المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الرضاع الحديث الأول عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال - خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام

[فيصل آل مبارك]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة المؤلف:

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌باب السواك

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب في المذي وغيره

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌باب التيمم

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌باب فضل الصلاة الجماعة ووجوبها

- ‌باب الأذان

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌باب الصفوف

- ‌باب الإمامة

- ‌باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌باب القراءة في الصلاة

- ‌باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب المرور بين يدي المصلي

- ‌باب جامع

- ‌باب التشهد

- ‌باب الوتر

- ‌باب الذكر عقب الصلاة

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌باب الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب الصوم في السفر وغيره

- ‌باب أفضل الصيام وغيره

- ‌باب ليلة القدر

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌باب المواقيت

- ‌باب ما يلبس المحرم من ثياب

- ‌باب الفدية

- ‌باب حرمة مكة

- ‌باب ما يجوز قتله

- ‌باب دخول مكة وغيره

- ‌باب التمتع

- ‌باب الهدي

- ‌باب الغسل للمحرم

- ‌باب فسخ الحج إلى العمرة

- ‌باب الحرم يأكل من صيد الحلال

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب ما نهى الله عنه من البيوع

- ‌باب العرايا وغير ذلك

- ‌باب السَّلَم

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌باب الربا والصرف

- ‌باب الرهن وغيره

- ‌باب اللقطة

- ‌باب الوصايا وغير ذلك

- ‌باب الفرائض

- ‌كتاب النكاح

- ‌باب الصداق

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب العدة

- ‌باب اللعان

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب القصاص

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الخمر

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌باب النذر

- ‌باب القضاء

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الصيد

- ‌باب الأضاحي

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب اللباس

- ‌كتاب الجهاد

- ‌كتاب العتق

- ‌باب بيع المُدَبَّر

الفصل: ‌ ‌كتاب الرضاع الحديث الأول عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال

‌كتاب الرضاع

الحديث الأول

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بنت حمزة: ((لا تحلُّ لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وهي ابنة أخي من الرضاعة)) .

الأصل في التحريم بالرضاع الكتاب السنة والإجماع؛ قال الله عز وجل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ

} [النساء: 23] الآية.

قوله: ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)) قال بعض الفقهاء: كلُّ ما يحرم من النسب يحرم من الرضاع إلا أربعًا، وقال بعضهم: إلا ستًّا، وقال بعضهم: إلا أم أخته وأخت ابنه، قال ابن كثير: والتحقيق أنه لا يُستَثنى شيء من ذلك؛ لأنه يوجد مثل بعضها في النسب، وبعضها إنما يحرم من جهة الصهر، فلا يَرِد على الحديث شيء أصلاً ألبتة، ولله الحمد، اهـ.

والمقصود أن الأم تحرم بالرضاع كما تحرم بالنسب، وكذا الجدات وإن علون، والبنات وبنات الأولاد وإن سفلن، والأخوات من كل جهة، والعمَّات وعمَّات الوالدين وإن علوا، والخالات وخالات الوالدين وإن علوا، وبنات الأخ وبنات الأخت وبنات أولادهم وإن سفلن، وأم الزوجة وجداتها وإن علون من الرضاعة والنسب فحرمن بعقد النكاح، والربائب، وهن بنات المرأة من غيره وبنات أولادها وإن سفلن من الرضاع والنسب بعد الدخول، وزوجات أبنائه وأبناء

ص: 312

أولاده وإن سفلوا من الرضاع والنسب بنفس العقد، وحلائل الأب والأجداد وإن علوا من الرضاع والنسب، وكل امرأة تحرم بعقد النكاح تحرم

بالوطء في ملك اليمين، فلو ملك أختين من نسب أو رضاع لم يجز له أن يجمع بينهما في الوطء، وكذلك بين المرأة وعمَّتها أو خالتها من نسب أو رضاع.

* * *

الحديث الثاني

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرضاع يحرم ما يحرم من الولادة)) .

وعنها قالت: "إنَّ أفلح أخا أبي القعيس استأذن عليَّ بعدما أنزل الحجاب، قلت: والله لا آذَن له حتى استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، إن الرجل ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأته، فقال: ((ائذني له فإنه عمُّك، تربت يمينك)) ، قال عروة: فبذلك كانت عائشة تقول: حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب".

وفي لفظ: "استأذن عليَّ أفلح فلم آذَن له، فقال: أتحتجبين مِنِّي وأنا عمك، فقلت: كيف ذلك؟ قال: أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي، قالت: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((صدق

ص: 313

أفلح، ائذني له، تربت يمينك)) ؛ أي: افتقرت، والعرب تدعو على الرجل ولا تريد وقوع الأمر به.

وعنها رضي الله عنها قالت: "دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي رجل، فقال:((يا عائشة، مَن هذا؟)) ، قلت: أخي من الرضاعة، فقال:((يا عائشة، انظرن مَن إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة)) .

الحديث دليلٌ على أن لبن الفحل يحرِّم، وصورته أن يكون لرجل امرأتان فترضع إحداهما صبيًّا أجنبيًّا والأخرى صبية فتحرم على الصبي؛ لأنها أخته لأبيه من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، قال ابن عباس: اللقاح واحد، يُشِير إلى أن سبب اللبن هو ماء الرجل وماء المرأة.

قولها: "والله لا آذن له حتى أستأذن النبي صلى الله عليه وسلم" فيه أن مَن شكَّ في حكم يتوقَّف عنه حتى يسأل العلماء. وفيه مشروعية استئذان المحرم على محرمه.

قولها: "دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي رجل"، وفي رواية: "دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغيَّر وجهه كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي، فقال:((انظرن مَن إخوانكن)) ، فإنما الرضاعة من المجاعة)) ، قال المهلب: معناه: انظر ما سبب هذه الأخوة فإن حرمة الرضاع إنما هي في الصغر حتى تسدَّ الرضاعة المجاعة.

قوله: ((فإنما الرضاعة من المجاعة)) ؛ أي: الرضاعة التي تثبت بها الحرمة وتحلُّ بها الخلوة حيث يكون الرضيع طفلاً لسد اللبن جوعته، وروى الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام)) .

وعن أم الفضل: "أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أتحرم المصَّة؟ فقال: ((لا، تحرِّم الرضعة والرضعتان، والمصَّة والمصَّتان)) ، وفي رواية قالت: "دخل أعرابي على نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، إني كانت لي امرأة فتزوَّجت عليها أخرى، فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت

ص: 314

امرأتي الحدثى رضعة أو رضعتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((لا تحرِّم الإملاجة والإملاجتان)) ؛ رواه أحمد ومسلم.

((الإملاجة)) : الإرضاعة الواحدة مثل المصة، وفي الحديث أن الزوج يسأل زوجته عن سبب إدخال الرجل بيته والاحتياط في ذلك والنظر فيه.

* * *

الحديث الثالث

عن عقبة بن الحارث: "أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمَة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: فأعرض عنِّي، قال: فتنحيت فذكرت ذلك له، فقال:((وكيف وقد زعمتْ أن قد أرضعَتْكما؟)) .

في رواية: "فنهاه عنها"، وفي رواية:((دعها عنك)) أو نحوه، وفي رواية:"ففارَقَها عقبة ونكحت زوجًا غيره"، والحديث دليلٌ على قبول شهادة المرضعة وحدها في الرضاع، وحمل الجمهور النهي على التنزيه والأمر على الإرشاد، وفي رواية عند المالكية: أنها تقبل وحدها لكن بشرط فشو ذلك في الجيران، وقال عمر: فرق بينهما إن جاءت ببيِّنة وإلا فخلِّ بين الرجل وامرأته إلا أن يتنزَّها، ولو فتح هذا الباب لم تشأ امرأة أن تفرق بين الزوجين إلا فعلت.

قال الحافظ: وفي الحديث جوار إعراض المفتي لينبِّه المستفتي على أن الحكم فيما سأله الكف عنه، وجواز تكرار السؤال لِمَن لم يفهم المراد، والسؤال عن السبب المقتضي لرفع النكاح.

قوله: "فجاءت أمَة سوداء" فيه دليلٌ على قبول شهادة الإمَاء والعبيد، قال البخاري: وقال أنس: شهادة العبد جائزة إذا كان عدلاً، وقال ابن سيرين: شهادته جائزة إلا العبد لسيده اهـ، والله أعلم.

* * *

ص: 315

الحديث الرابع

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني: من مكة - فتبعتهم ابنة حمزة تنادي: يا عمِّ، يا عمِّ، فتناولها علي رضي الله عنه فأخذ بيدها، وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك، فاحتملتها، فاختصم فيها علي وجعفر وزيد، فقال علي: أنا أحقُّ بها وهي ابنة عمي، وقال جعفر: ابنة عمِّي وخالتها تحتي، وقال زيد: بنت أخي، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال:((الخالة بمنزلة الأم)) ، وقال لعلي:((أنت مِنِّي وأنا منك)) ، وقال لجعفر:((أشبهت خَلْقِي وخُلُقِي)) ، وقال لزيد:((أنت أخونا ومولانا)) .

قوله: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني: من مكة؛ أي: في عمرة القضية.

قوله: "فاختصم فيها عليٌّ وجعفر وزيد"؛ أي: في أيِّهم تكون عنده، وكانت خصومتهم في ذلك بعد أن قَدِمُوا المدينة، وكان لكلٍّ من هؤلاء الثلاثة فيها

شبهة، أمَّا زيد فللأخوة التي ذكرها روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخَى بين حمزة وزيد بن حارثة، ولكونه بدأ بإخراجها من مكة، وأمَّا عليٌّ فلأنه ابن عمِّها وحملها مع زوجته، وأمَّا جعفر: فلكونه ابن عمِّها وخالتها عنده، فيترجَّح جانب جعفر باجتماع قرابة الرجل والمرأة منها.

قوله: ((الخالة بمنزلة الأم)) ؛ أي: في الحضانة؛ لأنها تقرب منها في الحنوِّ والشفقة والاهتداء إلى ما يصلح الولد، وفيه دليلٌ على أن الحاضنة إذا تزوَّجت بقريب المحضونة لا تسقط حضانتها.

قوله: وقال لعليٍّ: ((أنت مِنِّي وأنا منك)) ؛ أي: في النسب والصهر والسابقة والمحبة، وغير ذلك من المزايا.

قوله: وقال لجعفر: ((أشبهت خَلْقِي وخُلُقِي)) ، ((الخَلْق)) بالفتح: الصورة، وبالضم: الطبع

ص: 316

والسجيَّة، وهذه منقبة عظيمة لجعفر؛ قال الله - تعالى -:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] .

قوله: وقال لزيد: ((أنت أخونا)) ؛ أي: في الإيمان، ((ومولانا)) ؛ أي: من جهة أنه أعتقه، وفي الحديث الآخر:((مولى القوم من أنفسهم)) .

وفي هذا الحديث من الفوائد أيضًا تعظيم صلة الرحم؛ بحيث تقع المخاصمة بين الكبار في التوصُّل إليها، وأن الحاكم يبيِّن دليل الحكم للخصم، وأن الخصم يُدلِي بحجَّته، والحديث أصلٌ في باب الحضانة، وقد روى أحمد والأربعة عن أبي هريرة: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد نفعني وسقاني من بئر أبي عنبة، فجاء زوجها فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((يا غلام، هذا أبوك وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت، فأخذ بيد أمِّه فانطلقت به)) .

قال ابن القيم: ينبغي قبل التخيير والاستهام ملاحظة ما فيه المصلحة للصبي، فإذا كان أحد الأبوين أصلح للصبي من الآخر قُدِّم عليه من غير قرعة ولا تخيير.

* * *

ص: 317