الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العراق والشام1، وحدها "ذات عرق" في الحجاز، وما ارتفع عن بطن الرمة فهو نجد إلى أطراف العراق وبادية السماوة2 -وهي ما بين جرش وسواد العراق- وليست في الكتب العربية حدود واضحة دقيقة لنجد، فهم يقولون "إذا خرجت من المدينة فأنت منجد إلى أن تتصوب في مدارج العرج -وهو واد بين مكة والمدينة3- فإذا تصوبت فيها فقد أتهمت إلى مكة"4، ويقولون "إذا خلفت عمان مصعدًا فقد أنجدت، فلا تزال منجدًا حتى تنزل في ثنايا ذات عرق فإذا فعلت ذلك فقد أتهمت إلى البحر5، وعلى أي حال، فإن "نجدًا" بصفة عامة إنما هي الهضبة التي تكون قلب شبه الجزيرة العربية6، وهي ليست قاحلة- كما يتصورها معظم الناس- وإنما نثرت فيها أراض صالحة للزراعة، بل هي دون شك أصح بلاد العرب، وأجودها هواء، ومن ثم فقد ترنم الشعراء برباها ورياضها.
وتتألف نجد من الوجهة الطبيعية من مناطق ثلاثة: منطقة وادي الرمة، فالمنطقة الوسطى، ثم المنطقة الجنوبية، أما علماء العرب فقد قسموا نجدًا إلى عالية وسافلة، أما نجد العالية: فما ولي الحجاز وتهامة، وأما السافلة فما ولي العراق7، وكانت نجد حتى القرن السادس الميلادي ذات أشجار وغابات ولا سيما في "الشربة" جنوب وادي الرمة وفي "وجرة"8.
1 ياقوت 4/ 262، محمود شكري الألوسي: تاريخ نجد ص7.
2 ياقوت 2/ 137، 5/ 262-265، البكري 1/ 14، جواد علي 1/ 181، الهمداني: صفة جزيرة العرب ص48.
3 من عجب أن الأخباريين قد اختلفوا في مكة والمدينة، فرأى البعض أن المدينة من نجد، ومكة من تهامة اليمن، ورأى آخرون أن المدينة حجازية ومكة تهامية، بل لقد ذهب فريق ثالث إلى أن المدينة نفسها بعضها حجازي وبعضها تهامي "الإصطخري: المسالك والممالك ص21، الأصفهاني ص14، ياقوت2/ 219".
4 الأصفهاني: المرجع السابق ص337-338.
5 ياقوت 2/ 63.
6 جواد علي 1/ 181 وكذا K.S. TWITCHELL، SAUDI ARABIA، 1953، P.6.
وكذا L.D. STAMP، CP. CIT.، P.137
7 ياقوت 2/ 262، جواد علي 1/ 182، تاريخ نجد ص8، عصر ما قبل الإسلام ص21.
8 J.B. PHILBY، THE HEART OF ARABIA، I، P.115. وكذا EL، 3، P.895
5-
العروض:
وتشمل اليمامة والبحرين وما والاهما، وسميت عروضًا لأنها تعترض بين
اليمن ونجد والعراق1.
أما اليمامة فقد سميت كذلك نسبة إلى اليمامة أشهر بلادها، والتي كانت تعرف من قبل "جو والقرية"2، وإن هذا التغيير في الاسم، إنما تم -طبقًا لرواية الأخباريين- بعد القضاء على "طسم" التي كانت تسكن الخضراء، و"جديس" التي كانت تسكن الخضرمة3 -الأمر الذي سنناقشه بالتفصيل في مكانه من هذه الدارسة-.
هذا وقد عثر "جون فلبي"، وبعض رجال شركة النفط العربية السعودية، و"ألبرت جام" وبعثة جامعة الرياض، على كتابات ونقوش في موضع "قرية الفاو" -على مبعدة 120 كيلو مترًا من نجران- مكتوبة باللهجات العربية الجنوبية، وترجع إلى ما قبل الميلاد4، كما عثروا على مقابر وعلى أدوات فخارية، ظهر من فحصها أنها تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد5.
وإنه لمن الأهمية الإشارة إلى أن "برترام توماس" إنما يذهب إلى أن آبار "العويفرة" القريبة من "القرية" إنما هي موضع "أوفير6"، التي أرسل إليها سليمان ملك اليهود، و"حيرام" ملك صور، بأساطيلهما لإحضار الذهب والأخشاب النفيسة وكل ما هو نادر وغريب7، وأن الاسم العربي القديم إنما هو "عفرة" وقد تحرف بالنقل إلى العبرانية واليونانية فصار "Ophir"، وهذا الموضع قريب من مناجم الذهب8.
ويبدو أن هناك عدة عوامل أثرت في اليمامة وفي أواسط شبه الجزيرة العربية،
1 ياقوت 4/ 112، الأصفهاني: المرجع السابق ص336، عبد العزيز سالم: المرجع السابق ص112.
2 ياقوت 5/ 442.
3 تاريخ الطبري 1/ 630.
4 J.B.PHILBY، GJ، CXII، 1949، P.86F. وكذا LE MUSEON، LXII، 1949، 1-2، P.87
5 جواد علي 1/ 179-180
وكذا J.B. PHILPY، GJ، CXII، 1949، P.92 وكذا R.H. SANGER، OP. CIT.، P.139
6 انظر مقالنا "العرب وعلاقاتهم الدولية" ص287-437، وكتابنا "إسرائيل" ص444-448.
7 ملوك أول 9: 27، 10: 11-12
8 B.THOMAS، ARABIA FELIX، P.163. وكذا J.B. PHILBY، THE EMPTY QUARTER، P.177
فحولت أرضها إلى مناطق صحراوية، على حين أننا نجد في الكتب العربية، أنها كانت غزيرة المياه، ذات عيون وآبار ومزارع1.
وأما البحرين، أو "هجر"، فهي منطقة تمتد من البصرة شمالا إلى عمان جنوبًا، وتتكون من: قطر، والتي تمتد من عمان إلى حدود الإحساء، ثم الإحساء، وكانت تسمى قديمًا "هجر والبحرين""والتي سميت بالبحرين من أجل نهرها محلم ولنهر عين الجريب" وأما أغنى مناطق الإحساء فهي منطقة الإحساء والقطيف حيث تكثر الآبار والعيون2.
وهناك على مقربة من القير -وهي ميناء صغير يقع قريبًا من القطيف- توجد خرائب "جرها""الجرعاء" المدينة التجارية القديمة، وملتقى طرق القوافل التي كانت ترد من جنوب بلاد العرب إلى العراق وإلى البتراء3، وإن كان "جرانت" يذهب إلى أن الجزء الأوسط من هذا الطريق -والذي يمر في صحراء النفود- يصل حدًّا يستحيل معه المرور4، ويؤيد "ألويس موسل" هذا الاتجاه مضيفًا إليه بأن تركيبات "اللافا" للتربة مسؤولة عن هذه الصعوبة5.
وأما القسم الشمالي من هذه المنطقة فهو "الكويت"، ومعظم أرضه منبسطة، وأكثر سواحله رملي، إلا بعض الهضاب أو التلال البارزة، وأكثر ما يزرع هناك النخيل، وليس في الكويت من الأنهار الجارية غير مجرى واحد يقال له "المقطع" وأشهر مدنه الكويت وجهرة، وهي من أخصب بقاع الكويت حاليًّا، كما أنها كانت مأهولة بالسكان منذ عصر ما قبل الإسلام6.
1 جواد علي 1/ 180.
2 ياقوت 5/ 3-3، حافظ وهبه: جزيرة العرب في القرن العشرين ص68، الهمداني: المرجع السابق ص279-280 "طبعة1974" جواد علي: المرجع السابق ص174-185، وكذا
HANDBOOK OF ARABIA، P.298
3 جواد علي 1/ 175، فضلو حوراني: المرجع السابق ص43-45، 59-60 وكذا
C.FORSTER، OP. CIT.، P.217
4 سامي الأحمد: المرجع السابق ص603 وكذا
P.C. GRANT، THE SYRIAN DESERT، LONDON، 1947، P.36
5 A. MUSIL، ARABIA DESERT، P.265
6 جواد علي 1/ 176-177، وكذا C. FORSTER، OP. CIT.، P.214