الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الحافظ: في تقريره صلى الله عليه وسلم للعباس على ذلك دليلٌ على جواز تخصيص العام.
وقال الطبري: ساغَ للعباس أن يستثنى الإذخر؛ لأنه احتمل عنده أن يكون المراد بتحريم مكة تحريم القتال دون ما ذكر من تحريم الإختلاء فإنه من تحريم الرسول باجتهاده، فساغ له أن يسأله استثناء الإذخر.
وقال ابن المنير: الحق أن سؤال العباس كان على معنى الضراعة، وترخيص النبي صلى الله عليه وسلم كان تبليغًا عن الله إمَّا بطريق الإلهام أو بطريق الوحي.
قال الحافظ: وفي الحديث بيان خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكر في الحديث، وجواز مراجعة العالم في المصالح الشرعية، والمبادرة إلى ذلك في المجامع والمشاهد، وعظيم منزلة العباس عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنايته بأمر مكة؛ لكونه كان بها أصله ومنشؤه، وفيه رفع وجوب الهجرة من مكة إلى المدينة وإبقاء حكمها من بلاد الكفر إلى يوم القيامة، وأن الجهاد يشترط أن يقصد به الإخلاص، ووجوب النفير مع الأئمة.
* * *
باب ما يجوز قتله
الحديث الأول
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خمسٌ من الدواب كلهن فواسق يُقتَلن في الحرم: الغراب، والحِدَأَة، العقرب، والفأرة، والكلب العقور)) ، ولمسلم:((خمس فواسق يُقتَلن في الحل والحرم)) .
قوله: ((خمس من الدواب كلهن فواسق يُقتَلن في الحرم)) ، وفي حديث ابن عمر:((خمسٌ من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح)) .
قال الحافظ: وعرف بذلك
أن لا إثم في قتلها على المحرم ولا في الحرم، ويؤخذ من جواز ذلك للحلال وفي الحل من باب الأَوْلَى.
قوله: ((الغراب)) في رواية عند مسلم: ((الأبقع)) وهو الذي في ظهره أو بطنه بياض، قال الحافظ، قال ابن قدامة: يلتحق بالأبقع ما شارَكَه في الإيذاء وتحريم الأكل، وقد اتَّفق العلماء على إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب، ويقال له: غراب الزرع، ويقال له: الزاغ، وأفتوا بجواز أكله، فبقي ما عداه من الغربان ملتحِق بالأبقع.
قوله: ((والحدأة)) ، وفي رواية:((والحُدَيَّا)) ، قال الحافظ: ومن خواص الحدأة أنها تقف في الطيران، ويقال: إنها لا تختطف إلا من جهة اليمين.
قوله: ((والعقرب)) وفي حديث ابن عمر عند أحمد: ((والحية)) بدل: ((والعقرب)) ، قال ابن المنذر: لا نعلمهم اختلفوا في جواز قتل العقرب، وقال نافع لما قيل له: فالحية؟ قال: لا يختلف فيها.
قوله: ((والفأرة)) قال الحافظ: بهمزة ساكنة ويجوز فيها التسهيل، ولم يختلف العلماء في جواز قتلها للمحرم إلا ما حُكِي عن إبراهيم النخعي، فإنه قال: فيها جزاء إذا قتلها المحرم؛ أخرجه ابن المنذر، وقال هذا خلاف السنة وخلاف قول
جميع أهل العلم، والفأر أنواع: منها الجرذ، والخلد وفأرة الإبل، وفأرة المسك، وفأرة الغيط وحكمها في تحريم الأكل وجواز القتل سواء، انتهى.
قوله: ((والكلب العقور)) قال مالك في "الموطأ": كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم؛ مثل: الأسد والنمر، والفهد والذئب، هو العقور، وكذا نقل أبو عبيد عن سفيان، وهو قول الجمهور.
وقال بعض العلماء: أنواع الأذى مختلفة، وكأنَّه نبَّه بالعقرب على ما يُشارِكها في الأذى باللسع ونحوه من ذوات السموم؛ كالحية، والزنبور، وبالفأرة على ما يشاركها في الأذى بالنقب والقرض كابن عرس، وبالغراب والحدأة على ما يشاركها في الأذى بالاختطاف كالصقر، وبالكلب العقور على ما يشاركه في الأذى بالعدوان والعقر كالأسد والفهد، انتهى.
قال في "القاموس": ابن عرس دُوَيبة أشتر أصلم أسك.
تتمَّة:
عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الوزع فويسق)) ، ولم أسمعه أمر بقتله"؛ رواه البخاري.
قال الحافظ: وقضية تسميته إيَّاه فويسقًا أن يكون قتله مباحًا، وكونها لم تسمعه لا يدلُّ على منع ذلك فقد سمعه