المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ لِبَاسِ الْحَرِيرِ وَالصُّوفِ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْعَجْوَةِ وَالْكَمْأَةِ وَالْحُلْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْكَمْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُفْرَدَاتٍ فِيهَا أَخْبَارٌ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْبَيْضِ وَأَنْوَاعِ طَبْخِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْبَصَلِ وَالثُّومِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْبَاذِنْجَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ التِّينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْجُبْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الثَّفَا أَيْ: حَبُّ الرَّشَادِ وَالصَّبِرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَدْهَانِ وَخَوَاصِّ أَنْوَاعِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الذَّهَبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الرُّمَّانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الزَّبِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الزَّنْجَبِيلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ السَّفَرْجَلِ وَالْكُمَّثْرَى وَالتُّفَّاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ السِّلْقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ السَّمَكِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الشَّعِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الطِّينِ وَأَنْوَاعِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الطَّلْحِ وَهُوَ الْمَوْزُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ طَلْعِ النَّخْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْعَدَسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْعِنَبِ وَمَنَافِعِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا جَاءَ فِي الْفَالُوذَجِ وَخَوَاصِّ الْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْقَرْعِ وَهُوَ الدُّبَّاءُ وَمَا وَرَدَ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ قَصَبِ السُّكَّرِ وَالسُّكَّرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْكَبَاثِ وَمَا وَرَدَ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْكَتَمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنَافِعِ الْكَرْمَةِ شَجَرَةُ الْعِنَبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْكُرَّاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَرَفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْمِلْحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ النُّورَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ النَّبْقِ وَهُوَ ثَمَرُ السِّدْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْهِنْدَبَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي إصَابَةِ الْعَيْنِ وَمَا يَنْفَعُ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيق شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ عَلَى حَيَوَانٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ جَوَازِ قَطْعِ الْحَيْضِ وَالنَّسْلِ بِالدَّوَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تُخَمَةِ الْمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النُّشْرَةِ وَهُوَ مَاءٌ يُرْقَى وَيُتْرَكُ تَحْتَ السَّمَاءِ وَيُغْسَلُ بِهِ الْمَرِيضُ]

- ‌[فَصْلٌ يَكْتُبْ بِسَوْطِهِ بَيْنَ أُذُنَيْ دَابَّتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ وَالْعَوْذِ وَالْعَزَائِمِ وَمَا وَرَدَ فِي كَوْنِهَا شِرْكًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُعَالَجَةِ بِالْحِجَامَةِ وَالْعَسَلِ وَالْكَيِّ وَالْمُسَهِّلَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَخْبَارِ أَكْلِهِ مِنْ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ وَمُعَالَجَةِ السُّمِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السِّحْرِ وَعِلَاجِهِ وَحَدِيثِ سِحْرِ لَبِيدٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الِاسْتِفْرَاغِ الْقَيْءُ أَسْبَابُهُ وَعِلَاجُهُ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَلَامُ فِي الْكَيِّ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَلَّقُ بِمَا سَبَقَ فِي ذِكْرِ الْحَدِيثِ مِنْ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[فَصْل فِي الِاسْتِشْفَاءِ بِمَاءِ زَمْزَم وَمَا يَنْفَعُ لِعُسْرِ الْوِلَادَةِ وَالْعَقْرَبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُسَكِّنُ الْفَزَعَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَائِدَةِ الْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الْخُمُودِ وَالْحُمَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الشُّونِيزِ وَهِيَ الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ]

- ‌[فَصْلٌ أَدْوِيَةُ الْأَطِبَّاءِ الطَّبِيعِيَّةُ وَأَدْوِيَةُ الْأَنْبِيَاءِ الرُّوحَانِيَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي وَصَايَا صِحِّيَّةٍ مُخْتَلِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَة سَبِّ الْحُمَّى وَتَكْفِيرِهَا لِلذُّنُوبِ كَغَيْرِهَا وَأَنْوَاعِهَا وَعِلَاجِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَضِ الْقُلُوبِ وَعِلَاجِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِشْقِ وَأَسْبَابِهِ وَعِلَاجِهِ]

- ‌[فَصَلِّ كَمَالِ الشَّرِيعَة يُسْتَلْزَم كَمَالِ مُقِيمهَا حَتَّى فِي الْعُلُوم الطِّبِّيَّة]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْوَسْمِ وَلَا سِيَّمَا الْوَجْهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إخْصَاءِ الْبَهَائِمِ وَالنَّاسِ]

- ‌[فِي جَزِّ أَعْرَافِ الدَّوَابِّ وَأَذْنَابِهَا وَنَوَاصِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ كَرَاهَةِ تَعْلِيقِ الْأَجْرَاسِ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْبَهَائِمِ وَمَا تَبْعُدُ عَنْهُ الْمَلَائِكَةُ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِعْمَالُ الْيَدِ الْيُمْنَى وَمَا يُكْرَهُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْيُسْرَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْدَاف عَلَى الدَّابَّةِ وَرُكُوبُ ثَلَاثَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُكْرَهُ أَنْ يَبْصُقَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِانْتِعَالُ وَالشُّرْبُ وَالْبَوْلُ قَائِمًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي اسْتِحْبَابِ الْقَيْلُولَةِ، وَالْكَلَامِ فِي سَائِرِ نَوْمِ النَّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكَنِّي مَا يُسْتَحَبُّ مِنْهُ وَمَا يُكْرَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَمُرَاعَاةِ الصِّحَّةِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ مِنْ بُيُوتِ الْأَقْرَبِينَ وَالْأَصْدِقَاءِ بِالْإِذْنِ وَلَوْ عُرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ الْقِرَانِ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ وَنَحْوِهِ مَعَ شَرِيكٍ أَوْ مُطْلَقًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْآكِل وَالشُّرْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّسْمِيَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْحَمْدِ بَعْدَهُمَا وَآدَابٌ أُخْرَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَنَاهُدِ الرِّفَاقِ وَاشْتِرَاكِهِمْ فِي الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبَاسَطَةِ الضِّيفَانِ وَمُعَامَلَةِ كُلِّ طَبَقَةٍ بِمَا يَلِيقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَا وَرَدَ مَنْ حَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ بَعْد الطَّعَامِ وَالِاجْتِمَاعِ لَهُ وَالتَّسْمِيَةِ قَبْلَهُ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْبَابُ الْمَضْمَضَةِ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ وَكُلِّ دَسِمٍ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْبَابُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي أُكِلَ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُؤْكَلُ طَعَامٌ حَتَّى يَذْهَبَ بُخَارُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْتِظَارِ الْآكِلِينَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا حَتَّى تُرْفَعَ الْمَائِدَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ أَكْلِ التَّمْرِ وَمِنْهَا تَفْتِيشُهُ لِتَنْقِيَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اسْتِحْبَابِ دُعَاءِ الْمَرْءِ لِمَنْ يَأْكُلُ طَعَامَهُ]

- ‌[فَصْلٌ إطْعَامِ الْمَرْءِ غَيْرَهُ مِنْ طَعَامِ مُضِيفِهِ إذَا عَلِمَ رِضَاهُ وَهَلْ تُقَاسُ الدَّرَاهِمُ عَلَى الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اسْتِحْبَابِ إكْرَامِ الْخُبْزِ دُونَ تَقْبِيلِهِ وَشُكْرُ النِّعَمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِانْتِشَارِ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَسُّكِ النَّاسِ بِالْخُرَافَاتِ وَتَهَاوُنِهِمْ بِالشَّرْعِيَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ تُطْعَمَ الْبَهَائِمُ الْخُبْزَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَكَلُّفِ الْإِحَاطَةِ بِأَسْرَارِ حِكَمِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخُرُوجِ مَعَ الضَّيْفِ إلَى بَابِ الدَّارِ وَالْأَخَذِ بِرِكَابِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اسْتِحْبَابِ الِانْبِسَاطِ وَالْمُدَاعَبَةِ وَالْمُزَاحِ مَعَ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحَسُّرِ النَّاسِ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ الدُّنْيَا دُونَ مَا حَلَّ بِالدِّينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُسَنُّ مِنْ الذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ وَالِاسْتِيقَاظِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْمَشْيِ مَعَ النَّاسِ وَآدَابِ الصَّغِيرِ مَعَ الْكَبِيرِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التِّجَارَةِ إلَى بِلَادِ الْأَعْدَاءِ وَمُعَامَلَةِ الْكُفَّارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ بَيْعِ الدَّارِ وَإِجَارَتِهَا لِمَنْ يَتَّخِذُهَا لِلْكُفْرِ أَوْ الْفِسْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاتِّسَاعُ فِي الْكَسْبِ الْحَلَالِ وَالْمَبَانِي مَشْرُوعٌ وَلَوْ بِقَصْدِ التَّرَفُّهِ وَالْكَسْبُ وَاجِبٌ لِلنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَضْلِ التِّجَارَةِ وَالْكَسْبِ عَلَى تَرْكِهِ تَوَكُّلًا وَتَعَبُّدًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحْرِيمِ السُّؤَالِ حَتَّى عَلَى مَنْ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَذَمِّهِ وَتَقْبِيحِهِ]

- ‌[فِي حُكْمِ مَا يَأْتِي الْمَرْءَ الصِّلَاتِ وَالْهِبَاتِ مِنْ أَخْذٍ وَرَدٍّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سُؤَالِ الشَّيْءِ التَّافِهِ كَشِسْعِ النَّعْلِ رِوَايَات]

- ‌[فَصْلٌ فِي سُؤَالِ الْأَخِ وَالْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَالْأَخْذِ مِمَّنْ أَعْطَى حَيَاءً]

- ‌[فَصْلٌ فِي سُؤَالِ الْمَرْءِ لِمَنْفَعَةِ غَيْرِهِ وَعَدَمِ اسْتِحْسَانِ أَحْمَدَ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَفْضَلِ الْمَعَاشِ وَالتِّجَارَةِ وَأَحْسَنِ الْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إشَارَاتٌ نَبَوِيَّةٌ إلَى مَا يَقَعُ مِنْ شَرْقِ الْمَدِينَةِ وَيُمْنِهَا وَنَجْدِهَا]

- ‌[فَصْلٌ حَدِيثُ الْحَثِّ عَلَى تَعْلِيمِ الْمَرْأَةِ الْكِتَابَةَ وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْهُ مَوْضُوعٌ]

- ‌[فَصْلٌ رَجُلٌ اكْتَسَبَ مَالًا مِنْ شُبْهَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِتَنِ الْمَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْبَدَاوَةِ وَالْأُمَرَاءِ الْمُضِلِّينَ وَالْعُلَمَاءِ الْمُنَافِقِينَ]

- ‌[فَصْلٌ التَّعَامُلُ فِيمَا يَخْتَلِفُ الِاعْتِقَادُ فِيهِ مِنْ حَلَالِ الْمَالِ وَحَرَامِهِ كَالنَّجَاسَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَذِبِ فِي الْمَالِ وَالسِّنِّ وَافْتِخَارِ الضَّرَّةِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَدِّ الْبُخْلِ وَالشُّحِّ وَالسَّخَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحَادِيثُ فِي ذَمِّ الْبُخْلِ وَالشُّحِّ وَالْحِرْصِ وَمَدْحِ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ وَآدَابٍ تَتَعَلَّقُ بِالْحَمَّامِ] [

- ‌فَصْلٌ فِي بَيْعُ الْحَمَّامِ وَشِرَاؤُهُ وَإِجَارَتُهُ وَبِنَاؤُهُ]

- ‌[فَصْلٌ دُخُولُ الْحَمَّامِ وَالْخُرُوجُ مِنْهُ وَالطِّلَاءُ بِالنُّورَةِ فِيهِ وَفِي الْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقْوَالِ الْأَطِبَّاءِ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ وَمِنْهَا نَهْيُ النِّسَاءِ عَنْهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُسَنُّ مِنْ اتِّخَاذِ الشَّعْرِ وَتَسْرِيحِهِ وَفَرْقِهِ وَمِنْ إعْفَاءِ اللِّحْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقْلِيمِ الْأَظَافِرِ وَسَائِرِ خِصَالِ الْفِطْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ فِي الْحِجَامَةِ وَاخْتِيَارِ يَوْمٍ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ فِي غَيْرِ النُّسُكِ وَكَرَاهَةِ الْقَزَعِ فِي الْحَلْقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَوْنِ تَغْيِيرِ الشَّيْبِ بِصَبْغِهِ سُنَّةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَتْفِ الشَّعْرِ وَحَفِّهِ وَتَخْفِيفِهِ وَوَصْلِهِ وَالْوَشْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جَوَازِ ثَقْبِ آذَانِ الْبَنَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُقَالُ عِنْدَ سَمَاعِ نَهِيقٍ وَنُبَاحٍ وَصِيَاحِ دِيكٍ وَكَرَاهَةِ التَّحْرِيشِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اتِّخَاذِ الطُّيُورِ]

- ‌[فَصْلٌ اتِّخَاذُ الْأَطْيَارِ فِي الْأَقْفَاصِ لِلتَّسَلِّي بِأَصْوَاتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي جَوَازِ اتِّخَاذِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُبَاحُ أَوْ يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ مِنْ الْبَهَائِمِ وَالْحَشَرَاتِ الضَّارَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَاهَةُ اقْتِنَاءِ كَلْبِ الصَّيْدِ لِلَّهْوِ وَإِتْيَانِ أَبْوَابِ السَّلَاطِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُقَالُ لِحَيَّاتِ الْبُيُوتِ قَبْلَ قَتْلِهَا]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ قَتْلِ الْحَشَرَاتِ وَإِحْرَاقِهَا وَتَعْذِيبِهَا]

- ‌[فَصْلٌ كَرَاهَةُ إطَالَةِ وُقُوفِ الْبَهَائِمِ الْمَرْكُوبَةِ وَالْمُحَمَّلَةِ فَوْقَ الْحَاجَةِ وَآدَابٌ أُخْرَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطِّيَرَةِ وَالشُّؤْمِ وَالتَّطَيُّرِ وَالتَّشَاؤُمِ وَالتَّفَاؤُلِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ وَلَا نَوْءَ وَلَا غُولَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ فِي الطَّاعُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُعُورِ الْأَنْفُسِ بِالْبَسْطِ وَالْقَبْضِ وَتَعْلِيلِ ذَلِكَ وَحِكْمَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ مُجَالَسَةِ الْمُتَلَبِّسِينَ بِالْمُنْكَرَاتِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَكْرُوهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ لَا يَجْمَعُهَا جِنْسٌ وَلَا نَوْعٌ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَجِبُ مِنْ الْكَفِّ عَنْ مَسَاوِي النَّاسِ وَمَا وَرَدَ فِي حُقُوقِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيَانَةِ الْمَسَاجِدِ وَآدَابِهَا وَكَرَاهَةِ زَخْرَفَتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيَانَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ الْحِرَفِ وَالتَّكَسُّبِ وَالتَّرَخُّصِ فِي الْكِتَابَةِ وَالتَّعْلِيمِ]

- ‌[فَصْلٌ صِيَانَةُ الْمَسْجِدِ عَنْ اللَّغَطِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ قِيلَ إلَّا بِعِلْمٍ لَا مِرَاءَ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ صِيَانَةُ الْمَسْجِدِ عَنْ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ وَمُكْثِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ يُصَانُ الْمَسْجِدُ عَنْ كَلَامٍ وَشِعْرٍ قَبِيحٍ وَغِنَاءٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَيُبَاحُ فِيهِ اللَّعِبُ بِالسِّلَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ إنْكَارِ مَا يُعْمَلُ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَقَابِرِ فِي إحْيَاءِ لَيَالِي الْمَوَاسِمِ وَالْمَوَالِدِ]

- ‌[فَصْلٌ إخْرَاجُ حَصَاهُ وَتُرَابِهِ لِلتَّبَرُّكِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيَانَةِ الْمَسْجِدِ عَنْ كُلِّ حَدَثٍ وَنَجِسٍ وَإِغْلَاقِ أَبْوَابِهِ لِمَنْعِ الْمُنْكَرِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخِلَافِ فِي دُخُولِ الْكَافِرِ مَسَاجِدَ الْحِلِّ وَالتَّفْصِيلِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاجْتِمَاعِ وَالِاسْتِلْقَاءِ وَالْأَكْلِ وَإِعْطَاءِ السَّائِلِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَاب دُخُول الْمَسْجِد]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مِنْ الْمَسْجِدِ وَفِي كَنْسِهِ وَتَنْظِيفِهِ وَتَطْيِيبِهِ وَلُقَطَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ بِالنَّعْلَيْنِ وَكَوْنِ طَهَارَتِهِمَا بِمَسْحِهِمَا بِالْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّعْشُ يُوضَعُ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ جُلُوسُ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ فِي الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ وَالتَّصَدِّي لِلتَّدْرِيسِ وَالْفَتْوَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ إسْنَادِ الظَّهْرِ إلَى الْقِبْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَاسْتِحْبَابِ جُلُوسِ الْقُرْفُصَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَمُرَاعَاةِ أَبْنِيَتِهَا وَوَضْعِ الْمَحَارِيبِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّغَلُّبِ عَلَى الْمَسْجِدِ وَغَصْبِهِ وَحُكْمِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَالضَّمَانِ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فُرُوعٌ فِي رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ وَبِنَائِهِ فِي الطَّرِيقِ وَمَتَى يَجُوزُ هَدْمُهُ

- ‌[فَصْلٌ كَرَاهَةُ مَدِّ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَخْبَارٍ تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ السَّابِقُ إلَى مَكَان مُبَاحٍ أَحَقُّ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَهْلُ الْمَسَاجِدِ أَحَقُّ بِحَرِيمِهَا فَتُمْنَعُ مُزَاحَمَتُهُمْ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ أَعْمَالِ الدُّنْيَا فِي الْمَقَابِرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَجْصِيصِ الْمَسَاجِدِ وَالْقُبُورِ وَالْبُيُوتِ]

- ‌[فَصْلٌ إنْكَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُتَحَلِّقِينَ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ فِي الْعِمَارَةِ وَالْبِنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ مُضَاعَفَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ]

- ‌[فَصْلٌ زِيَادَةُ الْوِزْرِ كَزِيَادَةِ الْأَجْرِ فِي الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ الْمُعَظَّمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دُخُولُ مَعَابِدِ الْكُفَّارِ وَالصَّلَاةُ فِيهَا وَشُهُودُ أَعْيَادِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ النَّظَرُ فِي النُّجُومِ وَمَا يُقَالُ عِنْدَ الرَّعْدِ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّهْيُ عَنْ سَبِّ الرِّيحِ وَمَا يُقَالُ عِنْدَ هُبُوبِهَا وَعِنْدَ رُؤْيَةِ السَّحَابِ وَالْمَطَرِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّهْيُ عَنْ سَبِّ الدَّهْرِ وَنِسْبَةِ الشَّرِّ إلَيْهِ وَعَنْ قَوْلِ الرَّجُلِ هَلَكَ النَّاسُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَوْلِ حَرَثْتُ بَدَلَ زَرَعْتُ مُوَافِقَةً لِلْآيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ كَرْمًا لِأَنَّ الْكَرْمَ يُطْلَقُ عَلَى الْخَمْرِ]

- ‌[فَصْلٌ لِيَقُلْ الْمَرْءُ لَقَسَتْ نَفْسِي بَدَلَ خَبُثَتْ]

- ‌[فَصْلٌ لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ]

- ‌[فَصْلٌ مَا وَرَدَ فِي قَطْعِ شَجَرِ السِّدْرِ وَسَبِّهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ سَبِّ الدِّيكِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّؤْيَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَقِيقَةِ الرُّؤْيَا]

- ‌[فَصْلٌ الرُّؤْيَا تَسُرُّ الْمُؤْمِنَ وَلَا تَغُرُّهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَا وَرَدَ فِي الْمَدْحِ وَالْإِطْرَاءِ وَالْمَدَّاحِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَزْكِيَةِ النَّفْسِ الْمَذْمُومَةِ وَمَدْحِهَا بِالْحَقِّ لِلْمَصْلَحَةِ أَوْ شُكْرِ النِّعْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْعُزْلَةِ وَالْمُخَالَطَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِنَايَةِ بِحِفْظِ الزَّمَانِ وَاتِّقَاءِ إضَاعَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّفَقُّهُ بِالتَّوَسُّعِ فِي الْمَعَارِفِ قَبْلَ طَلَبِ السِّيَادَةِ وَالْمَنَاصِبِ]

- ‌[فَصْلٌ انْقِبَاضُ الْعُلَمَاءِ الْمُتَّقِينَ مِنْ إتْيَانِ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ التَّوَسُّطُ فِي كُلِّ شُؤُونِهِ لِلتَّأَسِّي بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ وَالْغَنِيِّ الشَّاكِرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخِلَافُ فِي اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ بِغَيْرِ اللُّبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ بِحَائِلٍ فَوْقَهُ وَفِي بِطَانَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إبَاحَةِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ وَحِكْمَةِ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُبَاحُ لِلرِّجَالِ مِنْ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ كَالْعَلَمِ وَالزِّرِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَا نُسِجَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْحَرِيرِ وَالْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَصُنْعُهُ تَابِعٌ لِاسْتِعْمَالِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَلِّي بِاللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابَةِ صَدَاقِ الْمَرْأَةِ فِي حَرِيرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إبَاحَةِ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ فِي الْحَرْبِ أَوْ لِفَائِدَةٍ صِحِّيَّةٍ]

- ‌[فَصْلُ حُكْمِ الصُّوَرِ وَالصُّلْبَانِ فِي الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا وَصُنْعِهَا وَاِتِّخَاذِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ أَحْمَدَ لِلْكِلَّةِ حَيْثُ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحْرُمُ وَمَا يُكْرَهُ وَمَا يُبَاحُ مِنْ حِلْيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إبَاحَة التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إبَاحَةِ اللُّعَبِ لِلْبَنَاتِ وَمَنْ قَيَّدَهَا بِغَيْرِ الْمُصَوَّرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْجُلُودِ النَّجِسَةِ فِي اللُّبْسِ وَغَيْرِهِ مَدْبُوغَةً وَغَيْرَ مَدْبُوغَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ثَوْبٍ مِنْ شَعْرٍ مَا لَا يُؤْكَلُ مَعَ نَجَاسَتِهِ غَيْرَ جِلْدِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي لُبْسِ الْجُلُودِ الطَّاهِرَةِ وَالصَّلَاةِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي لُبْسِ السَّوَادِ لِذَاتِهِ وَتَشْدِيدِ أَحْمَدَ فِيهِ إذَا كَانَ لِبَاسَ الظَّلَمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ الْمُصْمَتِ لِلرَّجُلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إبَاحَةِ لُبْسِ الْمُمَسَّكِ وَالْمُوَرَّدِ وَالْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ لُبْسِ الشُّفُوفِ وَالْحَاكِيَةِ الَّتِي تَصِفُ الْبَدَنَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ لُبْسِ مَا يُظَنُّ نَجَاسَتُهُ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَاهَةُ النَّظَرِ إلَى مَا يَحْرُمُ وَالتَّفَكُّرِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِقْدَارِ طُولِ الثَّوْبِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَجَرِّ الذُّيُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ اللِّبَاسِ مِنْ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَقَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ إلَخْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبَرَةِ وَالصُّوفِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اسْتِحْبَابِ التَّخَتُّمِ وَمَا قِيلَ فِي جِنْسِهِ وَمَوْضِعِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي لُبْسِ الْفِضَّةِ وَمَنْ قَالَ بِإِبَاحَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ تَشَبُّهِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَعَكْسِهِ وَمَنْ حَرَّمَهُ]

- ‌[فَصْلُ النَّقْشِ فِي الْخِضَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ جَعَلَ عَلَى رَأْسِهِ عَلَامَةً وَقْتَ الْحَرْبِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ تَجَرُّدِ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ وَاجْتِمَاعِهِمَا بِغَيْرِ حَائِلٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّعَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَرْغِيبِ اللُّبْسِ لِلنِّعَالِ]

- ‌[فَصْلُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَحَادِيثَ تَتَعَلَّقُ بِالْفُصُولِ السَّالِفَةِ فِي اللِّبَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَضْلِ الْأَدَبِ وَالتَّأْدِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ فَرْضِ الْكِفَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَلِّي بِالْفَضَائِلِ وَالتَّخَلِّي عَنْ الرَّذَائِلِ وَمَوَدَّةِ الْإِخْوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي وَصَايَا نَافِعَةٍ وَحِكَمٍ رَائِعَةٍ مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ وَالْأَشْعَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي وَصَايَا وَمَوَاعِظَ وَأَحَادِيثِ كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[فصل في آداب الأكل]

[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْأَكْلِ]

فَصْلٌ وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ تَجْعَلَ بَطْنَك ثَلَاثًا، ثُلُثًا لِلطَّعَامِ وَثُلُثًا لِلشَّرَابِ وَثُلُثًا لِلنَّفَسِ، وَلَوْ أَكَلْت كَثِيرًا لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ قَالَ الْحَسَنُ لَيْسَ فِي الطَّعَامِ إسْرَافٌ، وَالْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ فِي ذَلِكَ وَرَدَ بِالْأَكْلِ تَأْدِيبًا لَا تَحْدِيدًا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ.

قَالَ أَحْمَدُ ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ سَمِعْت الْمِقْدَادَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثُ طَعَامٍ وَثُلُثُ شَرَابٍ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ» حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَهُ طُرُقٌ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحٌ.

وَرَوَى الْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ وَقِيلَ لَهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُونَ مِنْ طَعَامِهِمْ قَالَ مَا يُعْجِبُنِي سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ فَعَلَ قَوْمٌ هَكَذَا فَقَطَعَهُمْ عَنْ الْفَرْضِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى بَالَغَ فِي تَقْلِيلِ الْغِذَاءِ أَوْ الشَّرَابِ فَأَضَرَّ بِبَدَنَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ قَصَرَ عَنْ فِعْلِ وَاجِبٍ لِحَقِّ اللَّهِ أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ كَالتَّكَسُّبِ لِمَنْ يَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ وَإِلَّا كُرِهَ ذَلِكَ إذَا خَرَجَ عَنْ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْأَطِبَّاءُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي التَّأْخِيرُ عَنْ تُنَاوِل ذَلِكَ إذَا تَاقَتْ إلَيْهِ النَّفْسُ وَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْغِذَاءَ، ثُمَّ لَمْ تَطْلُبْهُ نَفْسُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَنَاوَلُهُ إذًا، بَلْ يُنْهِضُهَا بِالرِّيَاضَةِ أَوْ بِالْقَيْءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَنَقَلْت مِنْ غَيْرِ الْجَامِعِ وَهُوَ مِنْ كِتَابِ الْوَرَعِ.

قَالَ الْمَرُّوذِيُّ قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُؤْجَرُ الرَّجُلُ فِي تَرْكِ الشَّهَوَاتِ قَالَ كَيْفَ لَا يُؤْجَرُ وَابْنُ عُمَرَ يَقُولُ مَا شَبِعْت مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَقُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَجِدُ الرَّجُلُ مِنْ قَلْبِهِ رِقَّةً

ص: 194

وَهُوَ يَشْبَعُ؟ قَالَ مَا أَرَى.، وَالْمُرَادُ بِهَذَا النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الشِّبَعُ الْكَثِيرُ، وَالْمُرَادُ بِالنَّصِّ الْأَوَّلِ مَنْ يَأْكُلُ يَسِيرًا يَحْصُلُ لَهُ بِهِ أَدْنَى شِبَعٍ.

وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ رحمهم الله وَلَوْ أَكَلْت كَثِيرًا لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ لَا مُطْلَقًا، فَإِنَّ أَكْلَ الْمَتْخُومِ أَوْ الْأَكْلَ الْمُفْضِيَ إلَى تُخَمَةٍ سَبَبٌ لِمَرَضِهِ وَإِفْسَادِ بَدَنِهِ وَهُوَ تَضْيِيعٌ لِلْمَالِ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ فِي مَضَرَّةٍ بَلْ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَكْلِ فَوْقَ مُطْلَقِ الشِّبَع فَإِنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى ذَلِكَ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْأَكْلَ مِنْ الْمَيْتَةِ فَوْقَ الشِّبَعِ لَا يَجُوزُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَكْلَ فَوْقَ مُطْلَقِ الشِّبَعِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ يَجُوزُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ هَذِهِ الصُّورَةِ فَائِدَةٌ، وَقَدْ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَلَوْ أَكَلَ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُؤْذِيهِ جَازَ وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ وَكَثْرَةُ الْأَكْلِ مِنْ حَيْثُ يُخَافُ مِنْهُ التُّخَمَةُ مَكْرُوهٌ.

وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالشِّبَعِ وَإِنَّهُ يُكْرَهُ الْإِسْرَافُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ يَقُولُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ لَمَّا جَاءَهُ قَدَحٌ مِنْ لَبَنٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَسَقَاهُمْ، ثُمَّ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ اشْرَبْ فَشَرِبَ، ثُمَّ أَمَرَهُ ثَانِيًا وَثَالِثًا حَتَّى قَالَ وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسَاغًا» .

وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه خَطَبَ يَوْمًا فَقَالَ: إيَّاكُمْ، وَالْبِطْنَةَ فَإِنَّهَا مُكْسِلَةٌ عَنْ الصَّلَاةِ مُؤْذِيَةٌ لِلْجِسْمِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي قُوتِكُمْ فَإِنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الْأَشَرِ وَأَصَحُّ لِلْبَدَنِ وَأَقْوَى عَلَى الْعِبَادَةِ، وَإِنَّ امْرَأً لَنْ يَهْلِكَ حَتَّى يُؤْثِرَ شَهْوَتَهُ عَلَى دِينِهِ.

وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: الْمَعِدَةُ حَوْضُ الْبَدَنِ، وَالْعُرُوقُ وَارِدَةٌ عَلَيْهَا وَصَادِرَةٌ عَنْهَا فَإِذَا صَحَّتْ صَدَرَتْ الْعُرُوقُ عَنْهَا بِالصِّحَّةِ، وَإِذَا سَقِمَتْ صَدَرَتْ الْعُرُوقُ بِالسَّقَمِ.

وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ اثْنَتَانِ يُقَسِّيَانِ الْقَلْبَ كَثْرَةُ الْكَلَامِ وَكَثْرَةُ الْأَكْلِ وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ لَا تَأْكُلْ شَيْئًا عَلَى شِبَعٍ فَإِنَّك إنْ تَتْرُكَهُ لِلْكَلْبِ خَيْرٌ لَك مِنْ أَنْ تَأْكُلَهُ.

وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ

ص: 195

الْمَآكِلُ الَّتِي الْغَالِبُ فِيهَا الْأَذَى، وَالْإِفْرَاطُ فِي الشِّبَعِ وَإِدْخَالُ الطَّعَامِ عَلَى الطَّعَامِ وَمُطَاوَعَةُ الشَّرَهِ، وَالتَّعْرِيضُ بِالنَّفْسِ فِيمَا الْغَالِبُ فِيهِ الْأَذَى، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَلْقِيَ تَحْتَ حَائِطٍ مَائِلٍ أَوْ يَنَامَ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ، أَوْ يَرْكَبُ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ أَوْ يَتَعَرَّضَ مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يُطِيقُهُ كَذَا قَالَ فِي النَّوْمِ عَلَى السَّطْحِ وَلَيْسَتْ نَظِيرَ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي.

وَقَالَ أَيْضًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَاوَلَ فَوْقَ حَاجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قُوتُهُ وَقُوتُ غَيْرِهِ فَالْقِسْمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لَمْ يُمْكِنْ تَقْدِيرُهَا إلَّا بِالْإِشَارَةِ بِحَسَبِ الِاحْتِيَاجِ فَإِذَا أَخَذَ مِنْ شَيْءٍ هُوَ مُشَاعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ فَقَدْ ظَلَمَ غَيْرَهُ بِمِقْدَارِ التَّفَاوُتِ.

وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إنَّ ابْنَك بَاتَ الْبَارِحَةَ بَشَمًا قَالَ أَمَا لَوْ مَاتَ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَعْنِي أَنَّهُ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ كَقَاتِلِ نَفْسِهِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ حَتَّى يَتْخَمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا سَبَقَ عَنْ سَمُرَةَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ كَثْرَةَ الْأَكْلِ تُنَوِّمُ وَإِنَّهُ يَنْبَغِي النَّفْرَةُ مِمَّنْ عُرِفَ بِذَلِكَ وَاشْتُهِرَ بِهِ وَاِتَّخَذَهُ عَادَةً وَلِهَذَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ نَافِعٍ رَأَى ابْنُ عُمَرَ مِسْكِينًا فَجَعَلَ يَضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ كَثِيرًا قَالَ لَا تُدْخِلُنَّ هَذَا عَلَيَّ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «الْمُؤْمِن يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» .

وَرَوَى أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ كَانَ أَبُو نَهِيكٍ رَجُلًا أَكُولًا فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «إنَّ الْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ قَالَ فَأَنَا أُومِنُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ» وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَافَهُ ضَيْفٌ وَهُوَ كَافِرٌ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ لَهُ فَشَرِبَ حِلَابَهَا حَتَّى شَرِبَ حِلَابَ سَبْعِ شِيَاهٍ، ثُمَّ إنَّهُ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ فَشَرِبَ حِلَابَهَا، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ

ص: 196

بِأُخْرَى فَلَمْ يُتِمَّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُؤْمِنُ يَشْرَبُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَشْرَبُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا كَثِيرًا فَأَسْلَمَ فَكَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا قَلِيلًا فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعَاءٍ وَاحِدٍ، وَالْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» .

قِيلَ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلِهَذَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ عُمَرَ فَقِيلَ الْمُؤْمِنُ يَقْصِدُ فِي أَكْلِهِ وَقِيلَ إنَّهُ يُسَمِّي اللَّهَ فَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الشَّيْطَانُ، وَالْكَافِرُ بِالْعَكْسِ قَالَ الْأَطِبَّاءُ لِكُلِّ إنْسَانٍ سَبْعَةُ أَمْعَاءٍ الْمَعِدَةُ، ثُمَّ ثَلَاثَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِهَا رِقَاقٌ، ثُمَّ ثَلَاثَةٌ غِلَاظٌ فَالْمُؤْمِنُ لِاقْتِصَادِهِ وَتَسْمِيَتِهِ يَكْفِيهِ مِلْءُ أَحَدِهَا، وَالْكَافِرُ بِالْعَكْسِ.

وَقِيلَ الْمُرَادُ الْجِنْسُ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ وَقِيلَ الْمُرَادُ سَبْعُ صِفَاتٍ الْحِرْصُ، وَالشَّرَهُ وَطُولُ الْأَمَلِ، وَالطَّمَعُ وَسُوءُ الطَّبْعِ، وَالْحَسَدُ، وَالسِّمَنُ، وَقِيلَ هَذَا فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ قِيلَ لَهُ عَلَى وَجْهِ التَّمْثِيلِ وَإِنَّمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْكُفَّارَ وَمَنْ أَشْبَهَ الْكُفَّارَ كُرِهَتْ مُخَالَطَتُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَمَا يَأْكُلُهُ هَذَا يَسُدُّ خَلَّةَ جَمَاعَةٍ.

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْإِسْرَافُ فِي الْمُبَاحَاتِ هُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ وَهُوَ مِنْ الْعُدْوَانِ الْمُحَرَّمِ وَتَرْكُ فُضُولِهَا هُوَ مِنْ الزُّهْدِ الْمُبَاحِ وَأَمَّا الِامْتِنَاعُ مِنْ فِعْلِ الْمُبَاحَاتِ مُطْلَقًا كَاَلَّذِي يَمْتَنِعُ مِنْ أَكْلِ اللَّحْمِ أَوْ أَكْلِ الْخُبْزِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ أَوْ مِنْ لِبْسِ الْكَتَّانِ، وَالْقُطْنِ وَلَا يَلْبَسُ إلَّا الصُّوفَ وَيَمْتَنِعُ مِنْ نِكَاحِ النِّسَاءِ وَيَظُنُّ أَنَّ هَذَا مِنْ الزُّهْدِ الْمُسْتَحَبِّ، فَهَذَا جَاهِلٌ ضَالٌّ إلَى أَنْ ذَكَرَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالْأَكْلِ مِنْ الطَّيِّبَاتِ، وَالشُّكْرِ لَهُ، وَالطَّيِّبُ هُوَ مَا يَنْفَعُ الْإِنْسَانَ وَيُعِينُهُ عَلَى الطَّاعَةِ وَحَرَّمَ الْخَبَائِثَ وَهُوَ مَا يَضُرُّهُ فِي دِينِهِ وَأَمَرَ بِشُكْرِهِ وَهُوَ الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ قَالَ فَمَنْ أَكَلَ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَلَمْ يَشْكُرْ رَبَّهُ وَلَمْ يَعْمَلْ صَالِحًا كَانَ مُعَاقَبًا عَلَى تَرْكِهِ مِنْ فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ وَلَمْ يُحِلَّ لَهُ الطَّيِّبَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَحَلَّهَا لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى طَاعَتِهِ.

وَلَمْ يَحِلّهَا لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَعْصِيَتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:

ص: 197

{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] الْآيَةَ قَالَ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَانَ الْإِنْسَانُ بِالْمُبَاحَاتِ عَلَى الْمَعَاصِي مِثْلَ مَنْ يُعْطِيَ اللَّحْمَ، وَالْخُبْزَ لِمَنْ يَشْرَبُ عَلَيْهِ الْخَمْرَ وَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْفَوَاحِشِ قَالَ وقَوْله تَعَالَى:{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] أَيْ عَنْ الشُّكْرِ عَلَى النَّعِيمِ فَيُطَالَبُ الْعَبْدُ بِأَدَاءِ شُكْرِ اللَّهِ عَلَى النَّعِيمِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعَاقِبُ عَلَى مَا أَبَاحَ وَإِنَّمَا يُعَاقِبُ عَلَى تَرْكِ مَأْمُورٍ وَفِعْلِ مَحْذُورٍ انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَآيَةُ الْمَائِدَةِ ذَكَرَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِيهَا بَعْضُ الْمُفَسَّرَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا. فَأَمَّا السُّؤَالُ عَنْ النَّعِيمِ فَقِيلَ يَخْتَصُّ بِالْكُفَّارِ وَيُعَذَّبُونَ عَلَى تَرْكِ الشُّكْرِ وَقِيلَ عَامٌّ، ثُمَّ النَّعِيمُ هَلْ هُوَ عَامٌّ أَوْ خَاصٌّ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، ثُمَّ فِي تَعْيِينِهِ نَحْوُ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ، وَظَاهِرُ اللَّفْظِ الْعُمُومُ فِيهَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ فَالْكَافِرُ يُسْأَلُ تَوْبِيخًا لَهُ إذَا لَمْ يَشْكُرْ الْمُنْعِمَ وَلَمْ يُوَحِّدْهُ، وَالْمُؤْمِنُ يُسْأَلُ عَنْ شُكْرِهَا كَذَا قَالَ فَظَاهِرُهُ لَا يُسْأَلُ تَوْبِيخًا وَتَعْذِيبًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بَعْد كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ: وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ عز وجل ثَلَاثٌ لَا أَسْأَلُ عَبْدِي عَنْ شُكْرِهِنَّ وَأَسْأَلُهُ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ بَيْتٌ يَسْكُنُهُ وَمَا يُقِيمُ بِهِ صُلْبَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَمَا يُوَارِي بِهِ عَوْرَتَهُ مِنْ اللِّبَاسِ» وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا فِي فَصْلِ تَقْبِيلِ الْخُبْزِ، وَيُوَافِقُ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ مَا ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ} [المائدة: 1] وَسَبَقَ فِي الْفَصْلِ قَوْلُهُ

ص: 198

{لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] قَالَ الْقَاضِي أَيْ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّ شُكْرِهِ.

وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَاوِيُّ سُؤَالُ تَعْدَادِ النِّعَمِ وَإِعْلَامٍ بِالِامْتِنَانِ بِهَا لَا سُؤَالُ تَوْبِيخٍ وَمُحَاسَبَةٍ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ إنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْمُبَاحِ رَأْسًا جَهْلٌ كَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ فِعْلِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَطَرِيقِهِ فَمَنْ اتَّخَذَ طَرِيقًا إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ خِلَافَ طَرِيقِهِ فَإِنَّمَا يَرُومُ ذَلِكَ وَيَظُنُّ أَنَّهَا أَوْصَلُ إلَى الْمَقْصُودِ وَأَبْلَغُ فِي حُصُولِ الْمَطْلُوبِ لَا سِيَّمَا مَعَ شِدَّةِ طَرِيقِهِ وَضِيقِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ الْجَهْلِ، وَالضَّلَالِ.

وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو شَامَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِ الْبَاعِثِ عَلَى إنْكَارِ الْبِدَعِ، وَالْحَوَادِثِ مَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ مِنْ أَصْحَابِنَا رحمهم الله فِي كِتَابِ الْجَامِعِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رضي الله عنه فَقَالَ مِنْ أَيْنَ أُحْرِمُ قَالَ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْرَمَ فَقَالَ الرَّجُلُ فَإِنِّي أَوْ فَإِنْ أَحْرَمْت مِنْ أَبْعَدَ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى ذَلِكَ، فَقَالَ مَا تَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَكْرَهُ عَلَيْك الْفِتْنَةَ قَالَ وَأَيُّ فِتْنَةٍ فِي ازْدِيَادِ الْخَيْرِ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] .

وَأَيُّ فِتْنَةٍ أَكْبَرُ مِنْ أَنَّك خُصِصْتَ بِفِعْلٍ لَمْ يُخْصَصْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مِنْ أَيْنَ أُحْرِمُ قَالَ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا قَالَ فَإِنْ زِدْتُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فَلَا تَفْعَلْ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْك الْفِتْنَةَ قَالَ وَمَا فِي هَذَا مِنْ الْفِتْنَةِ إنَّمَا هِيَ أَمْيَالٌ أَزِيدُهَا

ص: 199

قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] .

قَالَ وَأَيُّ فِتْنَةٍ فِي هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَيُّ فِتْنَةٍ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَرَيْ اخْتِيَارَك لِنَفْسِك خَيْرًا مِنْ اخْتِيَارِ اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتِيَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه «أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا، لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَآكُلُ اللَّحْمَ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» . وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ قَالَهَا ثَلَاثًا»

وَهُمْ الْمُبَالِغُونَ فِي الْأُمُورِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَهُوَ مِنْ التَّابِعِينَ الصُّلَحَاءِ أَنَّهُ عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا يَضَعَ جَنْبَهُ إلَى الْأَرْضِ مَا بَقِيَ فِي الدُّنْيَا وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَوَفَّى بِذَلِكَ.

وَعَنْ دَاوُد الطَّائِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَسَفُّ السَّوِيقَ لِئَلَّا يَشْتَغِلُ بِمَضْغِ الْخُبْزِ وَغَيْرِهِ عَنْ الذِّكْرِ، وَعَنْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْعُبَّادِ مَعْنَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ عَنْ عَابِدٍ عَالِمٍ، وَعَابِدٌ جَاهِلٌ لَا عِبْرَةَ بِرَأْيِهِ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَحْجُوجٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ رضي الله عنه الْكَلَامَ الْمَشْهُورَ: كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رحمه الله فِي صَيْدِ الْخَاطِرِ بَعْضَ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ عَنْ بَعْضِ الْعُبَّادِ رحمهم الله قَالَ وَلَعَمْرِي إنَّ هَذِهِ خَيْرَاتٌ وَلَكِنْ عَلَيْك بِالْجَادَّةِ طَرِيقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

أَوْ كَمَا قَالَ، وَأَمَّا إنْ أَسْرَفَ فِي تَنَاوُلِ ذَلِكَ

ص: 200

فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ رحمه الله أَنَّ التَّبْذِيرَ وَالْإِسْرَافَ مَا أَخْرَجَهُ فِي الْحَرَامِ لِقَوْلِهِ: لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا لُقْمَةٌ فَوَضَعَهَا فِي فِي أَخِيهِ لَمْ يَكُنْ إسْرَافًا.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى إنْ لَمْ يَخَفْ الْفَقْرَ لَمْ يَكُنْ مُسْرِفًا، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ السَّرَفِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّبْذِيرِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إنْفَاقُ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقٍّ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ.

(وَالثَّانِي) الْإِسْرَافُ الْمُتْلِفُ الْمَالَ {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: 27] .

يُوَافِقُونَهُمْ فِيمَا يَدْعُونَهُمْ إلَيْهِ وَيُشَاكِلُونَهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 27] أَيْ جَاحِدًا لِنِعَمِهِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهَذَا يَتَضَمَّنُ أَنَّ الْمُسْرِفَ كَفُورٌ لِلنِّعَمِ وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ التَّبْذِيرَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي حَرَامٍ أَوْ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْفِقْهِ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَسَبَقَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَنَّ الْإِسْرَافَ فِي الْمُبَاحَاتِ مُحَرَّمٌ وَقَدْ يُحْتَجُّ لِعَدَمِ التَّحْرِيمِ بِعُمُومِ الْقُرْآنِ وَإِطْلَاقِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى السَّبَبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] .

وَكَقَوْلِهِ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] . وَبِأَنَّهُ إجْمَاعٌ سَابِقٌ فِي الْبِنَاءِ وَالْعِمَارَةِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ حَزْمٍ فَهَذَا أَوْلَى، وَمِنْ قَالَ بِخِلَافِ ذَلِكَ يَحْتَجُّ بِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى:

ص: 201

{وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31] . وَيُحْمَلُ مَا سَبَقَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِبَاحَةُ فِي الْجُمْلَةِ لَا مَعَ السَّرَفِ؛ لِأَنَّهُ أَخَصُّ وَحَيْثُ لَمْ يُحَرَّمْ فَمَعْلُومُ أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى، وَهَلْ يُكْرَهُ؟ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَعَدَمُ دَلِيلِهَا وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي فُصُولِ التَّكَسُّبِ: أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَوْ عَبَسَ الزَّمَانُ فِي وَجْهِكَ مَرَّةً لَعَبَسَ فِي وَجْهِكَ أَهْلُكَ وَجِيرَانُكَ ثُمَّ حَثّ عَلَى الْإِمْسَاكِ، وَقَوْلُ أَحْمَدَ فِي الْكَرَمِ وَالْبُخْلِ مُتَمَثِّلًا:

قَلِيلُ الْمَالِ تُصْلِحُهُ فَيَبْقَى

وَلَا يَبْقَى الْكَثِيرُ عَلَى الْفَسَادِ

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْكَرَامَةِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ فِي الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ، افْتَقَرَ خَلْقٌ كَثِيرٌ بِالْإِسْرَافِ فِي اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ الْكَرَاهَةُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20] .

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ الْمُرَادُ بِطَيِّبَاتِهِمْ مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ اللَّذَّاتِ مُشْتَغِلِينَ بِهَا عَنْ الْآخِرَةِ مُعْرِضِينَ عَنْ شُكْرِهَا، وَلَمَّا وَبَّخَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ آثَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ وَالصَّالِحُونَ بَعْدَهُمْ اجْتِنَابَ نَعِيمِ الْعَيْشِ وَلَذَّتِهِ لِيَتَكَامَلَ أَجْرُهُمْ وَلِئَلَّا يُلْهِيهِمْ عَنْ مَعَادِهِمْ.

رَوَى جَابِرٌ قَالَ رَأَى عُمَرُ لَحْمًا مُعَلَّقًا فِي يَدِي فَقَالَ: مَا هَذَا يَا جَابِرُ؟ فَقُلْتُ: اشْتَهَيْتُ لَحْمًا فَاشْتَرَيْتُهُ، فَقَالَ أَوَ كُلَّمَا اشْتَهَيْتَ اشْتَرَيْتَ يَا جَابِرُ؟ أَمَا تَخَافُ هَذِهِ الْآيَةَ:{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20] .

وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قِيلَ لَهُ لَوْ أَمَرْتَ أَنْ يُصْنَعَ لَكَ طَعَامٌ أَلْيَنُ

ص: 202

مِنْ هَذَا فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَيَّرَ أَقْوَامًا فَقَالَ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20] انْتَهَى كَلَامُهُ.

الْأَثَرُ عَنْ جَابِرٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِيهِ أَنَّهُ اشْتَرَى لَحْمًا بِدِرْهَمٍ، وَأَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ: مَا يُرِيدُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَطْوِيَ بَطْنَهُ عَنْ جَارِهِ وَابْنِ عَمِّهِ أَيْنَ يَذْهَبُ عَنْكُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20] .

وَمَا يُرْوَى عَنْ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْخَلَفِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ مَا يَدُلَّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ إسْرَافٌ وَالْكَلَام فِيهِ.

وَقَدْ قَالَ أَبُو حَازِمٍ لِسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ هَلْ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النِّقْيَ؟ فَقَالَ: مَا رَأَى النِّقْيَ مَنْ حِينِ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، فَقُلْتُ هَلْ كَانَ لَكُمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنَاخِلُ؟ قَالَ: مَا رَأَى مُنْخُلًا مَنْ حَيْثُ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ؟ قَالَ: كُنَّا نَطْحَنُهُ وَنَنْفُخُهُ فَيَطِيرُ مَا طَارَ وَمَا بَقِيَ ثَرَيْنَاهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَزَادَ بَعْد قَوْلِهِ: النِّقْيَ يَعْنِي الْحَوَارِيَّ ثَرَيْنَا عَجَنَّاهُ

وَسَيَأْتِي فِي آدَابِ الْمَسَاجِدِ حُكْمُ إنْفَاقِ الْمَالِ فِي الْبِنَاء وَالْعِمَارَةِ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَأَمَّا إنْفَاقُهُ فِي الصَّدَقَةِ فَمَذْكُورٌ فِي الْفِقْهِ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَيَأْتِي فِي فُصُولِ التَّكَسُّبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ الْأَكْلُ فَوْقَ الشِّبَعِ حَرَامٌ قَالَ الْمَشَايِخُ مِنْهُمْ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ.

(أَحَدُهُمَا) : أَنْ يَأْكُل فَوْقَ الشِّبَعِ لِيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى صَوْمِ الْغَدِ.

(وَالثَّانِي) : إذَا نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ وَقَدْ تَنَاهَى أَكْلُهُ وَلَمْ يَشْبَعْ ضَيْفُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَتَى أَمْسَكَ عَنْ الْأَكْلِ أَمْسَكَ الضَّيْفُ عَنْهُ حَيَاءً وَخَجَلًا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ

ص: 203

فَوْقَ الشِّبَعِ؛ لِكَيْ لَا يَكُونَ دَاخِلًا فِي جُمْلَةِ مَنْ أَسَاءَ الْقِرَى وَإِسَاءَةُ الْقِرَى مَذْمُومَةٌ شَرْعًا، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَالَ الْمَشَايِخَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: وَمِنْ السَّرَفِ أَنْ يُلْقَى عَلَى الْمَائِدَة مِنْ الْخُبْزِ أَضْعَافُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْآكِلُونَ.

وَمِنْ السَّرَف أَنْ يَضَعَ لِنَفْسِهِ أَلْوَانَ الطَّعَامِ، وَيُكْرَهُ تَعْلِيقُ الْخُبْزِ عَلَى الْخِوَانِ بَلْ يُوضَعُ بِحَيْثُ لَا يَتَعَلَّقُ، وَيُكْرَهُ وَضْعُ الْخُبْزِ فِي جَنْبِ الْقَصْعَةِ لِتَسْتَوِيَ الْقَصْعَةُ وَيُكْرَهُ مَسْحُ الْأَصَابِعِ وَالسِّكِّينِ فِي الْخُبْزِ، وَيُكْرَهُ وَضْعُ الْمَمْلَحَةِ عَلَى الْخُبْزِ بَلْ يُوضَعُ الْمِلْحُ وَحْدَهُ عَلَى الْخُبْزِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَا انْتَفَخَ مِنْ الْخُبْزِ وَوَجْهَهُ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ، وَمَتَى أَذْهَبَ طَيِّبَاتِهِ فِي حَيَاتِهِ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعَ بِهَا ذَهَبَتْ دَرَجَاتُهُ فِي الْآخِرَةِ انْتَهَى كَلَامُهُمْ.

وَقَدْ وَرَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم مَا ظَاهِرُهُ مُوَافِقٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَة الْأَخِيرَةِ.

وَرَوَى مُسْلِمُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ الْكَافِرَ إذَا عَمِلَ حَسَنَةً أُطْعِمَ بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَإِنَّ اللَّهَ يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ فِي الْآخِرَةِ وَيُعْقِبُهُ رِزْقًا فِي الدُّنْيَا عَلَى طَاعَتِهِ» قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْمُؤْمِنُ يُدَّخَرُ لَهُ حَسَنَاتُهُ وَثَوَابُ أَعْمَالِهِ إلَى الْآخِرَةِ وَيُجْزَى بِهَا مَعَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الدُّنْيَا وَلَا مَانِعَ مَنْ جَزَائِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فَيَجِبُ اعْتِقَادُهُ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمِ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ: «مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ إلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنْ الْآخِرَةِ وَيَبْقَى لَهُمْ الثُّلُثُ وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ الْأَجْرُ» حَمَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ: وَتَكُونُ هَذِهِ الْغَنِيمَةُ مَنْ جُمْلَةِ الْأَجْرِ قَالَ: وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم كَقَوْلِهِمْ: مِنَّا مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَأْكُلْ مَنْ أَجْرِهِ شَيْئًا وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدُبُهَا أَيْ يَجْتَنِيهَا.

وَذَكَرَ فِيهِ أَقْوَالًا وَضَعَّفَهَا وَقَالَ: إنَّ هَذَا الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَاخْتَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مَعْنَاهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْخَبَرَ

ص: 204

الْمَذْكُورَ فِي تَنْقِيصِ أَجْرِ مَنْ غَنِمَ لَا يَصِحُّ، وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْقَصَ ثَوَابُ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ بَعْضُهُمْ وَرَاوِي هَذَا الْخَبَرِ أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ مَجْهُولٌ؛ وَلِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ الْمُجَاهِدَ يَرْجِعُ بِمَا نَالَ مَنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَبَا هَانِئٍ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ رَوَى عَنْهُ اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ.

وَلَيْسَ فِي غَنِيمَةِ بَدْرٍ نَصُّ إنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَغْنَمُوا لَكَانَ أَجْرُهُمْ عَلَى قَدْرِ أَجْرِهِمْ، وَقَدْ غَنِمُوا فَقَطْ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَا الْخَبَرِ وَبَيْنَ الْخَبَرِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ: إنَّ الْغَنِيمَةَ تَنْقُصُ الْأَجْرَ أَمْ لَا، وَلَا قَالَ: أَجْرُهُ كَأَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الَّذِي تَعَجَّلَ ثُلُثَيْ أَجْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي غَنِيمَةٍ أُخِذَتْ عَلَى غَيْر وَجْهِهَا، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَاد أَنَّ الَّتِي لَمْ تَغْنَمْ يَكُونُ لَهَا أَجْرٌ بِالْأَسَفِ عَلَى مَا فَاتَهَا مَنْ الْغَنِيمَةِ فَيُضَاعَفُ ثَوَابُهَا كَمَا يُضَاعَفُ ثَوَابُ مَنْ أُصِيبَ فِي مَالِهِ وَأَهْلِهِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ خَرَجَ بِنِيَّةِ الْغَزْوِ وَالْغَنِيمَةِ مَعًا فَيَنْقُصُ اللَّهُ ثَوَابَهُ وَاَللَّه أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي إبْرَاهِيمَ: {وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [البقرة: 130] : قَالَ لَهُ هُنَاكَ جَزَاءُ الصَّالِحِينَ غَيْر مَنْقُوصٍ مِنْ الْآخِرَةِ بِمَا أُعْطِيَ فِي الدُّنْيَا مَنْ الْآخِرَة.

ص: 205