الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ سَبِّ الدِّيكِ]
ِ) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلَاةِ.» إسْنَادٌ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَحْمَدَ مَعْنَاهُ.
[فَصْلٌ فِي الرُّؤْيَا]
قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَسِّرَ الرُّؤْيَا مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ فِيهَا وَلَا يَعْبُرَهَا عَلَى الْمَكْرُوهِ، وَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى الْخَيْرِ وَلَا عَلَى الْخَيْرِ وَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى الْمَكْرُوهِ انْتَهَى كَلَامُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ التَّحْرِيمَ.
قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: وَمَنْ رَأَى فِي مَنَامِهِ بَعْضَ مَا يَكْرَهُهُ تَفَلَ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَتَعَوَّذَ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا رَآهُ انْتَهَى كَلَامُهُ. التَّفْلُ شَبِيهٌ بِالْبَزْقِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنْهُ أَوَّلُهُ الْبَزْقُ ثُمَّ التَّفْلُ ثُمَّ النَّفْثُ ثُمَّ النَّفْخُ وَقَدْ تَفَلَ يَتْفُلُ وَيَتْفِلُ وَكَذَا نَفَثَ يَنْفُثُ.
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ «أَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا.» قِيلَ " إذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ " أَيْ: اعْتَدَلَ لَيْلُهُ وَنَهَارُهُ وَهُوَ أَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ الرُّؤْيَا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ إذَا قَارَبَ الْقِيَامَةَ وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا «وَالرُّؤْيَا ثَلَاثٌ فَالرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ
بُشْرَى مِنْ اللَّهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٍ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ، وَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ» . وَلِمُسْلِمٍ «رُؤْيَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ يَرَاهَا أَوْ تُرَى لَهُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ.» وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ.» وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ» .
وَقَالَ عليه السلام «لَمْ يَبْقَ مِنْ النُّبُوَّةِ إلَّا الْمُبَشِّرَاتُ قِيلَ: وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ.» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرُوِيَ مِنْ أَجْزَاءٍ أُخَرَ كَثِيرَةٍ، وَالْأَشْهَرُ «مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ.» قِيلَ: لِأَنَّهُ أَقَامَ يُوحَى إلَيْهِ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَقَبْلَ ذَلِكَ يَرَى فِي الْمَنَامِ الْوَحْيَ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ لِلْمَنَامَاتِ شَبَهًا مِمَّا حَصَلَ لَهُ وَمَرْتَبَةً مِنْ النُّبُوَّةِ بِجُزْءٍ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: إنَّمَا كَانَتْ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ دُونَ غَيْرِهِمْ.
قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الرُّؤْيَا تَأْتِي عَلَى مُوَافَقَةِ النُّبُوَّةِ لَا أَنَّهَا جُزْءٌ بَاقٍ مِنْ النُّبُوَّةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ فِي الْمَنَامِ إخْبَارٌ بِالْغَيْبِ وَهُوَ إحْدَى ثَمَرَاتِ النُّبُوَّةِ وَهُوَ يَسِيرٌ فِي جَنْبِ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا يُشَرِّعُ الشَّرَائِعَ وَيُبَيِّنُ الْأَحْكَامَ وَلَا يُخْبِرُ بِغَيْبٍ أَبَدًا، وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي نُبُوَّتِهِ، وَهَذَا الْجُزْءُ مِنْ النُّبُوَّةِ، وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِالْغَيْبِ إذَا وَقَعَ لَا يَكُونُ إلَّا صِدْقًا، وَقِيلَ: هَذَا الِاخْتِلَافُ يَرْجِعُ إلَى اخْتِلَافِ حَالِ الرَّائِي، فَالصَّالِحُ رُؤْيَاهُ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا، وَالْفَاسِقُ مِنْ سَبْعِينَ، وَقِيلَ: الْجَلِيُّ مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ وَالْخَفِيُّ مِنْ سَبْعِينَ وَيَأْتِي كَلَامُ مَالِكٍ.
وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَيْسَ
يَبْقَى بَعْدِي مِنْ النُّبُوَّةِ إلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ.» وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «لَا رَسُولَ بَعْدِي وَلَا نَبِيَّ قَالَ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: لَكِنْ الْمُبَشِّرَاتُ قَالُوا: وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ: رُؤْيَا الْمُسْلِمِ، وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: صَحِيحٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ أَوْ لَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي.» قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنَّ مَنْ رَآهُ فَقَدْ أَدْرَكَهُ وَلَوْ رَآهُ عَلَى خِلَافِ صِفَتِهِ أَوْ رَآهُ جَمَاعَةٌ فِي مَوَاضِعَ وَإِنْ غَلِطَ فِي بَعْضِ صِفَاتِهِ وَتَخَيَّلَ لَهَا عَلَى خِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْئِيِّ كَوْنُهُ مَوْجُودًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَنَّ رُؤْيَاهُ صَحِيحَةٌ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ «فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ» وَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إذَا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ فِي مَنَامِهِ أَوْ نَهَاهُ، وَتَلْخِيصُهُ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْيَقَظَةِ شَرْعًا إجْمَاعًا نَظَرًا إلَى تَرْجِيحِ الدَّلِيلَيْنِ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام فِي الْيَقَظَةِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ؟ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: فِي أَوَاخِرِ مُقَدِّمَةِ مُسْلِمٍ عَنْ قَوْلِ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ إنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَا سَمِعَهُ مِنْ أَبَانَ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ فَمَا عَرَفَ مِنْهُ إلَّا شَيْئًا يَسِيرًا قَالَ: وَهَذَا وَمِثْلُهُ اسْتِئْنَاسٌ وَاسْتِظْهَارٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ ضَعْفِ أَبَانَ لَا أَنَّهُ يَقْطَعُ بِأَمْرِ الْمَنَامِ لَا أَنَّهُ يَبْطُلُ بِسَبَبِهِ سُنَّةٌ ثَبَتَتْ وَلَا يَثْبُت بِهِ سُنَّةٌ لَمْ تَثْبُتْ، وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَاوِيُّ: وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ: مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فَنَقَلُوا الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُغَيَّرُ بِسَبَبِ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَهُ: «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي» فَإِنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ رُؤْيَتَهُ صَحِيحَةٌ، وَلَيْسَتْ مِنْ أَضْغَاثِ الْأَحْلَامِ وَتَلَبُّسِ الشَّيْطَانِ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِهِ؛ لِأَنَّ حَالَةَ النَّوْمِ لَيْسَتْ حَالَةَ ضَبْطٍ وَتَحْقِيقٍ
لِمَا يَسْمَعُهُ الرَّائِي.
وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَرِوَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ مُتَيَقِّظًا لَا مُغَفَّلًا وَلَا سَيِّئَ الْحِفْظِ وَلَا كَثِيرَ الْخَطَإِ وَلَا مُخْتَلَّ الضَّبْطِ، وَالنَّائِمُ لَيْسَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ لِاخْتِلَالِ ضَبْطِهِ، أَمَّا إذَا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُهُ بِفِعْلٍ مَنْدُوبٍ إلَيْهِ أَوْ يَنْهَاهُ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَوْ يُرْشِدُهُ إلَى فِعْلِ مَصْلَحَةٍ فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ الْعَمَلِ عَلَى وَفْقِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الْمَنَامِ بَلْ بِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَصْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ انْتَهَى كَلَامُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ تَيْمِيَّةَ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: أَيْضًا لَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي قَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ.» : إنَّهُ هَلْ يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ اللَّهِ فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا «الرُّؤْيَا مِنْ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلْمًا فَلْيَنْفُثْ عَلَى يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ.» وَفِي رِوَايَةٍ «فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ ثَلَاثًا.» وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا. وَلِمُسْلِمٍ فَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.» وَفِي رِوَايَةٍ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ اللَّهِ وَالرُّؤْيَا السُّوءُ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى رُؤْيَا فَكَرِهَ مِنْهَا شَيْئًا فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً فَلْيُبَشِّرْ وَلَا يُخْبِرْ بِهَا إلَّا مَنْ يُحِبُّ» .
وَفِي رِوَايَةٍ «فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّهَا وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ.» رَوَى ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
الْحُلْمُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَالْفِعْلُ مِنْهُ حَلَمَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ
فَلْيَنْفُثْ " وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْكُلَّ بِمَعْنًى وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْجَمِيعِ النَّفْثُ فَإِنَّهُ نَفْخٌ لَطِيفٌ بِلَا رِيقٍ وَعَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ وَاثِلَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «إنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ يَقُولَ: عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يَقُلْ.» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَحْمَدَ «أَعْظَمُ الْفِرَى» بِإِسْقَاطِ مِنْ وَلِلْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَلَنْ يَفْعَلَ.» وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ «أَصْدَقُ الرُّؤْيَا بِالْأَسْحَارِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ «رَأَى أَنَّهُ يَسْجُدُ عَلَى جَبْهَتِهِ فَوَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ: صَدِّقْ رُؤْيَاكَ فَسَجَدَ عَلَى جَبْهَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» رَوَى ذَلِكَ أَحْمَدُ. «وَرَأَى الطُّفَيْلُ بْنُ سَخْبَرَةَ رَهْطًا مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ: إنَّكُمْ أَنْتُمْ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَزْعُمُونَ عُزَيْرًا ابْنَ اللَّهِ ثُمَّ رَأَى رَهْطًا مِنْ النَّصَارَى قَالَ: إنَّكُمْ أَنْتُمْ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ. وَكِلَاهُمَا قَالَ لَهُ، وَأَنْتُمْ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرَ مَنْ أَخْبَرَ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: أَخْبَرْتَ أَحَدًا قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا صَلَّوْا خَطَبَهُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إنَّ طُفَيْلًا رَأَى رُؤْيَا فَأَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ مِنْكُمْ وَإِنَّكُمْ تَقُولُونَ كَلِمَةً كَانَ يَمْنَعُنِي الْحَيَاءُ مِنْكُمْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ. ثَنَا عَفَّانَ ثَنَا حَمَّادٌ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ عَنْ طُفَيْلٍ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا تَقُصَّ الرُّؤْيَا إلَّا عَلَى عَالِمٍ
أَوْ نَاصِحٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ مَرْفُوعًا «الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعْبَرْ فَإِذَا عُبِرَتْ وَقَعَتْ قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَلَا تَقُصَّهَا إلَّا عَلَى وَادٍّ أَوْ ذِي رَأْيٍ» وَكِيعٌ تَفَرَّدَ عَنْهُ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي لَفْظٍ «مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا فَإِذَا حَدَّثَ بِهَا وَقَعَتْ» . وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ.
قِيلَ لِمَالِكٍ رحمه الله أَيَعْبُرُ الرَّجُلُ الرُّؤْيَا عَلَى الْخَيْرِ، وَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى الشَّرِّ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَبِالنُّبُوَّةِ تَلْعَبُ؟ هِيَ أَجْزَاءُ النُّبُوَّةِ. قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: رَأَيْتُ عَلِيًّا بْنَ عَاصِمٍ فِي الْمَنَامِ قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ لِي بِالِانْحِدَارِ يَعْنِي مِنْ الْعَسْكَرِ أَيَّامَ الْمُتَوَكِّلِ بِلَيْلَتَيْنِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَيْءٍ نَسِيتُهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَأَوَّلْتُهُ: عَلِيٌّ عُلُوٌّ وَعَاصِمٌ عِصْمَةُ اللَّهِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ فَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ فَأَوَّلْتُ: الرِّفْعَةُ لَنَا فِي الدُّنْيَا، وَالْعَاقِبَةُ لَنَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ» .
قَوْلُهُ: بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الرُّطَبِ مَعْرُوفٌ يُقَالُ: لَهُ رُطَبُ ابْنِ طَابٍ وَتَمْرُ ابْنِ طَابٍ وَعِذْقُ ابْنِ طَابٍ وَعُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ. وَهُوَ مُضَافٌ إلَى ابْنِ طَابٍ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ: " وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ " أَيْ: كَمُلَ وَرَأَى صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً سَوْدَاءَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنْ الْمَدِينَةِ حَتَّى نَزَلَتْ بِمَهْيَعَةَ فَتَأَوَّلْتُهَا أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إلَى مَهْيَعَةَ وَهِيَ الْجُحْفَةُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما.