الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حركة التحرير والسيطرة الفارسية:
مرت الأيام ثقيلة كئيبة على أحرار اليمن، ولم تكن للسياسة الاستبدادية التي خطها أبرهة -وسار على منوالها خليفتاه من بعده- من نتيجة، سوى نفور اليمنيين من حكم الأحباش، والرغبة في التخلص من احتلالهم البغيض، وزاد الطين بلة أن الأزمة الاقتصادية قد استحكمت في ظل الاحتلال الأثيوبي، فبينما كان الحكام المسيحيون يبنون الكنائس ويحاولون الاندفاع نحو الشمال -كما فعل أبرهة- كانت البلاد تزداد اضمحلالا، لخمود النشاط التجاري الذي كان يتوقف عليه بقاؤها إلى حد كبير، ذلك لأن الحياة الاقتصادية في بلاد العرب الجنوبية، إنما كانت تقوم على التجارة الدولية -فضلا عن مواردها الزراعية- حيث أن هذه البلاد العربية الجنوبية، إنما كانت مركزًا أساسيًّا لتبادل السلع، وكانت مرسى المحيط الهندي للتجارة مع البحر المتوسط، كما أتاحت القواعد التجارية التي أقامها العرب الجنوبيون على سواحل الهند والصومال لهم احتكار تجارة الذهب والبخور والمر وأخشاب الزينة، التي تصدرها تلك المناطق إلى الشمال1.
غير أنه في فترة الاحتلال الحبشي هذه، ازداد استعمال الطرق البحرية التي سيطر عليها الرومان والمصريون والهنود، فكانت هذه المنافسة الجديدة كارثة على تجارة القوافل بين العربية الجنوبية، وبين أرض الرافدين وفلسطين، وأخيرًا أدى انهيار سد مأرب في عام 543م، إلى خراب أراضي الري اليانعة، وسدد ضربة الموت إلى ازدهار البلاد2، محولا إياها إلى مناطق مقفرة، إلا القليل من أرضها التي ترويه الأمطار الصيفية أو تنساب فيه بعض السيول أو الجداول3.
ومن ثم فقد كانت الثورات تقوم الواحدة تلو الأخرى، حتى جاءت الفرصة المنتظرة في شخص زعيم وطني من "حمير" يدعى "سيف بن ذي يزن" ويكنى "أبا مرة"، وهو معد يكرب بن أبي مرة"، والذي فر أبوه "أبو مرة بن ذي
1 موسكاتي: المرجع السابق ص193، 197.
2 نفس المرجع السابق، ص193.
3 حسن ظاظا: المرجع السابق ص135.
يزن" إلى الحيرة والتجأ إلى ملكها "عمرو بن هند" بعد أن انتزع منه أبرهة زوجه "ريحانة بنت علقمة" وأم ولده "سيف" هذا، ثم أولدها أبرهة ولده "مسروق" وابنته "بسباسة"1.
وتذهب بعض الروايات إلى أن "سيفًا" هذا، إنما قد توجه أول الأمر إلى "بيزنطة"، وحاول عبثًا إقناع قيصرها إرسال حملة تقاتل إلى جانب اليمنيين، الذين يبغون تحرير بلادهم من سيطرة الأحباش، وفي التقاليد المنقولة أن سيفًا إنما أخفق في الحصول على عون من القسطنطينية ضد الحبشة، لما يربط القيصر بحلفائه الأحباش من علاقات سياسية واقتصادية، فضلا عن الروابط الدينية، حتى أن المسعودي ليروي أنه رده قائلا:"أنتم يهود، والحبشة نصارى، وليس في الديانة أن ننصر المخالف على الموافق"، ثم إن مناصرة العناصر الوطنية في اليمن لن تزيد القيصر على ما كان يلقاه من امتيازات في اليمن، امتيازات أخرى2.
وهكذا فشل "سيف بن ذي يزن" في أن يحصل على أي عون من الإمبراطورية الرومانية، ومن ثم فقد اتجه إلى فارس لتشد أزره، أسوة بمناصرة الروم للأحباش، ويبدو أنه لجأ إلى النعمان بن المنذر حاكم الحيرة حتى يقدمه إلى "كسرى أنوشروان""531-589م"، على رواية، أو أنه اتصل به مباشرة بناء على وعد سابق لأبيه بالمساعدة، على رواية أخرى، وأيًّا ما كان الأمر، فإن كسرى قد شق عليه أن يضحي بأبناء فارس، ويطعمهم لرمال الصحراء القاسية، ومن ثم فقد قال له:"بعدت بلادك عنا وقل خيرها، والمسلك إليها وعر، ولست أغرر بجيشي"، وأمر له بمال، فخرج "سيف" وجعل ينثر الدراهم فانتهبها الناس فسمع كسرى، وعندئذ سأله عما حمله على ذلك، فقال: لم آتك للمال، وإنم جئتك للرجال، ولتمنعني من الذل والهوان، وإن جبال بلادي ذهب وفضة"، فأعجب كسرى بقوله، وقال: "يظن المسكين أنه أعرف ببلاده مني"3.
1 ابن الأثير 1/ 433، تاريخ الطبري 2/ 130، قارن: المقدسي 3/ 188.
2 مروج الذهب 2/ 55، تاريخ الطبري 2/ 142، تاريخ الخميس ص218، الأخبار الطوال ص63، تاريخ اليعقوبي 1/ 200 تاريخ ابن خلدون 2/ 63، عبد العزيز سالم: المرجع السابق ص206 وكذا P.K. Hitti، Op. Cit.، P.66
3 ابن الأثير 1/ 448، تاريخ الطبري 2/ 140-143، تاريخ الخميس ص218، تاريخ ابن خلدون 2/ 63، الأخبار الطوال ص64، المقدسي 3/ 189-190.
وسواء أصحت هذه الروايات، أم أنها من نوع أساطير الأخباريين، فالذي لا شك فيه أن الأحباش قد أصبحوا أصحاب الكلمة العليا في سياسة العربية الجنوبية، منذ اختفاء ذي نواس من المسرح السياسي في اليمن، ومن ثم فقد عملوا على تدعيم المسيحية، وإتاحة الفرصة للنفوذ الروماني من أن يقوى ويشتد، الأمر الذي أزعج الفرس إلى حد بعيد، فعملوا على بث النفور في نفوس اليمنيين ضد الأحباش والرومان على السواء، ومن هنا نرى الهمداني يحدثنا عن نقش وجده في بلاد الحميريين- وإن ذهب البكري إلى أن قريشًا إنما وجدته في أساس الكعبة عند إعادة بنائها قبل البعثة -على حجر مكتوب بالمسند1، جاء فيه "لمن ملك ذمار؟ لحمير الأخيار، لمن ملك ذمار؟ للحبشة الأشرار، لمن ملك ذمار؟ لفارس الأحرار لمن ملك ذمار؟ لقريش التجار"2.
وأيًّا ما كان الأمر، فإن الرواية تذهب بعد ذلك إلى أن "كسرى أنوشروان""531-589م" قد استشار وزراءه في الأمر، وتمت الموافقة على مساعدة "سيف بن ذي يزن"، ربما تحقيقًا لحلم فارس في السيطرة على طريق التجارة عبر البحر الأحمر، فضلا عن القضاء على النفوذ الروماني -السياسي والاقتصادي والديني- في اليمن، وأن تكون الحملة على اليمن من نزلاء السجون الفارسية، وأن يتراوح عددها بين ثمانمائة أو أكثر- وإن كانت هناك رواية جعلتهم سبعة آلاف وخمسمائة فارس- وأن تكون تحت قيادة الضابط الفارسي "وهريز"، وأن يتزوج الفرس من نساء اليمن، وأن لا يتزوج اليمنيون من النساء الفارسيات، فضلا عن خراج سنوي يحمله "سيف بن ذي يزن" إلى فارس3، وهكذا وجدت فارس في طلب يهود العرب ووثنيهم مؤازرتها ضد الدولة النصرانية، وسيلة للتوسع في بلاد العرب، ومن ثم فإن بادية الشام في الشمال، وإن حالت دون توسع القوى الكبرى
1 البكري 2/ 614-615، ياقوت 7/ 3.
2 الهمداني: الإكليل، نشر نبيه فارس ص156، ابن هشام 1/ 78 "طبعة مكتبة الجمهورية بمصر"، عبد المجيد عابدين: المرجع السابق ص56-57.
3 المعارف ص638، ابن خلكان 6/ 35-36، مروج الذهب 2/ 55-56، تاريخ الطبري 2/ 144، الأخبار الطوال ش63-64، تاريخ ابن خلدون، المعارف ص632، فضلو حوراني: المرجع السابق ص104، فؤاد حسنين: المرجع السابق ص265، ملوك حمير وأقيال اليمن ص149-150.
في تلك الفترة من التاريخ في شبه الجزيرة العربية، فقد أصبحت أرض الجنوب مدخلا لتلك الدول توصلها إلى قلب البلاد1.
وتبحر الحملة إلى اليمن في ثماني سفائن، غرقت منها سفينتان، ووصل إلى ساحل عدن ست سفائن، وهنا يروي الإخباريون رواية، تكررت من قبل مع "أرياط"، إذ يزعمون أن "وهريز" قد أمر بأن تحرق السفائن جميعًا، ليعلم جنوده أنه ليس أمامهم، سوى النصر أو الموت، وأنه سأل "سيفًا" عما عنده، فأجابه:"ما شئت من رجل عربي وسيف عربي، ثم اجعل رجلي مع رجلك، حتى نموت جميعًا أو نظفر جميعًا"2، وعلى أي حال، فإن الحملة ما أن بلغت اليمن حتى انضم إليها الكثير من أتباع سيف، وفي نفس الوقت سار إليها "مسروق" في مائة ألف من الحبشة وحمير والأعراب- طبقًا لبعض الروايات- إلا أن المعركة سرعان ما انتهت باندحار الأحباش وأتباعهم، ولقى "مسروق" حتفه فيها، ودخل "وهريز" صنعاء، وملك اليمن، ونفى عنها الحبشة، ثم تركها -بأمر من كسى أنوشروان- لسيف بن ذي يزن، الذي رضي بدفع جزية وخراج يؤديه كل عام3.
وهكذا نجح العرب اليمنيون في تحرير بلادهم من ربقة الاستعمار الحبشي، وقنع الفرس -على ما يبدو- بإقامة حكم وطني في اليمن يدين بالتبعية لهم، ومن ثم فقد أصبح "سيف بن ذي يزن" ملكًا على اليمن، في حوالي عام 575م، فيما يرى المؤرخون المحدثون، وإن كان حكمه لم يشمل كل أنحاء البلاد، بل يبدو أن هناك رجالا من الفرس كانوا يحكمون في اليمن، منذ حوالي عام 598م،
1 P.K. Hitti، Op. Cit.، P.66
2 ابن الأثير 1/ 449، مروج الذهب 2/ 55-56، تاريخ الخميس ص218، تاريخ الطبري 2/ 144-16.
3 ابن الأثير 1/ 449-451، ابن كثير 2/ 177-178، الأخبار الطوال ص64، تاريخ ابن خلدون 2/ 63-64، تاريخ الطبري 2/ 146-148، تاريخ اليعقوبي 1/ 200، مروج الذهب 2/ 56-57، ملوك حمير وأقيال اليمن ص151-152، فضلو حوراني ص104، قارن: سعد زغلول المرجع السابق ص199، المعارف ص278، المقدسي 3/ 190-195، جواد علي 3/ 521-523.
وأنهم كانوا يحملون لقب "وال ستراب"1، وعلى رأسهم من لقبه العرب بـ "الإصبهبذ"2، وهذا يدل على أن الفرس قد استمرءوا المرعى فأقاموا في البلاد، وكأني بالعرب الجنوبيين وقد استبدلوا استعمارًا باستعمار3.
وعلى أي حال، فإن خلاص اليمن من نير الاحتلال الحبشي كان له رنة فرح هائلة في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية، ووفدت العرب من الحجاز وغيرها على "سيف بن ذي يزن" يهنئونه بتحرير البلاد وعودة الملك إليه، ومن هذه الوفود وفد إمارة مكة برياسة سيدها وكبيرها "عبد المطلب بن هاشم"- جد النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أمية بن عبد شمس، وعبد الله بن جدعان، وأسد بن خويلد بن عبد العزى، في ناس من أشراف قريش، فأعظمهم سيف وأجلهم، ووصلهم بذهب وفضة، وإبل وجوار وعبيد، وقيل أنه أعطى عبد المطلب أضعاف ما أعطى غيره من الوفد، وهنا لم يرض أصحابنا الأخباريون أن يكون "سيف بن ذي يزن" أقل من غيره من ملوك اليمن العظام، الذين بشروا بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ثم فقد جعلوه يبشر عبد المطلب بمولد مولانا وسيدنا رسول الله -صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ- ويخبره بما يعلم عنه4.
ويرى الدكتور جواد علي أننا إذا أخذنا برواية المسعودي وغيره عن وفد مكة، وبما يذكره أهل الأخبار من أن فترة الاحتلال الحبشي لليمن كانت اثنتين وسبعين سنة، فإن الوفد المكي يجب أن يكون قد ذهب إلى صنعاء في عام 597م، الأمر الذي يتناقض ووفاة عبد المطلب في العام الثامن من حملة الفيل -أي حوالي عام 578 أو 579م- وفي المؤرخين المحدثين، والذين ذهبوا إلى أن طرد الأحباش من اليمن، إنما كان في عام 575م، ومن ثم تصبح زيارة وفد مكة برياسة "عبد المطلب
1 H. Von Wissmann And M. Hofner، Op. Cit.، P.121
وكذا W. Phillips، Op. Cit.، P.223
2 سعد زغلول: المرجع السابق ص199، مروج الذهب 2/ 55.
3 فؤاد حسنين: المرجع السابق ص305.
4 العقد الفريد: 1/ 131، ابن كثير 2/ 178، 328-331، بلوغ الأرب 2/ 266-269، تاريخ ابن خلدون، تاريخ الخميس ص271-272، كتاب التيجان ص308=309، ملوك حمير وأقيال اليمن ص152-1547، وصايا الملوك ليحيى الوشاء ص38-40 "طبع بغداد 1332هـ"، قارن: مروج الذهب 2/ 57-60.
لليمن، أمرًا مقبولا1.
وإذا ما عدنا مرة أخرى إلى "سيف بن ذي يزن"، لوجدناه يتخذ سياسة في منتهى العنف بالنسبة إلى البقية الباقية من الحبش، فقتل البعض، واتخذ من البعض الآخر عبيدًا يسعون بين يديه بالحراب، ويبدو أن هذه المعاملة القاسية قد أثرت في نفوسهم، حتى أنهم انتهزوا أول فرصة، فوثبوا عليه وقتلوه2.
ويعلم "كسرى" بالأمر، فيرسل، "وهريز" في أربعة آلاف من الفرس، ويأمره ألا يترك باليمن أسود، ولا ولد عربية من أسود، إلا قتله، صغيرًا كان أم كبيرًا، ولا يدع رجلا جعدًا قططًا قد شرك فيه السواد، إلا قتله"، ويفعل "وهريز" ما أمر به كسرى، فيستأصل البقية الباقية من الأحباش في اليمن3.
ويبدو أن الفرس -الذين كانوا قد توسعوا في شبه الجزيرة العربية- قد طمعوا في اليمن، لأهميتها التجارية والسياسية "أولًا"، وليمنعوا بيزنطة من الاستيلاء عليها "ثانيًا"، ويبدوا كذلك أن "سيف بن ذي يزن" كان قد أحس بتدخلهم في كل شئون بلاده، ومن ثم فقد بدأ يعد العدة للتخلص منهم، كما تخلص من الأحباش من قبل، إلا أن الفرس كانوا قد فطنوا إلى خطته، ومن ثم فقد تآمروا عليه ودبروا أمر قتله، وربما كان بعض الأحباش وسيلتهم إلى ذلك، حتى تصبح اليمن واحدة من ولايات الإمبراطورية الساسانية4.
وأيًّا ما كان الأمر، فلقد أصبح أمر اليمن بيد "وهريز" من قبل كسرى، ثم جاء من بعده ولده "المزربان" ثم حفيده "البينجان" ثم "خرخرة" بن "البينجان" وأخيرًا "باذان" الذي قدر له شرف الدخول في الإسلام5، وهنا لعل من الأهمية
1 مروج الذهب 2/ 57، جواد علي 3/ 526.
2 تاريخ الطبري 1/ 148، ابن الأثير 1/ 450، تاريخ ابن خلدون 2/ 64، حمزة الأصفهاني المرجع السابق ص90.
3 حمزة الأصفهاني: المرجع السابق ص90، مروج الذهب 2/ 62-63، تاريخ ابن خلدون 2/ 64-65، الأخبار الطوال ص64، تاريخ الطبري 1/ 148.
4 عبد العزيز سالم: السابق ش213، عبد المنعم ماجد: المرجع السابق ص76-77، قارن: مروج الذهب 2/ 60.
5 تاريخ الطبري 1/ 148، مروج الذهب 2/ 62، المعارف ص313، ابن هشام 1/ 46.
بمكان الإشارة إلى أن حكم الفرس لليمن، إنما كان يكاد يكون مقصورًا على العاصمة "صنعاء" ومجاوراتها، وأن قبائل اليمن إنما كانت تتمتع أبدًا بحريتها1، وأن الحكم فيها إنما ترك لأبناء الملوك من الأسر المالكة القديمة، وللأقيال والأذواء، وهم الذين عرفوا عند الإخباريين بملوك الطوائف2، وأن القبائل اليمنية أصبحت تعيش كبقية قبائل شبه الجزيرة العربية في صراع فيما بينها، كما أصبح لها أسواق، تشبه أسواق بقية عرب داخل شبه الجزيرة، تأمن فيها على دمائها وأموالها3.
ومع ذلك فليس هناك من شك في أن الفرس قد كسبوا الكثير من احتلالهم لليمن، فقد أصبحوا يسيطرون سيطرة فعلية على الطريق البحري التجاري إلى الهند عبر البحر الأحمر، كما سيطروا كذلك على الطريق البحري التجاري إلى الهند عبر البحر الأحمر، كما سيطروا كذلك على الطريق البري- طريق الحجاز- ولم يلبث الفرس أن توجوا جهودهم بفتح الشام ومصر، وأدرك هرقل "610-641م" أن الفرس قد أصبحوا أصحاب السلطان الفعلي على سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر، وأنهم خنقوا دولة أكسوم الحبشية -حليفة الروم- ولكن هذا الوضع سرعان ما تغير سريعا، إذ تمكن هرقل من استرداد سلطانه على الشام ومصر بعد حملة بحرية واحدة4.
أما اليمن فكان الأمر فيها مختلفًا إلى حد كبير، ففي السنة السادسة من هجرة مولانا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل "باذان" في الإسلام، ومن ثم فقد قضى على اليهودية والنصرانية والوثنية في اليمن، فضلا عن الحكم الأجنبي -حبشيًّا كان أم فارسيًّا5- في الفترة ما بين عامي 628، 630م6، وإن كانت رواية الطبري يفهم، منها أن "باذان" إنما أسلم في عام 628م، حيث تذكر أنه أسلم بعد أن جاءته الأخبار من فارس بقتل "كسرى أبرويز""590-628م" وتولية "شيرويه" بعده، والذي لم يبق على العرش أكثر من ثمانية شهور7.
1 عبد المنعم ماجد: المرجع السابق ص77، وكذا
E. Gibbon، The Decline And Fall Of The Roman Empire، 5، 1950، P.216
2 ابن قتيبة: المعارف ص278.
3 عبد المنعم ماجد: المرجع السابق ص77.
4 عبد العزيز سالم: المرجع السابق ص214-215، إبراهيم أحمد العدوي: قوات البحرية العربية في مياه البحر المتوسط - القاهرة 1963 - ص11.
5 تاريخ الطبري 2/ 656-657، ابن الأثير 2/ 213-215، ابن هشام 1/ 76-77.
6 جواد علي 3/ 528، وكذا W. Phillips، Op. Cit.، P.223
7 جواد علي 3/ 528، وكذا Ei، 4، P.178.، وانظر: تاريخ الطبري 1/ 656-657، ابن الأثير 1/ 492-497، 2/ 214-215.