المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مدينة تدمر وتطورها التاريخي: - دراسات في تاريخ العرب القديم

[محمد بيومى مهران]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: مصادر التاريخ العربي القديم

- ‌أولًا: المصادر الأثرية

- ‌ثانيًا: المصادر غير العربية

- ‌أولًا: الكتابات اليهودية

- ‌ التوراة:

- ‌ كتابات المؤرخ اليهودي يوسف بن متى:

- ‌ثانيًا: كتابات الرحالة اليونان والرومان

- ‌ثالثًا: الكتابات المسيحية

- ‌ثالثًا: المصادر العربية

- ‌ القرآن الكريم:

- ‌ الحديث:

- ‌ التفسير:

- ‌ كتب السير والمغازي:

- ‌ الأدب الجاهلي:

- ‌ كتب اللغة:

- ‌ كتب التاريخ والجغرافية:

- ‌الفصل الثاني: تاريخ البحث العلمى في العصر الحديث في تاريخ العرب القديم

- ‌مدخل

- ‌أولًا: في جنوب شبه الجزيرة العربية

- ‌ثانيًا: في شمال شبه الجزيرة العربية

- ‌ثالثا: في شرق شبه الجزيرة العربية

- ‌مدخل

- ‌ البحرين:

- ‌ قطر:

- ‌ دولة الإمارات العربية:

- ‌ دولة الكويت:

- ‌الفصل الثالث: جغرافية شبه الجزيرة العربية

- ‌ موقع بلاد العرب:

- ‌التقسيم اليوناني والروماني لبلاد العرب

- ‌العربية الصحراوية

- ‌ العربية الصخرية:

- ‌ العربية السعيدة:

- ‌التقسيم العربى

- ‌مدخل

- ‌ اليمن:

- ‌ تهامة:

- ‌ الحجاز:

- ‌ نجد:

- ‌ العروض:

- ‌مظاهر السطح

- ‌مدخل

- ‌ الحرار:

- ‌ الدهناء:

- ‌ النفوذ

- ‌التضاريس:

- ‌ الجبال:

- ‌ الأنهار والأودية:

- ‌المناخ:

- ‌الموارد الطبيعية:

- ‌ المعادن:

- ‌ النبات:

- ‌ الحيوان:

- ‌طرق القوافل:

- ‌الفصل الرابع: لفظة العرب مدلولها وتطورها التاريخي

- ‌الفصل الخامس: العرب البائدة

- ‌مدخل

- ‌طبقات العرب:

- ‌العرب البائدة

- ‌مدخل

- ‌ عاد:

- ‌ ثمود:

- ‌ طسم وجديس:

- ‌ أميم:

- ‌ عبيل:

- ‌ جرهم:

- ‌ العمالقة:

- ‌ حضوراء:

- ‌ المديانيون:

- ‌الفصل السادس: بلاد العرب فيما قبل العصر التاريخي

- ‌الفصل السابع: دولة معين

- ‌ معين والمعينيون:

- ‌ عصر دولة معين:

- ‌ ملوك معين:

- ‌ أهم المدن المعينية:

- ‌موقع حضر موت:

- ‌الفصل التاسع: دولة قتبان

- ‌الفصل العاشر: دولة‌‌ سبأ

- ‌ سبأ

- ‌السبئيون والآراء التي دارت حول موطنهم الأصلي:

- ‌أدوار التاريخ السبئي الأربعة الرئيسية

- ‌مدخل

- ‌أولًا: عصر المكاربة

- ‌ثانيًا: عصر ملوك سبأ

- ‌ثالثًا: ملوك سبأ وذو ريدان

- ‌دويلات أوسان وسمعاي وأربع وجبان ومهأمر:

- ‌الفصل الحادى عشر: عصر الدولة الحميرية

- ‌مدخل

- ‌الاحتلال الحبشي لليمن:

- ‌اليمن في العهد الحبشي:

- ‌حركة التحرير والسيطرة الفارسية:

- ‌الفصل الثاني عشر: مكة المكرمة

- ‌ مكة: نشأتها وتطورها

- ‌ مكة في عصر قصي:

- ‌ مكانة مكة:

- ‌الفصل الثالث عشر: المدينة المنورة

- ‌مدخل

- ‌سكان المدينة

- ‌مدخل

- ‌ اليهود:

- ‌ العرب:

- ‌ غلبة الأوس والخزرج على يهود يثرب

- ‌من مدن الحجاز

- ‌الطائف

- ‌ تيماء:

- ‌ دومة الجندل:

- ‌ الحجر "مدائن صالح

- ‌الفصل الرابع عشر: الأنباط

- ‌مدخل

- ‌ملوك الأنباط:

- ‌البتراء:

- ‌الفصل الخامس عشر: اللحيانيون

- ‌الفصل السادس عشر: التدمريون

- ‌ مدينة تدمر وتطورها التاريخي:

- ‌ أذينة:

- ‌ الزباء:

- ‌الفصل السابع عشر: الغساسنة

- ‌مدخل

- ‌ملوك الغساسنة:

- ‌الفصل الثامن عشر: المناذرة

- ‌ مدينة الحيرة:

- ‌ ملوك الحيرة:

- ‌الفصل التاسع عشر: مملكة كندة

- ‌ كندة قبل عهد الملكية:

- ‌ ملوك كندة:

- ‌المراجع المختارة

- ‌المراجع العربية

- ‌ المراجع المترجمة إلى اللغة العربية

- ‌ المراجع الأجنبية

- ‌اختصارات

- ‌فهرس الموضوعات

- ‌للمؤلف

الفصل: ‌ مدينة تدمر وتطورها التاريخي:

‌الفصل السادس عشر: التدمريون

1-

‌ مدينة تدمر وتطورها التاريخي:

تقع مدينة تدمر على مبعدة 100 كيلو مترا من حمص، 150 كيلو مترا إلى الشمال الشرقي من دمشق، في منتصف المسافة تقريبا بين دمشق والفرات1، ومن ثم فقد كانت موقعا مهما على الطريق التجاري بين العراق والشام، بل كانت نقطة التقاء التجارة القادمة من أسواق العراق، وما يتصل بها من أسواق في إيران والهند والخليج والعربية الشرقية، وبين تلك التي على البحر المتوسط، وبخاصة في الشام ومصر، فضلا عن اتصالها بالعربية الغربية وبأسواقها الغنية بأموال إفريقيا والعربية الجنوبية والهند، وهكذا أصبحت "تدمر" ملتقى جميع القوافل، وبخاصة فيما بين القرن الأول قبل الميلاد، وعام 273م، ومن ثم فقد وجد في نقوشها عبارة "زعيم القافلة" و"زعيم السوق"، باعتبار أن المشار إليه من زعماء المواطنين2.

واسم "تدمر" اسم سامي، يرجع ظهوره للمرة الأولى إلى أيام الملك الأشوري "تجلات بلاسر" الأول "1116-1090ق. م" في صورة "تدمر أمورو"3، وأما إسم "تدمر" فهو النطق الآرامي لكلمة "تتمر" العربية، ومعناها المدينة التي

1 EB، 17، P.161

2 جواد علي 3/ 81، قارن: مروج الذهب 2/ 244-245، وانظر:

P.K. HITTI، OP. CIT.، P.73

وكذا G.A. COOKE، OP. CIT.، P.274، 279

3 D.D. LUCKENBILL، OP. CIT.، I، 287، 308

وكذا E. DHORME، PALMYRA DANS LES ASSYRIENS، RB، 1924، P.106

وكذا EB، 17، P.161. وكذا EI، 3، P.1020

ص: 477

يكثر فيها التمر والنخيل1، وإن كنا على غير يقين من اشتقاق كلمة "تدمر"، وربما كان لها صلة بكلمة، "تدمورتا Tedmorta" السريانية، ومعناها "يعجب من"2.

وقد ورد اسم "تدمر" في المصادر اليهودية، فكاتب الحوليات العبراني يسجل في التوراة، أن سليمان قد بنى مدينة تدمر في البرية3، والأمر كذلك بالنسبة إلى المؤرخ اليهودي "يوسف بن متى"4، وليس من شك في أن وجهة النظر اليهودية هذه خاطئة؛ ذلك لأن المدينة -كما أشرنا آنفا- إنما ذكرت في الوثائق الآشورية قبل أن يولد سليمان نفسه، وبفترة تسبق ما دون في التوراة بشأنها، بأكثر من سبعة قرون5.

ومن هنا فقد رأى العلماء أن الرواية التي تذهب إلى أن سليمان هو الذي بنى تدمر، إما إنها أرادت تعظيم شأن مملكة سليمان كعادة الروايات اليهودية -وكأن مكانة النبي الكريم لا تأتي إلا ببناء المدن واتساع مملكته، وليست برسالته السماوية- ومن ثم فقد نسبت إليه بناء هذه المدينة، التي تقع في منطقة بعيدة عن حدود دولته إسرائيل6، وأما أن هناك خطأ وقع فيه كاتب الحوليات العبراني حين خلط بين "ثامار" التي أسسها سليمان، وهي موضع جاء ذكره في سفر حزقيال7، ويقع إلى الجنوب الشرقي من "يهوذا" وإن كنا لا ندري موقعه الآن على وجه التحقيق8، وربما كانت الشهرة التي اكتسبتها "تدمر" على أيام كتبة الأسفار العبرانيين هي السبب في نسبة بنائها إلى النبي الكريم، ومن ثم فقد ذهب هؤلاء الكتبة إلى أن المدينة

1 حسن ظاظا: المرجع السابق ص115.

2 فيليب حتى: المرجع السابق ص433.

3 ملوك أول 9: 18، أخبار أيام ثان 8:4.

4 EI، III، P.1020. وكذا F. HOMMEL، ZDMG، XIIV، 547

وكذا E. DHORME، OP. CIT.، P.106

5 انظر عن تاريخ كتابة أسفار التوراة كتابنا "إسرائيل" ص33-34.

6 جواد علي 3/ 77، فيليب حتى: المرجع السابق ص432-

وكذا EB، P. 4886 وكذا J. HASTINGS، OP. CIT.، P.889

7 حزقيال 47: 19.

8 جواد علي 3/ 77، قاموس الكتاب المقدس 1/ 282.

ص: 478

التي بناها سليمان، ليست هي "ثامار"، وإنما "تدمر" والتي كانت مدينة عامرة، بسكانها، وذات شهرة في مجاوراتها فيما بين عامي 300، 200ق. م1.

وأما الاسم اليوناني للمدينة فهو "بالميرا Paimya"، وهي ترجمة لكلمة "ثامار" العبرية، وتعني مدينة النخيل، وإن كان هناك من يرى أن كلمة "Paimyra" من كلمة "Paima" بمعنى النخل حتى الآن في بعض اللغات الأوربية، وأن الإسكندر المقدوني هو الذي أطلق عليها اسم "Paimyra" بعد أن استولى عليها، بسبب ما يكتنفها من غابات النخيل، ومن ثم فقد عرفت عند اليونان واللاتين بهذا الاسم، وهو رأي لا يزال بعد في مرحلة التخمين، ويحتاج إلى ما يدعمه من أدلة وبراهين2.

وهناك ما يشير إلى وجود نفوذ سلوقي في تدمر، وربما كانت من نصيب السلوقيين بعد وفاة الإسكندر الأكبر في عام 323ق. م، وتقسيم امبراطوريته بين قواده، وعلى أي حال، فهناك حصن سلوقي في المدينة، وربما أقيم في عام 280ق. م، كواحد من سلسلة الحصون التي أقامها القوم في المناطق الإستراتيجية التي خضعت لهم3.

أما الروايات العربية فلا تفيد علما، ولا تصلح أن تكون دليلان فهي روايات متأخرة دخلت إلى المسلمين من أهل الكتاب، فأخذوها بغير تحقيق ولا تدقيق4، فضلا عن أن ضخامة آثار المدينة وعظمتها، ربما أدهشتهم، ومن ثم فقد نسبوا بناءها إلى الجن بأمر من سليمان عليه السلام5، على أن "ياقوت الحموي" إنما يستبعد نسبة تدمر إلى سليمان، معللا ذلك بأن أهلها إنما يزعمون أنها ترجع إلى ما قبل عهد سليمان، بفترة تقارب ما بيننا وبينه، وأن الناس إذا ما رأوا بناء عجيبا جهلوا بانيه، أضافوه إلى سليمان وإلى الجن6.

1 جواد علي 3/ 78، وكذا F. ALTHEIM AND R. STIEHL، OP. CIT.، P.344

وكذا J. HASTINGS، OP. CIT.، P.889

2 عباس العقاد: الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونان والعبريين ص22، وكذا EI، III، P.1020

3 جواد علي 3/ 85، وكذا FREYA STERK، ROME ON THE EUPHRATES، 1967، P.242

4 جواد علي 3/ 78

5 فيليب حتى: المرجع السابق ص433، بلوغ الأرب 1/ 209-210، ياقوت 2/ 17-19، البكري 1/ 306-307، صحيح الأخبار 2/ 6-7، قارن: مروج الذهب 2/ 244-245.

6 ياقوت 2/ 27، قارن: الأخبار الطوال ص20.

ص: 479

ومع ذلك فهناك من يقدم لنا أبياتا من شعر "النابغة الذبياني"، يذهب فيه إلى أن المدينة من بناء جن سليمان، وفات أصحاب هذا الزعم أن النابغة لم يكن عالما من علماء التاريخ والآثار، حتى يكون شعره حجة في بناء مدينة يرجع ظهورها في التاريخ إلى أخريات القرن الثاني عشر، أو الحادي عشر قبل الميلاد، ثم من أدرانا أن هذا الشعر للنابغة الذبياني حقا، فإن من نسبوا شعرا إلى آدم وهابيل وقابيل، وإلى الجن وإبليس، أليسوا بقادرين على وضع شعر على لسان النابغة الذبياني1، وأما قصة بناء المدينة بأمر من امرأة تدعى "تدمر بنت حسان بن أذينة"، فليست إلا من هذا النوع من الكتابات التي ملأ الأخباريون بها صفحات كتبهم2.

ولعل "بليني""32-79م" أول الكتاب الكلاسيكيين الذين أشاروا إلى تدمر، فوصفها بأنها مدينة شهيرة ذات موقع ممتاز، وأرض خصبة، وأن بها عيونا وينابيع، وتحيط بحدائقها الرمال، وأنها تقع بين الأمبراطورية الرومانية والفارسية، ومن ثم فقد اضطر أهلها -ضمانا لاستقلالهم- أن يقفوا موقف الحياد بين هاتين القوتين المتصارعتين، ثم تابع "بليني" من جاء من بعده من الكتاب، مما يدل على أن شهرة المدينة كانت في ازدياد3.

وأما أقدم كتابة عثر عليها في المدينة، فإنما ترجع إلى شهر نوفمبر من السنة التاسعة قبل الميلاد4، وإن كان قد عثر في مدينة "دورا" -وتقع في مكانها الصالحية الحالية- على العرات الأوسط تجاه تدمر، على نقش يعتبر من أقدم النقوش التدمرية التي كشف عنها حتى الآن، ويرجع إلى عام 33ق. م5، وفي هذا الوقت كانت تدمر مركزا تجاريا خطيرا بين دولتي الروم والفرس، ومع ذلك فإن أكثر ما نعرفه عنها إنما يرجع إلى ما بعد الميلاد، حيث لدينا نصوص إلى عام 271م6.

1 جواد علي 3/ 79، صحيح الأخبار 2/ 6، بلوغ الأرب 1/ 209-210، العدد11، عام 1898م ص496، ياقوت 2/ 17.

2 البكرر 1/ 307، ياقوت 2/ 17.

3 W. WRIGHT AN ACCOUNT OF PALMYRA AND ZENIBIA WITH TRAVELS AND ADVENTURES IN BASHAN AND THE DESERT، P.110

وكذا PLINY، V، XXI، 88 وكذا EB، P.4886

4 جواد علي 3/ 81، حسن ظاظا: المرجع السابق ص115

وكذا G.A. COOKE، OP. CIT.، P.141

5 CAH، IX، P.599

6 حسن ظاظا: المرجع السابق ص115.

ص: 480

وليس من شك في أهل كانوا عربا -شأنهم في ذلك الأنباط في البتراء- بدليل وجود بضع المصطلحات والكلمات العربية الأصلية في كتاباتهم، كما أن أسماء الأصنام عندهم عربية، والأمر كذلك بالنسبة إلى أسماء الأعلام، ومن ثم فقد رأى بعض العلماء أنهم من القبائل العربية التي أخذت تستولي على المناطق الخصبة في شرق الأردن، عقب انهيار الدولة البابلية الحديثة، وسقوط بابل تحت السيادة الفارسية في عام 539ق. م، ثم أخذت تستعمل الآرامية -وهي لغة الكتابة والثقافة في غرب الفرات وقت ذاك- لغة لها، ومع هذا فإن لغتهم هذه، ليست إلا لهجة من اللهجات الآرامية، وأنها لا تختلف كثيرا عن لغة الأنباط، وعن الآرامية المصرية1.

ومع ذلك فإن اللهجة الآرامية التدمرية لها مميزات بررت أن يختصها بعض الباحثين بدراسة لغوية منفصلة، ومن أشهر هذه الدراسات كتابات المستشرق الفرنسي "كانتنيو"2، وقد طور التدمريون الكتابة الآرامية، وعنهم انتقلت إلى السريان في "الرها"، فظهر منها الخط السرياني القديم المعروف باسم "الخط السرنجيلي" الذي ظهر بعد الانشقاق المذهبي بين سريان الرها في عام 489م، ثم ظهور لهجة غربية تسمى اليعقوبية، وشرقية تسمى النسطورية3.

وأما الثقافة التدمرية، فكانت مزيجا من الثقافات العربية والآرامية واليونانية واللاتينية؛ ذلك لأن تدمر -كما كانت البتراء من قبل- قد نمت في ظل حضارة الآراميين، واتخذت لغتهم، فضلا عن المبادئ الأساسية في تفكيرهم الثقافي والديني، هذا في وقت الذي أخذت فيه كذلك كثيرا عن دنيا اليونان والرومان4.

هذا، وقد قامت كذلك في تدمر جالية يهودية، منذ وقت لا نستطيع تحديده

1 محمد بيومي مهران: حركات التحرير في مصر القديمة ص342-343

وكذا R. GHIRSHMAN، IRAN، 1954، P.131-132 وكذا P.K. HITTI، OP. CIT.، P.76

وكذا EB، 17، P.161

وكذا A.T. OLMSTEAD، HISTORY OF THE PERESIAN EMPIRE، CHICAGO، 1970، P.50-51

2 حسن ظاظا: الساميون ولغاتهم ص115، وكذا

J. CANTINEAU، GRAMMAIRE DU PALMYRENIEN EPIGRAPHIQUE، LE CAIRE، 1935.

3 حسن ظاظا: المرجع السابق ص115-121.

4 موسكاتي: المرجع السابق ص203.

ص: 481

على وجه اليقين، فربما كان ذلك قبل سقوط القدس في أيدي الرومان على أيام الإمبراطور "فسباسيان""69-79م"، ثم عمل هؤلاء اليهود بالتجارة وربما نشطوا في تهويد بعض السكان، وأن فريقا من هؤلاء اليهود، ربما رجعوا إلى القدس قبل تدميرها -المشار إليه آنفا- على يد "تيتوس" في عام70م1.

وعلى أي حال، فلقد بدأت تدمر تزداد قوة وشهرة منذ النصف الأول من القرن الأول قبل الميلاد، بسبب الأهمية التجارية والدبلوماسية لموقعها بين إمبراطوريتي الفرس والروم المتنافستين، ثم ساعد موقعها الجغرافي على عدم تمكن أي من الفريقين المتنازعين من سهولة الاستيلاء عليها2، وقد حاول "مارك أنطونيو" عام 41ق. م، الاستيلاء على خزائن المدينة ففشل، وإن أصابها منه ضرر كبير3 غير أن مدينة مهمة كتدمر، لها مال وثروة، وليس لها جيش قوي ضخم، ولا مجال لتكوين هذا الجيش فيها، لا يمكن أن تبقى في مأمن ومنجاة من مطامع الغزاة، ولو كانت في بقعة منعزلة، أو في بادية بعيدة4.

ومن هنا، فإن تدمر -على الأرجح- قد اعترفت بنوع من السيادة عليها للرومان، منذ أوائل العصور المسيحية، ودليلنا على ذلك المراسيم الإمبراطورية التي ترجع إلى عهد "تيبيريوس""14-37م"5، والتي تتعلق بالرسوم الجمركية، وقد عثر في تدمر على قوائم ترجع إلى عام 17م، وتبين بعض الرسوم على البضائع أثمانها باليونانية والتدمرية6، هذا ويبدو أن تدمر قد أصبحت على أيام "فسباسيان" تحت الإشراف الروماني، وإن كان هذا لا يعني الخضوع لروما، أو أن الإشراف على الشئون المدنية بالمدينة، كان بأيدي الرومان، وإنما كان هناك إشراف رومي عام

1 جواد علي 3/ 84، وكذا UJE، 8، P.381

2 فيليب حتى: المرجع السابق ض433.

3 EB، 17، P.162. وكذا W. WRIGHT، OP. CIT.، P.110

4 جواد علي 3/ 84.

5 بدأ السيد المسيح عليه السلام، وكان قد ناهز الثلاثين من عمره، يبشر بدعوته في يهوذا في عهد هذا الإمبراطور، وكان قد ولد على أيام سلفه أول قياصرة روما "أغسطس""27ق. م -14"، ويرى بعض الباحثين أنه ولد فيما بين عامي 6، 2ق. م، بينما يرى آخرون أنه ولد في عام 4م ورفع إلى السماء في عام 27م وربما، في 23 مارس 29م"انظر: هج. ويلز: موجز تاريخ العالم ص172، 416، فيليب حتى: المرجع السابق ص311-312، 363".

6 G.A. COOKE، OP. CIT.، P.313-332

ص: 482

على المدينة، بدليل أن الروم قد سمحوا للمدينة بحق الاحتفاظ بحامياتها "Miiitia" في خارج تدمر1.

وقد بذل "تراجان""98-117م" جهده لضم تدمر إلى المقاطعة العربية، التي أنشأها في عام 106م، واتخذ من "بصرى" مقرا لها، وفي عام 130م، زار "هدريان""117-138م" تدمر، وجعلها تابعة لروما، ثم منحها لقب "هدريانا بالميرا""Hadrinana Paimya" و"هدريانوبوليس""Hadrianopoiis"، كما أصبحت المدن التابعة لتدمر، تابعة لروما2، وفي الواقع لقد نالت تدمر عناية كبيرة من "هدريان"، حتى قيل أنه "المؤسس الثاني" لها، فاهتم بحماية الطرق البرية التي توصلها إلى نهر الفرات، والتي كانت شريانا مهمًا للتجارة العالمية وقت ذاك، ثم كانت العلاقة الطيبة بين الفرس والروم في عهده سببا في رخاء تدمر، فوصلت الحاميات الرومية إلى شواطئ الفرات الغربية، وأقام التجار في مدينة "Voiogasia"، كما بنوا لهم معبدا هناك3، ولدينا كتابة ترجع إلى عام 137م، أصدرها مجلس شيوخ المدينة لتنظيم التجارة وتثبيت الضرائب، وكيفية جبايتها4.

وفي أوائل القرن الثالث الميلادي منح "سبتميوس سيفيروس""193-211م" تدمر حقوق المستعمرة، واستمرت كذلك حتى على أيام "كراكلا""211-217م"، وهكذا اكتسبت تدمر حق الملكية والإعفاء من الخراج، فضلا عن الحرية التامة في إدارة شئونها، وبدأ كبار القوم يضيفون إلى أسمائهم العربية أو الآرامية، أسماء رومية، بل وقد أضافت إحدى الأسر اسم "سبتميوس" أمام أسمها السامي، مما يدل على نوالها حق الرعاية في عهد "سيفيروس"، وربما كان ذلك سبب الخدمات التي قدمتها في الصراع ضد الفرس، إلا أن ذلك لا يعني أن

1 جواد علي 3/ 86، وكذا J. STARCKY، PALMYRE، P.27

2 فيليب حتى: المرجع السابق ص435، وكذا EB، 17، P.162

3 جواد علي 3/ 82، وكذا M. ROSTOUTZEFF، CARAVAN CITIES، P.144

وكذا F. STARK، OP. CIT.، P.253

وكذا MOMMSEN، PROVINCES OF THE ROMAN EMPIRE، 2، P.236

4 جواد علي 3/ 87، المشرقي، الجزء12، عام 1898، ص538، وكذا EB، 17، P.162

وكذا W. WRIGHT، OP. CIT.، P.III، وكذا G.A. COOKE، OP. CIT.، P.322

ص: 483