المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الشروط في البيع - خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام

[فيصل آل مبارك]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة المؤلف:

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌باب السواك

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب في المذي وغيره

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌باب التيمم

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌باب فضل الصلاة الجماعة ووجوبها

- ‌باب الأذان

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌باب الصفوف

- ‌باب الإمامة

- ‌باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌باب القراءة في الصلاة

- ‌باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب المرور بين يدي المصلي

- ‌باب جامع

- ‌باب التشهد

- ‌باب الوتر

- ‌باب الذكر عقب الصلاة

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌باب الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب الصوم في السفر وغيره

- ‌باب أفضل الصيام وغيره

- ‌باب ليلة القدر

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌باب المواقيت

- ‌باب ما يلبس المحرم من ثياب

- ‌باب الفدية

- ‌باب حرمة مكة

- ‌باب ما يجوز قتله

- ‌باب دخول مكة وغيره

- ‌باب التمتع

- ‌باب الهدي

- ‌باب الغسل للمحرم

- ‌باب فسخ الحج إلى العمرة

- ‌باب الحرم يأكل من صيد الحلال

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب ما نهى الله عنه من البيوع

- ‌باب العرايا وغير ذلك

- ‌باب السَّلَم

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌باب الربا والصرف

- ‌باب الرهن وغيره

- ‌باب اللقطة

- ‌باب الوصايا وغير ذلك

- ‌باب الفرائض

- ‌كتاب النكاح

- ‌باب الصداق

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب العدة

- ‌باب اللعان

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب القصاص

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الخمر

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌باب النذر

- ‌باب القضاء

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الصيد

- ‌باب الأضاحي

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب اللباس

- ‌كتاب الجهاد

- ‌كتاب العتق

- ‌باب بيع المُدَبَّر

الفصل: ‌باب الشروط في البيع

لقوله الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] إلى قوله {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، قال في "الاختيارات": ويصحُّ السَّلَم حالاً إن كان المسلم فيه موجودًا في ملكه وإلَاّ فلا، ويجوز بيع الدَّين في الذمَّة من الغريم وغيره ولا فرق بين دين السلم وغيره، وهو رواية عن أحمد، وقاله ابن عباس، لكنَّه بقدر القيمة فقط لئلَاّ يربح فيما لم يضمن، وقال أيضًا: ويصحُّ الصلح عن المؤجَّل ببعضه حالاً وهو روايةٌ عن أحمد وحكى قولاً للشافعي، انتهى، والله أعلم.

* * *

‌باب الشروط في البيع

الحديث الأول

عن عائشة رضي الله عنها قالت: "جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواقٍ في كلِّ عام أوقية، فأعينيني، فقالت: إنْ أحبَّ أهلك أن أعدَّها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فقالت إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء، فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال:((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لِمَن أعتق)) ، ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:((أما بعد، فما بالُ رجالٍ يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لِمَن أعتق)) .

ص: 252

هذا الحديث جليل كثير الفوائد، قال النووي: صنَّف ابن خزيمة وابن جرير في قصة بريرة تصنيفين كبيرين، وقال الحافظ: استنبط بعضهم منه أربعمائة فائدة.

قولها: "كاتبت أهلي"(المكتابة) بيع العبد نفسه بمال في ذمته؛ قال الله - تعالى -: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ} [النور: 33] .

قوله صلى الله عليه وسلم: ((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لِمَن أعتق)) كان صلى الله عليه وسلم قد أعلم الناس بأن اشتراط الولاء باطل.

قوله: ((ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط)) قال ابن بطال: المراد بكتاب الله هنا حكمه من كتابه أو سنة رسوله أو إجماع الأمة، انتهى.

ويُستَفاد منه أن الشروط التي لم تخالف الشرع صحيحة ولو تعدَّدت، كما قال صلى الله عليه وسلم:((والمسلمون على شروطهم، إلا شرطًا حرّم حلالاً أو أحلَّ حرامًا)) .

قوله: ((قضاء الله أحق)) ؛ أي: بالاتِّباع من الشروط المخالفة له ((وشرط الله أوثق)) ؛ أي: باتِّباع حدوده التي حدَّها ((وإنما الولاء لمن أعتق)) (إنما) للحصر، وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه.

قال الحافظ: وفي حديث بريرة من الفوائد جواز كتابه الأمَة كالعبد، وجواز كتابة المتزوِّجة ولو لم يأذن الزوج، وفيه جواز السؤال لِمَن احتاج إليه من دين أو غرم أو نحو ذلك، وفيه أن المرأة الرشيدة تتصرَّف لنفسها في البيع وغيره ولو كانت مزوجة، وفيه جواز رفع الصوت عن إنكار المنكر، وأنه لا بأس لِمَن أراد أن يشتري للعتق أن يُظهِر ذلك لأصحاب الرقبة ليتساهلوا له في الثمن ولا يُعَدُّ ذلك من الرياء، وفيه أن الشيء إذا بِيعَ بالنقد كانت الرغبة فيه أكثر ممَّا لو بِيعَ بالنسيئة، وفيه جواز الشراء بالنسيئة، وفيه جواز البيع على شرط العتق بخلاف البيع بشرط أن لا يبيعه لغيره مثلاً ولا يهبه، وأن من الشروط في البيع ما لا يبطل ولا يضرُّ البيع، وفيه جواز بيع المُكاتِب إذا رضِي وإن لم يكن عاجزًا عن أداء نجم قد حلَّ، وأنه لا بأس للحاكم أن يحكم لزوجته بالحق، وأن بيع الأمَة ذات الزوج ليس بطلاق، وفيه البداءة في الخطبة بالحمد والثناء، وقوله: أمَّا بعد فيها، وجواز تعدُّد الشروط؛ لقوله:((مائة شرط)) ، وفيه أن لا كراهة في السجع في الكلام إذا لم يكن عن قصد ولا متكلفًا،

ص: 253

وفيه جواز شراء السلعة للراغب في شرائها بأكثر من ثمن مثلها؛ لأن عائشة بذلت ما قرر نسيئة على جهة النقد مع اختلاف القيمة بين النقد والنسيئة، وفيه جواز استدانة مَن لا مال له عند حاجته إليه، وفيه مشاورة المرأة زوجها في التصرُّفات، وسؤال العالم عن الأمور الدينية، وإعلام العالم بالحكم لِمَن رآه يتعاطى أسبابه ولو لم يسأل، وفيه أن المدين يبرأ أداء غيره عنه، وفيه أن الأيدي ظاهرة في الملك، وأن مشتري السلعة لا يسأل عن أصلها إذا لم تكن ريبة، وفيه جواز عقد البيع بلا كتابة، وفيه جواز اليمين فيما لا تجب فيه ولا سيَّما عند العزم على فعل الشيء، وأن لغو اليمين لا كفارة فيه؛ لأن عائشة حلفت أن لا تشترط، ثم قال لها النبي صلى الله عليه وسلم:((اشترطي)) ولم ينقل كفارة، وفيه ثبوت الولاء للمرأة المعتقة، فيستثنى من عموم:((الولاء لحمة كلحمة النسب)) ؛

فإن الولاء لا ينتقل إلى المرأة بالإرث بخلاف النسب، وفيه أن حق الله مقدَّم على حق الآدمي لقوله:((شرط الله أحقُّ وأوثق)) ، ومثله الحديث الآخر:((دين الله أحق أن يُقضَى)) .

وفيه أن البيان بالفعل أقوى من القول، وجواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة، وفيه أن الحاجة إذا اقتضت بيان حكم عام وجب إعلانه أو ندب بحسب الحال، انتهى ملخصًا، وسيأتي بعض الكلام على فوائده في الفرائض - إن شاء الله تعالى.

* * *

الحديث الثاني

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنه كان يسير على جملٍ له فأعيا فأراد أن يسيبه فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي وضربه فسار سيرًا لم يسر مثله قط، فقال:((بعنيه بأوقية)) ، قلت: لا، ثم قال:((بعنيه)) ، فبعته بأوقية واستثنيت حملانه إلى أهلي، فلمَّا بلغت أتيتُه بالجمل فنَقَدني ثمنه ثم رجعت فأرسل في أثري، فقال:((أتُراني ماكستك لآخُذ جملك، خُذْ جملك ودراهمك فهو لك)) .

ص: 254

(المماكسة) : المناقصة في الثمن، وفي الحديث جوازُ اشتراط مثل هذا في البيع؛ كسكنى الدار وخدمة العبد مُدَّة معلومة ونحو ذلك، وفيه جواز الاستثناء في البيع إذا لم يكن المستثنى مجهولاً، قال الحافظ: وفي الحديث جواز المساومة لِمَن يعرض سلعته للبيع، والمماكسة في المبيع قبل استقرار العقد، وأن القبض ليس شرطًا في صحة البيع، وأن إجابة الكبير بقول:(لا) جائزٌ في الأمر الجائز، وفيه توقير التابع لرئيسه، وفيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم انتهى ملخصًا.

تتمَّة:

قال في "الاختيارات": سأل أبو طالب الإمام أحمد عمَّن اشترى أمَة يشترط أن يتسرَّى بها لا للخدمة، قال: لا بأس به، وهذا من أحمد يقتضي أنه إذا شرط على البائع فعلاً أو تركًا في البيع ممَّا هو مقصود للبائع أو للمبيع نفسه صحَّ البيع

والشرط كاشتراط العتق، وكما اشترط عثمان لصهيب وقف داره عليه، انتهى، والله أعلم.

* * *

الحديث الثالث

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضرٌ لبادٍ ولا تناجشوا، ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في إنائها.

قوله: "ولا يبيع ولا يخطب" بإثبات التحتانية في يبيع وبالرفع فيهما على أنه نفي، وسياق ذلك بصيغة الخبر أبلغ في المنع، وفي حديث ابن عمر:((لا يخطب الرجل على خطبة الرجل حتى يترك الخاطب قبلُ أو يأذن له الخاطب)) .

ص: 255