الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ اللِّبَاسِ مِنْ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَقَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ إلَخْ]
ْ) وَيُسَنُّ أَنْ يَأْتَزِرَ فَوْقَ سُرَّتِهِ وَعَنْهُ تَحْتَهَا وَيَشُدُّ سَرَاوِيلَهُ فَوْقَهَا، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَلْبَسَ مَعَ الْقَمِيصِ السَّرَاوِيلَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ وَهَذَا مِنْ جِنْسِ اخْتِيَارِهِ أَنَّ الْفِصَادَ فِي الْبِلَادِ الرَّطْبَةِ أَوْلَى، وَأَنَّ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ فِي الْبِلَادِ الرَّطْبَةِ أَوْلَى مِنْ الِادِّهَانِ اعْتِبَارًا فِي كُلِّ بَلَدٍ بِعَادَتِهِمْ وَمَصْلَحَتِهِمْ، وَيُبَاحُ التُّبَّانُ وَتُسَنُّ السَّرَاوِيلُ وَالْأَوْلَى قَوْلُ صَاحِبِ النَّظْمِ التُّبَّانُ فِي مَعْنَى السَّرَاوِيلِ.
وَرَوَى وَكِيعٌ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ تَأْمُرُ غِلْمَانَهَا بِالتُّبَّانِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ. وَسِعَةُ كُمِّ قَمِيصِ الْمَرْأَةِ شِبْرٌ وَقِصَرُهُ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: دُونَ رُءُوسِ أَصَابِعِهَا، وَطُولُ كُمِّ قَمِيصِ الرَّجُلِ عَنْ أَصَابِعِهِ قَلِيلًا دُونَ سِعَتِهِ كَثِيرًا فَلَا تَتَأَذَّى الْيَدُ بِحَرٍّ وَلَا بَرْدٍ وَلَا يَمْنَعُهَا خِفَّةَ الْحَرَكَةِ وَالْبَطْشَ.
وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: تَوْسِيعُ الْكُمِّ مِنْ غَيْرِ إفْرَاطٍ حَسَنٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ بِخِلَافِ النِّسَاءِ، وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ السَّرَاوِيلِ وَالتُّبَّانِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ ذُكِرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا سُئِلَ أَحْمَدُ رحمه الله عَنْ لُبْسِهِ فَقَالَ: هُوَ أَسْتَرُ مِنْ الْأُزُرِ، وَلِبَاسُ الْقَوْمِ كَانَ الْأُزُرَ.
قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: فَتَعَارَضَ عِنْدَهُ دَلِيلَانِ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي اللُّبْسِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى عليهما السلام أَنَّهُمَا لَبِسَاهُ وَلَبِسَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَسَلْمَانَ وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ بِعَرَفَاتٍ مَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ» وَبِهَذَا اسْتَدَلَّ أَحْمَدُ أَنَّهَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَتَبَ إلَى جَيْشِهِ بِأَذْرَبِيجَانَ إذَا قَدِمْتُمْ مِنْ غَزَاتِكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَأَلْقُوا السَّرَاوِيلَاتِ وَالْأَقْبِيَةَ وَالْبَسُوا الْأُزُرَ، وَالْأَرْدِيَةَ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: فَدَلَّ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ لَهَا وَأَنَّهَا غَيْرُ زِيِّهِمْ وَقَالَ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْقَاضِي فِي اللِّبَاسِ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهَا أَخْبَارٌ ضَعِيفَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلَا يَأْتَزِرُونَ قَالَ «تَسَرْوَلُوا وَاتَّزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ» إسْنَادٌ جَيِّدٌ وَالْقَاسِمُ وَثَّقَهُ الْأَكْثَرُونَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَتَوْسِيعُ كُمِّ الْمَرْأَةِ، وَتَطْوِيلُ كُمِّ الرَّجُلِ قَصْدٌ حَسَنٌ.
وَيُبَاحُ الْقَبَاءُ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ لِلرَّجُلِ، وَيُبَاحُ الرِّدَاءُ، وَفَتْلُ أَطْرَافِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَكَذَا الطَّيْلَسَانُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُكْرَهُ الْمُقَوَّرُ وَالْمُدَوَّرُ وَقِيلَ وَغَيْرُهُمَا غَيْرَ الْمُرَبَّعِ، وَقِيلَ وَيُكْرَهُ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ فَتْلُ الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ وَهُدْبُ الثَّوْبِ وَقِيلَ يُسَنُّ الرِّدَاءُ لِلرَّجُلِ قَطَعَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي التَّلْخِيصِ فَإِنَّهُ قَالَ الرِّدَاءُ مِنْ لُبْسِ السَّلَفِ وَقَالَ هُوَ وَابْنُ تَمِيمٍ كَرِهَ السَّلَفُ الطَّيْلَسَانَ زَادَ فِي التَّلْخِيصِ وَهُوَ الْمُقَوَّرُ.
وَسُئِلَ الشَّيْخُ تَقِي الدِّينِ رحمه الله هَلْ طَرْحُ الْقَبَاءِ عَلَى الْكَتِفَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي أَكْمَامِهِ مَكْرُوهٌ؟ فَأَجَابَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ ذَكَرُوا جَوَازَ ذَلِكَ. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ السَّدْلِ الْمَكْرُوهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ اللُّبْسَةَ لَيْسَتْ لُبْسَةَ الْيَهُودِ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَاعْتِيَادُ لُبْسِ الطَّيَالِسَةِ عَلَى
الْعَمَائِمِ لَا أَصْل لَهُ فِي السُّنَّةِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ رضي الله عنهم بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ فِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ «أَنَّهُ يَخْرُجُ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مطيلسين مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ» وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ «أَنَّ الطَّيَالِسَةَ مِنْ شِعَارِ الْيَهُودِ» وَلِهَذَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ لُبْسَهَا لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا» انْتَهَى كَلَامُهُ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعَرَابِيٌّ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ طَيَالِسَةٍ مَكْفُوفَةٌ بِدِيبَاجٍ أَوْ مُزَرَّرَةٌ بِدِيبَاجٍ فَقَالَ: إنَّ صَاحِبَكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَرْفَعَ كُلَّ رَاعِ بْنِ رَاعٍ وَيَضَعَ كُلَّ ذِي فَارِسٍ رَأْسٍ فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ جُبَّتِهِ فَاجْتَذَبَهُ وَقَالَ أَلَا أَرَى عَلَيْكَ ثِيَابَ مَنْ لَا يَعْقِلُ؟ ، ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ،» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَحْمَدُ
قَالَ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدُّرَّاعَةُ يَكُونُ لَهَا فَرْجٌ فَقَالَ: كَانَ لِخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ دُرَّاعَةٌ لَهَا فَرْجٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا قَدْرَ ذِرَاعٍ. قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَيَكُونُ لَهَا فَرْجٌ مِنْ خَلْفِهَا؟ فَقَالَ مَا أَدْرِي وَأَمَّا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا فَقَدْ سَمِعْت، وَأَمَّا مِنْ خَلْفِهَا فَلَمْ أَسْمَعْ، قَالَ إلَّا أَنَّ فِي ذَلِكَ سَعَةً لَهُ عِنْدَ الرُّكُوبِ وَمَنْفَعَةً.