الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الرُّمَّانِ]
ِ) سَبَقَ الْكَلَامُ فِي الرَّيْحَانِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ وَالرَّشَادِ قَرِيبًا لِأَنَّهُ الْحُرْفِ. وَأَمَّا الرُّمَّانُ فَقَالَ تَعَالَى: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} [الأنعام: 99] .
وَقَالَ تَعَالَى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: خَصَّهُمَا مِنْ الْفَاكِهَةِ لِبَيَانِ فَضْلِهِمَا كَتَخْصِيصِهِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعَرَبِ إنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْفَاكِهَةِ وَقَدْ قَالَهُ قَوْمٌ.
وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَهُوَ أَشْبَهُ «مَا مِنْ رُمَّانٍ مِنْ رُمَّانِكُمْ هَذَا إلَّا وَهُوَ مُلَقَّحٌ بِحَبَّةٍ مِنْ رُمَّانِ الْجَنَّةِ» .
وَذَكَرَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: كُلُوا الرُّمَّانَ بِشَحْمِهِ، فَإِنَّهُ دِبَاغُ الْمَعِدَةِ وَقَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ: الْفَوَاكِهُ مُضِرَّةٌ إلَّا السَّفَرْجَلَ وَالتُّفَّاحَ وَنَحْوَهُ وَالرُّمَّانُ الْحُلْوُ وَالْحَامِضُ مَخْلُوطًا بِهِ الْحُلْوُ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
الرُّمَّانُ الْحُلْوُ أَجْوَدُهُ الْكِبَارُ الْبَالِغُ الْإِمْلِيسِيُّ بَارِدٌ فِي الْأُولَى رَطْبٌ فِي آخِرِهَا وَقِيلَ: حَارٌّ بِاعْتِدَالٍ وَقِيلَ: حَارٌّ رَطْبٌ جَيِّدٌ لِلْمَعِدَةِ مُقَوٍّ لَهَا وَفِيهِ جَلَاءٌ مَعَ
قَبْضٍ لَطِيفٍ يَنْفَعُ الْحَلْقَ وَالصَّدْرَ وَالرِّئَةَ جَيِّدٌ لِلسُّعَالِ وَمَاؤُهُ مُلَيِّنٌ لِلْبَطْنِ يَغْذُو الْبَدَنَ غِذَاءً فَاضِلًا يَسِيرًا سَرِيعَ التَّحَلُّلِ لِرِقَّتِهِ وَلَطَافَتِهِ، وَيَنْفَعُ مِنْ الْخَفَقَانِ وَيُدِرُّ الْبَوْلَ، وَيَهِيجُ الْبَاهَ، وَيَزِيدُ فِي الْهَضْمِ وَيُحْدِثُ نَفْخًا وَرِيَاحًا فِي الْمَعِدَةِ وَقِيلَ: يُصْلِحُهُ الرُّمَّانُ الْحَامِضُ وَمَعَ كَوْنِ غِذَائِهِ غَيْرَ مَحْمُودٍ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِعِلَلِ الْمَعِدَةِ كُلِّهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِدْمَانُهُ يَضُرُّ بِالْمَعِدَةِ وَيُضْعِفُهَا وَيُزِيدُ بَرْدَهَا وَرُطُوبَتَهَا وَقِيلَ: يُعَطِّشُ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَظُنُّهُ صَاحِبَ الْقَانُونِ وَغَيْرَهُ يُوَلِّدُ فِي الْمَعِدَةِ حَرَارَةً يَسِيرَةً فَلِهَذَا يُهَيِّجُ الْبَاهَ وَلَا يَصْلُحُ لِلْمَحْمُومِينَ.
قَالَ صَاحِبُ الْقَانُونِ فِي الْأَدْوِيَةِ الْقَلْبِيَّةِ مِنْ الْمُفْرِحَاتِ رُمَّانٌ حُلْوٌ مُعْتَدِلٌ مُوَافِقٌ لِمِزَاجِ الرُّوحِ خُصُوصًا الَّتِي فِي الْكَبِدِ وَإِذَا أُكِلَ بِالْخُبْزِ مَنَعَهُ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْمَعِدَةِ وَحَبُّهُ مَعَ الْعَسَلِ يَنْفَعُ مِنْ وَجَعِ الْأُذُنِ. وَأَقْمَاعُهُ الْمُحْرِقَةُ تَنْفَعُ الْجِرَاحَاتِ.
وَمِنْ خَاصِّيَّةِ الرُّمَّان أَنَّ مَنْ كَانَ فِي وَجْهِهِ صُفْرَةٌ شَدِيدَةٌ فَأَدْمَنَ أَكْلَهُ زَالَتْ وَإِذَا أُخِذَ الرُّمَّانُ وَنُقِعَ فِي مَاءٍ حَارٍّ شَدِيدِ الْحَرَارَةِ وَغَمَرَهُ فَوْقَ ذَلِكَ بِأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ وَتُرِكَ إلَى أَنْ يَبْرُدَ الْمَاءُ ثُمَّ أُخِذَ فَعَلَّقَ كُلَّ رُمَّانَةٍ مِنْ غَيْرِ مُمَاسَّةٍ لِلْأُخْرَى، فَإِنَّهُ لَا يَعْفَنُ وَلَا يَتَغَيَّرُ وَلَوْ بَقِيَ سَنَةً، وَإِذَا أَرَادَ أَكْلَهُ فَلْيَرُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ الْبَارِدَ، وَيَتْرُكُهُ سَاعَةً ثُمَّ يَأْكُلُهُ.
وَالرُّمَّانُ الْحَامِضُ أَجْوَدُهُ الْكِبَارُ الْكَثِيرُ الْمَائِيَّةِ بَارِدٌ يَابِسٌ فِي الثَّالِثَةِ قَابِضٌ لَطِيفٌ يَنْفَعُ الْمَعِدَةَ الْمُلْتَهِبَةَ وَالْكَبِدَ الْحَارَّةَ وَيُبَرِّدُهَا وَيُدِرُّ الْبَوْلَ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الرُّمَّانِ وَيُسَكِّنُ الصَّفْرَاءَ، وَيَقْطَعُ الْإِسْهَالَ، وَيَمْنَعُ الْقَيْءَ، وَيُلَطِّفُ الْفُضُولَ، وَيُقَوِّي الْأَعْضَاءَ، وَيَنْفَعُ مِنْ الْخَفَقَانِ الصَّفْرَاوِيِّ وَالْآلَامِ الْعَارِضَةِ لِلْقَلْبِ وَفَمِ الْمَعِدَةِ، وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ، وَيَدْفَعُ الْفُضُولَ عَنْهَا وَيُطْفِئُ نَارِيَّةَ الصَّفْرَاءِ وَالدَّمِ، وَإِذَا اُسْتُخْرِجَ مَاؤُهُ بِشَحْمِهِ وَطُبِخَ بِيَسِيرٍ مِنْ الْعَسَلِ حَتَّى يَصِيرَ كَالْمَرْهَمِ وَاكْتُحِلَ بِهِ قَطَعَ الطَّفْرَ مِنْ الْعَيْنِ وَنَقَّاهَا مِنْ الرُّطُوبَاتِ وَإِذَا لُطِّخَ عَلَى اللِّثَةِ نَفَعَ مِنْ الْأَكْلَةِ الْعَارِضَةِ لَهَا وَهُوَ مُجَفِّفٌ مُنْهِضٌ لِلشَّهْوَةِ.
وَيُسْتَعْمَلُ بَعْدَ الْغِذَاءِ لِمَنْعِ الْبُخَارِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَضُرُّ بِالْمِعَى وَالْمَعِدَةِ. وَتُصْلِحُهُ
الْحَلْوَاءُ السُّكَّرِيَّةُ. وَإِذَا اُسْتُخْرِجَ مَاؤُهُمَا بِشَحْمِهِمَا أَطْلَقَ الْبَطْنَ وَأَخَذَ الرُّطُوبَاتِ الْعَفِنَةَ الْمُرِّيَّةَ وَنَفَعَ مِنْ حُمَّيَاتِ الْغِبِّ الْمُتَطَاوِلَةِ. وَأَمَّا الرُّمَّانُ الْمِزُّ فَهُوَ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَمْيَلُ إلَى لَطَافَةِ الْحَامِضِ وَحَبُّ الرُّمَّانِ مَعَ الْعَسَلِ طِلَاءٌ لِلدَّاحِسِ وَالْقُرُوحِ الْخَبِيثَةِ وَأَقْمَاعُهُ لِلْجِرَاحَاتِ.