الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْل فِي الِاسْتِشْفَاءِ بِمَاءِ زَمْزَم وَمَا يَنْفَعُ لِعُسْرِ الْوِلَادَةِ وَالْعَقْرَبِ]
فَصْل (فِي الِاسْتِشْفَاءِ بِمَاءِ زَمْزَم وَالْآثَارِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَالتَّبَرُّكِ بِهِمَا وَمَا يَنْفَعُ لِعُسْرِ الْوِلَادَةِ، وَالْعَقْرَبِ)
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْتُ أَبِي غَيْرَ مَرَّةٍ يَشْرَبُ زَمْزَمَ يَسْتَشْفِي بِهِ وَيَمْسَحُ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ. وَرَأَيْتُ أَبِي يَأْخُذُ شَعْرَةً مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَضَعُهَا عَلَى فِيهِ فَيُقَبِّلُهَا، وَأَحْسَبُ أَنِّي رَأَيْتُهُ يَضَعُهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَيَغْمِسُهَا فِي الْمَاءِ، ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْهَا. وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ مَاءً مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فِي الْقَوَارِيرِ، وَتَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُهُ» ، وَبِإِسْنَادِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إلَى سَهْلِ بْنِ عَمْرٍو يَسْتَهْدِيهِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَبَعَثَ إلَيْهِ بِرَاوِيَتَيْنِ» وَبِإِسْنَادِهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ «وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَقْعَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى وَجْهِهِ» .
وَرَوَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا عَسِرَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَدُهَا أُخِذَ إنَاءٌ نَظِيفٌ فَيُكْتَبُ: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ} [الأحقاف: 35] وَ {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا} [النازعات: 46] إلَى آخِرِ الْآيَةِ. وَ {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ} [يوسف: 111] إلَى آخِرِهَا، ثُمَّ يُغْسَلُ فَتُسْقَى الْمَرْأَةُ وَيُنْضَحُ عَلَى بَطْنِهَا مِنْهُ وَوَجْهِهَا قَالَ صَالِحٌ: لِأَبِيهِ يُكْتَبُ الشَّيْءُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي قِرْطَاسٍ وَيُدْفَنُ لِلْآبِقِ قَالَ: لَا بَأْسَ» . وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَدَعَا بِمِلْحٍ وَمَاءٍ فَجَعَلَهُ فِي إنَاءٍ، ثُمَّ جَعَلَ يَصُبُّهُ عَلَى أُصْبُعِهِ حَيْثُ لَدَغَتْهُ وَيَمْسَحُهَا وَيُعَوِّذُهَا بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ،» وَرَوَى أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إذْ سَجَدَ فَلَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فِي أُصْبُعِهِ فَانْصَرَفَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ مَا تَدَعُ نَبِيًّا وَلَا غَيْرَهُ قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَمِلْحٌ فَجَعَلَ يَضَعُ مَوْضِعَ اللَّدْغَةِ فِي الْمَاءِ، وَالْمِلْحِ وَيَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حَتَّى سَكَنَتْ» .
هَذَا عِلَاجٌ مُرَكَّبٌ مِنْ إلَهِيٍّ وَطَبِيعِيٍّ فَإِنَّ شُهْرَةَ فَضَائِلِ هَذِهِ السُّوَرِ مِنْ التَّوْحِيدِ مَعْرُوفٌ غَيْرُ خَافٍ.
وَأَمَّا الْمِلْحُ فَفِيهِ نَفْعُ كَثِيرٍ مِنْ السَّمُومِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاءُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَخَّنُ، يُوضَعُ عَلَيْهَا مِرَارًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَ بِزْرِ كَتَّانٍ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَشَيْءٍ مِنْ لَبَنِ شَجَرِ التِّينِ. وَالْمِلْحُ يَجْذِبُ السَّمَّ وَيُحَلِّلُهُ بِقُوَّتِهِ الْجَاذِبَةِ الْمُحَلِّلَةِ، وَفِي الْمَاءِ تَبْرِيدُ لِنَارِ اللَّدْغَةِ فَلِهَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَهَذَا عِلَاجٌ تَامٌّ سَهْلٌ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلَاجَهُ بِالتَّبْرِيدِ، وَالْجَذْبِ، وَالْإِخْرَاجِ، وَلِهَذَا بَدَأَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ بِشَرْطِ مَوْضِعِ اللَّدْغَةِ وَحَجْمِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَالْمِلْحُ وَهَذَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ عليه السلام مِنْ الْحِجَامَة وَلَعَلَّهَا لَمْ تَتَيَسَّر فِي ذَلِكَ الْوَقْت أَوْ قَصَدَ الْأَسْهَلَ، وَالدَّوَاءُ الْإِلَهِيُّ أَتَمُّ وَأَكْمَلُ وَأَشْرَفُ مِنْ الدَّوَاءِ الطَّبِيعِيِّ.
وَلِهَذَا قَدْ يَمْنَعُ الْإِلَهِيُّ وُقُوعَ السَّبَبِ وَإِنْ وَقَعَ لَمْ يَكْمُلْ تَأْثِيرُهُ فَهُوَ يَحْفَظُ الصِّحَّةَ وَيُزِيلُ الْمَرَضَ، وَالدَّوَاءُ الطَّبِيعِيُّ لَا أَثَر لَهُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الدَّاءِ وَذَلِكَ مَشْهُورٌ فِي الْأَخْبَارِ وَقَدْ ذَكَرْتُ بَعْضَهُ هُنَا وَفِيمَا يَقُولهُ عِنْدَ الصَّبَاحِ، وَالْمَسَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ فِي عِلَاجِ الِاحْتِرَاقِ وَالْكَيِّ: يُبَرَّدُ بِخِرْقَةٍ بُلَّتْ بِمَاءِ الْوَرْدِ الْمُبَرَّدِ بِالثَّلْجِ وَمِمَّا يُسَكِّنُ الْوَجَعَ بَيَاضُ الْبَيْضِ الرَّقِيقِ إذَا دُهِنَ بِدُهْنِ الْوَرْدِ وَبُلَّتْ بِهِ خِرْقَةٌ وَوُضِعَتْ عَلَيْهِ.
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ اشْتَكَى ضِرْسَهُ فَلْيَضَعْ أُصْبُعَهُ عَلَيْهِ وَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ} [الملك: 23] » .