الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب السواك
الحديث الأول
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) .
((السواك)) : يُطلَق على الفعل، وعلى العود الذي يُتسَوَّك به، وهو مسنون في كلِّ وقت، ويتأكَّد عند الصلاة والوضوء وقراءة القرآن، وتغير الفم والاستيقاظ من النوم، وفي السواك فوائد دينية ودنيوية.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((السواك مَطْهَرة للفم مَرْضَاة للرب)) ؛ رواه أحمد والنسائي.
وذكر بعض العلماء أن السواك يُورِث السعة والغنى، ويطيب النكهة ويشد اللثة، ويسكن الصداع ويذهب وجع الضرس.
وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوَّك وهو صائم"؛ رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال الشافعي: لا بأس بالسواك للصائم أول النهار وآخره0
قوله: ((لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) ؛ أي: لأوجبته عليهم، وفي بعض النسخ:((مع كل وضوء عند كل صلاة)) ، وللنسائي:((لولا أن أشقَّ على أمتي لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء)) .
وعند أحمد: ((لأمرتهم بالسواك عند كلِّ صلاة كما يتوضؤون)) ، وله أيضًا:((لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك)) .
* * *
الحديث الثاني
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يَشُوصُ فاه بالسواك".
قال المؤلف: معناه: يغسل أو يدلك، يُقَال: شَاصَه يَشُوصُه ومَاصَه يَمُوصُه إذا غسله.
في هذا الحديث استحباب السواك عند القيام من النوم؛ لأنه مقتضٍ لتغيُّر الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة، والسواك آلة تنظيفه.
* * *
الحديث الثالث
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مُسنِدتُه إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستنُّ به، فأَبَدَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره، فأخذت السواك فقضمته ونفضته وطيَّبته، ثم رفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستنَّ به، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استنَّ استنانًا أحسن منه، فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده أو أصبعه ثم قال: ((في الرفيق الأعلى)) ثلاثًا ثم قضَى"، وكانت تقول:"مات بين حاقنتي وذاقنتي".
وفي لفظ: "فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحبُّ السواك فقلت: آخُذه؟ فأشار برأسه أن نعم"؛ هذا لفظ البخاري، ولمسلم نحوه.
"القضم": الأخذ بطرف الأسنان، ونفَضته بالفاء والضاد المعجمة، و"الحاقنة": الوهدة المنخفضة بين الترقوتين، و"الذاقنة": هي الذقن.
قولها: "فأَبَدَّه" بفتح الباء الموحدة وتشديد الدال المهملة؛ أي: مدَّ نظره إليه.
وفي الحديث إصلاح السواك
وتهيئته، والاستياك بسواك الغير، والعمل بما يُفهَم من الإشارة.
قوله صلى الله عليه وسلم: ((في الرفيق الأعلى)) إشارة إلى قوله - تعالى -: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أسمع أنه لا يموت نبيٌّ حتى يخيَّر بين الدنيا والآخرة، فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه وأخذته بَحَّة يقول: ((مع الذين أنعم الله عليهم
…
)) الآية، فظننت أنه خُيِّر".
* * *
الحديث الرابع
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك بسواك رطب، قال: وطرف السواك على لسانه وهو يقول: ((أع أع)) ، والسواك في فيه كأنه يتهوَّع".
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -: ويُستَفاد منه مشروعية السواك على اللسان طولاً، أمَّا الأسنان فالأحبُّ فيها أن تكون عرضًا.
وفيه تأكيد السواك، وأنه لا يختصُّ بالأسنان، وأنه من باب التنظيف والتطييب، لا من باب إزالة القاذورات؛ لكونه صلى الله عليه وسلم لم يكتفِ به، وبوَّبوا عليه "استياك الإمام بحضرة رعيته".
[تتمة] وعن شريح قال: قلت لعائشة بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت بالسواك" رواه مسلم. وعن أنس مرفوعا: "يجزي من السواك الأصابع" رواه الدارقطني والبيهقي. قال الموفق في "المغني": وإن استاك بإصبعه أو خرقة فالصحيح أنه يصيب السنة بقدر ما يحصل من الإنقاء، ولا يترك القليل من السنة للعجز عن كثيرها، والله أعلم.