاتي)) ، وفي لفظ:"صلى عليها، ثم كبَّر عليها، ثم ركع وهو عليها ثم نزل القهقرى".
الأصل في فرض الجمعة الكتاب والسنة والإجماع.
قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9] .
قال الحافظ: يستفاد من الحديث أن مَن فعل شيئًا يخالف العادة أن يبين حكمته لأصحابه، وفيه مشروعية الخطبة على المنبر لكلِّ خطيب خليفة كان أو غيره، وفيه جواز قصد تعليم المأمومين أفعال الصلاة بالفعل، وجواز العمل اليسير في الصلاة وكذا الكثير إن تفرَّق، وفيه استحباب اتخاذ المنبر لكونه أبلغ في مشاهدة الخطيب والسماع منه، واستحباب الافتتاح بالصلاة في كل جديد، إمَّا شكرًا، وإمَّا تبركًا.
* * *
الحديث الثاني
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن جاء منكم الجمعة فليغتسل)) .
فيه دليلٌ على استحباب الغسل يوم الجمعة وتأكيد سنيته.
* * *
الحديث الثالث
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة، فقال:((صليت يا فلان؟)) ، قال: لا، قال:((قم فاركع ركعتين)) ، وفي رواية:((فصلِّ ركعتين)) .
فيه دليلٌ على استحباب صلاة تحية المسجد حالَ الخطبة، وفي الحديث الآخَر:((إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوَّز فيهما)) ؛ رواه مسلم.
وفيه أن التحية لا تفوت بالقعود، وأن للخطيب أن يأمر في خطبته وينهي
ويبيِّن الأحكام المحتاج إليها.
وعن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا، فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله ورسوله {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] ، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما)) ؛ رواه الخمسة.
* * *
الحديث الرابع
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس".
فيه دليلٌ على مشروعية الجلوس بين الخطبتين، ولفظ الحديث في البخاري عن عبد الله بن عمر قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين يقعد بينهما".
* * *
الحديث الخامس
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت، يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت)) .
(اللغو) : ما لا يحسن من الكلام، وفيه دليل على وجوب الإنصات حال الخطبة، فإن احتاج إلى ما لا بُدَّ منه فبالإشارة.
* * *
الحديث السادس
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرَّب
بدَنَة، ومَن راح في الساعة الثانية فكأنما قرَّب بقَرَة، ومَن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرَّب كبشًا أقرن، ومَن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرَّب دجاجة، ومَن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرَّب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر)) .
قوله: ((ثم راح)) ؛ أي: ذهب، وابتداء الساعات بعد ارتفاع الشمس، وفيه من الفوائد الحضُّ على الاغتسال يوم الجمعة وفضله، وفصل التبكير إليها.
* * *
الحديث السابع
عن سلمة بن الأكوع - وكان من أصحاب الشجرة، رضي الله عنه قال:"كنَّا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به".
وفي لفظ: "كنَّا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس، ثم نرجع فنتتبَّع الفيء".
قوله: "نجمع"؛ أي: نصلي الجمعة.
قوله: "وليس للحيطان ظل يستظل به" لا ينفي أصل الظل، ولكن ينفي الظل الكثير الذي يستظلُّون به، وفيه دليلٌ على مشروعية التبكير بصلاة الجمعة في أوَّل الوقت بعد الزوال.
قال الموفق في "المغني": المستحَبُّ إقامة الجمعة بعد الزوال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، ولأن في ذلك خروجًا من الخلاف، فإن علماء الأمة اتَّفقوا على أن ما بعد الزوال وقت للجمعة، وإنما الخلاف فيما قبله، انتهى.
وقال النووي: وقد قال مالك وأبو حنيفة